; logged out
الرئيسية / تعليق ديون الدول الفقيرة يحقق التضامن العالمي ويتيح للدول الفقيرة الاستثمار في الرعاية الصحية بشكل فوري

العدد 155

تعليق ديون الدول الفقيرة يحقق التضامن العالمي ويتيح للدول الفقيرة الاستثمار في الرعاية الصحية بشكل فوري

الأحد، 01 تشرين2/نوفمبر 2020

يتناول هذا المقال دور مجموعة العشرين في تنفيذ خطة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة 2030، باعتبارها دعوة عالمية للعمل من أجل القضاء على الفقر، وحماية كوكب الأرض، وضمان تمتع جميع الناس بالسلام والازدهار، وقد وضعت هذه الخطة في أعقاب حقبة الأهداف الإنمائية للألفية في عام 2015م، حيث اعتمدت الأمم المتحدة أهداف التنمية المستدامة الـ17 ، لتكون نبراسًا والتزامًا بتوجيه جهود التنمية في العالم نحو هذه الأهداف. 

دوافع التعاون الدولي الاقتصادي

في ضوء الحاجة إلى التعاون الدولي في المجال الاقتصادي عقب الحرب العالمية الثانية، تم إنشاء عدد من المؤسسات الدولية الرسمية للإشراف على النظام الاقتصادي العالمي، والتنسيق بين دول العالم، وحل ما قد ينشأ من تضارب في المصالح المالية والنقدية والتجارة العالمية، ومع مرور الوقت ظهرت الحاجة إلى عدد آخر من المنتديات غير الرسمية لدعم المنظمات الدولية، وحشد جهود الدول ومناقشة وتنسيق السياسات الاقتصادية. وقد تأكدت الحاجة لتنسيق السياسة الاقتصادية الدولية على مدى الثلاثين عامًا الماضية، ودعمتها بالفعل المنتديات العالمية غير الرسمية، وأصبحت أكثر نشاطًا وأهمية، وساعدت على تجنب الآثار السلبية لأية قرارات فردية للدول، حيث تصبح تلك السياسات أكثر فعالية في الاقتصادات المفتوحة عندما يتم تنفيذها على نطاق واسع.

وترتكز غايات مجموعة العشرين على: نبذ الحمائية التجارية، وإعادة الدين العام إلى مستويات يمكن الاستمرار في تحملها، وإدراج أنظمة وآليات إشراف منسقة تعنى بالأسواق والمؤسسات المالية في ضوء الأطر التشريعية للدول الأعضاء، وضبط الحوكمة المالية الدولية بالتنسيق مع مؤسسات بريتون وودز ( البنك الولي، صندوق النقد الدولي، ومنظمة التجارة العالمية) وتعزيز الوسائل المتاحة لتحقيق أهدافها.

ما هي مجموعة العشرين؟

تعد مجموعة العشرين (G-20)  منتدى عالمي هدفه النهوض بالتعاون والتنسيق الدوليين، في شتى القضايا المشتركة خاصة الاقتصادية منها، ويجمع المنتدى أكبر 20 من اقتصادات الأسواق المتقدمة والناشئة، حيث يبلغ حجم دول مجموعة العشرين حوالي 85٪ من الناتج المحلي العالمي ، وثلاثة أرباع حجم التجارة العالمية، وثلثي سكان العالم.

وتعرف مجموعة الدول العشرين عادة بوصفها منتدى التعاون الاقتصادي العالمي، الذي يرمي إلى تقديم حلول مستدامة للمشاكل الاقتصادية العالمية، منذ اندلاع الأزمة المالية والاقتصادية عام 2008م، والتي استدعت توسيع المشاركة الدولية في مواجهة  تلك الأزمة بجانب مجموعة الثمانية، وتعقد اجتماعاتها بشكل دوري ومستمر على المستوى الوزاري والفني، فضلاً عن القمة السنوية للقادة، وتعهدهم في مؤتمر القمة السنوي بأن تساهم سياساتهم الاقتصادية الوطنية مساهمة فعالة في امتصاص الأزمات  العالمية.

وتضم مجموعة العشرين كلاً من: الولايات المتحدة وتركيا وكندا والمكسيك والبرازيل والأرجنتين وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا وجنوب إفريقيا والسعودية وروسيا والصين واليابان وكوريا الجنوبية والهند وإندونيسيا وأستراليا والاتحاد الأوروبي، و​​تتناوب الدول الأعضاء على رئاسة مجموعة العشرين كل عام، وتؤدي دولة الرئاسة دورًا قياديًا في إعداد برنامج الرئاسة، وإعداد جدول الأعمال، والإشراف على الاجتماعات الوزارية والفنية، وتنظيم القمة التي يحضرها قادة الدول أو الحكومات.

وهناك تفسيرات مختلفة لتحول الاهتمام من مجموعة الثمانية إلى مجموعة العشرين، من أهمها الاعتراف من قبل قادة البلدان المتقدمة بأن بلدان الأسواق الناشئة أصبحت مؤهلة للمشاركة في قيادة الاقتصاد العالمي، من خلال ما يحققونه من معدلات نمو مرتفعة، وما يمثلونه من ثقل في الاقتصاد العالمي، تجعلهم قادرين على المشاركة في مناقشة ما يواجه العالم من مشاكل اقتصادية، وتحقيق الأهداف التنموية العالمية، كما حدث في أهداف الألفية الإنمائية ( 2000 – 2015)، وكما هو متوقع في أهداف التنمية المستدامة  (2015- 2030)، والمساهمة في تقديم الحلول والدعم اللازمين لتحقيق الاستقرار الاقتصادي العالمي.

قمة الرياض الافتراضية

في الأول من ديسمبر 2019م، تسلمت، السعودية رئاسة مجموعة العشرين من اليابان في دورتها الخامسة عشر، التي تستمر حتى نهاية الشهر الحالي 2020م، وعقدت خلالها أكثر من  15 اجتماعًا وزاريًا، تطرقت إلى العديد من القضايا الشائكة التى تواجه العالم من الناحية الاقتصادية، تمهيدًا لاجتماع القمة  المقرر له 21-22 نوفمبر 2020م، التي ستعقد في ضوء الأوضاع العالمية المرتبطة بجائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19) حيث ستبنى على ما تم من أعمال خلال وبعد القمة الاستثنائية الافتراضية لقادة المجموعة في مارس الماضي، ومخرجات اجتماعات مجموعات العمل والاجتماعات الوزارية للمجموعة التي تجاوزت مائة اجتماع.

وجاء تسلم السعودية للدورة الحالية، بعد أن استطاعت المملكة القيام بدور مهم في ضبط إيقاع الاقتصاد العالمي، واستحوذت من خلال مشاركاتها في قمة مجموعة العشرين على أهمية استثنائية، في دعم الاقتصاد العالمي، حيث نجحت منذ 2016م، في قيادة منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، نحو توقيع مجموعة اتفاقات لخفض الإنتاج مع منتجين خارج المنظمة بقيادة روسيا، والإسهام في إعادة الاستقرار لأسواق النفط التي هبطت أسعارها بشدة منتصف 2014م، كما أن لديها ثاني أكبر صندوق استثمار سيادي في العالم، بما تملكه من احتياطات نقدية دولية ، كما أنها ثالث أكبر منتج للنفط الخام في العالم بمتوسط 11 مليون برميل يوميًا في الظروف الطبيعية، وأكبر مصدر للنفط بـنحو 7 ملايين برميل يوميًا.

وقد بدأت المملكة رئاستها لاجتماعات مجموعة العشرين منذ 1 ديسمبر 2019م، وستستمر باستضافة لقاءات المجموعة حتى أواخر الشهر الحالي ( نوفمبر 2020)، مرورًا بانعقاد قمة القادة بالرياض المرتقب خلال 21-22 نوفمبر 2020م، تحت شعار اغتنام فرص القرن الحادي والعشرين للجميع.

ونظرًا لعدم وجود سكرتارية دائمة للمجموعة، فإن دولة الرئاسة الدورية تتولى بالتنسيق مع باقي الأعضاء وضع جدول الأعمال وتفعيل واستضافة الاجتماعات الوزارية، ووصولًا إلى القمَة، كما تقوم دولة الرئاسة المستضيفة بعقد عدد من الاجتماعات التي تضم الوزراء وكبار المسؤولين وممثلي المجتمع المدني، وعلى مستوى الحكومات.

 وبالتعاون مع دول المجموعة قادت المملكة دولة الرئاسة في الدورة الحالية، جهودًا دولية نتج عنها الحصول على التزامات بأكثر من 21 مليار دولار أمريكي بهدف دعم إنتاج الأدوات التشخيصية والعلاجية واللقاحات وتوزيعها وإتاحتها، وقامت بضخ أكثر من 11 تريليون دولار أمريكي لحماية الاقتصاد العالمي، ووفرت أكثر من 14 مليار دولار أمريكي لتخفيف أعباء الديون في الدول الأقل تقدمًا لتمويل أنظمتها الصحية وبرامجها الاجتماعية.

وانطلاقًا من تحقيق خطة التنمية المستدامة 2030 على مستوى الأمم ، ركزت المملكة خلال قيادتها للمجموعة على ثلاثة محاور أساسية :

1. تمكين الإنسان: من خلال تهيئة الظروف التي تمكن الجميع، لا سيّما المرأة والشباب، من العيش الكريم والعمل والازدهار.
2. الحفاظ على كوكب الأرض: من خلال تعزيز الجهود الجماعية لحماية كوكبنا، خصوصًا فيما يتعلق بالأمن الغذائي والمائي والمناخ والطاقة والبيئة.
3. تشكيل آفاق جديدة: من خلال تبني استراتيجيات جريئة وطويلة المدى لمشاركة منافع الابتكار والتقدم التقني.

 

خطة التنمية المستدامة للأمم المتحدة 2030

في 1 يناير 2016م، بدأ العمل على تنفيذ خطة التنمية المستدامة لعام 2030 التي اعتمدها قادة العالم في سبتمبر 2015م، في قمة تاريخية للأمم المتحدة ،حيث تعهدت بلدان العالم بالعمل معًا خلال السنوات المقبلة وحتى عام 2030م، على تحقيق الأهداف الجديدة التي تنطبق عالميًا على الجميع، بهدف حشد الجهود للقضاء على الفقر بجميع أشكاله ومكافحة عدم المساواة ومعالجة تغير المناخ، مع كفالة عدم التخلي عن أحد.

وتعتبر الأهداف الجديدة فريدة من نوعها من حيث أنها تدعو  جميع البلدان، الفقيرة والغنية والمتوسطة إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة من أجل تعزيز الرخاء، والعمل في الوقت نفسه على حماية كوكب الأرض، وتدرك هذه الأهداف أن القضاء على الفقر يجب أن يسير جنبًا إلى جنب مع الاستراتيجيات التي تتبنى النمو الاقتصادي، وتتناول مجموعة من الاحتياجات الاجتماعية بما في ذلك التعليم والصحة والحماية الاجتماعية وفرص العمل، ومعالجة تغير المناخ وحماية البيئة.

ماهية التنمية المستدامة

تعرف التنمية المستدامة بأنها التنمية التي تلبي احتياجات الأجيال الحاضرة دون المساس بقدرة الأجيال القادمة على تلبية احتياجاتها الخاصة، من خلال الاستخدام الأمثل للموارد المتاحة بما فيها الموارد البيئية. وتتطلب التنمية المستدامة تضافر الجهود على مستوى الدولة والأقاليم ودول العالم ككل، من أجل بناء مستقبل أفضل للناس، ولكوكب الأرض، يكون شاملاً للجميع ومستدامًا وقادرًا على الصمود.

ويتطلب تحقيق التنمية المستدامة التوفيق بين ثلاثة عناصر أساسية هي: النمو الاقتصادي حتى يزيد ما هو متاح من سبل العيش، والإدماج الاجتماعي حتى لا تستبعد فئات بعينها وتختفي عملية التهميش، وحماية البيئة.

ويعتبر القضاء على الفقر بجميع أشكاله وأبعاده شرطًا ضروريًا لتحقيق التنمية المستدامة، من خلال تعزيز النمو الاقتصادي المستدام والعادل والشامل، وتوفير المزيد من فرص العمل والاستفادة من ثمار التنمية  للجميع، والحد من أوجه عدم المساواة، ورفع مستويات المعيشة، وتعزيز التنمية الاجتماعية العادلة والإدماج، وتعزيز الإدارة المتكاملة والمستدامة للموارد الطبيعية والنظم الإيكولوجية، وتقوم أساسًا على سياسات البلدان وخططها وبرامجها الخاصة بها لتحقيق التنمية المستدامة، وتعتبر أهداف التنمية المستدامة بمثابة البوصلة لمواءمة خطط البلدان الوطنية للتنمية ووضع استراتيجيات لتعبئة الموارد وحشد التمويل، على أن يساهم جميع الأطراف ذات المصلحة (الحكومات والمجتمع المدني والقطاع الخاص وغيرهم) في تحقيق الخطة الجديدة.

أهداف التنمية المستدامة

تتألف أهداف التنمية المستدامة التي تشكل أساس خطة التنمية المستدامة لما بعد عام 2015م، من مجموعة تضم 17 هدفًا و169 غاية بعيدة المدى اقترحها الفريق العامل المفتوح باب العضوية التابع للجمعية العامة. ومع أن أهداف التنمية المستدامة ستحمل حتى عام 2030م، شعلة التنمية التي أنارتها الأهداف الإنمائية للألفية وستستخدم الهيكل القائم لمؤشرات الأهداف والغايات، فإنها أوسع نطاقًا من الأهداف الإنمائية للألفية وتشرك الشعوب والدول عبر الحدود الجغرافية والاقتصادية.

 وتبدو الأهداف السبعة عشر والغايات الـ169 مصممة لضمان بيئة مادية واقتصادية مفيدة للناس أينما كانوا، حيث توفر لهم فرص التعليم والعمل الكافية وتحرص على أن يُصبح شبابنا مواطنين أصحاء ومنتجين. وتركز أهداف التنمية المستدامة على الحد من أوجه عدم المساواة والقضاء على الفقر وحماية البيئة وترميمها، فضلا عن بناء مجتمعات مسالمة وعادلة. والأهم من ذلك أنها تقدم تبيانًا لوسائل التنفيذ، بما في ذلك التمويل والمعونة والتجارة والديون والتكنولوجيا وبناء القدرات من خلال تنشيط الشراكة (هدف التنمية المستدامة 17)، التي لا يمكن من دونها تحقيق أي من الأهداف الأخرى.

وتعتبرأهداف التنمية المستدامة، والمعروفة كذلك باسم الأهداف العالمية، دعوة عالمية للعمل من أجل القضاء على الفقر وحماية كوكب الأرض وضمان تمتع جميع الناس بالسلام والازدهار، وتستند أهداف التنمية المستدامة التي بلغت 17 هدفًا إلى ما تم إحرازه من نجاحات في تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية (2000-2015)، كما تشمل كذلك مجالات جديدة مثل تغير المناخ، والقضاء على عدم المساواة الاقتصادية، وتعزيز الابتكار، والاستهلاك المستدام، وتحقيق السلام، والعدالة.

وتعتبرأهداف التنمية المستدامة جدول أعمال شامل لأي خطة تنموية في أي إقليم أو دولة، وهي تعالج الأسباب الجذرية للفقر وتوحد أفراد المجتمع وتحشد جهودهم معا لإحداث تغيير إيجابي لكل من البشر والكوكب، وتتمتع مجموعة العشرين بالقدرة على دفع عجلة التقدم والمساعدة في دعم البلدان على طريق التنمية المستدامة.

عقد الشراكات لتحقيق الأهداف: دور مجموعة العشرين في التنمية المستدامة  

يؤكد الهدف رقم 17 دور مجموعة العشرين في تحقيق أهدف التنمية 2030  من خلال تعزيز وسائل التنفيذ وتنشيط الشراكة العالمية من أجل التنمية المستدامة ( عقد الشراكات لتحقيق الأهداف)، وهو ما يؤكد أنه لا يمكن تحقيق أهداف التنمية المستدامة إلا بالتزام قوي بالشراكة والتعاون على المستوى الدولي، وفي حين زادت المساعدة الإنمائية الرسمية المقدمة من البلدان المتقدمة بنسبة 66 في المائة بين عامي 2000 و2014م، فإن الأزمات الإنسانية الناجمة عن الصراعات أو الكوارث الطبيعية لا تزال تتطلب المزيد من الموارد والمعونات المالية، كما تحتاج بلدان كثيرة إلى المساعدة الإنمائية الرسمية لتشجيع النمو والتجارة، وإيجاد ظروف مواتية لمستقبل مستدام من خلال العمل المشترك للبلدان والمجتمعات المحلية.

 وينطوي تنشيط الشراكة العالمية من أجل التنمية المجسد في الهدف 17 على وجود رؤية مشتركة تتقاسمها البلدان والمجتمعات المحلية فيما بينها بشأن التنمية المستدامة ووجود التزام قوي بتوفير الوسائل التكنولوجية والمالية لجعل هذه الرؤية واقعًا ملموسًا.

ويبرز دور مجموعة العشرين في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، بما لها من ثقل في الاقتصاد العالمي، ودورها الفاعل في تنشيط الشراكة على الصعيد العالمي ودعم الجهود الوطنية، وقد تم الاعتراف بذلك في خطة عام 2030، باعتبارها عنصرًا هامًا من الاستراتيجيات التي تسعى إلى حشد جميع أصحاب المصلحة حول الخطة الجديدة.

ورغم عالمية خطة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، إلا أنه سيتعين على الحكومات أن تضع مؤشرات وطنية خاصة بها للمساعدة على رصد التقدم المحرز في تحقيق الأهداف والغايات خاصة مع تباين الأوضاع الحالية في كل بلد، وسوف تسترشد عملية المتابعة والاستعراض بتقرير مرحلي سنوي عن أهداف التنمية المستدامة يعده الأمين العام، كما ستضطلع الاجتماعات السنوية التي يعقدها المنتدى السياسي رفيع المستوى المعني بالتنمية المستدامة بدور رئيسي في استعراض التقدم المحرز نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة على المستوى العالمي.

وتعتبر وسائل التنفيذ – بما في ذلك كيفية تعبئة الموارد المالية اللازمة لتحقيق خطة التنمية المستدامة، سمة أساسية من سمات الخطة الجديدة، حيث ستكون هناك حاجة إلى استثمارات كبيرة في كل من البلدان النامية والمتقدمة وتتطلب هذه الخطة تعبئة موارد كبيرة مما هو متوفر من المدخرات في العالم، حيث يمثل توجيه الاستثمار بما يدعم التنمية المستدامة أمرًا حاسمًا لتحقيق أهدافها، من المصادر المحلية والدولية، وكذلك من القطاعين العام والخاص، كما ستكون المساعدة الإنمائية الرسمية ضرورية لمساعدة البلدان الأكثر احتياجًا، بما فيها البلدان الأقل نموًا، على تحقيق التنمية المستدامة.

وأكد اجتماع وزراء المالية على الحاجة إلى تقديم مساعدة مالية وتقنية للاقتصادات الناشئة التى تكافح تداعيات جائحة فيروس كورونا، كما اتفق أيضًا زعماء المجموعة على تعليق مدفوعات خدمة الدين للدول الأشد فقرًا بدءًا من أول مايو المقبل وحتى نهاية العام، فى حين ساندت مجموعة من الدائنين بالقطاع الخاص أيضًا تقديم برامج لتخفيف أعباء الديون على تلك الدول

ويمكن القول إن تعليق الديون على الدول الفقيرة، مثل صورة ساطعة على التضامن العالمي، حيث سيتيح للدول الفقيرة الاستثمار فى الرعاية الصحية بشكل فوري ودون إضاعة الوقت فى فحص كل حالة على حدة، وأكدت حكومة بكين أنها ستقدم 344 مليار دولار (311.495 مليار يورو) كدعم للاقتصاد العالمى، كما دعا الرئيس الصينى شى جينبينغ دول العشرين إلى خفض رسومها الجمركية لبعث رسالة ثقة للاقتصاد العالمي فى مواجهة تداعيات فيروس كورونا ورفع الحواجز الجمركية لتسهيل التدفقات التجارية بين دول العالم

 متابعة تنفيذ خطة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة

تتميز أهداف التنمية المستدامة ال 17 والغايات ال 169 بأنها أوسع نطاقًا مما ذهبت إليه الأهداف الإنمائية للألفية، من خلال معالجة الأسباب الجذرية للفقر والحاجة العالمية للتنمية التي تعمل لصالح الجميع. وسوف تغطي الأهداف الأبعاد الثلاثة للتنمية المستدامة وهي: النمو الاقتصادي والإدماج الاجتماعي، وحماية البيئة، كما تغطي الأهداف العالمية الجديدة مجالات أوسع، وتطمح لمعالجة عدم المساواة والنمو الاقتصادي والعمل اللائق والمستوطنات البشرية والتصنيع والمحيطات والنظم الإيكولوجية والطاقة وتغير المناخ والاستهلاك والإنتاج المستدامين والسلام والعدالة.

كما تتسم أهداف التنمية المستدامة الجديدة بأنها عالمية وتنطبق على جميع البلدان، بينما كانت الأهداف الإنمائية للألفية مخصصة للعمل في البلدان النامية فقط، فضلاً عن وجود سمة أساسية لأهداف التنمية المستدامة تتمثل في تركيزها القوي على وسائل التنفيذ – تعبئة الموارد المالية – بناء القدرات والتكنولوجيا، فضلاً عن البيانات والمؤسسات .وتعترف الأهداف الجديدة بأن التعامل مع تغير المناخ أمر أساسي لتحقيق التنمية المستدامة والقضاء على الفقر.

واستنادًا لتجارب الماضي سيتم رصد أهداف التنمية المستدامة، على مختلف الأصعدة، فعلى الصعيد العالمي، سيتم رصد ومراجعة أهداف التنمية المستدامة الـ 17 والأهداف الفرعية لها والبالغ عددها 169 هدفًا فرعيًا باستخدام مجموعة من المؤشرات العالمية. ويتولى فريق الخبراء المشترك بين الوكالات المعنية بمؤشرات أهداف التنمية المستدامة وضع إطار المؤشرات العالمية، وتمت الموافقة عليه من قبل اللجنة الإحصائية للأمم المتحدة في مارس 2016. وتم اعتمادها من قبل المجلس الاقتصادي والاجتماعي والجمعية العامة .

ولضمان الالتزام بتحقيق الأهداف تدعو التنمية المستدامة إلى وجود معيار مقبول للمعيشة لكل فرد بدون الإضرار بحاجات أجيال المستقبل، وتعمل الأمم المتحدة مع الحكومات ومنظمات المجتمع المدني لتشكيل إطار طموح للتنمية المستدامة ولخلق المستقبل الذي ننشده، بما فيه التصدي لتغير المناخ، الذي يؤثر تأثيرًا أكيدًا على مقومات التنمية في العالم.

ويتطلب تحقيق أهداف التنمية المستدامة تغييرًا فوريًا في المسار، نحن بحاجة إلى معالجة أوجه الضعف وعدم المساواة عميقة الجذور عبر الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية للتنمية المستدامة، من خلال التركيز على السياسات التي تهدف إلى عدم ترك أي شخص يتخلف عن الركب، ومعالجة الآلية التي أدت إلى عدم المساواة في تويع الثروة والدخل ووضع السياسات اللازمة لتحقيق قدر مناسب من العدالة.

وترتكز الخطوات اللازمة لتحقيق التنمية المستدامة، على استخدام التعليم والتدريب للقضاء على التمييز وإحياء الشعور بالتضامن، وتوفير التمويل المبتكر لممارسة أنشطة الأعمال الصغيرة، وإصلاح النظم الضريبية، ومكافحة التدفقات المالية غير المشروعة، وبناء القدرات وإصلاح القطاع العام، والتركيز على السلام والأمن وحقوق الإنسان والتنمية.

خاتمة

العالم يتوحد من جديد، في ظل جائحة كورونا، التي خلقت أزمة عالمية شاملة، وغير مسبوقة في التاريخ الإقتصادي، وأكدت أن العولمة وتوحد العالم لم يكن حلمًا، بل تجسيدًا لواقع، ومع حلول عام جديد في تاريخ مجموعة العشرين، برئاسة السعودية، متزامنًا مع جائحة كورونا، وما نتج عنها من تباطؤ إقتصادي، سرعان ما تحول إلى ركود ، يخشى العالم أن يطول، مهددًا إنجازات تمت على صعيد أهداف تنموية عالمية مثل مكافحة الفقر، تصبح هذه الدورة علامة بارزة في تاريخ المجموعة، التي تضم كبريات دول العالم، في التصدي لتبعات الجائحة، ووضع السياسات اللازمة لمجالهة خطر ركود شمل العالم، واستمرار سعي العالم لتحقيق أهداف التنمية المستدامة التي يسعى العالم كله لإدراكها.

مقالات لنفس الكاتب