; logged out
الرئيسية / 2019... عام التحديات وشحذ الهمم

العدد 144

2019... عام التحديات وشحذ الهمم

الثلاثاء، 03 كانون1/ديسمبر 2019

بدا العام الميلادي الذي أوشك على الرحيل (2019م)، من الأعوام التي شهدت العديد من الأحداث المهمة سواء في المملكة العربية السعودية، أو في منطقة الخليج ، وإقليم الشرق الأوسط، ولكن بقدر خطورة التحدي، كان ارتفاع الهمة وزيادة القدرة على مواجهة هذا التحدي، والاستجابة لمتطلبات الذود عن حياض الوطن، والإصرار على سلامة أراضيه، بالتوازي مع الانحياز لمصلحة المواطن وتوفير احتياجاته، وتعزيز مكاسبه، وتعظيم الاقتصاد بتعدد روافده وتوسيع قاعدته، مع انتهاج سياسة خارجية ترتكز على نشر السلام ودعم الاستقرار، والحوار مع الآخر والانفتاح عليه دون تمييز ، والاستمرار في محاربة الإرهاب وتجفيف منابعه.

وإن كان العام الذي تصرمت أيامه قد شهد عمليات إرهابية استهدفت أمن السعودية ومقدراتها بصفة خاصة، حيث أطلقت ميليشيات الحوثي على أراضي المملكة العديد من الصواريخ الباليستية والطائرات بدون طيار والتي بلغ مجموعها 286 صاروخًا، و289 طائرة، وفي الرابع عشر من سبتمبر الماضي شنت إيران وأذرعها في المنطقة عملية إرهابية بقصف منشآت أرامكو السعودية في بقيق وخريص ... إلا أن هذه العمليات العدائية ضد المملكة وأراضيها ومنشآتها الحيوية، لم تحقق أهداف إيران أو الجماعات الموالية لها، بل قابلها رفض دولي، وإصرار سعودي رسمي وشعبي على الصمود وإفشال مخططات الأعداء، وإضافة إلى ذلك مضت المملكة قدمًا في تحقيق المزيد من التنمية وفي كافة المجالات على صعيد الداخل، ونجاحات تجاه الخارج، فبينما تزداد إيران عزلة وانكفاءً بسبب السياسات الرعناء التي تتبعها طهران في الداخل وتجاه محيطها ظنًا منها أنها بذلك تتزعم المنطقة وتقودها، ولكن حدث العكس وتضررت كثيرًا ، ولعل اشتعال الداخل الإيراني بمظاهرات عارمة بسبب الأزمات الاقتصادية الطاحنة والتي طفت على السطح مؤخرًا تحت ما يسمى بـ "أزمة البنزين" والشعارات التي يرددها المواطن الإيراني التي ترفض إهدار طهران مقدرات شعبها على ميليشيات في الخارج، تؤكد فشل السياسة الإيرانية. وتفجر المظاهرات في العراق ولبنان ضد التدخل الإيراني الطائفي في شؤون هذه البلاد العربية، يؤكد فشل المشروع الإيراني الخارجي وتهاوي سياسة تمدد نفوذ طهران الطائفية التي تعتمد على التدخل في شؤون الآخرين بالطائفية وعبر ميلشيات مسلحة الأمر الذي جعل إيران دولة منبوذة حتى من شعوب الدول التي كانت تفخر بالتواجد فيها.

وفي المملكة العربية السعودية، وقبل أن ينتهي عام 2019م، والاستعداد لاستقبال العام الأول من العقد الثالث من الألفية الثالثة حققت المملكة الكثير من المكاسب، حيث تستعد لاستكمال تنفيذ رؤية 2030وهي متسلحة بحزمة من التشريعات الجديدة لتكون المملكة ومن خلال بيانات البنك الدولي من أكثر الدول تقدمًا والأولى في الإصلاحات من بين 190 دولة حول العالم.

وقبل أن يطوي عام 2019م، أوراقه تسلمت المملكة رئاسة مجموعة العشرين وسوف تستضيف قمتها في العام المقبل 2020م، ما يؤكد ثقل وأهمية المملكة على الساحة الدولية، كما أطلقت المملكة مؤخرًا أكبر عملية لخصخصة جزء من شركة آرامكو وطرح كمية من أسهمها للاكتتاب العام ما يؤكد على قوة ومتانة هذه الشركة العملاقة، ويجسد هدف المملكة بإشراك المواطنين فيها ليكونوا شركاء فاعلين ويقتسمون الخيرات وبما يوطد توطين الفرص الاستثمارية والوظائف.

كما شهد عام 2019م، مؤشرات نهاية الأزمة الخليجية ما من شأنه إعادة فتح الباب مجددًا أمام التعاون الخليجي القائم على الاحترام المتبادل بين الأسرة الخليجية الواحدة وتقارب سياساتها وتوحيد صفوفها في مواجه التحديات المشتركة، وقبل أن يلملم العام أيامه حدثت انفراجة على صعيد حلحلة الأزمة اليمنية باتفاق الرياض بين الأشقاء اليمنيين ما يمهد لتوحيد صفوف الشعب اليمني وإنهاء معاناته.

وجاء خطاب خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ـ حفظه الله ـ أمام مجلس الشورى منذ أيام ليوضح خطوات المملكة الواثقة نحو المستقبل، فبعد أن حدد ـ أيده الله ـ معالم التحديات وكيفية تجاوزها بإصرار وقدرة، وأختتم خطابه بـ " يحق لنا ونحن ننظر إلى المسيرة الخيرة لوطننا نفخر بما تحقق له ولله الحمد من منجزات نباهي بها بين الأوطان، تمت بعزم شبابنا وشاباتنا، وهم يمضون في طريقهم إلى المستقبل بكل ثقة، مسلحين بعقيدتهم الإسلامية السمحاء، وشيمتهم العربية الأصيلة، والعلوم والمعارف التي نهلوا منها لمواصلة مسيرة البناء والازدهار".

وبذلك تكون المملكة حسمت أمرها وهي تخطو نحو العقد الجديد من الألفية الثالثة بتبني "المستقبل" والسير نحوه بثبات ؛ متسلحة برؤية واضحة المعالم، وفقًا لمراحل زمنية دقيقة، وعلى ضوء دراسات حددت منطلقات التنمية التي ترتكز على توسيع القاعدة الاقتصادية وتنويع مصادر الدخل وليس الاعتماد على النفط فقط كسلعة رئيسية في الدخل، ووضع خادم الحرمين الشريفين الأسس العريضة لهذا التوجه، الذي يتابعه صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، والذي يتجسد في رؤية متعددة الاتجاهات تسعى لتوطين اقتصاديات المعرفة، والاعتماد على الاقتصاد الرقمي، والاستفادة من المزايا النسبية للمملكة سواء في السياحة، أو إعادة التصنيع والتصدير، مع التوسع في استثمارات الخدمات وغيرها، بما يحقق التنمية المستدامة في إطار المنافسة التي أوجدتها العولمة.

والمملكة إذ تتحرك تجاه المستقبل بهذه الرؤية، إنما تعي المتغيرات، واحتياجات الوطن على ضوء زيادة شريحة الشباب و تزايد احتياجات هذه الشريحة، وكذلك تسعى المملكة للاستفادة من طاقة هذه الفئة وإمكانياتها خصوصًا أن أكثرهم تلقى التعليم والتأهيل المناسب ؛ ما يجعلهم قادرين على المساهمة بكل اقتدار في مسيرة التنمية المستدامة، كما أن المملكة تدرك طبيعة التحديات الإقليمية، والمتغيرات الدولية واختلالات توازن القوى في المنطقة لذلك فإنها تعي أهمية الانفتاح على مختلف دول العالم وكذلك التكتلات الاقتصادية الكبرى بما يحقق المحافظة على المصالح الوطنية، ويضمن استمرار التنمية دون حدوث صدمات .

مقالات لنفس الكاتب