; logged out
الرئيسية / تكافح السعودية التصحر باستزراع 12 مليون شجرة وتأهيل 60 ألف هكتار مراعي

العدد 149

تكافح السعودية التصحر باستزراع 12 مليون شجرة وتأهيل 60 ألف هكتار مراعي

الثلاثاء، 05 أيار 2020

ظهر مصطلح التغير المناخي في النصف الثاني من القرن العشرين، وبدء الحديث عن تأثيراته المختلفة على البيئة والبشر، والتي هي في جُلها تأثيرات سلبية، ويُعد تغير المناخ مشكلة عالمية بعيدة المدى، تحمل في طياتها تفاعلات بين العوامل البيئية والظروف الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والمؤسسية والتكنولوجية ويُعتبر من أكبر التحديات البارزة التي تواجه التنمية المستدامة في القرن الحادي والعشرين، وأي فشل في التصدي لهذا التحدي سيؤدي إلى تثبيط جهود المجتمع الدولي للحد من الفقر والجوع. وستعاني الدول الأكثر فقرًا في العالم أولى عواقب هذه النتائج وأكثرها خطورة حتى ولو كانت مسؤوليتها عن هذه المشكلة محدودة، علاوة على أنه لم تسلم أية دولة مهما كانت غنية أو قوية أو متقدمة من تداعيات التغير المناخي في المستقبل، ومنها دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.

     وبالرغم من أن مساهمة دول مجلس التعاون الخليجي من غازات الدفيئة التي تسبب الاحتباس الحراري تشكل نحو (2.34%) من الإجمالي العالمي للانبعاثات، غير أنها بحكم امتدادها الجغرافي وتفاوت بناها الاجتماعية والاقتصادية، علاوة على تدهور الموارد الطبيعية فيها، واعتماد بعض دول المجلس على الموارد الأكثر تأثرًا بتغير المناخ كمصادر المياه والثروة السمكية ستكون أكثر المناطق عرضة للتأثيرات المحتملة للتغيرات المناخية وتفاعلاتها المختلفة والتي تشمل تهديدًا للمناطق الساحلية، وازدياد حدة الجفاف والتصحر وشح الموارد المائية، وزيادة ملوحة المياه الجوفية، المسألة التي ينجم عنها تأثيرات سلبية على التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وعرقلة لمسيرة التنمية المستدامة، وذلك بإضافة تحدي جديد إلى جملة التحديات التي تواجهها دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في مسيرتها لتحقيق أجندة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة 2030.

   وسوف نتناول في هذا المقال بيان العلاقة بين تغير المناخ والتصحر والجفاف وعواقب التغير المناخي على ظاهرة التصحر في دول مجلس التعاون الخليجي وبيان الجهود التي قامت بها هذه الدول للتصدي للتداعيات السلبية سواء على المستوى الوطني أو الإقليمي أو الدولي.

 

أولاً- العلاقة بين تغير المناخ والتصحر:

   يؤثر التصحر على تغير المناخ من خلال فقدان النباتات والتربة، حيث تحتوي تربة الأراضي الجافة على أكثر من (25%) مخزون الكربون العضوي على الصعيد العالمي، علاوة على جميع الكربون غير العضوي تقريباً. والتصحر غير المُعرقل قد يُصدر جزء رئيسي من هذا الكربون إلى الغلاف الجوي العالمي، مما ينعكس على نظام المناخ العالمي بتبعيات هامة. وهناك دراسات تتوقع بأن (300) مليون طن من الكربون في المناطق الجافة تُفقد في الجو سنويًا نتيجة التصحر، تشكل نحو (4%) من الانبعاثات الكلية من جميع المصادر.

     أن تأثير التغير المناخي على التصحر ما زال معقد وغير مفهوم بالقدر الكافي، فتغير المناخ قد يؤثر سلبًا على التنوع الحيوي، كما تتزايد حدة التصحر نتيجة لزيادة معدل التبخر ونقصان محتمل في هطول الأمطار في المناطق الجافة، وحيث أن ثاني أوكسيد الكربون من الموارد الرئيسة لإنتاجية النبات، فكفاءة استعمال المياه ستُحسن بشكل ملحوظ بعض أنواع نباتات المناطق الجافة التي يمكن أن يُناسبها زيادة في ثاني أكسيد الكربون، وهذه الاستجابات المتضاربة للنباتات المختلفة في المناطق الجافة زيادة ثاني أكسيد الكربون ودرجات الحرارة قد تؤدي في نهاية المطاف إلى تغيرات في الأنواع من حيث التركيب والوفرة، لذا فبالرغم من إن تغير المناخ قد يزيد الجفاف وخطر التصحر في العديد من المناطق، فإن تأثيره على الخدمات التابعة لخسارة التنوع الحيوي والتصحر يكون من الصعب توقعها، نتيجة لقوة الترابط للقضايا والسياسات بين التصحر، وفقدان التنوع الحيوي وتغير المناخ .

       وغني عن البيان، فإن التطبيق المشترك لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر مع اتفاقية المحافظة على التنوع الحيوي والاتفاقية الإطارية لتغير المناخ يُمكن أن ينتج عنه منافع عدة، فنظرية الإدارة البيئية لمجابهة التصحر وحفظ التنوع الحيوي وكذلك الإطار العام لاتفاقية تغير المناخ مرتبطة كلها بطرق متعددة. نوُقشت هذه القضايا منفصلة وكل على حده باتفاقيات ونظم سياسية مختلفة والتي فوضت وطبقت بشكل مستقل في أغلب الأحيان بأقسام أو وكالات مختلفة تابعة للحكومات الوطنية. هكذا، فإن التطبيق المشترك وتقوية التعاون المستمر يمكن أن يزيدا من التكامل والتأثير.

ثانيًا- التغير المناخي وآثاره على التصحر في دول مجلس التعاون الخليجي

   تشكل ظاهرة تغير المناخ، في ظل ما تتصف منطقة الجزيرة العربية أصلاً من مناخ جاف وندرة في المياه والتصحر، تحديًا مضاعفًا أمام دول مجلس التعاون الخليجي لتحسين أمنها الغذائي من خلال تأثيره على درجات الحرارة والموارد المائية والإنتاج الزراعي، حيث يتوقع أن يكون تأثير التغير المناخي عليها قاسيًا نظرًا لأن منطقة الخليج تحتل مراتب متقدمة على الصعيد العالمي من حيث انبعاثات غازات الدفيئة، حيث تأتي الكويت على سبيل المثال بالمرتبة الأولى عالميًا في مؤشر حصة الفرد من انبعاثات الغازات الدفيئة بالطن مكافئ من ثاني أكسيد الكربون، كما تصنف قطر والإمارات ضمن الدول العشر الأعلى في العالم في هذا المؤشر أيضًا، والجدول رقم (1) يُبين ذلك .

جدول (1) انبعاثات غازات الدفيئة بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية

 

الانبعاثات(طن مكافئ من ثاني أكسيد الكربون لكل إجمالي عرض الطاقة الأولية)

مساهمتها في الإجمالي العالمي لكل إجمالي عرض الطاقة الأولية(%)

نصيب الفرد من انبعاثات الغازات الدفيئة بالطن مكافئ من ثاني أكسيد الكربون

نمو الانبعاثات (%)

القيمة

الترتيب الدولي

الإمارات

256.27

0.6

34.12

9

8.8

البحرين

34.81

0.1

27.58

14

7.2

السعودية

452.10

1.2

19.75

22

6.2

عُمان

90.41

0.2

32.49

11

3.7

قطر

74.69

0.2

42.46

6

10.7

الكويت

196.50

0.4

71.8

1

3.5

العالم

47,182,61

100

6.84

-

2.3

المصدر: صندوق النقد العربي وآخرون، التقرير الاقتصادي العربي الموحد لعام 2016، سبتمبر، 2016ص

   ويتضح من الجدول أعلاه بأن نمو انبعاثات غازات الدفيئة في كافة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية قد تخطت المعدل العالمي لنمو الانبعاثات البالغ (2.3%)، الأمر الذي ساهم في ارتفاع مساهمتها في الإجمالي العالمي، لكل إجمالي عرض الطاقة العالمي، حيث بلغت (2.7%)، بينما عدد سكانها لا يشكلون سوى (0.63%) من إجمالي سكان العالم لعام 2020م، الذي يقدر بزهاء (8) مليارات نسمة.

   وتتمثل أهم التأثيرات المتوقعة للتغير المناخي في الوطن العربي ومنه منطقة الخليج العربي وفقًا لبعض الدراسات في ارتفاع درجات الحرارة في الصيف والشتاء، ونقص في كمية الإمطار السنوية قد يصل إلى (20%)، ونقص في عدد الأيام الممطرة، وزيادة في دورات الجفاف، وازدياد شدة الزخات المطرية وتسببها في زيادة وتيرة الفيضانات والسيول الجارفة، وزيادة تداخل مياه البحر مع مياه الخزانات الجوفية الساحلية نتيجة لارتفاع منسوب مياه البحر، وبالتالي تملح التربة، ويتوقع أنه في حالة عدم اتخاذ أي إجراءات للتأقلم مع التغيرات المناخية للتخفيف من تأثيراتها، فإن إنتاجية المحاصيل الزراعية ستنخفض بنحو (30%) لكل ارتفاع في درجة الحرارة يتراوح ما بين (1.5 و2) درجة مئوية، وبنحو (60%) لكل ارتفاع بــــــ (3 إلى 4) درجات مئوية، مع وجود تفاوت في حجم هذا التأثير من دولة لأخرى. كما يتوقع أن تنخفض كميات المياه المتجددة سنويًا بنحو (10%) بقدوم عام 2050م.

 

المصدر: المنظمة العربية للتنمية الزراعية، الكتاب السنوي للإحصاءات الزراعية، المجلد (27)، جدول (50)، 2019.

 


جدول (2) حالة التصحر في مجلس التعاون الخليجي
 إن انخفاض معدل سقوط الأمطار، قد ساهم في زيادة حدة التصحر في دول مجلس التعاون الخليجي، والذي تقدر مساحته بنحو (2.3) مليون كيلو متر مربع، تشكل ما نسبته (24.3%) من إجمالي مساحة الأراضي المتصحرة في الوطن العربي المقدرة بنحو (9.8) كليو متر مربع، وتبلغ نسبة الأراضي المتصحرة (100%) في كل من الكويت والإمارات وقطر والبحرين، بينما كانت نسبة المساحة المتصحرة في السعودية وعمان (92.4%و86.26%) من إجمالي المساحة في البلدين على التوالي والجدول (2) يُبين ذلك.

الدولة

المساحة الكلية كم2

المساحة المتصحرة

المساحة المهددة بالتصحر

كم2

%

كم2

%

الإمارات

83,600

83,600

100

-

-

البحرين

765

765

100

-

-

السعودية

2,259,000

2,080,000

92.44

170,000

7.56

عمان

309,500

267,000

86.26

23,000

7.43

قطر

11,570

11,570

100

-

-

الكويت

17,818

17,818

100

-

-

الإجمالي

2,682,253

2,377,237

88.62

193,000

7.19

المصدر: المنظمة العربية للتنمية الزراعية، دراسة حول مؤشرات رصد التصحر في الوطن العربي، ص42

   ويمكن حصر أسباب تدهور الأراضي وتصحرها في دول مجلس التعاون الخليجي في عاملين وهما المناخ بعناصره المتعددة والنشاط البشري.

1) عامل المناخ: حدث في منطقة الخليج العربي تغير مناخي كبير عبر الأزمنة الجيولوجية تعاقبت فيها عصور جافة وأخرى رطبة، وأدت العصور الجافة إلى بداية نشوء صحراء الربع الخالي في شبه الجزيرة العربية، وانتهت الفترات الرطبة في الخليج العربي منذ ما يزيد على خمسة آلاف سنة، وأن المناخ الحالي لدول مجلس التعاون الخليجي هو استمرار للمناخ الجاف الذي بدأ منذ ذلك الوقت.

2) العامل البشري: يتمثل في زيادة عدد السكان، حيث ارتفع عدد سكان مجلس التعاون الخليجي من قرابة (13.4) مليون نسمة عام 1980م، إلى ما يناهز (51) مليون نسمة عام 2020م، أي تضاعف ثلاثة مرات ونصف، ولا شك أن هذه الزيادة السكانية ساهمت في تغير نمط النظام الاجتماعي، وتغير نظم الاستغلال والإنتاج، مما ساهم في تدهور الموارد الطبيعية والبيئية.

ثالثًا - دور دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في مكافحة التصحر

   أدركت دول مجلس التعاون الخليجي منذ أكثر من ثلاث عقود خطر التصحر وتدهور الأراضي، وبناءٍ على ذلك نفذت أنشطة أساسية للتخفيف من حدة هذه الظواهر، وازداد الوعي البيئي في المجتمعات المحلية بصورة ملحوظة لاسيما في مجال التصحر، وأنشئت المؤسسات البيئية وأعطيت أولوية عالية لتنفيذ السياسات البيئية. كما أن مستوى الالتزام السياسي ارتفع بشكل كبير، حيث أقرت العديد من دول مجلس التعاون تشريعات تغطي نطاق واسع من المجالات البيئية، وفيما يلي أمثلة من هذه التشريعات والقوانين:

  • الكويت: تم إصدار تشريعات لتنظيم التخييم في المناطق الرعوية وحماية الزراعة وتنظيم استثمار المقالع وحظر مقالع الحصى.
  • المملكة العربية السعودية: تم وضع تشريعات ترتبط بنظم الغابات والمراعي واستثمار الأراضي والحفاظ على الموارد المائية وحماية البيئة البرية وإقامة محميات طبيعية والحفاظ على التراث الطبيعي.
  • قطر: تم إصدار قانون بشأن التحكم في المواد المستنفدة لطبقة الأوزون، وقانون بشأن حماية الحياة الفطرية ومواطنها الطبيعية.
  • البحرين: أصدرت قوانين تتعلق بالبيئة والثروة البحرية والحياة الفطرية.
  • الإمارات: أصدرت قوانين اتحادية تتعلق باستغلال وحماية وتنمية الثروات المائية الحية، وحماية البيئة وتنميتها.
  • سلطنة عُمان: أصدرت قانون حماية البيئة ومكافحة التلوث، وقانون المحميات وصون الأحياء الفطرية.

ومن ناحية أخرى تبنت دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية استراتيجيات لمكافحة التصحر ركزت على تحسين حالة النظم البيئية المتأثرة بالتصحر، وإبراز أهمية برامج مكافحة التصحر في حفظ التنوع البيولوجي، والحد من تأثيرات تغير المناخ، وزيادة التوعية والاهتمام بقضايا التصحر وتدهور الأراضي والجفاف، وبناء القدرات الوطنية، ومواكبة التطور العلمي والتقني والمعرفي في مجال مكافحة التصحر، فضلاً عن تطوير الهياكل المؤسسية والتشريعات ذات الصلة بالحد من تداعيات الظاهرة.

وتبنت دول مجلس التعاون سياسات عدة لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي تمثلت في قيام الإمارات بإنشاء المحميات الطبيعية، وإنجاز خرائط الاستثمار الزراعي في العديد من المناطق، وكذلك نهج سياسات الاستخدام الأمثل للموارد الطبيعية، من جهة أخرى طورت البحرين طرائق الري للمحافظة على الماء، واستبدلت المحاصيل التي تحتاج كميات كبيرة من الماء بمحاصيل تستهلك كمية أقل من الماء، وكذلك استخدام المياه المعالجة في الري. وكذلك نفذت السعودية نشاطات تتعلق بالحد من تدهور الأراضي وتضمنت حماية الغابات في (29) موقعاً وحماية أراضي المراعي في (37) موقعاً وحماية المواقع البرية في (15) موقعًا وإنشاء السدود الترابية وتثبيت الرمال كما في مشروع مقاطعة الإحساء، واستصلاح بعض الأراضي الملحية المتدهور، كما وتعملالمملكة العربية السعودية على مكافحة التصحر من خلال استزراع 12 مليون شجرة بحلول عام 2020م، وتأهيل 60 ألف هكتار من المراعي، والمحافظة على زيادة الغطاء النباتي وتحسين المراعي.أما نفذت دولة قطر عدة مشاريع لإنشاء قاعدة بيانات حول الموارد الطبيعية المختلفة، مثل مشروع المسح الهيدرولوجي ومشاريع الاستخدام المتكامل للمياه والأراضي ومشروع تنمية الزراعة والموارد المائية.

     ونفذت ســلطنة عمان عــددًا من المشاريع للتخفيف من تدهور الأراضي ومكافحة التصحــر، من أهمها مشـروع حصـاد ميـاه الضبـاب بمحافظـة ظفـار، ومشـروع إعــداد خريطــة تدهــور الأراضي، ومشــروع إعــادة تأهيــل المناطــق المـــتأثرة بعوامــل التصحــر، حيــث تــم مــن خــال هــذه المشــاريع تحديــد المناطــق المتدهــورة والأراضي المعرضــة للتدهــور وإعــداد قاعــدة بيانــات مكانيــة ونظــام رصــد مبنــي علــى بيانــات الأقمار الاصطناعية العاليــة الدقــة.

     وتجدر الإشارة إلى أن دول مجلس التعاون قد عملت على تطبيق النهج التشاركي في تخطيط وتنفيذ المشاريع والأنشطة المتعلقة بتدهور الأراضي، حيث تُعد سلطنة عمان خير دليل في هذا المجال وخصوصًا إدارة الموارد المائية في الجزء الشمالي الشرقي من الدولة وأسلوب الري بالقنوات، وتعزيز روح التعاون بين السكان لتنفيذ برنامج العمل الوطني، كما أن هناك بعض المؤشرات التي تؤكد نجاح الجهود التي تبذلها البحرين للحد من تدهور الأراضي كتغيير أصناف المحاصيل واستخدام مياه الصرف الصحي المعالجة. وتحسين الري وطرائق الصرف الزراعي ومراقبة مستوى المياه الجوفية والتغيرات التي تطرأ عليه.

     وفي إطار تنفيذ اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر التي أقرت عام 1992م، قامت معظم دول مجلس التعاون الخليجي بإدراج برامج وطنية لمكافحة التصحر تضمنت مشروعات عديدة للتقييم والرقابة وبناء القدرات، وتثبيت الكثبان الرملية، وإعادة تأهيل المراعي وتحسين إدارتها والحافظ على موارد المياه والأراضي، ومواءمة إدارتها مع سياسة التنمية المستدامة.

   إضافة إلى ما سبق تم إنشاء المجالس والمؤسسات التي تكافح التصحر وتدهور الأراضي وحماية البيئة بالتعاون مع مختلف الوزارات، فعلى سبيل المثال كلفت الحكومة السعودية وزارة الزراعة لأن تكون المنسق الوطني المسؤول عن تنفيذ الاتفاقية الدولية لمكافحة التصحر UNCCD ومتابعتها على جميع الصعد المحلية والإقليمية والدولية. وكلفت الحكومة القطرية وزارة البلدية والبيئة لكي تكون الجهة المعنية بالإشراف على تنفيذ هذه الاتفاقية، وتتولى الهيئة الاتحادية للبيئة بدولة الإمارات العربية المتحدة مهمة متابعة اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، وفي مملكة البحرين يتولى المجلس الأعلى للبيئة متابعة ذات المهمة. أما في سلطنة عمان فإن هذه المهمة تتولها المديرية العامة لصون الطبيعة التابعة لوزارة البيئة والشؤون المناخية.

     كما قامت بعض دول مجلس التعاون وفي إطار مواجهة تداعيات تغير المناخ بإنشاء لجان وطنية للتغير المناخي تتمثل مهامها في جعل دول مجلس التعاون الخليجي من الدول الرائدة في العالم في مجال خفض انبعاثات غازات الدفيئة المسببة، ووضع السياسات والقوانين وخطط العمل بالتنسيق والمشاركة مع برنامج الأمم المتحدة للبيئة والدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ والدول الأطراف في بروتوكول كيوتو ذلك من أجل التقليل من الآثار السلبية للتغير المناخي على الأوضاع البيئية لاسيما الأراضي وموارد المياه.

     وتجدر الإشارة إلى أن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية تشارك في معظم الاتفاقات والبروتوكولات الدولية المتعلقة بتغير المناخ كاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغير المناخي وبروتوكول كيوتو المحلق بها، بالإضافة إلى اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر في البلدان التي تعاني من الجفاف أو التصحر الشديد، وبروتكول مونتريال بشأن المواد المستنفدة لطبقة الأوزون.

جدول (3) مشاركة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في الاتفاقيات البيئية

متعددة الأطراف المتعلقة بالتغير المناخي والتصحر

الدولة

التغيرات المناخية

بروتوكول كيوتو

التصحر

بروتوكول مونتريال

الإمارات

1995

2005

1998

1989

البحرين

1994

2006

1997

1995

السعودية

1994

2005

1997

1995

عمان

1995

2005

1997

1995

قطر

1996

2005

1999

1996

الكويت

1994

2005

1997

1992

Source: World Resources Institute, World Resources Report 2005

   وتجدر الإشارة إلى أن مواجهة تحديات التصحر والجفاف في دول مجلس التعاون الخليجي تتطلب التعامل مع تهديدات التغير المناخي كأولوية وتبني سياسات متكاملة للـتأقلم معها سواء من ناحية إدارة الموارد المائية بصفة خاصة أو على الصعيد التنموي بصفة عامة، وتشجيع القطاع الخاص للاستثمار في القطاع الزراعي وتقديم القروض الميسرة لتشجيع المزارعين على استخدام أنظمة الري الحديثة والعمل على تعظيم الاستفادة من التمويلات التي توفرها الصناديق الدولية للـتأقلم مع التغير المناخي ( صندوق المناخ الأخضر ومرفق البيئة العالمي)، وتطوير مشاريع وبرامج وطنية وإقليمية، وفي مقدمتها بناء القدرات لمواجهة المتغيرات الهيدرولوجية كالفيضانات والسيول والعواصف المطرية الاستثنائية، وترسيخ التعاون بين دول مجلس التعاون وتبادل الخبرات في هذا المجال، وفي مجال التأقلم مع تحديات التغير المناخي بوجه العموم.

       كما تستدعي عملية التخفيف من أثار تغير المناخ على التصحر والجفاف دول مجلس التعاون الخليجي عملاً منسقًا على الصعد الدولية والإقليمية والمحلية لتقليل أثر العوامل المسببة لانبعاث غازات الدفيئة. كما أن التكيف مع نتائج التغير المناخي أمر بالغ التعقيد ويحتاج إلى التعامل معه على كافة المستويات. وأن احتياطي دول مجلس التعاون الخليجي من النفط والغاز يُمكن أن يتيح لها فرصة التحول إلى اقتصاد ما بعد الكربون، والمساعدة في تطوير واستغلال التقنيات الصديقة للبيئة والمقتصدة في استهلاك الطاقة والاستثمار في التنمية المستدامة. ومن شأن التغيرات التي تشهدها الأسواق العالمية حاليًا أن توفر لدول مجلس التعاون فرصًا جديدة للاضطلاع بدور قيادي في المجالات الناشئة كأساليب خفض نسبة انبعاثات غازات الدفيئة والتقنيات المقتصدة للطاقة والمباني الخضراء، وتمويل الأنشطة ذات الانبعاثات الكربونية المنخفضة.

     وانطلاقًا مما تقدم وفي إطار العمل الخليجي المشترك في مجال قضايا المناخ، وبالنظر للمستقبل، يتبين أهمية تبني السياسات والبرامج الكفيلة بالتخفيف من آثار التغير المناخي على دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وذلك بما يشمل وضع الآليات اللازمة لاستقطاب الاستثمارات في البنية التحتية الحضرية منخفضة الانبعاثات والمُراعية للمناخ، وبذل الجهود التي تُمكن من الحد من انبعاثات الكربون في إطار استراتيجيات وطنية وسياسات وخطط وبرامج عمل مدروسة، والعمل على ترشيد استهلاك الطاقة، الاستثمار في الطاقات المتجددة، وإعادة تشجير الغابات، وكذلك مساعدة الدول النامية لمواجهة ظاهرة الاحتباس الحراري من خلال تقديم الدعم المالي للصندوق الأخضر للمناخ.

مقالات لنفس الكاتب