; logged out
الرئيسية / قمة الرياض تدعم الدول الفقيرة وخيارات تستهدف ديون الفقراء وتغليب البرغماتية

العدد 155

قمة الرياض تدعم الدول الفقيرة وخيارات تستهدف ديون الفقراء وتغليب البرغماتية

الأحد، 01 تشرين2/نوفمبر 2020

تكتسب قمة مجموعة العشرين التي تستضيفها المملكة العربية السعودية افتراضيا يومي " 21، 22 " من شهر نوفمبر الجاري، أهمية كبيرة سواء من حيث توقيتها أو أجندتها، ولن نبالغ إذا ما قلنا تاريخيًا، وهذا ما سنحاول لفت الانتباه إليه من خلال هذا المقال، فالقمة ستنعقد بعد أن تجددت موجة ثانية لجائحة كورونا، وطغت الجوانب الإنسانية على الجانب السياسي، كما أنها تأتي بعد بضعة أشهر من استضافة الرياض قمة استثنائية افتراضية لدول المجموعة، خصصت لجائحة كورونا وتداعياته الاقتصادية والاجتماعية خاصة على الدول الأكثر فقرًا في العالم.

إلى أي مدى ستلامس قمة الرياض للعشرين الكبار قضايا الدول النامية الأساسية، العاجلة منها والمستقبلية؟ وكيف تبدو الحاجة إلى تأسيس جبهة متحدة للدول الصاعدة داخل مجموعة العشرين؟ وما هو دور الرياض فيه؟ وما هي النتائج المتوقعة من قمة الرياض لتطوير المجموعة وتعزيز مفهوم التعاون التكاملي بين دول المجموعة العشرين؟

نطرح تلكم التساؤلات في ضوء اتجاه اهتمامات الدول النامية إلى الرياض الآن أكثر من أي وقت مضى بعد ما نجحت القمة الاستثنائية من تشكيل جبهة متحدة لمواجهة تداعيات كورونا الصحية والاجتماعية والاقتصادية، فقد تعهدت بضخ أكثر من خمسة تريليونات دولار في الاقتصاد العالمي، وكذلك تجميد ديون الدول الأكثر فقرًا في العالم لمدة عام، بحيث تظهر قمة الرياض المقبلة، وكأنها امتداد للمتابعة والتقييم لنتائج القمة الاستثنائية بعد اندلاع الموجة الثانية لكورونا.

فأهم ما يشغل الدول النامية في لحظتها الوجودية الراهنة، بل أن كل الأهداف الـ " 17 " العالمية للتنمية المستدامة، قد أصبحت الآن في مطبخ اختبار نوايا الدول الكبرى، لأن الجائحة تضرب الآن وفي وقت واحد، بكل الأهداف التي تم الاتفاق العالمي عليها للقضاء على الفقر وصلاته الأخرى به عام 2030م، فالجائحة لن تترك للملايين من البشر في هذه الدول على وجه الخصوص الانتظار حتى ذلك العام، وهو أصلاً قد لا يتحقق لوجود مجموع عيوب في منظومة الالتزام والتنفيذ العالمي.

ولماذا الرهان على الرياض

لعدة اعتبارات أبرزها أن الرياض تظهر الآن كممثل الدول النامية للمرة الثانية على التوالي في مجموعة العشرين عندما تستضيف قمة العشرين الكبار في العالم، وهى الدولة المؤثرة في أنتاج النفط وفي تسعيره، ولديها ثاني أكبر صندوق استثمارات سيادية في العالم، والأكبر عربيًا، وواحدة من أكبر الاحتياطات النقدية في العالم، و لديها قاعدة اقتصادية - صناعية واعدة ، وهى تتجه الآن إلى جذب الاستثمارات من مختلف دول العالم ، لذلك  فهي الآن الأكثر قدرة على التعبير عن مصالح الدول النامية ، وكذلك كونها تنتمي لهذه المجموعة ضمن الأكثر نموًا.

كما أنها تشارك في اجتماعات قمة مجموعة العشرين الاقتصادية منذ دورتها الأولى في واشنطن بتاريخ 15 نوفمبر 2008م، ويتأمل منها توظيف خبراتها في تمثيل العالم النامي، والدفاع عن مصالحه في ظل أزمة كورونا، خاصة بعد ما نجحت في مارس الماضي في ظل رئاستها للقمة الاستثنائية لدول المجموعة من جمع المليارات لمساعدة الدول النامية، وتجميد ديونها لمدة عام، وقد بدا الآن أن ذلك التضامن العالمي غير كاف لإنقاذ أرواح الملايين من البشر، وكذلك إعادة دمج أغلبية الدول النامية في النظام الاقتصادي العالمي.

قمة الرياض .. وطموحات إلغاء الديون.

تتصدر الدول النامية الساحة من حيث المخاطر التي تلحق باقتصادياتها من جراء جائحة كورونا وتأثيرها الصحي خاصة والاجتماعي عامة، وهذه الدول تعاني أكثر من غيرها من تراجع حركة التجارة العالمية، فضلاً عن توقف أو تراجع عجلة الإنتاج فيها بفعل الوباء وآثاره المختلفة، كما أن هذه الدول تعاني أصلا من الضغوط المالية التي لا تتوقف، من جراء مدفوعات الديون المستحقة عليها، بينما تتصدى لتبعات الجائحة القاتلة.

ومن هذه الدول من يتصدر قائمة الأشد فقرًا على المستوى الدولي، الأمر الذي يجعل المأساة الاقتصادية مضاعفة، وقد دفع المنظمات التابعة للأمم المتحدة إلى التحذير من المخاطر الكبيرة التي تتهدد المشاريع الإنمائية في عشرات الدول الفقيرة، بما في ذلك بالطبع تلك التي تختص بالتعليم والصحة والبيئة والبنى التحتية وغيرها، وهذه قضايا، كان المجتمع الدولي قد تعهد بالقضاء عليها حتى عام 2030م، لكنه بدأ الآن أبعد كثيرًا من ذلك التاريخ.

فعاجل هذه الدول أهم من آجلها، والعاجل يتجاوز الآن تجميد الديون الأكثر فقرًا، ويدفع بقمة الرياض المقبلة إلى إبداء تضامن أعمق وأكبر مع هذه الدول، ليس الأكثر فقرًا منها كما حصل في القمة الاستثنائية الأخيرة بل حتى المتوسطة منها، فقضية هذه الدول لن تكون محدودة الزمن في عام حتى يتم التسليم بالتجميد، أو حتى عامين كما يفكر فيه حاليًا، وإنما المستهدف الآن حل إشكالية العجز البنيوي في قدرات وإمكانيات هذه الدول، وهنا نجد إلغاء جزء من ديونها هو الحل.

وهذا ما يذهب إليه مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية " أونكتاد" وذلك عندما دعا إلى إسقاط حوالي تريليون دولار من الديون المستحقة على الدول النامية في إطار اتفاق عالمي لمساعدتها في التغلب على التداعيات الاقتصادية لجائحة كورونا، أوضح في تقرير له أن حوالي 64 دولة من دول الدخل المنخفض تنفق على خدمة ديونها أكثر مما تنفقه على أنظمتها الصحية.

 وقد بلغت خدمة الدين للدول النامية ذات الدخل المنخفض والمتوسط بين " 700 " مليار و" 1،1" تريليون دولار، أما الدول ذات الدخل المرتفع فما بين " تريليونين " و"3، 2 " تريليون دولار في 2020 – 2021م، وتلكم الأرقام تتفق مع تقديرات عالمية أخرى، ووفق تقديرات منشورة، فإن الدول الأكثر فقرًا تحتاج إلى حزمة مساعدات بقيمة 2.5 تريليون دولار، وهذا يدعو قمة الرياض المقبلة إلى فتح هذا الملف من أوسع أبوابه، والتوصل إلى حلول تاريخية ترتقي إلى مستوى الأزمة التي تطال وجود الملايين من البشر.

وكانت 41 دولة من أصل 73 من أفقر دول العالم، قد تقدمت بطلب تجميد خدمة الديون، ما أدى إلى توفير ما يصل إلى تسعة مليارات دولار حتى الآن، وفقا لمنظمات “أوكسفام” و”كريستيان إيد” و”غلوبال جاستيس ناو”. وذكرت المنظمات في تقرير لها أن الدول الـ 73 لا تزال ملزمة بدفع ما يصل إلى 33,7 مليار دولار لتسديد الديون حتى نهاية العام 2020م، وهذا يكشف ما نطالب به من قمة الرياض المقبلة، وهو إلغاء جزء من ديون الدول النامية للظروف القاهرة التي تطال حياة البشرية.

 ويكفي بذلك المبرر اعتدادًا يدفع إلى إلغاء جزء من ديون الدول النامية ليس اختياريًا أو منة وإكرامية وإنما إلزاميًا كواجب إنساني، وحقها في إطار الشراكة التفاعلية في العيش المشترك والحق في الحياة، هذا بخلاف المسؤولية التاريخية للدول الغنية الغربية تجاه الدول النامية التي ابتزت ثرواتها، وساهمت في نهضتها وحضارتها، فهل تضامن قمة الرياض لمجموعة العشرين سينتقل من فكرة تجميد الديون إلى فكرة الإلغاء بعد تطورات جائحة كورونا.

قمة الرياض .. وحتميات تطوير مجموعة العشرين.

إذا ما انتقلنا من جائحة كورونا وتداعياتها الاقتصادية والاجتماعيةـ فمن المؤكد أن هناك قضايا عديدة تزاحم أولويات القمة، منها قديمة وأخرى جديدة، لكننا نرى أن كبرى الأولويات للدول النامية على وجه الخصوص، فقيرها وغنيها، تكمن في حمل قمة مجموعة العشرين على التوصل لإرادة سياسية جديدة لتطوير مجموعة العشرين، فالمجموعة هي مجرد منتدى لعرض وجهات النظر واستعراض الآراء، ويتأثر بالعوامل السياسية بين الدول الكبرى خاصة الولايات المتحدة الأمريكية والصين، وهى تحتاج إلى إعادة نظر جوهرية يتناغم مع طبيعة العالم الجديد الذي يتأسس الآن على مجموعة جبهات جيواستراتيجية متصارعة، تلوح الحرب العسكرية فيها كخيار من الخيارات المطروحة بقوة .

لذلك، فتحويلها إلى كيان مؤسسي له أمانة عامة دائمة وآليات عمل في تبني سياسات محددة وبصورة توافقية لتجنب تأثير التوترات السياسية والحروب التجارية والاقتصادية على الاقتصاد العالمي، قد أصبح من ضروريات المرحلة الراهنة، وعلى غرار الكيانات الأخرى، وفي هذا يتفق الكثير من الخبراء خاصة بعد ما أصبحت مجموعة العشرين تعنى بالاقتصاد والسياسة وكل مناحي حياة البشرية على كوكب الأرض، ولو انفتحت قمة الرياض على هذا المطلب، فسيكون ذلك حدثًا تاريخيًا يحسب لمقر الاستضافة.

 فهذه المجموعة مسؤولة عن استتاب الأمن والاستقرار الإقليمي والعالمي، وفي تحقيق النمو الاقتصادي العالمي والتنمية المستدامة، وكل شيء يهدد البشرية مثل، ارتفاع درجات الحرارة ومعدلات التلوث نتيجة لتزايد الانبعاثات الحرارية من جانب الدول الصناعية الكبرى، وتزايد معدلات الفقر العالمية واتساع الفجوة الاقتصادية بين الدول الغنية والدول الفقيرة وتنامى مشكلات المهاجرين واللاجئين ومشكلات التصحر والجفاف والأمراض .. الخ كلها قد أصبحت دول مجموعة العشرين مسؤولة عنها في ظل تزايد حجم التنافس فيما بينها، ووقت الأزمات مثل كورونا تتعاظم مسؤوليتها.

والتسليم بفكر تطوير مجموعة العشرين، تتناغم مع سياقات التطور الذي عرفته مجموعة العشرين، فقد تأسست بهدف تقوية النظام المالي العالمي، ومن ثم شملت الاقتصاد والسياسة والتنمية، وأصبحت تضم أهم الدول الصناعية الصاعدة، كالهند، والبرازيل، والسعودية، والأرجنتين، وتركيا .. من هنا يستوجب التفكير في إعادة تنظيم المجموعة لتواكب التطورات والتحديات الجديدة.

وهذه التحديات تلقي بظلالها كذلك على الدول الصاعدة إذا ما ظلت في تخندقها العالمي بصورة منحازة دون أن تنفتح وببرغماتية على مجموع مصالحها الاقتصادية على المدى البعيد، مثلما يفعل منذ عدة سنوات حلفاء واشنطن الاستراتيجيون مثل بريطانيا وفرنسا التي أصبحت تتعاطى مع المبدأ البرغماتي في ظل تزايد رفض الدول للهيمنة الأمريكية على الاقتصاد العالمي ومؤسساته المالية، فاتجهت إلى الصين التي تقدم عروضًا مغرية لاقتصادياتها خاصة بعد ما تبنى ترامب سياسة الانغلاق " أمريكا أولاً " على عكس الصين التي تقود التوجه الليبيرالي الاقتصادي في إطار منظومة تعاونية قائمة على أسس التشارك والتكامل، وإذا لم تغير واشنطن من

ادارتها للاقتصاد العالمي، فستجد نفسها تصارع بكل قوتها للبقاء على الوضع الحالي، ولن تتمكن، فالعالم يتغير الآن بسرعة زمنية غير مسبوقة، لذلك نتوقع مفاجآت في الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة لمواجهة مثل هذه التحديات بإدارة جديدة لن تفرط في شركائها الاستراتيجيين للصين.

  تشكيل جبهة متحدة من الدول الصاعدة.

مهما كانت نتيجة انتخابات الرئاسة الأمريكية المقبلة، سواء ظل ترامب في السلطة أو جاء بايدن، فإن الاحتكام إلى البرغماتية يحتم تشكيل جبهة متحدة من الدول الصاعدة في مجموعة العشرين، على أن تكون قمة الرياض منطلقها السياسي،  وهذا يستوجب عليها تنحية خلافاتها السياسية، والتفكير بتجرد وعقلانية في المستقبل ، وهنا نتطلع من الرياض قيادة هذا التوجه، وفتح قناة حوار مع دول مثل الهند والبرازيل والأرجنتين وجنوب أفريقيا وتركيا لتشكيل هذه الجبهة، بعيدًا عن خلافاتها السياسية، على أن تكون تشكل في وقت لاحق، قناة موازية لحل هذه الخلافات أو وضع إطار لقبول الخلافات والاختلاف دون أن تؤثر على مصالحها الاقتصادية .

لو اتفقت تمكنت هذه الدول من تنحية الخلافات السياسية، والتركيز على القضايا التي تهمها وتشغل العالم النامي، سيكون الطريق أمامها مفتوحًا للتأثير على  سياسات الدول الصناعية الكبرى، فمن مصلحة الدول النامية أن يكون الاقتصاد العالمي مفتوحًا خاليًا من الحروب التجارية والرسوم الضريبية، ولن نبالغ إذا ما قلنا أنها يمكن أن تدير إيجابًا الحرب التجارية بين واشنطن وبكين اللذان يستحوذان على أكثر من 40% من الاقتصاد العالمي، وكذلك الحرب التجارية بين واشنطن وأوروبا بعد فرض أمريكا رسوم جمركية على الصادرات الأوروبية لأمريكا من الصلب والألومنيوم، بنسب 25% و15% على التوالي، حيث ستشكل القوة الثالثة الوسطية التي تحسم المصالح وترجحها .

 

آن الأوان للدول النامية الصاعدة أن تنتصر لفلسفة التجارة الدولية وحركة الاقتصاد العالمي ومفهوم حرية التجارة بين الدول، فكل ما يحدث بين الدول الكبرى، يمس جوهر حرية التجارة والأسواق المفتوحة وانسياب السلع والخدمات ورأس المال عبر الحدود، مما تقف الحروب التجارية والسياسات الحمائية عائقًا كبيرًا أمام انطلاق مجموعة العشرين وتحقيق أهدافها التي أنشأت من أجلها في عام 1999م.

 

وأمام الدول الصاعدة فرص عديدة للنجاح اذا ما حاولت أن تستغلها الآن على وجه التحديد، فأكبر دولتين في العالم، وهما واشنطن وبكين، تعيشان حالة قلق مرتفعة من بعضهما البعض، وبينهما سابق تاريخي نحو الاستفراد بالقمة الاقتصادية عالميًا ، ومنذ مجيء ترامب للسلطة، ورفعه شعار " أمريكا أولا " فقد ظهرت واشنطن، وكأنها كفرت بمبادئ الحرية الاقتصادية التي آمنت بها، وفرضتها عالميًا من خلال منظمة التجارة العالمية ونظام العولمة، وبسبب خلافات واشنطن مع حلفائها نجم عنها ولادة مسارات عالمية جديدة، لها نتيجتان هما، إما سحب البساط من تحت أقدام أكبر قوة اقتصادية عالمية، وهى أمريكا " أو شن الحرب لوقف الهيمنة التجارية الصينية على العالم الجديد.

 

لن تترك واشنطن الصين تستفرد بالقمة الاقتصادية، وسحب حلفائها منها، علما بأن بكين قد قطعت أشواطا كبيرة ، فمنذ عام 2017م، كشفت عن نيتها استخدام قوتها العسكرية لحماية مصالحها الخارجية، وذلك عندما عدلت مواد دستورية تسمح باستخدام جيشها في الخارج لحماية مشروعها الاقتصادي الضخم عابر الحدود " الحزام والطريق " وقد أنشأت له المؤسسات المالية الداعمة، كبنك بريكس والبنك الآسيوي، جذبت اليها دول كبرى مثل ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا وأستراليا، وأخرى صاعدة، كالبرازيل وجنوب إفريقيا والهند وروسيا، ومعظم تلكم الدول تدور في الفك الأمريكي.

فهذه المؤسسات المالية الصينية، ونجاح بكين في استقطاب دول نامية وعالمية كبرى لهذا النظام الوليد، بدا المشهد وكأنها – أي بكين -تؤسس نظامًا ماليًا عالميًا جديدًا يوازي أو يكون على حساب النظام المالي العالمي الذي تقوده مؤسسات صندوق والبنك الدوليين، فالمؤسسات المالية الصينية توفر التمويل المالي عالميًا من منطلقات الشراكة والتعاون التكاملي، وهو ما جعلها تخترق دول نامية وصناعية كبرى، وهذا ما يثير حفيظة أمريكا.

 

ومن هذه المتناقضات العالمية، تكمن هوامش دول النامية الصاعدة، عبر اقناع واشنطن بضرورات إصلاح الصندوق والبنك الدوليين، كمحاولة لإصلاح النظام المالي العالمي، وجعله أكثر تمثيلاً وعدالة كجزء من مساعي واشنطن للحفاظ على شركائها ، وكذلك يمكن أن تستخدمه كتلويح بتقويض نجاح الصين، واذا ما نجحت الدول الصاعدة في الوصول إلى صناعة قرارات الصندوق والبنك الدوليين، فأنها ستؤثر في شروطهما وفي لعبة اتخاذ قراراتهما عوضًا عن سيطرة الدول المتقدمة عليها وبالذات واشنطن، وستجعل من الفرص التنموية للدول النامية وبالذات الأكثر فقرًا ، مواتية وأكثر مراعاة لظروفها البنيوية.

 هل لدى الدول الصاعدة هاجس تغيير مؤسسات بريتون وودز التي وضعت قواعدها وشروطها لتتماشى مع النفوذ ومصالح الدول الاستعمارية أم إصلاحها؟ نطرح التساؤل بغية إثارة الوعي السياسي للدول الصاعدة في مجموعة العشرين، وتحويل بوصلتها الآن إلى هذه المسارات قبل انعقاد قمة الرياض لمجموعة العشرين، والفرص مواتية سواء للرياض لقيادة مجموعة الدول الصاعدة أو لهذه الأخيرة لكي تكون أداة جماعية للتغيير في مرحلة دولية تتأسس على المصالح من منظور جيواستراتيجي جديد، مما يصبح فيه قوة الدول الصاعدة ممكنة إذا عرفت كيف توظفها؟ ومتى؟  انطلاقًا من تجاربها السابقة، ومن منظور أن المجتمع الدولي في مرحلة التغيير، وإمكانية التأثير فيه متاحة، وأن كل ذلك، يستوجب فهمًا جديدًا وواعيًا للتعاطي معه، ومن خلال تغليب مبدأ البرغماتية فقط.

مقالات لنفس الكاتب