; logged out
الرئيسية / 10 اتفاقيات بين السعودية وتركمانستان نقلت العلاقة الى مرحلة العمل والتنفيذ

العدد 142

10 اتفاقيات بين السعودية وتركمانستان نقلت العلاقة الى مرحلة العمل والتنفيذ

الثلاثاء، 08 تشرين1/أكتوير 2019

تعتبر تركمانستان إحدى الجمهوريات الإسلامية في آسيا الوسطى والتي استقلت عن الاتحاد السوفيتي عام 1991م، حيث قامت بعد استقلالها بوضع إطار عام لسياستها الخارجية بإعلانها دولة حياد دائم باعتراف وتأييد خلال اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر 1995م، وتم تأييد الاعتراف بحيادية تركمانستان مجددًا في يونيو 2015م، بعد مضي عشرون عامًا وذلك نظير ما قامت به من جهود حثيثة ساهمت في تحقيقه مع المجتمع الدولي في تعزيز التعاون السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي والإنساني في منطقة آسيا الوسطى ومنطقة بحر قزوين مما جعلها تتبوأ مكانة واحترامًا وتقديرًا في الساحة الدولية، وفي ظل امتلاكها موارد طبيعية هائلة فهي رابع دولة في العالم احتياطًا للغاز الطبيعي.
وعند الحديث عن علاقتها مع المملكة، كانت المملكة من أوائل الدول التي اعترفت باستقلال تركمانستان وقامت بتوقيع اتفاقية إقامة علاقات دبلوماسية معها في 1992م، وافتتحت سفارة المملكة العربية السعودية في العاصمة التركمانية عشق أباد في عام 1997م، كأول سفارة عربية.
وبعد وفاة مؤسس تركمانستان الرئيس الراحل صبر مراد نيازوف في ديسمبر 2006م، وتولى الحكم الرئيس الحالي/ قربان قولي بيردي محمدوف في فبراير 2007م، كانت أول زيارة رسمية لفخامته خارج البلاد للمملكة العربية السعودية في أبريل 2007م، مما يدل على حجم ومكانة المملكة وثقلها في العالم الإسلامي والعربي والدولي وتمخضت خلال هذه الزيارة التوقيع على الاتفاقية العامة الإطارية للتعاون في جميع المجالات، وبعد تلك الفترة كانت هناك زيارات لعدد من الوفود الرسمية ورجال الأعمال إلا أنها لم تحقق المأمول في تطوير العلاقة، ويمكن اعتبار 2016م، بداية لمرحلة جديدة في العلاقة بين البلدين حيث تم العمل خلالها على تحقيق زيارة رسمية لفخامة الرئيس قربان قولي بردي محمدوف إلى المملكة في 1 مايو 2016م، التقى خلالها بخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود وتم التوقيع على عشر اتفاقيات ومذكرات تعاون بين البلدين ساهمت في تطوير العلاقة والانتقال إلى مرحلة العمل والتنفيذ على أرض الواقع وتفعيل ما ورد من بنود في تلك الاتفاقيات والمذكرات. ولقد كان للجنة الحكومية السعودية التركمانية المشتركة حول التعاون التجاري والاقتصادي الدور الكبير لتحقيق الأهداف وترجمة الفرص إلى واقع ملموس، فقد تم عقد ست جولات، عقدت أولها في 2011م بالرياض واجتماعات اللجنة المشتركة الأخيرة عقدت في عام 2018م في عشق أباد على أن يتم عقد اجتماع اللجنة المشتركة السابعة في نهاية العام الميلادي الحالي 2019م في مدينة الرياض.
من جانب آخر دأبت سفارة خادم الحرمين الشريفين في عشق أباد على إتاحة الفرصة لرجال الأعمال في كلا البلدين للتعرف على الفرص التجارية والاستثمارية وفتح آفاق جديدة من التعاون وتنمية الشراكة عن طريق إقامة منتدى لرجال الأعمال في كلا البلدين، ولا زالت السفارة مهتمة بدعم هذا التوجه ورفع مستواه حيث ينعكس ذلك بالإيجاب على زيادة مستوى حجم التبادل التجاري بين البلدين. وما دمنا في سياق الحديث عن العلاقات الاقتصادية والتجارية فلزامًا علينا التطرق إلى إمكانيات تركمانستان الهائلة في مجال الطاقة بامتلاكها رابع احتياطي للغاز في العالم مما يساعد ذلك على خلق تعاون في هذا المجال مع المملكة العربية السعودية بحكم خبرتها في مجال الطاقة بالاستعانة بخبرات شركة أرامكو والتوقيع معها على اتفاقية مهمة في هذا الجانب لتكون الإطار الأساسي لبحث الفرص والمشاريع المعروضة في السوق التركماني، علمًا بأن الصندوق السعودي للتنمية قام بمنح قرض لتركمانستان تبلغ قيمته 100 مليون دولار أمريكي، تقوم بموجبه الحكومة التركمانية بشراء أنابيب الغاز من الشركات السعودية مما يساهم ذلك في زيادة حجم تنمية الصادرات السعودية.
وأما ما يتعلق بالجانب السياسي فقد تم التوقيع على مذكرة تعاون فيما يخص المشاورات السياسية بين كل من وزارتي الخارجية  في البلدين وعقدت أول جولة للاجتماعات في شهر يوليو 2019م، بمدينة الرياض وكذلك تبادل زيارات بين كل من معهد الأمير سعود الفيصل للدراسات الدبلوماسية ومعهد العلاقات الخارجية التابع لوزارة الخارجية التركمانية، ويمكن القول إن العلاقة في الجانب السياسي تتمثل في مسارين: ثنائي، ومتعدد الأطراف. فالثنائي يتمثل في الزيارات الرسمية بين المسولين في البلدين خلال الأعوام السابقة أوصلت هذه العلاقة الى مستوى الشراكة الاستراتيجية، ولكن سياسة الحياد التي تنتهجها تركمانستان تعتبر حاجزًأ أمام اعلان وجهة نظر تركمانستان فيما يخص الأحداث والمواقف السياسية وهي دائماً ما تؤيد وتساند قرارات المملكة بشكل ضمني، والمتتبع لمواقف الإعلام التركماني يلاحظ بأنه لا يتم التطرق إلى الأحداث والقضايا السياسية الإقليمية والعالمية للدول الأخرى، وذلك يعود إلى سياستها الحيادية.
والتي انعكست على سياستها الإعلامية التي تتركز على الأخبار المحلية والمشاريع التنموية، أما ما يخص المسار السياسي المتعدد الأطراف فإن كلا البلدين يقومان بجهود كبيرة في دعم السلم والأمن الدوليين من خلال مشاركتها الفاعلة في الأمم المتحدة ودائمًا ما تقوم بالوقوف بجانب المملكة في دعم وتأييد قضاياها الدولية وبالمثل كذلك بالنسبة للمملكة.
أما ما يخص وضعها الأمني فيعتبر هو الهاجس منذ استقلالها لوقوعها بين دول جوار كإيران وأفغانستان. فسياستها الحيادية وعدم دخولها في أي تحالفات عسكرية من أي نوع جعلها تقف على مسافة واحدة مع الجميع لكن يجدر بالذكر أنه تم التوقيع على اتفاقية للتعاون الأمني بين المملكة العربية السعودية وتركمانستان.
وتعتبر تركمانستان إحدى المصدات لمنع عبور المتطرفين والتنظيمات الإرهابية وتهريب المخدرات من أفغانستان وإيران إلى آسيا الوسطى لذا فلابد أن يسعيا البلدان إلى التعاون فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب والمخدرات وحماية الحدود.
ولتعزيز العلاقات وتطويرها بين البلدين في شتى المجالات فإنه من الضروري السعي في تفعيل بنود الاتفاقيات التي تم التوقيع عليها، وضرورة تكثيف الزيارات الرسمية على مستوى القمة أو بين المسؤولين في كلا البلدين وكذلك دخول الشركات السعودية الراغبة في التواجد والعمل بتركمانستان للبحث عن الفرص الاستثمارية المتاحة وللثقة التي توليها الحكومة التركمانية للشركات السعودية باعتبارها شريك موثوق به وبالأخص في مجالات الطاقة والنقل والزراعة وصناعة النسيج، وتقديم مشاريع خدمية تعود بالنفع على المواطن التركماني وإمكانية ابتعاث الطلبة التركمان إلى الجامعات السعودية المتخصصة في البترول والمعادن لخلق جيل مستقبلي واعد، ومن ناحية أخرى أن يتم إيفاد معلمين من المملكة إلى تركمانستان لتدريس اللغة العربية في معاهدها وجامعاتها.
وباعتقادي أنه لن يقف التعاون عند أي حد حيث أن القيادة الحكيمة في كلا البلدين يعلمان أهمية وجود هذا الجسر بين الخليج العربي وآسيا الوسطى وخاصة تركمانستان ذات الموقع الجيوسياسي المهم والمملكة ذات الثقل السياسي والاقتصادي والإسلامي الهام جدًا.

مجلة آراء حول الخليج