array(1) { [0]=> object(stdClass)#12958 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 130

أسس الموقف الجزائري من تداعيات الربيع العربي: أزمات ليبيا وسوريا

الأحد، 13 أيار 2018

منذ بداية أحداث الربيع العربي في تونس عام 2011م، ثم مصر وانتقالها لليبيا واليمن، تحفظت النخبة الجزائرية، وكذلك النظام السياسي القائم على تلك الأحداث، ففي الوقت الذي تعتبرها معظم النخب الإعلامية والسياسية (باستثناء الأحزاب الإخوانية) مؤامرة خارجية تستهدف الدول الوطنية، ظل النظام السياسي يتحفظ على تعامل الدول العربية معها، الأمر الذي أنتج تباينًا ملحوظًا في المواقف بين الجزائر وبعض الدول العربية وعلى رأسها دول الخليج في كيفية التعامل مع تداعيات الربيع العربي.

وعلى سبيل المثال اختلفت الجزائر مع عدد من الدول العربية بخصوص الوضع في ليبيا، وسوريا وقضية القوة العربية للتدخل السريع، وقضية التحالف العسكري، وغيرها من القضايا، وتبرر الجزائر موقفها على أن لديها دستور يحدد مهام الجيش الجزائري، ومبادئ تتحكم في سياستها الخارجية.

أولاً-أهم مبادئ السياسة الخارجية للجزائر

تستمد الجزائر سياستها الخارجية من تاريخها النضالي الطويل، وتحديدًا من بيان ثورة أول نوفمبر 1954م، ثم من تجاربها الدبلوماسية بعد الاستقلال، ولعل أهم أسسها تتمثل في:

- احترام سيادة الآخرين وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول.

- رفض الحلول العسكرية للأزمات.

- عدم المشاركة عسكريًا خارج حدود الجزائر.

- حسن الجوار، والمعاملة بالمثل.

- الحوار لحل الخلافات الداخلية أو بين الدول.

- دعم الوساطة الدبلوماسية لحل الخلافات.

-      دعم حل الخلافات عن طريق المفاوضات أو التحكيم الدولي.

-      دعم حل الخلافات عن طريق الأمم المتحدة.

-     دعم حركات التحرر والقضايا العادلة في العالم.

وبناء على ذلك اتخذت الجزائر مواقفها مما يحدث في دول الربيع العربي، كما نوضحه فيما يلي:

ثانيًا: موقف الجزائر من تداعيات الربيع العربي في ليبيا

كان تفاعل الجزائر من الأزمة الليبية ملفتًا، حيث ألقت بثقلها من أجل إنجاح رؤيتها لحل الأزمة، وهو الحل الذي ينبغي أن يقوم على:

- الحوار السياسي بين جميع مكونات الشعب الليبي

- الحل السياسي للأزمة بعيدًا عن الحلول العسكرية

- الحل السياسي يتم بين الليبيين بدون تدخل أي دولة خارجية

-الحفاظ على سيادة ليبيا وسلامتها الترابية ووحدتها وتلاحم شعبها.

- رفض التدخل العسكري الخارجي في ليبيا ورفض كل مسعى غير سلمي ولاسيما الخيار العسكري الذي قد يؤدي الى استمرار الانقسام والفوضى.

- اتفاق الصخيرات يمثل الإطار العام للحل للمشكلة في ليبيا.

- خلق توافق ليبي– ليبي (يشمل كافة الأطراف التي ترفض العنف).

- إعادة تشكيل الجيش الليبي وتوحيده حتى يكون قادرًا على رفع التحديات الأمنية.

– التنسيق مع دول الجوار خاصة تونس ومصر على دعم الحل السياسي في ليبيا، لكن هناك خلاف غير معلن مع مصر لكون هذه الأخيرة تدعم خليفة حفتر وقامت بقصف عدة مواقع في ليبيا.

وبناء على ذلك اتخذت الجزائر مواقفها من الأزمة الليبية كما يلي:

1 -الاعتراف بالمجلس الانتقالي

       في بداية أحداث الربيع العربي، وقفت الجزائر محايدة، ودعت إلى الحوار لحل الأزمة، لكن "الثوار" شنوا هجومات إعلامية على الجزائر واتهموها بالانحياز للعقيد معمر القذافي. وعبرت الجزائر أكثر من مرة، أنها ليست مع أو ضد أي طرف من أطراف الصراع في ليبيا، لكنها كانت بوضوح معارضة لتدخل الناتو في المنطقة وفي الصراع.

وبعد تطور الأحداث في ليبيا، التي أدت إلى مقتل العقيد القذافي في مشهد درامي ودفنه بمكان مجهول، اعترفت الجزائر رسميا بالمجلس الانتقالي الليبي على مرتين: المرة الأولى قبل سقوط العاصمة طرابلس عن طريق الاتحاد الإفريقي، والمرة الثانية، عندما التقى الرئيس بوتفليقة مرتين مع رئيس المجلس مصطفى عبد الجليل في العاصمة القطرية الدوحة بوساطة أمير قطر خلال القمة العالمية للغاز شهر نوفمبر 2011م، كما قام بوتفليقة بإرسال برقية تهنئة لمصطفى عبد الجليل بمناسبة احتفال ليبيا بالعيد الوطني الجديد المصادف لتاريخ 25 ديسمبر بمناسبة استقلال ليبيا عن إيطاليا، بعدما كانت ليبيا تحتفل بالعيد الوطني يوم 1سبتمبر ذكرى وصول القذافي للحكم. ثم قام عبد الجليل بزيارة رسمية للجزائر يوم 16 أبريل 2012م، بدعوة من الرئيس بوتفليقة.

2 – دعم المبعوث الأممي إلى ليبيا

أعلنت الجزائر بدون أي تحفظ دعمها لخطة المبعوث الأممي الجديد إلى ليبيا، غسان سلامة، الذي أعلن شهر سبتمبر 2017م، خلال فعاليات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، «خطة عمل جديدة» تهدف إلى إطلاق جولة جديدة من المفاوضات لحل الخلافات العالقة في ليبيا.

وخلال أشغال الجمعية العامة للأمم المتحدة شهر سبتمبر 2017م، شاركت الجزائر في الاجتماع رفيع المستوى حول ليبيا والذي شاركت فيه كل من الأمم المتحدة والجزائر ومصر وتونس، وتم فيه الاتفاق على منح جماعة القذافي مكانة في الخارطة الجديدة. وتم الإعلان عن رفض تعدد مبادرات حل الأزمة الليبية وإبقائها فقط تحت إشراف الأمم المتحدة (إشارة إلى تدخل فرنسا بشكل منفرد في القضية).

3-اتفاق الصخيرات: إطار للحل

تعتبر الجزائر أن الاتفاق السياسي الذي وقع تحت إشراف الأمم المتحدة من قبل الأطراف الليبية شهر ديسمبر 2015م، بمدينة الصخيرات المغربية، يشكل إطارًا لتسوية الأزمة، وتعترف بالهيآت الثلاث المنبثقة عنه، وهي المجلس الرئاسي ومجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، وظلت تشجعها على توحيد جهودها للخروج من حالة الانسداد وتجاوز الوضع القائم.

وفي شهر أكتوبر 2017م، خلال الاجتماع الإقليمي لشؤون الأمن ومحاربة الإرهاب الذي انعقد بالعاصمة المالية باماكو، شدد البيان الختامي للاجتماع (كانت الجزائر أبرز محرريه) على حرص بلدان إفريقيا على دعم الجهود المبذولة لصالح السلم والأمن في ليبيا طبقًا لاتفاق الصخيرات.

للإشارة، فإن اتفاق الصخيرات، انتهت صلاحياته شهر ديسمبر 2017م، إلا أن مجلس الأمن مدد صلاحياته استجابة لطلب المبعوث الأممي الجديد غسان سلامة.

4 -جهود سياسية جزائرية لحل الأزمة

وفي سياق جهود حل الأزمة الليبية قام وزير الشؤون المغاربية والاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية عبد القادر مساهل (قبل أن يصبح وزيرًا للخارجية شهر أغسطس 2017م) بزيارة إلى بعض المناطق الليبية شهر مارس 2017م، التقى بالعديد من الشخصيات الفاعلة، وتجول في شوارع ليبيا وجلس في مقاهيها، وكانت تلك رسالة سياسية أن الوضع العام لا يستدعي تدخلاً عسكريًا.

كذلك قامت الجزائر باستقبال وفود ليبية لإقناعها بوجهة نظرها لتحقيق الحل السياسي للأزمة بعيدًا عن لغة السلاح والتدخلات الخارجية، منهم:

1 -فايز السراج رئيس حكومة الوفاق الوطني يوم 4 أكتوبر 2016م، وبتاريخ 29 يوليو 2017م، قام السراج بزيارة جديدة للجزائر لشرح بنود الاتفاق الذي وقعه في باريس مع المشير خليفة حفتر. وتعتبر الجزائر أول بلد يزورها السراج بعد ذلك الاتفاق. وفي 17 ديسمبر2017م، قام بزيارة أخرى للجزائر تباحث خلالها مع رئيس الوزراء الجزائري أحمد أويحيى، وجددت الجزائر للسراج موقفها بأن الاتفاق السياسي يمثل الأرضية الوحيدة لتحقيق التوافق، مشددة على عدم وجود حل عسكري للأزمة.

2-خليفة حفتر قائد الجيش الليبي يوم 18 ديسمبر 2016م.

3 -رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح يوم 27 نوفمبر 2016 م.

4 -رئيس حزب التغيير وعضو لجنة الحوار الليبي جمعة القماطي يوم 19 نوفمبر 2016م.

5 -وفد ليبي يمثل منطقة زنتان يوم 12 فبراير 2017 م.

6 -وفد عسكري من "البنيان المرصوص "الليبية" يوم 5 فبراير 2017

7 -وفدان برلمانيان ليبيان من مجلس النواب الليبي (برلمان طبرق) بتاريخ 15 يناير 2017 م.

5 -خلفيات أخرى لفهم الموقف الجزائري من ليبيا

رغم أن الموقف الجزائري من تطور الوضع في ليبيا ظل ثابتًا بناء على أسس سياستها الخارجية، إلا أن هناك عوامل أخرى جعلت الجزائر تتخذ الموقف الذي اتخذته، وهي كما يلي:

1 – إن الانفلات الأمني في ليبيا ألقى بظلاله بشكل مباشر على الجزائر التي تربطها حدود مع ليبيا تقارب 1000 كلم، وأصبحت ليبيا مصدرًا للسلاح للإرهابيين في الجزائر، ومن ليبيا تسلل الإرهابيون إلى المجمع الغازي بتيغنتورين شهر يناير 2013م، قبل أن يتدخل الجيش بوحداته الخاصة ويقضي على الإرهابيين. وبالتالي يعتبر استمرار الانفلات في ليبيا هو استمرار التحديات الأمنية للجزائر.

2 – إن سقوط القذافي، جعل السلاح الليبي ينتقل للطوارق في شمال مالي، ما جعلهم يعلنون عن تشكيل دولة مستقلة للطوارق عام 2012م، وهو ما عارضته الجزائر، وتدخلت سياسيًا بقوة ونظمت عدة دورات للحوار بين الفرقاء الماليين، وتوصلوا لتوقيع اتفاق السلم والمصالحة في مالي عام 2015م.

إن تمرد الطوارق على الحكومة المركزية، أدى إلى التدخل العسكري الفرنسي في شمال مالي، ومازال مستمرًا إلى اليوم، بتسميات مختلفة من "سيرفال إلى براخان" إلى دعم قوة 5 ساحل المتكونة من مالي والتشاد والنيجر وموريتانيا وبوركينافاسو. وبالتالي، عدم استقرار مالي، التي استفادت المعارضة فيها من مخازن سلاح القذافي يشكل تحديًا أمنيًا آخر من الناحية الجنوبية للجزائر، لذلك تعتبر الجزائر استقرار ليبيا دعمًا رئيسًا لاستقرار مالي.

3 – إن نجاح الطوارق في إقامة دولة مستقلة لهم شمالي مالي، على الحدود مع الجزائر، يعتبر تهديدًا مباشرًا للوحدة الترابية للجزائر. فالوضع شبيه بإقامة دولة كردية في العراق أو في سورية بالنسبة لتركيا.

       هذه المعطيات الثلاثة، تعزز الموقف الجزائري تجاه ليبيا، بناء على مبادئ سياستها الخارجية التي شرحناها أعلاه.

ثالثًا: موقف الجزائر من تداعيات الربيع العربي في سوريا

حدث آخر تطور في العلاقات الجزائرية ــ السورية، شهر سبتمبر 2017م، عندما دعا عبد القادر مساهل في حديث لقناة روسيا اليوم إلى عودة سوريا لجامعة الدول العربية، حيث قال: "لدينا علاقات تاريخية مع سوريا وندعو لعودتها إلى الجامعة العربية".

1 -خلفية الموقف من الربيع العربي في سورية

تقوم سياسة الجزائر الخارجية تجاه سوريا على مبدأ عدم التدخل في شؤون الآخرين، والدعوة لحل الأزمة بالحوار بين كل الأطراف ورفض الاعتراف بالجيش الحر والمعارضة المسلحة، ورفض منح مقعد سورية بالجامعة العربية للمعارضة.

وفي شهر نوفمبر 2011م، رفضت الجزائر رسميًا استدعاءسفيرها بدمشق، تبعا لمقترحات جامعة الدول العربية. كما عبّرت عن تحفظها على البند المتعلق بدعوة الجامعة العربية لتنحي بشار الأسد عن الحكم، مشيرة أن مسألة التنحي "أمر سيادي للشعب السوري"، ولا يندرج ضمن صلاحيات مجلس وزراء الخارجية العرب الملتئم شهر أغسطس 2012م، في الدوحة.

وفي أغسطس 2012م، صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة، على مشروع قرار عربي تحت عنوان "الموقف في سورية"، وذلك بدعم 133 دولة من بينها العراق، ومعارضة 12 دولة، وامتناع 31 دولة عن التصويت، من بينها لبنان والجزائر.

وتحفظت الجزائر رسميا يوم 27 يناير 2012م، على توجه الوفد العربي إلى مجلس الأمن لإطلاعه على قرار الجامعة العربية بشأن سورية. كما تحفظت على إرسال قوة حفظ سلام عربية أممية إلى سورية. وفي اجتماع مكة لمنظمة التعاون الإسلامي شهر أغسطس 2012م، لم تعترض الجزائر عن مقترح تجميد عضوية سورية لكنها تساءلت عن "جدوى"هذا الإجراء وفعاليته.

مجلة آراء حول الخليج