; logged out
الرئيسية / الدور اللوجستي الخليجي في المبادرة: الموانئ الخليجية تحتل مكانة مهمة

الدور اللوجستي الخليجي في المبادرة: الموانئ الخليجية تحتل مكانة مهمة

الإثنين، 31 كانون1/ديسمبر 2018

تمكنت دول مجلس التعاون الخليجي خلال السنوات الأخيرة من تطوير قطاع اللوجستيات بشكل كبير، بشكل انعكس على تحقيق عائدات اقتصادية مهمة. وهو ما ترافق مع جهود مهمة في تطوير موانئ المنطقة وتطوير المناطق الاقتصادية وتدعيمها. وهي الجهود التي أسفرت عن تحقيق نتائج اقتصادية مهمة حتى الآن ومن المتوقع أن تزداد خلال السنوات القادمة كما حققت دول المنطقة مكانة مهمة فيما يتعلق بالمؤشرات الدولية ذات الصلة.

تزداد أهمية الجهود الخليجية في ضوء الاهتمام العالمي بقطاع اللوجستيات، إذ يُعد قطاع اللوجستيات أحد القطاعات الاقتصادية القائدة لدوره في عملية النمو الاقتصادي، وخلق فرص عمل، وجذب الاستثمارات، وتسهيل التجارة الدولية وغير ذلك. بحيث أسهمت تلك الجهود في وضع دول المنطقة كمحور Hub في حركة التجارة العالمية.

ومن أبرز مجالات الاستفادة في هذا الشأن مبادرة "الحزام والطريق" وهي المبادرة التي أعلنتها الصين منذ سنوات وتركز على ربط الصين بآسيا وأوروبا عبر مجموعة من الطرق البرية والبحرية، ورغم أن دول مجلس التعاون الخليجي لا تقع مباشرة ضمن المسارات المعلنة، إلا أن ما تتمتع به من إمكانيات يؤهلها للقيام بدور مهم في إطار المبادرة خاصة الاستفادة من الموانئ والخدمات اللوجستية في المنطقة.

وسنحاول في هذا المقال استعراض ما يمكن أن تقدمه دول مجلس التعاون الخليجي فيما يتعلق بقطاع اللوجستيات والموانئ في إطار مبادرة الحزام والطريق، وهو ما يتطلب التعرف أولاً على موقع دول مجلس التعاون الخليجي في إطار مبادرة الحزام والطريق، وكذلك واقع قطاع اللوجستيات والموانئ وكذا المناطق الاقتصادية في دول مجلس التعاون الخليجي، ثم ننتقل لمناقشة الخطوات الخليجية في إطار المبادرة، تمهيدًا لمناقشة الجهود المطلوبة لتعظيم استفادة دول مجلس التعاون.  

أولاً: دول مجلس التعاون الخليجي في إطار مبادرة الحزام والطريق:

في سبتمبر 2013م، أعلن الرئيس الصيني عن مبادرة "الحزام والطريق"، وفي مارس 2015م، صدرت وثيقة "الرؤية والتحرك للدفع بالتشارك في بناء الحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري للقرن الحادي والعشرين"، هذا وتهدف الصين من خلال المبادرة إلى إقامة شبكة من الطرق البرية والبحرية لربطها بمختلف مناطق العالم، حيث تركز المبادرة على البنى التحتية وخاصة الموانئ والطرق، والشبكات الكهربائية، وخطوط الاتصالات، وأنابيب لنقل النفط والغاز. هذا وقد دعت دول العالم للانضمام للمبادرة لما تحققه من فائدة مشتركة من خلال دورها في زيادة التجارة والاستثمارات المشتركة.

هذا وتنقسم المبادرة إلى مسارين إحداهما بري، يشتمل على مجموعة من الطرق البرية وخطوط السكك الحديدية لربط الصين والدول الآسيوية وأوروبا عبر ثلاثة طرق هي: الجسر البري الأوراسي الجديد، الممر الاقتصادي بين الصين وروسيا ومنغوليا، والممر الاقتصادي بين الصين ووسط وغرب آسيا. أما المسار البحري فيهدف إلى تأمين النقل البحري عبر المحيط الهندي مرورًا بقناة السويس من خلال ربط وتطوير الموانئ الرئيسية على طول الطريق، ويشتمل على 3 ممرات هي الممر الاقتصادي بين الصين وباكستان، الممر الاقتصادي بين بنجلاديش والصين والهند وميانمار، والممر الاقتصادي بين الصين وشبه الجزيرة الهندية الصينية.

وبذلك تخلق الصين من خلال المبادرة واقع اقتصادي عالمي جديد حيث كل الطرق تقود إلى بكين[1].

ورغم أن دول مجلس التعاون الخليجي لا تقع مباشرة على الطرق المحددة والمسارات المعلنة في إطار مبادرة الحزام والطريق، إلا أنه في ضوء ما تتمتع به المنطقة من إمكانيات مهمة مرتبطة بالأساس بقطاع اللوجستيات والموانئ وكذلك المناطق الاقتصادية، وكذلك في ضوء المصالح المتبادلة بين دول مجلس التعاون والصين وكذا الجهود الأخيرة المبذولة يمكن لدول مجلس التعاون أن تساهم وتستفيد بشكل كبير من مبادرة الحزام والطريق.    

يُضاف لذلك أنه من بين الممرات الاقتصادية العاملة حاليًا هناك اثنين يعتبران الخليج كنقطة نهاية لهما وهما:

1-الممر الاقتصادي بين الصين ووسط وغرب آسيا: ويغطي هذا الممر الاقتصادي الممر التقليدي لطريق الحرير، حيث يبدأ من شينجيانغ بالصين ليمر بعد ذلك إلى وسط آسيا ثم يمر ليصل إلى الخليج والبحر المتوسط وشبه الجزيرة العربية، ويعبر دول آسيا الوسطى الخمس (كازاخستان، طاجيكستان، تركمنستان، قيرغيزيا، أوزبكستان) إضافة إلى 17 دولة ومن بينها إيران وتركيا والمملكة العربية السعودية[2]. وينتهي هذا الممر في إيران وتركيا ومن خلال إيران يمكن للصين الدخول إلى المراكز اللوجيستية والموانئ المهمة على الخليج، إلا أن إشكالية هذا الممر تتمثل في توتر العلاقات بين إيران ودول الخليج.

2-الممر الاقتصاد بين الصين وباكستان: والذي يبلغ طوله 3 آلاف كيلو متر، حيث يبدأ من مدينة قشغر الصينية لينتهي في مدينة جوادر الباكستانية، ويربط الممر بين كل من الحزام الاقتصادي لطريق الحرير في الشمال، وكذلك طريق الحرير البحري في الجنوب. ويشتمل هذا الممر على خطوط سكك حديدية، خطوط أنابيب، كابلات ألياف بصرية. وقد تلقى هذا الممر قروضًا من الصين بلغت 46 بليون دولار[3]. هذا ويُشكل هذا الممر فرصة مهمة لدول مجلس التعاون الخليجي، حيث تُشير التقديرات إلى أن مسافة الشحن بين الموانئ الإماراتية ومدينة شينجيانغ الصينية تبلغ 15 ألف كم، وفي حال الانتهاء من هذا الممر ستبلغ المسافة 2500 كم، إضافة إلى دوره في نقل مصادر الطاقة إلى الصين ونقل بضائع الأخيرة إلى المنطقة.

هذا وتجدر الإشارة إلى أن المملكة العربية السعودية تُعد شريكًا رئيسيًا في تطوير المدينة النفطية في ميناء جوادر، حيث تبلغ مساحة المشروع 80 ألف فدان وتستخدم لنقل نفط الخليج إلى الصين عبر الميناء، ومع اكتمال تطوير الميناء سوف يقل الوقت المستغرق لنقل النفط السعودي إلى الصين من 40 يومًا إلى سبعة أيام فقط. هذا وتعد المملكة أول دولة تدخل في إطار الممر كطرف ثالث مع الصين وباكستان، وتستثمر المملكة في الممر بـ 10 مليارات دولار.

ثانيًا: الخدمات اللوجستية والموانئ في دول مجلس التعاون الخليجي:

حققت دول الخليج مكانة متميزة خلال السنوات الأخيرة وذلك فيما يتعلق بصناعة اللوجستيات، والتي أصبحت تُشكل أحد القطاعات الاقتصادية المهمة، حيث وجهت دول المنطقة استثمارات مهمة لهذا القطاع كآلية لتحقيق النمو الاقتصادي بحيث أصبح هناك شركات متخصصة في مجال اللوجستيات وهناك تزايد في عددها، كما شهدت التجارة الإلكترونية نموًا متزايد في كل من المملكة العربية السعودية والإمارات. هذا وقد ساهمت التكنولوجيا في هذا التقدم في صناعة اللوجستيات في المنطقة.

وفي عام 2015م، شكلت صناعة النقل واللوجستيات في دول مجلس التعاون الخليجي ما قيمته 47 بليون دولار وهو ما مثّل 3.3% من الناتج المحلي الإجمالي لدول الخليج مجتمعة، وهي ما زالت نسبة منخفضة مقارنة بإمكانيات المنطقة من ناحية وعند مقارنتها بباقي مناطق العالم المتقدمة في مجال اللوجستيات. هذا ويُشكل قطاع اللوجستيات السعودي الأكبر حيث يُشكل 40% من حجم القطاع في مجلس التعاون الخليجي[4]، ووفقًا لوزير النقل السعودي فإن حجم قطاع اللوجستيات في المملكة يبلغ حاليًا 65 مليار ريال، ومن المتوقع أن يصل إلى 70 ريال في 2020[5]. كما أنه بحلول 2020 فمن المتوقع أن ينمو هذا القطاع في دول مجلس التعاون الخليجي ليبلغ 66.3 بليون دولار[6].

ووفقًا لمؤشر الأداء اللوجستي الصادر عن البنك الدولي، جاءت دول مجلس التعاون الخليجي في المراكز الست الأولى على مستوى العالم العربي، وعلى المستوى العالمي جاءت الإمارات في الترتيب الحادي عشر عالميًا من بين 160 دولة على مستوى العالم، ليسبقها كل من ألمانيا، السويد، بلجيكا، النمسا، اليابان، هولندا، سنغافورة، الدنمارك، المملكة المتحدة، وفنلندا. كما جاءت قطر في الترتيب 30 عالميًا، ثم سلطنة عُمان في الترتيب 43، وبعدها المملكة العربية السعودية في الترتيب 55 على مستوى العالم ثم كل من البحرين والإمارات. ومن المنطقة جاءت إسرائيل في الترتيب 37 عالميًا أي بعد كل من الإمارات وقطر، كما جاءت تركيا في الترتيب 47 على مستوى العالم. أما إيران فقد جاءت في الترتيب 64 عالميًا أي لم تسبق أي من دول مجلس التعاون الخليجي كما جاءت في الترتيب التالي للكويت مباشرة. وذلك كما يتضح من جدول رقم (1).

كما يلاحظ أن هناك مؤشرات فرعية حققت فيها دول الخليج مكانة متميزة دوليًا ومنها مؤشر التوقيت (الترتيب الرابع عالميًا) والشحن الدولي (الترتيب الخامس عالميًا) بالنسبة للإمارات، وبالنسبة لقطر فمن المؤشرات الفرعية المتميزة عالميًا الشحن الدولي (الترتيب التاسع عالميًا).

وتبرز أهمية الإشارة إلى المؤشرات الفرعية إلى أهمية إنشاء مركز لوجستي موحد يمكن الاستفادة فيه من نقاط القوة لدى كل دولة فيما يتعلق بالخدمات اللوجستية.

جدول رقم (1)

ترتيب دول مجلس التعاون الخليجي وفقا لمؤشر الأداء اللوجستي 2018

الدولة

الترتيب العالمي

قيمة المؤشر

الجمارك

البنية التحتية

الشحن الدولي

الجودة اللوجستية

تعقب واقتفاء الآثار

التوقيت

الترتيب العالمي

قيمة المؤشر

الترتيب العالمي

قيمة المؤشر

الترتيب العالمي

قيمة المؤشر

الترتيب العالمي

قيمة المؤشر

الترتيب العالمي

قيمة المؤشر

الترتيب العالمي

قيمة المؤشر

الإمارات

11

3.96

15

3.63

10

4.02

5

3.85

13

3.92

13

3.96

4

4.38

قطر

30

3.47

38

3

27

3.38

9

3.75

31

3.42

30

3.56

36

3.7

عمان

43

3.2

44

2.87

39

3.16

36

3.3

49

3.05

66

2.97

29

3.8

السعودية

55

3.01

66

2.66

43

3.11

56

2.99

57

2.86

46

3.17

67

3.3

البحرين

59

2.93

63

2.67

68

2.72

55

3.02

58

2.86

60

3.01

68

3.29

الكويت

63

2.86

56

2.73

45

3.02

98

2.63

67

2.8

96

2.66

59

3.37

Source: Logistics Performance Index 2018، World Bank. 2018.

https://lpi.worldbank.org/international/global

وإذا ما نظرنا إلى وضع تلك الدول خلال الفترة من 2010 وحتى 2018 م، وفقًا للمؤشر ذاته، وكما يتضح من شكل رقم (1) يلاحظ أن ترتيب الإمارات تحسن دوليًا بشكل كبير، فبعد أن كانت 27 عالميًا في عام 2014 نجحت في أن تصبح في الترتيب 11 عالميًا في 2018. وكذلك قطر والتي انتقلت من الترتيب 55 إلى الترتيب 30 عالميًا بين عامي 2010 و2012م، وكذلك سلطنة عُمان، إلا أنه يلاحظ حدوث تراجع في الترتيب لكل من المملكة العربية السعودية والبحرين والكويت مقارنة بعام 2010.

 

شكل رقم (1)

وضع دول مجلس التعاون الخليجي وفقًا لمؤشر الأداء اللوجستي 2010-2018

Source: World Bank, Logistics Performance Index 2010, 2012, 2014, 2016 & 2018.

https://lpi.worldbank.org/international/global

 

 

ووفقًا لمؤشر اللوجستيات في الأسواق الناشئةThe 2018 Agility Emerging Markets Logistics Index والذي صدر في يناير 2018م، عن شركة Agility وهي شركة كويتية متخصصة في مجال اللوجستيات، فقد جاءت الإمارات كثالث أفضل مركز لوجستي من بين 50 من الاقتصادات الناشئة بعد كل من الصين والهند. كما جاءت البحرين في الترتيب الخامس، وجاءت سلطنة عُمان في الترتيب السادس، والمملكة العربية السعودية في الترتيب السابع عشر[7].

وبذلك فمن واقع المؤشرات الدولية يتضح مكانة دول الخليج فيما يتعلق بقطاع اللوجستيات عالميًا، وهو ما يتطلب استمرار الاستثمار في هذا القطاع المهم.

الموانئ الخليجية ومبادرة الحزام والطريق:

أحد الجوانب التي من المهم الإشارة إليها البنية التحتية وتحديدًا الموانئ وذلك لدورها المهم في حركة التجارة العالمية. فخلال السنوات الأخيرة أولت دول المنطقة مزيدًا من الاهتمام بتطوير العديد من الموانئ التي يمكن الاستفادة منها في إطار المبادرة، منها ما تم بالتعاون مع الصين، خاصة أن العديد من الموانئ الخليجية وبسبب موقعها الاستراتيجي تحتل مكانة مهمة في إطار مبادرة الحزام والطريق ويمكنها أن تقوم بدور مهم في المستقبل، وفي مقدمتها ميناء "جبل علي" والذي يُعد مركزًا رئيسيًا بين عدة قارات.

وفي هذا السياق، فقد قامت الصين بضخ استثمارات مهمة في سلطنة عُمان وتحديدًا في "الدقم"، فمنذ عامين تقريبًا بدأت الصين في ضخ استثمارات مهمة في الدقم والتي بلغت نحو 3 مليار دولار والتي من المتوقع أن تصل إلى 11 مليار دولار، بهدف إنشاء المنطقة الاقتصادية الخاصة في الدقم وتبلغ مساحتها 11.72 كم2، وهو ما يفيد الطرفين فعلى الجانب العماني تُساهم تلك الجهود في جهود سلطنة عُمان في التحول لاقتصاد صناعي، كما أنه يفيد الصين في إطار مبادرة الحزام والطريق. حيث تقع الدقم بالقرب من الأسواق التصديرية في الخليج[8]. وهو ما يرجع إلى أهمية ميناء الدقم حيث يطل على الساحل الجنوبي الشرقي لسلطنة عمان، وعلى بحر العرب والمحيط الهندي، وهو ما ستستفيد منه الصين في إطار المبادرة.

وفي الوقت الراهن تقوم شركة موانئ دبي العالمية بدور مهم في إطار المبادرة كما أنها يمكن أن تستفيد منها مستقبلا، حيث يوجد لدى الشركة نحو 200 ميناء في دول عدة من بينها أربعة في الصين وحدها والعديد من الموانئ في العديد من الدول الآسيوية بشكل يمكنها من الاستفادة من المبادرة بشكل كبير، خاصة أن الشركة شاركت في تطوير مشروع محطة البوابة الشرقية لقورغاس، والتي تقع بالقرب من الحدود الصينية الكازاخية، إذ تعد أحد خطوط السكك الحديدة التي تربط بين الصين وأوروبا[9]. كما تدير الشركة ميناء لندن غيتواي الذي انطلقت منه أول رحلة قطار مباشرة من لندن إلى الصين في إبريل 2017م

كما شاركت الشركات الصينية في إنشاء ميناء حمد الجديد في قطر.

وهناك عدد كبير من الموانئ الخليجية التي يمكن أن تُشارك في إطار المبادرة ويوضح جدول رقم (2) وضع بعض أبرز الموانئ الخليجية وفقًا لمؤشر الموانئ العالمي لعام 2017م. حيث لم تصل بعد لمستوى ممتاز في جودة الخدمات المقدمة وهو أمر من المهم التحرك لتحقيقه في السنوات القادمة وبما يتكامل مع جهود تطوير الموانئ.

 

جدول رقم (2)

وضع بعض الموانئ الخليجية وفقًا لمؤشر الموانئ العالمي 2017

المؤشر

ميناء جبل علي (الإمارات)

ميناء دبي

(الإمارات)

ميناء صحار (سلطنة عمان)

ميناء المنامة (البحرين)

ميناء الأحمدي

(الكويت)

ميناء الشعيبة (الكويت)

ميناء رأس تنورة

(السعودية)[10]

ميناء الدمام

(السعودية)

ميناء الدوحة

(قطر)

حجم الميناء

كبير

صغير

صغير

صغير

متوسط

متوسط

متوسط

صغير

صغير

الحد الأقصى لحجم الحاوية

كبير

كبير

-

كبير

متوسط

متوسط

كبير

كبير

متوسط

جودة الخدمات المقدمة في الموانئ

متوسط

جيد

متوسط

متوسط

متوسط

متوسط

متوسط

متوسط

متوسط

الصيانة

صيانة كلية

صيانة كلية

-

لا يوجد

صيانة محدودة

صيانة متوسطة

صيانة محدودة

صيانة متوسطة

-

Source: World Port Index 2017, National Geospatial- intelligence Agency, U. S., 2017.

 

المناطق الاقتصادية في دول مجلس التعاون الخليجي:

إضافة إلى ما سبق فهناك العديد من العوامل المؤهلة لدول مجلس التعاون الخليجي للاستفادة من مبادرة الحزام والطريق ومن بينها وجود مناطق اقتصادية متميزة على مستوى المنطقة والمستوى العالمي، وتحظى المناطق الاقتصادية الإماراتية بمكانة متميزة في هذا الشأن.

فوفقًاللتقرير السنوي لمجلة “FDI” التابعة لصحيفة الفايننشال تايمز لعام 2018م، والذي يُصنف المناطق الاقتصادية على مستوى العالم ومستوى المناطق ومستوى التخصص في مجالات معينة، وفقًا لعدد من المؤشرات من بينها الحوافز التي يتم تقديمها للمستثمرين، توافر البنية التحتية الملائمة، وكذلك معدلات الزيادة في عدد العاملين بالمنطقة ومساحتها وحجم كل من المشروعات الصغيرة والكبيرة بها[11].

وفقًا للتقرير فقد جاء "مركز دبي للسلع المتعددة" في الترتيب الأولى على مستوى العالم للعام الرابع على التوالي، كمنطقة اقتصادية حرة لتداول السلع. فخلال عام 2017م، وحده تم تأسيس نحو 2000 مشروع جديد بالمنطقة، ويبلغ عدد العاملين بها أكثر من 61700 عامل ونحو 14805 شركة.

ومن بين أعلى 10 مناطق اقتصادية على مستوى العالم كان هناك 3 مناطق من الإمارات: مركز دبي للسلع المتعددة (الأول)، منطقة الحمرية الحرة(الخامس)، جبل علي (التاسع). ولا يوجد أي مناطق خليجية أو عربية أخرى ضمن المناطق العشر الأوائل عالميًا.

وفيما يتعلق بالمناطق المتخصصة: حصلت منطقة مصدر الحرة في أبوظبي على جائزة أفضل منطقة على مستوى العالم في مجال البحث والتطوير، وحصلت منطقة مصدر الحرة أيضًا على جائزة أفضل منطقة في مجال الطاقة المتجددة، وحصلت منطقة خليفة الصناعية على أفضل جائزة في مجال التشييد، وحصلت منطقة وميناء صحار بسلطنة عُمان على جائزة أفضل منطقة في مجال الأعمال الزراعية.

وفي ضوء الأهمية الكبرى للمناطق الاقتصادية لدورها في جذب الاستثمارات من خلال ما تقدمه من حوافز للمستثمرين ودورها في خلق العديد من فرص العمل وما تقدمه من خدمات لوجستية مهمة، وكذلك دورها في تقليل العوائق في حركة التجارة العالمية، فمن المهم أن تعمل دول المناطق على تحسين تنافسية المناطق الاقتصادية بها على المستوى العالمي وبما يعزز من دورها الاقتصادي المهم.


 

ثالثًا: الخطوات الخليجية المتخذة في إطار مبادرة الحزام والطريق:

كما أشرنا، ورغم أن دول مجلس التعاون الخليجي لا تقع مباشرة على أي من الطرق الرئيسية والمسارات المحددة لمبادرة الحزام والطريق، إلا أن دول الخليج تتمتع بالعديد من المقومات التي تجعلها جزءًا محوريًا في إطار المبادرة، تتمثل تلك المقومات في الموقع الاستراتيجي، الموانئ والمناطق الاقتصادية والخدمات اللوجستية، والعلاقات الثنائية المتميزة مع الصين، يُضاف لذلك العلاقات الجيدة بين دول مجلس التعاون الخليجي وباكستان والتي تُعد واحدة من الدول المهمة والمؤثرة في إطار مبادرة الحزام والطريق.

بحيث يمكن للصين الاستفادة من الخدمات اللوجستية والممرات والمناطق الاقتصادية لدول مجلس التعاون الخليجي. خاصة أن دول الخليج تمثل مصدرًا رئيسيًا للنفط بالنسبة للصين، فوفقًا لمركز معلومات الطاقة الأمريكي، فقد جاءت الصين لأول مرة كأكبر مستهلك عالمي للطاقة عام 2011م، وثاني أكبر مستهلك للنفط بعد الولايات المتحدة الأمريكية، وتجاوزتها في عام 2013م. ويُعد الشرق الأوسط أكبر مورد للنفط الخام للصين، ففي عام 2014م، حصلت الصين على 3.2 مليون برميل يوميًا من النفط من الشرق الأوسط وهو ما شكل (52%) من وارداتها النفطية، وتُعد المملكة العربية السعودية أكبر مورد للنفط للصين[12].

على الجانب الآخر، يمكن لدول الخليج، وفي إطار جهودها لتطوير قطاع اللوجستيات وتطوير الموانئ الاستفادة من المبادرة بشكل كبير في تحسين وضعها على الخريطة الاقتصادية العالمية. وبالفعل اتخذت دول الخليج خطوات مهمة في إطار المبادرة سواء كانت خطوات تمويلية، أو لوجستية أو إجرائية وإدارية وغير ذلك.

وتُعد كل من عُمان وقطر والمملكة العربية السعودية والإمارات من الأعضاء المؤسسين للبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية. ويُعد الأخير كيانًا متعدد الأطراف أنشأته الصين بهدف دعم مبادرة الحزام والطريق. هذا وقد أعلنت الصين أن رأس مال البنك يبلغ 100 مليار دولار. وبالفعل تساهم الدول الخليجية في تمويل البنك.

كما تسعى الإمارات إلى أن تتحول إلى مركز تمويل إسلامي قائد في إطار مبادرة الحزام والطريق خاصة أن الإمارات تأتي في الترتيب الثالث عالميًا بعد كل من المملكة العربية السعودية وماليزيا في التمويل الإسلامي Islamic Finance. كما تُعد دبي واحدة من المراكز المالية العالمية ويمكن أن تعمل كمحور Hub بين آسيا وأوروبا. ويتوافر لدى الإمارات الإطار التشريعي الحاكم للتمويل الإسلامي[13]. كما وقعت الصين اتفاقية تبادل عملة مع العديد من دول الشرق الأوسط من بينها الإمارات العربية المتحدة. كما يوجد الآن عدد من الفروع للبنوك الصينية في الإمارات.

وإضافة إلى الجهود المرتبطة بالتمويل والقطاع المالي، فقد أعلنت موانئ دبي العالمية عن خططها بناء "محطة الحزام والطريق- دبي"، وذلك بالتعاون مع المجموعة الصينية للاستثمار وتشغيل الموانئ البحرية، والتي سيتم إنشاؤها في مدينة "ييوو" الصينية، حيث ستقوم تلك المحطة بخدمات لوجستية متعددة، تشمل التخزين والتجارة الالكترونية، ومعالجة خدمات التدوير والتوزيع. وهي الجهود التي ستعزز من مكانة الإمارات في إطار المبادرة كما ستُسهم في تطوير التجارة والاستثمار بينها وبين الصين.

وتجدر الإشارة إلى أنه في ضوء موقعها الاستراتيجي المتميز يمكن للإمارات أن تصبح نقطة عبور للسياح الصينيين المتوجهين إلى إفريقيا. وبالتالي من المتوقع أن تحقق السياحة العابرة مكاسب مالية كبيرة للإمارات.

وفي سياق متصل، فقد افتتح سوق أبو ظبي العالمي، أول مكتب تمثيل خارجي له في بكين. وفي يونيو 2018م، افتتح مجلس التنمية الاقتصادي للبحرين مكتب تمثيل له في الصين لتسهيل جذب المزيد من الاستثمارات من قبل الشركات الصينية إلى البحرين.

وفي إطار سعي الكويت لأن تكون مركز مالي إقليمي بحلول 2035م، وبما يتوافق مع رؤية الكويت 2035، فهي تقوم حاليًا بالتعاون مع الصين لتطوير مدينة الحرير Silk City كمركز تجاري عالمي، إضافة إلى قيامها بتطوير خمس جزر بالقرب من سواحها لتحويلهم لمناطق للتجارة الحرة.

حيث تُشارك الشركات الصينية في بناء السكك الحديدية والموانئ والطرق والجسور في هذه المدينة والجزر التابعة لها. كما وقعت الصين والكويت مذكرة تفاهم لإيجاد آلية لتطوير التعاون بين مدينة الحرير والجزر الخمس.

   وفي نوفمبر 2018م، وقعت مذكرة تفاهم لإقامة علاقات ودية بين مدينة هانغتشو بشرقي الصين ومدينة المنامة عاصمة البحرين، وذلك على هامش منتدى الأعمال التجارية بين الصين والبحرين. وفي إطار السعي القطري لأن تصبح مركزًا في مجال التجارة العالمية اعتمادًا على ميناء حمد ومطار حمد، ليكون مركزًا لنقل البضائع إلى دول العالم، فقد شاركت في إقرار وثيقة المبادئ الإرشادية لتمويل مبادرة الحزام وطريق الحرير، كما صدقت على مبادرة لتسهيل التجارة بين دول المبادرة.

خاتمة

تتمتع دول المنطقة بإمكانيات مهمة تمكنها من الاستفادة بشكل مباشر أو غير مباشر من المبادرة، حيث تتمتع المنطقة بمكانة مهمة في مجال اللوجستيات إضافة إلى وجود مناطق اقتصادية متميزة على المستوى العالمي بشكل يمكنها من الاستفادة من مبادرة الحزام والطريق. وفي ضوء الخطوات المتخذة من الطرفين الصيني والخليجي، وفي ضوء وجود مصالح متبادلة، فمن المتوقع أن يستفيد الطرفان من كل من تطوير الاستثمارات والتعاون في مجال البنية التحتية وكذلك التعاون في مجال الطاقة.

تعظيم استفادة دول الخليج من هذه المبادرة يتطلب منها أولاً التكامل فيما بينها والصين وخاصة في مجال الطاقة ويشمل ذلك أنابيب الغاز ونقل الطاقة الكهربائية وغير ذلك.

كما أنه حتى الآن لا توجد جهود موحدة لتأسيس "مركز لوجستي في مجلس التعاون الخليجي" يكون مدعومًا ببنية تحتية تربط كل دول المجلس يمكن من خلاله وضع خطة موحدة في مجال الخدمات اللوجستية تقوم على التخصصية. حيث تتنافس دول مجلس التعاون الخليجي في مجال اللوجستيات من أجل نفس العمل[14]. فالاقتراب الحالي يقوم على تقسيم نفس السوق بين الدول. وهو أمر لن يفيد دول الخليج حيث تتفاوت فيما بينها من حيث تميزها في بعض جوانب الخدمات اللوجستية ومن ثم يمكن أن تتكامل مع بعضها لتقديم نفس الخدمة في إطار تكاملي وفقًا لنقاط التميز لكل منها.

وفي هذا السياق يمكن اقتراح إنشاء مجلس للخدمات اللوجستية في إطار مجلس التعاون الخليجي يمكنه إعداد دراسات تفصيلية في هذا الشأن ووضع خطة تكاملية. كما يمكنه إعداد دراسات تفصيلية لاحتياجات السوق العالمي في مجال اللوجستيات وما يمكن لدول الخليج تقديمه في هذا الشأن.

ورغم الجهود المبذولة خلال السنوات الأخيرة بصورة منفردة أو بالتعاون مع الصين لتطوير العديد من الموانئ الخليجية، إلا أنه من المهم العمل على مزيد من التطوير لتلك الموانئ خاصة في البعدين الخاص بالصيانة وجودة الخدمات المقدمة. كما أنه من المهم العمل على تحسين تنافسية المناطق الاقتصادية القائمة بدول المنطقة وبما يؤهلها للمنافسة عالميًا ولجذب مزيد من الاستثمارات وتوفير فرص عمل أكبر.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*باحثة مصرية في العلاقات الدولية

 

[1]Joseph Dana, “How the GCC and China Stand to benefit from a Deeper Belt and Road Partnership”, The National, October 8, 2017.

https://www.thenational.ae/opinion/how-the-gcc-and-china-stand-to-benefit-from-a-deeper-belt-and-road-partnership-1.665346

[2] جين ليانجشيانج، وإن جاناردان، "مبادرة الحزم والطريق: الفرص والمعوقات أمام منطقة الخليج"، أكاديمية الإمارات الدبلوماسية، يونيو 2018.

[3]Jonathan Fulton, “The G. C. C. Countries and China’s Belt and Road Initiative: Curbing Their Enthusiasm?”, October 7, 2017, Middle East Institute.

https://www.mei.edu/publications/gcc-countries-and-chinas-belt-and-road-initiative-bri-curbing-their-enthusiasm

[4] Shailesh Dash, Transport and logistics key to GCC Economic Growth, Khaleej Times, February 19, 2017.

[5] السعودية تتوقع نمو حجم الخدمات اللوجستية إلى 70 مليار ريال بحلول 2020، شبكة العين الإخبارية، 15 أكتوبر 2018، تمت مراجعة المحتوى بتاريخ 18 ديسمبر 2018 من خلال الرابط التالي:

https://al-ain.com/article/saudi-expects-logistics-grow-70-billion-riyals

[6] Neil King, “How Technology is Changing the GCC’s Logistics Industry ”, Gulf Business, 9 June 2018. Retrieved December 10, 2016 from:

https://gulfbusiness.com/technology-changing-gccs-logistics-industry/

[7]The 2018 Agility Emerging Markets Logistics Index, Agility, Retrieved December 16, 2018 from:

https://www.agility.com/en/emerging-markets-logistics-index/

[8] جين ليانجشيانج، وإن جاناردان، مرجع سابق.

[9] المرجع السابق.

[10] يُعد أكبر ميناء لشحن النفط في العالم.

[11]Global Free Zones of the Year 2018, FDI Magazine, October/ November 2018.

[12]China, United States Energy Information Agency, Retrieved 16 December 2018 from:

https://www.eia.gov/beta/international/analysis.php?iso=CHN

[13]“Gulf States’ Interest in the Belt and Road Initiative”, OBOReurope,

http://www.oboreurope.com/en/gulf-states/

[14]“Logistics Infrastructure in the Gulf Cooperation Council- Asset Rich and Cargo Poor?”, LTD Management,

www.itdmgmt.com/logistics-infrastructure.php

مقالات لنفس الكاتب