array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 135

10 مراحل للعلاقات العربية - الأوروبية بدأت بالاستعمار وانتهت بالخوف من الإسلام

الإثنين، 04 آذار/مارس 2019

سياسة أوروبا مع العرب والمسلمين قامت دومًا على رعاية مصالح أوروبا الاستراتيجية دون غيرها، فأوروبا أنانية في المقام الأول ولا تعرف سوى لغة المصالح، وذلك قبل وجود إسرائيل، أما بعد وجودها فأضيف إلى هذا المحدد رعاية أمن إسرائيل والحفاظ عليها حتى استلمت الولايات المتحدة الأمريكية الرعاية الإسرائيلية، لتبقي لأوروبا المحدد الأول والأخير في سياستها في المنطقة وهي "الحفاظ على مصالحها الاستراتيجية في المنطقة".

وقد مرت العلاقة بين أوروبا والعرب والمسلمين بمراحل عدة:

المرحلة الأولي: مرحلة الاستعمار الأوروبي لمعظم الدول العربية، فأوروبا احتلت المنطقة بأسرها باستثناء دول الخليج العربي، وهي مرحلة مظلمة في هذه العلاقة، قامت فيها أوروبا بدور السيد واستعبدت فيها هذه الشعوب واستنزفت ثرواتها قتلت أبناءهم ولم تعوضهم عن هذا الاحتلال شيئًا ففرنسا وحدها قتلت مليون جزائري، أما إيطاليا فقتلت آلاف الليبيين.

ولولا ظهور المارد الأمريكي في أواخر الأربعينات وإزاحته لإمبراطوريتي فرنسا وبريطانيا ما رحل الاستعمار الأوروبي عن بلاد الشرق الأوسط والعرب وبعض الاستعمار كان أعقل من بعض وأقل شراسة وبعضه أراد نزع لغة البلاد الأصلية وخاصة العربية وإحلال الفرنسية بديلاً عنها.

ولعل الاستعمار الفرنسي كان أكثر اهتمامًا بخلع الهوية واللغة وإحلال الثقافة واللغة الفرنسية بديلاً عن العربية ولعلنا جميعًا نلمس ذلك في الدول التي احتلتها فرنسا في شمال إفريقيا أما الاستعمار البريطاني فكان أكثر دهاءً ومكرًا وتريثًا وكان يهتم بالمصالح الاستراتيجية في المقام الأول.

سبعون عامًا تقريبًا جثمت أوروبا على صدر العرب احتلالاً واستغلالاً وهيمنة ثقافية واقتصادية وسياسية توجتها بزرع بريطانيا لإسرائيل وتسليمها فلسطين غنيمة باردة لليهود فلما انقضت الحرب العالمية الثانية وبدأت الدول العربية في التحرر من الاستعمار واحدة تلو الأخرى، وظهر الاتحاد السوفيتي في سماء العالم يريد أن ينافس أوروبا بسيطرته واحتلاله غير المباشر لأوروبا الشرقية ونصف ألمانيا ومنافسته لأمريكا في قيادة العالم سياسيًا واقتصاديًا.

المرحلة الثانية: مرحلة الترحيب بالهجرة العربية والتركية إلى ألمانيا لإحيائها من جديد بعد الحرب العالمية الأولى والثانية وصد الهجوم الشيوعي ضدها وخاصة بعد الحرب العالمية الثانية.

لقد احتاجت ألمانيا للعرب والمسلمين بعد الحرب العالمية الثانية وخاصة بعد أن قتل الملايين من الشعب الألماني ولا سيما من الذكور في هذه الحرب الطاحنة البائسة.

ولم تكن تستطيع أن تعوض هذه الخسائر البشرية من أي دولة أوربية أخرى فمعظم هذه الدول تعد خصومها ولا تأمن شعوبها فلا تستطيع أن تستقدم بريطانيين أو فرنسيين أو غيرهما فلا ولاء لهم لألمانيا فضلاً عن رفضهم لذلك وخافت أوروبا والغرب من اجتياح الشيوعية والفكر الشيوعي لألمانيا الغربية وخاصة عن طريق شقيقتها ألمانيا الشرقية التي أصبحت الضلع الأقوى في الحلف الشيوعي فلم تجد سوى الأتراك المسلمين ليحلوا محل ملايين القتلى الألمان والاطمئنان بأن أفكارهم الإسلامية ستحول بينهم وبين الشيوعية ويكونون بمثابة حائط الصد المنيع أمام الغزو السوفيتي لأوروبا.

وقد راهنت ألمانيا وأوروبا على أن هؤلاء سيصبحون ألمان أصليين بعد جيلين كاملين حيث ستنسى الأجيال الثانية والثالثة لغتها وأصلها وكذلك دينها وتصبغ بالصبغة الألمانية البحتة وقد كان فقد أصبح هؤلاء الأتراك هم الوقود الذي أعاد دفق الحياة في ماكينة الحضارة الألمانية وقاموا بدور كبير في نهضة ألمانيا من كبوتها.

والآن أصبحوا مثل الألمان وانضوت هويتهم الإسلامية بعد مرور عدة أجيال، فاستفادت ألمانيا ورغم ذلك يعد المسلمون والعرب في ألمانيا من أقوى الجاليات هناك ومراكزهم الإسلامية ومدارسهم ما زالت فاعلة حتى اليوم.

المرحلة الثالثة: مرحلة تحرير الدول العربية بعد تضحيات كبيرة من أبناء الشعوب العربية والشرق أوسطية عامة وبزوغ نجم الاتحاد السوفيتي والشيوعية كقوة عالمية ثانية، وفي هذه الفترة تحالفت أوروبا مع الإسلام والدين ودول الخليج لصد الهجمة الشيوعية والحيلولة بينها وبين التغلغل في الدول العربية خاصة والشرق الأوسط عامة.

بعد التحرر أرادت أوروبا مواجهة المارد الشيوعي الذي كان يكره الأديان ويعتبرها أفيونًا للشعوب ويشجع على الإلحاد ، لم تجد أوروبا وكذلك حليفتها أمريكا سلاحًا قويًا لمواجهة التغلغل الشيوعي وزحفه على القارة الأوروبية من جهة الشرق "ألمانيا الشرقية خاصة" سوى اللجوء إلى الدين الإسلامي والتصالح مع الإسلام الذي يستطيع الوقوف في وجه الهجمة الشيوعية الشرسة والتي كانت في أوج شبابها وقوتها.

أرادت أوروبا أن تقيم حلفًا عربيًا لمواجهة الشيوعية يتكون من الأردن ومصر والعراق والسعودية ويتخذ من التمسك بالإسلام طريقًا للمواجهة وذلك لسحب البساط من الاتحاد السوفيتي الذي بدأ يتمدد في الشرق الأوسط وكانت هذه الفكرة جيدة وفي صالح الفريقين، فهي تفيد العرب والمسلمين بإحياء الإسلام وأخلاقه وقيمه وحضارته في مواجهة الإلحاد وقيم الشيوعية المخالفة للأديان وإقامة تحالف مع الغرب يمزج بين الحضارة العربية بقيمها وأخلاقها والحضارة الغربية بتقدمها التقني والعلمي والصناعي.

ولكن مصر وقتها كانت غارقة في التحالف مع الاتحاد السوفيتي ودعم الثورات على الملكيات ومحاولة زعزعتها وكان هذا خطأ استراتيجيًا كلف مصر الكثير وكان سببًا في محن كثيرة أهمها محنة 5 يونيو 1967م، وضاعت على العرب فرصة كبيرة للتقدم والتطور وكذلك حل مشكلة فلسطين عن طريق حل الدولتين الذي يبحث عنه العرب اليوم ولا يجدونه بل لا يجدون من يقبل بحدود 5 يونيو 1967م.

كانت أوروبا والغرب لا تبغي من وراء حلف بغداد حب الإسلام والدين والعرب ولكن تلاقت مصالحها الاستراتيجية مع العرب والمسلمين في هذه الحقبة التاريخية النادرة ولكن العرب كعادتهم لم يستغلوا هذه الفترة الذهبية التي كان يمكن من خلالها مزج الحضارتين وصهرهما والتقارب بينها.

المرحلة الرابعة: مرحلة المواجهة بين أوروبا ضد التيار الثوري الاشتراكي في الدول العربية والذي تزعمه الرئيس المصرى عبد الناصر ولحق به كل الثوار بعد ذلك وكانت مواجهة شرسة جدًا لأن الرئيس عبد الناصر قاد حركات التحرر من الاستعمار الأوربي في دول كثيرة وخاصة الفرنسي في الجزائر والهولندى في إندونيسيا وهو أول من اعترف بإندونيسيا بعد استقلالها وكذلك المغرب والعراق وتونس وغيرهم وأدى ذلك إلى العدوان الثلاثي على مصر وكذلك دعم إسرائيل دعمًا لا نهائيًا في مواجهة مصر ومنح إسرائيل السلاح النووي ثم حدوث هزيمة 5 يونيو 1967م، وقد تزعم هذا العداء بريطانيا وفرنسا.

المرحلة الخامسة: مرحلة الانفتاح الأوروبي شبه الكامل على المنطقة العربية وخاصة بعد إقرار معاهدة كامب ديفيد والسلام العربي الإسرائيلي وتوحد العرب ونصرهم في أكتوبر مما رفع قدرهم حربًا وسلامًا في العالم كله.

فتحت أوروبا ذراعيها للعرب والمسلمين للذهاب لأوروبا للعلم والسياحة والتجارة والدعوة أيضًا وساعدت على فتح عشرات المراكز الإسلامية والمساجد.

وتعد هذه الحقبة الفترة الذهبية لانتعاش الإسلام وصورته في أوروبا، حيث بني فيها أكبر عدد من المساجد والمراكز الإسلامية وخاصة في بلجيكا وفرنسا وألمانيا وبريطانيا وساهم على تعزيز أواصر العلاقة انتهاء الحقبة الاشتراكية في معظم الدول العربية وكذلك بقاء التهديد السوفيتي الشيوعي لأوروبا عن طريق الاتحاد السوفيتي نفسه وأوروبا الشرقية وخاصة ألمانيا الشرقية.

المرحلة السادسة: وهي مرحلة التحالف الأوروبي ـ العربي في مواجهة الغزو الشيوعي للاتحاد السوفيتي لأفغانستان وضم هذا التحالف أمريكا وباكستان والخليج.

وقد تفتق الذهن الغربي الأمريكي والأوربى عن استخدام الشباب المتدين من الدول العربية وتسفيره للجهاد في أفغانستان حتى لا تضطر الجيوش أو الشعوب الغربية لبذل وإهدار دمائها الغالية في هذه المعركة.

فقدم آلاف الشباب أنفسهم وبذلوا دماءهم وأرواحهم في معركة هي لصالح الغرب في المقام الأول، إنهم قاموا بالحرب بالوكالة عن الغرب.

أسلوب الحرب بالوكالة تتبعه دومًا أمريكا وأوروبا والغرب فهم الذين أنشأوا ومولوا ودعموا القاعدة والمجموعات المسلحة في أفغانستان ثم حاسبوا الإسلام والعرب على ذلك بعدها رغم أن هؤلاء حاربوا نيابة عنهم في أفغانستان وبدأوا في كسر شوكة الاتحاد السوفيتي من هناك.

المرحلة السابعة: وهي التي بدأ بها الصدام بين الغرب متمثلا في أوروبا وأمريكا وبين العرب والمسلمين بل والإسلام نفسه، وبدأت هذه المرحلة بتفجير القاعدة بقيادة أسامة بن لادن لبرجي التجارة الأمريكيين وما تبعها من أحداث.

وبدلاً من إدانة القاعدة وحدها"وهي التي ساهمت أمريكا في صنعها وتسليحها وتدريبها، إذ بالغرب يدين العرب والمسلمين ويدين الإسلام نفسه وإذا بهم يضعون أكثر من مليار ونصف مسلم في قفص الاتهام.

وإذا بأمريكا وبريطانيا خاصة والغرب عامة يسقطون في مقابل البرجين دولتين إسلاميتين كبيرتين هما العراق وأفغانستان وتحتلهما وتقتل وتجرح فيهما قرابة ستة ملايين مسلم، فلم يحتل الغرب العراق من أجل ما زعموه عن البرنامج النووي ولكن لإسقاط دولة عربية قوية تخشاها إسرائيل.

احتلال العراق وتدميره وتقسيمه ووهبه كغنيمة باردة لإيران كان من أجل العيون الإسرائيلية، غضب الغرب يومها من مصر ودول عربية كثيرة رفضت المشاركة في الجيوش التي احتلت أفغانستان والعراق وظل بوش الابن يضغط على دول عربية كبيرة مثل مصر وغيرها للاشتراك في العدوان الغربي على العراق وأفغانستان لمنحه المشروعية دون جدوى.

الكذب في احتلال العراق كان واضحًا جدًا والكذب في السياسة الأوروبية والأمريكية معروف ومشاهد ومستقر في سياستهم مادام يخدم مصالحهم.

لقد كان الغرب الأوروبي والأمريكي يعرفان معًا أن العراق لا يملك أي أسلحة نووية ويعلم أن إسرائيل قتلت كل علماء الذرة العراقيين، ولكنهما كذبا على العالم كله لاجتياح وغزو العراق وتفتيت قوته، ولم يكن يهم الغرب ديكتاتورية صدام أو أي ديكتاتورية في العالم ما دامت تحقق مصالحه.

ومع بداية هذه الحقبة من اتهام الإسلام والمسلمين بالإرهاب وتعميم التهمة عليهم تحول الفكر الاستراتيجي الأوروبي والأمريكي من جعل الاتحاد السوفيتي والشيوعية العدو الأول لهم إلى جعل الإسلام والمسلمين هم العدو الأول.

وجسد ذلك بإبراز صورة بوش الابن وإدارته، وانقادت معظم أوروبا لهذا التوجه وبدأت الدعوات العنصرية تظهر بقوة في أوروبا وتنجح في انتخاباتها وتصعد إلى الواجهة السياسية والإعلامية.

وبدأت موجة الإسلامو فوبيا تجتاح الغرب، وبدأت نظريات صدام الحضارات ونهاية العالم مع ظهور اليميني المسيحي المتطرف في أمريكا وأوروبا، والغريب أن هذه النظريات الغربية البائسة خرجت في أضعف وقت تعيشه الإمبراطورية الغربية.

مع أن الإسلام أتى بسنن التدافع الحضاري والتلاقح والتلاقي الحضاري.

المرحلة الثامنة: وهي مرحلة ثورات الربيع العربي التي فشلت فشلاً ذريعًا في تحويل الثورة إلى دولة مستقرة وآمنة، والتي وقفت أمريكا وأوروبا خلف معظمها لأغراض سياسية أكثر منها لمصالح الشعوب ولإزاحة حكام بعينهم يعتبروا خصومًا للغرب مثل بشار الأسد والقذافي وغيرهما، مع رغبة غربية دفينة في تقسيم العالم العربي.

ولو كان الغرب مخلصًا لكي تؤتي هذه الثورات أكلها لرعاها وحفظها من هدم المؤسسات السيادية مثل الجيش والشرطة، مثلما رعى ثورات أوروبا الشرقية وأوصلها إلى بر الأمان، ولكنه تركها تسرح وتمرح في الفوضى والحرق والتدمير ثم العسكرة والاغتيالات والتفجير فلا هو حسم ضد بشار، ولا حسم معه، بل ترك الفريقان يدمر أحدهما الآخر لتخرب سوريا في المنتصف تمهيدًا لتقسيمها، وكذلك فعل في اليمن، ومنع الليبيين من توحيد وطنهم لكي تلعب بعض الدول الأوربية في الملعب الليبي وتنهب نفطه وثرواته كيف شاءت.

الغرب الأوروبي والأمريكي أراد سوريا مقسمة وكذلك اليمن وليبيا ولولا حسم الجيش المصري للأمور مبكرًا وحفاظه على وطنه للحقت بهم مصر، ولولا عقل وحكمة حزب النهضة التونسي للحقت تونس بسوريا واليمن وليبيا.

الغرب أراد أن تتمخض هذه الثورات عن سيكس بيكو جديدة تقسم المقسوم وتفتت المفتت وتفقر الغني وتهدم الجيوش القوية كما فعلت مع العراق وسوريا.

المرحلة التاسعة: المرحلة الداعشية:

داعش صناعة غربية في المقام الأول، فلو أن تركيا أغلقت حدودها مع سوريا ما تكونت داعش في سوريا، أما في العراق فقد استيقظت أمريكا متأخرة لتدرك أنها سلمت العراق غنيمة باردة لإيران التي ضمتها بسهولة لامبراطوريتها، فحاولت تصحيح الخطأ بخطأ أفدح حيث ساهمت بطريق مباشر وغير مباشر في تكوين الدولة الداعشية في مناطق أهل السنة رغبة منها في تقسيم العراق إلى ثلاثة أقسام "شيعي، سني، كردي "وإذا بالأقسام الثلاثة تعج بالميليشيات المسلحة.

فالميليشيات الشيعية التي قتلت وذبحت وحرقت قرى السنة وفجرت المساجد تتحول بقدرة قادر لتكون المكون الرئيس للجيش والشرطة العراقية حيث تحولوا إلى جيوش أيدلوجية مذهبية متطرفة تابعة وموالية لدولة أخرى غير دولتها في سخرية عجيبة من العقول، وإذا بقادتها يتحولون إلى وزراء ونواب في البرلمان.

وإذا بالدواعش يكونون دولة تكفر الخلائق ولا تهديهم وتقتل ولا تحيي وتنفر ولا تبشر، تذبح وتحرق المخالفين، وتنتهك الأعراض بحجج واهية مثل السبي دون فقه ولا علم.

وإذا بحلفاء الأمس إيران وشيعة العراق يحاربون الأكراد لأنهم أعلنوا استقلالهم فردوهم على أعقابهم.

المرحلة العاشرة: "مرحلة الخوف الأوروبي من انتشار الإسلام في أوروبا:

داعش مكون غربي بامتياز ومثلما حدث مع القاعدة كانت داعش مع تبادل الكراسي، فتركيا بدلاً من باكستان، وسوريا بدلاً من أفغانستان وهكذا ما كانت لتتكون القاعدة ولا داعش إلا تحت رعاية وحماية الغرب الأوربي والأمريكي ورعاية باكستانية للأولى وتركية للثانية.

ظهور داعش وضربها للغرب الأوروبي والأمريكي عمق فكرة الإسلاموفوبيا وزاد من التخوف الأوروبي من الإسلام والرغبة في تقليص فرصة في الانتشار في أوروبا.

ومرحلة الخوف الأوروبي هذه بدأت مبكرًا منذ انهيار الاتحاد السوفيتي مع بحث أوروبا والغرب عن العدو القادم ولكن بعض العرب والمسلمين أعطوا الفرصة لتأكيد اختيار العدو القادم بحماقات 11 سبتمبر وما سبقها من تفجير سفارتي أمريكا في كينيا وتنزانيا وتدمير المدمرة الأمريكية كول قبالة سواحل اليمن ثم ظهور الميلشيات الشيعية، وزاد الطين بلة تلك الضربات والتفجيرات والاغتيالات الحمقاء التي قامت بها داعش في أوروبا وأمريكا، وخاصة من المسلمين الذين يحملون الجنسيات الأوربية ففوجئت أوروبا أن العدو الآن صار يعيش بينهم وأن الإسلام والمسلمين الأوربيين قد يمثلون خطرًا عليهم .

لقد فوجئ الأوربيون بالزيادة السكانية المتنامية للمسلمين الحاصلين على الجنسيات الأوروبية، فحسب احصائيات رابطة مسلمي بريطانيا وصل عدد المسلمين في بريطانيا إلى 2.7 مليون مسلم يمثلون 4.8% من مجموع سكانها، أغلبهم من أصول آسيوية "باكستان وبنجلاديش"بينما لا يتجاوز عدد العرب في بريطانيا 178 ألفًا، ويوجد 1200 مسجد في بريطانيا وتضم قائمة نواب حزب العمال المعارض 12 نائبًا مسلمًا بينما نجح 3 نواب مسلمون على قائمة المحافظين.

ومن أبرز الشخصيات المسلمة في بريطانيا في المناصب السياسية سان جاويد وزير الدولة لشؤون الإدارة المحلية "حزب المحافظين"صديق خان عمدة لندن وهناك 11 عضوًا مسلمًا في مجلس اللوردات منهم 5 نساء,6 رجال.

أما في فرنسا فهناك منع لعمل أي إحصائيات على حساب الدين أو اللون أو العرق، لأن ذلك مخالف لحقوق الإنسان، ولكن صحيفة لوموند الفرنسية أجرت مع بعض المؤسسات تعدادًا للمسلمين في فرنسا سنة 2011م، وقالت أن نسبتهم تتراوح من 5- 8% من سكان فرنسا، وأكثرهم من العرب والجزائريون أكثرهم 43.2% تليهم المغاربة 27.5 % والتونسيون 11.4% وجنوب الصحراء الإفريقية 9.3 % والأتراك 0.1% .

أما الذين تحولوا في فرنسا من المسيحية إلى الإسلام فيصل إلى 70 ألف نسمة ويقدر عدد المسلمين في فرنسا بـ4.5 مليون نسمة.

أما في ألمانيا فيبلغ عدد المسلمين طبقًا لآخر إحصاء تم عام 2015م، ما يقارب خمسة ملايين مسلم بنسبة 5.7 % من عدد السكان.

وهكذا فلن نستطرد في تعداد المسلمين في كل الدول الأوربية، ولكن هذا التعداد المتزايد جعل أوروبا في خوف داخلى وقلق حقيقي وخاصة أن الأسر المسلمة هناك تنجب عدداً أكبر من الأسر الأوروبية الأصل، ويزداد الخوف إذا تكون لوبى من هذه الأعداد الكبيرة يشابه اللوبي اليهودي في أوروبا.

ولذلك فإن أوروبا في حالة حذر الآن ليس من المسلمين فحسب ولكن من الإسلام نفسه، وخاصة أن أكثر الأوربيين لا يعرفون الفرق بين الإسلام نفسه كدين والمسلمين وتصرفات بعضهم الحمقاء، ولا بين الإسلام المعصوم والفكر والفقه الإسلامي غير المعصوم، ولا بين الإسلام المعصوم والإسلامي غير المعصوم، والذي رأوا منه تجاوزات كثيرة، ولا بين الإسلام وحركات الإسلام السياسي التي تصارع غيرها على السلطة وتقع في أخطاء جسيمة من أجل ذلك الصراع.

وأكثرهم لا يفرقون بين الإسلام كمنهج وحضارة عظيمة تحمل في طياتها عوامل الرقي وحقوق الإنسان وبين تخلف العرب والمسلمين وتدهور أحوالهم السياسية والاقتصادية وصراعاتهم المذهبية والطائفية.

علاقة أوروبا بالعرب ستحكمها المصلحة الأوروبية، وهي تارة في النفط العربي وتارة في الموقع الاستراتيجي، وأخرى ليس لحماية أمن وحدود وبقاء إسرائيل فحسب كما كان قديمًا ولكن ريادة وقيادة إسرائيل للمنطقة العربية والشرق الأوسطية فضلاً عن بقاء السوق العربية المتعطشة دوما للتكنولوجيا الأوروبية والمتعطشة أكثر لاستيراد الأسلحة من أوروبا.

والخلاصة أن أوروبا لا تعتبر العرب في الحقيقة شركاء لها في الحضارة، بل تعتبرهم مقلدين وتابعين لها، هذه هي الاستراتيجية الحقيقية ولن يتغير ذلك إلا إذا نهض العرب سياسيًا واقتصاديًا وتقنيًا وصناعيًا وزراعيًا وأصبحوا فاعلين داخل بلادهم، وفي قراراتهم، فالقرار الخاص بسوريا وليبيا واليمن ولبنان مثلاً لا يصنع في أرض العرب ولكن يصنع لهم في أمريكا وأوروبا وروسيا وإيران وتركيا.

   العرب قرارهم غير موحد، ولا إرادتهم تجمعهم، ولا جامع يجمعهم، والنزاعات بينهم أكثر من نزاعاتهم مع خصومهم الحقيقيين ولن تتغير أوروبا معهم حتى يغيروا ما بأنفسهم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*كاتب ومفكر إسلامي

 

مجلة آراء حول الخليج