; logged out
الرئيسية / مستقبل خيار الطاقة والتنمية الاقتصادية في الدول العربية

العدد 131

مستقبل خيار الطاقة والتنمية الاقتصادية في الدول العربية

الأربعاء، 06 حزيران/يونيو 2018

لابد للدول العربية مجتمعة أن تأخذ بأسباب التقدم حتى يكون مستقبل العمل العربي المشترك ناصع، وتتحقق الاستفادة من معطيات العلم والتكنولوجيا، وحتى تتحقق الاستفادة تتعدد في الواقع الاستخدامات السلمية للطاقة، حيث تستخدم في إنتاج الطاقة الكهربائية، وفي مجال الطب والصيدلة الطب النووي، وتستخدم فيه مواد النظائر المشعة لتحديد المرض ومعالجته، وفي مجال الزراعة وإنتاج الغذاء، وفي مجال الصناعة تستخـدم المصادر والمواد المشعة على نطاق واسع في التطبيقات الصناعية على المستوى العالمي لإجراء العمليات الصناعية أو ضبط جودة المنتجات.

وفي الواقع يوجد بعدان أساسيان يحكمان السباق النووي في المنطقة، كما في باقي مناطق العالم، البعد الأول يتمثل في الاستخدام السلمي للطاقة النوية، كأحد بدائل الطاقة الجديدة، في مواجهة مصادر الطاقة الأحفورية، القابلة للنضوب، ومن ثم استخدامها للأغراض التنموية المتعددة، كمصدر لتوليد الكهرباء، سواء للأغراض الاستهلاكية، أو للأغراض الصناعية، أما البعد الثاني، وهو الأكثر جدلاً، فيتمثل في الاستخدام العسكري، سواء تم إنتاج أسلحة نووية، الأمر الذي صار محظورًا في الوقت الحالي، أو للتمكين من إنتاج أسلحة نووية.

ورغم أن الطاقة النووية تعتبر بديلاً مهمًا عن النفط والغاز، إلا أن هناك عدد من المحاذير حول ارتباط امتلاك دولة ما للتقنية الضرورية لإنتاج الطاقة النووية، بإمكان الإقدام على إنتاج السلاح النووي، الأمر الذي حدا بالمجتمع الدولي على إبرام العديد من المعاهدات في إطار سعيه إلى الحد من انتشار الأسلحة النووية، وإلى ممارسة ضغوط كبيرة ووضع العراقيل في وجه الدول الساعية لامتلاك التكنولوجيا النووية على الرغم من أن امتلاك هذه التكنولوجيا يعتبر من الناحية القانونية حقًّا مشروعًا.

وقد بدأت تنتشر في العالم العربي توجهات لتطوير برامج للطاقة النووية السلمية، سواء استجابة لتحدي ارتفاع أسعار النفط، واستغلال الظروف المواتية والموارد المتاحة، والتحوط لما يحدث من تطورات في مصادر الطاقة في العالم، أو تحت هاجس امتلاك قوة ردع عربية، في مواجهة القدرات النووية الإيرانية.

وفي ضوء هذه الاعتبارات يأتي طرح هذا الموضوع، لحوار علمي رصين، مسألة أساسية، وواجب على منابر الفكر، Think Tank والتفكير الخلاق، حول جدوى الطاقة النووية في المنطقة، ومحددات نجاحها.

توجهات الدول العربية نحو الطاقة المتجددة

تبدو الدول العربية في شمال إفريقيا هي الأكثر قابلية لإحداث النقلة النوعية في التحول نحو الطاقة المتجددة نظرًا لتوفر السطوع العالي والمستمر لأشعة الشمس، وتوفر المساحات الكافية لإنشاء المجمعات الكبيرة لإنتاج الطاقة الشمسية، إضافة إلى وجود السواحل الطويلة على البحر الأبيض والأطلسي التي تمثل مواقع استراتيجية لإقامة توربينات الرياح.

 كما تمتلك الدول العربية في شمال إفريقيا رصيدًا أفضل من الخبرات في مجال الطاقة المتجددة يمكن البناء عليها لتحقيق نقلة نوعية في مستقبل الطاقة في المنطقة، وعلى رأسها مصر خاصة في مجال الطاقة المتجددة وطاقة الرياح تحديدًا، كما تعتبر المغرب رائدة  في الخلايا الشمسية الضوئية، وطاقة الرياح، وتمثل تجربة سخانات المياه الشمسية في تونس إحدى التجارب الناجحة، في حين تتميز الجزائر بوجود احتياطي هائل للطاقة، وعلى وجه الخصوص الغاز الطبيعي، بالإضافة إلى وجود قدرات هائلة للاستفادة من الطاقة المتجددة، وبخاصة الشمس والرياح.

 ويبدو مشروع” يزيرتيك“ لإنتاج الطاقة الكهربائية من الطاقة الشمسية المركزة ما بين أوروبا والعالم العربي هو المشروع الأكثر طموحًا وقدرة على إحداث تغير استراتيجي في علاقات الطاقة الدولية والإقليمية في المنطقة.

حيث يتم إقامة شبكة مترابطة يتم تزويدها من خلال محطات شمسية تمتد من المغرب إلى السعودية، مرورًا بالجزائر وتونس وليبيا، وتقوم هذه المحطات بتوليد وإنتاج الطاقة الشمسية، مستهدفة استغلال الطاقة غير الأحفورية، لاسيما الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، لإنتاج الكهرباء وتلبية احتياجات السوق الأوروبية من الكهرباء.

محددات امتلاك الطاقة النووية في العالم العربي

رغم مشروعية وجاذبية تملك وسائل توليد الطاقة النووية للأغراض السلمية، إلا أن متطلبات تنفيذ هذا المشروع، وشروطه المسبقة، تثير عددًا من المحاذير الأساسية، تجعل من التوجه نحو الطاقة النووية في العالم العربي بمثابة خطوة محفوفة بالمخاطر، في ظل الرصيد المحدود من التجارب العلمية الوطنية والإقليمية، ومحدودية التطور التقني المحلي بما يتناسب مع هذه الطموحات.

فتوليد طاقة نووية وبناء مفاعلات لتوليد الطاقة، وإدارتها، وتوفير عناصر الأمان الصارمة، ليست مثل بناء مصنع للحديد والصلب، والذي يمكن أن يكون تسليم مفتاح، بل ويمكن أن يتم تشغيله بواسطة عمالة وخبرات أجنبية، أما في حالة المفاعلات النووية فالأمر يتطلب مقومات محلية، وبنية أساسية واجتماعية، وخبرات متراكمة، وتوفر كفاءات إدارية عالية، وكفاءات فنية تمتلك مهارات وتقنيات واسعة، وقيم عمل متراكمة.

وحتى في الدول التي تمتلك اليورانيوم مثل الأردن، فالأمر لا يزال رهنًا بإدارة دورة المفاعل، وفي الدول الأخرى فإن الحاجة إلى استيراد اليورانيوم، تضاف إلى العديد من المتطلبات الأخرى بدءًا من المرحلة الطويلة اللازمة لإنشاء المفاعل، ثم متطلبات التشغيل الفنية والإدارية، بل ويضاف إلى كل ذلك متطلبات إدارة المخلفات، والبحث عن مكان آمن، فضلاً عن تكاليف توفير مصادر لمياه التبريد. 

فاعلية التكاليف ضرورة لتقييم خيار الطاقة النووية

يتطلب التوجه نحو إنتاج الطاقة النووية قدرًا كبيرًا من الموارد الوطنية، ماليًا، وبشريًا، ومدخلات أخرى مادية، ومن ثم يستحوذ على قدر هام من الموارد الوطنية المحدودة، ذات الاستعمالات المتعددة، وهو ما يتطلب إجراء دراسات تحليلية من نوع خاص، تتمثل في فاعلية التكاليف Cost effectiveness، إضافة إلى دراسة الجدوى التقليدية تجاريًا، واقتصاديًا، واجتماعيًا، ثم إجراء تحليل الحساسية، بما يأخذ في الاعتبار وجود بدائل لتوليد طاقات متجددة من مصادر آمنة، تمتلك دول المنطقة سبل نجاحها، خاصة الطاقة الشمسية.

حيث يكشف أسلوب فاعلية التكاليف Cost effectiveness أسس المفاضلة والاختيار بين البدائل في ضوء الهدف المرجو تحقيقه والتي ستوجه إليها الموارد النادرة المتاحة، فالهدف المرجو في حالتنا هو توفير مصدر مستدام وآمن لتوليد الطاقة، ولدينا قدر معين من الموارد اللازمة لتحقيق هذا الهدف، الذي يمكن بلوغه بعدة طرق بديلة، وهي الطاقة النووية، أو الطاقة الشمسية، مثل هذا التحليل يعرف ويوضح لنا المنافع التي ستضيع عندما لا يتم اختيار البديل الأفضل.

وهكذا يتيح هذا المنهج الاقتصادي في تقييم المشروعات الكبيرة من هذا النوع، مقارنة التكاليف النسبية، والنتائج والآثار المترتبة لمختلف المشروعات التي يمكن أن تحقق الهدف، وهو يتميز عن أسلوب دراسات الجدوى القائمة على تحليل التكلفة والمنفعة cost–benefit analysis، الذي ينتهي بقياس المحصلة النقدية الصافية من تنفيذ المشروعات، من خلال مقابلة التكاليف أو التدفقات الحاجة، بالمنافع أو التكاليف الداخلة، وهو ما ينطبق على مشروعات توليد الطاقة، التي يصعب قياس محصلتها وأثرها النقدي، ويأخذ شكل نسبة، بسطها المكاسب في شكل الطاقة المتولدة عبر سنوات عمر المشروع، ومقامها التكاليف المباشرة وغير المباشرة.

محددات الخيار النووي

رغم البعد السياسي والاستراتيجي في قرارات إنتاج الطاقة النووية، إلا أن مثل هذه القرارات المكلفة اقتصاديًا، يجب أن توضع في سلم الأوليات أمام الحاجات الملحة على المستوى الوطني، والتي تتمثل في بناء قدرات إنتاجية قادرة على توليد قيمة مضافة، ورفع معدلات النمو الاقتصادي، وتحسين مستويات المعيشة، والقضاء على الفقر، وتحقيق النمو الذاتي.

ومع أهمية البعد الاستراتيجي، والهوية الوطنية في تنفيذ بعض المشروعات إلا أنها لا يمكن ان تتجاوز الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية، والبيئية، فالجدوى التجارية يمكن تجاوزها بمنافع اقتصادية، ومكاسب اجتماعية، لكن عدم توفر جدوى اقتصادية، واجتماعية يفقد المشروعات نفعها، ويعرضها للفشل، لأنها تتعلق بمقومات الاستمرارية، والبقاء، فضلاً عن التخلي عن بدائل يمكن أن تكون أكثر فاعلية في تحقيق الهدف.

كما تجدر الإشارة إلى أن عدم توفر تقنيات الطاقة النووية محليًا، ليس من السهل نقلها، وإذا تم نقلها بنجاح من خلال الشركات العالمية المتخصصة، فإن هذه التقنية ستبقى تحت سيطرة جهات أجنبية، فضلاً عن تعرضها للكثير من الأخطاء فيما يتعلق باعتبارات الأمان، في بيئة لا تتوفر فيها ثقافة الإتقان الإداري. ورغم أن سجل تاريخ الطاقة النووية لم يسجل إلا حالات نادرة من وقوع أخطار التسرب النووي، لكنها حدثت، وفي بيئة حاضنة، وقادرة على تحقيق اعتبارات الأمان المطلق، ناهيك عن أن حدوث الخطأ الوارد، يسبب كارثة إنسانية ليس فقط في موقع الحدث ولكن في محيطها أيضًا.

وهناك بعد آخر حاكم في مسألة الطاقة النووية، يتعلق بقضية النفايات النووية، وتمثل مسألة شائكة وصعبة، ولا تزال الدول الغربية المتطورة صناعيًا، تبحث عن أماكن لدفن هذه النفايات بطريقة نهائية وآمنة في ظل المعايير الصارمة لحماية البيئة والصحة العامة، التي تلتزم بها هذه الدول في بيئتها، فكيف سيتمكن العالم العربي من ضمان تحقيق المعايير البيئية والصحية، ومعاجلة هذا التحدي، الذي يضيف تكاليف أخرى غير مباشرة.

من ناحية أخرى فإن القول بأن النزوع إلى الطاقة النووية يمثل أحد الخيارات المستدامة في مواجهة التغيرات المناخية، الناجمة عن استخدام مصار الطاقة الإحفورية، يجب تناولها في ضوء عدد من الاعتبارات، حيث تساهم دول المنطقة بنسبة محدودة4% من مجمل الانبعاثات العالمية من الغازات الدفيئة، وهي نسبة يمكن التعامل معها من خلال التحول المطرد نحو الطاقة المتجددة، أو السعي لإقامة مشاريع طموحة للتشجير وتعزيز امتصاص الكربون من المنبعث في هذه الحالات.

 أما فيما يتعلق بأفضلية الطاقة النووية على الطاقة المتجددة في إنتاج الكهرباء على أساس تفوق الأولى على الثانية في درجة الانتظام والاستمرارية، فإن ذلك يمكن أن ينطبق على الوضع في الدول الغربية عمومًا، في نصف الكرة الشمالي، حيث لا تتوفر الشمس معظم أوقات العام، أما في العالم العربي، حيث يستمر سطوع الشمس لأكثر من 300 يوم في السنة، فمن الصعب القول أن الكهرباء الناجمة عن الطاقة الشمسية ستكون متقطعة، خاصة بعدما يتم تجاوز العقبات التكنولوجية التي لا تزل حتى الأن تؤخر الاستخدام الواسع للطاقة الشمسية كمصدر للكهرباء.

كما تجدر الإشارة إلى انحسار موجة المد الخاصة بإقامة المفاعلات النووية، خاصة في الغرب، حيث لم يتم في الوقت الحالي إنشاء أي مفاعل جديد في الولايات المتحدة، ولا يوجد إلا مفاعلان قيد الإنشاء في أوروبا الغربية، على الرغم مما تقدمه هذه الدول من حوافز لجذب المستثمرين للاستثمار، ولا يوجد تقدم في هذا المجال سوى في الصين وبعض دول آسيا وبعض البلدان العربية.

ويمثل تعدد التكلفة الحقيقية لبناء المفاعلات النووية من الأجيال الجديدة، سواء بصورة مباشرة، أو غير مباشرة، بعدًا آخر في أبعاد الولوج إلى هذا المجال، إذ أن التجربة تثبت أن التكلفة تتزايد بشكل هائل، وهو ما يضيف المزيد من الأعباء على الموارد المالية المتاحة، في حال اضطرت الحكومات إلى تغطية هذه الفجوة من المال العام.

يبقى أن نشير إلى واحد من أهم المحددات والعقبات التي تقف أمام الاندفاع في موجة الطاقة النووية في المنطقة، ويجب التعامل معها بحذر وعناية، وهي ندرة المياه، حيث تقع كافة الدول العربية تحت خط الفقر المائي، الأمر الذي يجعل من تخصيصها لأغراض الاستهلاك المنزلي معضلة تنموية واقتصادية وبيئية بحد ذاتها، ويجعل من الصعب تأمين المياه اللازمة للمفاعلات النووية، وهي مهمة غاية في الصعوبة بالنسبة للدول غير الخليجية، التي تتوفر لديها بدائل تحلية المياه، أو استخدام المياه المالحة بتقنيات حديثة، وهي مكلفة في كل الأحوال.

خيار الطاقة المتجددة

حاجة الدول العربية إلى التنمية الاقتصادية والطاقة التي تتطلبها مثل هذه التنمية

هناك الكثير من المؤشرات التي يمكن البناء عليها في التحول المطلوب نحو الطاقة المستدامة في العالم العربي، لعل في صدارتها ضرورة توافر معايير الجدارة المهنية، فضلاً عنحل معضلة أمن الطاقة بطريقة مستدامة، تستجيب لتحديات التنمية ولشح الموارد معًا دون الدخول في مغامرات غير محسوبة.

وفي مناقشات الطاقة النووية، فإن لدى العالم العربي خيارات أفضل من الطاقة النووية، لتوفير الطاقة المطلوبة بشكل فعلي وتلبية أهدافه الاقتصادية المتعلقة برفاهية الإنسان، فبالإضافة إلى ضرورة الموازنة بين احتياجات الطاقة والمخاطر الأمنية، هناك اعتبارات التكلفة ومخاطر الحوادث والتخلص من النفايات وانتشار الأسلحة.

تتباين احتياجات الدول للكهرباء، التي تعد أهم مخرجات مشروعات توليد الطاقة بحسب مستوى المعيشة الذي بلغته تلك الدول، ووفقًا لمعيار متوسط دخل الفرد، الذي يطبقه البنك الدولي يتم تقسيم دول العالم إلى أربع شرائح رئيسة، دول ذات دخل مرتفع ($12,476  أو أكثر سنويا)، ودول ذات دخل متوسط شريحة عليا ($4,036–$12,475)، ودول ذات دخل متوسط شريحة دنيا $1,026–$4,035) سنويا) ودول ذات دخل منخفض($1,025 أو أقل سنويًا).

ففي الدول ذات الدخل المنخفض، حيث تعيش نسبة كبيرة من السكان في المناطق الريفية، تظهر الحاجة الرئيسية إلى الكهرباء لتلبية الاحتياجات الأساسية من الإضاءة والخدمات الصحية والتعليم الخ. أما في الدول النامية ذات الدخل المتوسط، تحصل شرائح معينة من السكان على قدر محدود من الخدمات الحديثة للكهرباء بينما تظهر شرائح أخرى أنماط استهلاك تشبه كثيرًا تلك الموجودة في الدول الصناعية.

كما أظهرت دراسات عدة أن مستوى المعيشة، يميل إلى التحسنبسرعة مع تقدم المجتمعات في استهلاك الطاقة من المستويات المنخفضة إلى المستويات المتوسطة، لكن هذه الرفاهية لا تتحسن كثيرًا مع زيادة استهلاك الطاقة.

 وهكذا يبدو، بالنسبة للدول ذات الدخل المنخفض، أنه من الصعوبة بمكان أن تكون الطاقة النووية هي الخيار المناسب، فاحتياجات هذه الدول للطاقة، على المدى القصير، ليست كبيرة بما يكفي لتبرير استخدام الطاقة النووية، وعلى المدى المتوسط، تستطيع هذه الدول تحقيق تحسينات مهمة وضرورية في رفاهية شعوبها من دون زيادات كبيرة في إمدادات الكهرباء ومن ثم يمكن القول أن خيار الطاقة النووية يعتبر مكلفًا.

لكن الدول ذات الدخل المتوسط، التي تشهد توسعًا عمرانيًا في المدن وتزايدًا في القطاعات الصناعية وقواعد البنية التحتية، قد تكون في الواقع مؤهلة لامتلاك الطاقة النووية، ولكن حتى الدول ذات الدخل المتوسط فإنه يجب عليها أن تضع في اعتبارها حقيقة أن الطاقة النووية لا تتطلب فقط رأس مال كبير ولكنها أيضًا تتطلب قدرات تقنية وصناعية ومؤسسية متطورة لتشغيل المحطات بطرق آمنة وموثوقة.

 ويمكن القول أن عددًا قليلا من الدول النامية يستطيع تحمل تكاليف الحفاظ على البنية التحتية اللازمة لضمان سلامة وتأمين المفاعلات النووية، حيث أصبحت معايير السلامة الخاصة بالطاقة النووية أكثر صرامة في العالم الصناعي على مر السنين، كما قامت الدول الغنية باستثمارات كبيرة في منشآت أكثر أمانًا، أما بالنسبة لمعظم الدول النامية، فإن بناء أجيال جديدة من المفاعلات سوف يكون باهظ التكلفة، ويتعين عليها تقييم التبعات الاجتماعية والبيئية الكاملة المترتبة على إنشاء نظم طاقة آمنة وموثوقة، هذه التكاليف تشمل إنشاء المؤسسات العامة اللازمة للتخطيط والتشريع والإشراف على التقنيات والموارد على المدى الكلي لدورات عمرها، وهو ما قد يؤدي إلى زيادة الاعتماد التقني والاقتصادي لهذه الدول على الدول المتقدمة.

وعندما تخطط الدول النامية ذات الدخل المنخفض والمتوسط لمستقبل الطاقة لديها، تكون لديها فرصة للقفز على التكنولوجيات القديمة إلى أنواع مختلفة من أنظمة الطاقة بما يسمح لها بتعزيز قدراتها التكنولوجية والصناعية دون مخاوف الانتشار النووي.

الخلاصة: هناك بدائل للقدرة النووية مثيرة للاهتمام في مختلف أنحاء العالم حيث أصبحت الخيارات الجديدة متاحة على نحو متزايد في تكنولوجيا الطاقة، فإن الفرص لدمج مصادر الطاقة المتجددة في شبكات الطاقة الحالية والمستقبلية باتت أكثر جدوى من أي وقت مضى بسبب التقدم في تكنولوجيا المواد وفي وسائل التخزين والنقل والتوزيع وفي أنظمة الاستخدام النهائي للطاقة.

مجلة آراء حول الخليج