; logged out
الرئيسية / ثورة الشباب في اليمن.. قراءة في مفردات الموقف الخليجي

ثورة الشباب في اليمن.. قراءة في مفردات الموقف الخليجي

الإثنين، 01 آب/أغسطس 2011

مثل اندلاع شرارة الثورة الشبابية ضد النظام السياسي الحاكم في اليمن تطوراً دراماتيكياً لافتاً يندرج في إطار المتغيرات السياسية العاصفة التي تجتاح منطقة الشرق الأوسط منذ مطلع العام الجاري، وأدت إلى سقوط اثنين من أقدم الأنظمة السياسية العربية الحاكمة في كل من تونس ومصر.

لكن الحالة الثورية اليمنية التي مضى على ظهورها الطارئ ما يزيد على ستة أشهر لا تزال تتأرجح في بوتقة مفرغة من المحاولات الحثيثة والمتعثرة لتحقيق الحسم الثوري الذي تأخر لاعتبارات عديدة من أبرزها الافتقاد للدعم الإقليمي والدولي المؤثر، حيث تبدو أطراف إقليمية كدول مجلس التعاون الخليجي ودولية كالولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي غير متحفزة للتعاطي مع ما يعتمل على واجهة المشهد الشعبي والسياسي في اليمن باعتباره ثورة شعبية، بل بكونه مجرد أزمة سياسية عارضة.

 الداخل اليمني ومواقف دول الجوار الخليجي

تراجع سقف التفاؤل الشعبي في اليمن إزاء إمكانية أن تكون المبادرة الخليجية الأخيرة بمثابة نقطة الضوء المنشودة في نهاية نفق مظلم من التأزيم والاحتقان السياسي وبداية النهاية لخريطة متشعبة من الإفرازات والتداعيات التي باتت تتهدد وبشكل متزايد وغير مسبوق أمن اليمن واستقراره.

سقف التفاؤل الشعبي في اليمن تراجع إزاء إمكانية نجاح المبادرة الخليجية الأخيرة 

إن انحسار الآمال والتطلعات الشعبية اليمنية حيال جدوى التدخل الخليجي في نزع فتيل التصعيد المطرد لوتيرة الأزمة السياسية القائمة ومساعدة اليمن واليمنيين على استعادة القدر اللازم من الهدوء والتهدئة لإحداث التغيير السياسي المطلوب والانتقال السلمي والسلس للسلطة، عزز ليس فقط لدى أوساط المعتصمين المتمترسين منذ منتصف شهر فبراير المنصرم في الساحات العامة الموزعة على خريطة (17) مدينة يمنية بل حتى لدى الأغلبية الشعبية الصامتة، تنامي الشعور العام بأن (روشتة) المعالجات الخليجية لإنهاء الأوضاع المأزومة القائمة في اليمن ارتكزت على تشخيص قاصر وغير موضوعي لطبيعة ما يعتمل على واجهة المشهد السياسي والشعبي في البلاد عبر التعاطي مع حالة الاحتقان السياسي المتصاعد في البلاد باعتبارها إفرازات أزمة سياسية خانقة وليس ثورة شعبية تجاوزت تفاعلاتها الخلاقة حدود السيطرة والاحتواء التي يمكن استعادتها برعاية خليجية لمراسم التوقيع على اتفاقية للتسوية في الغالب لا تعني سوى طرفيها اللذين وإن مثلاً جزءاً من المشكلة إلا أنهما ووفقاً لمعطيات المعادلة القائمة في الساحة اليمنية لا يمتلكان فرض الحلول لمجرد توافقهما الطارئ في الرياض.

 الثورة والمبادرة الخليجية

أغفلت المبادرة الخليجية التعاطي بقدر من الموضوعية وربما التقدير المحايد مع حقيقة أن اليمن يعيش ومنذ ما يزيد على ستة أشهر تفاصيل ذات المخاض الصعب الذي تفتق في مناطق أخرى من الخريطة الجغرافية العربية عن واقع سياسي واجتماعي جديد فرضته إرادة التغيير المعززة بقوة دفع شعبية وليس نخبوية، وأن الدفع بتسوية لأزمة سياسية مستحكمة بين أحزاب سياسية متخاصمة ومرهونة بمدى تقيد كل طرف بالالتزام باستحقاقات نفاذها قد يمثل في حده الأقصى إسهاماً في تخفيف بعض المظاهر الهامشية وغير العضوية والتي تشكل قطعاً جزءاً من مشهد الاحتقان السياسي القائم في اليمن، لكنه لا يمثل بأي حال مقاربة فاعلة ومؤثرة لجذور الأزمة الحقيقية وتفاعلاتها المتشعبة على امتداد المشهد ذاته الذي تبرز فيه استحقاقات الثورة الشعبية المحددة بسقف مطالب الملايين المعتصمة في الساحات العامة كخريطة طريق وحيدة لتحقيق التسوية النهائية المطلوبة والمقبولة في الحالة اليمنية الراهنة الأمر الذي يفرض - بالضرورة -على دول مجلس التعاون الخليجي إعادة النظر في مسار خياراتها المطروحة للتدخل في مشهد  القائمة في اليمن، واستيعاب حقيقة أن التعويل على فاعلية المعالجات المحددة والتي تضمنتها (روشتة) المبادرة الخليجية الأخيرة لا يعني سوى إهدار المزيد من الوقت الذي قد يكون كافياً لحسم اضطراري لخيارات تسوية مغايرة على الأرض تدفع اليمن ودول الإقليم ثمناً فادحاً لتداعياتها الدامية.

المعالجات الخليجية لإنهاء الأوضاع المأزومة القائمة في اليمن ارتكزت على تشخيص قاصر وغير موضوعي للأحداث

 التسوية الخليجية وتقييمها

إن الشعور بالخذلان ومحاولة الفرض القسري لمفردات تسوية غير منصفة للأزمة القائمة برعاية خليجية لمراسم التوقيع على اتفاقية الرياض وهو ما عبّر عنه المعتصمون وشباب (ثورة فبراير) في اليمن من خلال مسيرات مليونية حاشدة كرست التعبير عن رفض مسار التدخل الخليجي المطروح والمتمثل في مضمون مبادرة التسوية المقترحة، سرعان ما تطور إلى ما يشبه الشعور العام بالغضب والاستياء الذي وصل إلى حد اتهام دول مجلس التعاون الخليجي بالتواطؤ مع أحد طرفي الأزمة المحتدمة عبر تعمد خفض سقف التوصيف الموضوعي والواقعي لحقيقة ما يحدث في البلاد واختزاله في مجرد (أزمة سياسية معقدة)، وليس ثورة شعبية عاصفة عمّدت شرعيتها بدماء ما يزيد على (300) شهيد وأكثر من خمسة آلاف جريح، الأمر الذي دفع بعض النخب الشبابية البارزة في المشهد الثوري القائم في اليمن إلى التشديد على ضرورة مبادرة دول مجلس التعاون الخليجي بإعادة تقييم مواقفها المعلنة من خريطة الأزمة القائمة في اليمن وفقاً لرؤية مدروسة تتواءم واتجاهات مصالحها المستقبلية الأولى بالرعاية مع بلد بحجم وجوار ومواصفات اليمن.

 

 

مقالات لنفس الكاتب