; logged out
الرئيسية / أكاذيب إيران على منبر الأمم المتحدة

العدد 142

أكاذيب إيران على منبر الأمم المتحدة

الثلاثاء، 08 تشرين1/أكتوير 2019

تحدث الرئيس الإيراني حسن روحاني في كلمته في الخامس والعشرين من سبتمبر الماضي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، بطريقة "التقية" التي تنتهجها إيران في التعامل مع مختلف القضايا، حيث تعلن غير ما تبطن، وتقول ما لا تفعل، وتقلب الموائد، في إطار النهج الإيراني منذ قيام ما يُعرف بالثورة الإسلامية في نهاية عقد السبعينيات الماضي، حيث قدم روحاني بلاده من على منبر الأمم المتحدة بطريقة سمجة وبمعلومات مغلوطة، جاءت في مجملها حول الدول العربية، فقدم إيران على أنها راعية السلام والاستقرار في المنطقة والعالم، بل نصًبها في موقع الولاية على ما يعتبره المقاطعات العربية التابعة لجمهوريته الإسلامية حسب سياق مزاعمه.

ومع ذلك وقع روحاني في أخطاء جسيمة جاءت في ثنايا كلمته ، ما يؤكد على أن إيران راعية الإرهاب والمسؤولة عن عدم استقرار المنطقة، عكس ما أراد هو ليثبت عكس ذلك في أهم محفل أممي، كما أراد أن يدغدغ مشاعر شعبه الغاضب والرافض لسياسة التجويع والقمع للنظام الإيراني بالحديث عن كبرياء وشموخ هذا الشعب.

وبدأ روحاني خطابه بالتشدق كالعادة عن القضية الفلسطينية وما أسماه معاناة الشعوب العربية في سوريا والعراق واليمن، والمظالم والهجوم على السياسة الأمريكية وفرض الحصار على الشعب الإيراني، مطالبًا برفع الحصار عن بلاده كشرط للعودة للتفاوض بشأن الملف النووي الإيراني، وإن كان قد أعاد الاستخدام النووي العسكري ـ في اعتراف لأول مرة بعسكرة البرنامج النووي في هذا المحفل ـ في بلاده إلى سلطة خامنئي وليس للقانون الدولي، فقال مخاطبًا أمريكا "إن كنتم مصرين على كلمتكم بأن لديكم مطلبًا واحدًا من إيران وهو عدم إنتاج السلاح النووي واستخدامه، فهذا يتحقق من خلال فتوى سماحة قائد الجمهورية الإيرانية خامنئي "وذلك في إطار سياسة المراوغة وتوزيع الأدوار وإخضاع المطالب الدولية لسلطة الولي الفقيه .

وفي سياق مضحك آخر تحدث عن ما أسماه (الديموقراطية في المنطقة العربية) عندما قال "إن الحل النهائي لسلام الشرق الأوسط وأمنه هو الديموقراطية في الداخل والدبلوماسية في الخارج" في تناقض صارخ وكأن إيران تمارس الديمقراطية في الداخل وهي التي تمارس القمع والتعذيب والتصفية على المذهب والعرق وقتل الحريات بطرق انتخابية تعتمد على الاختيار بين المرشحين لا الانتخاب الحر المباشر، وعندما تحدث عن دبلوماسية الخارج كان بالطبع يقصد دبلوماسية الميليشيات المسلحة والأذرع العسكرية خارج سلطة دولها كما هو حزب الله في لبنان والحوثي في اليمن والحشد الشعبي في العراق والحرس الثوري في سوريا.

وفي مغالطة وأكذوبة كبرى لا يصدقها عقل قال "إن سلام جيراننا وأمنهم واستقلالهم هو سلامنا وأمننا واستقلالنا، وأن (الجار ثم الدار)" وهو بذلك يتحدث بلغة الإيمان بحقوق الجار الذي يسلط عليه سيف الطائفية والمذهبية وتصدير الثورة ونشر نظام ولاية الفقيه بالقوة التي تمارسها ميليشياته، بل يمارسها في الدار نفسه أي في إيران مع شعبه الذي يعاني من ويلات القمع والتجويع والتهميش والعنصرية وتحويل مقدراته إلى حروب خارجية لا تعنيه.

النكتة السمجة التي أطلقها روحاني أيضًا جاءت عندما تحدث عما أسماه "تحالف الأمل بين دول الخليج لترجمة النظرية الأمنية للجمهورية الإيرانية للحفاظ على السلام والاستقرار في الخليج وتوفير الأمن والحرية للملاحة البحرية في مضيق هرمز، وأن ذلك يأتي بناءً على المسؤولية التاريخية لإيران!" وبالطبع تجاهل روحاني تاريخ إيران ومشروعها الصفوي الفارسي للاستيلاء على المنطقة وتدخلها السافر في شؤون دولها، سواء التدخل العسكري المعلن، أو عبر وكلائها المعلنين، بل أن روحاني اعترف بأن بلاده هي التي تحرك الحوثيين في اليمن عندما قال "إن أمن السعودية يتحقق من خلال إنهاء الحرب في اليمن، ونحن مستعدون ومن أجل إرساء السلام أن نوظف كل قدراتنا الوطنية ومكانتنا الإقليمية وقوتنا الدولية " وهذا اعتراف بالتورط في اليمن يكفي لمحاكمة إيران أمام المحكمة الدولية، فهو يعترف أن بلاده قادرة على إسكات الحوثيين أو منع تسليحهم وتدريبهم إذا تدخلت إيران والاعتراف بدورها في منطقة الخليج.

إن كلمة روحاني أمام الأمم المتحدة بقدر ما تبدو في ظاهرها تبرئة إيران مما تقترفه من جرائم في المنطقة بقدر ما هي دليل إدانة لنظام الملالي في طهران، ويجب تحليلها لتكون ضمن مادة الإعلام العربي والرد عليها بتفنيد مزاعم طهران، ومخاطبة المجتمع الدولي حول اعتراف طهران بأنها مفتاح الصراع والحل في الخليج واليمن.

وأخيرًا يذكرنا روحاني بمطلع قصيدة أحمد الشوقي الشهيرة:

برز الثعلب يومًا.. في شعار الواعظينا

فمشى في الأرض يهذي .. ويسب الماكرينا

مقالات لنفس الكاتب