; logged out
الرئيسية / سفير الاتحاد الأوروبي ميكيلي تشيرفوني دورسوفي لـ (آراء حول الخليج): الاتحاد الأوروبي أمامه أولويتان في اليمن وموقفه من إيران يقوم على المصالح

العدد 137

سفير الاتحاد الأوروبي ميكيلي تشيرفوني دورسوفي لـ (آراء حول الخليج): الاتحاد الأوروبي أمامه أولويتان في اليمن وموقفه من إيران يقوم على المصالح

الثلاثاء، 14 أيار 2019

استهل سفير الاتحاد الأوروبي لدى الرياض ميكيلي تشيرفوني دورسو حواره مع مجلة (آراء حول الخليج) بقوله: قبل أيامٍ قلائل من الاحتفال بيوم أوروبا في 9 أيار/مايو، يُسعدني أن أخاطب أصدقاءنا في المملكة العربية السعودية ودول الخليج من خلال مجلة مركز الخليج للأبحاث. واستطرد، يُعد الاتحاد الأوروبي شريكًا جديدًا نسبيًا في منطقة الخليج. فهو يضم جميع الدول الأعضاء به والتي تخلت عن بعضٍ من اختصاصاتها للاتحاد الأوروبي والذي يحمل تفويضًا بالعمل بموجب معاهدة ماستريخت. ويُجسًد الاتحاد الأوروبي قيمنا ومبادئنا وأهدافنا المُشتركة وقد عقد العزم على تعزيز التعاون الثنائي مع كافة شركائنا المهمين في الخليج.

وفي هذا الحوار أكد السفير دورسو على موقف الاتحاد الأوروبي تجاه القضايا الساخنة في الشرق الأوسط ومنطقة الخليج حيث وصف الاتفاق النووي مع إيران بأنه عنصر أساسي في النظام العالمي لعدم الانتشار النووي، وأيضًا أساسي للأمن في المنطقة وفي أوروبا وخارجها على حد تعبيره. وفيما يخص اليمن أكد أن الاتحاد الأوروبي يدعم بالكامل الانفراجة السياسية التي أحدثها اتفاق ستوكهولم والذي قدم فرصةً سانحة؛ وعلى المجتمع الدولي الآن ضمان أن تظل هذه الفرصة مُتاحة. أما الاتحاد الأوروبي فأمامه أولويتان في اليمن: الأولى دعم جهود الأمم المتحدة في دحر عودة شبح المجاعة هناك والتخفيف من المعاناة الإنسانية؛ والثانية دعم المبعوث الأممي الخاص السيد جريفيث في جهوده للحفاظ على مشاركة جميع الأطراف.

أما بالنسبة لعملية السلام في الشرق الأوسط بين فلسطين وإسرائيل، فقال، إن موقف الاتحاد كان واضحًا للغاية طوال الوقت، والطريقة الوحيدة لإنهاء الصراع هي عبر حل الدولتين. هذا الحل الذي يقوم على إيجاد دولتين تعيشان جنبًا إلى جنب في أمانٍ وسلام وتتمتعان بعلاقاتٍ جيدة مع جيرانهما. ولإتمام هذا الأمر، يتعين استئناف المفاوضات المباشرة.

وفيما يتعلق بالوضع في سوريا أوضح السفير ميكيلي تشيرفوني دورسو: أن النزاع لم ينتهِ بعد، وأهم شيء هو توقف الحرب، والثاني هو السلام المستقر. لا يمكن إنهاء نزاع استمر لثمانِ سنوات طالما لا يوجد اتفاق سلام، ولا يمكن لأي طرف الفوز بالحرب أو بالسلام بدون حلٍ سياسي تفاوضي. ومنذ بداية النزاع، كان الاتحاد الأوروبي واضحًا بشأن استحالة وجود حلٍ عسكري. ولهذا السبب يؤيد الاتحاد تمامًا جهود المبعوث الأممي بيدرسون ومفاوضات جنيف التي تقودها الأمم المتحدة.

وفيما يلي نص الحوار:

1. هلا تفضلت بالتعليق على قمة الاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية التي عُقدت مُؤخرًا في شرم الشيخ، وما الذي نتوقعه من هذه القمة؟

**هذه هي أول قمة من نوعها تجمع بين الاتحاد الأوروبي ودول جامعة الدول العربية وأظهرت رغبتنا المشتركة في فتح فصلٍ جديدٍ من التعاون الوثيق. واتفقنا على الحاجة الماسّة للتصدي للتحديات المشتركة التي تواجهنا مثل الأمن الإقليمي والإرهاب والتغير المناخي والهجرة والنمو المستدام وإيجاد فرص العمل، فضلًا عن الاستثمار. كما أن لدينا أيضًا التزامٌ مشترك تجاه تعددية الأطراف والحفاظ على الدور القوي الذي يستند إلى النظام العالمي. ولهذا السبب أيضًا كررنا بوضوح دعمنا القوي للمبادرات التي تقودها الأمم المتحدة حيال الأزمات الإقليمية، خصوصًا في اليمن وسوريا وليبيا، بالإضافة إلى الالتزام الثابت تجاه عملية السلام في الشرق الأوسط بين فلسطين وإسرائيل. كما لم تتوان القمة عن تناول مسألة حقوق الإنسان والتسامح بطريقةٍ منفتحةٍ وصريحة.

2. تعتقد بعض الأطراف في الشرق الأوسط أن أوروبا يمكن أن تُشكًل بوابة لدعم إيران حيث يبدو الاتحاد الأوروبي كما لو كان يتحايل على العقوبات الدولية المفروضة على طهران ويفتح الباب لإبرام اتفاقات مع إيران وعمليات غسل الأموال. ما هو موقف الاتحاد الأوروبي تجاه العقوبات ضد إيران والبرنامج النووي الإيراني؟

**نحن في الاتحاد الأوروبي لدينا نهجٌ متوازنٌ وشامل للتعامل مع إيران. فتارةً نوجه النقد عندما تكون هناك اختلافات، وتارةً أخرى نكون متعاونين عندما تكون هناك مصلحةٌ مشتركة.

كما نعتقد بأن الاتفاق النووي الإيراني، والذي يُطلق عليه خطة العمل الشاملة المشتركة، عنصرًا أساسيًا في النظام العالمي لعدم الانتشار النووي. وهو أيضًا أساسي للأمن في المنطقة وفي أوروبا وخارجها. وقد أقره مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بالإجماع، وأحرز نجاحًا وحقق الهدف المرجوّ منه ألا وهو منع إيران من تطوير الأسلحة النووية. فأكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية عبر أربعة عشر تقريرًا متواليًا -كان آخرها في شهر آذار/مارس الماضي – أن إيران تُوفي بتعهداتها. ولهذا السبب يظل الاتحاد الأوروبي مُلتزمًا بتنفيذ الاتفاق. ونتوقع من إيران مواصلة تنفيذ كافة التزاماتها النووية بشكلٍ تام.

يُشكًل رفع العقوبات جزءًا أساسيًا من خطة العمل الشاملة المشتركة. كما ترمي الجهود الجارية إلى تقديم آلية لمواصلة الأعمال التجارية المشروعة مع إيران وهذا يتماشى تمامًا مع قرار مجلس الأمن رقم 2231 ويُعد جزء من الالتزامات الموجودة في الخطة.

وفي هذا الصدد، أبدى الاتحاد الأوروبي دعمه الكامل للجهود الجارية التي تقودها فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة لتدشين أداة دعم التبادل التجاري مع إيران "انستكس". ومع ذلك فقد اتخذ الاتحاد الأوروبي مؤخرًا تدابير تقييدية ضد مواطنين إيرانيين اثنين وهيأة واحدة. وهذا يُظهر بأننا لا نتقاعس عندما نختلف مع طهران.

3. هل يمكنك أن تفسر لنا موقف الاتحاد الأوروبي حول القضايا الإقليمية، لا سيما اليمن وعملية السلام في الشرق الأوسط بالإضافة إلى سوريا وليبيا؟

**إن امتزاج الحشود العسكرية بالخطابات التصعيدية يُغذي ظهور لعبة خطيرة محصلتها صفرية، وهذا يتسبب في مخاطر جسيمة تعصف باستقرار المنطقة ومستقبل شعوبها. وبدلًا من ذلك، فإننا نؤمن بالمسؤولية الجماعية وبأن الحوار هو أفضل طريقة لمواجهة القضايا المستفحلة.

فيما يخص اليمن، فإن الاتحاد الأوروبي يُدعم بالكامل الانفراجة السياسية التي أحدثها اتفاق ستوكهولم والذي قدم فرصةً سانحة؛ وعلى المجتمع الدولي الآن ضمان أن تظل هذه الفرصة مُتاحة. أما الاتحاد الأوروبي فأمامه أولويتان في اليمن: الأولى دعم جهود الأمم المتحدة في دحر عودة شبح المجاعة هناك والتخفيف من المعاناة الإنسانية؛ والثانية دعم المبعوث الأممي الخاص السيد جريفيث في جهوده للحفاظ على مشاركة جميع الأطراف.

هناك الكثير من التحديات التي تواجه تنفيذ اتفاق ستوكهولم، ولكننا نعمل على تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار في الحديدة.

أما بالنسبة لعملية السلام في الشرق الأوسط بين فلسطين وإسرائيل، فإن موقف الاتحاد الأوروبي كان واضحًا للغاية طوال الوقت. الطريقة الوحيدة لإنهاء الصراع هي عبر حل الدولتين الذي يتم التفاوض عليه بين الأطراف. هذا الحل الذي يقوم على إيجاد دولتين تعيشان جنبًا إلى جنب في أمانٍ وسلام وتتمتعان بعلاقاتٍ جيدة مع جيرانهما. ولإتمام هذا الأمر، يتعين استئناف المفاوضات المباشرة. ولا تنفك دوامة العنف إلا أن تؤكد على هذه الحاجة؛ فإذا كنا جادين في معالجة هذه التوترات، فأول ما نقوم به هو إعادة إطلاق عملية سياسية ذات جدوى تُظهر للفلسطينيين والإسرائيليين أن هناك أملٌ حقيقي في مستقبلٍ أفضل. وسوف يُشكل السلام بين فلسطين وإسرائيل مقدمة منطقية ضرورية لبناء المزيد من العلاقات الإيجابية عبر المنطقة بأسرها.

وفي سوريا، فإن النزاع لم ينتهِ بعد. فأهم شيء هو توقف الحرب، والثاني هو السلام المستقر. لا يمكن إنهاء نزاع استمر لثمانِ سنوات طالما لا يوجد اتفاق سلام. لا يمكن لأي طرف الفوز بالحرب أو بالسلام بدون حلٍ سياسي تفاوضي. ومنذ بداية النزاع، كان الاتحاد الأوروبي واضحًا بشأن استحالة وجود حلٍ عسكري. ولهذا السبب يؤيد الاتحاد الأوروبي تمامًا جهود المبعوث الأممي بيدرسون ومفاوضات جنيف التي تقودها الأمم المتحدة.

من المنظور الإنساني، كان الاتحاد الأوروبي داعمًا للشعب السوري داخل سوريا وخارجها منذ البداية. وحتى الآن، قُدم مبلغ 17 مليار يورو من الاتحاد الأوروبي فقط. وفي شهر آذار/مارس الماضي وخلال مؤتمر بروكسل الثالث، استطاع المجتمع الدولي جمع مبلغ 8.3 مليار يورو في شكلِ تعهداتٍ مالية لصالح سوريا والمنطقة خلال السنوات المقبلة. وقد ساهم الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء به بثلثي هذه التعهدات.

وعبر الجهود الدبلوماسية والدعم الملموس، يتعين أن تتحول ليبيا إلى دولة مستقرة وفعًالة. ونؤمن بأن جميع أصحاب المصلحة الشرعيين في ليبيا يجب أن يكونوا جزءًا من عملية سلام شاملة من أجل التوصل إلى حل. ولهذا السبب، فإننا نُدعم جهود الممثل الأممي الخاص غسان سلامة ووساطته من أجل تنفيذ خطة عمل الأمم المتحدة في ليبيا والتوصل إلى حلٍ دائمٍ للأزمة. فبالتعاون مع الأمم المتحدة، يمكننا مساعدة الجهات الفاعلة في ليبيا للتوجه بحق نحو المصالحة من خلال عقد خلال مؤتمر وطني وإجراء انتخابات عندما تتهيأ الظروف اللازمة لها.

4. بالرغم من وجود اتفاق تعاون بين الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي، لا تزال بعض أوجه هذا الاتفاق غير فعالة. كيف يمكننا تطوير العلاقات بين مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي وكيف ترى مستقبل هذه العلاقات؟

**اُبرم اتفاق التعاون بين الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي في عام 1988م، أي منذ أكثر من ثلاثين عامًا. ومنذ ذلك الحين، شهد العالم وأوروبا ومنطقة الخليج تحولات جذرية. ومُؤخرًا، أدى الاختلاف بين دول مجلس التعاون الخليجي، والذي اندلع في حزيران/يونيو 2017م، إلى أثرٍ حتمي على هذا التعاون، وخاصة على الصعيد السياسي.وعلى الرغم من هذه التحديات، فإن الإطار العام للعلاقات الاستراتيجية لا يزال على أهميته، والاتحاد الأوروبي ملتزم بمحاولة تحسين العلاقات التجارية والاستقرار في هذه المنطقة التي تُشكل جزءًا استراتيجيًا من نطاق جوارنا الأوسع. لا يزال الحوار جاريًا حول التجارة والاستثمار ومسائل الاقتصاد الكلي والطاقة، بالإضافة إلى عددٍ من الموضوعات الفنية، ما يُقدم منصات لمعالجة القضايا المشتركة وتحسين أوجه التعاون في المجالات ذات الاهتمام المشترك. بالإضافة إلى ذلك، فقد اُبرمت إجراءات تعاون ثنائية وُقعت بالفعل مع الكويت والإمارات العربية المتحدة وقطر وعمان.

وهناك محادثات جارية مع المملكة العربية السعودية والبحرين لإبرام إجراءاتٍ مشابهة تسمح بتوثيق عرى علاقات التعاون الثنائي في عددٍ من المجالات مثل دعم برامج التنويع في دول مجلس التعاون الخليجي وتحقيق المزيد من التضافر والتكامل وتنمية التعاون.

5. بدأت الشراكة الأورومتوسطية في بدايات التسعينيات من القرن الماضي، ومع ذلك لم تحقق أهدافها أو أغراض دول جنوب المتوسط. كيف يمكننا تفعيل مثل هذه الشراكة من أجل خدمة كلا الجانبين وتحقيق تطلعات دول جنوب المتوسط؟

**بالفعل فقد بدأت الشراكة الأورومتوسطية في بدايات التسعينيات من القرن الماضي مع عملية برشلونة والتي أدت في النهاية إلى نشأة الاتحاد من أجل المتوسط في عام 2008م. ولكن هذه ليست القناة الوحيدة، فالاتحاد الأوروبي نشط للغاية بفضل سياسة الجوار الخاصة به منذ عام 2004م، والتي تجددت في عام 2015م. وطوال تلك السنوات، شهدت مناطقنا العديد من التحولات. فأمامنا فرصٌ مختلفةٌ ومتكررة للقاء شركائنا وأصدقائنا من الجانب الآخر للبحر الأبيض المتوسط لمحاولة الحفاظ على منصة تتسم بالطابع العملي لصالح الحوار السياسي، مع جعل تلك العلاقات أكثر فعالية عبر إطلاق مشروعات ذات صلة بالمنطقة. وقد تكيًفت سياسة الجوار الأوروبي المُنقًحة منذ عام 2015م، مع التحديات الجديدة التي اجتاحت دول الجوار. وأدت هذه المراجعة إلى التركيز على أولويات الشراكة الفردية مع زيادة نسبة الملكية لدول الجوار الجنوبية العشر. عُزز هذا النهج متوسط الأجل عبر الحوار حول الاستجابات العاجلة مثل المخاوف الأمنية وتدفقات اللاجئين والتي أثرت على تنفيذ سياسة الجوار الأوروبي.

 

6. هلا تحدثت بالمزيد من التفاصيل حول سبب إيلاء الاتحاد الأوروبي أهميةً قصوى لتعددية الأطراف؟

**يمر العالم بأكمله بمرحلة فوضوية. وتواجه فكرة تعددية الأطراف الكثير من التحديات كل يوم. هناك عودة لمنطق المعاملات التجارية الثنائية بين القوى المختلفة، وهذا ليس منطق الاتحاد الأوروبي. تعلمنا عبر تاريخنا أن التعاون أفضل من التنازع. فبينما يتعقد العالم أكثر وأكثر ويصبح أكثر نزعةً للصراع وعدم المساواة، يظل هدفنا الثابت هو العمل على إيجاد نظامٍ عالمي أكثر تعاونًا مع شركائنا حول العالم. لذا فإن أساس نهجنا لتعددية الأطراف يشمل الشراكة القائمة على أساس المساواة والإقرار بالقيمة السياسية لمحاورينا، وإظهار الاحترام، بالإضافة إلى إسناد الشراكة على التعاون.

7. تعاني الدول العربية والأوروبية من الإرهاب وظاهرة الهجرة غير الشرعية. كيف لأوروبا أن تساهم بفعالية أكثر في حل هذه المشكلة، مما يؤدي إلى عالمٍ أكثر أمانًا؟

**الهجمات الإرهابية هي أعمال إجرامية لا مبرر لها، ويجب اعتبارها هكذا في كل الظروف. وهنا، فقد اتخذ الاتحاد الأوروبي خطوات مهمة لمكافحة الإرهاب عالميًا عبر إجراءات تتراوح ما بين مواجهة التطرف والتجنيد ودعم الإرهاب وتمويله، بالإضافة إلى معالجة العوامل الكامنة مثل الصراعات والفقر وانتشار الأسلحة وهشاشة الدول، والتي تُشكل بيئة خصبة لازدهار الجماعات الإرهابية.

أما الهجرة غير القانونية فهي بالطبع مسألة منفصلة تمامًا. فمن المعروف أن الاتحاد الأوروبي منطقة تتمتع بقدرٍ متزايدٍ من الانفتاح، حيث وصلت فيها مظاهر تدفق المهاجرين غير القانونيين الداخلية والخارجية الذين وصلوا إلى دول الاتحاد إلى مستويات غير مسبوقة خلال السنوات السابقة. واليوم مع ذلك، نلاحظ أن تلك التدفقات قد انخفضت بشكلٍ كبير. كان الاتحاد الأوروبي في الطليعة فيما يتعلق بمحاربة عمليات تهريب المهاجرين والاتجار بالبشر ومنعها، ووضع حدٍ للشبكات الإجرامية التي تستغل يأس الناس وتُعرّض حياتهم للخطر في سبيل تعظيم أرباحها.

ولا يعمل الاتحاد الأوروبي فقط على معالجة الهجرة غير القانونية، بل يقدم أيضًا بدائل قانونية لهؤلاء الذين يحتاجون إلى الحماية الدولية ويوفر فرصًا تنموية في بلدانهم الأصلية. ومثال على هذا العمل الشراكة بين الاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة لمواجهة الوضع المُقلق للمهاجرين في ليبيا. ونحن لا نزال ملتزمين بتحقيق هجرة تُحكم بصورةٍ إنسانية ومستدامة وإيجابية.

8-ما هو سبب انتقاد دول الاتحاد الأوروبي أوضاع حقوق الإنسان وقضايا الديموقراطية في الشرق الأوسط فقط دون تقديم حلولٍ عملية ودعم يمكنها المساعدة في تحقيق تقدم اقتصادي وسياسي؟ وما الذي يجعل الاتحاد الأوروبي يتفاعل على نحوٍ أجدى مع جيرانه من العرب؟

**يؤمن الاتحاد الأوروبي بتمكين الأفراد والمؤسسات ودائمًا ما يُثير القضايا المتعلقة بحقوق الإنسان مع جميع شركائه حول العالم، حتى مع أكبر شركائنا وأقربهم؛ ونحن هنا لا نستثني أحدًا. لدينا موقفٌ مبدئي ونؤمن أنه من مصلحة كل أمّة حماية حقوق الإنسان لكل مواطنيها. فكل انتهاك لحقوق الإنسان هو انتهاك لمصالحنا الجماعية والوطنية، فكلاهما ترتبطان ببعضهما البعض.

بالنسبة للاتحاد الأوروبي، يُعد الاستثمار في التنمية الاقتصادية والوظائف والتعليم والحكم الرشيد والديموقراطية استثمارًا في المجتمعات القوية والأمن للمواطنين. يظل الاتحاد الأوروبي ملتزمًا بدعم شركائه في الشرق الأوسط في كل هذه القضايا، والتي نعتقد بأنها مترابطة على نحوٍ وثيق. ومن خلال تنفيذ الإطار الدولي لحقوق الإنسان داخل اتحادنا، فإننا نُلزم أنفسنا بنفس المعايير التي نتوقعها من الدول الشريكة لنا حول العالم. وهذا يشمل سعينا الدؤوب لتحسين أوضاع حقوق الإنسان في الداخل والخارج.

9. وقعت فرنسا وألمانيا اتفاقًا لتشكيل جيش أوروبي. هل يكون هذا الجيش بديلًا لمنظمة حلف شمال الأطلسي، وهل يُتوقع أن يؤدي رد الفعل الأمريكي إلى مواجهة بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة في المستقبل؟

**في البداية، دعني هنا اُذكًر بأن بناء القوة الدفاعية الأوروبية وتقويتها لا يعني محاولة استبدال حلف شمال الأطلسي أو إضعافه. بل على العكس، فهذا يعني المساهمة أكثر في المنظور الأوروبي لتقوية التحالف وتحمل نصيبنا من المسؤولية. ومن المعروف أن الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي قد زادا من تعاونهما خلال السنوات القليلة السابقة، وخاصة في عددٍ من المشروعات المشتركة والتي نقوم بتنفيذها سويًا.

لا يوجد جيش أوروبي، ولكن الأمن يحتل أولوية قصوى لمواطني الاتحاد الأوروبي. ونحن نعمل أكثر على المسائل الخاصة بالدفاع من أجل تحفيز الدول الأعضاء لوضع خطط الإنفاق العسكري الخاصة بها سويًا والاستثمار والبحث سويًا، وأيضًا تدريب قواتها والعمل على الأرض سويًا. لدينا مشروعاتٌ والتزاماتٌ مشتركة بين الدول الأعضاء. كل هذه الخطوات لم يكن لأحدٍ أن يُفكر فيها منذ بضع سنوات. علاوة على ذلك، يواصل الاتحاد الأوروبي عملياته العسكرية والمدنية خارج منطقة الاتحاد من أجل تعزيز الأمن والسلم والاستقرار فضلًا عن سيادة القانون.[1]

10. يُثير انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي واندلاع الاحتجاجات في فرنسا وباقي دول الاتحاد، بالإضافة إلى ردود الفعل العنيفة للحكومات الأوروبية على تلك الاحتجاجات، فضلًا عن التقارير التي تتحدث حول انتهاكات حقوق الإنسان في أوروبا، مخاوف حول توجه السياسات الأوروبية. ما هي حقيقة هذه الأوضاع؟

**وفقًا لاستطلاع رأي أوروبي مُوسّع، يعتقد ثلثا الأوروبيين بأن بلدهم قد استفاد من كونه عضوًا بالاتحاد، كما يعتبر 60% من الأوروبيين أن عضوية الاتحاد الأوروبي شيء جيد.

وقد واجه الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء به، وسيظلون يواجهون التحديات من خلال قيمنا وممارساتنا الديموقراطية. وفيما يخص البريكست، هناك مفاوضات جادة بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة، ومهما كانت النتائج النهائية لهذه العملية، فإننا نأمل أن تظل المملكة المتحدة صديقًا وشريكًا قويًا لأوروبا.

أما على الصعيد الدولي، يظل الاتحاد الأوربي يعمل بنشاط في كل أنحاء العالم. هناك طلبٌ متزايد حول العالم على التواجد والشراكة الأوروبية التعاونية الموثوقة والقائمة على المبادئ. يُعد الاتحاد الأوروبي أكبر الأسواق وأهم الشركاء التجاريين للعديد من الدول، بالإضافة إلى كونه أكبر المانحين في المجال الإنساني وأكبر مقدمي المساعدات التنموية، فضلًا عن المساعدات التي يقدمها في المجال السياسي والدبلوماسي والأمني. لن يتنصل الاتحاد الأوروبي من التزاماته تجاه شركائه وحلفائه. ففي زمنٍ يتسم بالغموض، من الأهمية بمكان أن نؤكد من جديد على قيمنا ومبادئنا وأولوياتنا الأوروبية.

 

[1] https://eeas.europa.eu/topics/military-and-civilian-missions-and-operations/430/military-and-civilian-missions-and-operations_en

 

مجلة آراء حول الخليج