; logged out
الرئيسية / قمة القدس ومتطلبات الأمن العربي: إدراك للمخاطر الإقليمية

العدد 130

قمة القدس ومتطلبات الأمن العربي: إدراك للمخاطر الإقليمية

الأحد، 13 أيار 2018

انتهت قمة القدس الـ 28 في ترتيب القمم العربية، قمة القدس التي أسماها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود (يحفظه الله) بهذا الاسم ،إيمانا منه لكون القدس والقضية الفلسطينية قضية العرب الأولى التي تمخضت عنها معظم المخاطر السياسية والأمنية والعسكرية اللاحقة حتى اليوم، وكان من أهم مخرجات هذه القمة على المستوى السياسي الجماعي العربي، التوافق التام على التمسك بالمبادرة العربية للسلام التي أقرتها قمة لبنان عام 2002م لإيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية يرتكز على حل الدولتين وتكون القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية لإنهاء معظم الصراعات في المنطقة وأيضًا للحفاظ على الأمن القومي العربي .

لكن يجب أن نعي أيضًا أن المنطقة العربية لا زالت تمر منذ سنوات، وتحديدًا منذ ما يسمى بثورات الربيع العربي بمخاطر محاولات تفتيت منطقة الشرق الأوسط وفقًا لمبدأ كونداليزا رايس من خلال تفعيل استراتيجية سياسات الفوضى الخلاقة الأمريكية.

لذا يعد مفهوم الحفاظ على الأمن والاستقرار القومي العربي الإقليمي في طليعة اهتمامات ملوك وزعماء الدول العربية وهو من المفاهيم الشاملة المتكاملة المرتبطة مع بعضها البعض في ظل استمرارية حالة المخاطر الجماعية الإقليمية من إيران والدولية في ذات الوقت وهو الأمر الذي يتطلب من الجميع الحفاظ على وحدة الصف العربي وتضامنه.

لا جدال في أن خسائر المنطقة العربية منذ عام 2010م، تعاظمت بشكل ملحوظ على كافة المستويات المادية والبشرية ليس فقط بفعل الثورات في كل من تونس وسوريا وليبيا ومصر واليمن، وإنما نتاجًا لمخاطر التدخلات الإيرانية المستمرة في مقومات ومتطلبات أمن واستقرار الدول العربية، من جهة، ومن الجهة الأخرى بعد أن تصاعدت حدة الصراعات الدولية في المنطقة خاصة في سوريا.

قمة القدس كان عليها تبني قرارات سياسية عاجلة لمواجهة التحديات والمخاطر الإقليمية والدولية التي تضر بأمنها وتعبث بمتطلبات استقرارها الجماعي والأهم حتمية الحفاظ على المكتسبات وأرواح وممتلكات وحريات مواطنيها وضمان سلامتهم من الاختراقات الأمنية والفكرية التي تنفذها دولة إيران بمنهجية شيطانية.

الأمن والاستقرار الإقليمي العربي يمثلان قاعدة النمو والازدهار والتقدم الاجتماعي والاقتصادي والتقني للمجتمعات الإنسانية على مدى التاريخ، وذلك من مختلف النواحي النفسية، والاجتماعية، فشعور المواطنين فرادًا كانوا أم جماعة، من المستثمرين أم من المستهلكين ببيئة الاستقرار والأمن على أنفسهم وذويهم وممتلكاتهم تعزز من مشاعر الاستقرار النفسي والاجتماعي وتسهم في تعاظم الحركية الإيجابية المباشرة على نجاح عمليات التنمية العربية القومية وعمليات البناء والاستثمار في المجتمعات العربية.

مخاطر الهيمنة الإيرانية على المنطقة العربية من خلال دعم وتمويل وتسليح التنظيمات والجماعات الإرهابية من الإخوان المسلمين، وحزب الله في لبنان شمالاً، إلى الحوثيين في اليمن جنوبًا بهدف الإخلال بمقومات الأمن والاستقرار العربي وبإثارة العداء والفتن والإشاعات المغرضة قطعًا لعبت دورًا كبيرًا في التأثير على وحدة الصف العربي، والتوافق العربي ــ العربي ما يستوجب ضرورة مواجهتها بمختلف الوسائل والسياسات الأمنية والاستخباراتية بل والعسكرية إن تطلب الأمر كما هو الحال في اليمن.

وكانت مناورات درع الجزيرة التي حضرها ملوك ورؤساء الدول العربية من أقوى الرسائل السياسية والعسكرية والأمنية التي أكدت على حالة التضامن العربي وجدية المواجهة العربية لتلك التحديات خصوصًا تحديات التنظيمات والجماعات الإرهابية التي أفرزتها ومن ثم غرزتها إيران في المنطقة العربية.

نجاح قمة القدس في المملكة العربية السعودية دليل على وجود وعي سياسي عربي بمخاطر التهديدات الإقليمية الإيرانية من خلال أتباعها وعملائها وطوابيرها الخامسة، وإرادة سياسية عربية جماعية فاعلة لمواجهتها فالتحالف الإيراني ـ التركي /الروسي ومخاطره على الأمن القومي العربي لم تغب عن وعي ملوك وقادة وزعماء الدول العربية في ظل ما اتضح للعالم كله من حقائق المخططات والأجندة الإيرانية وحلفائها ضد الدول العربية خاصة المملكة العربية السعودية ومصر والإمارات العربية المتحدة ،الدول التي حملت على عاتقها حتمية مواجهة تلك المخططات حفاظًا على أمن واستقرار الدول العربية والشعوب العربية.

 

مجلة آراء حول الخليج