; logged out
الرئيسية / ثلاثية بدائل للنفط في الخليج: القضاء على الفساد ـ الإصلاح الإداري ـ إصلاح التعليم

ثلاثية بدائل للنفط في الخليج: القضاء على الفساد ـ الإصلاح الإداري ـ إصلاح التعليم

الثلاثاء، 14 أيار 2019

(الحديث عن المستقبل وصفه دودرانت في كتابة الضخم قصة الحضارة، فقال: عندما يتساءل الإنسان عن المستقبل فهو كمن يخرج من وادي الراحة إلى وادي الهموم)

مقدمة: سوف يحاول هذا المقال النظر إلى الاحتمالات الممكنة (المستقبلية على الخصوص) لمآلات مجتمعات الخليج النفطية، والمعروفة اليوم بمجتمعات دول مجلس التعاون، في حال تراجع أهمية النفط والغاز في سوق الطاقة العالمي، كونها حتى الآن تعتمد اعتمادًا مباشرًا في الدخل الوطني والرفاه الاجتماعي على المحقق المادي من تلك المصادر، وما هي تأثيرات (المتغير المتوقع) على نمط الحياة المستقبلية لهذه المجتمعات، كما سوف ينظر في الخيارات والبدائل المتاحة والممكنة أمام ( دول مجلس التعاون) لمواجهة مثل تلك الاحتمالات، من أجل وضع برامج وسياسات تتسم بتغير زاوية الاقتراب من التنمية وأيضًا بالتكامل، لمواجهة تلك المتغيرات مغطية الاحتياجات الحالية والمستقبلية لمجتمعات تكبر تعدادًا وتتوسع في مطالب الحياة المختلفة.

 

الحديث عن نضوب النفط!

دراسات عديدة كثيرة قام بها مختصون من داخل دول الخليج ومن خارجها في نصف القرن الماضي، نظرت في ذلك (الاحتمال الممكن) أو (الاحتمال البعيد) وهو بشكل عام احتمال (الاستغناء عن النفط كمصدر للطاقة) إما من خلال اكتشاف مصادر جديدة له (خارج حوض الخليج) أو تطور بدائل الطاقة أو تطور في استخدام آليات ومركبات تسير بمصادر طاقة أخرى، أو حتى انخفاض حاد في أسعاره، كل تلك الاحتمالات يكاد التراكم المعرفي فيها (يسد قرص الشمس) مع شيئ من المبالغة! إن عدد الأوراق والكتب والمحاضرات التي قدمت في هذا الموضوع تقع ما بين خطين متقابلين، وربما لا يلتقيان، الأول سالب ينذر بمخاطر (انتهاء عصر النفط) بشكل عام ويحث على النظر إلى بدائل له[1]، ربما باستخدام رأس المال الذي يوفره اليوم للتحوط إلى غد تنموي (شبه مريح)، وخط آخر مناقض له، يرى أن التخوف من نضوب النفط في سوق الطاقة مبالغ فيه إلى حد كبير، وأن هذه السلعة (النفط والغاز) هي ليست سلعة (ناضبة) كما يذهب البعض[2]، بل هي سلعة يمكن تجديدها من خلال (تصنيع النفط ذاته) وبيعه كمنتج متنوع في المستقبل. بل أن بعض الدراسات تذهب إلى القول إن الطلب على الطاقة الأحفورية سوف ينمو بنحو 49% إضافية حتى عام 2040 م.[3] ما ذكر سابقًا هو غيض من فيض في الأدبيات المتوفرة والمتناقضة بشكل كلي في موضوع مستقبل الطلب على الطاقة الأحفورية (النفط والغاز) ولأن المتوفر من احتياطات النفط والغاز في منطقة الخليج بين 20 إلى 25 % من الاحتياطي العالمي، فإن كلا المدرستين المتشائمة (من الاستغناء عن النفط) والمتفائلة (بامتداد عمر النفط والغاز) تجد لها آذان صاغية لدى النخب الخليجية، ويؤكد تغلب التفاؤل على التشاؤم عاملان، الأول موضوعي وهو إنه كلما تراجعت أسعار النفط في فترة تعود إلى الصعود من جديد، والثاني ذلك (الاسترخاء) الذي تأخذه مجمل السياسات في الخليج قصورًا عن اتخاذ خطوات واضحة وبناءة وطويلة الأجل لاستبدال الاعتماد على النفط والغاز كرافعة أساسية لتنمية مستدامة لهذه المجتمعات[4] من أجل الدخول في نادي ( التنمية المستدامة) والتي دخلت فيه دول وشعوب أخرى سواء كانت في شرق هذا العالم أم في غربه.

 

الحديث عن البدائل

 

ربما خلق ذلك التذبذب في تحديد (عصر النفط) والمسافة الزمنية التي ممكن أن يأخذها، خلق ثقافة اتكالية تفشت في المجتمع الخليجي إلى حد لم يعد بالإمكان التقليل من مخاطرها، فالكثير من (العادات والتقاليد والأعراف والسلوكيات) الاقتصادية أصبحت (نفطية) إن صح التعبير، أي استسهال الدخل المجزي بالعمل الأقل جهدًا، وهي ثقافة تعدت حتى دول النفط لتصل إلى الدول العربية ذات (الاتكاء النفطي) أي تلك الدول التي تعيش بشكل كبير على مساعدات الدول النفطية أو تحويلات مواطنيها من العاملين في الدول النفطية إليها! لذلك فإن تغير تلك الثقافة النفطية تحتاج إلى جهود منظمة، تنبع من (إرادة سياسية) وتصب في (قرارات إدارية) يقوم بتنفيذها (طاقم مؤمن بالتغير ومؤهل للعمل) ربما دون تلك الاضلاع الأربعة تصبح الجهود، وإن كانت مخلصة مشتتة ومعزولة، وليس جديدًا في تاريح البشرية ولا حتى في تاريخ العرب الحديث، دول غنية قد تراجعت بسبب فقدان العنصر الإنتاجي الأساسي الذي كانت تعتمد عليه لقيمته الاقتصادية، إسبانيا كانت من أغنى الدول ولما فقد ما كانت تعتمد عليه ( الذهب من أمريكا الجنوبية)، تراجع وضعها الاقتصادي حتى غدت عالة على المجتمع الأوروبي حتى سنوات قليلة خلت، تلك واحدة من عشرات الأمثلة التي يزخر بها تاريخ الشعوب.

الحديث عن البدائل في دول الخليج ليس جديدًا، ولكن اتخاذ القرار هو المتأخر أو المتردد، فهناك حديث عن البحث عن مواد خام في بطن الأرض أو المياه في دول الخليج ، وهي أنواع من المواد الخام تحتاجها الصناعة الحديثة، إلا أن البحث عن هذه المواد بجانب كونه مكلفًا قد لا يرقى إلى أن يكون ( اقتصاديًا) بالمعنى الفني للاقتصاد، أي أن تكلفته الانتاجية قد تزيد كثيرًا عن سعره في السوق، فلا يعود اقتصاديًا، كما أن هناك حديث عن ( احلال صناعات وتوطينها ) بشراكة مع شركات أو دول راغبة في المشاركة، إلا أنه مرة أخرى يتوجب أن يكون المنتج (اقتصاديًا) فليس هناك جدوى اقتصادية في صناعة السيارات مثلاً في الوقت الذي تنخفض فيه كلفتها في أماكن أخرى، مثل الصين أو دول شرق آسيا، فالبحث عن البدائل لا زال متواريا أمام عدد من الافتراضات، بعضها يتحدث عن تحويل المنطقة إلى ( مركز مالي وتجاري) أو منطقة خدمات أو سياحة حديثة، كل ذلك يحتاج إلى تخفيض جدران البيروقراطية وإلى تعليم حديث، وكلاهما غير متوفر على المستوى المطلوب حتى الآن !

 

الانتقال الصعب

 

لا يوجد أمام دول الخليج للاحتفاظ بالمستوى الاقتصادي والاجتماعي الحالي (العشرية الثانية من القرن الواحد والعشرين) غير احتمالين، الأول: ترك الأمور كما هي على افتراض أن أسعار الطاقة سوف ترتفع وأن الاحتياطي كبير، ولذلك لا يتوجب أن نفكر كثيرًا في المستقبل وكيف يمكن أن يكون؟ أو الاحتمال الثاني: هو الانتقال الصعب إلى سيناريو (البديل) وهو البحث عن طرق مختلفة من أجل إبقاء الحال على ما هو عليه أو قريب منه من الناحية الاقتصادية، ذلك يتوجب أن تتخذ قرارات صعبة (بعضها قد يكون مؤلمًا) في المدى القصير، والاستعداد لدفع الثمن السياسي/ الاجتماعي لذلك. ولعل ثلاثية مطلوبة في هذه الحالة، وهي ثلاثية متداخلة تحتاج إلى إعادة زيارة جدية من أجل السير في السيناريو الثاني، أي البحث عن البدائل أو الاستخدام الرشيد للموارد، وتلك الثلاثية في نظر كثير من المتابعين، القضاء على الفساد، إصلاح الإدارة، وإصلاح التعليم.

 

القضاء على الفساد:

 

لأسباب تاريخية واجتماعية و بسبب طبيعة الاقتصاد الريعي، أصبح موضوع الفساد هو (العلة الكامنة) لتعطيل التطور الاقتصادي في دول الخليج، وللفساد العديد من التعريفات، يعرف الكاتب الفساد ببساطة أنه (استخدام سلطة لتحقيق مصلحة) ومع تعقد الإدارة في المجتمع الخليجي، أصبح هناك من المصالح ما هي متضاربة أو يجوز فيها استخدام (العطاء والمنع) حتى في تطبيق القوانين العامة، فقد أصبحت السلطة ( التقديرية) متوسعة في كل من السلطة التنفيذية والقضائية، مما أوجد فرصًا لأشكال من الفساد، لم يسبب هدرًا في الموارد فقط، بل أيضًا ردعًا للاستثمار المحلي والخارجي، واضطرت الدولة الخليجية في وقت متأخر أن تنشئ مؤسسات للحرب أو لمواجهة وتعقب الفساد ! [5] وتشير مدركات مؤشرات الفساد المنشورة عالميًا إلى أن دول الخليج وإن كانت أفضل من غيرها من الدول العربية، إلا أنها تقع ما بين (فوق العشرين وما يقارب الخمس والسبعون) في السلم العالمي لمدركات الفساد، وبسب الدخل الضخم للدولة الخليجية نسبيًا، فإن تلك المؤشرات وإن تراجعت في المستوى، إلا أنها لا زالت مغلقة من حيث الهدر في الموارد وإشاعة اللايقين في الاقتصاد، وتأتي خطورة تلك الممارسة عندما نعلم أن أكثر (ممارسات الفساد) هي في الجهات التنفيذية! وعند النظر إلى العلاقات الإدارية والمصلحية في مجتمعات الخليج يمكن القول إن (الفساد) بالمعنى الذي حدد سابقًا هو (ثقافة) عند محاولة الحصول على خدمة أو مصلحة خارج نطاق الجهد أو التسلسل القانوني و النظامي المرعي الإجراء، هي منتشرة في قطاع التعليم، الصحة، والإدارة، تنفيذ القانون، والتوظيف بل وحتى دفع المخالفات المرورية، وتقول لنا بعض الدراسات العلمية أنه بالإمكان جزئيًا ( الحد من الفساد، وليس القضاء عليه) من خلال تحويل الخدمات الإدارية إلى الرقمنة، أي إنهاء مطالب المواطنين الروتينية من خلال الرقمنة، مثل استخراج المستندات الرسمية أو دفع المخالفات أو التقدم للوظائف المختلفة، وإن كان ذلك قد يحد جزئيًا من ظاهرة (الفساد) على الأقل، خاصة في الأماكن المتحكمة في مفاصل الإدارة، حيث تلعب ( الواسطة) و (المصلحة) أدوارًا مختلفة في الحصول على الخدمة أو في ترسية المناقصة أو تمرير المخالفة !

 

إصلاح الإدارة:

 

تطورت الإدارة العامة في مجتمعات دول الخليج مع تطور المجتمع، وأصبحت من بسيطة ومباشرة إلى معقدة، وأنيط بعدد من المؤسسات والرجال القيام بتنفيذ المتطلبات الإدارية التي توسعت الدولة في تقديمها، وقد خلقت في هذه المسيرة (بيروقراطية) تختلف من دولة خليجية إلى أخرى، حسب حجم السكان وقرب أو بعد المناطق المختلفة المكونة للدولة الواحدة، إلا أن البيروقراطية في دول الخليج بشكل عام يمكن وصفها بـ (الديناصورية) فكلما أوجد جهازًا، أوجد جهازًا آخر يراقبه، حتى عاد اتخاذ القرار حتى في أبسط الأمور، له سلسلة طويلة من التوقيعات والموافقات والأختام، تلك البيروقراطية تعطل بشكل كبير قرارات التنمية، كما تعطل مشاركة القطاع الخاص في التنمية، فأي تصريح لمزاولة مهنة أو عمل إنتاجي، يحتاج من الموافقات والتصاريح الكثير، الذي يستهلك الوقت، كما يفتح بابًا واسعًا لمسارب الفساد، و التحدي هو كيف تصبح ( الإدارة الحكومية) أكثر بساطة و أكثر رشاقة وأكثر قدرة على الإنجاز و خدمة التنمية، و السؤال هنا كيف قامت المجتمعات الأخرى بحل مشكلة تضخم الإدارة ؟ الإجابة المباشرة من خلال تقليص دور الدولة، وترك الكثير من مساحة تقديم الخدمات في يد القطاع الخاص، وكذلك ترشيق الجهاز الإداري من خلال الرقمنة، وأيضًا من خلال اختيار الأشخاص القادرين والمؤهلين على اتخاذ القرار ، مع رقابة واعية، إلا أن ذلك يمكن أن يكون متاحًا في المجتمعات التي تقوم بإنتاج خيراتها معتمدة على تعدد مصادر الإنتاج، أما المجتمعات الريعية ذات المصدر الواحد للدخل مثل دول الخليج، فإن المجتمع يعتبر نفسه شريكًا في الثروة، وبالتالي على السلطة في المجتمع أن توزع تلك الثروة، واعتمدت دول الخليج على مصدرين للتوزيع، الأول وهو الأقل ( التثمين)[6] كما حدث في الكويت في بداية التنمية، والثاني وهو الأغلب (التوظيف)، أي إتاحة فرص العمل في القطاع الحكومي، دون سقف وبالحد الأدنى من الشروط، حتى تضخمت الإدارة الحكومية إلى حد بروز ظاهرة ( البطالة المقنعة) وأصبح العمل في الحكومة ( ثقافة ثانية) للمجتمع، الأمر الذي زاد من حدة تضخم البيروقراطية من جهة، وقلل الإنتاجية من جهة أخرى، سوف تبقى الإدارة بمعناها الشامل أحد أبرز معضلات الانتقال من المجتمع الريعي إلى المجتمع المنتج.

 

إصلاح التعليم:

 

الحجر الأساس لصلاح التنمية والنظر إلى المستقبل هو إصلاح التعليم، فلا يوجد شعب يرقى فوق نظامه التعليمي هنا أيضا الأدبيات وافرة، بل متضخمة، إن وضع يدنا ببساطة وشجاعة على أهم مكون لخلق بدائل اقتصادية وتنموية في الخليج لا بد من القول (إيجاد مواطن جديد وجاد من خلال التعليم)، لا جدال أن التعليم بشكل عام في مجتمعات الخليج (من حيث الكم) لا يجادل كثير أحد فيه، فقد قامت الدولة بالعناية بكم التعليم فزادت المدارس والجامعات (العامة - الخاصة) إلا أن العقبة الكبرى في الكيف! لقد كان هناك نجاحًا باهرًا في الخليج في (بناء الحجر) إلا أن المعضلة التي لازالت قوى النخبة الخليجية تراوح حولها هي (مواصفات بناء البشر)[7]. بناء البشر هدف لا يختلف عليه كثيرون في دول الخليج، المهم هو كيف نقوم بذلك؟ هنا تتدخل المعطيات الاجتماعية/الاقتصادية فتعطل بعض الميكانزمات المهمة لتحقيق ذلك البناء، فمن جهة تضمن الدولة الخليجية (بشكل عام الوظيفة للخريج) وهذا الضمان بحد ذاته، محصن في بعض الأوقات بنصوص دستورية (كما في الكويت)، يعطل من الوصول إلى مجتمع التنمية المرجو، هنا السياسيات العامة تعطل ما يمكن أن يسمى بالوصول إلى (التميز في التعليم) أو جودة المنتج التعليمي! هناك مظاهر واضحة في قصور التعليم في دول الخليج من حيث الكيف، منها انفصال المخرج التعليمي عن سوق العمل، تعليمنا ينتج في الغالب (أناس ممحمية أميتهم الأبجدية) بسبب قصور كبير في تلقي المعرفة بمعناها العام والشامل، ومنها انفصال الجامعات عن تقديم حلول ذات جدوى لمشكلات المجتمع، فأصبحت جامعاتنا في الغالب (مدارس ثانوية من غير جرس) [8]

التعليم هو قاطرة المجتمع إلى التنمية يقدم المعارف ويخلق المهارات (مهنيين) ويصقل عقل المواطن لتمكينه من العيش في مجتمع تعددي ومنتج، ويشيع ثقافة التنمية، القائمة على احترام العمل، فالتميز في التعليم هو مستوى من الأداء المقبول في عصر التنافس وسيادة تقنيات الاتصال وسطوة العلم الحديث. كما أن مجتمعات الخليج لا تستطيع اليوم أن تتجاوز آثار العولمة التي أشاعت التنافسية، وجلبت عمالة من أصدقاء العالم، وفرضت ثقافة التميز وتطوير الأداء، واشاعت شعور بالإيجابية والثقة في المجتمعات المتقدمة. فالجودة تعني اصطلاحًا هي تطابق مواصفات السلعة أو الخدمة مع توقعات المستفيدين، وإشباع حاجتهم حاضرًا ومستقبلاً [9] ومن هنا فإن (توقع المجتمع الخليجي) من نتائج التعليم هي في الواقع أكبر بكثير مما ينتجه هذا النظام حتى الآن من بشر! لا شك أنه يتوجب الملاحظة أن هناك جهود تبذل في هذا المقام، إلا أن حصيلتها تحتاج إلى وقت، كما أن كثيرًا منها يواجه عقبات اجتماعية وتمويلية وإدارية، وأيضًا تتطلب تعديلات في التشريع قد تكون غير ملائمة للبعض سياسيًا.

 

الخلاصة

الحديث عن المستقبل حديث ملتبس، لأن ثقافتنا العربية بشكل عام لا تركن إلى الحديث عن (المستقبل) على أن الاحتمالات في علم ( الغيب) مع أن دراسات كثيرة قد صدرت للنظر إلى المستقبل، خاصة في ضوء احتمال نضوب أو الاستغناء عن مادة النفط في سوق الطاقة العالمي، في رأيي أن النظر إلى المستقبل ( فرض عين) على أبناء الخليج ، وقد تمت محاولات عديدة [10] للنظر إلى المستقبل، وهو يبدأ الآن وهنا ، واليوم والعالم يموج بالمتغيرات والاضطربات يتوجب التفكير بجدية في مستقبل منطقتنا، ونحاول أن نرسم خطوطًا ونقدم إقتراحات للمستقبل، ولعل من نافلة القول إن تلك الخطط كلما كانت جماعية ( على الأقل في إطار مجلس التعاون) كانت أنجح وأفضل لما تتسم به المنطقة من تكامل اقتصادي و جغرافي وإنساني، وأن العطب بين دولها يؤخر أو ربما يعطل مسيرة التنمية المشتركة التي تحتاجها شعوبنا، فالفرصة المتاحة اليوم من حيث الوفرة المالية القادرة على تمويل برامج انتقالية وتدريبية، وقلة السكان النسبي، و البعد نسبيًا عن المخاطر، كلها تشكل رافعة للنظر الجاد للمستقبل، و لكن لها سقف زمني أيضًا، فالزمن ليس في صالحنا. المؤكد أن المستقبل يختلف عن الحاضر كما أن المؤكد أنه يحمل مخاطر جديدة وغير مرئية اليوم، كما أن الأمثلة العالمية تمدنا بعدد من التجارب الناجحة في مواجهة المستقبل بنجاح، والتي ليس بالضرورة نسخها، ولكن من الرشادة الاستفادة من تجربتها.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*مفكر سياسي ومدير مركز دراسات الخليج والجزيرة العربية ـ جامعة الكويت

 

[1] انظر في ذلك على سبيل المثال ( الحلفة النقابية الاولى لمركز دراسات الخليج والجزيرة العربية) جامعة الكويت بعنوان ( الخروج من دفئ النفط: ثايره الاقتصادية و الاجتماعية والساسية ) عقدت في 15 مايو 2016 ونشرت في كتيب و هي متاحة على النت.

[2] في ذلك على سبيل المثال تظر : محمد ابوسريع على ، صراع الطاقة واعادة تشكيل التحالفات العالمية في مجلة السياسة الدولية، يوليو 2018 ص ص 26\39

[3] السابق ص 27

[4] ربما التردد في اتخاذ تلك الخطوات هو القلق من دفع ثمن سياسي \ اجتماعي باهض ، لان ذلك التجول يحتاج الى اعادة هيكلة كاملة للاقتصاد وايضا الى زيارة جادة ( للعقد الاجتماعي ) المعمول به حتى الان .

[5] انطر على سبيل المثال قانون الهيأة العامة لمكافحة الفساد في الكويت والصادر في 24 يناير 2016 ( بعد سحب القانون الاول لعيوب تشريعية فيه)! و الاخير مكون من 59 مادة (القانون متاح على الانترنت) و( الهيئة العامة لمكافحة الفساد في السعودية ( نواهةة) متاح قانونها على الانرنت ،

[6] اي تثمين ممتلكات المواطنيين، خاصة المنازل الخاصة القديمة

[7] هناك حوالي من 60 الى 70 جامعة في الخليج ، نصفها تقريبا جامعات خاصة ، فهي من حيث الكم تغطي احتياجات الطلب على التعليم ، الا ان التساؤلات كانت ولا زالت هي في نوية خريجي هذه الجامعات، وما اذا كانت تلك الكوادر قادرة على المنافسة الابتكار .

[8] يقرع الجرس في لمدارس الثانوية و ما قبلها من اجل تحددي مواعيد الحصص !!

[9] انظر في ذلك عبد المنعم شحاتة : مفاتيح التميز في الاداء الجامعي ، مجلة الفكر المعاصر ، يناير \ مارس 2019 ص 45 الى 60

[10] منها على سبيل المثال محالة منتدى التنمية و التي كان كاتب هذه السطور مدير للمشروع فيها ونتج عنها كتاب ( الخليج عام 2025) من منشورات الساقي في بريروت .

مجلة آراء حول الخليج