array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 127

إنشاء منصة للحوار الخليجي المتوسطي لمواجهة كافة التحديات بصورة جماعية

الخميس، 15 شباط/فبراير 2018

إن الممرات البحرية بما تكتسي من أهمية استراتيجية وحيوية إلا أنها تشكل في نفس التوقيت أبرز وأكبر الرهانات الأمنية من حيث ما تعرفه من تحديات وتهديد يدفع إلى البحث حول أنسب الاستراتيجيات لصياغة مقاربة متوازنة لتأمين الممرات البحرية.

         وإذا عدنا إلى التأمل في محطات تاريخية فإن أمن البحار كان ولازال يشكل أعقد الملفات الأمنية باعتبار أن التحكم في تمدد نشاط الجريمة عبر البحار ليس بالأمر الذي يمكن صياغته أو تحديده بمجرد نظرية أو طرح وإنما يحتاج إلى معالجة حقيقية من خلال فهم واستيعاب المعطيات الاستراتيجية وفهم خارطة المصالح الدولية الكبرى وإدراك المسارات المتبعة.

 

       فالمنطقة المتوسطية تعتبر أحد أهم المناطق الأكثر أهمية في العالم نظرًا لموقعها الاستراتيجي كما يمثل البحر الأبيض المتوسط النافذة التي عبرها تبنى علاقات التواصل بين الأمم والشعوب في ثلاث قارات وعبر البحر الأبيض المتوسط تنطلق كل التحركات على كافة المحاور والاتجاهات مما يجعله معبرًا مهمًا في مجال التجارة الدولية مما جعل المنطقة المتوسطية ذو أهمية اقتصادية وسياسية واستراتيجية، واعتماد الكثير من الدول خاصة الكبرى على هذه المنطقة الحيوية في حماية مصالحها وتحقيق أهدافها.

  

       يعد البحر الأبيض المتوسط من الأقاليم التي تربط بين ضفتيه دول متقدمة في الشمال ودول متخلفة في الجنوب فبهذه المعادلة يطرح المتوسط ثنائية متقابلة متناقضة إلا أن طبيعة التحديات التي تعرفها منطقة المتوسط تعد تحديات متنوعة ومختلفة من حيث المظهر والشكل وتشترك من حيث مصدرها.

       وما البحر الأبيض المتوسط إلا واحد من هذه الفضاءات الجيو-استراتيجيات التي تعرف وعبر التاريخ. شد وجذب ومد وجزر بل تعد منطقة الرهانات الأمنية الكبرى سواء لدول أوروبا من حيث الهجرة الغير الشرعية أو بالنسبة لدول شمال إفريقيا من حيث التغذية بالتهريب والسلاح والجريمة المنظمة أو لكليهما من حيث استفحال التهديد الإرهابي. 

وسنحاول من خلال هذه الورقة الوقوف عند أهم النقاط المتعلقة بــــ:

-أهمية البحر الأبيض المتوسط استراتيجيا.

-التحديات الأمنية التي يعرفها حوض البحر الأبيض المتوسط.

-انعكاسات التهديدات الأمنية على استقرار دول الخليج العربي.

-صياغة معادلة أمنية متوسطية.

-أهمية البحر الأبيض المتوسط استراتيجيًا:

        إن البحر الأبيض المتوسط يكتسي أهمية استراتيجية بالغة سواء من حيث أهمية الموقع أو من حيث أهمية الأحداث التاريخية التي عرفها والتي صبغت أهميته الاستراتيجية وشكلت أحد المحددات التي على أساسها ينظر للبحر الأبيض المتوسط كقلب نابض. كما لا يمكن إغفال أهمية المتوسط استراتيجيًا من حيث تحكمه في طرق التجارة العالمية وتفاعلاته مع عدة ممرات بحرية إستراتيجية كل هذه النقاط سنسعى للتوقف عندها عند تناول هذا المحور المتعلق بالأهمية الاستراتيجية للمتوسط والتي تتمثل في:

   * تاريخيًا يعتبر البحر المتوسط مهد الحضارات كما يعد فضاء يدمج تاريخ العديد من الشعوب. ولقد

كان لتاريخ البحر المتوسط تأثير عظيم على تاريخ الشعوب المطلة عليه. من حيث التجارة ومن حيث بناء المستعمرات والحروب التي شهدها.فالأهمية الاستراتيجية للمتوسط بهذا المنظور أنه يعد مجال فاعل.

* تكمن أهمية البحر الأبيض المتوسط استراتيجيًا من حيث للبحر أهميته الاقتصادية. فهو يكتسي أهمية اقتصادية كبيرة. حيث يعد مفترق الطرق بين الشرق والغرب وبين الشمال والجنوب، فالبحر المتوسط قبل كل شيء منطقة عبور بحرية للتجارة العالمية، ومن الثروات الطبيعية التي يزخر بها المتوسط نجد النفط والغاز اللذان تزخر بهما الضفة الجنوبية إلى جانب الفوسفات والحديد والثروة السمكية وهذا ما دفع دائما القوى الكبرى إلى محاولة بسط نفوذها على ثروات هذه المنطقة.

* كما تعد الأهمية الإستراتيجية للبحر الأبيض المتوسط من حيث أنه يعد معبر رئيسي للسفن حاملات النفط والأنابيب النفطية والغازية إلى دول أوروبا الغربية والولايات المتحدة الأمريكية.

* يتميز البحر الأبيض المتوسط بحركة عبور مكثفة خاصة لمنتجات الطاقة حيث ما يقارب 24 % من حمولة البضائع هي من منتجات الطاقة.

     إن الحديث على أهمية المتوسط من الناحية الإستراتيجية يدفعنا إلى الحديث على دوافع وخلفيات الاهتمام بالأمن المتوسطي من قبل الفواعل الكبرى في الساحة الدولية وما يتضمنه من لاعبين يستفزون نحون طرح التساؤل الأتي لماذا الاهتمام بالأمن المتوسطي:

  • المتوسط أضحى فاعل هام في منظور الأمن الأوروبي خاصة مع مشكلة الدول الفاشلة وتصاعد تهديد داعش في جنوب المتوسط والتي ستجعل من أمن المتوسط في طليعة جدول أعمال الأمن الأوروبي.
  • السيطرة على المتوسط هو بمثابة تأمين الطريق إلى مناطق حيوية أخرى.
  • تعدد الأزمات وبؤر التوتر تحول إلى عائق استراتيجي أمام أي تعاون أمني.
  • ستشكل منطقة البحر الأبيض المتوسط مسرحًا للعمليات العسكرية خاصة مع تهديدات القاعدة وداعش إزاء عمليات الشحن التجاري في البحر المتوسط.
  • لم تصبح الدول التقليدية هم أصحاب المصلحة الوحيدة في الأمن المتوسطي وإنما ظهر فاعلون جدد حيث اكتسبت بعض القوى الصاعدة ملامح العمل على صناعة دور في الأمن المتوسطي.
  • دور إيران عبر وكلائها في ظل ظروف الفوضى فأضح لها دور في الساحة الأمنية في منطقة شرق البحر المتوسط.
  • تحول المتوسط إلى عائق أمني.

 

         وانطلاقًا من هذه النقاط التي حددنا من خلالها لماذا تحول الأمن المتوسطي ضمن الأولويات وأحد الملفات المطروحة بقوة على الساحة الأوروبية وحتى الدولية فحوض المتوسط تحول إلى أحد المناطق الأكثر حساسية أمنيًا واستراتيجيًا وبروز جيل جديد من الأزمات خلق جوًا من اللاستقرار الأمني داخل دول المتوسط. وهنا سنحاول من خلال المحور الثاني الوقوف أمام أهم وأبرز الملفات الأمنية المطروحة بالمتوسط.

 

التحديات الأمنية بحوض المتوسط وانعكاساتها على أمن دول الخليج العربي:

 

       أضحت المشاكل والأزمات الأمنية المعولمة بشكل متزايد وغير قابل للقياس أحد أبرز التحديات الأمنية التي تفرض نفسها في منطقة حوض المتوسط. فمنطقة المتوسط تحيط بها الكثير من الأزمات المتراكمة والمتداخلة ليس أقلها تمدد العمليات الإرهابية وعدم مركزيتها الشيء الذي يجعل هذه الرقعة الجغرافية أكثر حساسية أمنيًا فالمنطقة تعرف تهديدًا وجوديًا لتعدد مصادر التهديدات الأمنية وتفاعلها وانتشارها جغرافيًا من الشرق الأوسط إلى المحيط الأطلسي.

حيث تتمثل التحديات الأمنية بالنسبة للدول العربية بحوض المتوسط في:

ما هو متعلق بتمدد الظاهرة الإرهابية وما تشكله من تحدي أمني صلب يهدد تماسك الدول العربية في حوض المتوسط ويؤثر على علاقتها بالضفة الأخرى من المتوسط. فعودة النشاط الإرهابي المسجل في الفترة الماضية ووفق تكتيك جديد تعتمده الجماعات الإرهابية يشكل تهديدًا حقيقيًا في ظل الأزمات التي تعرفها الدول العربية المطلة على البحر الأبيض المتوسط.

فمن التهديدات الأمنية المتعلقة بالظاهرة الإرهابية في الدول العربية بحوض المتوسط ما هو متعلق بعودة المقاتلين من بؤر التوتر إلى منطقة حوض المتوسط خاصة وأن المؤشرات تتحدث على أن ليبيا التي هي ضمن الدول العربية المطلة على حوض المتوسط وبساحل بحري استراتيجي مهم ستكون بؤرة استقطاب خصبة لآلاف المقاتلين العائدين باعتبار أن هذه البيئة الخصبة تعود إلى حالة الفوضى واللاستقرار التي تعرفها ليبيا منذ 2011 م، ونتاج انهيار مفهوم الدولة. وتمركز نشاط تنظيمات إرهابية تقليدية نشطة في المنطقة التي ستكون الوعاء. وعند الحديث عن ليبيا كدولة في حوض المتوسط فإننا نتحدث على أن ليبيا تحولت إلى نقطة تجميع وإعادة انتشار ستشكل بموجبها مصدر تهديد للضفة الأخرى من المتوسط وأقصد هنا الجانب الأوروبي ومصدر تهديد كذلك لدول الجوار المطل على المتوسط كمصر وتونس والجزائر.

فالحديث عن التهديد الإرهابي ولإبراز خطورته على حوض المتوسط من خلال أن داعش سيطر سنة 2015 و2016م، على مدينة سرت الليبية الاستراتيجية والمطلة بساحل مهم على حوض المتوسط كما شاهدنا سنة 2017م، أحداث مصراتة والتي تعد منطقة مطلة على المتوسط من جهة ومن جهة أخرى السيطرة على وسائل نقل الطاقة عبر المتوسط وهو أحد إرهاصات أحداث رأس لانوف النفطي المطل على المتوسط.

 

فالحديث على التهديد الإرهابي في حوض المتوسط بالنسبة للدول العربية وإن أخذت ليبيا كنموذج ووحدة تحليل باعتبار أن كل دول حوض المتوسط تحت نار التهديدات الإرهابية (ما يحدث بشبه جزيرة سيناء وهي منطقة إستراتيجية هامة-تونس وما يشكله تنظيم القاعدة وآلاف التونسيين العائدين من خطر-الجزائر وموقعها الاستراتيجي وحزام النار المحيط بها) كل هذا يدفعنا إلى القول إن حدود التهديد الإرهابي في المنطقة غير ثابت وإنما يضرب إلى عمق منطقة الخليج إذا ربطنا الأحداث بما يجري باليمن.

لكن عند الحديث عن التهديد الإرهابي علينا أن نفتح قوس هو تورط دول منطقة بنقل رحلات منظمة للمقاتلين في إطار استراتيجية العودة لتغذية الفوضى، بالإضافة إلى التغذية بالأسلحة وهذا من شأنه زعزعة مبدأ الاستقرار من الخليج إلى المحيط في إطار أجندة إقليمية تحمل سيناريوهات بمؤشرات مقلقة.

الجانب الأوروبي وهو الطرف الثاني في معادلة الأمن المتوسطي معني بتحديات الظاهرة الإرهابية سواء من حيث أن لديه حصة الأسد من المقاتلين أو من حيث أنه يتلقى ارتدادات انهيار الوضع الأمني بجنوب المتوسط.

فلا يمكن بأي حال من الأحوال عزل هذا التهديد عن مجريات الأحداث باليمن باعتبار أننا نتحدث عن خط واصل وهنا يدفعنا الحديث إلى ارتباط هذا التهديد بأمن دول الخليج.

فإذا أردت أن ألخص فيما يتمثل شكل التهديد الإرهابي بالنسبة لدول حوض المتوسط والخليج العربي فسأختزلها في النقاط التالية:

  • عودة المقاتلين وما تشكله من تحد أمني.
  • رسم خارطة انتشار جديدة بحوض المتوسط ملامحها بدأت تتضح.
  • نشر ممنهج للفوضى الأمنية عبر تغذية نشاط الجماعات الإرهابية.
  • التمركز في نقاط نقل الطاقة واعتبارها مجال حيوي للجماعات الإرهابية.
  • العمل وفق تكتيك جديد يعمل بأسلوب الدائرة الكهربائية بحيث يضمن الانتشار والانتقال عبر محور الخليج إلى المحيط.

وكأحد مصادر التهديد الفعلي والتي أضحت في السنوات الأخيرة كأبرز الملفات المطروحة سواء في إطار الحوار 5+5 لوزراء خارجية ضفتي المتوسط أو في إطار 5+5 دفاع بحيث أن المنطقة عرفت تشبعًا وزحفًا خطيرًا باعتبار أنها أضحت ترتبط بملف التهديدات الأمنية وهو ما تعلق بالهجرة الغير شرعية فنحن نتحدث على زيادة بــ30 مرة عما كان في العقدين الأخيرين. واستفحال هذه الظاهرة الذي ارتبط بالأزمات ومنظمات الاتجار بالبشر ومؤشرات تسلل عناصر مجندة وغيرها أضحى من الملفات المرهقة والمتعبة في نفس الوقت.

فاليوم أصبحنا نتحدث على بحر من المهاجرين غير الشرعيين وطرق مبتكرة لموجات الهجرة غير الشرعية يقابلها عجز دول أمام هذه السيول الجارفة التي تخطت كل الحدود.

فعند الوقوف عند النموذج الليبي الذي تحولت من خلالها إلى مجمع للمهاجرين غير الشرعيين الوافدين إلى ليبيا والتي تتحدث الأرقام على توافد أكثر من 5000 مهاجر شهريًا لتوظيف عبر ثلاث مستويات:

مستوى أول المهاجرين المتخذين من ليبيا مركز عبور نحو أوروبا بركوب قوارب الموت عبر المتوسط.

مستوى ثاني المهاجرين الوافدين إلى ليبيا في إطار شبكات الاتجار بالبشر.

المستوى الثالث وهم المهاجرين المجندين في صفوف الميليشيات وعصابات الجريمة المنظمة.

وبغض النظر عن المستويات الثلاثة فملف المهاجرين بليبيا مرتبط بشبكات دولية توظفه ضمن أجندة عنوانها الفوضى الممنهجة.

فكل دول المتوسط من الناحية العربية أضحت نقاط عبور إلى دول أوروبا.

فالهجرة الغير الشرعية تحولت إلى ملف تهديد:

  • تهديد اجتماعي من حيث الإحلال الديمغرافي وتوظيفه للعبث بالتركيبة الديموغرافية.
  • تهديد أمني من حيث تسلل عناصر مجندة أو تحول موجات للمهاجرين إلى فئة خصبة قابلة للتجنيد في صفوف التنظيمات الإرهابية.
  • تهديد اقتصادي من حيث الأعباء وتكاليف محاربة الظاهرة.

 

ولا يمكن بأي حال من الأحوال الحديث عن مشكل هذه التهديدات في منطقة الحوض المتوسط دون الوقوف عند السلاح الذي أضحى أبرز التهديدات نظرًا للازمات والتوترات المستمرة في المنطقة فالأرقام مخيفة. فنحن بصدد الحديث على ما بين 26 إلى 28 مليون قطعة سلاح تسبح في منطقة الدول العربية بالحوض المتوسط والأمر لا يتوقف هنا فقط وإنما أتحدث عن عمليات نقل السلاح سواء عبر البحر ولنا في حادثة السفينة التركية بالسواحل الليبية مؤخرًا. أو عبر الخطوط الجوية المدنية.

فالسلاح يغذي وعبر المتوسط الصحراء الإفريقية الكبرى مما يدفع بحالة الأزمات والتوترات للاستمرار إلى حين.

وهنا علينا أن ننوه وضمن الحديث عن التحديات الأمنية لدول حوض المتوسط أن كافة التهديدات الأمنية تشترك مع بعضها في إطار تحالف فلا يمكن الحديث عن الإرهاب والهجرة وتجارة السلاح دون الحديث عن المخدرات وما تشكله من مصادر تمويل وخطرها على استقرار المجتمعات. بل يتعدى ذلك للحديث عن المخدرات التي تتخذ من دول الساحل والمتوسط كممر للعبور وعبر القرن الإفريقي إلى منطقة الخليج وإغراقها بأطنان من المخدرات.

إن نشاط الجريمة المنظمة العابر للحدود أثر على خارطة علاقات دول المتوسط مع شركائها سواء بالخليج أو بأوروبا وهو ما سمح بتشكل حالة من الفراغ الذي أضحت تتغذى منه الجريمة المنظمة وتستفحل للتحول إلى مصدر تهديد وجودي لدول المنطقة.

وإذا أردت أن أحدد انعكاسات هذه التهديدات الأمنية التي تعرفها الدول العربية بحوض المتوسط على أمن دول الخليج فسوف أحددها من خلال النقاط التالية:

  • الخليج العربي يتأثر بكل ما يحدث في حوض المتوسط خاصة ما تعلق بالمخدرات والإرهاب لأننا نتحدث عن مظاهر عابرة للحدود وتخضع لأجندات تشكل تهديد وجودي لدول الخليج ودول حوض المتوسط.
  • غياب مراقبة لأمن الممرات المائية بحيث أي اضطراب في حوض المتوسط سيشكل تهديدًا مباشرًا لأمن دول الخليج الذي يعد حوض المتوسط فضاءً مرتبطًا بممرات بحرية تطل عليها دول الخليج العربي.
  • انهيار منظومة الأمن الجماعي بالمتوسط معناه انهيار المصالح الاقتصادية لدول الخليج بالمتوسط.

 

صياغة معادلة أمنية متوسطية:

     وفق ما تناولناه سابقًا وبواقعية أكبر نحن بحاجة لأساليب مبتكرة لتعويض المستويات المنخفضة من المعايير الأمنية في المنطقة. حيث سيدفع انتشار الأزمات وبؤر التوتر في حوض المتوسط نحو المطالبة بالتواجد العسكري وهو أمر غير مرغوب فيه.

وبالتالي لم تعد قضايا الدفاع التقليدي هي التحدي الحقيقي الآن لكن سيكون لقضايا الأمن البحري ومكافحة الإرهاب والأمن الإنساني الأولوية في ذلك.

علينا في إطار الحديث عن أمن الممرات البحرية أن نتحدث على ضرورة إعادة تشكيل إطار للشراكة المتوسطية والحوار المتوسطي من خلال إعادة صياغة سياسة الجوار وبعث مبادرات خليجية-متوسطية أكثر فاعلية.

فمعطيات البيئة الأمنية الحالية في منطقة المتوسط تستدعي تعميق التعاون الثلاثي (أوروبا-الخليج-جنوب المتوسط). سواء في مجال الإنذار المبكر أو الاستجابة السريعة للمخاطر الأمنية وعليه:

 

  • إنشاء مخبر لوضع مقاربة أمن الممرات البحرية باعتبار أن المسالة في ظل المعطيات الراهنة ليست مجرد طرح أو تنظير بقدر ما هو ضرورة ملحة تستدعي عمل خبراء ومختصين ويمكن لمركز الخليج للأبحاث أن يكون صاحب المبادرة لصياغة مقاربة في إطار مفهوم الأمن الجماعي.
  • إنشاء منصة الحوار الخليجي-المتوسطي الأمني لمناقشة ومحاربة كافة التحديات والتهديدات الأمنية بصورة جماعية.
  • تشجيع التواجد الاستثماري الخليجي بالمنطقة في إطار صناعة الاستقرار.
  • إعادة تشكيل إطار للشراكة المتوسطية
  • إعادة صياغة سياسة الجوار بمفهوم الأمن الجماعي.

 

       يمكن من خلال هذه النقاط أن نتوجه نحو صياغة لمفهوم الأمن المتوسطي وفي إطار رسم خارطة فاعلين جدد في حدود استيعابنا للأجندات وطبيعة العمل على استحداث لاعبين جغرافيًا طموحهم هو الإحلال بحوض المتوسط وعليه وفي إطار ردة الفعل الاستراتيجي أن نعيد صياغة لمفهوم الجوار بما يتماشى وتحقيق معادلة الآمن الجماعي.

مجلة آراء حول الخليج