; logged out
الرئيسية / قراءة في جهود منظمة التعاون الإسلامي لمكافحة التطرف والعنف

العدد 143

قراءة في جهود منظمة التعاون الإسلامي لمكافحة التطرف والعنف

الأربعاء، 06 تشرين2/نوفمبر 2019

جاء إنشاء منظمة التعاون الإسلامي  (كان اسمها آنذاك منظمة المؤتمر الإسلامي) بقرار عن القمة التي عُقدت في الرباط بالمملكة المغربية في 25 سبتمبر 1969م، ردًا على جريمة إحراق المسجد الأقصى في القدس المحتلة، وشهد عام 1970م، انعقاد أول مؤتمر إسلامي لوزراء الخارجية في مدينة جدة السعودية، وتقرر إنشاء أمانة عامة يكون مقرها جدة، ويرأسها أمين عام المنظمة، وفي الدورة الثالثة للمؤتمر الإسلامي لوزراء الخارجية عام 1972م، جرى اعتماد ميثاق المنظمة بعضوية 30 دولة هم الأعضاء المؤسسين للمنظمة، ثم ارتفع عدد الأعضاء ليبلغ الآن 57 دولة موزعة على 4 قارات، لتعد بذلك ثاني أكبر منظمة حكومية دولية بعد الأمم المتحدة، كما أن للمنظمة عضوية دائمة في الأمم المتحدة. تصف المنظمة نفسها بأنها "الصوت الجماعي للعالم الإسلامي" ومنذ نشأتها اعتبرت المنظمة أنها تُمثل الصوت الجماعي للعالم الإسلامي، وتسعى لحماية مصالحه والتعبير عنه، حيث هدفت ، وقت إنشائها ، للدفاع عن شرف وكرامة المسلمين المتمثلة في القدس وقبة الصخرة، وذلك كمحاولة لإيجاد قاسم مشترك بين جميع فئات المسلمين، وبعد 6 أشهر من الاجتماع الأول، تبنى المؤتمر الإسلامي الأول لوزراء الخارجية المنعقد في مدينة جدة السعودية في آذار 1970م، إنشاء أمانة عامة للمنظمة، كي يضمن الاتصال بين الدول الأعضاء وتنسيق العمل.[i]

وتضم منظمة التعاون الإسلامي عدة مؤسسات مختلفة التوجهات، تعمل على خدمة أهدافها، مثل البنك الإسلامي للتنمية، ومؤسسة التربية والثقافة والعلوم، واللجنة الدولية للحفاظ على التراث الحضاري الإسلامي، ومركز البحوث في التاريخ والثقافة الإسلامية، ووكالة الأنباء الإسلامية الدولية ومنظمة إذاعات الدول الإسلامية، ومجمع الفقه الإسلامي.[ii]

وقد أجريت عدة تعديلات هيكلية على المنظمة، شمل ذلك ميثاقها الذي تم تعديله في القمة الـ 11 التي عقدت بالعاصمة السنغالية دكار عام 2008م، بما يتوافق مع التحديات التي باتت تواجه العالم الإسلامي. كما قررت تغيير اسمها إلى "منظمة التعاون الإسلامي"، حسبما أفاد بيان رسمي صدر عن اجتماع لوزراء خارجية الدول الأعضاء في كازخستان في 2011م، أي بعد 42 سنة من تأسيسها، مؤكدة ان تغيير اسمها يشكل "تحولا نوعيًا في أداء المنظمة وارتقاءً كبيرًا بفاعليتها كمنظومة دولية تعمل في شتى المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية.[iii]

وقد شكلت قضية الإرهاب بأبعادها ومعانيها المختلفة جانبًا شديد الأهمية من اهتمامات وولاية عمل المنظمة، التي أنشئت في المقام الأول كرد فعل موجه ضد عمل إرهابي طال أحد المقدسات الإسلامية أي حادث إحراق المسجد الأقصى في القدس المحتلة. ومنذ ذلك الحين تطور تعاطي المنظمة مع ظاهرة الإرهاب بما يتناسب مع مقتضيات العلاقات السياسية والتطورات التكنولوجية .. وغيرها من العوامل، الأمر الذي يقتضي تسليط الضوء على أبعاد رؤية المنظمة لهذه القضية وأبرز ملامح التعاطي معها، وذلك من خلال النقاط التالية:

 

أبعاد رؤية منظمة التعاون الإسلامي حول قضية الإرهاب:

الأسباب والحلول

تعتبر المنظمة أن الإرهاب والتطرف والتطرف العنيف والتشدد والطائفية والإسلاموفوبيا على رأس العناصر التي تتهدد السلم والأمن والاستقرار على الصعيدين الدولي والإقليمي. كما تعتبر المنظمة أن الأعمال الإرهابية تتعارض أيما تعارض مع القيم الإنسانية الإسلامية والعالمية.

ووفقًا لرؤية المنظمة تنتج هذه الظاهرة في المقام الأول بسبب الأشكال المختلفة من الظلم التاريخي الموروث التي تعرضت لها الشعوب المستعمرة أو التي ترزح تحت الاحتلال، والتفكيك القسري لهويتها وثقافتها، وحرمانها اقتصاديا، وتهميشها، والتمييز ضدها وحرمانها، من حقها في تقرير المصير. أما فيما يخص ظاهرة الإسلاموفوبيا فترى المنظمة أنها عرضت المسلمين إلى القولبة النمطية والتمييز العنصريين، والتنميط السلبي والوصم. ونتيجة لذلك، نمت لدى المسلمين، الأصليين منهم والمهاجرين على السواء، مشاعر انعدام الأمن فـي حياتهم اليـومية والحرمان من حقوقهم الإنسانية الأساسية.[iv]

 

أما فيما تعلق بمناهج مكافحة الإرهاب والتطرف والتطرف العنيف، تنطلق رؤية المنظمة من قناعة بأن الإرهاب لا يمكن معالجته بالإجراءات الأمنية والعسكرية وحدها، بل يستلزم الأمر إيجاد حل شامل لها بما يتفق مع ميثاق المنظمة واتفاقيتها ذات الصلة وغيرهما من الاتفاقات والآليات الدولية.وفي السياق ذاته يعد الحوار بين الثقافات والديانات من أولويات منظمة التعاون الإسلامي في تطوير ثقافة السلم والوسطية بين الأمم والحضارات، كما يعد حوار الثقافات أداة فعالة لمكافحة التطرف والتعصب اللذين يحولان دون تنمية ثقافة السلم والتفاهم. وينبغي أن يكون مثل هذا الحوار منظمًا وأن يصل إلى القاعدة الشعبية .[v]

 

ملامح تعاطي منظمة التعاون الإسلامي مع ظاهرة الإرهاب

يمكن على أرض الواقع تلمس ملامح الجهود التي تبذلها المنظمة في التعامل مع ظاهرة الإبعاد بجوانبها المختلفة، ومن أبرز هذه الجهود:

ý   وضع إطار تشريعي للدول الأعضاء في مجال مواجهة الإهارب

اعتمدت المنظمة مدونة السلوك لمكافحة الإرهاب في اجتماع عام 1994م، وتوقيع معاهدة منظمة المؤتمر الإسلامي لمكافحة الإرهاب الدولي عام 1998م، التي دخلت حيز التنفيذ عام 1999م، وتكتسب تلك الاتفاقية أهميتها من كونها استطاعت وضع تعريف شامل لمفهوم الإرهاب، دون النظر للأسس الدينية أو الأيديولوجية أو الشخصية، وهو ما لم تستطع العديد من المنظمات وعلى رأسها الأمم المتحدة أن تقوم به، وساهم وضع التعريف في تحديد أهداف الدول الأعضاء في مجال الإرهاب، وتفعيل دورها. وعلى الجانب الثاني، استطاعت الاتفاقية أن تربط مجموعة من الدول التي تعاني من نيران الإرهاب؛ حيث تنشط الخلايا الإرهابية في هذه الدول بكثرة، لذا كان لابد من وجود اتفاقية للمواجهة، خصوصًا وأن تلك الدول من أكثر المناطق التي تضررت بنيران الإرهاب. ونصت الاتفاقية التي تبنتها منظمة التعاون الإسلامي على وجود تعاون ثلاثي، يشمل: [vi]

  1. التدابير الأمنية، تعتمد على اتخاذ الدول عدة إجراءات وقائية تمنع حدوث الجرائم الإرهابية، وذلك من خلال منع تمويل الجماعات والمنظمات الإرهابية من قبل الدول الأعضاء، وعدم السماح بتقنين ممارسة نشاطهم على أراضي أي دولة، والكشف عن عمليات نقل وتصدير الأسلحة والذخائر عن طريق تطوير أنظمة المراقبة وتأمين الحدود. حيث أكدت الاتفاقية ضرورة تبادل المعلومات والخبرات المتعلقة بأنشطة الجماعات الإرهابية وعناصرها، ومصادر تمويلها، وكذلك تبادل المعلومات بسرعة حول أي عملية من المتوقع حدوثها، أو معلومات تساهم في القبض على أي عنصر إرهابي، والمحافظة على سرية المعلومات المتبادلة ما بين الأطراف. فضلاً عن تبادل الدراسات والبحوث بين الخبراء في الدول الأعضاء، وتوفير المساعدات الفنية في صورة برامج ودورات تدريبية مشتركة بين الأعضاء؛ لتنمية القدرات العلمية والعملية بين أجهزة مكافحة الإرهاب بها.
  2. التعاون القضائي، من خلال عدة مقومات، على رأسها تسليم المطلوبين للعدالة، وحجز عائدات الجرائم الإرهابية، وتبادل الأدلة، بما لا يسمح لأي فرد أن يهرب بفعلته الإرهابية، بمجرد انتقاله لدولة أخرى، إلا أن المادة السادسة من الاتفاقية أقرت بأنه لا يجوز تسليم الشخص إذا كانت الجريمة ذات صبغة سياسية، أو تنحصر في الإخلال بالواجبات العسكرية، إذا كانت الدعوى قد انقضت أو سقطت العقوبة، أو ارتكبت الجريمة خارج إقليم الدولة الطالبة، وغيرها من النقاط التي حددتها المادة، والتي تمنع تسليم المطلوبين.كما أكدت الاتفاقية على مجالات الإنابة القضائية بين الدول الأعضاء، وحصرتها في سماع شهادة الشهود، وتبليغ الوثائق القضائية، وتنفيذ عمليات التفتيش والحجز، وإجراء عمليات المعاينة، والحصول على الوثائق والسجلات اللازمة، مع نسخ مصدقة منها.
  3. الإعلام والتعليم حيث نصت المادة الرابعة من اتفاقية منظمة التعاون الإسلامي لمكافحة الإرهاب على ضرورة تعاون الدول في تعزيز الأنشطة الإعلامية لإبراز الصورة الصحيحة للإسلام، وإدخال المفاهيم الدينية الصحيحة ضمن المناهج التعليمية للدول، وذلك بهدف تحصين الشباب العربي والمسلم ضد الأفكار الإرهابية التي تروجها الجماعات الإرهابية.

 الاهتمام بالأبعاد الثقافية والقيمية في احتواء الإرهاب

تحرص المنظمة على التصدي للأفكار المغلوطة عن الإسلام، وتفنيد الخطاب المتطرف، وتغليب صوت العقل، ونشر صورة الاعتدال والتسامح، وتوعية الشباب بخطورة الانضمام للجماعات الإجرامية والتكفيرية.

وتبدي المنظمة اهتمامًا خاصًا بمسألة حوار الثقافات والأديان أطلقت منظمة التعاون الإسلامي، بالتعاون مع الدول الغربية، مسار اسطنبول نتيجة للقرار 16/18 الذي اعتمده مجلس حقوق الإنسان بتوافق الآراء في مارس 2011. ويؤكد هذا القرار أهمية استخدام حرية التعبير استخدامًا يحرض على الكراهية والتمييز والعنف على أساس الدين أو مسؤولاً لا لفرض القيود اللازمة على استخدام حرية التعبير ضمن المعتقد. ويبقى هذا المسار مهمًا للحدود المنصوص عليها في الصكوك المتفق عليها دوليًا، ومنها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. [vii]

في السياق ذاته تهتم المنظمة بعرض تجارب الدول في مكافحة التطرف والإرهاب من خلال تعزيز التعليم، إلى بلورة ثقافة التعايش من خلال المنظومات التربوية والآليات التي تم تطبيقها في العديد من الدول الإسلامية من أجل بلورة مناهج تربوية تأصل لثقافة التسامح والتعايش، والدور الذي تضطلع به المؤسسات التعليمية في صياغة خطاب يقوم على مبادئ السلم والإخاء ومواجهة العنف والتطرف، وذلك بهدف التعريف والاطلاع على هذه التجارب للاستفادة منها وتعميم الكثير من السياسات والبرامج الفعالة والمفيدة بين الدول الأعضاء. وأكد أن هناك حاجة ماسة إلى تكامل هذه التجارب وليس تنافسها.

 

ý   مواكبة التطورات التكنولوجية

دعت منظمة التعاون الإسلامي لمراجعة معاهدة المنظمة للعام 1999م، ووضع الآليات المناسبة للتصدي للتوجهات الجديدة للإرهاب في الدول الأعضاء في المنظمة. كما دعت لبحث سبل مواجهة الأخطار المحدقة بالأمن الإلكتروني على نحو عاجل، والعمل مع الدول الأعضاء لبلورة نهج جديد للتصدي لأسباب العنف الطائفي ومعالجتها. مع التركيز على سبل تمكين الشباب وغيرهم من الفئات لتجنب استغلالهم من الجماعات الإرهابية، وتحصينهم ضد خطر التجنيد والتطرف.. [viii]

في السياق ذاته حققت منظمة التعاون الإسلامي تقدمًا حقيقيًا نحو إنشاء مركز للأمن الحاسوبي "السيبراني"، الذي يهدف إلى تعزيز وتطوير التعاون بين الدول الأعضاء في المنظمة من أجل منع ومكافحة الإرهاب الإلكتروني والقضاء عليه وفقًا للمبادئ المنصوص عليها في ميثاق منظمة التعاون الإسلامي ومعاهدة منظمة التعاون الإسلامي لمكافحة الإرهاب الدولي مع الاحترام الكامل لسيادة الدول الأعضاء وسيادة القانون والقانون الدولي بما في ذلك قانون حقوق الإنسان، وذلك لمجابهة هذه القضية الحساسة بغية تمكين هذه الآلية المهمة من الاضطلاع بدور ملموس وفعال بشكل أكبر في معالجة قضايا الأمن الحاسوبي.[ix]

ý   التعاون مع المنظمات الدولية والإقليمية الأخرى

تحرص منظمة التعاون الإسلامي في تنفيذها لخطط لمكافحة الإرهاب والتطرف على التعاون مع الأمم المتحدة والأطراف الدولية المعنية عبر التعاون مع المجموعة الدولية لبلورة معالجة شاملة تأخذ بعين الاعتبار كل الأبعاد الأمنية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية والفكرية لظاهرة الإرهاب والتطرف.

في هذا السياق وقعت منظمة التعاون الإسلامي، ومكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب في عام 2018م، مذكرة تفاهم حول التعاون بينهما في مجال مكافحة الإرهاب، على هامش الدورة الثالثة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة . وتنص مذكرة التفاهم ، على وضع إطار يحدد نطاق وطرائق التعاون ، فيما ترمي إلى إقامة تعاون فعال ، وتنفيذ متوازن للصكوك ذات الصلة في مجال مكافحة الإرهاب.[x]

أما على الصعيد الإقليمي دعا معالي الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، الدكتور يوسف بن أحمد العثيمين، إلى التعاون الفعال بين المنظمة ومؤتمر لجنة أجهزة الأمن والاستخبارات في إفريقيا من أجل التصدي لتنامي موجة الإرهاب المسلح والتطرف الديني والاتجار بالمخدرات والبشر والجرائم العابرة للحدود. وشدد معاليه في كلمة ألقاها نيابة عنه الأمين العام المساعد للشؤون الاقتصادية السفير حميد أوبيلويرو، أمام الدورة الرابعة عشرة للجنة التي عقدت في الخرطوم يومي 28 و29 سبتمبر الماضي، على الأهمية التي توليها المنظمة لأعمال اللجنة، حيث صاغت المنظمة مدونة لقواعد السلوك لمكافحة الإرهاب الدولي واعتمدت اتفاقية لمكافحة الإرهاب الدولي عامي 1994 و1999م، على التوالي.وحث الأمين العام دول المنظمة الـ 23 التي تتمتع بعضوية هذه اللجنة إلى قيادة التعاون الفعال بين المنظمة واللجنة في مجالات من بينها تبادل البيانات والمعلومات، والتحقيق، وتبادل الخبرات، وتنمية القدرات، والقضايا المتعلقة بالتعاون القضائي، والإنابة القضائية، وتسليم المجرمين، والتعاون المتبادل حول مصادرة عائدات الجريمة. [xi]

ý   القيام بخطوات عملياتية لمحاربة الإرهاب

تجلت جهود المنظمة في هذا السياق في جهود عدة لعل أبرزها الترحيب بتكوين التحالف الإسلامي لمحاربة الإرهاب الذي جرى الإعلان عنه في العام 2015 م، انطلاقًا من أحكام اتفاقية منظمة التعاون الإسلامي لمكافحة الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره، والقضاء على أهدافه ومسبباته، وأداءً لواجب حماية الأمة من شرور كل الجماعات والتنظيمات الإرهابية المسلحة، أيا كان مذهبها وتسميتها، التي تعيث في الأرض قتلًا وفسادًا، وتهدف إلى ترويع الآمنين، حيث قررت 34 دولة إسلامية، تشكيل تحالف عسكري بقيادة المملكة العربية السعودية، لمحاربة الإرهاب، يكون مقره في العاصمة الرياض لقيادة العمليات والتنسيق.[xii]

وتضم قائمة الدول المنضمة لهذا التحالف كل من السعودية والأردن والإمارات وباكستان والبحرين وبنغلاديش وبنين وتركيا وتشاد وتوجو وتونس وجيبوتي والسنغال والسودان وسيراليون والصومال والجابون وغينيا وفلسطين وجمهورية القمر الاتحادية وقطر وكوت ديفوار والكويت ولبنان وليبيا والمالديف ومالي وماليزيا ومصر والمغرب وموريتانيا والنيجر ونيجيريا واليمن. [xiii]

من ناحية أخرى شهدت قمة منظمة التعاون الإسلامي، في العام 2016 م، موافقة الدول الأعضاء على العمل المشترك بشكل أوثق في مجال مكافحة الإرهاب وجرائم أخرى، وجرى التوافق من ثم على تأسيس مركز مقره العاصمة التركية اسطنبول لتكثيف التعاون بين أجهزة الشرطة في الدول الأعضاء في المجال الأمني. [xiv]

خاتمة: رؤية تقييمية

على الرغم من النجاحات التي حققتها منظمة التعاون الإسلامي كمنظمة دولية في مجال مكافحة الإرهاب، تجدر الإشارة إلى أن المنظمة تعرضت خلال عملها وجهودها لمواجهة الإرهاب تعرضت لعدد من الانتقادات، كان منها على سبيل المثال عدم الاهتمام الكافي بقضية الانتهاكات التي يتعرض لها مسلمي الأويغور وغيرهم من المسلمين الترك في إقليم شينغيانغ في الصين، إذ اعتبر البعض أن المنظمة كان ينبغي أن تولي اهتمامًا أكبر بهذه القضية باعتبارها تمثل الصوت الجماعي للحكومات المسلمة في جميع أنحاء العالم.[xv]

فضلاً عن نجاح المنظمة في وضع تعريف واضح ومحدد للإرهاب، في حين لم تتمكن الأمم المتحدة من القيام بذلك حتى الوقت الراهن، ويقوم ذلك التعريف على تجريد الظاهرة من أي أساس ديني أو أيديولوجي أو شخصي، ومن أي ارتباط بجنس أو لون أو فئة أو مكان أو مجتمع، ويميزه من أعامل العنف المشروعة مثل: المقاومة ضد الاحتلال وعن أعمال الجماعات الخارجة عن السلطة الشرعية في الدولةحتى وإن كانت بعض العوائق المتعلقة بالمصادقة والتنفيذ والمتابعة تحول دون تحقيق كامل النتائج المرجوة من تلك الاتفاقية بشــكل يوازي خطورة التحديات الإرهابية التي تواجه العالم العربي والإسلامي..[xvi]

من ناحية ثانية، يرى البعض أنه يحسب ضد المنظمة عدم قدرتها في بعض الأحيان على أن تكون مظلة شاملة لكل الدول الإسلامية، مثلما كان الحال عند تكوين التحالف الإسلامي لمحاربة الإرهاب حيث غابت عدة دول عربية وإسلامية في المشاركة في التحالف، ويبلغ عدد هذه الدول الغائبة 23 دولة، فيما يبلغ عدد دول منظمة التعاون الإسلامي 57 دولة. فمن دول الخليج، لم تشارك سلطنة عمان، ومن الدول العربية الإفريقية لم تشارك الجزائر، ومن القارة الآسيوية لم تشارك من دولها العربية كل من العراق، وسوريا. ولم يشارك في التحالف من الدول الإسلامية، التي تجمعها منظمة التعاون الإسلامي، منذ نشأتها في عام 1969م، كل من: إيران، وأفغانستان، وألبانيا وبروناي وكازاخستان وأوزبكستان وطاجكستان وأذربيجان وتركمانستان وقيرقيزيا والكاميرون وأوغندا وموزمبيق، وبوركينا فاسو وجامبيا وسورينام وجويانا وغينيا بيساو.[xvii]

غير أن هذه الانتقادات مردود عليها بالنظر لطبيعة المنظمات الدولية بصفة عامة والتي تخضع تفاعلاتها لاعتبارات عدة في الدول الأعضاء بما يضع قيودًا على قدرات تلك المنظمات على التحرك بشكل فعال في القضايا والملفات المختلفة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*أستاذ العلوم السياسية المساعد بالمركز القومي للبحوث

 

[i] مايكل فارس، " فى ذكرى تأسيسها الـ50.. ماذا تعرف عن منظمة التعاون الإسلامى؟"، صوت الأمة، 30 مايو 2019 .

[ii] الإمارات داعمٌ رئيسي.. «التعاون الإسلامي» درعٌ وسيفٌ في مواجهة الإرهاب، مرجع، 6/مارس/2019

[iii]"منظمة التعاون الإسلامي" هو الاسم الجديد لمنظمة المؤتمر الإسلامي، بي بي سي العربية، 28 يونيو 2011

[iv] منظمة التعاون الإسلامي حتى عام 2025 برنامج العمل، OIC/SUM-13/POA-Final

https://www.oic-oci.org/docdown/?docID=117&refID=5

[v] منظمة التعاون الإسلامي حتى عام 2025، م س ذ.

[vi] الإمارات داعمٌ رئيسي.. «التعاون الإسلامي» درعٌ وسيفٌ في مواجهة الإرهاب ، م س ذ.

[vii]منظمة التعاون الإسلامي حتى عام 2025 برنامج العمل، م س ذ.

[viii] منظمة التعاون الإسلامي تدعو لوضع آليات للتصدي للتوجهات الجديدة للإرهاب، سبأ نت، 15 فبراير 2015

[ix]"التعاون الإسلامي" تخطط لإنشاء مركز الأمن السيبراني لمكافحة الإرهاب،وكالة أنباء الإمارات، 08 نوفمبر 2017

http://wam.ae/ar/details/1395302645170

[x] منظمة التعاون الإسلامي توقع مذكرة تفاهم مع مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، صحيفة المناطق السعودية، , 16 محرّم 1440 هـ

[xi] "التعاون الإسلامي" تدعو لجنة «الأمن الإفريقية» للشراكة بمكافحة الإرهاب، تواصل، 3 أكتوبر 2017 م

https://mobile.twasul.info/935397/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B9%D8%A7%D9%88%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%8A-%D8%AA%D8%AF%D8%B9%D9%88-%D9%84%D8%AC%D9%86%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D9%86-%D8%A7/

[xii] التعاون الإسلامي ترحب بتشكيل تحالف إسلامي لمكافحة الإرهاب، بلقيس، 15,ديسمبر 2015 

[xiii] من هي الدول العربية والإسلامية التي لم تنضم للتحالف الإسلامي لمكافحة الإرهاب ؟" سواليف،2015/12/16

[xiv] أردوغان: دول إسلامية توافق على تعاون وثيق لمكافحة الإرهاب، دويتش فيلا، 14.04.2016

[xv] د. يعقوب أحمد، التعاون العربي الإسلامي في مجال مكافحة الإرهاب في ضوء اتفاقيتي منظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية: الفرص والمعوقات 0036679/12816.10:DOI

[xvi]المرجع السابق

[xvii] من هي الدول العربية والإسلامية التي لم تنضم للتحالف الإسلامي لمكافحة الإرهاب ؟" م س ذ.

مجلة آراء حول الخليج