; logged out
الرئيسية / العراق والكويت، رؤى في المشكلات والمصالح والتسوية المتبادلة

العدد 85

العراق والكويت، رؤى في المشكلات والمصالح والتسوية المتبادلة

السبت، 01 تشرين1/أكتوير 2011

يرتبط العراقيون والكويتيون بعلاقات حكمتها الجيرة والتاريخ، جعلت علاقتهما محكومة بما أفرزاه من تأثيرات سواء سلباً أو إيجاباً. ويعتبر عام 1990 عاماً فاصلاً بين مرحلتين مرحلة إيجابية سابقة ومرحلة سلبية في العلاقة محكومة بفعل احتلال الكويت.

وبعد كل ما ألمّ بالعراقيين والكويتيين من سلبيات بعد عام 1990، استبشر الكويتيون خيراً بالتغيير السياسي الذي حصل في العراق، في عام 2003، وأن مشاكلهم مع هذا البلد سوف تجد لها طريقاً للحل، إلا أنه سرعان ما ساء الوضع وبات التشاؤم هو الغالب على مسار العلاقة العراقية-الكويتية، على نحو دفع الباحثين والسياسيين إلى تلمس مسببات ذلك، والحلول المقترحة لتسويتها، لكيلا ترجع علاقتهما إلى ما كانت عليه من سلبية.

أولاً: الرؤى المتبادلة

تؤدي الرؤى المتبادلة بين شعبين دوراً في إثارة مزيد من المشكلات بين دولتيهما، أو قد تهيئ الأسباب لتسويتها. وللوقوف على كيف يرى العراقيون الكويت وبالعكس، نجد أن المرء في العراق قد لا ينظر بتقدير مقبول للكويت، لأسباب من جملتها الآتي:

1- مساحة الكويت: فالدول التي ترغب بالوجود والاستمرار عليها أن تؤمن مستلزمات بقائها ذاتياً، والكويت من الدول الصغيرة التي لا تستطيع البقاء دون دعم خارجي.

2- استهانتها بالعراق والتضييق على عيشة أهله منذ تشكلها ككيان سياسي.

3- تحالفها مع الغرب من أجل حفظ وجودها من إخوتها العرب، وهو ما فتح باباً أمام دخول قوى كبرى لها أجنداتها في المنطقة التي لم ولن يعفى منها الكويت وسائر دول المنطقة.

4- تناسي الكويتيين فكرة أن المشتركات الجامعة بين العرب هي الطاغية، وأن المفرق بين الشعوب هو حدود قائمة على رغبات انتهازية لعوائل ترغب بالاستعلاء واستعباد البشر.

5- ما انتهى إليه حال العراق، ففعل احتلال الكويت عام 1990 لا يتناسب مع فعل حصار العراق (1990- 2003) وفعل احتلاله (2003)، بل والأدهى أن الكويت ناصرت حلفاء عدوها، فدعمت قوى في العراق هم حلفاء إيران الطبيعيون، وإيران أرادت الكويت أم لم ترد، هي عدو طبيعي لكل الشعوب والدول العربية وبضمنها الدول الخليجية.

بعد إخراج القوات العراقية من الكويت فرضت الأمم المتحدة على العراق تحمل كلف احتلاله بتعويضات تستقطع من عائدات نفطه

وضعف التقدير، تبعه اختلاف نظرة العراقيين للتعامل مع الكويت، فهناك من يقول لنقم عليها الحجة ولنطالب بها ضمن مشروع وطني شامل يبدأ بالمحاكم الدولية وينتهي بكل ما من شأنه استرداد الكويت، وهناك من يقول دعوها فستأتي عندما ينفذ بترولها، وهناك من يقول دعوها لا خير في التعاطي معها، وهناك من يقول دعوها لكن لنتعاون معها عملاً بالمصلحة ودرءاً للقطيعة.

أما الكويتيون، فإن نظرتهم للعراق والعراقيين ولكيفية التعامل معه، لم تختلف عما سبق من حيث المضمون السلبي أعلاه، فهم إجمالاً لم يعطوا للعراق تقديراً جيداً، إنما نظروا إليه بسلبية كوحش جائع يرغب بالتهام الكويت، والجار ثقيل الظل، والجار الذي لا خيار له إلا ضم الكويت، والجار الذي أنكر فضل الجيرة وجحدها، والجار الذي يختلف أبناؤه على كل شيء إلا على ضم الكويت، وبالطبع كل ذلك متعلق بما جرى في 2 آب 1990 وقيام العراق أثنائها باحتلال الكويت وإعلان ضمها وتمت استباحة فعلية لأموالها ودمائها وأعراض أبنائها؛ بقرار سياسي ضمني أو صريح من قيادته السياسية آنذاك.

ومنذ إخراج العراق من الكويت في آذار 1991 من قبل تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة، تكاد الرؤى الكويتية تجمع على كون العراق هو العدو الأول لها، فعملت على إذلاله بكل علاقاتها وأموالها، وراهنت على مستقبلها في سبيل ذلك، وقدمت كل التسهيلات الممكنة لاحتلال العراق وهو ما تحقق في نيسان 2003، لتبدأ الكويت بمشروع يهدف إلى تحقيق غايتين متناقضتين ألا وهما: دعم بعض القوى السياسية العاملة في العراق عسى أن تدرأ تلك القوى عنها خطراً عراقياً ممكناً، وفي أفضل الأحوال أن تدخل العراق من خلال تلك القوى التي تم الاستثمار فيها، والغاية الثانية هو ما باتت تظهره معلومات تتحدث عن قيام الكويت بدعم بعض أعمال اللااستقرار الحاصل في العراق منذ عام 2003 بهدف عدم خلق دولة طبيعية ومستقرة وليبقى العراق منشغلاً بشجونه الداخلية.

تؤدي الرؤى المتبادلة بين شعبين دوراً في إثارة مزيد من المشكلات بين دولتيهما

ثانياً: مشكلة العلاقة ومصالح الدولتين فيها

ومهما كانت نظرة العراقيين للكويت ولكيفية التعامل معها، أو نظرة الكويتيين للعراق ولكيفية التعامل معه، فالواقع، أن أصل مشكلة العلاقة بينهما تتحدد بالآتي:

1- النظرة للحكم: فأغلب من حكم أو يحكم اليوم يساوي بين أنفسهم وما أقيمت عليه دولهم، ولا تفريق بين الخطاب الرسمي والشخصي، ومن ثم تساوت عندهم الدولة بشخصهم وحكمهم، وانتهاء أحدهما سيقود إلى انتهاء الآخر، ومن ثم فإن دفاع الحكام عن دولهم هو الوجه الآخر لدفاعهم عن حكمهم قبل كل شيء آخر. والمهم هنا، أنه توجد مسافة بين تطلعات الشعب وأداء ومضمون نظام الحكم وكلما زادت المسافة بينهما كان استعداد الشعب للدفاع عن مطالب النظام في وجه استحقاقات إقليمية في أضعف ما يمكن، ولا يمكن أن تحضى دعاوى نظام الحكم في قضايا الخلاف الإقليمي بينه وبين الجوار بإجماع وطني، وهنا ألا نتوقع من هذه الأنظمة أن تلجأ للأزمات الإقليمية بقصد التستر على القضية المفصلية ألا وهي التعاطي مع مسألة الحكم؟

2- الاقتناع بكون ما أقيم هو دول، فتم تقديس الحدود: فالمعروف أن الدول تقام على أساس وجود تمايزات فيما بين الشعوب إما في اللغة المستخدمة أو في التكوين القومي أو في التكوين والانتماء الديني، إلا أن ما أقيم من دول في المنطقة العربية هو مغاير لتلك السنن، إذ تم تقديس ما أقره الغرب من حدود تخدم مصالح الغرب قبل غيره وتم تقديس ما وضعه الغرب داخل كل حدود من مصالح عائلية متفاعلة مع المصالح الغربية.

3- التعامل الآني مع المصالح: وهذه سمة غالبة في العالم العربي عامة، إذ يكون التخطيط لحماية المصالح الحيوية ضعيفاً، والتعامل الغالب هو مع المصالح قصيرة الأمد، فهل الدولة تبحث عن الفاعلية أم عن البقاء؟ الواضح، أنه يتم البحث عن البقاء والاستمرارية، والوجه الآخر لذلك هو استحضار الغرب لضمان البقاء مقابل التنازل عن الفاعلية.

4- النظرة إلى الآخر، أي نظرة العربي إلى العربي كآخر قبل غيره: فالعربي بات لا يثق بالعربي، ولديه استعداد مسبق للابتذال وقابلية الاحتلال، والتعاون مع الأعجمي في سبيل إذلال أخيه العربي، ونسوا أن أولي القربى أولى بعضهم ببعض.

هذا هو أصل مشكلة العلاقة، وما يظهر إلى الواجهة هو مظاهرها التي باتت ترتقي إلى مستوى الأزمة في علاقتهما ببعض، والذي يتحدد بـ:

أ- الحدود: إن الأصل أنه لا تمايز بين الشعبين العراقي والكويتي، وأنه لا تمايز أو فاصل جغرافي بين أرض العراق والكويت، فكانت الحدود عبارة عن قرار سياسي بريطاني بإنشاء دولتين، وكل قرار سياسي بتثبيت حدود لا يخضع لموافقة الطرفين فإن مشاكله تظهر في سنوات قادمة عندما تتغير المعادلات السياسية في علاقاتهما ببعض. والعراق منذ إعلان الكويت كدولة شعر بغبن الجغرافيا له، إذ أعدم من الوصول إلى مياه البحر سوى من إطلالة صغيرة جداً؛ ورغم مساعي الدولتين في سبعينات وثمانينات القرن الماضي لحل معضلة الحدود إلا إنها لم تتوصل لحل نهائي. ثم تدخلت الأمم المتحدة في تسعينات القرن الماضي بقصد تثبيت وفرض الحدود بين الدولتين والتي زادت في غبن إطلالة العراق البحرية. واليوم أصبحت رغبة الكويت في البناء بالقرب من حدود العراق البحرية مثبط لقدرة العراق على تنشيط إطلالته البحرية المحدودة.

ب- الديون: مع بدء الحرب العراقية-الإيرانية، وفي ظرف تصاعد خطاب إيران بتصدير ثورتها وتغيير أنظمة الخليج الحاكمة، اتجهت الكويت كما معظم دول مجلس التعاون الخليجي لدعم العراق مالياً، فأعطت له مبالغ مالية قدرت بنحو (27 مليار) دولار بقصد ضمان قدرة العراق على إدامة الحروب وعدم خسارتها، ولما انتهت الحرب بدأت الكويت تطالب بتلك المبالغ بوصفها (ديون)، إلا أن الأوضاع الملتبسة التي سادت علاقتهما خلال ربيع وصيف 1990 جعلت العراق يساوم على ضرورة تعويض العراق عما تحمله من فاتورة الحرب مع إيران بقصد تمشية عجلة الاقتصاد شبه المتوقف، واستمرت قضية (الديون) مطروحة إلى أن فرضت الأمم المتحدة على العراق تسديدها مع التعويضات المقرة عن أزمة وحرب 1990/1991 عبر دفعات متفق على نسبها من مبيعات نفط العراق.

ج- التعويضات: في 2 آب 1990 احتل النظام السياسي في العراق الكويت عسكرياً، وعمل على إلحاقها ودمجها به وتجريف أغلب ثرواتها وتدمير أغلب إمكاناتها، وبعد إخراج العراق منها في آذار 1991 فرضت الأمم المتحدة على العراق تحمل كلف احتلاله بتعويضات تستقطع من عائدات نفطه، وما زالت التعويضات تأخذ من عائدات العراق السنوية وتسدد للكويت. وبلغ ما أقرته الأمم المتحدة من طلبات التعويض عن أحداث احتلال العراق للكويت نحو (53 مليار دولار)، من مجموع (353 مليار دولار) هي قيمة طلبات التعويض الأولية الكلية، وسدد العراق منها حتى عام 2005 نحو (20 ملياراً)، وبقي منها للكويت فقط نحو (27 مليار دولار). واليوم، يطالب العراق بإلغاء كليهما (الديون والتعويضات)، في حين ترى الكويت أن عائدات نفط العراق تكفي لسداد كليهما، وأن ما نهب في عمليات الفساد التي ترعى سياسياً كان يكفي لسدادهما، كما أن إبقاءهما هو دالة على فقدان الثقة بالمشهد السياسي العراقي.

د- المفقودون: وهو ملف آخر فتح في أعقاب احتلال العراق للكويت، واعتقاله لبعض الشخصيات الكويتية، وتختلف الروايات بشأنهم، فبعضها تقول إنهم قتلوا أو تم قتلهم داخل أرض الكويت أو العراق أو توفوا، وهذا الملف مازالت الكويت تطالب بإجابات عنه، وإن تم التحول في مضمون المطلب نحو التعاون من أجل كشف مصير المفقودين، أما مصير المفقودين العراقيين في الكويت في أعقاب خروج القوات العراقية منها فإنه لم يفتح إلى اليوم بسبب غياب الاهتمام الحكومي العراقي بشأن مصيرهم.

هـ- الثقة: مازالت الكويت كمحصلة تنظر إلى العراق كقوة تريد أن تبتلعها، لهذا عمدت إلى العمل باتجاهين متناقضين: الاستثمار في السياسة والاقتصاد العراقيين، وحسب بعض المعلومات التي تظهر هنا وهناك: الاستثمار في أعمال عدم الاستقرار الذي شهده العراق بقصد أن يبقى العراق مشغولاً بهمومه الداخلية، أما العراق فإنه رسمياً مازالت لا أولوية إقليمية متفق عليها لدى الحكومة باستثناء اتجاه الحكومة نحو ضمان العلاقة مع إيران، وشعبياً فإن العراقيين ينظرون نظرة سلبية تجاه الكويت وبعدم ثقة، لما أحاط بهم بسببها منذ عام 1990.

 

في 2 آب 1990 احتل النظام السياسي في العراق الكويت عسكرياً

رؤى في التسوية

وبقصد الوقوف على أحقية كل من العراق والكويت في نظرته وتعامله ومطلبه من الآخر، لنسأل: ماذا أعطى العراق للعراقيين، وماذا أعطت الكويت للكويتيين، حتى يطالب العراق بما يطلبه من الكويت، وتطالب الكويت بما تطلبه من العراق؟ وما مدى أحقية مطالبهما تجاه بعض؟

إن العراق الحديث بدأ عام 1921، وإذا كانت المدة بين 1921- 1958 هي مرحلة صياغة هوية عراقية فإن المرحلة حتى 2003 هي لإثبات الحكم، أما المرحلة التالية لها فهي مرحلة إسقاط العراق العمدي من الحساب التاريخي لأنه تم تبرير فعل الاحتلال من قبل بعض العراقيين بإدراك خاطئ قايض الاحتلال باستبدال نظام حكم، كما لا توجد أي ملامح لحضارة أو إمكانية بناء حضارة تحت عنوان وطني، إنما الرغبة اليوم هي بتفكيك العراق وإعادة الدمج بمصالح الجوار وليس بالمصالح الوطنية. وإذا ما تساءلنا: هل تقام الأوطان على حساب كرامة الشعب والإنسان؟ أم أن كرامتهما سابقة على الوطن؟ إن الأصل هو الإنسان، وإذا لم يلبِّ الوطن هذه الكرامة فعلى المواطن تغيير وطنه، إلا أننا أصبحنا أمام معادلة جديدة وغريبة ألا وهي: إن الأصل هم الحكام وإن الوطن وضع لأجلهم وعلى الشعب الذي يعيش على الأرض أن يرضى بعبودية من ارتضى التاريخ حكمهم، فبقيت مشكلة العراق هي مشكلة سلطة غير قادرة وأحياناً غير راغبة باحترام الكرامة الإنسانية، وهذه المسألة مازالت ملاحظة في العراق، فالصراع هو صراع سلطة وحكم وليس صراع لأجل البناء والإعمار. واليوم، إن سألت ماذا يوجد في العراق، ستكون أوسع الإجابات الآتي: فقر وسيادة الأمراض والفتن، وغياب كلي للخدمات والحياة الكريمة، وإذا قلنا متى حقق الوطن غيرها لمواطنيه، فسنكون قد ابتلينا الوطن ببلوى الواقعية، وإذا كان من غير ذوي الحياء سيقول إن مشكلة العراق هي مشكلة حكم فالأرض معطاء ولم تبخل على مواطنيها، حتى نحدق في أرض وثروات الغير.

أما الكويت، فخلاف ذلك متحقق، وهذا ليس إطراء لنظام حكمها، إلا أنهم في المقابل نسوا التفرقة بين حق إدارة نوع الحياة التي يرغب بها الكويتيون وحق الجيرة المطلوبة تجاه الجار، وأن ضمان الأولى لا تفضي للتعدي على الثانية. لقد أثبت حكامها أنهم حقاً أعطوا للكويت حقها كونها خيار حياة أو موت بالنسبة لهم، وهذا مناقض لما يحدث في العراق، فأغلب الآراء تتفق أن العراق قد أعطى حقنة الموت لمستقبله وضاعت فيه فرص التنمية، وسرع بتفكيك بناه، كون من حكمه خلال العقود الأخيرة نظر إليه كأداة لإدامة وجوده في الحكم، وأصبح هذا الأمر لأسباب عدة لسنا في معرض طرحها هنا مرتهناً بالخارج وليس بالداخل، بعبارة أخرى عدم الاقتناع بالعراق كدولة أو كشعب أو كتاريخ.

إرادة العراق وإمكاناته لا تتيح له القول الفصل في خلافاته مع جيرانه

إن مشكلة علاقة العراق بالكويت في المقام الأول هي مشكلة نظرة الحكام للحكم، ونظرة الحكام لمصالح شعوبهم، وليس نظرة مواطن يلهث وراء كسرة خبز له ولأسرته، ثم محاولة علاج القصور الداخلي باستعداء الخارج، ومنا من بات يقول: اتقوا الخالق بالخلق، وإن لم يعجب العراق ما تقوم به الكويت فليتذكر أن من أتى بحكام العراق اليوم هو فعل وسياسات ساسة الكويت وقادتها، وإن لم يعجبه ما تقوم به فليتذكر أن الخليج لم يكن في يوم من الأيام رئة العراق، فالعراق منذ تشكله كائن بري يصدر أغلب نفطه للبحر المتوسط، وأغلب تجارته تأتيه من جواره براً، وإن لم يعجب العراق ما تقوم به الكويت فليقم بإدارة ظهره لها وليتفاوض مع إيران للحصول على منفذ أوسع على الخليج عبر الأحواز العربية، واحتمالات المفاوضة وأوراقها واسعة من شراء الأحواز أو قسم منها إلى تأجيرها إلى مبادلة الأراضي إلى الضم أو الانضمام لإيران، إلى شراء المواقف السياسية، أو لينظر إلى البحر المتوسط حيث الحياة مفتوحة بلا جيرة سلبية كما يصورها، وهنا سيكون عليه الاتحاد مع سوريا، بعبارة أخرى إن إرادة العراق وإمكاناته لا تتيح له القول الفصل في خلافاته مع جيرانه، وحكامه غير منشغلين بها من الأصل، فحجم سوق الفساد في العراق وملاحظة أولويات السياسة الخارجية العراقية ينهي دعواهم أو حسن النية لتسوية تلك المشاكل والخلافات.

وباستبعاد فرضية ضم أو انضمام الكويت الطوعي للعراق، وطالما كان الحال على ما تم وصفه لدى الطرفين من الحكام، لماذا لا نتنازل عن العراق لصالح الكويت، ولنبايع آل صباح على حكم الكويت والعراق، فلا يستمروا بالنظرة إلى العراق كظل ثقيل ولا ينظر إليها عراقياً كفرع اقتطع عنوة ليكون دولة تسبب الألم في خاصرته. ربما يرفض الكويتيون ذلك، فتبقى واحدة من احتمالات الحل هي الطلب من الولايات المتحدة بضم العراق للكويت، أو بضم الكويت للعراق، والتعهد بحماية مصالح الولايات المتحدة في الدولة الناشئة ولنسميها (الكو- عراق) أو (العق- كويت)، لكن نتمنى كأكاديميين على الولايات المتحدة ألا تجعل هذه الدولة في عهدة حكم من لا يرعى الذمة، إنما لتجعله في ذمة من يرعى الحكم ومصالح الشعب المتحد، وإلا لن يرضى شعب الكويت بالعراق والعراقيين لأنه لن يجد ماء أو كهرباء أو أراضي سكن، ولن تكفي ميزانية الكويت والعراق معاً لسداد مرتبات السياسيين، وربما تتحول الكويت إلى منطقة تقبل المساعدات من دول العالم الصديقة، وسيجد شعب الكويت مئات من الأحزاب بعدد عشائر الكويت وقبائلها، وسيجدون برنامجاً انتخابياً يقول انتخبونا وسنوفر لكم الطعام بأسعار السوق، أو انتخبونا وسنجعل دوائر البلدية تعمل على تقديم خدماتها لكم، أو سنسمح بحق السفر بين مدن الكويت، أو سنسمح بسير المركبات بالطرقات.

مقالات لنفس الكاتب