array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 156

المنظمة الإقليمية لغاز شرق المتوسط: الفرص والتحديات والآثار على الخليج العربي

الأحد، 29 تشرين2/نوفمبر 2020

في 22 سبتمبر اتفق وزراء منتدى “غاز شرق المتوسط” على تحويل المنتدى إلى منظمة إقليمية مقرها القاهرة وفق ميثاق جديد لتصبح رسميًا منظمة حكومية Intergovernmental Organization للغاز بمنطقة شرق البحر المتوسط حيث تضم في عضويتها ست دول هي مصر، والأردن، وإسرائيل، وإيطإلىا، وقبرص، وإلىونان. وتسعي هذه المنظمة لاكتساب دور فيما يتعلق بقضايا الغاز إقليميًا ودوليًا من حيث العرض والطلب والتسعير وخطوط النقل وغيرها. والمنظمة ملتزم باحترام حقوق الدول الأعضاء ورعايتها بما يتفق مع القانون الدولي وهو ما سيوفر مناخاً إيجابياً ويدعم الاستقرار والأمن في شرق المتوسط.

وقيام هذه المنظمة يعني ببساطة تبلور تحالف إقليمي اقتصادي سياسي جديد يمكن أن يغير من توازنات القوى السائدة حإلىا في المنطقة، ويمكن من محاصرة نفوذ القوى المناوئة. وهذا يعني انعزال تركيا عن المشاركة حإلىاً، وربط أي دور لها في المنطقة بقبول الأطراف المشاركة لعضويتها. حيث تشهد المنطقة تصعيدًا بين تركيا والدول الأوروبية كنتاج للسياسات الاستفزازية لتركيا تجاه إلىونان وقبرص وقيامها بأعمال تنقيب غير مشروعة في المنطقة؛ مستهدفة فرض مصالحها على الجميع متحدية بذلك كافة القواعد القانونية والأعراف الدولية لاحترام سيادة وحقوق الدول.

إن اختيار القاهرة مقرًا للمنظمة الجديدة يعنى تقديراً من الدول المشاركة لمصر، وهو أمر يضاف إلى رصيدها الإقليمي والدولي بصفة عامة في مواجهة القوى الإقليمية المنافسة.

فرص نجاح المنظمة

في الواقع تمتلك المنظمة عوامل عديدة تدفعها للنجاح وتحقيق أهدافها. يستطيع الكاتب إيجازها في النقاط التإلىة:

  1. اكتشافات واحتياطيات الغاز الطبيعي

منذ عام 2009م، تتوالى اكتشافات الغاز الطبيعي بمنطقة شرق المتوسط، فقد كانت البداية مع اكتشاف إسرائيل لحقلي "تمار وليفثيان"، واكتشاف قبرص لحقل "أفروديت". وأخيرًا اكتشاف مصر لحقل "ظهر" وهو الحقل الأكبر بالمنطقة والذي قًدِرت احتياطاته بنحو 30 تريليون قدم مكعب. وفي إطار توإلى تلك الاستكشافات، قدرت هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية من قبل احتواء حوض شرق البحر المتوسط حوإلى 340 تريليون قدم مكعبة من الغاز الطبيعي.

  1. ترسيم الحدود

يعد ترسيم الدول الأعضاء لحدودها الاقتصادية من العوامل الدافعة نحو ضمان نجاح المنظمة. فبخلاف فلسطين، تم توقيع العديد من الاتفاقيات الثنائية ما بين دول المنطقة، حيث تم التوقيع بين مصر وقبرص عام 2003 وعام 2014م، مصر وإسرائيل عام 2005م، قبرص ولبنان عام 2007م، قبرص وإسرائيل عام 2010م، إيطإلىا وإلىونان يونيو 2020م، وأخيرًا مصر وإلىونان أغسطس 2020م.

  1. دعم القوى الكبرى

يضاف إلى فرص نجاح المنظمة ما تلقاه المنتدى من دعم دول كبرى كالولايات المتحدة وفرنسا. ففي السادس عشر من يناير 2020م، تم الإعلان عن طلب فرنسي بشكل رسمي بشأن الانضمام إلى عضوية المنتدى، كما أبدت الولايات المتحدة رغبتها هي الأخرى في الانضمام إلى للمنظمة كمراقب بصفة دائمة. ويرتبط الدعم الأمريكي للمنظمة بالرغبة في تحجيم النفوذ الروسي النابع من كون الأخيرة المورد الرئيسي للطاقة إلى أوروبا، حيث تقوم روسيا وحدها بتصدير حوإلى 40% من الاحتياجات الغازية للدول الأوربية.

  1. احتياجات السوق

على الرغم من إدراك أهمية الغاز الروسي بالنسبة للجانب الأوروبي من حيث كونه أرخص ومتوفر بشكل أكبر من خلال طرق إمداد متعددة، لكن تظل الدول الأوروبية في حاجة إلى تنويع وارداتها الغازية، وعدم البقاء رهينة لاحتمال انقطاع إمدادات الغاز الروسي عنها في حال حدوث تقلبات سياسية كتلك التي جرت سابقًا ما بين روسيا وأوكرانيا والتي كانت كفيلة بتعديل الاتحاد لاستراتيجيته الساعية نحو تنويع مصادر الحصول على الغاز وتوسيع خطوط الإمدادات الأمنة معقولة التكلفة من مناطق أخرى كغاز شرق المتوسط. هذا بالإضافة الى تنامي أهمية الغاز كمصدر للطاقة في كافة أنحاء العالم ومن المتوقع استمرار أهميته على الصعيد العالمي كمصدر للطاقة حتى عام 2040م، طبقًا لتقديرات وكالة الطاقة الدولية.

  1. البنية التحتية

تعد ما تمتلكه الدولة المصرية من محطات تسييل ميزة أخرى تضاف إلى فرص نجاح المنظمة حيث تمتلك مصر محطتي تسييل للغاز في أدكو ودمياط بطاقة إنتاجية تصل إلى 17 مليون طن سنويًا (نحو 12.5 مليار متر مكعب). تخطط مصر من خلال تلك المحطتين إلى تصدير الغاز إلى أوروبا أو إلى أي منطقة أخرى حيث يتم نقل الغاز المسال من كلتا المحطتين عبر الناقلات البترولية.

كما سيُمكن القرب الجغرافي للحقول المصرية والقبرصية والإسرائيلية من إنشاء بنية تحتية إقليمية تنافسية لتصدير الغاز، يرتكز الاعتماد فيها على محطات التسييل المصرية. وبذلك ستتمكن الدول الثلاث من التصدير الفوري لكميات كبيرة من الغاز بمجرد تغطية جميع الاحتياجات المحلية. كذلك يمكن من خلال تلك المحطات تصدير الغاز ليس فقط إلى السوق الأوروبية أو أي سوق بالمنطقة، وإنما يمكن تصدير الغاز إلى أي منطقة بالعالم. بالإضافة إلى ذلك، في حالة ظهور كميات إضافية من الغاز للتصدير في المستقبل، يمكن توسيع كلتا المحطتين، من خلال إضافة وحدات جديدة للتسييل عند الحاجة إلى ذلك، وهو ما يعد أقل تكلفة بكثير من بناء محطات جديدة للتسييل في إسرائيل أو قبرص، إذ تُقدر تكلفة إنشاء المحطة حإلىا بنحو 7 مليارات دولار.

وفي هذا السياق، وقعت مصر بالفعل اتفاقيات مع دول أخرى لاستيراد فائضها من الغاز، بهدف إسالته ثم تصديره، فاتفقت مع قبرص على إنشاء خط أنابيب من حقل "أفروديت" إلى مصر بتكلفة تصل لمليار دولار. كما وقعت مع إسرائيل اتفاقية مدتها 10 سنوات لاستيراد ما قيمته 15 مليار دولار من الغاز الطبيعي المستخرج من حقلي "تمار وليفياثان".

  1. اتفاقية باريس لتغير المناخ

يتجه العالم خلال المرحلة الحإلىة نحو تقليل الاعتماد على مصادر الطاقة ذات الانبعاثات الكربونية الكبيرة كالنفط والفحم والاتجاه نحو توسيع استهلاك الغاز الطبيعي والطاقة المتجددة في المقابل. وفي هذا الإطار، تتوقع الوكالة الدولية للطاقة أن يرتفع الطلب العالمي على الغاز حتى عام 2040م. وفي ضوء الطلب المتزايد على الطاقة في جميع أنحاء العالم، يمثل الغاز الطبيعي البديل الهيدروكربوني الملائم خلال عملية الانتقال إلى أسواق الطاقة الخإلىة من الكربون نظرًا لمزاياه البيئية وخاصة انبعاثاته الكربونية الأقل من الفحم والنفط وبالتإلى المساهمة في تحقيق التزامات اتفاقية باريس لتغير المناخ.

التحديات أمام المنظمة

على الرغم من تعدد الفرص الدافعة نحو نجاح المنظمة ولكن تظل هناك مجموعة من التحديات التي قد تقوض من زخم عمليات الاستكشاف، وتعرقل أعمال الشركات الدولية بما قد يؤثر بالسلب على الطاقة الإنتاجية لحقول دول المنطقة. لعل من أبرز تلك الأسباب:

  1. عدم الاستقرار بدول مشاطئة لمنطقة شرق المتوسط كسوريا وليبيا.
  2. غياب ترسيم الحدود البحرية ما بين إسرائيل ولبنان.
  3. النزاع الفلسطيني الإسرائيلي الممتد والذي انعكس بدوره على عرقلة الجانب الإسرائيلي لأعمال الإنتاج داخل الحقول الفلسطينية (غزة مارين1، مارين2)، وتقويض إسرائيل أيضًا لأي محاولات من شأنها تطوير تلك الحقول أو تصدير الناتج عنها إلى الأسواق العالمية.
  4. تبرز تركيا كتحدٍ رئيسي آخر معرقل لأي نشاط تعاوني بالمنطقة بشكل عام، ولأنشطة المنظمة على وجه التحديد. فمنذ توإلى الاكتشافات الغازية بمحيط منطقة شرق المتوسط وغياب تركيا عن خريطة تلك الاكتشافات، صعّدت تركيا من تحركاتها الاستفزازية، والتي من شأنها الاستحواذ –بشكل غير شرعي-على أكبر قدر من الموارد الغازية ومحاولة إصباغه الشرعية المفقودة. وبناءً علىه، وضعت تركيا رؤيتها الخاصة إزاء ترسيم حدودها البحرية بمنطقة شرق المتوسط والتي اقتطعت في إطارها أجزاء من المنطقة الاقتصادية القبرصية.

لم يتوقف الأمر عند حد ترسيم الحدود بمخالفة القانون الدولي، بل انتهجت أيضًا منحى تصعيديًا بالمنطقة حيث توقيف البحرية التركية لسفن الشركات الدولية العاملة بالمنطقة، علاوة على إجراء مناورات عسكرية، ومرافقة سفن عسكرية لسفن التنقيب التي تعمل في غير مناطق تركيا الاقتصادية.

وأخيرًا، عاودت تركيا العمل على إضفاء الشرعية على تحركاتها الاستكشافية والتصعيدية بالمنطقة، وذلك عبر توقيعها في نوفمبر 2019م، مذكرتي تفاهم مع حكومة الوفاق الليبية متعلقة بتأطير التعاون الأمني والعسكري، وتحديد مناطق السيادة البحرية. يُنظر إلى هذا الاتفاق باعتباره انتهاكًا للسيادة البحرية لكل من إلىونان وقبرص نظرًا لتواجد كليهما بمنتصف طريق الحدود التي يحاول الاتفاق تحديدها. لا ينصرف أمر الاتفاق عند حد انتهاك سيادة الدول، وإنما يستهدف الاتفاق بالأساس إلى اختراق منطقة شرق المتوسط وكسر العزلة المفروضة على الجانب التركي والتي نتجت بشكل أساسي عن المنتدى وعرقلة إن لم يكن منع كافة المشاريع المنبثقة عنه، وبالأخص مشروع أنابيب “ايست ميد”.

آثارها على الخليج

يمكننا تقسيم الخليج إلى مجموعتين رئيسيتين هما أولاً الدول الخليجية المصدرة للغاز أي قطر وإيران وثانيًا الدول الخليجية غير المصدرة للغاز أي السعودية والكويت والبحرين والإمارات وعمان.

ففي الخليج العربي نجد أن قطر وإيران هما الدول التي تمتلك إمكانات غازية ويقوما بالتصدير. وبالفعل هيمنت قطر منذ الثمانينات على السوق العالمي للغاز المسال، نتيجة عدد من العوامل المتشابكة أولها اكتشاف حقل الشمال عام 1971م، الذي تتشاركه مع إيران والذي يعد الحقل الأكبر في العالم للغاز المنفصل "أي غاز دون نفط"، ثانيًا ارتفاع الأهمية النسبية للغاز المسال نهاية القرن الماضي في الدول الصناعية في آسيا خاصة اليابان والصين وكوريا الجنوبية وتايوان.

لكن لا تمتلك الدول الخليجية المصدرة للغاز "إيران وقطر" والإقليمية الفاعلة "تركيا" لمنشآت تسييل الغاز مما أضاف تحديًا آخر أمام الخطط الطموحة لهذه الدول نحو لعب دور إقليمي في تجارة وتداول الغاز وخاصة التصدير لأوروبا. كما يُلاحظ تحييد تركيا، عن أي معادلة في خرائط الغاز الناشئة من منطقة شرق المتوسط وصولاً للسوق الأوروبية، وهو ما يفسر اتجاه أنقرة لإبرام اتفاقية غير قانونية مع حكومة الوفاق الليبية، لتحاول بها ليس فقط قطع مشاريع الترسيم البحري والربط بين القاهرة وأثينا، ولكن أيضًا محاولة قطع مشاريع خطوط الغاز المتدفق لأوروبا من كل من إسرائيل وقبرص والمار عبر جزيرة كريت.

لكن بلا شك أن تحولاً جديدًا تشكلت ملامحه مؤخرًا بعد الاكتشافات الجديدة خاصة في شرق المتوسط وتوقيع ميثاق منظمة غاز شرق المتوسط. بالإضافة إلى استعادة مصر دورها الإقليمي ومكانة رائدة في صناعة الغاز المسال نظرًا لما تمتلكه من بنية تحتية عملاقة لتسيل الغاز إضافة إلى التوسع المصري في صناعة النفط والبتروكيماويات الأمر الذي سوف يعطيها ميزة نسبية تتفوق بها على منافسة الهيمنة القطرية.

مشاريع أنابيب الغاز القديمة من الخليج لأوروبا

بدأ التفكير القطري بتدشين خط غاز يمر بسوريا ومن ثم إلى أوروبا عام 2000م، وعرضت قطر تنفيذ هذا المشروع الذي يتكلف 10 مليارات دولار، حيث يمتد لمسافة 1500 كم عبر كل من السعودية والأردن وسوريا وتركيا وصولاً إلى أوروبا، وقد دعمت الولايات المتحدة فكرة المشروع للنيل من هينمة روسيا على سوق الغاز الأوروبي الذي تستخدمه كورقة ضغط على الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو، كذلك دعمت تركيا الفكرة نفسها وذلك بحكم التعاون الاستراتيجي التركي ـــ القطري في مجالات الغاز، كما تستفيد تركيا من مرور الغاز بأرضيها سواء ذلك للاستهلاك المحلي أو الاستفادة من رسوم العبور، إلا أن الفكرة أجهضت من سوريا بقيادة الرئيس بشار الأسد عام 2009م، وربما كان هذا من عوامل إفراز قاعدة مشتركة وتلاقي مصالح الدول الثلاث (تركيا- قطر- الولايات المتحدة) فيما يخص إسقاط النظام السوري.

وتعد سوريا المعبر الوحيد للغاز الخليجي إلى أوروبا إذ حاولت إيران الشريك القطري في حقل الشمال، تشييد خط الأنابيب الإسلامي، ليمر بكل من ميناء عسلوية ويمتد بطول 2000 كليو متر عبر العراق وسوريا ولبنان، بطاقة شحن 20 مليار متر مكعب من ساحل البحر المتوسط أما عن طريق خط أنابيب إلى تركيا وأوروبا أو عن طريق الشحن البحري، وهو ما يفسر التمسك الإيراني بدعم واستمرار النظام السوري وسيطرة المليشيات الإيرانية على الجنوب السوري الذي يمثل أهمية كبري بشكل يمكن أن يجعل إيران أكبر مصدري الغاز في العالم حال تخطي العقوبات الدولية المفروضة عليها، وانتهاء الصراع على الأرضي السورية.

ومع تفاقم الصراع بين المشروعين الإيراني والقطري في سوريا، دخلت روسيا حرب الغاز في الشرق الأوسط، حاسمة الصراع السوري لصالحها، لتتخلص بذلك من احتمالات منافسة الغاز الإيراني والقطري لسوق الغاز الروسي في أوروبا، خاصة بعد السيطرة الروسية على الغاز السوري في البر والبحر، بعدما أكدت البحوث السيزمية أن احتياطيات غاز شرق المتوسط في الحدود السورية يكفيها أن تكون من أكبر المناطق المنتجة للغاز. بذلك تعد روسيا صاحبة المكسب الأكبر من كل الحسابات الخاطئة من أطراف الصراع على المسرح السوري بعدما خسرا المشروعين الإيراني والقطري أهدافهم بتصدير الغاز إلى أوروبا.

ومن جانب أخر نستطيع فهم أهمية الغاز لقطر من خلال تصريح الرئيس السوري بشار الأسد في ديسمبر من العام 2016 "بأن رفض سوريا مد خط أنابيب اقترحته قطر أحد أسباب اندلاع الحرب في سوريا في العام 2011م"، وأضاف الأسد في لقائه مع صحيفة “ال جورنالي” الإيطالية: “كان هناك خطان سيعبران سوريا، أحدهما من الشمال إلى الجنوب يتعلق بقطر، والثاني من الشرق إلى الغرب إلى البحر المتوسط يعبر العراق من إيران، كنا نعتزم مد ذلك الخط من الشرق إلى الغرب”. لكن طول أمد الاقتتال المسلح داخل الأراضي السورية، ونجاح الحكومة السورية في تثبيت نفسها كطرف دائم في معادلات التسوية دفعت لاستحالة أن تكون سوريا “عقدة الوصل” لخطوط الطاقة الناشئة.

كما حاولت قطر القضاء على أي احتمالات لظهور منافسين لها كواحدة من أكبر الدول المصدرة للغاز، خاصة الغاز الليبي والجزائري. إذ حاولت الحصول على حق امتياز حقل NC7 عام 2009م، إلا أن نظام القذافي أجهض المشروع فحاولت قطر بالشراكة مع فرنسا العمل على إجهاض خطط النظام عبر حث  فرنسا وحلف الناتو على التدخل في ليبيا إبان الربيع العربي، وبعد سقوط القذافي لا تزال هناك رغبات قطرية وتركية تجاه حقول الغاز الليبية في شرق المتوسط، إلا أن فرنسا نجحت في السيطرة على 35% من الغاز الليبي، حتى جاء السراج رئيسًا لحكومة الوفاق الذي منح قطر الحقوق الحصرية لتسويق إنتاج حقلي السرير ومسلة اللذان يمثلان 20%  من الغاز الليبي، خاصة بعد الاكتشافات المصرية ومن هنا نجد مبرر للخلافات الفرنسية من جانب والتركية القطرية من جانب آخر حول الملف الليبي.

نخلص مما سبق أنه بلا أدنى شك سوف تؤدي الاكتشافات في شرق المتوسط إلى خروج أو تقليص إمدادات الغاز القطري إلى السوق الأوروبي نظرًا لقرب المسافة الجغرافية والربط السياسي بين المنطقة وأوروبا. وبالتالي ستتركز الصادرات القطرية تجاه الدول الآسيوية خاصة الدول التي تزيد نسبة وارداتها إلى أكبر من 20 مليون طن سنويًا وهم اليابان والصين وكوريا الجنوبية والهند وأغلب هذه الدول قلصت وارداتها مؤقتا بسبب أزمة جائحة كورونا.

وعلى الجانب الآخر بالنسبة لدول الخليج الأخرى فأمامها فرصة للتعاون خاصة في ظل الخلاف الخليجي القطري وانحيازها للجانب المصري. فليس بغريب أن نجد اقتراح من تل أبيب بانضمام دولة الإمارات إلى منظمة غاز شرق المتوسط، رغم أنها لا تطل على البحر المتوسط فبعد توقيع اتفاقية التطبيع في سبتمبر 2020م، تدور مباحثات بخصوص التعاون في ربط شبكات الكهرباء وتطوير سوق الغاز الطبيعي للصادرات عبر خطوط الأنابيب إلى أوروبا.

فعلى الرغم مما يبدو من تحديات مواجهة المنظمة، لكن تشير أغلب التحليلات الخاصة بمستقبل الغاز بالمنطقة إلى أن المسار الخاص بإنشاء سوق للغاز بشرق البحر المتوسط ​​على أساس البنية التحتية القائمة للغاز الطبيعي المسال في مصر يعد المسار الاقتصادي والأكثر منطقية؛ وذلك نظرًا لما للأمر من فوائد اقتصادية وتجارية لجميع الدول في منظمة غاز شرق المتوسط.

فضلًا عن فرصة تجنبه لأي توترات جيوسياسية محتملة مرتبطة بالنزاعات الإقليمية القائمة. كذلك، فإن هذا المسار من شأنه أن يوفر لموردي الغاز في شرق البحر المتوسط ​​مرونة فيما يتعلق بأسواق المقصد في المستقبل حيث عدم الاعتماد فقط على المستورد الأوروبي وإنما هذا من شأنه فتح المجال أمام تصدير الغاز إلى أي جهة بأنحاء العالم. كما تعد المنظمة البديل الأنسب لدول الخليج العربي (بخلاف قطر وإيران) للانضمام وتصدير أية فوائض محتملة بأراضيهم من الغاز الطبيعي لأوروبا عبر القاهرة.

مقالات لنفس الكاتب