; logged out
الرئيسية / مراجعة تيارات الفكر العربي

العدد 144

مراجعة تيارات الفكر العربي

الإثنين، 02 كانون1/ديسمبر 2019

في الوقت الذي يعاني فيه الفكر العربي من تناقضات واضحة، ومن حالة ضعف عام وانقسام. تنطلق مع بداية شهر ديسمبر الحالي فعاليات مؤتمر مؤسسة الفكر العربي "فكر17" الذي تنظمه المؤسسة بالتعاون مع مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي "إثراء" في مدينة الظهران السعودية، وعنوان المؤتمر ومحاوره وجلساته والمشاركين فيه تجعله في غاية الأهمية، فعنوانه الرئيس هو "نحو فكر عربي جديد".

هذه المؤسسة التي تحمل أسم "الفكر العربي" توقد الشموع لتبدد الظلام الذي يجتاح المنطقة العربية جراء الفرقة، وعدم وجود مشروع عربي واضح، بل تشهد الساحة العربية انقسامات، وتشتت في الأفكار والتوجهات، واختلاط الشعارات بالأيدولوجيات، مع تعرض المنطقة لحملات ممنهجة من الاختراقات الإقليمية والدولية، وهذه الاختراقات واضحة وليست مجرد (أوهام) نظرية المؤامرة التي مازال البعض يعتبرها دربًا من دروب الخيال ؛ بينما هي حقيقة دامغة.

ويأتي هذا المؤتمر (2 ـ5 ديسمبر) تتويجًا لعدد من مؤتمرات المؤسسة  التي تعقدها سنويًا، وكانت الخمس الأخيرة منها والتي تشرفتُ بحضورها، مهتمة بقضية التكامل العربي في كافة  مجالاته، لتحصين الأمة العربية ضد المخاطر الأمنية والعسكرية، وتعظيم الاستفادة من مواردها الاقتصادية، والاهتمام بالبحث العلمي ومواكبة التطور من أجل اللحاق بالركب العالمي الحديث، وفي هذه النسخة من المؤتمر، جاء دور مناقشة "نحو فكر عربي جديد" حيث أصبح ذلك ضرورة قصوى في ظل الفراغ الفكري في المنطقة العربية ما يجعل شباب الأمة في حالة تشبه (انتظار الاختطاف) ممن يريد العبث بالعقول العربية الشابة، لذلك يركز المؤتمر على الحاجة الملحة لمراجعة تيارات الفكر العربي والمفاهيم السائدة فيها، في ضوء التحولات العميقة التي تحدث في العالم.

وكعادة مؤتمرات المؤسسة، تحشد مئات المفكرين العرب  في هذه المؤتمرات من نواكشوط ومراكش غربًا، حتى مسقط شرقًا مرورًا بكافة العواصم العربية وبحضور الأمين العام لجامعة الدول العربية ومسؤولين كبار، ويقف خلف هذه الإنجازات رمز عروبي صادق في توجهاته، وهذا الصدق تترجمه كلماته الافتتاحية لهذه المؤتمرات هو صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين وأمير منطقة مكة المكرمة ورئيس ومؤسس هذه المؤسسة العملاقة، ويأتي معه أمين عام المؤسسة البروفيسور هنري العويط الرجل المتفاني في خدمة القضايا العربية عبر دوره في مؤسسة الفكر العربي.

وقد دأبت المؤسسة من خلال مؤتمراتها عقد جلسات عامة تناقش العناوين الكبرى، بالتوازي مع جلسات فرعية متخصصة، تجعل المشارك في حيرة من أمره في أي الجلسات الفرعية يشارك نظرًا لغزارة المضمون وأهمية المتحدثين، ففي النسخة الجديدة من المؤتمر تنعقد الجلسة الافتتاحية حول" الفكر العربي وآفاق التجديد" ثم جلسة عامة حول "العالم اليوم... العالم غدًا: التحولات والتحديات والرؤى"  وفي اليوم ذاته تنعقد أربع جلسات متخصصة حول "نحو سياسات تربوية جديدة لبناء فكر عربي جديد ـ دور العلوم الاجتماعية والإنسانية في تجديد الفكر العربي ـ تجديد النظر في مفاهيم الدولة والمواطنة والمشاركة ـ التعددية وثقافة التسامح والسلم الاجتماعي" ، وفي اليوم الثالث تأتي الجلسات المتخصصة حول "نحو مفهوم جديد للتنمية ـ الصناعة والتصنيع كركائز للتنمية ـ دور مؤسسات المجتمع المدني في تجديد الفكر العربي" ، ثم جلسة عن الثورة الصناعية الرابعة، وجلسة عامة حول "المثقفون العرب ودورهم في تجديد الفكر العربي" ، وجميع هذه الجلسات جديرة بالنقاش والاهتمام.

كما يصدر التقرير الثقافي العربي عن المؤسسة كل عام مع انعقاد المؤتمر، وتقرير هذا العام جاء في وقته ومناسبته ، حيث يحمل عنوان " فلسطين في مرايا الفكر والثقافة والإبداع" بمناسبة الذكرى السبعين المؤلمة للنكبة العربية الكبرى (1948ـ 2018م) ، وقال مدير عام المؤسسة البروفيسور هنري العويط عن هذا التقرير "تعتبر مؤسسة الفكر العربي أن الثقافة لا يسعها أن تبقى على الحياد في المعركة التي يخوضها الشعب الفلسطيني لمقاومة الاحتلال، وفي نضاله من أجل الحفاظ على هويته، وحماية تراثه، وصون تاريخه وذاكرته، واسترجاع حقوقه المشروعة في أرضه، وقيام دولته" .

مخرجات مؤسسة الفكر العربي، وغيرها التي تنبه بالمخاطر، وتسلط الضوء على التحديات موجودة على الأرفف وفي أدراج الكثير من المراكز البحثية والثقافية، وفي دهاليز مؤسسات العمل العربي المشترك، والمطلوب وجود إرادة سياسية عربية تتبنى التنفيذ من أجل مواجهة تحديات الوجود العربي المستهدف في بقائه وفي عقر داره، وإما البقاء أو عدم الوجود في ظل المشروعات القومية المتصارعة على المنطقة.

مقالات لنفس الكاتب