; logged out
الرئيسية / السفير العريفي مندوب السعودية لدى الاتحاد الأوروبي لـ "آراء حول الخليج": العلاقات السعودية - الأوروبية متنامية و 54.9 مليار يورو إجمالي التبادل التجاري

العدد 135

السفير العريفي مندوب السعودية لدى الاتحاد الأوروبي لـ "آراء حول الخليج": العلاقات السعودية - الأوروبية متنامية و 54.9 مليار يورو إجمالي التبادل التجاري

الإثنين، 04 آذار/مارس 2019

أكد السفير الأستاذ سعد بن محمد العريفي مندوب المملكة العربية السعودية الدائم لدى الاتحاد الأوروبي على أهمية ومتانة وعمق العلاقات السعودية مع دول الاتحاد الأوروبي، مشيرًا إلى أن الاتحاد الأوروبي

منظمة إقليمية كبرى، تعمل على تعزيز علاقتها مع الدول العربية والخليجية، مؤكدًا على أن الاتحاد الأوروبي يعمل وفق مبدأ العلاقات المتعددة الأطراف وتكثيف نشاطه الدبلوماسي عبر الانخراط بشكل فاعل في حوار مع التجمّعات الإقليمية الأخرى ومن ضمنها مجلس التعاون لدول الخليج العربية كما يدل تزايد حجم التبادل التجاري بين الكتلتين على تطوّر العلاقات والتي تمتلك مقوّمات الارتقاء والتطور.

وعلى صعيد العلاقات بين المملكة العربية السعودية والاتحاد الأوروبي أوضح السفير سعد بن محمد العريفي في حديث لـ (آراء حول الخليج): المملكة العربية السعودية لديها العديد من العوامل الإيجابية لجذب الاستثمارات الأوروبية وتعزيزها كجزء من رؤيتها 2030. يوجد حاليًا تعاون اقتصادي وحجم تبادل تجاري لا يستهان به وتعتمد المملكة على الكثير من الصناعات والخبرات التي تقدمها الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. حيث تشير آخر الإحصائيات إلى أن إجمالي تجارة السلع بين الاتحاد الأوروبي والمملكة بلغت قيمة 54.9 مليار يورو. وبلغت صادرات الاتحاد الأوروبي إلى المملكة ما يقارب 33.1 مليار يورو. بينما بلغت واردات الاتحاد الأوروبي من المملكة 21.8 مليار يورو. وشهدت التجارة بين الاتحاد الأوروبي والمملكة نموًا ملحوظًا بين عامي 2007 و2017م (من 38.66 إلى 54.9 مليار يورو) حيث ارتفع إجمالي التجارة بنسبة 42% خلال العشر سنوات. وذكر السفير العريفي أن صادرات الاتحاد الأوروبي إلى المملكة تركزت على المنتجات المصنعة (76٪) وخصوصًا الآلات ومعدات النقل (13.19مليار يورو، 39.9%)، والمواد الكيميائية (5.34مليار يورو، 16.1%). وتعتمد واردات الاتحاد الأوروبي من المملكة بشكل رئيسي على منتجات الوقود والمعادن (17.03 مليار يورو، 77.8%) والمواد الكيميائية (3.68 مليار يورو، 16.8٪ ). وبالمقارنة مع الشركاء الرئيسيين للاتحاد الأوروبي، تحتل السعودية المرتبة 13 بنسبة 1.5٪ من إجمالي التجارة منذ عام 2017م.

وتناول الحديث مستقبل العلاقات المشتركة، وتواجد الجماعات الهاربة من بلادها تحت شعارات مختلفة وتتخذ من عواصم الدول الأوروبية ملاذًا لها، وكذلك مواجهة مخاطر الإرهاب وغير ذلك من القضايا المشتركة بين الدول العربية والمملكة العربية السعودية من جهة، ودول الاتحاد الأوروبي من جهة أخرى، وإلى نص الحوار:

 

*كيف تنظرون لواقع العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والمملكة العربية السعودية، وهل ترقى إلى مستوى العلاقات التاريخية بين الجانبين وكيف تنظرون إلى مستقبلها، ومن وجهة نظركم ما هي المجالات المواتية لتفعيل هذه العلاقات؟

 

**للمملكة العربية السعودية والاتحاد الأوروبي علاقات تاريخية تشكل أسس الحوار السياسي بين الجانبين والتي امتدت لأكثر من خمسة عقود. حيث انطلقت مع تقديم السفير فؤاد ناظر أوراق اعتماده إلى المؤسسة الاقتصادية الأوروبية عام ١٩٦٧م. وتطورت العلاقات بين الجانبين التي ساهمت في تحقيق نجاحات العديد من المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية، ونمت أغلب العلاقات بين الطرفين في إطار التعاون الإقليمي لدول الخليج العربي والاتحاد الأوروبي، بحيث تجمع المملكة والاتحاد علاقات متميزة في إطار اتفاقية التعاون التي عقدت بين المفوضية الأوروبية ومجلس التعاون لدول الخليج العربي في عام ١٩٨٩م. والتي يقوم بموجبها كل من وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون لدول الخليج العربي بالاجتماع مرة واحدة في السنة في اجتماع وزاري مشترك. وكذلك الاجتماع العربي ـ الأوروبي الذي يجتمع مرة كل سنتين على المستوى الوزاري.

دخلت العلاقات السعودية-الأوروبية مرحلة متقدمة بعد القرار الحكيم الذي اتخذته حكومة خادم الحرمين الشريفين – يحفظه الله -بإنشاء بعثة مستقلة للمملكة، تعنى بالاتحاد الأوروبي بنهاية عام 2017م، بهدف تعميق العلاقات مع الاتحاد الأوروبي وتعزيز سبل التعاون المشترك في مختلف المجالات وتقريب وجهات النظر حيال القضايا الإقليمية والدولية الهامة. فمنذ افتتاح البعثة جرى العديد من الزيارات المتبادلة على مستوى عالٍ بين الجانبين شملت زيارة لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الأوروبي للمملكة، زيارة معالي وزير الخارجية عادل الجبير آنذاك ولقاءه بلجنة العلاقات الخارجية وعددًا من ممثلي المجموعات السياسية، وزيارة الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للمملكة والمشاركة في القمة العربية الـ29 التي عقدت في المنطقة الشرقية في 15 أبريل 2018م، وعدد من زيارات معالي الوزير  للمشاركة في المؤتمر رفيع المستوى المعني بإنشاء قوات الساحل الإفريقي لمكافحة الإرهاب، ومؤتمر بروكسل الثاني حول "دعم مستقبل سوريا والمنطقة"، وزيارة المتحدث الرسمي باسم التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن والوفد المشترك من وزارتي الدفاع والخارجية، وغيرها من زيارات المسؤولين في المملكة. كما وافق مجلس الوزراء برئاسة سيدي خادم الحرمين الشريفين ـ يحفظه الله ـ على التباحث والتوقيع على مشروع ترتيبات التعاون بين وزارة الخارجية السعودية وجهاز العمل الخارجي في الاتحاد الأوروبي وجاري العمل حاليًا مع الجانب الأوروبي بهذا الشأن.

للطرفين وجهات نظر متقاربة في عدد من القضايا الجوهرية مثل المبادرة العربية للسلام في الشرق الأوسط التي أقرتها جامعة الدول العربية وبدعم من المجتمع الدولي بما في ذلك الاتحاد الأوروبي. ويواجه الاتحاد الأوروبي والمملكة العربية السعودية (مع دول مجلس التعاون الخليجي) تحديات مشتركة مثل الإرهاب الدولي وأمن الطاقة وانتشار أسلحة الدمار الشامل والتدهور البيئي.

***ما هو التأثير المحتمل لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي على العلاقات السعودية-الأوروبية، في ظل تقارب بعض دول الاتحاد الأوروبي مع إيران؟

لا شك في أن المملكة المتحدة حليف مهم للمملكة العربية السعودية وتربطها علاقات تاريخية وشراكة استراتيجية تمتد لعقود قبل دخول المملكة المتحدة إلى الاتحاد الأوروبي، وجود حليف قوي كبريطانيا داخل مؤسسات الاتحاد الأوروبي عامل مهم في تعزيز العلاقات السعودية الأوروبية، ولكن لدى المملكة علاقات مميزة مع عدد من الدول الأوروبية المؤثرة، لذا سيكون التأثير محدودًا نوعًا ما.

في الجانب الاقتصادي، ننظر إلى البريكزيت كفرصة اقتصادية للمملكة، لأنه من المرجح أن يؤدي خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي إلى سعي بريطانيا إلى تعزيز علاقاتها الاقتصادية مع دول الخليج (في مقدمتها المملكة) من خلال اتفاقيات تجارية ثنائية، تصب في مصلحة الطرفين وتعزز فرص الاستثمار البريطانية في مشاريع المملكة العملاقة في إطار رؤية المملكة ٢٠٣٠.

 

 

 

* يعتقد البعض في الشرق الأوسط، أن أوروبا بمثابة البوابة لدعم إيران حيث تبدو أنها تلتف على العقوبات الدولية وتفتح الباب لصفقات تجارية مع إيران وغسيل الأموال، ما هو حقيقة موقف الاتحاد الأوروبي من العقوبات والبرنامج النووي الإيراني؟

 

**ينظر الاتحاد الأوروبي إلى الاتفاق النووي على أنه أبرز إنجاز دبلوماسي متعدد الأطراف (يكاد يكون الوحيد) له منذ تأسيسه، عملت الدبلوماسية الأوروبية لسنوات طويلة في الإعداد والتفاوض مع الشركاء الدوليين لإنجازه، ولدى الأوروبيين قناعة بأنه لا يوجد بديل لهذا الاتفاق بالرغم من خروج الولايات المتحدة منه، وبرأيهم أن نشاطات إيران المزعزعة للاستقرار في المنطقة ورعايتها للإرهاب (تجدر الإشارة إلى العمليات الإرهابية التي أحبطت في داخل أوروبا) منفصلة عن قضية الاتفاق النووي ويجب معالجتها في إطار منفصل، فالاتحاد الأوروبي مستمر في تطبيق العقوبات المتعلقة بالانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان وينتقد دعمإيران لجماعات مسلحةوتطوير الصواريخ البالستية. وهناك لجنة رباعية تضم كلاً من فرنسا وألمانيا وبريطانيا وإيطالياللتفاوض مع إيران حول الخروقات وتدخلها في زعزعة استقرار المنطقة ودعم الميليشيات وأسلحة الدمار الشامل والصواريخ البالستية.

 

* تنفذ المملكة العربية السعودية رؤية 2030 وتعمل على توسيع القاعدة الاقتصادية وتنويع المشاركات .. ما مدى مساهمة أوروبا في تحقيق ذلك، وما حجم الاستثمارات الأوروبية في المملكة وكيف يمكن زيادتها وفي أي المجالات؟

 

**يؤمنمسيرو السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، وباعتبار أنها منظمة إقليمية كبرى، بمبدأ العلاقات المتعددة الأطراف ويولونها اهتمامًا كبيرًا، ويعمل الاتحاد الأوروبي على تكثيف نشاطه الدبلوماسي عبر الانخراط بشكل فاعل في حوار مع التجمّعات الإقليمية الأخرى ومن ضمنها مجلس التعاون لدول الخليج العربي، كما يدل تزايد حجم التبادل التجاري بين الكتلتين على تطوّر العلاقات والتي تمتلك مقوّمات الارتقاء والتطور.

المملكة العربية السعودية، لديها العديد من العوامل الإيجابية لجذب الاستثمارات الأوروبية وتعزيزها كجزء من رؤيتها 2030. يوجد حاليًا تعاون اقتصادي وحجم تبادل تجاري لا يستهان به وتعتمد المملكة على الكثير من الصناعات والخبرات التي تقدمها الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. حيث تشير آخر الاحصائيات إلى أن إجمالي تجارة السلع بين الاتحاد الأوروبي والمملكة بلغت قيمة 54.9 مليار يورو. حيث بلغت صادرات الاتحاد الأوروبي إلى المملكة العربية السعودية ما يقارب 33.1 مليار يورو. بينما بلغت واردات الاتحاد الأوروبي من المملكة 21.8 مليار يورو. وشهدت التجارة بين الاتحاد الأوروبي والمملكة نموًا ملحوظًا بين عامي 2007 و2017م (من 38.66 إلى 54.9 مليار يورو) حيث ارتفع إجمالي التجارة بنسبة 42% خلال العشر سنوات.

تركزت صادرات الاتحاد الأوروبي إلى المملكة على المنتجات المصنعة (76٪) وخصوصًا الآلات ومعدات النقل (13.19مليار يورو، 39.9%)، والمواد الكيميائية (5.34مليار يورو، 16.1%). وتعتمد واردات الاتحاد الأوروبي من المملكة بشكل رئيسي على منتجات الوقود والمعادن (17.03 مليار يورو، 77.8%) والمواد الكيميائية ( 3.68 مليار يورو، 16.8٪). وبالمقارنة مع الشركاء الرئيسيين للاتحاد الأوروبي، تحتل السعودية المرتبة 13 بنسبة 1.5٪ من إجمالي التجارة منذ عام 2017م.

إن ما تحققه المملكة من تطور وإنجازات يتطلب تكثيف التعاون الدولي ومن أهمها التعاون مع الاتحاد الأوروبي حيث تلعب الشركات الأوروبية دورًا هامًا في المشاريع المختلفة في المملكة ومن المهم الاستفادة من خبرات الاتحاد الأوروبي التي هي محل اهتمام وتقدير لدى المملكة.

من المعلوم أن المملكة العربية السعودية هي أكبر سوق اقتصادي حر في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث تمتلك 25٪ من إجمالي الناتج المحلي الإقليمي بسبب موقعها الجغرافي الذي يساعدها على الوصول بسهولة إلى أسواق التصدير والاستيراد في أوروبا وآسيا وإفريقيا. كما أن المملكة هي واحدة من أكبر الاقتصادات في العالم، وتأتي في المرتبة التاسعة عالميًا من حيث الاستقرار الاقتصادي والسادسة عشر كأفضل بيئة جذب للاستثمار وهي عضو فعال في مجموعة العشرين G20.

من خلال اللقاءات التي أجريت مع المسؤولين والمختصين في مفوضية الاتحاد الأوروبي المعنيين بالشؤون الاقتصادية والتجارية أشاروا إلى أهمية المملكة الاقتصادية وتطلعهم إلى تعزيز التعاون والمشاركة مع المملكة في العديد من المشاريع الواعدة والتي تمخضت عن رؤيتها ٢٠٣٠. كذلك من خلال المناقشات تم تسليط الضوء على العديد من الفرص للتعاون بين المملكة والاتحاد الأوروبي من خلال تبادل الخبرات والاستفادة من التجارب الأوروبية في مختلف المجالات ومنها النقل والمواصلات، والزراعة والتنمية الريفية، والطاقة، والبيئة، والتقنية الحديثة. كما أن هناك تواصل مستمر بين المختصين في المملكة في هذه المجالات من خلال وزارة الخارجية وبعثة المملكة ونحن نهتم بتوفير كافة التسهيلات وبناء الجسور للتواصل بين المختصين في المملكة والاتحاد الأوروبي للمضي قدمًا في تعزيز التعاون المشترك.

*تعمل المملكة على توطين الصناعة والتكنولوجيا، ما مدى تعاون دول الاتحاد الأوروبي في ذلك، وما هي المجالات التي بدأت تساهم أوروبا فيها أو الممكنة لتوطين الصناعات والخبرات الأوروبية.

**أولت المملكة العربية السعودية، عقب تسلّم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز اَل سعود -يحفظه الله-مقاليد الحكم في البلاد، مطلع العام 2015م، اهتمامًا بالغًا بمسألة توطين الصناعات. وأبرزت "رؤية السعودية 2030 مسألة توطين الصناعات وأولتها أهمية كبيرة.

وتتعاون المملكة مع عدد من دول العالم لتنفيذ هذه الخطة منها عدد من الدول الأوروبية. وكمثال على ذلك خلال الزيارة الأخيرة لسمو ولي العهد لعدد من الدول الأوروبية تم توقيع اتفاقيات عديدة مع دول الاتحاد الأوروبي مثل إسبانيا وبريطانيا وفرنسا. وضمن هذه الاتفاقيات توقيع الشركة السعودية للصناعات العسكرية (SAMI) وشركة نافانتيا للصناعات البحرية الإسبانية عدد من الاتفاقيات منها اتفاقية إنشاء مشروع مشتركٍ يدير ويوطن أنظمة السفن العسكرية.

وفي مارس 2018 م، وقعت الحكومة السعودية مع بريطانيا على عدد من مذكرات التفاهم لتعميق أوجه التعاون والشراكة بينهما، وتعزيز القدرات السعودية الدفاعية، من خلال نقل وتوطين التقنية، والمشاركة الصناعية بين القطاع الصناعي الدفاعي في البلدَين.

كما تم التوقيع مع فرنسا في أبريل 2018 م، على اتفاقيات كثيرة منها اتفاقيات للتعاون في مجال توطين الصناعة والتكنولوجيا في مجالات تشمل البتروكيماويات والصناعات العسكرية. كما وقعت مؤخرًا شركة سندس الديباجة السعودية اتفاقية حصرية لتوريد خامات أولية عسكرية مع شركة سيراج فيراري الفرنسية، على هامش معرض آيدكس 2019م، في أبو ظبي. وتهدف الاتفاقية إلى تمكين المصانع المحلية من توفير المواد الأولية لتوطين عدد من المنتجات العسكرية المتخصصة بقيمة مضافة عالية.

ومن خلال لقاءاتنا مع المسؤولين الأوروبيين نجد أن عددًا من الدول الأوروبية تبدي رغبتها في التعاون مع المملكة في مختلف المجالات ومنها الطاقة المتجددة.

* تخطط دول الاتحاد الأوروبي للاعتماد على الطاقة البديلة، كيف تنظرون إلى مستقبل التعاون بين المملكة ودول الاتحاد الأوروبي في الطاقة وتأثير ذلك على تصدير النفط وأسعاره العالمية؟

**يوجد لدى الاتحاد الأوروبي خبرة كبيرة في استخدامات الطاقة المتجددة وفي مجال تطوير مصادر الطاقة الخضراء والنظيفة وهناك تعاون قائم للاتحاد الأوروبي مع عدد من دول العالم لتطوير خدمات الطاقة الحديثة والآمنة والمستدامة. كما أن لدى الاتحاد الأوروبي خبرة كبيرة في تطوير استخدامات الطاقة المتجددة وفي مجال تطوير مصادر الطاقة الخضراء والنظيفة وتقدر المملكة الخبرات الأوروبية وتتطلع إلى المزيد من التعاون المشترك في هذا المجال. حيث سبق أن أقيم المنتدى رفيع المستوى في مدينة جدة بتاريخ ۱٤ يناير ۲٠۱۸م، بعنوان "اجتماع كفاءة استهلاك الطاقة المشترك بين الاتحاد الأوروبي والمملكة العربية السعودية"، بمبادرة من شبكة الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي لتقنيات الطاقة النظيفة، ومفوضية الاتحاد الأوروبي لدى المملكة العربية السعودية، وبمشاركة الهيأة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة لبحث فرص التعاون بين المملكة العربية السعودية والاتحاد الأوروبي بشأن المعايير وبرامج الاعتماد والتصنيف ذات الصلة بمجال التدفئة والتهوية وتكييف الهواء والمساعدة على الحفاظ على ثروة المملكة من موارد الطاقة وتعزيز الاقتصاد الوطني كجزء من البرنامج الوطني للكفاءة في استخدام الطاقة.

لدى المملكة العربية السعودية ثاني أكبر احتياطي نفطي في العالم يقدر بـ 22% وتوفر الطاقة للمشاريع الاستثمارية بأقل الأسعار على مستوى جميع دول العالم مما يجعل المملكة الوجهة المثالية للمشاريع التي تعتمد على استهلاك الطاقة، إضافة إلى الموارد الطبيعية في قطاع التعدين. ومع ذلك فإن مكامن القوة السعودية لم تعد في تصدير النفط فحسب، بل في تكرير النفط والمواد والحركة والنقل والمعادن والغاز والانفتاح الاقتصادي لجذب الاستثمارات الأجنبية وهو ما يعني أنها تسير في الطريق الصحيح نحو استراتيجية تنويع مصادرها وزيادة دخلها. بالإضافة إلى أن المملكة أمام مشروع غير مسبوق للطاقة الشمسية ستستفيد منه بتوفير 40 مليار دولار بالإضافة إلى زيادة الناتج المحلي بـ 20 مليار دولار وهناك عدد من المشاريع الأخرى الواعدة في مجال الطاقة التي تمثل فرصًا للدول الأوروبية للمشاركة والمساهمة في استثماراتها المستقبلية.

 

*موقف الاتحاد الأوروبي من قضايا الشرق الأوسط الساخنة ضعيف جدًا ويكاد يكون غائبًا من الأزمة اليمنية والأزمة السورية والأوضاع في ليبيا، هل قبلت دول الاتحاد الأوروبي بدور المتفرج من القضايا العربية دون مشاركة حقيقية بغض النظر عن المساعدات المالية والتصريحات عديمة التأثير، وبما تفسرون ذلك؟

 

**في واقع الحال، للاتحاد الأوروبي سياسة خارجية وأمنية مشتركة، اَي أن المواقف التي يتخذها الاتحاد الأوروبي تخضع لإجماع الدول الـ ٢٨ المكونة للاتحاد الأوروبي، بالرغم من وجود تقارب وإجماع في الكثير من القضايا، إلا أنه من النادر أن تصدر مواقف قوية عن الاتحاد الأوروبي يوافق عليها ٢٨ وزير خارجية، لأسباب كثيره من أبرزها تضارب المصالح واختلاف الأولويات، فمثلاً القضية الليبية تعتبر ساحة تنافس بين فرنسا وإيطاليا مما أدى إلى موقف أوروبي غير واضح وغير مؤثر. فلا تزال الدول الأعضاء تحافظ على سيادتها في نسج سياساتها الخارجية.

مع ذلك يقوم الاتحاد الأوروبي بلعب دور مؤثر في القضايا العربية من خلال المساعدات الإنسانية والمساعدات التنموية، فمثلاً بلغ إجمالي إسهام الاتحاد الأوروبي في تلك المجالات لليمن أكثر من 544 مليون يورو منذ العام 2015م.كما يواصل الاتحاد الأوروبي دعم واستكمال جهود الأمم المتحدة ومبعوثها الخاص مارتن غريفيث في تحقيق تسوية سلام في اليمن، ويعد الاتحاد الأوروبي واحدًا من 25 عضوًا في لجنة المانحين للمرفق الدولي لصندوق تعمير العراق، التي دخلت حيز التنفيذ من قبل الأمم المتحدة والبنك الدولي. وقد تم إنشاء هذا المرفق بقصد توجيه الدعم المُقدّم لإعادة الإعمار والتنمية في العراق.

وفيما يخص القضية الفلسطينية يضطلع الاتحاد الأوروبي بدور نشط في عملية السلام في الشرق الأوسط وهو عضو في اللجنة الرباعية حول الشرق الأوسط (بجانب الولايات المتحدة وروسيا والأمم المتحدة)، من أجل التوصل إلى حل الدولتين والذي يستند إلى خارطة الطريق للسلام 2003م، ويناقش مجلس وزراء الاتحاد الأوروبي هذه الجهود بشكل منتظم.

وسـيتشـارك الاتحـاد الأوروبـي والأمـم المتحدة في اسـتضافة المؤتـمر الثالث حـول دعـم مسـتقبل سـورية والمنطقة والذي سيعقد في بركسل في 12-14 مارس الحالي. استنادًا إلى المؤتمرين السابقين، يستمر الاتحاد الأوروبي في تقديم الدعم إلى عملية جنيف بقيادة الأمم المتحدة من خلال مبادرة الاتحاد الأوروبي الإقليمية حول مستقبل سورية.

في العام 2018م، مدّد المجلس التدابير التقييدية التي فرضها الاتحاد الأوروبي على خلفية الوضع في سورية إلى 2019م. وتشمل العقوبات المطبقة حاليًا حظرًا على النفط، كتدابير تقييدية على استثمارات محددة، وتجميد أصول مصرف سوريا المركزي ضمن الاتحاد الأوروبي، كما تشمل قيودًا على تصدير التجهيزات والتكنولوجيا التي لعلها تُستخدم في القمع الداخلي، إضافة إلى التجهيزات والتكنولوجيا المستخدمة في مراقبة أو اعتراض الإنترنت أو الاتصالات الهاتفية. إضافة إلى ذلك، تم استهداف 261 فردًا و67 كيانًا عبر منع السفر وتجميد الأصول على خلفية القمع العنيف ضد السكان المدنيين في سوريا..

* تكتفي دول الاتحاد الأوروبي بالحديث عن حقوق الإنسان والديمقراطية في الشرق الأوسط، لكن دون تقديم مساعدات وحلول عملية تساعد الدول النامية على النهوض الاقتصادي والسياسي، لماذا؟ ومتى تتفاعل أوروبا مع جيرانها العرب بشكل أكثر تأثيرًا؟

 

**يتبنى الاتحاد الأوروبي بمؤسساته المختلفة مواقف واضحة تجاه مستجدات مواضيع حقوق الإنسان لدى الدول الأعضاء وكذلك حول العالم وخصوصًا لدى الدول النامية، ويحاول الاتحاد الأوروبي التأثير على الدول الأعضاء بتحويل هذه المواقف إلى سياسات على أرض الواقع وهذا ناتج من كون أهم المبادئ التي أنشئ عليها الاتحاد الأوروبي هي الديمقراطية وصيانة حقوق الإنسان داخل منطقة الاتحاد الأوروبي وأيضًا حول العالم. ونرى في الفترة الأخيرة مؤشرات لمزيد من التقارب بين الاتحاد الأوروبي والدول العربية يتثمل ذلك في عقد قمة بين الاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية وهي الأولى من نوعها وتناولت أجندة هذه القمة العديد من القضايا الحساسة والشائكة التي تهم كافة الأطراف المعنية.

من ناحية أخرى، فإن المملكة العربية السعودية تشترك والاتحاد الأوروبي في تنفيذ العديد من المبادرات الإنسانية تجاه دول العالم، منها على سبيل المثال عقد مؤتمر "دعم مستقبل سورية والمنطقة" برئاسة الاتحاد الأوروبي الذي عقد في بروكسل في شهر أبريل 2018م، وشاركت المملكة فيه بحضور معالي وزير الخارجية السعودي – في حينها-عادل الجبير، حيث قدمت المملكة مبلغ 100 مليون دولار عبر مركز الملك سلمان للإغاثة للشعب السوري الشقيق. كما أن المملكة تؤمن بمبدأ الحوار مع كافة شركائها الدوليين في جميع القضايا المختلفة شريطة أن يكون هذا الحوار مبنيًا على أساس الاحترام المتبادل وتقبل الاختلافات الثقافية والمجتمعية لكل طرف منهما.

* أوروبا تتهم دول المنطقة بتصدير الإرهاب فيما تحتضن الجماعات الإرهابية وجماعات الإسلام السياسي الهاربة من دول الشرق والجنوب، ما يعتبره البعض أن أوروبا تساعد على صناعة الإرهاب.. متى وكيف يكون لدول الاتحاد الأوروبي سياسة واضحة تجاه احتضان الجماعات الإرهابية وجماعات الإسلام السياسي تحت شعارات اللجوء السياسي وغيرها من شعارات براقة وخادعة؟

 

**عرفت بعض دول الاتحاد الأوروبي وخاصة دول أوروبا الغربية التي استعمرت كثيرًا من البلدان الإفريقية والآسيوية وخاصة العربية والتي انتقل كثير من سكان تلك البلدان إلى هذه الدول طلبًا للعمل والعيش واندمجوا في المجتمعات الأوروبية مع تمسكهم بدينهم الإسلامي وثقافاتهم. وقد أهملت وهمشت بعض هذه الفئات مما سهل تجنيدهم في جماعات متطرفة وإرهابية ترفع شعارالدفاع عن الإسلام والمسلمين والدليل على ذلك وجود الكثير ممن يحملون جنسيات أوروبية التحقوا بتنظيم داعش في العراق وسوريا وليبيا.

 

ومن جانب آخر، أصبحت بعض العواصم الأوروبية ملاذًا لكثير من الهاربين من العدالة في بلدانهم ومتهمين بانتمائهم إلى منظمات وجماعات متطرفة بغطاء "المعارضة السياسية" وتحت شعار "اللجوء السياسي" *ومع مرور الزمنتمكنت الحركات الإسلامية التي واجهت حصارًا قاسيًا في دولها الأصلية من بناء شبكة قوية في أوروبا، عبر إنشاء المنظمات الإسلامية، والمراكز الثقافية والبحثية، والمنظمات غير الحكومية، إلى جانب (شبكة مستقلّة) من الأفراد، والدعاة، والأكاديميين، والناشطين، والصحافيين.

 

أصبح للإسلام السياسي في أوروبا حضور سياسي مؤثر وحظي بقبول من المؤسسة السياسية الأوروبية إلا أن تعرضت عدد من الدول الأوروبية إلى هجمات إرهابية كبرى، أنتجت وعيًا أكبر لدى المؤسسات الأوروبية والدول الأعضاء للتهديد الفعلي التي تشكلها هذه الجماعات والمنظمات، مما جعل هذه الدول تركز على كيفية محاربة ظاهرة التطرف الديني من خلال إنشاء آليات لتبادل المعلومات و إنشاء منصب منسق مكافحة الاٍرهاب في المجلس الأوروبي الذي يشغله حاليًا السيد/ جيل دكركوف والذي تربطه علاقات وثيقة مع المملكة ودول المنطقة حيث عبر في أكثر من مناسبة عن ضرورة الاستفادة من التجربة السعودية في هذا المجال*

يمكن أن يكون لأوروبا سياسة واضحة حينما يكون هنالك قرارات جاده لوقف الدول الداعمة للإرهاب ومحاسبة المتورطين بالإرهاب والجماعات المتطرفة التي تمول من قبل دول مارقة. تجدر الإشارة إلى أنه هناك حوار مستمر مع الجانب الأوروبي يهدف إلى تقريب وجهة النظر بهذا الشأن.

* كيف تساهم أوروبا بشكل أكثر فعالية في حل معضلة الهجرة غير الشرعية ومساعدة الدول الفقيرة للقضاء على هذه الظاهرة؟

**اتخذ الاتحاد الأوروبي عددًا من التدابير لمواجهة الهجرة غير الشرعية ومنها عملية صوفيا قبالة السواحل الليبية التي ساهمت في الحد من   شبكات تهريب المهاجرين في جنوب البحر الأبيض المتوسط، كما وقع الاتحاد الأوروبي اتفاقيات مع عدد من دول عبور المهاجرين للتخفيف من الأعباء المترتبة على الدول المستضيفة للاجئين السوريين.

تجدر الإشارة إلى أن المملكة باعتبارها لاعب رئيسي في الحفاظ على استقرار المنطقة تساهم في تخفيف تداعيات أزمة الهجرة على الدول الأوروبية الأمر الذي يحتل أولوية عليا لدى الاتحاد الأوروبي. إذ أن ارتفاع مؤشرات الفقر وتزايد الاضطرابات السياسية في المنطقة يزيد معه تدفق اللاجئين من هذه الدول إلى أوروبا مما يشكل تحديًا كبيرًا لدول الاتحاد الأوروبي ومسألة خلاف بين دوله الأعضاء. وقد قامت المملكة على سبيل المثال باستضافة ما يقارب ٢.٤ مليون من الأشقاء السوريينوكذلك أكثر من 2 مليون من الأشقاء اليمنيين الذين فروا من بلدهم جراء تدهور الأوضاع فيها، وقد قدمت لهم المملكة كافة سبل الحياة الكريمة وعوملوا معاملة المواطنين من ناحية حق التعليم والرعاية الصحية والتوظيف بالإضافة إلى الخدمات الأساسية الأخرى. كما قامت المملكة بالاستجابة لنداء الحكومة الشرعية في اليمن وقادت التحالف الدولي لدعم الشرعية في اليمن ضد ميليشيا الحوثي الانقلابية وذلك حماية لليمن من التحول لدولة فاشلة وما قد يسببه ذلك من مشاكل كثيرة تؤثر على الاتحاد الأوروبي .

 

 

 

مقالات لنفس الكاتب