; logged out
الرئيسية / حِكم وأقوال فلسفية في "مسامَرات بجوار الموقد"

العدد 151

حِكم وأقوال فلسفية في "مسامَرات بجوار الموقد"

الأربعاء، 08 تموز/يوليو 2020

يُعَدّ كِتاب مسامرات بجوار الموقد الصادر عن مؤسّسة الفكر العربي حديثًا ضمن برنامج "حضارة واحدة"، جامِعًا للمُؤلّفات الفلسفية المَعنية بتعايش الناس ووجودهم وتعامُلهم مع العالَم. يتألّف الكتاب من 221 حِكمة، مليئة بالأقوال المأثورة والفلسفية المُتأثّرة بالكونفوشيوسية، التي يُعنى موضوعُها العامّ بتحقيق الطمأنينة والسلام للإنسان، وإرساء مبادئ عملٍ مُشتركة، مبيّنًا أهمّية تهذيب الذات وتزكية النفْس، وقراءة الكُتب وتحقيق الطموحات، والقناعة والإيمان وغيرها من نواحي الحياة، الكتاب من تأليف الفيلسوف الصيني وانغ يونغ بينغ (1854)، وتحديدًا في عصر أسرة تشينغ الملكية، ومن تعريب: الدكتور وانغ يويونغ (فيصل)، ومراجعة البروفسور أحمد عويّز.

 لقد كان وانغ يونغ بينغ فلّاحًا يعرف القراءة والكِتابة في المجتمع الإقطاعي، يعيش في المرحلة الأخيرة من عصر أسرة تشينغ المَلكية الصينية، التي مرّت بتغيّراتٍ وتقلّبات، وقد شهدَ تحوّل إمبراطورية تشينغ العظيمة من عصر القوّة والازدهار إلى عصر الضعف والانحطاط، وهي ترزح تحت أزماتها الداخلية والخارجية.

يكشف الكِتاب ما كان ذائعًا من ترفٍ وبذخ، ويبيّن أنّ تردّي الأوضاع الاجتماعية ناتج عن تدهور الأخلاق ما بين الناس. لقد تميّز المؤلّف ببصيرةٍ ثاقبة تجاه الشؤون السياسية أيضًا، وكان يعيش قلقًا على المُعضِلات المُتفشّية بين المسؤولين الكِبار والصغار، فانتقد المسؤولين المُفسدين، ودعا إلى الإصلاح السياسي وتجديد الأنظمة.

لقد أولى وانغ يونغ بينغ في كِتابه اهتمامًا خاصًّا بقراءة الكُتب ودراسة العلوم وتحقيق الطموحات، وأكّد على تأسيس الدراسة على مكارِم الأخلاق، فضلاً عن تفسير بعض الوسائل الفعّالة في قراءة الكُتب ودراسة العلوم. وكان يهتمّ أيضًا بتعليم الناشئة وتربيتهم، ويظنّ أنّ تميّز الإنسان بالأخلاق والمواهب في وقتٍ واحد يتوقّف على دَورٍ كبير يؤدّيه الوالدان. لقد استعان وانغ يونغ بينغ في كِتابه بالأخلاق الكونفوشيوسية، ليشرَح من نواحي الحياة المتعدّدة سُبلاً إلى إعادة بناء الأخلاق قائلاً: "الصِدقُ هو أساس تعايش الناس، فلا يُمكن للإنسان أن يستغني عنه؛ والغُفران هو جَوهر مُعالجة الأمور، فعلى الإنسان أنْ يعمل به على مدى حياته".

أمّا فيما يتعلّق بتحقيق الطموحات، فكان المؤلّف يرجو من الناس أن يُحدّدوا أهداف حياتهم قائلاً: "إنّ الأيام تمرّ على الإنسان مرورَ السحاب، فيجب أن تكون لنفسه مواعيد مُحدّدة، يُنجِز بها أهدافَه". فيلزم أن تكون للناس غاياتٌ سامية ومُثل عُليا، إذ أنّ "مَنْ كانت له طموحات لا يُحقِّقها غَيرُه، فلا بدّ من أن تكون له مآثر لا يُحقّقها غَيرُه".

 وتطرّق بحِكَمِه وأقواله المأثورة إلى أغلب نواحي الحياة الاجتماعية، وربط ربطًا وثيقًا بين الحياة اليومية والمُثل العُليا.

لقد انتَقت الترجمة العربية لكِتاب مسامرات بجوار الموْقد ما يقرب من 800 حِكمة من 220 كِتابًا لفلاسفةٍ وأدباء مشهورين في العصور الصينية القديمة، التي تبتدئ بعصر ما قبل أسرة تشين الملكية، وتنتهي بعصر أسرتَي تشينغ ومينغ الملكيّتَين، وقامت بتصنيفها وفق الأفكار الفلسفية، بهدف تنويع مضامينه بقدر الإمكان. وقد تمّ جمع هذه الحِكم تحت عنوان: "عَبق الكُتب بجوار الموقد".

 

مجلة آراء حول الخليج