array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 140

دور الأمم المتحدة الاقتصادي والتنموي:17 هدفًا للتنمية المستدامة حتى عام 2030

الخميس، 08 آب/أغسطس 2019

كرست الأمم المتحدة اهتمامها لتحسين مستويات المعيشة وتعزيز المهارات والقدرات البشرية في أرجاء العالم، ومنذ عام 2000م، وهذه الجهود تسترشد بالأهداف الإنمائية للألفية MDGs وتأتي كل أموال المساعدة الإنمائية التي تقدمها الأمم المتحدة تقريبًا من المساهمات التي تتبرع بها البلدان الأعضاء. فبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP على سبيل المثال، بموظفيه المنتشرين في 170 بلدًا، يوفر الدعم لـ 4800 مشروع من مشاريع التخفيف من حدة الفقر، وتشجيع الحكم الرشيد، والتصدي للأزمات، والحفاظ على البيئة.

أما مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد( UNCTAD، فيساعد البلدان النامية على الاستفادة بأقصى درجة من الفرص التجارية المتاحة لها، ويوفر البنك الدولي القروض والمنح للبلدان النامية، ويقوم منذ عام 1947م، بتقديم الدعم لأكثر من 12000 من المشاريع الإنمائية لأكثر من 170 دولة حول العالم.

ويعد برنامج الأمم المتحدة الإنمائي شبكة الأمم المتحدة المعنية بالتنمية العالمية، وهو منظمة تدعو إلى التغيير وربط البلدان بالمعارف والخبرات والموارد بهدف مساعدة الشعوب على بناء حياة أفضل.

ويؤدي المكتب الإقليمي للدول العربية ومقرّه نيويورك دور المقرّ الرئيسي للبرامج الإقليميّة والمكاتب القُطرية لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي الموزعة على 17 بلدًا عربيًا بينما يوجد المكتب الثامن عشر في الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة.

ترتكز أنشطة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في منطقة الدول العربيّة على المجالات الخمسة التي تمثل أولوياته مع التركيز بصورة خاصة على التصدي لأبرز معوّقات التنمية البشريّة في المنطقة كما حددتها سلسلة تقارير التنمية البشرية في البلدان العربية، وهي الحرية والحُكم الرشيد والمعرفة وتمكين المرأة، ومن ثم يسعى المكتب، من خلال أنشطته، إلى دعم العمل في مجالات التنمية المستدامة، والحكم الديمقراطي وبناء السلام، وبناء القدرة على مواجهة المناخ والكوارث، وتمكين المرأة، ومجتمعات المعرفة، وفيروس نقص المناعة البشرية والتنمية، والطاقة والبيئة، والشباب.

وتقوم جهود التنمية التي تبذلها الأمم المتحدة والتي تؤثر تأثيرا قويا في حياة ملايين البشر ورفاهيتهم في كل أنحاء العالم على أساس أن تحقيق السلام والأمن الدوليين يرتبطان بتحقيق الازدهار الاقتصادي للأفراد وضمان رفاهيتهم في كل أرجاء العالم.

وكان على رأس تلك الجهود التنموية للأمم المتحدة ما عرف بالأهداف الإنمائية للألفية الثالثة، والتي التزمت بتحقيقها جميع الدول في سبتمبر 2000م، وتمثلت في 8 ثمانية أهداف إنمائية للتنمية كان من المفترض أن يتم تحقيقها على المستوى الدولي بحلول عام 2015م. وتنوعت هذه الأهداف من تخفيض الفقر المدقع إلى النصف والحد من انتشار فيروس نقص المناعة البشرية المكتسب/الإيدز وتوفير التعليم الابتدائي للجميع. وتم تدشين العديد من المبادرات، بما فيها مبادرة تحدي القضاء على الجوع.

في عام 2015م، اعتمدت البلدان خطة التنمية المستدامة لعام 2030م، وأهداف التنمية المستدامة الـسبعة عشر، وفي عام 2016م، دخل اتفاق باريس بشأن تغير المناخ حيز التنفيذ لتلبية الحاجة للحد من ارتفاع درجات الحرارة في العالم.

في 1 يناير 2016م، بدأ العمل على تنفيذ أهداف التنمية المستدامة الـ 17 لخطة التنمية المستدامة لعام 2030م، التي اعتمدها قادة العالم في أيلول/سبتمبر 2015م، في قمة تاريخية للأمم المتحدة، تعهدت فيها دول العالم العمل خلال السنوات المقبلة وحتى عام 2030م، على تحقيق الأهداف الجديدة التي تنطبق عالميًا على الجميع، وحشد الجهود للقضاء على الفقر بجميع أشكاله ومكافحة عدم المساواة، ومعالجة تغير المناخ، مع كفالة عدم التخلي عن أحد.

مفهوم التنمية المستدامة

تعرف التنمية المستدامة بأنها التنمية التي تلبي احتياجات الأجيال الحاضرة دون المساس بقدرة الأجيال القادمة على تلبية احتياجاتها، من خلال الاستخدام الأمثل للموارد المتاحة، بما فيها الموارد البيئية، عن طريق تضافر الجهود على مستوى الدولة والأقاليم والعالم ككل، من أجل بناء مستقبل للناس ولكوكب الأرض يكون شاملاً للجميع ومستدامًا وقادرًا على الصمود.

أوجه اختلاف أهداف التنمية المستدامة عن أهداف الإنمائية للألفية

تتمثل أوجه الاختلاف بين التنمية المستدامة وأهداف الألفية في أن أهداف التنمية المستدامة البالغة 17 غاية متضمنة 169 هدفًا أوسع نطاقًا وسوف تذهب أبعد مما ذهبت إليه الأهداف الإنمائية للألفية من خلال معالجة الأسباب الجذرية للفقر والحاجة العالمية للتنمية التي تعمل لصالح الجميع، وسوف تغطي الأهداف الأبعاد الثلاثة للتنمية المستدامة وهي: النمو الاقتصادي والإدماج الاجتماعي وحماية البيئة، كما أن الأهداف الجديدة عالمية وتنطبق على جميع البلدان، بينما كانت الأهداف الإنمائية للألفية مخصصة للعمل في البلدان النامية فقط.

ولعل أهم نقاط الضعف في تلك الجهود هو أن أهداف التنمية المستدامة ليست ملزمة قانونًا، ومع ذلك، فمن المتوقع أن تمسك البلدان بزمام العملية وتقوم بوضع أطار وطني لتحقيق الأهداف الــ 17، حيث تتحمل البلدان المسؤولية الرئيسية، على الأصعدة الوطنية والإقليمية والعالمية، فيما يتعلق بالتقدم المحرز في تنفيذ الأهداف والغايات على مدى السنوات الــ 15 المقبلة لتحقيق التنمية المستدامة.

أهداف التنمية المستدامة

1-القضاء على الفقر

لا يزال القضاء على الفقر بجميع أشكاله أحد أكبر التحديات التي تواجه البشرية، فعلى الرغم من أن عدد الأشخاص الذين يعيشون في فقر مدقع انخفض إلى أكثر من النصف بين عامي 1990 و2015م، فما زال أكثر من 800 مليون شخص يعيشون على أقل من 1.25 دولار في اليوم.

وفي عام 2010م، كان 4 في المائة من سكان المنطقة العربية يعيشون تحت خط الفقر الدولي البالغ 1.25 دولار أمريكي في اليوم، بينما كان يعيش 40 في المائة منهم على أقل من 2.75 دولار في اليوم. وتعد المنطقة العربية هي الوحيدة من بين مناطق العالم التي ازداد فيها الفقر المدقع منذ عام 2010م (عدد السكان الذين يقل دخلهم عن 1.25 دولار أمريكي في اليوم).

وفق ما جاء في التقرير العربي حول الفقر المتعدد الأبعاد، وضعت تلك الخطط لتبني على ما حققته المنطقة العربية من انجازات لتنفيذ الأهداف التنموية للألفية، وتمحورت أولويات المنطقة على القضاء على الفقر بمختلف أبعاده كشرط رئيسي ينبغي تحقيقه لتنفيذ خطة 2030م.

2-القضاء التام على الجوع

أصبح انعدام الأمن الغذائي تحديًا كبيرًا للعديد من البلدان العربية، وخاصة في ظل بيئتها القاحلة في أغلب الأحيان، ومع تزايد النمو السكاني السريع في المنطقة التي تجاوز عدد سكانها عتبة الـ 400 مليون نسمة في عام 2016م، وكذلك زيادة الصراعات طويلة الأمد.

وعلى الرغم من ارتفاع مؤشر الإنتاج الغذائي في المتوسط من 82.6 في عام 2000م، إلى 118.8 في عام 2013م، فإن العديد من البلدان العربية لا تزال تواجه مشاكل خطيرة في الإنتاج الزراعي بسبب محدودية الموارد الاقتصادية وانخفاض مستويات التكنولوجيا ومحدودية أنماط المحاصيل والقيود البيئية. وفي عام 2013م، بلغ مؤشر الإنتاج الغذائي 68.2 و82.4 في دولة الإمارات العربية المتحدة وسوريا، على التوالي.

3-الصحة الجيدة والرفاه  

يعكس مؤشر متوسط العمر المتوقع عند الولادة مجمل الأحوال الصحية، وقد ارتفع متوسط العمر المتوقع عند الولادة في المنطقة العربية، من 58.5 سنة في عام 1980م، إلى 70.6 سنة في عام 2015م. وبالإضافة إلى ذلك، انخفضت وفيات الأطفال في المنطقة العربية بشكل ملحوظ من 131 لكل 1000 ولادة حية في عام 1980م، إلى 36.8 لكل 1000 في عام 2015م، وهو ما يعزى جزئيًا إلى التقدم الذي أحرزته العديد من البلدان العربية في زيادة إمكانية الوصول إلى مرافق الصرف الصحي المحسنة من 66 في المائة في عام 1990 إلى 90 في المائة بحلول عام 2015م، وارتفاع حالات الولادة تحت إشراف متخصصين

- 4 التعليم الجيد

أحرزت المنطقة العربية تقدمًا جيدًا فيما يتعلق بالالتحاق بالمدارس، وما بين عام 2000 وعام 2014م، ارتفعت معدلات الالتحاق الإجمالية من 15.5 في المائة إلى 27 في المائة، في مرحلة ما قبل التعليم الابتدائي؛ ومن 90.78 في المائة إلى 99.75 في المائة، في المرحلة الابتدائية؛ ومن 61.07 في المائة إلى 73.01 في المائة في المرحلة الثانوية؛ ومن 18.6 في المائة إلى 28.9 في المائة على مستوى التعليم العالي.

وفي عام 2013م، كانت نسبة التحاق الفتيات الإجمالية في التعليم العالي (28.2 في المائة) أعلى من نسبة التحاق الفتيان (26.8 في المائة) في البلدان العربية. وسجلت أعلى معدلات الالتحاق بالتعليم العالي في عام 2014 م، في المملكة العربية السعودية (59.9 في المائة) تليها البحرين (56.5 في المائة). وكانت معدلات الالتحاق الإجمالية في التعليم الابتدائي أعلى بكثير، حيث بلغت 96.1 في المائة للفتيات و103.2 في المائة للبنين في عام 2013م.

5-المساواة بين الجنسين

القضاء على كافة أشكال التمييز ضد النساء والفتيات لا يمثل حقًا أساسيًا من حقوق الإنسان فحسب، بل هو أيضًا عامل حاسم في التعجيل بتحقيق التنمية المستدامة. وقد ثبت مرارًا وتكرارًا أن تمكين النساء والفتيات له أثر مضاعف، ويساعد على دفع النمو الاقتصادي والتنمية في جميع المجالات. ولذلك، ومنذ عام 2000م، أصبحت المساواة بين الجنسين محور عمل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.

وتواجه النساء في المنطقة العربية عوائق كبيرة أمام دخول سوق العمل، ويتعرضن لخطر البطالة بشكل أكبر بكثير مقارنة بالرجال، وعلى الرغم من أن معدل البطالة بين النساء شهد انخفاضًا بطيًا على مدى السنوات الـخمسة عشر الماضية من 22.4 في المائة في عام 2000م، إلى 19.96 في المائة في عام 2015م، فإن معدل البطالة بين النساء يزيد على ضعف معدل البطالة بين الرجال في المنطقة والذي يبلغ 8.96 في المائة، وثلاثة أضعاف المعدل العالمي الذي يبلغ 6.2 في المائة، في العام نفسه. وفيما بين النساء الشابات، تعتبر معدلات البطالة الأعلى في العالم، إذ تقارب من ضعف مثيلاتها بين الشباب من الذكور—48 في مقابل 23 في المائة، على التوالي مقارنة بـ 16و13 في المائة عالميًا.

6-المياه النظيفة والنظافة الصحية

يكتسب هذا الأمر أهمية خاصة بالنسبة للمنطقة العربية، فهي المنطقة الأكثر معاناة من انعدام الأمن المائي في العالم، فيوجد بها 14 بلدًا من البلدان العشرين الأكثر معاناة من ندرة المياه في العالم، ولا يتجاوز نصيب الفرد من المياه المتجددة فيها 12 في المائة فقط من الحصة المتوسط للمواطن عالميًا، وفي الوقت نفسه، تنبع أكثر من نصف مياه المنطقة من خارجها، وهو ما يجعل المنطقة العربية الأكثر اعتمادًا على مصادر المياه الخارجية، كذلك ازداد انعدام الأمن المائي بسبب تصاعد الصراعات في ليبيا وسوريا والعراق واليمن، ففي سوريا، على سبيل المثال، لا يحصل 70 في المائة من السكان السوريين على مياه الشرب المأمونة بصورة منتظمة بسبب تدمير البنية الأساسية وانقطاع المياه بشكل متزايد.

7-طاقة نظيفة وبأسعار معقولة

لا تزال العديد من البلدان العربية تخطو خطوات بطيئة على درب تطوير قدراتها على إنتاج الطاقة المتجددة، التي لا تشكل حاليًا أكثر من 7٪ فقط من مزيج الطاقة في المنطقة. وفي الوقت نفسه، ينمو الطلب على الكهرباء بأكثر من 77٪ سنويًا، وهو أسرع من المتوسط العالمي، وهو ما حدا بكثير من البلدان العربية اليوم إلى السعي لتلبية هذا الطلب من خلال حلول الطاقة المتجددة وتحسين كفاءة الطاقة، وهو ما من شأنه أن يفيد الفقراء في المنطقة بشكل خاص، إذ يفتقر حوالي 40 ٪ منهم إلى إمكانية الحصول على الطاقة المستدامة.

8-العمل اللائق ونمو الاقتصاد

تجاوز إجمالي الناتج المحلي بالمنطقة العربية 6056 بليون دولا أمريكي عام 2015م، وهو ما يمثل حوالي 5.6 في المائة من إجمالي الناتج المحلي عالميًا، لكن المنطقة تشهد أيضًا تفاوتات كبيرة في متوسط دخل الفرد بين الدول داخل الإقليم، فيبين تقرير التنمية البشرية لعام 2016م، أن نصيب الفرد من الدخل القومي الإجمالي في المنطقة العربية بلغ في المتوسط 14،958 دولارًا أمريكيًا في عام 2015م، وفيما سجلت دولة الإمارات العربية المتحدة قيمة عالية بلغت 66203 دولار أمريكي، سجلت كل من سوريا واليمن وجزر القمر قيمًا منخفضة وصلت إلى 2441 دولارًا أمريكيًا، و2300 دولار أمريكي و1335 دولارًا أمريكيًا على التوالي، مقومة بمعادل القوة الشرائية، بالأسعار الثابتة لعام 2011م

ويشكل تشجيع ريادة الأعمال وخلق فرص العمل، واتخاذ التدابير الفعالة للقضاء على العمل الجبري والرق والاتجار بالبشر عوامل حاسمة الأهمية في سبيل تحقيق الهدف العام الساعي إلى تحقيق العمالة الكاملة والمنتجة والعمل اللائق لجميع النساء والرجال بحلول عام 2030م

9- الصناعة والابتكار والهياكل الأساسية

تمثل الاستثمارات في الصناعة والبنية التحتية والابتكار عوامل حاسمة الأهمية للنمو الاقتصادي والتنمية. ولأن أكثر من نصف سكان العالم يعيشون اليوم في المدن، ازدادت أهمية النقل الجماعي، والطاقة المتجددة، وتكنولوجيات المعلومات والاتصالات وكذلك نمو الصناعات الجديدة على نحو أكثر من أي وقت مضى.

كذلك يعد التقدم التكنولوجي أساسي لإيجاد حلول دائمة للتحديات الاقتصادية والبيئية، مثل توفير فرص عمل جديدة وتعزيز كفاءة استخدام الطاقة. كما أن تعزيز الصناعات المستدامة، والاستثمار في البحث العلمي والابتكار، كلها طرق هامة لتعزيز التنمية المستدامة.

10-الحد من أوجه عدم المساواة

تعاني المنطقة العربية من متوسط خسارة قدرها 24.9 في المائة عندما يتم تعديل مؤشر التنمية البشرية لاعتبار أوجه عدم المساواة، وهو ما يتجاوز متوسط الخسارة على المستوى العالمي والبالغ قدره 22.9 في المائة. وتعزى هذه الخسارة في مؤشر التنمية البشرية إلى عدم المساواة في التعليم بالأساس، فضلاً عن عدم المساواة في الدخل وفي مجال الصحة.

إذ أن فجوة المساواة هي الأوسع في مكون التعليم لمؤشر التنمية البشرية المعدل لعدم مساواة (حوالي 38 في المائة) ولكنها أقل حدة في مكون الدخل (17 في المائة). كذلك تشهد المنطقة العربية ثاني أعلى نسبة بين جميع المناطق النامية للفقر بين الحضر والريف (3.5 ضعف).

11-مدن ومجتمعات محلية مستدامة

يعيش أكثر من نصف السكان العرب (57 في المائة) في المناطق الحضرية في المتوسط، مع تفاوت كبير عبر المنطقة إذ تبلغ نسبة التحضر 99 و98 في المائة في قطر والكويت على التوالي؛ وتصل النسبة إلى 58 في المائة و44 في المائة في المغرب ومصر على التوالي؛ بينما تنخفض إلى 33 و28 في المائة في السودان وجزر القمر، على التوالي. وعبر المنطقة العربية يعيش نحو 28 في المائة من جميع سكان الحضر في أحياء فقيرة أو مستوطنات غير رسمية (عشوائيات)، وفي أقل البلدان نموًا في المنطقة، يعيش ما يقرب من ثلثي سكان الحضر في أحياء فقيرة.

12-الإنتاج والاستهلاك المستدام

تعد المنطقة العربية أحد أكثر مناطق العالم هشاشة من الناحية البيئية وفيما يخص ندرة المياه، كما تكتسب فيها الضغوط المتزايدة على قدرتها على استيعاب السكان أهمية خاصة لاستدامة جهود الحد من الفقر والتعافي من الصراع. فلقد تضاعف عدد سكان المنطقة ثلاث مرات تقريبًا منذ عام 1970م، إذ ارتفع من 124 مليون نسمة إلى 359 مليون نسمة في عام 2010م، ويتوقع أن يبلغ عدد سكانها 604 مليون نسمة بحلول عام 2050، بزيادة قدرها الثلثين.

13-العمل المناخي

وتشهد المنطقة العربية ارتفاعًا في درجات الحرارة أسرع من المتوسط العالمي، حيث من المتوقع أن ترتفع درجات الحرارة فيها لتصل إلى 4 درجات مئوية بحلول نهاية القرن. وقد أصبحت موجات الجفاف أكثر تواترا وشدة، مما يهدد بانخفاض الإنتاج الزراعي بنسبة 20 في المائة بحلول عام 2080م، كما يتوقع أن يؤدي تغير المناخ إلى خفض المياه المتجددة في المنطقة بنسبة 20 في المائة بحلول عام 2030م.

ويشكل النزوح القسري الناجم عن المناخ—سواء بسبب الجفاف والارتفاع منسوب سطح البحر— تهديدًا خاصًا، إذ يعيش حوالي 9٪ من سكان المنطقة العربية في مناطق ساحلية ستكون أدنى من مستوى سطح البحر بحوالي خمسة أمتار. واليوم طورت جميع البلدان العربية خططًا وطنية بموجب اتفاق باريس لتوسيع نطاق استثماراتها في تعزيز قدراتها على التكيف مع تغير المناخ.

14 -الحياة تحت الماء

تحاط المنطقة العربية بالمحيطين الأطلسي والهندي، بالإضافة إلى بحر العرب، والبحر الأبيض المتوسط، والبحر الأحمر. وتقع الموارد البحرية موقع القلب في التنمية الساحلية عبر المنطقة، بما لها من تأثير مباشر على مجتمعات الصيد وقطاعات حيوية أخرى مثل السياحة والطاقة والشحن. وقد ارتفع متوسط المعدلات السنوية لمصيد الأسماك في المنطقة بنسبة تزيد عن 180 في المائة بحلول عام 2013م، مقارنة بعام 1990م، مما أثر على النظم الإيكولوجية، في حين تتزايد عمليات صرف المخلفات من الزراعة والمدن وقطاع النقل البحري في البحار بشكل مطرد، كما تواجه النظم الإيكولوجية البحرية مخاطر جديدة وتنشأ من زيادة الاستثمارات في تنمية حقول النفط والغاز البحرية في جميع أنحاء المنطقة.

15-الحياة في البر

يتكون نحو 80 في المائة من المنطقة العربية من نظم إيكولوجية للأراضي الجافة، ولا سيما الهشة مع المخاطر المتقاربة الناجمة عن تغير المناخ. وتصل أعداد الأنواع الحيوية المهددة في المنطقة إلى أكثر من 1000، تتعرض أغلبيتها لخطر الانقراض، 24 في المائة منها من الأسماك و22 في المائة من الطيور و20 في المائة من الثدييات. وقد بذلت البلدان العربية جهودًا كبيرة للحفاظ على تنوعها البيولوجي، بما في ذلك من خلال توسيع المناطق المحمية ونظم الاستخدام المستدام للنظم الإيكولوجية الرئيسية مثل الواحات. وكنسبة مئوية من إجمالي المساحة الإقليمية، نمت المناطق المحمية من 3.21 في المائة في عام 1990 إلى 9.28 في المائة في عام 2012.م

16-السلام والعدل والمؤسسات القوية

على الرغم من أن إجمالي عدد سكان المنطقة العربية لا يتجاوز 5 بالمائة من سكان العالم، كانت المنطقة العربية في العام 2014م موطنا لنحو 47 في المائة من مجموع النازحين داخليًا، ونحو 57.5 في المائة من اللاجئين في العالم كله. وكان معظم هؤلاء قد نزحوا قسرًا بسبب النزاع والعنف، حيث شهدت المنطقة العربية ما يقرب من 18 في المائة من صراعات العالم بين عامي 1948 و2014، و45 في المائة من الهجمات الإرهابية في عام 2014، و68 في المائة من الوفيات المرتبطة بالمعارك على المستوى العالمي في نفس السنة.

وتسعى أهداف التنمية المستدامة إلى الحد بشكل كبير من جميع أشكال العنف، والعمل مع الحكومات والمجتمعات المحلية لإيجاد حلول دائمة للصراع وانعدام الأمن.

17عقد الشراكات لتحقيق الأهداف

لن يمكن تحقيق أهداف التنمية المستدامة إلا بالتزام قوي بالشراكة والتعاون على المستوى الدولي. وفي حين زادت المساعدة الإنمائية الرسمية المقدمة من البلدان المتقدمة بنسبة 66 في المائة بين عامي 2000 و2014م، فإن الأزمات الإنسانية الناجمة عن الصراعات أو الكوارث الطبيعية لا تزال تتطلب المزيد من الموارد والمعونات المالية. كما تحتاج بلدان كثيرة إلى المساعدة الإنمائية الرسمية لتشجيع النمو والتجارة.

الخلاصة

تستند أهداف التنمية المستدامة على نجاح الأهداف الإنمائية للألفية وتهدف إلى المضي قدمًا للقضاء على الفقر بجميع أشكاله، وتعتبر الأهداف الجديدة فريدة من نوعها من حيث أنها تدعو جميع البلدان، الفقيرة والغنية والمتوسطة إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة من أجل تعزيز الرخاء، والعمل في الوقت نفسه على حماية كوكب الأرض، وتدرك هذه الأهداف أن القضاء على الفقر يجب أن يسير جنبًا إلى جنب مع الاستراتيجيات التي تتبني النمو الاقتصادي وتتناول مجموعة من الاحتياجات الاجتماعية بما في ذلك التعليم والصحة والحماية الاجتماعية وفرص العمل، وتتصدى في الوقت نفسه لمعالجة تغير المناخ وحماية البيئة.

وقد دخلت أهداف التنمية المستدامة حيز التنفيذ في يناير 2016م، وستستمر في توجيه سياسات وتمويل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للسنوات الخمسة عشر المقبلة، بوصفه الوكالة الرائدة في مجال التنمية في منظومة الأمم المتحدة، حيث أصبحت التنمية المستدامة الأولوية الأكثر إلحاحًا للمجتمع الدولي، والهدف الرئيسي لخطة التنمية لما بعد عام 2015م.

وفي إطار منظومة الأمم المتحدة، يتحمل المجلس الاقتصادي والاجتماعي المسؤولية الرئيسية عن متابعة جميع المؤتمرات الدولية الرئيسية السابقة المرتبطة بالركائز الثلاث للتنمية المستدامة، وينقل هذه الخبرة إلى عالم ما بعد عام 2015م.

ويقدم البرنامج الإنمائي الدعم للحكومات لإدماج أهداف التنمية المستدامة في خططها وسياساتها الإنمائية الوطنية، وهو ما التزمت به دول العالم طوعًا، وقد بادرت جامعة الدول العربية بالتنسيق مع دولها الأعضاء، إلى وضع خطط واستراتيجيات لتنفيذ الأهداف السبعة عشر للتنمية المستدامة مع التركيز على الفقر المتعدد الأبعاد، ويتطلب ذلك تهيئة البنية السياسية اللازمة فضلاً عن التوظيف الدقيق لتسهيل العملية التنموية، للموارد في المنطقة.

وقد أكد القادة العرب في القمم العربية، ولا سيما آخر ثلاث منها ( شرم الشيخ 2015 -نواكشوط 2016 - عمان 2017م ) العزم على المضي قدمًا في التنمية المستدامة وتسخير كافة الجهود التي تُمكن من تحقيقها، ما يؤكد توفر الإرادة السياسية، وعلى أعلى مستويات اتخاذ القرار في منظومة العمل العربي المشترك، لتعزيز كافة الجهود الرامية إلى القضاء على الفقر بمختلف أبعاده، وتحقيق التنمية للمواطن العربي في إطار من العدالة الاجتماعية، وصون شعار "عدم استثناء أحد" الذي تدعو إليه التنمية المستدامة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*أستاذ الاقتصاد والمالية العامة بجامعة المنوفيةــــــ المستشار الاقتصادي بجامعة الملك عبد العزير بالسعودية سابقًا

مجلة آراء حول الخليج