; logged out
الرئيسية / برامج الطاقة النووية السلمية في الشرق الأوسط: تحليل وتقييم

برامج الطاقة النووية السلمية في الشرق الأوسط: تحليل وتقييم

الثلاثاء، 14 أيار 2019

يوجد ست دول شرق أوسطية لديها برامج طاقة نووية عاملة أو مخطط لها حاليًا. ولكن حجم ونضج البرامج النووية المطروحة في المنطقة بالإضافة إلى دوافعها وتحدياتها تختلف من دولة إلى أخرى. فمن ناحية احتياجات وقود اليورانيوم منخفض التخصيب، فإن القدرة الكهربائية المتوقع إنتاجها من الطاقة النووية في منطقة الشرق الأوسط بأكملها حتى العام 2040، تتراوح من 11 -42 غيغاوات. وبالاستناد إلى التقديرات المرتفعة وتلك المنخفضة، فقد بات من الواضح أن منطقة الشرق الأوسط بحاجة إلى مصادر أساسية لوقود اليورانيوم وللتخصيب. وحتى لو تم الاستناد إلى التقدير المنخفض، فإن المنطقة ستحتاج إلى حوالي 242 طن من اليورانيوم منخفض التخصيب كل عام، وبالتالي إلى قدرات كبيرة لتخصيب اليورانيوم أيضاً. أما من ناحية مزودي الطاقة النووية، فإن روسيا تقود السباق بمفاعلاتها التي تعتمد تكنولوجيا الماء الخفيف من خلال ترحيبها بالمساعدة في تمويل برامج الطاقة النووية في المنطقة. ومن المنظور الاقتصادي، فإن استخدام الطاقة النووية في منطقة الشرق الأوسط سيصبح خيارًا غير مجد إذا بقيت تكاليف الطاقة الشمسية مستمرة في الانخفاض.

أصبح الشرق الأوسط في مركز موجة جديدة لبناء محطات الطاقة النووية في ظل وجود خطط طموحة لبناء هذه المحطات في كل من مصر وإيران والأردن والمملكة العربية السعودية وتركيا والإمارات العربية المتحدة. ويستند التسويغ الرسمي لبناء تلك المحطات في المنطقة إلى مجموعة من التحديات المشتركة التي تواجه بلدانها. من بين تلك التحديات الطلب المتزايد على الطاقة الكهربائية والمياه المحلاة بسبب الزيادة السكانية والنمو الاقتصادي، والحاجة إلى تحقيق شبكة أمان للطاقة من خلال تقليل الاعتماد على استيرادها من مصادر خارجية وتنويع مصادرها في آن، بالإضافة إلى تكلفة الفرصة البديلة[1] (Opportunity cost)مع ما يرافقها من استهلاك كميات من الوقود والغاز من أجل توليد الطاقة الكهربائية عوضًا عن الاستفادة من تلك الموارد في التصدير.[2] هذا بالإضافة إلى أنه قد تم تبني الطاقة النووية دائمًا بصفتها محفز على الاعتماد الذاتي، وعلى بناء قوة عمل عالية التأهيل والمهارة، فضلًا عن كونها معززة للنمو الاقتصادي.[3]

وتركز هذه الدراسة على تقيّيم الوضع الحالي والخطط المستقبلية، فضلًا عن رصد وتحليل مجموعة التحديات المتنوعة المرتبطة بنشر الطاقة النووية في الشرق الأوسط. كما تهدف أيضًا إلى تسليط الضوء على اعتبارات رئيسية أخرى مثل احتياجات الموارد، والأمن النووي، بالإضافة إلى موردي تلك التقنية المتاحين، والتقنيات المتوفرة.

أولًا: برامج الطاقة النووية السلمية في منطقة الشرق الأوسط: الوضع الراهن والتوقعات

يوجد ست دول شرق أوسطية (مصر، إيران، الأردن، المملكة العربية السعودية، تركيا، والإمارات العربية المتحدة) لديها برامج طاقة نووية مخطط لها حاليًا. إيران والإمارات العربية المتحدة لديهما البرامج الأكثر تقدمًا، حيث يوجد المفاعل الوحيد العامل في المنطقة (بوشهر-1) في إيران، فيما تتجه دولة الإمارات لإنشاء أربعة مفاعلات. كما أن تركيا لديها أيضًا برامج متقدمة، حيث وقعت بالفعل مشاريع مع الشركة الروسية للطاقة النووية Rosatom لبناء أربعة مفاعلات في موقع Akkuyu على الشاطئ الجنوبي لتركيا.[4]

الشكل رقم (1)

الوضعية الحالية للمشاريع النووية في الشرق الأوسط

 

وكذلك فإن ست دول خليجية (البحرين، الكويت، عُمان، قطر، المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة) كانت قد قررت في العام 2006م، تطوير برنامج نووي مشترك، ولكن البحرين والكويت وعُمان وقطر انسحبوا من هذا المشروع على ضوء حادثة مفاعل فكوشيما الياباني.[5] أما الأردن والمملكة العربية السعودية فلديهما خططهما، وتقومان حاليا بتطوير الإطارين القانوني والتنظيمي، فضلًا عن الحصول على البنية التحتية والكفاءات والموارد البشرية المطلوبة. كما أن مصر، من جانب آخر، تمتلك قدرات أفضل لاسيما من ناحية وجود قاعدة بحثية نووية عريضة، وخطط قد تم وضعها منذ حقبة الستينات في القرن الماضي.

وبخصوص إسرائيل، الدولة الشرق أوسطية الوحيدة التي تمتلك سلاحًا نوويًا، كانت قد درست إمكانية إقامة مفاعلات نووية في شمال صحراء النقب.[6] لكن اكتشاف الغاز الطبيعي جعل المسألة أقل إلحاحًا، وكذلك حادثة مفاعل فوكوشيما الياباني لعبت دورًا في إعادة النظر في المشروع.

ويلخص الشكل رقم (2) مشاريع الطاقة النووية الموجودة في المنطقة من حيث توافق أحجامها. وهناك تقديران، عالي ومنخفض، لقدرة المشروع على إنتاج الطاقة الكهربائية لكل دولة، بالإضافة إلى كامل منطقة الشرق الأوسط. التقدير المنخفض يفترض أن ليس كل البنية النووية المخطط لها سوف تكون محققة بالكامل. وهو تقدير متحفظ وقد تم تقريره بالاستناد إلى البلد المعني وما إذا كان هناك اتفاقات تعاقدية نهائية. وعلى الجهة الأخرى، يفترض التقدير المرتفع وجود سياسات إقليمية محبذة لوجود طاقة نووية. التقدير المنخفض بالنسبة لبلدان كمصر والأردن والمملكة العربية السعودية هو صفر لأنه لم توقع اتفاقات تعاقدية نهائية حتى الآن، بالرغم من وجود خطط متطورة بشكل جيد للقيام ببناء مفاعل نووي واحد على الأقل في تلك البلدان.

 

 

 

الشكل رقم (2)

القدرات المتوقعة لبرامج الطاقة النووية في الشرق الأوسط

 

ثانيًا: الاحتياجات من الموارد والانتشار النووي

يتمثل أحد أبرز الأمور المقلقة بشأن تأسيس برامج نووية في منطقة الشرق الأوسط وغيرها من مناطق العالم في المخاطر المتعلقة بموضوع الانتشار النووي. فمع ازدياد الميغاوات النووي في المنطقة ستزداد خطورة تدفق المواد الحساسة القابلة للاستخدام العسكري مثل اليورانيوم المخصب ووقود البلوتونيوم. وبالتأكيد فإن درجة الخطورة في موضوع الانتشار ستختلف من بلد إلى آخر طبقًا للجهة التي ستتحكم في نشاط دورة الوقود النووي، والكيفية التي سيتم من خلالها هذا التحكم، ونوعية الضمانات التقنية والمؤسسية التي سيتم الالتزام بها.

وبالاعتماد على تقديرات القدرات النووية لكل دولة استنادًا إلى المعطيات المذكورة في الشكل رقم (2)، ولكامل المنطقة أيضًا، يمكن تحديد الاحتياجات السنوية المطلوبة من أجل الوقود والتخصيب. وكما هو موضح في الجدول رقم (1)، فإن منطقة الشرق الأوسط ستحتاج مصادر أساسية للوقود وللتخصيب. وحتى بالاستناد إلى التقدير المنخفض، فإن المنطقة ستحتاج إلى حوالي (242) طن من اليورانيوم المنخفض التخصيب (LEU) في كل سنة، وهي بالتالي، ستحتاج إلى أكثر من مليون SWU في كل عام، وهذا الرقم يرتفع إلى (4.4) مليون SWU عند استخدام التقدير المرتفع.[7]

جدول رقم (1)

احتياجات التخصيب ومزودي الوقود لبرامج الطاقة النووية في الشرق الأوسط

State

Projected Capacity hotovoltaiccs Solar PVnology, Sawattbaaogies and vendors and economic competitivness.e East region such as current staus and fu

megawatt (year)

(low-high)

Million SWU/yr

(low–high)

Fuel Supplier

Egypt

0–4,800 (2030)

0–0.5

Likely Russia

Jordan

0–2,000 (2026)

0–0.2

Russia

Iran

2,000–3,000 (2030)

0.2–0.3

Russia

Saudi Arabia

0 –17,000 (2040)

0–1.8

Unknown

Turkey

3,350–9,400 (2030)

0.4–1.0

Russia

UAE

5600–5600 (2020)

0.6–0.6

South Korea

Total

10,950–41,800 (2040)

1.2–4.4

-

 

وتجدر الإشارة إلى أن تحديد مدى طاقة SWU المطلوب لا يأخذ بعين الاعتبار عقود الوقود التي يمكن أن يتم عرضها من قبل مزودي الطاقة النووية مثل روسيا وفرنسا. وبالتالي، فإنه من المتوقع أن الكميات الفعلية المطلوبة من اليورانيوم منخفض التخصيب ستكون أقل. ويُعد الحصول على عقود تزويد وقود مصدر ربحي محتمل للبائعين وللدول المزودة. وطالما أن شركةRosatom الروسية منتفعة من طريقة عمل Build-Own-Operate (BOO)في مشاريعها، فعلى الأغلب ستقوم بتزويد اليورانيوم منخفض التخصيب لمفاعلاتها. وقد تكون الحالة الإيرانية الاستثناء الوحيد حيث أن طهران أكدت على حاجتها لإنتاج الوقود النووي لمفاعلاتها محليًا. وهذه القضية كانت نقطة مركزية في نقاشات إيران مع مجموعة دول 5+1 حول برنامجها النووي.[8]

إن تقدير الإنتاج السنوي من الوقود المنضب مساو للحاجة السنوية من اليورانيوم منخفض التخصيب، والتي هي حوالي (22) طن لكل ميغاوات. وكل العقود غالبًا ستتضمن أن البائع سيزود بالوقود ويسترد النفايات المخزنة. وفي الحقيقة، فإن روسيا قدمت خيار "الاسترداد" للوقود المنضب ضمن طريقة عملها المتبعة؛ وهذا الخيار تم اعتماده مؤخرًا من أجل مفاعل بوشهر-1 الإيراني، وهو أيضا جزء من الاتفاق مع الأردن.[9] أما بالنسبة لمفاعل Akkuyu التركي فإن موضوع بقاء الوقود المنضب هناك لم يُحسم بعد.[10]

ثالثًا: التكنولوجيا النووية وخيارات البائعين

مع استمرار انخفاض نسبة مساهمة الطاقة النووية في تزويد الكهرباء للشبكات في الدول المتقدمة، يُنظر إلى الشرق الأوسط من قبل الصناعة النووية باعتباره سوقًا محتملة كبيرة لبناء مفاعلات نووية جديدة.[11] ومن جهة التزويد، فهناك حاليًا ستة خيارات من التكنولوجيا النووية المتاحة للانتشار في الشرق الأوسط. هذه الخيارات بتصميماتها المتناظرة مع إمكانياتها الموظفة تم تضمينها في الجدول رقم (2). وحتى الآن، فإن Rosatom، الشركة المملوكة من قبل الدولة الروسية، تظهر في مقدمة السباق مع تكنولوجيا المفاعلات النووية بالماء الخفيف VVER. وبالإضافة إلى بناء وتزويد مفاعل بوشهر الإيراني بالوقود، وقعت Rosatomاتفاقات مع تركيا لبناء أربعة مفاعلات VVERبطاقة 1200 ميغاوات في موقع Akkuyu.[12] كما أنها دخلت في مرحلة متقدمة من المفاوضات مع الأردن لبناء أول محطة طاقة نووية مع توقيع الاتفاقيات حول تطوير المشروع.[13] وفي نوفمبر عام 2015م، وقعت روسيا ومصر اتفاقًا لبناء أول محطة طاقة نووية مصرية في موقع الضبعة، ولم تتضح قيمة الاتفاقية.[14] إن نجاح Rosatom يستند بشكل رئيسي إلى استفادتها من نموذج Build-Own-Operate (BOO) كنموذج لأعمالها، وهو نموذج يهدف إلى تسهيل الحصول على الطاقة النووية لدول قادمة حديثًا لهذا القطاع بدون بنية تحتية ومالية وبشرية ملائمة.

وفي الخليج، وقع الخيار على تكنولوجيا APR-1400 الكورية الجنوبية من قبل الإمارات العربية المتحدة. وجاء ذلك كتفضيل بين عدة بائعين من فرنسا واليابان والولايات المتحدة بالاستناد إلى كون تلك التكنولوجيا أكثر مرونة في ملاقاة متطلبات العرض الإماراتي.[15] ومع ذلك، فإن السوق الذي يتضمن أكبر الإمكانيات هو سوق المملكة العربية السعودية. ففي مايو عام 2012م، أعلنت مدينة الملك عبد الله للطاقة المتجددة والنووية عن خطط لبناء (16) مفاعل نووي بطاقة إجمالية (18) غيغاوات بحلول العام 2032، وقد تم مؤخرًا تعديل هذا التاريخ إلى 2040.[16] وتخفيض عدد المفاعلات إلى مفاعلين فقط بدلًا من 16 مفاعلًا، وفي كل الأحوال، فإن الحكومة السعودية قد وقعت عدة اتفاقيات تعاون مع فرنسا وروسيا وكوريا الجنوبية والأرجنتين. ففي يونيو عام 2015م، وقعت المملكة العربية السعودية مع فرنسا خطاب نوايا "لدراسة جدوى إنشاء مفاعلين نوويين".[17]

جدول رقم (2)

مزودو التكنولوجيا النووية وتصاميمهم الخاصة

Country

Vendor

Technology

Design

Power (megawatt)

Russia

Rosatom

PWR

VVER

1000/1200

South Korea

KEPCO

PWR

APR—1400

1400

France

Areva

PWR

EPR

1600

USA—Japan

Westinghouse

PWR

AP—1000

1000

USA—Japan

GE Hitachi

BWR

ABWR

1350

Canada

AECL

PHWR

ACR---700

700

 

رابعًا: الجانب الاقتصادي

إن المكون الرئيسي للتكلفة في توليد الطاقة من خلال محطة نووية، مهما كان حجم المحطة، هو تكلفة بناء المفاعل نفسه. أما تكلفة المكونات الأخرى ذات الصلة بعمل المحطة، مثل: تغذية المفاعل بوقود اليورانيوم، وعملية التشغيل، والتعامل مع المخلفات الناتجة عن النشاط الإشعاعي، وتأمين ميزانية لتنظيف الموقع بعد أن تنتهي مدة عمل المفاعل، فهي أقل ولكنها غير أكيدة بدقة. ومعظم التكاليف الأساسية يتم إنفاقها قبل البدء بتوليد الطاقة الكهربائية. ولذا فإن العامل الاقتصادي كان عائقًا كبيرًا في وجه بناء مفاعلات جديدة حول العالم. وتتفاقم المشكلة المطروحة بسبب التكلفة المرتفعة في حالة إضافة عدم اليقين إليها. وتُظهر التحليلات التاريخية لبناء المفاعلات وتكلفة التشغيل اختلافات كبيرة بين عدة مفاعلات مختلفة.[18] وهناك أيضًا مشكلة أخرى ترسخت عبر خبرات تاريخية متنوعة مفادها تجاوز كل من المدد الزمنية المقررة للتنفيذ، وكذلك الميزانيات المرصودة لذلك.

كما أن آفاق المستقبل لا تبدو مشرقة أو واعدة بخصوص تكلفة المفاعلات النووية. فقد خلصت دراسة استشرافية أعدها مجموعة من الخبراء في تكنولوجيا الطاقة النووية -ثلاثون خبيرًا من الولايات المتحدة مع ثلاثين خبيرًا أوروبيا-خلصت إلى أن تصاميم (Gen. III/III+) الحالية ستصبح بشكل ما أكثر تكلفة في العام 2030م، منه في العام 2010م، وتوقعت أن الجيل التالي من تصاميم (Gen. IV) سيصبح مكلفًا أكثر في العام 2030م.[19]

وفي هذا المقام، يمكن القول: إن اتفاق KEPCO مع الإمارات العربية المتحدة يُعتبر حالة خاصة، وأنه من غير الممكن الوصول إلى استنتاجات ذات صلة بالجانب الاقتصادي للطاقة النووية من خلال هذه الحالة. وقد اتضح أن الهدف الرئيسي من خلال هذه الاتفاقية مع الإمارات العربية المتحدة هو التعريف بصادرات كوريا الجنوبية في مجال الطاقة النووية في منطقة الخليج، وكسب المزيد من الثقة السوقية. ولهذا السبب فإن كوريا الجنوبية قد دعمت هذا المشروع إلى حد كبير؛ حتى أن البعض قدر بأن الاتفاق مع الإمارات كان تحت الخط الصناعي المتوسط بنسبة 20 بالمئة.[20] وفي ضوء ذلك، فإنه لم يكن مفاجئاً أن يتم انتقاد المشروع داخل كوريا الجنوبية بصفته ضعيف من ناحية المردود الاقتصادي، وأن الزبائن المستقبليين سيطالبون بمعاملتهم بنفس الشروط.[21] وفي ظل وجود تاريخ طويل من العمل بطريقة المناقصات في المشاريع النووية، فإن هذا الأسلوب سيظل الأكثر ملاءمة وبخاصة للبلدان التي لديها مشاريع نووية طموحة. وبالتالي فإن أي نوع من الدعم يمكن أن يُقدم فقط لأول مشروع أو مشروعين، ولا يمكنه أن يكون قاعدة للتوسع بمقاييس كبيرة للطاقة النووية في المنطقة.

وفي دراسة سابقة للمؤلف حول اقتصاديات الطاقة النووية في المملكة العربية السعودية، خلص إلى أن الكهرباء المولدة بواسطة الطاقة الشمسية في طريقها إلى أن تصبح أقل تكلفة من تلك المولدة عن طريق محطات الطاقة النووية.[22] فالتقديرات حول مدى السرعة التي يمكن لتكلفة استخدام الطاقة الشمسية أن تهبط بها كانت مدهشة. وإذا كان للانخفاض الحاد في تكلفة ألواح الطاقة الشمسية خلال العقد المنصرم (أكثر من 75% منذ العام 2009م)[23] أن يستمر حتى نهاية العقد الجاري، فإن تكلفة توليد الطاقة النووية سوف تتجاوز تلك المتولدة عن الطاقة الشمسية. وهناك أسباب وجيهة للاعتقاد بأن تكاليف الطاقة الشمسية ستنخفض أكثر بنفس الطريقة، ومعها أيضًا ستنخفض قلة النضج في التكنولوجيا المتوخاة.

وبالاستناد إلى دراسة حديثة للوكالة الدولية للطاقة المتجددة (International Renewable Energy Agency) ومؤسسة مصدر للعلوم والتكنولوجيا Masdar Institute of Science and Technology، فإن ألواح الطاقة الشمسية قد بدأت بتحقيق أسعار تنافسية في الإمارات العربية المتحدة منذ العام 2014م.[24] وتعزز المعلومات الواردة في الشكل رقم (3) هذا الاستنتاج، حيث يتضمن بعضًا من عروض ألواح الطاقة الشمسية غير المدعومة في العام 2014م، مع القسم المظلل الذي يمثل مدى تكلفة توليد الكهرباء عبر الطاقة النووية. وجدير بالذكر أن عروض دبي في الإمارات العربية المتحدة قد سجلت أرقامًا قياسية في نفس العام.

 

الشكل رقم (3)

عروض ألواح الطاقة الشمسية غير المدعومة عام 2014

             Source: Clean Technica-2014

خاتمة

مع حصول إيران على اعتراف المجتمع الدولي ببرنامجها النووي، ومع بدء الإمارات العربية المتحدة ببناء ثلاثة من أصل أربعة مفاعلات نووية، فإن الطاقة النووية السلمية قد أصبحت حقيقة في منطقة الشرق الأوسط. وبالطبع فإن البرامج النووية المطروحة في المنطقة تختلف من دولة إلى أخرى من حيث مدى نضجها ودوافعها وتحدياتها. وفي جميع الحالات، فإن القدرة الكهربائية المتوقع إنتاجها في منطقة الشرق الأوسط بأكملها حتى العام 2040، تتراوح من 11 -42 غيغاوات. ويرجع السبب في هذا التفاوت الكبير في التقديرات إلى وجود حالة من عدم اليقين في أن تلك الخطط الطموحة لبناء محطات طاقة نووية في المنطقة ستتحقق. وبالاستناد إلى التقديرات المرتفعة وتلك المنخفضة، فقد بات من الواضح أن منطقة الشرق الأوسط بحاجة إلى مصادر أساسية للوقود وللتخصيب. وحتى لو تم الاستناد إلى التقدير المنخفض، فإن المنطقة ستحتاج إلى حوالي (242) طن من اليورانيوم منخفض التخصيب (LEU) كل عام، وبالتالي، ستحتاج إلى مليون SWU كل عام، وهذه الأرقام ترتفع إلى (4.4) مليون SWUمن خلال الاستناد إلى التقديرات المرتفعة. ومن ناحية مزودي الطاقة النووية، فإن Rosatom، الشركة الروسية المملوكة من قبل الدولة، تقود السباق بمفاعلاتها التي تعتمد تكنولوجيا الماء الخفيف VVERمن خلال ترحيبها بالمساعدة في تمويل المشروع عبر نموذج عملها المعتمد عليBuild-Own-Operate (BOO). ومن المنظور الاقتصادي، فإن استخدام الطاقة النووية في منطقة الشرق الأوسط سيصبح بلا معنى إذا بقيت تكاليف الطاقة الشمسية مستمرة في الانخفاض.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*باحث مشارك في سياسات الطاقة بجامعة برنستون في الولايات المتحدة الأمريكية

 

 

 

[1] تكلفة الفرصة البديلة تقوم على التضحية أو التنازل عن إنتاج سلعة ما مقابل إنتاج سلعة أكثر أهمية، وتُقاس هذه التكلفة بمقدار ما يجب أن يضحي به المجتمع من سلعة ما مقابل الحصول على سلعة أخرى.

[2] M. Kamrava (Ed), The nuclear question in the Middle East, Oxford University Press, 2012

[3] Jordan Atomic Energy Commission. 2012. “White Paper on Nuclear Energy in Jordan.”

[4] Turkish Atomic Energy Authority. 2014. “Akkuyu Nuclear Power Plant.” Accessed November 8. http://www.taek.gov.tr/en/institutional/akkuyu-nuclear-power-plant.html

[5] Khlopkov, Anton. 2012. Prospects for Nuclear Power in the Middle East after Fukushima and the Arab Spring. United Nations Institute for Disarmament Research (UNIDIR) Resources. http://www.unidir.org/files/publications/pdfs/prospects-for-nuclear-power-in-the-middle-east-after-fukushima-and-the-arabic-spring-402.pdf

[6] Erlanger, S. (2010) Israel Intends to Build Civilian Nuclear Plants. The New York Times. March 9. Available at: http://www.nytimes.com/2010/03/10/world/middleeast/10nukes.html

[7] SWU هي وحدة الطاقة المطلوبة لتخصيب كمية محددة من اليورانيوم

[8] مجموعة 5+1 تتضمن الولايات المتحدة الأمريكية، الصين، روسيا، فرنسا، المملكة المتحدة وألمانيا

[9] Rosatom. 2015. “Russia and Jordan Signed Intergovernmental Agreement on NPP Construction in Jordan.”Communications Department, March 25. http://www.rosatom.ru/en/presscentre/highlights/a2689f8047c4f233ae2bfefd303c2ae3

[10] World Nuclear Association. 2015. “Nuclear Power in Turkey.”October. http://www.world-nuclear.org/info/Country-Profiles/Countries-T-Z/Turkey/

[11] B. Ramberg, "Nuclear Power to the People," Foreign Affairs, 25 May 2015

[12] Rosatom, "Projects: Akkuyu NPP in Turkey," [Online]. Available: http://www.rosatom.ru/en/investors/projects/. [Accessed 11 December 2015]

[13] Rosatom, "Russia and Jordan signed Intergovernmental Agreement on NPP construction in Jordan," [Online]. Available: http://www.rosatom.ru/en/presscentre/highlights/a2689f8047c4f233ae2bfefd303c2ae3. [Accessed 11 December 2015].

[14] Reuters, “Egypt, Russia sign deal to build a nuclear power plant”, 10 Novermber, 2015, http://www.reuters.com/article/us-nuclear-russia-egypt-idUSKCN0T81YY20151119

[15] C. Ebinger, J. Banks, K. Massy and G. Avasarala, "Models for Aspirant Civil Nuclear Energy Nations in the Middle East," The Brookings Institution, 2011

[16] Reuters, "Saudi Arabia's nuclear, renewable energy plans pushed back," 9 January 2015. [Online]. Available: http://www.reuters.com/article/2015/01/19/saudi-nuclear-energy-idUSL6N0UY2LS20150119. [Accessed 12 December 2015]

[17] J. Irish, "France, Saudi Arabia inch closer to civil nuclear deal," 24 June 2015. [Online]. Available: http://uk.reuters.com/article/2015/06/24/uk-france-saudi-contracts-idUKKBN0P41IP20150624. [Accessed 12 December 2015]

[18] Nathan E Hultman and Jonathan G Koomey, “The Risk of Surprise in Energy Technology Costs,” Environmental Research Letters 2 (2007): 1–6; Jonathan G Koomey and Nathan E Hultman, “A Reactor-Level Analysis of Busbar Costs for US Nuclear Plants, 1970–2005,” Energy Policy 35 (2007): 5630–42

[19] Laura D. Anadón et al., “Expert Judgments about RD&D and the Future of Nuclear Energy,” Environmental Science & Technology 46, no. 21 (2012): 11497–504, doi:10.1021/es300612c

[20] Joshua Chaffin, “Seoul’s Nuclear Ambitions Wane,” Financial Times, April 26, 2011, http://www.ft.com/intl/cms/s/0/0d0122de-7030-11e0-bea7-00144feabdc0.html#axzz2qp4ikcVj

[21] Lee Tae-hoon, “Senior DP Official Says President Lied about UAE Nuclear Deal,” The Korea Times, February 16, 2011, http://www.koreatimes.co.kr/www/news/nation/2014/05/116_81531.html

[22] A. Ahmad and M. Ramana, "Too costly to matter: Economics of nuclear power for Saudi Arabia," Energy, vol. 69, pp. 682-694, 2014

[23] IRENA. Renewable power generation costs in 2014. International Renewable Energy Agency; 2015.

[24] IRENA Press Release. Cost-breakthroughs make solar and wind the UAE's most competi- tive energy sources. http://www.irena.org/News/Description.aspx?NType= A&mnu=cat&PriMenuID=16&CatID=84&News_ID=401, 2015. [8 April]

مقالات لنفس الكاتب