; logged out
الرئيسية / يعاني الإقليم العربي من صراع إعلام الدول و إعلام الميلشيات ويتعرض للتشويش المتعمد

العدد 147

يعاني الإقليم العربي من صراع إعلام الدول و إعلام الميلشيات ويتعرض للتشويش المتعمد

الأربعاء، 04 آذار/مارس 2020

يقول الفيلسوف الألماني أوتوجروت "إن الإعلام هو التعبير الموضوعي لعقلية الجماهير وروحها وميولها واتجاهاتها وتمنياتها" ، وهذا يؤكد أهمية الإعلام في دعم الأهداف السياسية والاقتصادية والثقافية للأمم، فمن خلال الإعلام بكل صوره المقروءة والمسموعة والمرئية سواء كان الإعلام التقليدي أو الحديث يمكن تحقيق وصياغة وعي سياسي جديد نحو تحقيق الأهداف التي تسعى الأمة العربية لتحقيقها، فالإعلام هو رأس الحربة في معركة بقاء وبناء الأمم ومواجهة الأعداء في ظل حروب الجيل الرابع والخامس التي يشكل الإعلام أبرز وسائلها، ويشكل دعم العمل العربي المشترك أحد أهم الأهداف الاستراتيجية للأمة العربية في وقت يتعرض فيه المشروع العربي لضغوط وتحديات هائلة  من القوى الإقليمية الطامعة والضاغطة على العالم العربي، واليوم نشاهد تنسيق في الأهداف وربما في الآليات بين هذه القوى الإقليمية ممثلة في تركيا وإيران وإسرائيل وكلها تقف وراء عدم الاستقرار في المنطقة العربية عبر التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية أو احتلال أجزاء من دول الجوار العربي أو من خلال توظيف الميلشيات والوكلاء كما هو الحال بالنسبة لإيران، فما هي التحديات التي تواجه الإعلام العربي في دعم العمل العربي المشترك، وهل من مقاربة إعلامية تمثل منصة ينطلق منها الإعلام العربي في دفع العمل العربي المشترك نحو مساحة جديدة وآفاق واعدة تلبي طموحات الشارع العربي في تعزيز وتطوير العمل العربي الجماعي في مواجهة كل تلك التحديات؟

العمل العربي المشترك وأحداث 2011

شكلت الأحداث التي مرت بها المنطقة العربية منذ احتلال العراق 2003م، وأحداث عام 2011م، وتعرض " الدولة الوطنية العربية " لأخطار وجودية أبرز الضربات الموجهة ضد العمل العربي المشترك، حيث تباينت الأجندات السياسية للدول العربية تحت وقع ما يسمى " بالربيع العربي " ووجدت الدول الإقليمية وغيرها من الدول الأخرى الفرصة الكاملة للتدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية بذرائع كثيرة منها نشر  "القيم الغربية " في المجتمعات العربية، أو الادعاء كذبًا بأنها تدعم ما يسمى " بالمقاومة " في الدول العربية، وشكلت كل هذه الضغوط تحديات كبيرة أمام الإعلام العربي والتي أخذت صورًا كثيرة منها:

1-    تباين الأجندات الإعلامية العربية منذ أحداث 2011م، فهناك دول عربية تغرد خارج الأهداف العامة للأمة العربية، بل وتعمل ضد الأمن القومي العربي، فمثلاً الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب وقعت عليها الدول العربية عام 1998م، ورغم ذلك تقوم إحدى الدول العربية باستضافة الإرهابيين على أراضيها، وتقوم القنوات الإعلامية التابعة لها بتشويه رموز وقيادات الدول العربية، وتتماهى سياسة هذه الدولة الصغيرة مع سياسات كل الدول الإقليمية التي تعادي الدول العربية وتتدخل في شؤونها الداخلية ومنها إيران وتركيا، ولذلك كلما يعمل الإعلام العربي خاصة في دول " قلب الصلب العربي " على صياغة رؤية إيجابية تعزز المشتركات بين الدول العربية نجد إعلام هذه الدولة وغيرها يعود بنا لنقطة الصفر من خلال تفجير الخلافات وتفخيخ أي دعوة للعمل العربي المشترك

2   يعاني الإقليم العربي من صراع بين " إعلام الدول " وإعلام الميلشيات " حيث يتعرض متلقي الرسالة الإعلامية العربية لتشويش إعلامي من إعلام الميلشيات " حزب الله، والميلشيات العراقية، الحوثي " وإعلام الجماعات الإرهابية والمتطرفة" الإخوان، والإعلام التركي " وهذا يمثل تحديًا كبيرًا في صياغة رسالة إعلامية موحدة تدعم العمل العربي المشترك وتصيغ أهداف عربية وحدوية تحافظ على الأمن القومي العربي من الاختراقات الإقليمية أو الدولية.

3-   ظهور الإعلام الطائفي والمحاصصي بعد الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003م، وزيادة النفوذ الإيراني على مقدرات الدولة العراقية، وتنامي الأجنحة والأحزاب السياسية المدعومة من ميلشيات تتبنى الأجندة السياسية والإعلامية الإيرانية في المنطقة، وأدى هذا إلى وجود رسالة تشكك في العمل العربي المشترك ، لأن إيران وتركيا وغيرهما من الدول التي تسعي لتحقيق مكاسب على حساب الدول العربية تدرك تمامًا أن أي عمل عربي موحد وجماعي يضعف من فرص تحقيق هذه القوى الإقليمية لأهدافها في المنطقة العربية، ولذلك دائما ما يشكك الإعلام الطائفي في أي جدوى للعمل العربي المشترك كلما كانت الدول الوطنية العربية.

4-  الترويج لأجندات عابرة للحدود الهدف منها إضعاف الدولة الوطنية العربية من خلال ربط المصالح العربية بمصالح هذه الدول، حيث ترتبط بعض الأجندات الإعلامية العربية بالأجندات الإيرانية والتركية والإسرائيلية ،فمثلاً هناك تقارير أشارت إلى أن "المحتوى المكتوب" لبعض الصفحات الرسمية الإسرائيلية " إسرائيل بالعربية " يتم ترجمته "لإعلام متلفز " من خلال التقارير والبرامج في قناة الجزيرة بشكل يومي 

5 ـ  التشكيك في مؤسسات العمل العربي المشترك وخاصة الجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي حيث دأبت وسائل الإعلام التابعة لإيران وتركيا في المنطقة لإضعاف الشعور العربي بأهمية وقيمة جامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي، وبالتالي إضعاف " القيمة السياسية "  لهذه المؤسسات لدى المتلقي العربي

6-   الترويج لقيم ظاهرها الحق لكنها تنطوي على مغالطات سياسية وإعلامية هدفها في النهاية إضعاف العمل العربي المشترك ، فمثلاً ترويج الإعلام الطائفي في المنطقة لمصطلحات مثل " المقاومة " بين سطور الرسالة الإعلامية هو محاولة للإيحاء بأن الدول العربية المركزية والوطنية لا تقوم بواجبها في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي رغم أن مواقف وثوابت دول مثل مصر والسعودية لا يمكن أن تتزحزح عن دعمها الكامل وغير المشروط للقضية الفلسطينية، والادعاء أن دول من خارج الإقليم العربي " تركيا وإيران " هي التي تتبنى العمل المقاوم ، رغم أن الحقائق تؤكد أن أردوغان وتركيا هما أكبر داعم عسكري واقتصادي لإسرائيل حيث كانت تركيا أول دولة إسلامية تعترف بإسرائيل عام 1949م، كما أن كل الدراسات والتقارير تؤكد أن أفعال إيران بالمنطقة هي أفضل دعم لاستمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية المحتلة من خلالها تعميقها للانقسام الفلسطيني

7-    تعرض الوعي الجمعي العربي لاختراقات كثيرة خاصة منذ أحداث 2011م، وظهور وسائل التواصل الاجتماعي التي تبث رسائل إعلامية تروج لأهداف وقيم سياسية وثقافية تضعف من قوة وتماسك العمل العربي المشترك. 

8-   ساهم الإعلام الدولي الناطق بالعربية والموجه للمنطقة العربية في إضعاف قيمة وأهمية العمل العربي المشترك من خلال الترويج للقضايا الخاصة به، ولا يمكن أن تتفق أجندات هذه الدول مع تقوية العمل العربي المشترك، لأن الشراكات العربية – العربية سواء كانت السياسية أو الاقتصادية ستضعف من بقاء ومكاسب هذه الأجندات الدولية في المنطقة العربية.

الأمم لا تنسحب من التاريخ

المعروف أن الأمم لا تنسحب من التاريخ، ومهما واجهت من تحديات وأخطار وحتى نكبات تستطيع أن تنهض من جديد وتحول التحديات إلى فرص حقيقة، وتستطيع الدول العربية بما لها من إمكانيات ضخمة وتاريخ ثقافي وسياسي ضارب في التاريخ من تجاوز وتخطي كل هذه التحديات والأخطار، فالوعي العربي لدى الجماهير العربية بات أكثر إدراكًا لكل هذه التحديات والمخاطر، وهو ما يمكن أن نراه في المظاهرات العراقية واللبنانية ضد الأجندة الإيرانية في المنطقة ، وفشل المشروع التركي المتحالف مع التنظيم الدولي للإخوان منذ 2013م، وحتى الآن، وعودة القضية الفلسطينية لتحتل صدارة الاهتمامات العربية والدولية في الفترة الأخيرة، ولذلك يمكن رسم مجموعة من "المسارات " تشكل رافعة ومحفز للعمل العربي المشترك خلال الفترة القادمة ومنها:

1-    وضع قضية دعم العمل العربي المشترك في صدارة أولويات الإعلام العربي، فوفق نظرية ترتيب الأولويات agenda setting theory فإن الإعلام هو الذي يرتب اهتمامات متلقي الرسالة الإعلامية من خلال التركيز على القضايا والأخبار والبرامج التي تدعم العمل العربي المشترك، كما أنه وفق هذه النظرية أيضًا يمكن لوسائل الإعلام أن تكون محفزًا وداعمًا لاتخاذ قرارات هامة تصب في صالح العمل العربي المشترك، ويمكن الأخذ بهذه القيم الإعلامية  عند تحديث خطة التحرك الإعلامي، ووضع تصور كامل للجمهور المستهدف، مما يؤدي للتنفيذ الفاعل والإيجابي لبرامج الخطة الإعلامية العربية في دعم العمل العربي المشترك مع وضع تصور للآليات التنفيذية لخطة التحرك الإعلامي العربي بحيث تضمن مقترحات عملية قابلة للتطبيق.

2-   يجب أن تركز وسائل الإعلام العربية على الجوانب "غير السياسية"  في العلاقات العربية ــ العربية، وهي علاقات أكثر من ممتازة ، فالسياسة دائمًا باب للخلاف بينما القضايا الاجتماعية والثقافية والاقتصادية تقرب الشعوب، وتظهر حقيقة التعاون والتقارب بين الدول العربية بعضها البعض ، وأن هذه العلاقات خاصة الاقتصادية لا تتأثر حتى بالخلافات السياسية الطارئة، فمشروعات مثل الربط الكهربائي والسككي العربي ، والاتحاد الجمركي العربي، واتفاقية تيسير التجارة العربية الكبرى وغيرها لم تنل في يوم من الأيام ما تستحقه من الاهتمام الإعلامي العربي، بالإضافة إلى ضرورة تقديم الرسالة الإعلامية الإيجابية بشأن هذه القضايا مما يعزز من ثقة المشاهد العربي في قيمة وأهمية العمل العربي المشترك ، ومن يراجع الاجتماعات وورش العمل التي تعقدها الجامعة العربية على مدار الساعة يتأكد أن هناك عمل عربي مشترك حقيقي يتم على الأرض لكن بعيدًا عن اهتمامات وسائل الإعلام التي تركز فقط على الجانب السياسي، فالاقتصاد مثلاً يوصف بأنه " الأسمنت " الذي يربط الشعوب، وكل التجارب الوحدوية الناجحة في العالم بدأت بالاقتصاد، فالاتحاد الأوروبي بدأ عن طريق تجمع لمنتجي الحديد في الدول الأوروبية، والتجمعات العملاقة الآن على الساحة الدولية مثل البريكس أو تجمع شنغهاي هي تكتلات اقتصادية لديها اتفاق في الحد الأدنى في القضايا السياسية

3-    الابتعاد قدر الإمكان عن الخطاب الإعلامي "الاستقطابي" لأن هذا الخطاب يخدم أهداف الأطراف غير العربية في إبعاد الدول العربية عن بعضها البعض، وعن العمل العربي المشترك بخلق نزاعات وخلافات عربية، فالكثير من الخلافات العربية بدأت في وسائل الإعلام، وانتقلت للغرف السياسية، وواجب الإعلام أن يكون داعمًا للعمل العربي المشترك، وباحثًا عن كل من يضيف للعمل الجماعي على الساحة العربية من منطلق مسؤولية وطنية وعربية تدرك المخاطر التي تمر بها الدول العربية، ومن الهام كشف المحاولات الحالية من بعض الجماعات والدول لإحياء موجات جديدة من الربيع العربي، وضرورة قيام اتحاد الإذاعات العربية  بوضع استراتيجية عربية تبتعد عن الاستقطاب، لأن انحراف الإعلام العربي عن مهمة دعم العمل العربي المشترك، والانجرار وراء المشكلات البينية العربية يساعد أعداء الأمة العربية في الداخل والخارج، ويساهم بقصد أو دون قصد في الترويج للمشروعات المشبوهة سواء كانت إقليمية أو دولية 

4-    توظيف الإعلام الجديد في دعم العمل العربي المشترك، فكافة الدراسات تؤكد أن تأثير وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام الجديد يصل إلى أكثر من 50 % من الشعوب العربية، والنجاح في تبني وسائل الإعلام الجديد لقضايا مثل العمل العربي المشترك سيزيد من فرص نجاح القضايا العربية الجماعية

5-   كشف التدخلات الخارجية سواء التدخلات المباشرة كما تفعل تركيا أو عبر الوكلاء كما هو الحال مع إيران، وهو ما يبرز أهمية تضافر الدول العربية ووقوفها معًا من أجل مواجهة هذه التحديات الإقليمية، فكلاً من المشروع الإيراني الفارسي والتركي العثماني هدفهما إضعاف الأمة العربية لتتاح لهما الفرصة للانقضاض والسيطرة، وطالما ظلت جذوة العروبة والعمل العربي المشترك باقية وقوية كلما تعذر على هذه المشروعات الإقليمية أن تحقق أهدافها في منطقتنا العربية، فتركيا وإيران تعتبران المشروع الوحدوي العربي مانع وحاجز سياسي ضد أطماعهما وتطلعاتهما في المنطقة.

6-   تشكيل لجنة إعلامية مشتركة بين الإعلاميين العرب سواء في إطار إتحاد الإذاعات العربية أو اجتماعات وزراء الإعلام العرب من أجل بناء إستراتيجية مشتركة لبناء جسور الثقة بين مختلف الأطراف العربية تعزيزًا لقيم العمل العربي المشترك مع توجيه بوصلة الإعلام العربي لدعم مختلف القضايا والموضوعات التي تدعم العمل العربي المشترك من خلال إعداد خطط وبرامج إعلامية تعزز هذه القيم في كل وسائل الإعلام المختلفة.

7-    نشر ثقافة التسامح السياسي والسمو فوق الخلافات وتقبل الآخر بعيدًا عن الأجندات الخارجية ، مع تعزيز قيم الحلول السياسية والسلمية العربية ، ويجب تبنى فكرة " الحلول العربية للازمات العربية " لان محاولات حل القضايا الخارجية تزيد الخلافات العربية تعقيداً، وهذا واضح في جميع المبعوثين الدوليين للقضايا العربية حيث شكل هؤلاء دومًا عائقًا أمام بلورة حلول تصب في صالح العمل العربي المشترك والأمن القومي العربي، بالإضافة إلى أهمية وضع آلية لتشجيع التواصل المشترك على مستوى أجهزة الإعلام العربية والإعلاميين العرب، بهدف استحداث وتطوير أشكال جديدة للترابط الإعلامي العربي، لمعالجة أهم القضايا المتصلة بواقع الإعلام العربي وفي مقدمها دعم العمل العربي المشترك ، وذلك من خلال تشجيع الإعلاميين العرب على الاهتمام بقضايا العمل العربي   الجماعي  وتقدير إنجازات وجهود الإعلاميين العرب الذين يبرزون قضايا العمل العربي المشترك بما يعزز من قيم التواصل بين الدول العربية والحفاظ على الدولة الوطنية العربية، بالإضافة إلى استحداث إعلام تفاعلي يساهم في طرح القضايا العربية بشكل مختلف يكون هدفه تحقيق التقارب العربي واستكشاف مساحات الاتفاق والتوافق بين الدول والشعوب العربية، وتشجيع التنسيق والتعاون بين الدول العربية في دعم العمل العربي المشترك، وتحقيق بيئة إعلامية حيوية ومتماسكة من خلال وضع سياسات إعلامية تخدم أهداف العربية برفض التدخلات الخارجية وتعزيز حصانة ومناعة المجتمعات العربية ضد المشروعات الإقليمية، وتشجيع التعاون بين الدول العربية في مجال الإنتاج الإعلامي العربي المشترك الذي يهدف لتعزيز الصورة النمطية الإيجابية عن التعاون العربي /العربي، وتفعيل الدور الأكاديمي للمؤسسات الإعلامية العربية لإعداد وتطوير كوادر إعلامية مؤمنة بأهمية ودور العمل العربي المشترك مع تفعيل الحراك الإعلامي العربي باتجاه القضايا العربية الوحدوية والعمل الجماعي ،والعمل على تعزيز مفهوم أخلاقيات العمل الإعلامي التي تضع المصالح العربية العليا فوق أي انتماءات محاصصية أو طائفية، وهو ما يصب في النهاية بتعزيز وتقوية العمل العربي المشترك.

8-    دعم دور الجامعة العربية وعدم الترويج للصورة السلبية التي يحاول البعض إلصاقها بها ، ودعم الاتجاه القائل بأن الأفضل هو معالجة أي سلبيات في الجامعة العربية بدلاً من دعوات القضاء عليها والانتهاء منها، فالمؤامرات التركية والإيرانية والإسرائيلية ترى في الجامعة العربية " رغم سلبياتها " حجر عثرة أمام مخططاتها ضد الدول العربية، حيث عمد الإعلام الموالي لإيران وتركيا خلال السنوات الماضية على إظهار الجامعة العربية بالمؤسسة الفاشلة في تحقيق أهدافها، لذلك من الضروري تبني أجندة إعلامية تهدف لتقوية مؤسسة جامعة الدول العربية حتى تؤدي وظائفها التي يجب أن تقوم بها  لصالح العمل العربي المشترك وتعزيز المصالح العربية، لان طبيعة العلاقات الدولية اليوم تقوم على التكتلات بعد أن تأكدت الدول أنها لا تستطيع أن تحقق كل مصالحها بمفردها ، فالعولمة جعلت من التكتلات التجارية ضرورة لكل الدول ، كما أن الإرهاب العابر للحدود يحتاج أيضًا لتعاون عابر للحدود من أجل تبادل المعلومات والتنسيق الأمني والاستخباراتي من أجل مكافحة الإرهاب، وهو ما يجب أن تعكسه وسائل الإعلام العربية حتى يكون الجميع على يقين تام بأن ما يجمع الدول العربية أكثر بكثير مما يفرقها، لذلك فإن دعم الصورة الذهنية الإيجابية عن مؤسسات الجامعة العربية، والتركيز على  المحطات التاريخية المهمة التي اضطلعت فيها جامعة الدول العربية بواجبها تجاه العمل العربي المشترك هام جدًا لمواجهة الهجوم الضاري الذي تتعرض له الجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي وأي مؤسسة وحدوية عربية مع أهمية تأكيد الرسالة الإعلامية العربية على استراتيجية وضرورة وجود كيان مؤسسي عربي يضم كل الدول العربية وتحل فيه المشكلات داخل بيت العرب، لذلك يجب على وسائل الإعلام العربية تبني مقاربة إعلامية تؤكد على أهمية الدور الوظيفي لجامعة الدول العربية،  ومدى حاجة الأزمات العربية الراهنة لمعالجتها بشكل يعبر عن حلول عربية مشتركة وتوافقية تستند إلى المصلحة العربية، فقوة الجامعة العربية هي قوة لكل العرب، وركن رئيسي من قوة العرب أن تكون الجامعة العربية قوية ومؤثرة وفاعلة، لأن ضعف الجامعة العربية سيكون له تكلفة سياسية كبيرة ، وهذا ما شاهدناه خلال السنوات الماضية عندما تم نقل القضايا العربية إلى منظمات دولية وإقليمية خارج المنطقة العربية، وهذا واضح في أزمات ليبيا واليمن وسوريا والعراق، وتكمن أهمية وسائل الإعلام في دعم العمل العربي المشترك في الدعوة إلى تفعيل حقيقي للجامعة العربية، ويترافق مع تأكيد الصورة الإيجابية للجامعة العربية تعزيز العمل في مجلس التعاون الخليجي واتحاد المغرب العربي باعتبارهما من التجارب الوحدوية التي يمكن أن تساهم في تعزيز الحضور العربي على الساحتين الإقليمية والدولية.

9-    ضرورة اهتمام الإعلام العربي بدعم الدول العربية التي يقع على عاتقها مواجهة التحديات الخطيرة في المنطقة مثل مصر والسعودية والإمارات ، فجميع التجارب الوحدوية الناجحة على مدار التاريخ كانت تبدأ من تلك القوى والدول التي تقود التجارب الوحدوية وتكون صاحبة المبادرة، فروسيا والصين هما من تقودان مجموعة البريكس، وألمانيا وفرنسا هما من تتزعمان الاتحاد الأوروبي، ولذلك عندما تتصدى المملكة العربية السعودية للمشروع الإيراني في المنطقة واجب على كل الإعلام العربي دعم الأجندة السياسية والإعلامية السعودية باعتبارها أجندة عربية في الأساس ترفض الانتهاكات الإيرانية بحق الأمن القومي العربي.

مجلة آراء حول الخليج