array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 125

السباق في المنطقة: امتلاك العرب للقدرات النووية خيار صعب وضروري

الخميس، 30 تشرين2/نوفمبر 2017

تصنف الأسلحة النووية على قمة أسلحة التدمير الشامل) ا ت ش (، بالإضافة إلى كل من الأسلحة الكيميائية والبيولوجية، حيث استخدمت الأخيرتان خلال الحرب العالمية الأولى )1914 -1918م) بينما ظهرت الأسلحة النووية قرب نهاية الحرب العالمية الثانية (1939 –1945م) حيث استخدمتها أمريكا ضد اليابان – آخر أقطاب المحور بعد استسلام كل من إيطاليا وألمانيا – لتستسلم اليابان دون قيد أو شرط، وتنتهي الحرب رسميًا في (2 سبتمبر 1945م)

تتالى امتلاك الدول الكبرى للأسلحة النووية لكل من (الاتحاد السوفيتي) روسيا، ثم بريطانيا، ففرنسا، وأخيرًا الصين، ليشكلوا ما عرف بالنادي النووي الذي اقتصر عليهم، ويكونوا هم الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن بالأمم المتحدة، التي أنشأت في أعقاب الحرب العالمية الثانية كآلية دولية من أجل السلم والأمن الدوليين، ثم توالى امتلاك دول أخرى – خارج النادي النووي – لكل من إسرائيل، فالهند، فباكستان، ثم كوريا الشمالية على الترتيب، مع محاولات جادة لإيران، أوقفها اتفاق (5 + 1) عام (2015م).

تواجدت في إقليم الشرق الأوسط وجواره كل الدول النووية الجديدة خارج النادي النووي -عدا كوريا الشمالية – ففي القلب إسرائيل، وفي الحواف إيران وفي جوار الشرق الأوسط شرقًا كل من الهند وباكستان.  وإذا كانت الأخيرتان قد أرستا توازن إقليمي فرعي في شبه القارة الهندية وشمالها، فإن الوطن العربي في قلب الشرق الأوسط، يتعرض إلى خلل كبير في التوازن الاستراتيجي النووي بين من يملك، إسرائيل – وعلى الوشك إيران ,وبين من لا يملك.  فهل يمكن معالجة هذا الخلل ؟؟ سواء بالامتلاك المتبادل أو الإخلاء المتبادل رغم صعوبة كليهما، وهل تسمح البيئة الإقليمية والدولية بذلك ؟؟ هذا ما سنعرض له.

محتويات الدراسة:

خلفية تاريخية – تسلسل امتلاك الأسلحة النووية – الدول النووية والمحتملة في الشرق الأوسط والخلل الاستراتيجي – هل يمكن معالجة هذا الخلل ؟؟ - هل يمكن إخلاء المنطقة من أسلحة الدمار الشامل، وهل تسمح الظروف الدولية والإقليمية بذلك ؟؟ - خاتمة.

أولاً: خلفية تاريخية

منذ مأساة  بيرل هاربر وتدمير معظم الأسطول الأمريكي – بواسطة الطيران الياباني – بعد انتقاله من كاليفورنيا إلى هاواي، والتي لم تكن ولاية أمريكية بعد، حيث أجبرت الولايات المتحدة على دخول الحرب وقيادة الحلفاء خلال النصف الثاني من الحرب العالمية الثانية، ومنذ ذلك الحدث، فقد عكف العلماء الأمريكيون في معاملهم ضمن مشروع (مانهاتن) النووي وحتى إجراء  أول تجربة ميدانية في صحراء نيو مكسيكو  في 6/7/1945م، أي بعد استسلام قطبي المحور إيطاليا ثم ألمانيا، حيث استمر اليابانيون في قتال القوات الأمريكية والبريطانية في المحيط الهادي – وبعد شهر تمامًا وفي 6/8/1945م، تم إسقاط أول قنبلة نووية أمريكية على مدينة هيروشيما السكانية أطلق عليها (الولد الصغير) من القاذفة (بي 29) بقيادة العقيد بول تيبيتس، ولم تستسلم اليابان في اليوم التالي حيث تم إسقاط القنبلة الثانية (الرجل السمين)، أكبر من الأولى على مدينة ناجازاكي الصناعية لتعلن اليابان استسلامها دون قيد أو شرط وتوقيع وثيقة الاستسلام في 2/9/1945م .

توقع الأمريكيون نتائج تدميرية رهيبة، مقارنة بنتائج قنبلة الاختبار والتي بلغت أقل من كج أحدثت انفجار يكافئ 40 – 50 ألف طن من مادة تي ان تي شديدة الانفجار، فما بالنا بقنبلة عيارية 20 ك / طن ؟؟  حيث قتلت 120 ألف فرد في أعقاب الانفجار مباشرة، مع ما خلفته من خسائر كبيرة نتيجة الضغوط الهائلة والحرارة الشديدة، وأكثر من ضعفي الرقم الأول نتيجة التسمم الإشعاعي (لمتلازمة الإشعاع) واستمر لسنوات مؤثرة على البيئة الحية من حيوان ونبات!

تنتج تلك الطاقة الهائلة للقنبلة النووية نتيجة الانشطار المتسلسل لنواة ذرة (اليورانيوم 235)، أما القنبلة الهيدروجينية الحرارية الأكثر فتكًا فتنتج عن الاندماج المتسلسل لنواة عنصري (الديتوريوم والليثيوم)، ثم توصل العلم لاحقًا إلى إنتاج الأسلحة النووية التجميعية بما يعرف بالكتلة فوق الحرجة.

تقيم القدرة النووية للدولة بثلاثة عناصر هي:

 أولاً: امتلاك السلاح النووي.

ثانيًا: امتلاك وسيلة الإطلاق، أي توصيل السلاح النووي برًا أو بحرًا او جوًا إلى الهدف.

 ثالثًا: امتلاك إرادة الاستخدام، وهي عنصر حرج ومبعث للخوف، من أن تمتلك نظم متهورة سلاحًا نوويًا وهو ما ينطبق على كل من كوريا الشمالية حاليًا، وإيران في حالة الامتلاك مستقبلا، كما تكمن المخاوف من تسرب أسلحة نووية صغيرة إلى أيدي الإرهابيين.

لذلك كان لزامًا على المجتمع الدولي الاتفاق أن ينشئ آلية للمراقبة والضبط والتفتيش وتطبيق اتفاقيات ومعاهدات خاصة بالأسلحة النووية، لذلك تم إنشاء الوكالة الدولية للطاقة النووية (IAEA).

ثانيًا: تسلسل امتلاك الأسلحة النووية والظروف المصاحبة:

بدأت بالولايات المتحدة عام 1945م، ثم الاتحاد السوفيتي عام 1949م، ثم بريطانيا 1955م، ثم فرنسا عام 1960م، ثم الصين عام 1964م، ليتكون ما عرف بالنادي النووي، الذي أغلق على هؤلاء، لعدم التوسع الدولي في الامتلاك، ولكن نتيجة اعتبارات الأمن القومي لبعض الدول في بعض الأقاليم، فقد سعت إسرائيل إلى الامتلاك خلال المدة 1960 – 1970م، حيث تم التعتيم على نجاحها في الامتلاك من عدمه لمزاولة استراتيجية الردع بالشك، حيث اعتبرت أن امتلاكها للأسلحة النووية ضروري في حالة تعرض بقائها للخطر (الاختيار شمشون – سيمسون)، لوجودها وسط بحر من العداء العربي، وهو ما دعاها إلى رفع درجة استعدادها النووي( القنبلة في القبو) خلال المراحل الأولى لحرب عام 1973م، المجيدة، تلى ذلك امتلاك الهند عام 1974م، مما اعتبرته باكستان خلل استراتيجي للقوى في شبه القارة الهندية وشمالها فعملت بجهد كبير إلى أن حققت الامتلاك والتجارب عام 1998م، ثم كوريا الشمالية عام 2006م، حيث سبق إيقاف برنامجها النووي مرتين اتفاق (6+1) مقابل رفع العقوبات والحصول على امتيازات من كل من  الولايات المتحدة – اليابان – كوريا الجنوبية – أوربا الغربية، وكانت المرة الأولى عام 1994م، والثانية 2003م، وفي كل مرة كانت كوريا الشمالية توقع الاتفاق وتحصل على الامتيازات لتحويل برنامجها إلى برنامج سلمي لتوليد الكهرباء، ثم تلتف سرًا وتعود إلى البرنامج العسكري، وردًا على عودة العقوبات وإيقاف الامتيازات في المرة الثانية 2002م، قامت كوريا الشمالية بالانسحاب من معاهدة منع الانتشار النووي الذي سبق ووقعت عليها ( NPT-non prolefiration treaty )، ومنذ هذا التاريخ وحتى منتصف عام 2017 م، أجرت كوريا الشمالية عدد من (5- 6) تجربة نووية وأعلنت أن إحداها هيدروجينية مما يزيد الخطر في الإقليم في مواجهة كوريا الجنوبية واليابان، خاصة مع امتلاكها لصواريخ بالستية متدرجة حتى بعيدة المدى لتصل إلى السواحل الغربية للولايات المتحدة، مع وجود نظام حكم متهور لا تنقصه إرادة الاستخدام في مواجهة التهديدات المتكررة للرئيس الأمريكي ترامب في وسائل الإعلام، كما أن السيناريو الكوري الشمالي مرشح لأن يكون مشابه الآن ومستقبلا للسيناريو الإيراني مع وبعد (5 + 1 )، كما أن هناك دول تخلت عن برنامجها وأسلحتها النووية مثل أوكرانيا – روسيا البيضاء - كازاخستان، بعد تفكك الاتحاد السوفيتي، حيث آلت تلك البرامج إلى روسيا الاتحادية، كما تخلت جنوب إفريقيا عن برنامجها وتم التخلص مما لديها في تسعينيات القرن الماضي.

ثالثًا: الدول النووية والمحتملة في الشرق الأوسط والخلل الاستراتيجي:

1-   إسرائيل:

أ‌-       عند قيام إسرائيل في 15/5/1948م، كان قد مضى أقل من ثلاث سنوات على أول استخدام للسلاح النووي ضد اليابان في 6/8/1945م، حيث رأت إسرائيل أن امتلاكها لهذا السلاح الفتاك قد يكون هو الملاذ الأخير الذي يمكن استخدامه ضد بحر العربي المحيط  بها كدولة صغيرة محدودة السكان للحفاظ على بقائها، لذلك شرعت في مشروعها النووي مبكرًا، وأحاطته بالسرية الكاملة، إلى أن تم اكتشافه بواسطة اعترافات الإسرائيلي (مردخاي فانونو) والذي عمل لفترة طويلة في مفاعل ديمونة الرئيسي تحت الأرض في صحراء  النقب في مواجهة الحدود المصرية، حيث اعترف عام 1986م، بأن إسرائيل تمتلك 200 سلاح نووي، ثم تم اختطاف فانونو من الأرجنتين بواسطة الموساد ومحاكمته، ومنذ هذا التاريخ وإسرائيل تنكر أحيانًا وتقر أحيانًا أخرى بالامتلاك أو عدمه، إعمالا لسياسة الردع بالشك لوضع أعدائها في حيرة من عدم اليقين.

ب‌-وسائل حمل وإطلاق الأسلحة النووية:

برًا: تمتلك إسرائيل وسائل الإطلاق من خلال الصواريخ قصيرة ومتوسطة المدى، وأيضًا الصواريخ الجوالة.  وجوًا: من خلال الطائرات المتقدمة من الأجيال الحديثة، أما بحرًا: فينتظر مستقبلا أن تكون لديها تلك الإمكانية بوجود أو إدخال خاصية ذلك على الغواصات الألمانية المتقدمة من طراز دولفين سواءً للإطلاق من سطح أو قاع البحر.

ج-مضادات الصواريخ الإسرائيلية:

تتحسب إسرائيل أنها تقع في مرمى العديد من الصواريخ البالستية العربية ذات الرؤوس التقليدية، كما أنها يمكن استهدافها بصواريخ ايرانية تحمل رؤوسًا نووية إذا ما نجحت إيران في الالتفاف على اتفاق (5+1) وعادت إلى برنامجها العسكري.

حدثَت إسرائيل النظام الصاروخي للقبة الصاروخية بالتعاون مع الولايات المتحدة كنظام دفاعي مضاد للصواريخ البالستية، ويتكون من:

أ‌-       إدارة إطلاق    ب مراكز مراقبة   ج-رادارات        د-منصات إطلاق     هـ صواريخ      وتتبع وحدة تشغيل الصواريخ في قيادة الجيش الإسرائيلي.

د-بيانات منظومة الصواريخ الاعتراضية الإسرائيلية ومجالات عملها:

م

النظام أو الصاروخ

مجال العمل للاعتراض

1

باتريوت

الاعتراض المتوسط أسفل الغلاف الجوي

2

تي إم -161

الاعتراض في الفضاء الخارجي

3

أرو

الاعتراض عند طبقة التراتوسفير من الغلاف الجوي

4

ثاد

الاعتراض أعلى طبقة التراتوسفير من الغلاف الجوي

اعتراض الأهداف القادمة من الفضاء الخارجي

 

2-   إيران:

أ‌-       بدأت برنامجها النووي في عهد الشاه رضا بهلوي بالتعاون مع الولايات المتحدة من خلال مفاعل أبحاث صغير، واستمر ذلك حتى منتصف سبعينيات القرن الماضي، حيث رفضت التوقيع على معاهدة عدم الانتشار بسبب البرنامج النووي الإسرائيلي وعدم توقيع الأخيرة عليه.

ب‌-بوصول الخميني إلى الحكم في 1979م، تعاون مع الاتحاد السوفيتي وتم الحصول على (3) مفاعلات نووية من خلال ألمانيا الشرقية عام 1979م. وبتفكك الاتحاد السوفيتي نشأت حالة من الفوضى النووية استمرت حتى عام 1992م، ونجحت إيران خلال تلك الفترة من الحصول على مواد وتقنيات وعلماء سرًا لخدمة برنامجها، ثم حصلت من روسيا على (4) مفاعلات نووية عالية التقنية بالإضافة إلى عدد كبير من وحدات الطرد المركزي (centerfugei )التي تم تركيبها تحت الأرض لتفادي أي هجمات جوية معادية محتملة، عكس المفاعلات الضخمة سهلة الاستهداف، كما حدث مع المفاعل العراقي عام 1981م، وحتى لو تم تدمير جز من وحدات الطرد المركزي – رغم صعوبة ذلك – فإن آلاف الوحدات الأخرى سوف تستمر في العمل كما أن تقنية هذه الوحدات تحتاج إلى طاقة كهربائية كبيرة وهي متوفرة لدى إيران التي تعاونت أيضًا مع كوريا الشمالية عبر الصين.

ت‌-استمرت إيران في مناوراتها السياسية والجدلية ورفضت تفتيش ممثلي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، مما عرضها لعقوبات اقتصادية إلى أن تم توقيع اتفاق 5+1 الذي بموجبه تم إيقاف المشروع النووي الإيراني طبقًا لضوابط قانونية وفنية مقابل إيقاف العقوبات الاقتصادية.

ث‌-ليس من المستبعد أن تلتف إيران حول اتفاق )5+1 (كما فعلت كوريا الشمالية وتعود إلى الاستخدام العسكري بدلا من السلمي لتوليد الطاقة الكهربائية وتضحي بعودة العقوبات الاقتصادية لكنها ستكون قد ربحت السباق النووي.

ج‌-   تمتلك إيران ترسانة قوية من نظم الصواريخ البالستية المتدرجة في المدى القصير(من 200 – 300) كم والتي تغطي عمق الشاطئ الغربي للخليج، إلى مديات متوسطة حتى(2000)كم ،تغطي كل الجزيرة العربية ، إلى مديات بعيدة أكثر من (2500) كم تغطي معظم الإطار الجغرافي لمنطقة الشرق الأوسط وأجزاء من الأقاليم الفرعية المتاخمة، وأن تلك الصواريخ قادرة على حمل رؤوس تقليدية ونووية لتعوض ضعف وسائل الإطلاق البحري والجوي، كما أنها تفتقر إلى نظم مضادات الصواريخ البالستية وخاصة إذا ما أطلقت عليها بكثافة من منطقة الخليج العربي، كما أنها يمكن أن تطور مستقبلا الإطلاق باستخدام الطائرات بدون طيار التي تنتجها، بالإضافة إلى الصواريخ المستخدمة في مجال الفضاء، وطبقا للجدول الآتي :

المدى القصير أقل من 1000 كم

المدى المتوسط 1000 -2000 كم

المدى البعيد، أكبر من 3000

الصاروخ

المدى كم

الصاروخ

المدى كم

الصاروخ

المدى كم

فجر

200

شهاب 3

2100

بدر 110

3000 فضائي

زلزال

200

 

 

شهاب 4

4500

فاتج 110

200

 

 

شهاب 5

6000

شهاب 1

350

 

 

شهاب 6

10000 عابر للقارات

شهاب 2

750

 

 

 

 

                                                              

الطائرات بدون طيار إنتاج إيراني: طراز فطرس – وشاهين

 

3-   النتيجة: أن هناك دول غير عربية في إقليم الشرق الأوسط تملك القدرات النووية ووسائل إطلاقها المتعددة وهي إسرائيل، كما أن إيران على وشك أن تمتلكها ولديها وسائل حمل وإطلاق صاروخية كبيرة ومتدرجة المديات وحتى المدى البعيد واحتمال العابر للقارات وكلاهما يملك إرادة الاستخدام مما يشكل خطرًا وخللا استراتيجي في غير صالح الوطن العربي الذي لا يملك.

رابعًا: هل يمكن معالجة الخلل الاستراتيجي النووي في الشرق الأوسط وتحقيق التوازن ؟:

      هناك احتمالات ثلاثة، أولاً: إخلاء المنطقة من جميع أسلحة الدمار الشامل، ثانيًا: يسعى الجانب العربي إلى الامتلاك النووي، ثالثًا: أو امتلاك باقي أسلحة الدمار الشامل الأقل، الكيميائي والبيولوجي بالإضافة إلى القدرات الصاروخية، في مواجهة النووي الأقوى.

1-   إخلاء منطقة الشرق الأوسط من جميع أسلحة الدمار الشامل:

وهو أمر سيرفضه من يملك، إسرائيل وإيران، وخاصة إسرائيل للتخلي عن السلاح الوحيد الذي يمكن أن يضمن بقاءها في حالة تعرضها للفناء، وخاصة أنها بقعة صغيرة وعدد محدود، في وسط بحر عربي معادي كثيف السكان، وهو ما كشف عن نواياها خلال الأيام الأولى من حرب أكتوبر 1973م، عندما خسرت أكثر من 1000 قتيل خلال اليوم الأول للقتال، كما أعلن وقتها وزير الدفاع موشي ديان، حتى ولو أبدى الجانب العربي استعداده عن التخلي – إن كان يملك – باقي أسلحة الدمار الشامل ، من كيميائية وبيولوجية، فالمقارنة غير متكافئة من الناحية التدميرية وأثارها.

يعرف ذلك في أدبيات ضبط التسلح بنزع السلاح أو الخيار (صفر) وهو خيار نظري حتى الآن.

2-   السعي العربي لامتلاك القدرات النووية:

وهو اختيار صعب أيضًا لكنه ضروري حيث بدأ من سبقونا بتوظيف الطاقة النووية سلميًا مع تحولها عسكريًا عند الضرورة خاصة إذا لم يرتدع الجانب المعادي، رغم المحاذير الدولية والتعرض للعقوبات المختلفة بالإضافة إلى التكلفة المادية والعلمية.

3-   تعظيم القدرات العربية الكيميائية والبيولوجية والصاروخية في المقابل:

رغم عدم تكافؤ المقارنة إلا أن ذلك هو المتاح الممكن حاليًا خاصة إذا تم التنسيق والحشد للقصفات الصاروخية العربية على أهداف محددة بكثافة كبيرة تفوق قدرة العدو على الاعتراض، ليكون ذلك الممكن المتاح للتفاوض على الخطوة الأكبر بنزع أسلحة التدمير الشامل وجعل هذه المنطقة المضطربة أكثر استقرارًا.

خامسًا: هل يمكن إخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة التدمير الشامل في ظل الظروف الإقليمية والدولية:

1-   تسعى الأمم المتحدة ممثلة في مكتبها لنزع السلاح (UNODA) إلى تفعيل الخريطة التي وضعتها لمناطق وأقاليم نزع السلاح وخاصة أسلحة التدمير الشامل، وتشمل أمريكا الجنوبية والوسطى وإفريقيا وأستراليا وأجزاء من أسيا بالإضافة إلى القارة القطبية الجنوبية، حيث باقي الأقاليم أو القارات هي التي تحتوي على الامتلاك النووي، سواء الرسمي لدول النادي الخمس، أو الدول النووية خارج النادي النووي والتي تقع كلها داخل قارة آسيا  (إسرائيل – الهند – باكستان – كوريا الشمالية – واحتمالية إيران )، منهم اثنين في منطقة الشرق الأوسط إسرائيل وإيران المحتملة، وعلى مقربة من الإقليم كل من الهند وباكستان.

2-   منذ مبادرة مصر وإيران عام 1971م، لإخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة التدمير الشامل (أ ت ش) لم تتوقف الجهود العربية والإيرانية حتى عام 1995م، عن المطالبة بذلك في المحافل الدولية، وخاصة مؤتمرات نزع السلاح، بمعاونة بعض الدول الصديقة مثل الاتحاد السوفيتي والصين، إلا أن تلك الجهود كانت دائما تصطدم برفض إسرائيل وكان الغرب يؤيدها في ذلك وخاصة الولايات المتحدة.

3-   كان ذلك تزامنا مع الجهود الدولية والإقليمية ومنها الشرق الأوسط لتفعيل معاهدة منع الانتشار النووي، ثم اتفاقية الحد الجزئي ثم الكلي للتجارب النووية، مع حظر التجارب في الفضاء  الخارجي وتحت الماء، وذلك في عامي 1963م، ثم 1966م، على الترتيب، وقد دفع عدم توقيع إسرائيل على ذلك، العديد من الدول العربية والشرق أوسطية إلى عدم التوقيع أو عدم المصادقة على التوقيع مثل مصر والسعودية والجزائر وإيران، كما أن مصر وسورية ولبنان ، رفضوا التوقيع عام 2002م، على معاهدتي الأسلحة الكيميائية والبيولوجية، ردًا على رفض إسرائيل التوقيع على معاهدة منع الانتشار.(NPT)

4-   مازالت الجهود العربية مستمرة وإن كان آخرها التنسيق المصري ـ الروسي لمراجعة معاهدة منع الانتشار للأسلحة النووية، والمنتظر عقده عام 2020م، لصالح السلم والأمن الإقليمي والدولي حيث عقد المؤتمر في 29/8/2017م.

5-   خلال قرابة نصف قرن من الزمان لم تتوقف جهود الدول العربية -والشرق أوسطية أحيانًا – بالتعاون مع بعض القوى الصديقة، عن إخلاء المنطقة من أسلحة التدمير الشامل وخاصة النووية، إلا أن هذه الجهود باءت بالفشل ليظل الخلل الاستراتيجي في صالح إسرائيل، واحتمال إيران مستقبلا، وفي عكس صالح العرب.

خاتمة:

 تعاني منطقة الشرق الأوسط من خلل استراتيجي تسليحي نووي، لصالح كل من إسرائيل وإيران مستقبلاً، وفي غير صالح العرب، ولكي يستقيم الميزان الاستراتيجي يجب على العرب أن يمتلكوا هذه القدرات، سلمية أولاً ثم التحول إلى العسكرية رغم صعوبة ذلك في البيئة الدولية ومدى التعرض للعقوبات، ولنا العبرة في شبه القارة الهندية للخلل ثم التوازن، بين كل من الهند وباكستان على الترتيب وخارج النادي النووي. وكيف تحقق التوازن بامتلاك الطرفين.

مع أهمية تعظيم القدرات العربية للأسلحة فوق التقليدية الأخرى الكيميائية والبيولوجية والصاروخية بالتنسيق وكثافة الاستخدام الذي يفوق قدرة الاعتراض المعادي بكفاءة، وذلك لتقليل الخلل في التوازن وليس استقامته، مع استمرار الجهود الإقليمية والدولية للعمل على إخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل رغم الاعتراضات الغربية والأمريكية، ولكن يجب ألا يتوقف العرب عن المحاولة.

مجلة آراء حول الخليج