array(1) { [0]=> object(stdClass)#12958 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 131

التعاون العسكري العربي: الإمكانيات والقدرات .. والحصول على أسلحة الردع لتحقيق التوازن

الخميس، 07 حزيران/يونيو 2018

تتنوع الأنشطة العسكرية التي يمكن أن تتعاون مجموعة الدول العربية على القيام بها: بين الدفاع الجماعي، والأمن الجماعي، وعمليات حفظ السلام. ففي حالة العدوان على دولة عربية أو أكثر من قِبَل أعداء خارجيين، يكون الدفاع الجماعي مطلوبًا لرد العدوان وهزيمته، أما إذا كان العدوان القائم (أو المحتمل) محصورًا بين طرفين عربيين فيتمثل دور الأمن الجماعي في العمل على دحر (أو منع) العدوان. وأما عمليات حفظ السلام، فهي عمليات محايدة بين متحاربَيْنِ هدفها الحد من العنف وتحقيق تسويةٍ سلمية للنزاع.

الأمن الجماعي هو أحد الترتيبات العسكرية التي تفرض على أعضاء المجتمع العربي المشاركة في مواجهة الاستخدام غير المشروع للقوة أو التهديد باستخدامها من عضو في هذا المجتمع ضد عضو آخر. ويمكن القول بأنه أول عمل عسكري خطر كبديل عن تشكيل تكتلات وتحالفات متعارضة، تختلف في شأن تحديد المعتدي والضحية، والمبادئ والأعراف التي ينبغي الدفاع عنها. وهي تتحرك في سبيل هدف أسمى هو إزالة المظالم وتحقيق العدالة وضمان السلام والسيادة في نطاق الإقليم، بما يهيئ الأجواء المواتية للتنمية والتطوير ويتيح فرص الانطلاق نحو الرفاهية والحداثة.

وبداية لابد من الإجابة عن تساؤلات حول موازين القوى التي تمتلكها الدول العربية في مقابل القوى التي قد تمثل تهديدًا لها من خارج الإقليم.

القدرات العسكرية في المنطقة

نًشِر مؤخرًا تقرير يرصد أقوى عشر قوات مسلحة في الشرق الأوسط[1]، الذي يشهد عددًا من الحروب الأهلية في العراق وليبيا وسوريا واليمن، فضلاً عن عدم الاستقرار الأمني في شبه جزيرة سيناء في مصر، بالإضافة إلى اندلاع موجات الغضب العرضية في إيران وأماكن أخرى.

ويعتمد معيار التقييم لمؤشر قوة النيران العالمية (GFP) في تصنيف فاعلية القوات القتالية على أكثر من 50 عاملاً، مثل مدى ونوعية وكمية الأسلحة وعدد الأفراد العاملين وتدريبهم وعدد من يمكن استدعاؤهم في حالات الطوارئ، وإمكانيات صناعات الدفاع المحلية، فضلاً عن التمويل.

وفيما يتعلق بالدول العشر الأولى الأقوى في الشرق الأوسط، فقد جاء ترتيبها عالميًا من بين 136 دولة على النحو الآتي: (9) تركيا، (12) مصر، (13) إيران، (16) إسرائيل، (23) الجزائر، (26) المملكة العربية السعودية، (27) العراق، (49) سوريا، (55) المغرب، (63) الإمارات العربية المتحدة.

وتبين الجداول التالية أعداد وأنواع الطائرات، والمدرعات والمدفعية وقاذفات الصواريخ والقطع البحرية والمطارات والموانئ، كما توضح الأشكال البيانية أعداد العاملين في القوات المسلحة وميزانيات الدفاع في الدول العشر الأولى في ترتيب مؤشر قوة النيران العالمية.

1-تركيا: تعتبر أقوى قوة عسكرية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. تشارك تركيا في الحرب الدائرة في سوريا المجاورة، وبلغت ذروتها في حملة عفرين، التي بدأت في يناير/ كانون الثاني 2018. ولها علاقات عسكرية خارجية هامة مع قطر والصومال، وقوات متمركزة في كلا البلدين.

2-مصر: تعتبر صاحبة ثاني أقوى قوات مسلحة في المنطقة. يوجد حاليًا برنامج لإعادة هيكلة المعدات العسكرية، فقد تم شراء طائرات مقاتلة جديدة وطائرات هليكوبتر هجومية وصواريخ أرض جو وحاملتَيْ طائرات. تكافح البلاد للتعامل مع التحدي الذي تمثله الجماعات المسلحة المتمردة في شمال شبه جزيرة سيناء، على مدى السنوات القليلة الماضية.

3-إيران: تجدر الإشارة إلى أن إيران لديها عدد أكبر من القوات العاملة، أكثر من أي دولة أخرى في المنطقة. وبسبب سنوات من العقوبات الدولية، لم تتمكن من الحصول على الكثير من منظومات الأسلحة من الخارج، مما أجبرها على تطوير صناعة دفاع كبيرة محلية الصنع ومنها الصواريخ الباليستية والأنشطة النووية. كما ينظر إلى قواتها المسلحة على أنها قوية بشكل خاص في الحرب غير المتماثلة. وقد لعبت القوات الإيرانية، ولا سيما وحدة القدس الخاصة التابعة للحرس الثوري الإيراني، دورًا رئيسًا في القتال في كل من سوريا والعراق، كما قدمت طهران الدعم للمتمردين الحوثيين في اليمن.

4 إسرائيل: وهي تشعر دائمًا بالحاجة إلى ضمان أن قواتها المسلحة تتفوق بوضوح على كل من قد تواجهه في المعركة. وهي تتلقى باستمرار دعمًا هائلا من الولايات المتحدة. تمتلك إسرائيل أقمارًا للتجسس، وقنابل نووية تكتيكية، وتقيم شراكات بحثية وتصنيعية مع جهات خارجية في مجالات متقدمة، كما أن ما تمتلكه من طائرات وصواريخ تتميز في المدى والقدرة التدميرية عمومًا.

5-الجزائر: تُعَدُّ من أفضل القوات تجهيزًا في شمال إفريقيا -معظمها مصدرها روسيا وبدرجة أقل من الصين-وقد اضطرت إلى محاربة المتطرفين الإسلاميين المحليين لسنوات عديدة، وتواجه مشكلات في المناطق الحدودية، بما في ذلك ليبيا ومالي، وتلعب دورًا في دعم حركة استقلال الصحراء الغربية "البوليساريو".

6 -المملكة العربية السعودية: تفوق ميزانيتها العسكرية أي منافسين آخرين في المنطقة فهي الأكثر إنفاقًا على التسليح إذ تجاوزت ميزانيتها للدفاع في العام الماضي مجموع ميزانيات خمس دول مجتمعة (العراق وإسرائيل وإيران والجزائر وعمان). ويعني ذلك أن لدى المملكة أفضل القوات المسلحة المجهزة في المنطقة، باستثناء إسرائيل. كما أن الحرب الأهلية اليمنية على مدى السنوات الثلاث الماضية أعطت قواتها خبرة طويلة في خط المواجهة.

الدولة

إجمالي الطائرات

مقاتلات / طائرات اعتراضية

طائرات هجومية

ناقلات

طائرات تدريب

مروحيات

مروحيات هجومية

مطارات مجهزة

تركيا

1056

207

207

445

287

475

54

98

مصر

1132

309

409

183

384

269

10

83

إيران

505

150

158

192

101

145

12

319

إسرائيل

596

252

252

95

152

147

48

47

الجزائر

528

97

107

326

70

280

46

157

السعودية

844

203

284

211

244

254

22

214

العراق

289

23

56

120

42

162

32

102

سوريا

460

201

134

106

69

167

28

90

المغرب

284

56

56

116

80

130

0

55

الإمارات

540

97

103

175

166

206

30

43

 

الدولة

مدرعات

عربات قتال مدرعة

مدفعية ذاتية الحركة

مدفعية مجرورة

قاذفات الصواريخ

تركيا

2446

9031

1108

872

418

مصر

4946

15695

1139

2189

1216

إيران

1650

2215

440

2188

1533

إسرائيل

2760

10575

650

300

148

الجزائر

2405

6754

220

270

176

السعودية

1142

5472

524

432

322

العراق

389

13028

44

120

30

سوريا

4640

4510

436

2150

650

المغرب

1276

2348

448

192

72

الإمارات

464

2204

177

105

54

 

الدولة

حاملات طائرات

غواصات

فرقاطات

مدمرات

طرادات

زوارق   دورية

ألغام

ناقلات بحرية تجارية

موانئ رئيسية

تركيا

0

12

16

0

10

34

11

1285

9

مصر

2

6

9

0

4

53

23

399

7

إيران

0

33

5

0

3

230

10

739

3

إسرائيل

0

6

0

0

3

32

0

42

4

الجزائر

0

8

8

0

13

43

1

110

9

السعودية

0

0

7

0

4

11

3

357

4

العراق

0

0

0

0

0

23

0

77

3

سوريا

0

0

2

0

0

14

7

21

3

المغرب

0

0

6

0

1

22

0

82

5

الإمارات

0

0

0

0

2

12

2

618

6

 

 

7-العراق: ميزانية العراق هي ثاني أعلى ميزانية معروفة في المنطقة، على الرغم من أنها لا تزال أقل بكثير من مستويات الإنفاق في المملكة العربية السعودية. في السنوات الأخيرة حققت القوات المسلحة انتصارات كبيرة ضد مقاتلي الدولة الإسلامية، واستولت على مدينة الموصل، في أكتوبر/تشرين الأول 2017، ودفعتهم إلى الخروج من مناطق أخرى من البلاد. وكان لدعم الولايات المتحدة وغيرها من القوى الغربية، والمشورة العسكرية من لواء القدس الإيراني دور في إنجاز تلك النجاحات.

8-سوريا: تركت أكثر من 6 سنوات من القتال أضرارًا جسيمة على الآلة العسكرية السورية. ويضم الجيش حاليًا نحو 105 آلاف فرد عامل في الخدمة، ومع ذلك هناك عجز في عدد الأفراد، وجهود متزايدة للتجنيد. وقد لعبت الميليشيات المتحالفة مع القوات التقليدية دورًا هامًا في منع إطاحة نظام بشار الأسد.

9-المغرب: يحتل المغرب مركزًا متقدمًا بين القوات المسلحة في المنطقة من حيث العدد، ومع ذلك، فإن ميزانيته متدنية. اكتسبت القوات المسلحة المغربية خبرة جيدة مع غيبة الاستقرار السياسي في منطقة الصحراء المتنازع عليها في الجنوب، فضلاً عن خبرة محدودة أكثر مع انضمامها للتحالف الذي تقوده السعودية في اليمن.

10-الإمارات العربية المتحدة: تقدمت دولة الإمارات عسكريًا، إذ اكتسبت قواتها خبرة قيمة في الخطوط الأمامية في أفغانستان وليبيا واليمن في السنوات الأخيرة، وأثارت القوات الخاصة الإماراتية إعجاب العديد من المراقبين في هجومهم البرمائي للسيطرة على مدينة عدن الساحلية اليمنية، في يوليو/تموز 2015. ومع ذلك، فإن عدد القوات المسلحة لا يزال صغيرًا نسبيًا.

حماية الأمن العربي الجماعي

قال أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، خلال كلمته فيأعمالالقمةالعربية بالظهرانبالمملكةالعربية السعودية، "إن الأزمات،سواءفيسوريا أو اليمن أو ليبيا، فضلاً عن قضيتنا الرئيسية فلسطين تخصم من رصيد أمننا القومي الجماعي. وإن استمرارها دونحلدائمأوتسوية نهائية يُضعفنا جمعًا ويُعرقل جهودًا مخلصةتُبذلفيسبيل النهضة والاستقرار والأمن. إن مفهومالأمنالقوميالعربي،والذي ينبع من مشاهداتالسنواتالصعبةالماضية، ينطلق من أن التهديدات الكبرى التي تواجهناتتساوىفي أھميتها وجديتها، وتكاد تتطابق في درجة خطورتها. إن العامل المشترك في كافة هذهالأزمات هوغياب التوافق على مفهومموحدللأمنالقوميالعربيعلىمدارالسنواتالماضية. مؤكدا أن تآكل الحضور العربي الجماعي في معالجة الأزمات هوما يُغري الآخرين بالتدخل في شؤوننا والعبث بمُقدراتنا، وإن التحديات الحالية تفرض علينا جميعاً التفكير في إجراء حوار جاد ومعمق حول الأولويات الكبرى للأمن القومي العربي، وبحيث يجري تدشين توافق أكبر حولهاوتناغمأوسعفيشأنكيفية ضبط إيقاع تحركنا الجماعي المشترك إزاء كافة التهديدات. مؤكدًا أن هذاالتوافقوذلكالتناغم هوماسيعيد للعرب تأثيرهم فى مُجريات هذهالأزماتالتيصارتساحةمفتوحةلتجاذباتدولية، ومنافسات إقليمية، وتدخلات خارجية. لا يتوخى أي منهاسوىمصالحه الذاتية."

القوى العالمية والأمن العربي

ومن المفيد هنا أن نتأمل كيف تنظر القوى العالمية إلى المنطقة من منظور مدى ارتباط مصالحها بشيوع أمن حقيقي في المنطقة، أو عكس ذلك بأن يكون انتشار القلاقل وتعزيز الخلافات والانقسامات والتوتر هو ما يصب في مصلحة تلك القوى.

الصين: ليس لديها ما يحفزها لإبراز قوتها في المنطقة، وإن كان يتوجب عليها حماية اقتصادها، ولكن آسيا الوسطى والمحيط الهندي والمحيط الهادئ لهم أهمية استراتيجية أكبر بكثير. أن المصالح الاقتصادية هي الدافع الأساسي لبكين فضلا عن محاولة إعادة التوازن إلى سياساتها الداخلية والخارجية والأمنية لكي لا تميل كثيرًا لصالح شرق الصين وشرق آسيا. ويظهر تزايد الاهتمام والمشاركة في الشرق الأوسط اعتمادًا متناميًا على موارد الطاقة من المنطقة والجهود الصينية الرامية إلى “التقدّم غربًا” إلى آسيا الوسطى وما بعدها وذلك ضمن إطار جهود كبيرة وطموحة للغاية لبناء حزام طريق الحرير البرّي وطريق الحرير البحري الذي يربط الصين بالشرق الأوسط وما بعده. وفي حين يشكّل التصدي للولايات المتحدة أحد العوامل المحرّكة إلا أنه ليس العامل المحرّك الأساسي لاستراتيجية الصين في الشرق الأوسط.

إن مصالح الصين على الصعيد الجغرافي السياسي والاقتصادي والطاقة والأمن في الشرق الأوسط تتوسّع باستمرار، وتتطلّع بلدان الشرق الأوسط على نحو متزايد إلى بكين في مجال التجارة والاستثمارات والاستشارات الدبلوماسية وحتى التعاون الأمني.

ويعتبر المحللون الصينيون أن الشرق الأوسط هو مفترق طرق عالمي رئيسي – ومنطقة تتمتّع بأهمية جغرافية استراتيجية كبرى ويشير احتياطي النفط الضخم والاستثمارات الصينية الكبيرة في المنطقة إلى أن أهمية الشرق الأوسط ستزداد على الأرجح بالنسبة لبكين في السنوات القادمة. وستحافظ المنطقة على الأرجح على أهميتها باعتبارها سوقًا للسلع الصينية وموقعًا لمشاريع البنى التحتية الكبرى وربما مصدرًا للاستثمار الرأسمالي في الصين. وبالإضافة إلى ذلك يعتقد بعض المحللين الصينيين على الأقل أن دول الشرق الأوسط ستصبح على الأرجح “من أهم المؤيدين السياسيين للصين على الساحة العالمية. ومنذ أوائل خمسينيات القرن الماضي أصرّت بكين على أن علاقاتها بالدول النامية تحكمها مبادئ التعايش السلمي الخمسة – وهي الاحترام المتبادل لسلامة الأراضي والسيادة وعدم الاعتداء وعدم التدخل في الشؤون الداخلية والمساواة والمنفعة المتبادلة والتعايش السلمي.

روسيا: برغم فجوة الإنفاق الكبيرة بين روسيا وأمريكا، تبقى روسيا ثاني أكبر قوة عسكرية في العالم. كما أنها تقوم بتحديث العناصر الأساسية لقواتها. يتضح هذا من خلال استخدامها لصواريخ كروز، وقنابل موجهة بدقة خلال تدخلها في سوريا، ونشرها لنظام S400 للدفاع الجوي والصاروخي، ونشر مروحيات هجومية وقاذفات صواريخ متعددة عالية الدقة. بدأت روسيا في بناء قدراتها البحرية والجوية في سوريا، بينما أظهرت في الوقت نفسه أن مجموعة من أصولها الجوية والبرية يمكن أن تعكس بعض المكاسب العربية للمتمردين ضد القوات الموالية للأسد، بالإضافة إلى مهاجمة داعش.

لكن ستستفيد روسيا أكثر من غيرها من استخدام قوتها العسكرية ونفوذها بشكل انتقائي بطرق تبرهن على عودة ظهورها كقوة فاعلة رئيسية، مما يمنحها نفوذًا في مناطق أخرى ذات أهمية استراتيجية أكبر.

الولايات المتحدة: يبدو أن الولايات المتحدة قد تعلمت بالطريقة الصعبة أن القوة العسكرية لا تستطيع إعادة تشكيل دول مثل العراق وأفغانستان، وأن مفتاح النجاح هو الشراكات الاستراتيجية. من المهم ملاحظة أن الخطط الاستراتيجية وميزانيات الدفاع الأمريكية توضح أن الولايات المتحدة لا تعتزم ترك الشرق الأوسط أو الخليج. وفي الواقع، فقد قامت الآن بتعزيز وجودها الجوي في ست دول في الشرق الأوسط، ونشرت سفن دفاع مضادة للصواريخ جديدة، وزادت قوتها البحرية في الخليج. كما أنها تقدم إمكانات جديدة للهجوم الجوي مثل F-35. لقد أوضحت بشكل منتظم أنها تقيم في المنطقة، وهي ملتزمة بحلفائها.

ينص التوجيه الاستراتيجي الأمريكي الذي تم تلخيصه في تبرير وزارة الدفاع لطلب الميزانية للسنة المالية 2017 م، على أن الولايات المتحدة "ستواصل مساهماتها في إعادة التوازن في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، في حين تبقى ملتزمة بأمن الحلفاء والرسميين في الشرق الأوسط. وستواصل الإدارة العمل مع الحلفاء والشركاء في أوروبا لتعزيز الأمن الإقليمي، والتكامل الأوروبي -الأطلس، وتعزيز القدرة العسكرية في جميع أنحاء العالم. ستضمن وزارة الدفاع أن تكون القوة المشتركة مؤهلة ومدرّبة ومجهزة بشكل صحيح في حال حدوث أزمة."

في الوقت نفسه، من الأهمية بمكان معرفة مدى تركيز الولايات المتحدة على الشراكة الاستراتيجية، متمثلة في بناء القوات المحلية، وخلق شكل أوسع من "المشاركة" التي من شأنها رفع مستوى الردع الإقليمي والتعامل مع تهديدات التطرف والإرهاب.

يبدو من المرجح جداً أن المنافسة الأمريكية -الروسية على المكانة والتأثير سوف تحدث في الشرق الأوسط -ولو بدرجة أقل مما هي عليه في أوروبا -وأن حلفاء الناتو من تركيا إلى دول البلطيق سيواجهون مزيداً من الحزم.

أوروبا: أنّ العوامل الرئيسية في العلاقة بين أوروبا والشرق الأوسط هي الطاقة والأمن. وإنّ المساعي لتطوير العلاقات لتشمل المصالح السياسية قد باءت بالفشل وتنتظر دول المنطقة دوراً أكثر فاعلية للاتحاد الأوروبي.[2] ويرى بيرتيس مدير المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية في برلين، أنّ سبب تركيز الاتحاد الأوروبي على الاقتصاد وليس السياسة يعود إلى تاريخ البلدان الأوروبية المختلفة في منطقة الشرق الأوسط. مشيرًا الى إنّ دول الاتحاد الأوروبي من منطلق تجربتها التاريخية السابقة في منطقة الشرق الأوسط تؤيد مبدأ التغيير الداخلي عوضًا عن التغيير الخارجي القسري. وتؤيد الدول الأوروبية إنشاء نظام يتطور داخليًا.

مشروع القوات العربية المشتركة

تعطي الأحداث التي تعاقبت على المنطقة العربية في السنوات الأخيرة دليلا على أن هناك مخططات يجري تنفيذها لتحقيق أهداف بعيدة، ويجري باستمرار تطوير هذه الأساليب للوصول إلى تلك الأهداف: دول عربية قُسِّمت وأخرى في طريقها للتقسيم، عناصر إرهابية تلقى التمويل والتدريب والدعم بكل أنواعه. وفي هذا المقام تجدر الإشارة إلى الحلم الصهيوني الذي لم يغب أبدا عن صانع القرار، وفي ذلك حافز قوي وكافٍ لتشكيل القوات العربية المشتركة وتدعيمها بكافة الإمكانيات لتكون رادعا حاسماً أمام المؤامرات والتدخلات الخارجية من منطلق التكليف الإلهي بأن يُعِدَّ العرب ما استطاعوا من قوة يُرهِبون به العدو.

من شأن تأسيس قوة عربية مشتركة أن يعزز قدرة جامعة الدول العربية على العمل باستقلالية عن الدول، وتأثّرها بالأعراف والمبادئ الدولية تمامًا كما تتأثر بعوامل القوة وتوزيعها، الأمر الذي يستتبع بالضرورة تغيرًا كبيرًا في السياسة الدولية من جهات عدة؛ فأولاً سيكون على صناع السياسة الخارجية التعامل مع المنظمة بالجدية ذاتها التي يتعاملون بها مع الدول في النظام الدولي، أي على أنّها عدو وصديق، لا على أنها أداة لتنفيذ السياسة الخارجية.

سيكون إنجاز هذه القوة نموذجًا ناجحًا لعمل عربي مشترك يمكن أن يتبعه تحالفات أخرى تفيد من اتساع رقعة العالم العربي وتنوع إمكاناته وتكامل قدراته. المطلوب إرادة مشتركة واعية تمتلك رؤية مستقبلية واضحة، تعرف الأعداء جيدًا، وتخطط لدعم سياسة طموحة تتحقق بها أمن وسلامة المنطقة.

التحديات والمعوقات

من التساؤلات التي ينبغي التوقف عندها: كيف ستؤثر التغييرات في نظام الأمن العالمي على الشرق الأوسط، وكيف تؤثر التغييرات التي تحدث في موضوع الإرهاب على الأمن والتوازن العسكري الإقليمي، وما هي طبيعة التغيرات التي تحدث في هياكل التنظيمات الإرهابية وتصرفاتها، وكيف يؤثر الإرهاب والأنماط الجديدة للصراع في خلق مشاكل أمنية مثل تدفق اللاجئين.وتواجه مختلف الدول العربية مشكلات تتعلق بالأمن يتصدرها الإرهاب الأسود الذي تمثله داعش، والحرب الأهلية، والصراعات الطائفية، والتسلل وتهريب السلاح عبر الحدود، وتتبدى صورها في استهداف المدنيين العزل، وزرع المتفجرات، وإطلاق صواريخ الحوثيين على الأراضي السعودية، وعمليات القرصنة. في المنطقة.

هناك حقائق محلية وإقليمية ودولية يجب وضعها في الاعتبار:

فمن منظور محلي هناك تباين في الكثافة السكانية: مناطق ذات كثافة سكانية فقيرة يترتب عليها ضعف القدرة على التجنيد والاعتماد على عمالة غالبيتها من المهاجرين العرب والآسيويين، بعكس مناطق أخرى مكتظة بالسكان. كما أن توزيع القدرات الاقتصادية يكشف عن قوة الاقتصاد في بعض دول وضعفه في دول أخرى.

وعلى المستوى الإقليمي تبرز إسرائيل كقوة عسكرية، لها أهدافها وطموحاتها الخاصة في المنطقة، وتبقى القضية الفلسطينية المصدر الرئيسي للخطورة في الشرق الأوسط، ولن يتوقف النشاط التوسعي والاستيطاني ما دامت الأطماع التوسعية المعروفة عن المشروع الصهيوني القائم على قيام دولة "إسرائيل" الكبرى من "الفرات الى النيل" وشبه الجزيرة العربية لم يتم استيفاؤها. يضاف إليها أهداف وطموحات إيران وتركيا ومحاولات الإيرانيين لتوسيع أيديولوجيتهم ونفوذهم الإسلامي في المنطقة.

وعلى المستوى الدولي يتنافس الشرق والغرب على تحقيق مصالحه الخاصة على حساب الأصول العربية التي يجري تدميرها، والمواطنين العرب الذين ينالهم الفناء أو العجز أو التشرد، وهناك خطط الشرق الأوسط الجديد وعمليات الغزو والتحكم في إمدادات السلاح، بل والاعتداءات المباشرة بالطائرات والصواريخ واحتلال مناطق عربية، وتقسيم الدول وتفتيتها.

ولمزيد من الإيضاح نطرح مشروع تقسيم الدول العربية الذي تتبناه الولايات المتحدة، ودور إيران في تشكيل مستقبل الصراع.

مشروع تفكيك الدول العربية

  • في عام 1980م والحرب العراقية الإيرانية مستعرة صرح مستشار الأمن القومي الأمريكي "بريجنسكي" بقوله: "إن المعضلة التي ستعاني منها الولايات المتحدة من الآن (1980م) هي كيف يمكن تنشيط حرب خليجية ثانية تقوم على هامش الخليجية الأولى التي حدثت بين العراق وإيران تستطيع أمريكا من خلالها تصحيح حدود "سايكس-بيكو".
  • عقب إطلاق هذا التصريح وبتكليف من وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون" بدأ المؤرخ الصهيوني المتأمرك "برنارد لويس" بوضع مشروعه الشهير الخاص بتفكيك الوحدة الدستورية لمجموعة الدول العربية والإسلامية جميعًا ومنها العراق وسوريا ولبنان ومصر والسودان وإيران وتركيا وأفغانستان وباكستان والسعودية ودول الخليج ودول الشمال الإفريقي.. إلخ، وتفتيت كل منها إلى مجموعة من الكانتونات والدويلات العرقية والدينية والمذهبية والطائفية، وقد أرفق بمشروعه المفصل مجموعة من الخرائط المرسومة تحت إشرافه تشمل جميع الدول العربية والإسلامية المرشحة للتفتيت بوحي من مضمون تصريح "بريجنسكي" مستشار الأمن القومي في عهد الرئيس جيمي كارتر.
  • في عام 1983م وافق الكونجرس الأمريكي بالإجماع في جلسة سرية على مشروع الدكتور "برنارد لويس"، وبذلك تمَّ تقنين هذا المشروع واعتماده وإدراجه في ملفات السياسة الأمريكية الاستراتيجية لسنوات مقبلة.

إيران وخيارات الصراع[3]

ربما تكون إيران قد أوقفت جهودها النووية، لكنها تواصل تطوير صواريخها وتسعى إلى الحصول على رؤوس حربية تقليدية أكثر دقة وثباتًا. كما أنها تبني صواريخ جو/ بحر لتهديد حركة الملاحة البحرية عبر الخليج. وتعمد إيران إلى التأثير في البنية الأمنية للمنطقة، فتوظف قوات القدس وأجهزة الاستخبارات لتدريب ومساعدة قوات الدول الصديقة، والتنظيمات غير الحكومية، التي يمكن استخدامها لتوسيع نفوذها أو تهديدها في الخليج. ويشكل تركيبة الصواريخ والقوات التقليدية أخطر تهديد في تعاملها مع الحروب النظامية في المنطقة. ولكن مدى الخطر يعتمد على توصل إيران مستقبلا إلى أسلحة متطورة، وهي تركز على: الصواريخ الباليستية الذكية وصواريخ كروز الذكية، صواريخ أرض-جو المتقدمة والمضادة للصواريخ، التوجه إلى الطائرات المقاتلة المتقدمة.

على أن هناك جانبًا مهمًا ينبغي الانتباه إليه، وهو الكفاءة النوعية للسلاح في مقابل كمية السلاح المتاح، ودور عمليات الإمداد والتدريب، وهذا يوضح جانبًا هامًا آخر من جوانب التغيير في الهيكل الأمني للمنطقة. لقد أصبح حجم القوة أقل أهمية، وأضحت معدلات التحديث والتكنولوجيا أمرًا بالغ الأهمية في كل مستوى من مستويات الصراع بداية من مكافحة الإرهاب وحتى الحرب الكبرى.

تنتهج الدول سبلا مختلفة للغاية لعمل شراكات استراتيجية، بحثا عن النفوذ أو التقارب، وتتزايد عمليات نقل الأسلحة. فنقل الأسلحة الإيرانية إلى سوريا، وإمداد الصواريخ الأكثر دقة والأبعد مدى إلى حزب الله، يمنح إيران أشكالاً جديدة من النفوذ -تمامًا كما أن نشر روسيا لـ S-400s إلى سوريا ونقل S-300s إلى إيران يعطي روسيا النفوذ الاستراتيجي.

على أن هذا الزخم من الأسلحة الأمريكية والغربية المتفوقة، يتيح للقوى الإقليمية مثل تركيا وإسرائيل والدول العربية الرئيسية أن تحيط ببعض قدراتها وتكنولوجياتها وطرق التعامل معها، وتتعرف على الحديث في مجالات الحرب الإلكترونية وتكنولوجيا المعلومات والمراقبة والاستطلاع.

خاتمة

في ضوء كل هذه التهديدات والأطماع ولمواجهة المعوقات يمكن طرح هذه التوصيات:

  • إنشاء قوة عربية مشتركة برية وجوية وبحرية على غرار حلف شمال الأطلسي، تضم تحت لوائها ما يكفي من المؤهلين للتخطيط والتنسيق وإجراء التدريبات المكثفة وإعداد خطط الدفاع.
  • على كل دولة تجنيد الأعداد المناسبة من القوات المسلحة لهذا الغرض، سواء بالإلزام أو التطوع، وتجهيز الآليات الكفيلة بتلبية الاحتياجات أثناء الأزمة.3
  • المحافظة على العلاقات العسكرية الجيدة وسبل الاتصال مع القوى الخارجية الرئيسية.
  • الحصول على أسلحة الردع الضرورية لتحقيق التوازن في المنطقة، وضمان أمن التحركات التجارية عبر الموانئ والطرق والممرات المائية.
  • تعزيز المعايير المهنية والتعليمية من خلال نشر التكنولوجيا الحديثة، ومواكبة التطورات في النظم الدفاعية لزيادة قدرات القوات واستعدادها للتدخل.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*أكاديمي ـ جمهورية مصر العربية

 

 

[1] https://www.forbes.com/sites/dominicdudley/2018/02/26/ten-strongest-military-forces-middle-east/#ea46ef616a24

 

[2]http://mcsr.net/news209

[3]كوردسمان: التغييرات في الهيكل الأمني للشرقالأوسطوشمالإفريقيا 5/26/16

مقالات لنفس الكاتب