array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 142

الحـوار الاستراتيجي الخليجي مع دول آسـيا الوسـطى ضرورة لإزالة الصعوبات

الثلاثاء، 08 تشرين1/أكتوير 2019

تحظى الجمهوريات الإسلامية الجديدة بآسيا الوسطى بإمكانات اقتصادية متنوعة، بالإضافة إلى الموقع الجغرافي الهام، ومن ثم فقد أصبحت محور اهتمام القوى الدولية كالولايات المتحدة وروسيا والصين والاتحاد الأوروبي، وحظيت باهتمام من القوى الإقليمية كتركيا وإيران بل وإسرائيل.

 وتستهدف هذه المقالة استشراف مستقبل العلاقة بين دول الخليج العربية مع الجمهوريات الإسلامية، في ضوء الروابط الثقافية القائمة، والمصالح المشتركة، وفرص التعاون بينها وبين دول مجلس التعاون.

وتضم منطقة آسيا الوسطى خمس دول أساسية هي: أوزبكستان، كازاخستان، قرغيزستان، طاجيكستان، وتركمانستان، أما منطقة القوقاز، فهي إقليم جبلي يقع بين البحر الأسود في الغرب، وبحر قزوين في الشرق، وتتقاسم الإقليم أربع دول هي: روسيا، وجورجيا، وأذربيجان، وأرمينيا، وتعتبر أذربيجان الدولة الإسلامية الوحيدة بالمنطقة، حيث يمثل المسلمون أغلبية واضحة بها (93.4%) من عدد السكان.

وتعتبر الجمهوريات الست من أوائل المناطق التي دخلها الإسلام، وذلك في القرن الأول الهجري/السابع الميلادي في عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وكانت أذربيجان هي أولى هذه الجمهوريات، وبنهاية القرن الأول الهجري تم توطيد أركان الإسلام في المنطقة التي كانت تعرف آنذاك بتركستان الغربية (آسيا الوسطى).

وقد خضعت المنطقة للسيطرة الروسية الكاملة منذ الستينيات من القرن التاسع عشر، وتم تقسيمها إلى خمس جمهوريات اتحادية في إطار الاتحاد السوفيتي خلال العشرينيات والثلاثينيات من القرن الماضي، إلى جانب أذربيجان، وعقب تفكك الاتحاد السوفيتي استقلت الجمهوريات الست تباعًا عام 1991م، وانضمت في نفس العام إلى كومنولث الدول المستقلة.

وتعتبر جمهوريات آسيا الوسطى، أو بلاد ما وراء النهر، كما أسماها المسلمون الأوائل، منطقة مغلقة تقع في قلب قارة آسيا تحولت إلى منطقة تجاذب دولي أطرافه قوى كبرى مثل روسيا والصين والولايات المتحدة الأمريكية وبعض القوى الإقليمية الصاعدة كتركيا وإيران.

ومنذ الاستقلال عن الاتحاد السوفيتي تحاول تلك الدول جاهدة التأقلم مع النظام العالمي القائم، خاصة وأنها تقع في منطقة شديدة التعقيد، تنطوي على الكثير من الفرص والمزايا كما تحمل الكثير من المخاوف والتهديدات.

أهمية الجمهوريات الإسلامية بآسيا الوسطى

تستمد أية منطقة مكانتها عادة من موقعها الجغرافي، وحجم مواردها وأهمية هذه الموارد في الاقتصاد الدولي، ومن الامتيازات الكامنة فيها، والتحديات والمخاطر التي تفرضها، فضلاً عن بعض الاعتبارات الثقافية والحضارية، وهي عناصر توفرت جميعها في دول آسيا الوسطى.

وتقع المنطقة في قلب آسيا وبالقرب من روسيا والصين وإيران وتركيا وشبه القارة الهندية، تقدر مساحتها بحوالي 4 ملايين كيلومترمربع، مما يجعل منها أكبر من حيث المساحة من دول أوروبا، تقطنها شعوب متنوعة الأعراق متباينة اللغات، مما يضفي على المنطقة مكانة استراتيجية هامة.

لكن الأهم من كل ذلك أن دول المنطقة تتمتع بموارد طبيعية كبيرة خاصة في مجال الطاقة، حيث تقع معظم دولها على بحر قزوين الغني بالنفط والغاز، فيشكل حجم الغاز الطبيعي فيها نحو 34% من الاحتياطي العالمي، كما أن احتياطاتها من النفط تشكل نحو 27% من الاحتياطي العالمي، فضلاً عما تمتلكه من ثروات طبيعية أخرى من المياه العذبة والجوفية، واحتياطات المعادن والفحم، وما تنتجه من حاصلات زراعية على رأسها القطن.

ولا تقتصر موارد هذه الدول على الموارد الطبيعية، حيث تمتلك قاعدة صناعية ثقيلة بحسب نهج الإتحاد السوفيتي سابقًا، فضلاً عن الثروة البشرية من العلماء والمهنيين والعمالة الماهرة في مجالات عديدة.

والحقيقة أن مكانة آسيا الوسطى ليست طارئة، ولم تفرضها ظروف ما بعد نهاية الحرب الباردة، فمنذ القرن الثالث قبل الميلاد، اكتسبت هذه المنطقة أهميتها الاستراتيجية من خلال ما كان يعرف بطريق الحرير الممتد من الصين إلى البحر المتوسط، الذي تحول اليوم إلى ممر مهم لخطوط نقل البترول وأنابيب الغاز.

وهناك عدة اعتبارات تجعل من آسيا الوسطى ذات مكانة استراتيجية، أولها،أنها تعد قلب آسيا والقريبة من مجموعة من الكتل الجغرافية والتكتلات السياسية، وعلى المستوى الآسيوي تقع المنطقة على تماس مباشر مع روسيا والصين وإيران وتركيا وتطل على شبه القارة الهندية، وفي الوقت نفسه تشكل منطقة عازلة تحد من الاحتكاك المباشر بين هذه القوى الآسيوية الإقليمية.

ثاني الاعتبارات هو إطلال معظم منطقة آسيا الوسطى على بحر قزوين الغني بالنفط والغاز، إذ تتعدى احتياطاته أكثر من 150 مليار برميل من النفط، وتقدر احتياطاته من الغاز الطبيعي بأكثر من 75 ألف مليار متر مكعب.

وحسب وزارة الطاقة الأمريكية، فإن المنطقة، وبحر قزوين تحتويان على ثاني أكبر احتياطي نفطي في العالم بعد منطقة الخليج العربي والشرق الأوسط، وتشير أغلب الدراسات إلى أن نسبة الاحتياطيات النفطية للمنطقة تشكل حوالي 15% من إجمالي الاحتياطيات العالمية، وبالنسبة للغاز الطبيعي، فإن المنطقة تحتوي احتياطي يعتبر الأول على مستوى العالم بنسبة تصل إلى 50% من إجمالي احتياطي الغاز العالمي.

وتقع دولتان من دول آسيا الوسطى، وهما: كازاخستان وتركمانستان، إلى جانب أذربيجان القوقازية على بحر قزوين، وتمتلك الدول الثلاث أكثر من ثلثي شواطئه، ومن المعروف أن منطقة بحر قزوين تمثل ثاني أكبر احتياطي في العالم من النفط والغاز الطبيعي بعد منطقة الشرق الأوسط رغم تفاوت تقديرات هذا الاحتياطي (200 مليار برميل وفق تقديرات أولية مطلع التسعينيات، إلى 33 مليار برميل، وفق تقديرات عام 2003).

وتتمتع بمخزون هائل من النفط والغاز والفحم واليورانيوم والذهب والفضة وباقي المعادن الاستراتيجية، إذ أن كازاخستان تمتلك ربع احتياطي العالم من اليورانيوم، وتمتلك تركمنستان رابع احتياطي للغاز الطبيعي في العالم، وتعد أوزبكستان ثالث أكبر منتج للقطن في العالم، وتمتلك رابع أكبر احتياطي عالمي من الذهب، وعاشر احتياطي عالمي من النحاس، إضافة للكميات الضخمة من النفط والغاز في بحر قزوين.

 ثالثًا، المساحة الكبيرة التي تتربع عليها منطقة آسيا الوسطى، حوالي 4 ملايين كيلومتر مربع، أكبر من مساحة دول أوروبا، تسكنها شعوب ولغات وأعراق متنوعة.

وأخيرًا تحظى منطقة آسيا الوسطى بأهمية جيواستراتيجية كبيرة، وتكمن الأهمية الاستراتيجية لمنطقة القوقاز وآسيا الوسطى في المحاور التالية:

-أنها تقع في موقع متوسط بين روسيا وتركيا والصين وإيران وبحر قزوين، مما يجعل منها محل تأثير على هذه المناطق الحساسة.

- تعد المنطقةممرًا هامًا لخطوط الطاقة القادمة من آسيا الوسطى وبحر قزوين، والواصلة للبحر المتوسط.

-تعتبر سوقًا تجاريًا مهمًا، حيث أنها نالت استقلالها بعد انهيار الاتحاد السوفيتي في أوائل التسعينات، ما جعلها سوقًا متعطشة للاستثمارات وأسواقًا مفتوحة للمنتجات.

-تسعي دول المنطقة لإعادة بناء جيوشها، ما جعلها سوقًا مفتوحة لاستيراد السلاح والخبرات العسكرية والأمنية، خاصة بعد الحرب على.

التنافس الدولي في المنطقة

يختصر مخزون الطاقة بالمنطقة الصراع الدائر في منطقة آسيا الوسطى حيث يدور معظمه حول النفط والغاز بين الأطراف الهامة في العالم، وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي وظهور الدول المستقلة وحدوث فراغ استراتيجي وسط آسيا، وقعت المنطقة في حلبة التجاذب الإقليمي والتنافس الدولي.

وبسبب هذه الأهمية، كانت المنطقة محل تنافس ونزاع بين أكبر جارتين وهما روسيا وتركيا، فضلاً عن التعامل مع دول المنطقة كسوق لنشاط قطاع الأعمال الروسي، وسعي الروس لضمان عدم قيام تلك الدول بتوسيع تحالفاتها العسكرية السياسية مع الغرب، وهو ما يتطلب منها تكثيف تواجدها في المنطقة خاصة مع التنافس بينها وبين الولايات المتحدة للسيطرة على المنطقة، وكانت الصين معنية بصورة مباشرة بالصراع الدائر على حدودها الغربية، خاصة وأنها متاخمة لكازاخستان وقيرغيزستان وطاجيكستان ثم روسيا.

توجهات السياسة الأمريكية في آسيا الوسطى

تأتي آسيا الوسطى على رأس المجالات الجيوسياسية المهمة للولايات المتحدة، وإحدى مناطق الضغط المهمة في حالة الصراع مع الصين، من خلال منع الصين من التمدد في آسيا الوسطى للاستفادة من موارد الطاقة من النفط والغاز اللذين تحتاجهما الصين كثيرًا.

علاوة على ذلك تسعى الولايات المتحدة إلى عزل روسيا التي تشكل المصدر الثاني للقلق الاستراتيجي الأمريكي على مستقبل مشروع الهيمنة الأمريكية على العالم، ومن ثم تسعى إلى عزل روسيا ومنعها من العودة إلى مناطق نفوذها السابق في أوروبا الشرقية والقوقاز وآسيا الوسطى.

ومن هنا سعت الولايات المتحدة إلى إقامة تحالفات وعلاقات سياسية مع دول الجوار الروسي خاصة في القوقاز وآسيا الوسطى وأوروبا الشرقية وتوسيع المظلة الأمنية لحلف الناتو إلى حدود روسيا الجنوبية والغربية، بضم دول النفوذ السوفيتي إلى عضوية المنطقة وأخيرًا عسكرة المنطقة وتحييد ورقة الطاقة بمنع روسيا من التحكم في خطوط نقل النفط وعبر الممرات السوفيتية السابقة.

وقد استجابت دول المنطقة على نحو إيجابي للمطالب الأمريكية ليس فقط لتأكيد الانقطاع عن الماضي السوفيتي، والتخلص من أي هيمنة روسية على شؤونها، ولكن لآمالها وتوقعاتها في أن تقدم الولايات المتحدة المساعدة المالية والاقتصادية التي كانت تحتاجها هذه الدول.

وتمثل المنطقة أهمية استراتيجية واضحة للولايات المتحدة التي ترى في السيطرة المبكرة على المنطقة تأمينًا لحاجاتها المستقبلية من الطاقة في المستقبل، ودعمًا لاستقلالها واستقلال حلفائها الأوروبيين في مواجهة روسيا التي تزداد هيمنتها على سوق الطاقة العالمي.


توجهات السياسة الصينية في آسيا الوسطى

مثلت المخاوف الأمنية والاقتصادية المشتركة بين موسكو وبكين دافعًا لتحالف مشترك بين روسيا والصين، حيث تستغل بكين نفوذ روسيا للتحرك نحو آسيا الوسطى، في حين كانت موسكو تبحث عن حليف قوي في آسيا الوسطى لوقف الزحف الأوروبي ـ الأمريكي نحو مناطق نفوذها التقليدية.

 وكان وراء التحرك الصيني مجموعة من الدوافع ذات الصلة بالاقتصاد والأمن والسياسة، حيث تشهد الصين نموًا اقتصاديًا كبيرًا، جعلها في حاجة متزايدة للطاقة، وكان على بكين البحث عن البدائل الرخيصة والأكثر أمنًا، لتلبي تلك الاحتياجات، من هنا ظهرت آسيا الوسطى كمصدر مهم وقريب للطاقة.

توجهات السياسة الإيرانية في آسيا الوسطى

تتعدد المزايا الاقتصادية التي يوفرها الجوار الإيراني للجمهوريات الناشئة في آسيا الوسطى، فإيران تمثل الطريق الأسرع والأكثر أمنًا والأقل تكلفة نحو الأسواق الدولية لاقتصاديات آسيا الوسطى، التي تعتمد على صادرات الطاقة والمواد الأولية والخدمات الصناعية، كما توفر لها مصدرًا أساسيًا للخبرة في مجال الصناعات النفطية.

كما يمنحها هذا الجوار موقعًا ممتازًا وإمكانيات جديدة لتصبح دولة عبور طريق الحرير الجديد، وفقًا لذلك قامت طهران بصياغة استراتيجية تستند إلى الدبلوماسية متعددة الأطراف، وسعت لتقوية الروابط الثنائية مع الجمهوريات الجديدة في آسيا الوسطى.

لكن الاستراتيجية الإيرانية تواجهها جملة من العقبات التي تحول دون قيامها بدور استراتيجي محوري في المنطقة، خاصة الطبيعة الأيديولوجية للنظام السياسي الإيراني القائم على تصدير النموذج الإيراني في الحكم، الأمر الذي أدى إلى شعور جمهوريات آسيا الوسطى بالقلق، إضافة إلى ضعف الوسائل والإمكانيات المالية والاقتصادية الإيرانية.

ومع ذلك تدرك إيران أهمية التنمية في حفظ الاستقرار على حدودها الشمالية، ولذلك تعمل بثبات على إقامة روابط اقتصادية متينة، أهمها: ربط شبكات السكك الحديدية لجمهوريات آسيا الوسطى بمدينة مشهد في إيران، وهو المشروع الذي سيفك عزلة تلك الجمهوريات، ويوفر لها مخرجًا بريًا مباشرًا إلى مياه الخليج العربي، ويساعد في كسر عزلة طهران دوليًا، ويجعلها حلقة مركزية في المحاور الاقتصادية التي تقام بالمنطقة.


توجهات السياسة الإسرائيلية في آسيا الوسطى

تعمل إسرائيل جاهدة من أجل توطيد علاقاتها بدول آسيا الوسطى، وذلك تحت ذرائع متعددة، بعضها اقتصادي والآخر سياسي، والكثير منها أمني، بحجة مواجهة الإرهاب المتصاعد.

لكن أخطر ما في الاستراتيجية الإسرائيلية هو ما تسعى إليه من إقامة حواجز أمام وصول النفوذ العربي والإسلامي إلى تلك المنطقة، وتقوم سياسة إسرائيل في النفاذ لدول آسيا الوسطى على تقديم مساعدات اقتصادية وعسكرية،علاوة على استغلال المهاجرين اليهود من بعض تلك الجمهوريات في بناء جسور من العلاقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، كما أنشأت الحكومة الإسرائيلية غرفة للتجارة والصناعة خاصة بالعلاقات مع دول آسيا الوسطى، وأنشأت بنك المعلومات الاقتصادية ودليلاً للمجالات التي يستطيع الإسرائيليون الاستثمار فيها، وكلها مداخل غير تقليدية وجاذبة.


توجهات السياسة الروسية في آسيا الوسطى

تعمل روسيا على صعيد المسائل المتعلقة بالتعاون الاقتصادي والتبادل التجاري، على زيادة التعاون الاقتصادي في مجالات الطاقة والنقل والمياه مع دول آسيا الوسطى خاصة في إطار مبادرات التكامل والتعاون الإقليميين في منظمة شنغهاي للتعاون الاقتصادي.

وتهتم روسيا أساسًا بحماية مصالحها وعلى رأسها مصير الروس في تلك الدول واستقرار الأمن في تلك المنطقة وتحميها من هيمنة الدول المجاورة. بينما يرى البعض أن روسيا تحاول إعادة صياغة سياسات الهيمنة القيصرية والشيوعية بشكل روسي عصري جديد، وأن روسيا لم تتخل عن معتقد القوة الكبرى.

في عام 1992م، وبعد انضمام دول المنطقة لمنظمة "الأيكو"، شكلت روسيا اتحادًا اقتصاديًا يسمى أسلاف بهدف ربط الدول الخمس المستقلة بها اقتصاديًا بعد فشلها في دخول منظمة الأيكو كعضو مراقب، وقد اعتبر أن قيام الاتحاد الاقتصادي أسلاف مؤشرًا لإزالة التهديدات التي صاحبت تنمية منظمة الأيكو.

توجهات السياسة الهندية في آسيا الوسطى

تحظى منطقة آسيا الوسطى بأهمية استراتيجية بالنسبة للهند، وقد كان استقلال جمهوريات آسيا الوسطى الإسلامية والتوسع المفاجيء لباكستان في هذه الجمهوريات، مع الأخذ في الاعتبار اٍلأسلحة الذرية التي تمتلكها قزاقستان، سببًا في سعي الهند لإقامة علاقات قوية مع هذه الجمهوريات، ويرجع النفوذ الكبير للهند حاليًا في آسيا الوسطى إلى هذه العلاقات التي أقرتها مع تلك الجمهوريات.

استراتيجية مقترحة للتعاون الخليجي مع جمهوريات آسيا الوسطى

يتضح مما سبق أن إقامة علاقات تعاون مع جمهوريات آسيا الوسطى محل تنافس، وأحيانًا كان محل صراع بين أطراف كثيرة، مع إختلاف الأغراض وسبل التعاون وتحقيق الغايات، وبالتالي فإن تطوير التعاون الاقتصادي والتبادل التجاري مع جمهويات أسيا الوسطى، لا تزال محفوفة بالمخاطر، في إطار التنافس الدولي على السيطرة على تلك المنطقة، من جانب الأطراف الإقليمية والعالمية.

ومع ذلك تظل هناك مجالات واسعة لزيادة التعاون الاقتصادي والثقافي بين دول مجلس التعاون وجمهوريات آسيا الوسطى، مبنية على أساس  من المصالح المشتركة، خاصة إذا أمكن ربطها بحاجة شعوب هذه المناطق للاستقرار والتنمية والتقدم ورفع مستوى المعيشة، ثم اختيار أهم المداخل في ضوء ما يحدث من تطورات في الإقتصاد العالمي، خاصة التحول نحو الإقتصاد الرقمي، وما يتطلبه من الاهتمام برأس المال البشري، أو ما يعرف بالاستثمار غير الملموس.

وبالتالي يمكن أن تؤسس استراتيجية التعاون الخليجي مع دول الجمهوريات الإسلامية – سواء بشكل جماعي عبر مجلس التعاون أو فردي لكل دولة - على حاجة تلك الاقتصادات للتحول نحو الاقتصاد الرقمي، ومن ثم حاجتها لتطوير التعليم العالي والمراكز البحثية ودعم متطلبات البحث العلمي والابتكارات، والتقنيات المتقدمة، بما يتواكب مع متطلبات التحول نحو الاقتصاد الرقمي. فمن خلال الاستثمارات غير الملموسة، في التعليم ـ والتدريب والبحث والتطوير، وتقنية الاتصالات والمعلومات، يمكن توفير العمالة المعرفية، تلبي احتياجات سوق العمل في ظل الاقتصاد الرقمي، بما يدفع نمو الناتج المحلي الإجمالي بشكل أسرع، ويساعد على ارتفاع متوسط دخل الفرد وتحسين مستوى المعيشة.

ورغم سبق إسرائيل، وتركيا في هذا المدخل وقيام القطاع الخاص التركي بدور بارز في البناء الاقتصادي والصناعي والتجاري في الجمهوريات المستقلة، والمساهمة في بناء الهيآت العلمية من الجامعات والمدارس الثانوية وتقديم المنح الدراسية الجامعية للطلبة القادمين من دول آسيا الوسطى، إلا أنها تواجه بعدد من القيود حدت من فاعليتها، منها المنافسة الاقتصادية الشديدة من قبل القوى الاقتصادية الأكبر تطورًا أو الأكثر تقدمًا، مثل دول الاتحاد الأوروبي وإسرائيل وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة الأمركية، وضعف الاقتصاد التركي وقلة الإمكانيات المالية التركية في مواجهة المصاعب الاقتصادية في دول آسيا الوسطى، وتضارب المصالح التركية مع الأطراف الإقليمية في المنطقة، خاصة إيران وروسيا، في حين تتمتع دول المجلس بعلاقات متوازنة مع معظم هذه الأطراف، فضلاً عن مواردها المالية، وروابطها الثقافية غير العرقية.

ومن هنا يعتبر المدخل الاقتصادي، أهم مداخل الاستراتيجية الخليجية للتعاون مع دول آسيا الوسطى، من خلال التعاون في مجال تطوير التعليم بكافة مراحله، والتركيز على التعليم الجامعي، ومراكز البحوث المشتركة، وتوفير التمويل اللازم للبحوث الابتكارية، وربط الجامعات والمراكز البحثية بقطاعات الأعمال، وخلق مجتمعات تقنية في محيط الجامعات، تقوم على الابتكارات المتطورة، ونشرها عبر الاقتصاد الوطني ككل.

ويقترح في هذا الصدد تأسيس شراكات أكاديمة للتعاون العلمي والتقني يعهد إليها المساهمة في تطوير التعليم، والبحث العلمي، وربط الجامعات والمراكز البحثية بالنشاطات الاقتصادية والصناعية في المناطق والمجتمعات المحيطة بالجامعات في تلك الدول، مدعومة بتقديم المساعدات المالية وتطوير الصناعات التقنية القائمة على نتائج البحوث التطبيقية والإبتكارات الناجمة عنها، إضافة إلى التعاون في مجال تكوين مؤسسات تمويل خاصة بتلك المشروعات فيما يعرف برأس المال المخاطر.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*أستاذ الاقتصاد والمالية العامة بجامعة المنوفية – مصر ـ والمستشار الاقتصادي بجامعة الملك عبد العزير-السعودية

مجلة آراء حول الخليج