array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

بعض أبعاد صراع التحرر من قبضة النظم الجمهورية العربية الديكتاتورية؟

الخميس، 01 أيلول/سبتمبر 2011

يبدو، وحتى إشعار آخر، إن (حسن الظن) في (الثورات الشعبية العربية) الراهنة هو السائد حالياً، على الأقل لدى الشعوب العربية المنطلقة نحو الحرية السياسية، والراغبة في التخلص من رؤساء جمهورياتها الديكتاتوريين، وإقامة النظم الديمقراطية. لأن ما حصل من ثورات، في الدول العربية ذات الأنظمة الجمهورية الديكتاتورية، هو (رد فعل) طبيعي من الشعوب المعنية على ما تعاني منه من ظلم وقهر وفساد ناجم – بالضرورة – من الاستبداد السياسي الذي تحكم في تلك الدول منذ (استقلالها) الرسمي، قبل نحو نصف قرن.

ولا شك في أن هناك، في كل بلد عربي حصلت فيه ثورة شعبية من النوع الذي نتحدث عنه هنا، (قوى) محلية وخارجية عدة، ما فتئت تحاول الاستفادة من اشتعال هذه الثورات بهدف تحقيق أهداف خاصة بها، حتى مع تعارض تلك الأهداف مع المصلحة العامة العليا لشعوب البلاد المعنية، حيث توجد (ثورات مضادة) (ظاهرة وخفية) من قوى محلية، تستقوي بقوى أجنبية طامعة أو مغرضة، حاولت – وما زالت – الالتفاف على تلك الثورات، وتحويل مسارها الإيجابي إلى مسار سلبي – بالنسبة للشعوب المعنية. وبالتالي، تحقيق ردة تجاه وضعية ما قبل الثورات.

معظم النظم الملكية العربية لديها قدر من الحصانة ضد مثل هذه الثورات وما قد ينتج عنها من كوارث

وكان من الطبيعي، والمتوقع، أن تتجسد هذه (القوى) في النظام الديكتاتوري الجمهوري المرفوض شعبياً، وفي التحالف الاستعماري – الصهيوني (المعادي للشعوب – بصفة عامة) والذي يرى في الأنظمة المخلوعة حلفاء لا غنى عنهم، أو عن أمثالهم – وإن اختلف معها ظاهرياً.

شاهدنا كل ذلك في الثورتين التونسية والمصرية، وفى الثورات اللاحقة في البلاد العربية ذات الحكومات الجمهورية الديكتاتورية. ففي كل من تونس ومصر، لم تنجح الثورة برحيل رأس النظام. ما حصل كان عبارة عن (نجاح مبدئي) – إن صح التعبير. فالنجاح يقاس بمدى تحقيق الرغبة الشعبية المعلنة في التحول عن الاستبداد الجمهوري، تماماً. وهذا (النجاح) يبدو أنه – وحتى كتابة هذه السطور - ما زال بعيداً وإن بدا ممكناً. كما أن الرؤية المستقبلية لشعوب هذه البلاد (ما ينبغي أن يكون) ما زالت ضبابية. الأمر الذي يخشى معه أن تستبدل ديكتاتورية بأخرى.

الرؤية المستقبلية لشعوب هذه البلاد الثائرة ما زالت ضبابية الأمر الذي يخشى معه أن تستبدل ديكتاتورية بأخرى

وإن مدى وعى ويقظة الشعوب المعنية، ومدى تصميمها على تحقيق أهداف انتفاضاتها، التي كلفت الكثير من الدماء والجهد والدمار، سيحدد مدى نجاح هذه الانتفاضات من عدمه. ويبدو أن الشعبين التونسي والمصري يعيان – تماماً – هذه الحقائق، ومصممان على إكمال المشوار، مهما بلغت التضحيات. وهذان الشعبان يحققا، يوماً بعد يوم، نجاحاً ملحوظاً في هذا الاتجاه تجلى في: رفضهما الحاسم لتدخلات القوى المضادة، وتصفية كثير من فلول وأعوان الأنظمة المخلوعة، والمقاومة المتواصلة لأي تراجع سلبي.

إما الشعب الليبي، وغيره من الشعوب العربية الخاضعة الآن لحكومات جمهورية مستبدة، فما زال يسعى لتحقيق (النجاح المبدئي) رغم مرور زمن طويل (نسبياً) على اندلاع ثورته. والسبب هو أن النظام المرفوض والقوى المضادة – وداعميها – مازال لديها أمل في إجهاض تلك الثورات، وخاصة أن نظام القذافي العجيب قد اختصر كل البلد في شخصه وعائلته. ولذلك، يبذل نظام القذافي، وتلك القوى (المضادة) الآن قصارى الجهد لإعادة الأمور إلى ما كانت عليه، وتكريس الأوضاع السابقة على الثورات من جديد.

وها هو (القذافي)، وداعموه المحليون والأجانب (وفي مقدمتهم إسرائيل) يحولون ليبيا إلى ساحة قتال دامية. يسفك فيها دم الليبيين، وتدمر بلادهم، كي يستمر نظام القذافي الجمهوري الديكتاتوري ، ويتواصل شقاء وبؤس الشعب الليبي، ويستمر استعباده. وسنتحدث عن مأساة ليبيا هذه، ببعض التفصيل، في المقال القادم بإذن الله.

ونكرر، في ختام هذه الرؤية، أن السبب الأول لهذه الثورات، السابق منها واللاحق، ضد الأنظمة الجمهورية العربية المستبدة، هو: الاستبداد وما ينجم عنه من ظلم ومصادرة لحقوق الشعوب الأساسية. وفى هذا الخروج الثوري تحصل (فوضى) وقتل وتدمير يطال الشعوب المنكوبة بالاستبداد، ويسبب لها خسائر بشرية ومادية فادحة. وتتحمل تلك الأنظمة – دون شك - وزر هذه الكوارث، والتي يعتبرها البعض (الثمن) الباهظ للتحرر من ربقة الاستبداد والقهر. فالاستبداد كالشجرة السامة، كارثي وجودها، وكارثي استئصالها.

ويبدو، أن معظم النظم الملكية العربية لديها – كما سبق أن ألمحنا - قدر من الحصانة ضد مثل هذه الثورات، وما قد ينتج عنها من كوارث سياسية واقتصادية مدمرة لأنها لا تمارس – في الغالب - الاستبداد السافر، ولأنها تعمل – ولو بجهد المقل - على تنمية وتطوير بلادها، والتجاوب مع مطالب شعوبها في الإصلاح المستدام. ومن أبرز الأدلة على ذلك: مملكة المغرب، وغيرها.

 

مقالات لنفس الكاتب