; logged out
الرئيسية / مضيق هرمز والتهديدات الإيرانية: التهويل والتهوين

العدد 127

مضيق هرمز والتهديدات الإيرانية: التهويل والتهوين

الخميس، 15 شباط/فبراير 2018

بحكم ارتباط مضيق هرمز بالبحر الأحمر، نجدأن عرض الأول أكثر اتساعًا من عرض مضيق باب المندب بوابة البحر الأحمر، فإذا كان مضيق هرمز يتراوح اتساعه بين 52 ميلا و 21 ميلا بحريا فإن باب المندب الذي ينقسم إلى ممرين يتراوح عرضهما 25 ميلاً و12 ميلاً بحريًا.

ويحيط بمضيق هرمز من الناحية المطلة على عمان جبال صخرية تعد عنصراً مهماً للمحافظة على بقاء المضيق، إذ تعد عمان أكثر الدول إمكانية من حيث الموقع الجغرافي، للسيطرة على المضيق؛ ولذا كان أمن الخليج منوطاً بها أكثر من غيرها من دول المنطقة، حيث تشكل أراضيها مايشبه الرأس لمياه المضيق، وخصوصًا المسماة رأس مسندم التي تتكون من جبال صخرية عالية.

وتأتي إيران بعد عمان من حيث الموقع الجغرافي، حيث تحيط أراضيها بالمضيق من أكثر من ناحية، وتشكل المياه ما يشبه الخليج في داخل الأراضي الإيرانية. ويمكن لها أن تسيطر عليه من الناحية الشمالية، إذ تمتد سواحلها الجنوبية على مياه المضيق الشمالية الشرقية، ثم تأتي مجموعة الجزر التي تسيطر عليها إيران، والتي تقع في مدخل الخليج، وكذلك الجزر الواقعة بجانب الساحل الإيراني، وخصوصًا التي تقع في الناحية الشرقية من المضيق.

أهمية الخليج وهرمز.. والحضارات

بدأت الملاحة في الخليج العربي مع بدء الحضارة الإنسانية، فقد دلت الحفريات في بعض دول الخليج على قيام حضارات قديمة في المنطقة يرجع تاريخها إلى خمسة آلاف سنة. كما مرّت على مضيق هرمز كثير من الحضارات التي استفادت منه كمعبر لقوافل سفنها التجارية والحربية، وأهمّ هذه الحضارات: حضارة دلمون وتاليوس في مملكة البحرين القديمة والتي هي مشرفة بجزء من ساحلها على المضيق، وكذلك حضارة (ما بين النهرين) أو ما تسمّى ببلاد الرافدين والحضارات التي تعاقبت عليها كالبابليين والكلدانيين والآشوريين والسومريين وغيرهم من الحضارات، وكذلك حضارتي بلاد فارس والهند الذي أنعش المضيق حضارتهما اقتصاديًا، وأزهرت تجارتهما حتى وصلت إلى أوروبا، كما استخدمت المضيقَ  حضارتي الإغريق والفينيقيين، وكان معبرًا لسفنهما من ساحل البحر المتوسط ليصلهما بمنفذ لدول أوروبا، كذلك كان معبرًا للسفن الحربية للإسكندر المقدوني الذي كانت جيوشه ترابط بتلك الجزر المنتشرة في محيطه.

وكانت الشعوب العربية في منطقة شبه الجزيرة العربية تستخدمه في نقل تجارتها من الساحل العربي والخليج العربي إلى الساحل الفارسي والهندي وبالعكس، ممّا أنعش بلادها وأزهر إماراتها عبر التاريخ. إلا أن مضيق هرمز ازدهر فعليًا وانطلق بعيدًا في القرن السابع الميلادي، فلعب دورًا هامًا أسهم في التجارة الدولية، حتى خضع للاحتلال البرتغالي في القرن السادس عشر ثم سائر الدول الأوروبية (بريطانيا، هولندا، فرنسا)، فسيطر البرتغاليون على مملكة هرمز الفارسية واحتلوها، وأقفل البرتغاليون مضيق هرمز أمام حركة التجارة العالمية بعد انهزامهم أمام التحالف الأنجلو- ساكسوني وحصارهم في منطقة الخليج، وتصادموا مع البريطانيين في معركة «الأرمادا» 1588م، واستمرت المعارك بينهما حتى سنة 1926م، حتى استطاعت بريطانيا إحكام سيطرتها على جزر الخليج ومياه المضيق، وأدّى ذلك إلى انحسار النفوذ البرتغالي، وأعادت بريطانيا الأهمية لمضيق هرمز لحماية مستعمراتها، وسيطرت على التجارة العالمية؛ حيث لم تكن الملاحة عبر المضيق تخضع إلى قوانين ضمن معاهدة إقليمية أو دولية، بل كانت تخضع لنظام الترانزيت بدون فرض شروط على السفر لمرورها السريع، على أن تخضع السفن العابرة فيه للأنظمة المقرّرة من «المنظمة البحرية الاستشارية الحكومية المشتركة» حتى اكتشاف النفط.

 

تنظيم حركة الملاحة في مضيق هرمز:

تم تنظيم حركة الملاحة في المضيق بموجب اتفاقية وقعت ما بين إيران وسلطنة عمان في 1/1/1975م، بعد ترسيم الحدود البحرية بينهما. وتم الاتفاق على أن تتولى عُمان، من خلال غرفة عمليات بحرية مركزة في منطقة "مسندم"، تنظيم حركة الملاحة الدولية التي ستتم في القسم العُماني من المضيق، لأنه الأكثر عمقًا وضمن ممر ملاحي عرضه 5.10 كلم. وتم تقسيم هذا الممر الملاحي إلى 3 ممرات فرعية: ممر للسفن القادمة من خليج عمان ومتجهة إلى الخليج العربي بعرض 5.3 كلم، وممر فاصل محظر للملاحةبعرض 5.3 كلم للفصل بين السفن الداخلة والخارجة من وإلى الخليج العربي، وممر للسفن الخارجة من الخليج العربي باتجاه خليج عمان بعرض 5.3 كلم.

وبعد إقرار اتفاقية قانون البحار وتعميمها في العام 1982م، من قبل المنظمة البحرية الدولية التابعة للأمم المتحدة انضمت سلطنة عمان إلى الدول الموقعة على تلك الاتفاقية، في حين لم توقع عليها إيران.

واعتبرت اتفاقية قانون البحار (لاسيّما المادة 42 منها)، المضائق جزءًا من أعالي البحار والمياه الدولية؛ حيث تتمتع السفن بحرية الملاحة والترانزيت مع الالتزام بعدم الإضرار بالدول الشاطئية أثناء مرورها البريء خاصة من الناحيتين السياسية والأمنية.كما نصت المادة 44 منها أنه يحظر على أي دولة شاطئية لأي مضيق منع الدول من استخدام حقها في عبور سفنها لهذا المضيق دون توقف.

ووفقًا للقانون الدولي البحري لا يحق لإيران إغلاق مضيق "هرمز" أمام الملاحة التجارية الدولية تحت طائلة اعتبار فعلتها تهديدًا للأمن والاستقرار الدوليين. وبالتالي يندرج هذا الاعتداء في حال حصوله ضمن مفاعيل ومقررات الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة لا سيما المادة 42 منه.

ورغم أن إيران ليست طرفًا في هذه الاتفاقية بسبب عدم تصديقها عليها، فإن ذلك لا يعطيها الحق في عرقلة أو إعاقة المرور في هذا الممر الدولي الحيوي للدول الأخرى المطلة على الخليج العربي والمجتمع الدولي، لأن المرور في المضايق الدولية حق دولي لجميع الدول وفقًا لقواعد القانون الدولي العرفي وأكدتها أحكام محكمة العدل الدولية، إضافة إلى الممارسات الدولية للمرور العابر في مضيق هرمز الدولي لعقود طويلة، مما يجعل من هذا الحق شأنًا دوليًا في حالة المساس به من أي دولة، ويلقي على دول المنطقة الالتزام باحترام الثوابت الدولية حفاظًا على الأمن القومي لدول الخليج.

المكانة الاقتصادية والاستراتيجية للخليج العربي ومضيق هرمز:

يتمتع كل من الخليج العربي ومضيق هرمز بمكانة اقتصادية واستراتيجية بالغة الأهمية على الصعيد العالمي، حيث أن كافة الدول الثمانية المطلة عليه، أي إيران ودول مجلس التعاون الخليجي، هي دول مصدرة للطاقة وتؤمن تصدير 30 % من الاستهلاك العالمي من البترول، كما تحوي مياهه وأراضي دوله 60% من احتياط النفط العالمي و40% من احتياط الغاز. فضلاً عن أن قلة اعماق مياه الخليج (50 متر) تسهل عملية الحفر وتقلل كلفة استخراج البترول والغاز.

وتفاديا لحصول خلافات حول استثمار هذه الثروات عمدت دول الخليج بين العامي 1958 و1965م، برعاية بريطانيا وأمريكا، على ترسيم حدود المناطق البحرية والجرف القاري العائدة لكل منها، على أساس خط الوسط الذي يعتبر كل نقطة فيه على مسافة متساوية من شاطئ الدولتين المتقابلتين أو المتجاورتين، ووقعت فيما بينها اتفاقيات رسمية بهذا الصدد. كما وقعت مذكرات تفاهم ثنائية فيما بينها بالنسبة لاستثمار الحقول الواقعة على حدود المناطق البحرية الفاصلة بينها.

أهمية مضيق هرمز بالنسبة لدول الخليج العربي خاصة وللعالم أجمع:

بالنسبة لدول الخليج العربييمثل مضيق هرمز أهمية استراتيجية واقتصادية وتجارية كبرى، بل إنه المنفذ البحرى الوحيد لعدة دول وهى "العراق – الكويت - البحرين- قطر- الإمارات العربية"، حيث يقع "المضيق" فى منطقة الخليج العربي فاصلاً ما بين مياه الخليج العربي من جهة ومياه خليج عمان وبحر العرب والمحيط الهندي من جهة أخرى، وتطل عليه من الشمال إيران (محافظة بندر عباس) ومن الجنوب سلطنة عمان (محافظة مسندم) التى تشرف على حركة الملاحة البحرية فيه باعتبار أن ممر السفن يأتى ضمن مياهها الإقليمية.

وقد شكل المضيق موضوع رهان استراتيجي بين الدول الكبرى بعد اكتشاف النفط في دول المنطقة المحيطة به، فمن خلاله يتم عبور عدد كبير من ناقلات النفط يوميًا لتشكّل إمدادات النفط الخليجي بمعدل 40% من إجمالي المعروض النفطي المتداول.

ومن الدول المعتمدة على نفط الخليج تعتبر اليابان أكبر مستورد للنفط الخام عبر مضيق هرمز، حيث يشكّل النفط الذي تستورده الدول كالآتي: اليابان بنسبة 35% من النفط وتلبّي من حاجاتها النفطية بنسبة 85%، وكوريا الجنوبية بنسبة 14% من النفط وتلبّي 72% من حاجاتها النفطية، والولايات المتحدة الأمريكية بنسبة 14% من النفط وتلبّي 18% من حاجاتها النفطية، والهند بنسبة 12% من النفط وتلبّي 65% من حاجاتها النفطية، ومصر بنسبة 8% من النفط، ثمّ يُعاد شحن النفط لدول أخرى، والصين بنسبة 8% من النفط وتلبّي 34% من احتياجاتها للنفط، وسنغافورة 7%، وتايوان 5%، وتايلاند3%، وهولندا3%، ومعظم الدول الأوروبية مثل: إسبانيا، وإيطاليا، واليونان، وغيرها من دول الاتحاد الأوروبي التي تعتمد على استيراد النفط من إيران ودول الخليج.

ومن هنا يتبين أن أمن الملاحة في مضيق هرمز، بقدر ما يهم دول الخليج يهم بقية دول العالم، للأسباب الاقتصادية والعسكرية. ومن هذا المنطلق لايمكن للمجتمع الدولي أن يسمح لأي جهة أن تهدد مصالحه في الخليج العربي.

العلاقات الخليجية ـ الإيرانية

تتمتع إيران بالعديد من مقومات وعناصر القوة السياسية والاقتصادية والعسكرية والموقع الجغرافي الذي يعد من أهم المحددات اللازمة لفهم طبيعة السياسة الخارجية الإيرانية تجاه دول الخليج العربى؛ نتيجة سيطرة إيران على الممرات المائية الحيوية الاستراتيجية فى الخليج، خاصة مضيق هرمز الذي يفصل بين إيران وسلطنة عمان.

ويمكن تقسيم المراحل المختلفة التي مرت بها العلاقات الخليجية ـ الإيرانية إلى ثلاث مراحل: ففي المرحلة الأولى التي أعقبت قيام الثورة الإسلامية في طهران عام 1979م أفرزت تغيرات كلية في السياسة الخارجية الإيرانية، تجاه دول مجلس التعاون الخليجي، نتيجة الحرب العراقية-الإيرانية التي استمرت ثماني سنوات 1980 – 1988م، ودعم بعض دول مجلس التعاون الخليجي (السعودية، الكويت) باعتبارها الطرف العربي في تلك الحرب، وتداعيات ذلك على العلاقات الإيرانية-الخليجية، بسبب الأطماع الإيرانية في تزعم العالم الإسلامي.

وشهدت المرحلة الثانية بدايات الانفراج في العلاقات الإيرانية-الخليجية، نتيجة الموقف الذي اتخذته إيران الرافض لغزو العراق للكويت، والذي نتج عنه تطور في العلاقات الاقتصادية بين الطرفين.

ولم يحجب التعاون الاقتصادي بروز نقاط خلاف أساسية سيما بعد حرب الخليج الثانية، وأهمها قضية أمن الخليج، التي تعد محور الخلاف بين الطرفين، لاختلاف رؤية كل منهما في التعاطي مع الوجود الأجنبي والعربي في المنطقة، فدول مجلس التعاون تعتبر وجود القوات الأجنبية والعربية أمنًا لها، في حين ترى إيران أن هذا الوجود هو بمثابة تهديد حقيقي لأمنها.

ويبرز هنا تأثير الحرب الأمريكية على العراق وتبعاتها على أمن دول مجلس التعاون الخليجي، ودورها في تعقيد المشهد الأمني الإقليمي، في ضوء اتجاه أمريكا إلى تكريس وجودها العسكري في المنطقة، بالإضافة إلى الفوضى التي أحدثتها هذه الحرب على مختلف الأصعدة.

ومع أن توقيع الاتفاق الأمني السعودي-الإيراني في مايو 2001م، كان بمثابة بداية عهد جديد في العلاقات بين البلدين؛ حيث وضع أسس الاستقرار والأمن في المنطقة، إلا أن هذه العلاقات (الأمنية والعسكرية) بين الطرفين ظلت محدودة واقتصر التعاون مع طهران على الاتفاقيات الأمنية التي تتضمن منع التسلل والاتجار بالمخدرات.

وعلى الرغم من تنامي العلاقات بين إيران ودول الخليج، تحديدًا الإمارات، التي تعتبر الشريك التجاري الأول لإيران في منطقة الخليج، إلا أن هناك ثمة قضايا خلافية لا تزال عالقة بين الطرفين، ومن أبرزها: التهديدات الإيرانية لدول الخليج في حالة نشوب مواجهة عسكرية مع الدول الغربية بإغلاق مضيق هرمز مما سوف يؤدي أزمة لم يشهدها العالم من قبل.

ومع تذبذب العلاقات السياسية والدبلوماسية بين إيران ودول مجلس التعاون الخليجي من حين إلى آخر ما بين التوتر وما يشبه الانفراج وفق المتغيرات الدولية، إلا أن العلاقات الاقتصادية بين إيران ودول مجلس التعاون حافظت على تقاربها.

وتعد دول مجلس التعاون من أكبر الشركاء التجاريين لإيران ما يعزز فرضية تحسن العلاقات بين الجانبين، انطلاقًا من أن المصالح الاقتصادية تشكل دوافع أساسية لتطورها وأساسًا جيدًا لبناء الثقة، ما نتج عنه جملة من الاتفاقيات المشتركة.

ويمكن القول أن انعكاسات سياسة إيران الإقليمية على المستوى الأمني تجاه الوطن العربي، تمثل اختراقًا أمنيًا للوطن العربي، مما يشجعها على إثارة المشاكل الداخلية وزعزعة الأمن والاستقرار في هذه الأقطار، وبالتالي يعد هذا الأمر عامل قوة وتأييد إضافي لسياسة إيران الإقليمية، وربما يكون هذا الأمر بالعكس عاملاً سلبيًا يحجم دور إيران في المنطقة.

البدائل المطروحة أمام دول الخليج والعالم إذا ما تم إغلاق مضيق هرمز:

يعد مضيق هرمز باب الخليج العربي إلى العالم الخارجي، والمدخل الرئيسي إلى نفط هذه المنطقة، الأمر الذي يربط أمن الخليج العربي بحرية الملاحة عبر هذا المضيق، إذ أن أي اعتداء على هذه الحرية من شأنه أن يعزل الخليج ويجعله بحرًا مغلقًا؛ مما يعرض أمن شعوب المنطقة ومصالحها، وكذا المصالح الاقتصادية العالمية لخطر كبير.

ونظرا للأهمية التجارية والاقتصادية للمضيق، فإن له أبعاد استراتيجية على المنطقة العربية، حال إذا ما تم غلق المضيق، حيث يشهد هذا المضيق من حين إلى آخر تهديدات من إيران بإقفاله، فإن لذلك انعكاسات على دول الخليج التي لجأت إلى مد خطوط أنابيب لتصدير النفط مباشرة عبر البحر المتوسط (العراق باتجاه الساحل السوري -"بانياس والساحل التركي "جيهان") والبحر الأحمر (السعودية باتجاه "ينبع") وبحر العرب (الإمارات العربية باتجاه "الفجيرة)، إلا أن نسبة هذه الصادرات ضئيلة ولا تتجاوز 10% مقارنة مع تلك المصدّرة بحرًا عبر مضيق هرمز بواسطة ناقلات نفط عملاقة. وتتضرر الصادرات السعودية من النفط الخام المحمول بحرًا بنسبة 88% إلا أن لها منافذ أخرى تستطيع التعويض عبرها وهي على بحر العرب والبحر الأحمر.

أما أكثر الدول المتأثرة بإغلاق مضيق هرمز عالميًا فهي: الصين التي تعتبر الشريك التجاري الأول والأكبر مع إيران على مستوى العالم، إذ تستورد الصين نحو 21% من إجمالي صادرات النفط الإيرانية بمعدّل 2.2 مليون برميل، لذلك تحاول إحلال السلام في المنطقة حرصًا على مصالحها.

أما إيطاليا، وإسبانيا، واليونان من أكثر الدول الأوروبية المتضرّرة من إغلاق مضيق هرمز، لأنها تستورد النفط الإيراني بالائتمان، بعد أن توقّفت روسيا عن تصديره إليها بسبب تجميد اتفاق تعاون عسكري بين البلدين (اليونان وروسيا)، ويبلغ إجمالي ما تستورده الدول الأوروبية من النفط الإيراني 450 ألف برميل نفط يوميًا، أي بنسبة 18% من إجمالي الصادرات الإيرانية البالغة 2.7 مليون برميل نفط يوميًا.

كما تتضرّر إيران أكثر من غيرها بنسبة 90%، وكذلك اليابان التي تحصل على 26% من النفط الخام عن طريق الممرّ، حيث تغطي الشحنات 85% من احتياجاتها النفطية، وتليها بعد ذلك تضرّرًا كوريا الجنوبية، وبعدهما الولايات المتحدة الأمريكية.

التوجهات المستقبلية لسياسة إيران ودول الخليج العربي

وبخصوص التوجهات المستقبلية لسياسة إيران وأدول الخليج العربي، فستسير العلاقات نحو تحسن ملحوظ، مع عدم خلوها من توتر محدود في مراحل متباعدة، لكنه لن يتصاعد إلى مواجهة مباشرة بين الطرفين.

ويرىبعضالخبراءأنتهديداتإيرانهدفهارفعأسعار النفطوزيادةالتضخمالعالميوارتفاع أسعارالطاقة؛وهومايكونلهآثارسلبيةعلىالاقتصادياتالأوروبيةوالأمريكية،مثل: ارتفاعالبطالةوضعفالنمو،وهومايشكِّلضغطًا شعبيًاعليها.

ومنناحيةالمبدأ،لاالولاياتالمتحدةولاإيرانمعنيةبتصعيدالأوضاعإلىدرجةاللاعودة،أيالصدامالعسكري،ولهذاحاولكلطرفألايدفعالأمورإلىحافةالهاوية.

 

البحر الأحمر...المخاطر والحلول

 

البحر الأحمر أو بحر القلزم  أو بحر الحبشة يعتبر هو والخليج العربي مدخل مياه بحر المحيط الهندي، الواقع بين إفريقيا وآسيا. والاتصال مع المحيط في الجنوب من خلال مضيق باب المندب وخليج عدن. وفي الشمال يحده شبه جزيرة سيناء وخليج العقبة وخليج السويس (الذي يؤدي إلى قناة السويس). البحر الأحمر أحد المحميات البيئية التي حددها الصندوق العالمي للحياة البرية وعددها 200.

الأهمية الاستراتيجية للبحر الأحمر:

1-     البحر الأحمر هو جزء هام في طرق الشحن البحري بين أوروبا، الخليج العربي وبحر العرب وصولاً إلى شرق آسيا.

2-     تمر عبر البحر الأحمر 45 % من ناقلات النفط المحملة بنفط الخليج العربي

3-     يوجد به 200 نوعًا من الشعاب المرجانية الصلبة واللينة

4-احتياج أوروبا إلى نقل 60% من احتياجاتها من الطاقة عبر البحر الأحمر وأيضًا نقل        نحو 25% من احتياجات النفط للولايات المتحدة الأميركية عبره.

5- للبحر الأحمر أهمية استراتيجية للأمن القومي العربي في ثلاث دوائر الأمن العربي والإفريقي والأمن العالمي مركزها القرن الإفريقي. فهو يعتبر قناة وصل بين البحار والمحيطات المفتوحة ومن هنا تزيد أهميته الاستراتيجية سواء من الناحية العسكرية أو الاقتصادية أو الأمنية.

6-مقصد عالمي ومورد هام للسياحة.

المخاطر التى يتعرض لها البحر الأحمر:

يستمد البحر الأحمر أهميته الاستراتيجية من موقعه الجغرافي الذي وفر للقوى الإقليمية والدولية إمكانية الوصول إلى المحيطين الهندي والأطلسي عبره وزادت هذه الأهمية بعد اكتشاف النفط في دول الخليج العربية.لذلك فهو يتعرض لكثير من المخاطر:

1-   الصعود المتنامي لنفوذ إيران مع حلفائها، وبروز مظاهر الحرب الباردة

2-   وتواجه المنطقة الجنوبية للبحر قرب خليج عدن عمليات للقرصنة الصومالية.

3-   تم تصنيفه كـ (أخطر ممر مائي في عام 2008م).

4-   كونه يمثل نظامًا فرعيًا من إقليم الشرق الأوسط المضطرب والمثير للجدل الذي يوصف بأنه عالم بلا نهاية وتارةً بأنه نهاية العالم، ويقع في قلب قوس عدم الاستقرار، كما حدده البروفيسير برجينسكي مستشار الأمن القومي الأميركي، وهو القوس الذي يضم الشرق الأوسط والقرن الإفريقي ومنطقة المحيط الهندي. كما يقع ضمن الإطار الجيوبولتيكي لمنطقة الخليج الاستراتيجية.

دور الدول المطلة على البحر الأحمر في حمايته:

قيام مجلس تعاون أو تنسيق للدول المطلة على البحر الأحمر على غرار مجلس التعاون الخليجى ومنظمه التعاون الاقتصادى للبحر الأسود ومجلس التعاون فى كل من البحر الكاريبى ودول جنوب شرق آسيا وغيرها، لذا فإن قيام مجلس تعاون للدول المطلة على البحر الأحمر مع الاعتراف بتأثير اختلاف المستوى الاقتصادي والتعليمي والمعيشي لدول البحر الأحمر، وضعف التنمية، وغياب التخطيط الاستراتيجي، على واقعية الفكرة - فإن تجمع الدول العربية المطلة على البحر له اهمية قصوى لما يترتب عليه من منافع آنية ومستقبلية تنعكس على أمن واستقرار حوض البحر الأحمر والدول المطلة عليه ناهيك عن أن ذلك يتماشى مع ما يشهده العالم من تحالفات وتكتلات أمنية واقتصادية للدول التى تجمعها فوائد وتوافق أكثر مما تفرقها اختلافات. وتكمن الأهمية في الآتي:

1-تشكيل عمق استراتيجي لمجلس التعاون الخليجي من الناحية الاستراتيجية والأمنية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية.

2-وسيقلص النفوذ غير العربي في الدول المطلة على البحر الأحمر ويحد من انتشار قواعدهما فى جزر بعض الدول المطله عليه.

3-يشكل ذلك المجلس مدخلاً واسعًا لصادرات الخليج إلى الدول الإفريقية.

5-  إمكانية قيام مراكز لبعض الصناعات البتروكيماوية والبترولية في بعض تلك الدول، يخصص إنتاجها للاستهلاك المحلي أو التصدير إلى الدول الإفريقية.

6-   ويسهم في قيام قوة عسكرية مشتركة تحمي مصالح دول البحر الأحمر.

7-  إيجاد منظومة اقتصادية متكاملة فالدول الفقيرة منها سوف تكون مصدر عمالة للدول الغنية واسواقًا لمنتجاتها وهذا يعزز من قدرتها الاقتصادية واستقرارها من جهة وهذا سوف يزيد من ثقة المستثمرين في تلك الدول خاصة في المجالات الزراعية.

 

خلاصة الأمر.. إن دول البحر الأحمر تشكل عمقًا استراتيجيًا، مهمًا، يحتاجه الأمن الإقليمي لدول الخليج العربي، في ظل التهديدات، سواء الإقليمية المتمثلة في النزاع المحوري، مع الجوار، أو لتأمين المجرى التجاري للنفط والبضائع، كما تدفعه الضرورات الاقتصادية التكاملية. ومن ناحية أخرى فإن الوقت قد حان، لتبني طموحات وأهداف إقليمية، تليق بإمكانات دول المنطقة، وقد أطلقت فيه الأيادي الغريبة عنه، مما يشكل خطرًا عسكريًا حقيقيًا، على الخليج، ويطعنه في الخاصرة، فإن أمن الدول العربية المطلة عليه ذو ارتباط وثيق بأمن واستقرار تلك البحار من خلال إبعاد شبح الدول العدوانية من أن تجد موضع قدم فيها وهذا لن يكون إلا من خلال ترسيخ التعاون بين تلك الدول واعتبار أن تلك البحار وأمنها جزء لا يتجزأ من أمن واستقرار كل دولة مطلة عليها.

مجلة آراء حول الخليج