; logged out
الرئيسية / تصدرت السعودية 146 دولة كأفضل الدول في مؤشر الاقتصاد المعرفي منذ عام 2000

العدد 156

تصدرت السعودية 146 دولة كأفضل الدول في مؤشر الاقتصاد المعرفي منذ عام 2000

الأحد، 29 تشرين2/نوفمبر 2020

يعد القرن الحالي زمن الابتكارات المتسارعة، والتغيرات التقنية المتطورة، في مواجهة العديد من التحديات التي يواجهها العالم، والتي تهدد فرص النمو والتنمية، والتغيرات المناخية الناجمة عن عمليات التصنيع، والمخاطر البيئية الناجمة عن الإفراط في استخدام الموارد الناضبة، والتي أضيف لها تداعيات جائحة كوفيد – 19 مؤخرًا.

 

     وتخلق هذه الحقبة المليئة بالتحديات والتطور المستمر، مزيجًا من الفرص والتهديدات للاقتصاد السعودي، تحتم ضرورة تدعيم التحول من اقتصاد ارتكز لفترات طويلة على الموارد الطبيعية، إلى اقتصاد متنوع، قائم على مدخلات المعرفة والابتكارات التقنية، فضلاً عن تزايد الحاجة إلى منتجات حديثة ترتكز على التقنية، في ظل اشتداد حدة المنافسة في الأسواق العالمية المفتوحة، حتى يمكن رفع القدرات التنافسية لعدد من المنتجات الحديثة، وتنويع هيكل الاقتصاد الوطني ومصادر الدخل، والمحافظة على مستوى معيشي مرتفع للمواطنين.

 

     ورغم ما تملكه المملكة من قدرات وموارد طبيعية وبشرية، وما حققته من إنجازات في مجالات التعليم العالي وبناء القدرات البحثية ومراكز التميز البحثي، إلا أن استغلال تلك الطاقات والموارد وما توفره من نقاط القوة، رهن بتحويلها إلى مدخلات معرفية وتقنية في العمليات الإنتاجية، حتى يمكن تحقيق مزايا تنافسية للصناعات والمنتجات الجديدة، وهو ما يتطلب بالضرورة سد الفجوة ما بين نتائج البحوث والابتكارات ومخرجاتها من التقنية، وبين استغلالها تجاريًا في منتجات متطورة.

وفيما يلي نعرض لموقع الاقتصاد السعودي في كل من: مؤشر قياس قدرات الاقتصاد الكلي (مؤشر التنافسية)، مؤشر اقتصاد المعرفة (رأس المال غير الملموس)، ومؤشر الابتكار العالمي Global Innovation Index، ثم نقدم مقترحًا لخطة عمل نحو الاقتصاد المعرفي في المملكة. 

 

أهمية المعرفة والابتكارات في الاقتصادات المعاصرة

ستظل المعرفة knowledge، وتطبيقاتها التقنية، ممثلة في الابتكارات وتكنولوجيا المعلومات، والرقمنة، والذكاء الاصطناعي، هي السمة الأصيلة لما حدث من تحولات معاصرة في طبيعة النشاط الاقتصادي، ومدخلاته، ومخرجاته من السلع والخدمات، والتحول إلى عالم افتراضي في شتى مجالات الحياة، من عمل وإنتاج واستهلاك واستثمار وتصدير وتجارة، وفي توفير الخدمات الحكومية، وتشكيل نمط الحياة المعاصرة للأفراد.

وتشكل نتائج الثورة الصناعية الرابعة ركيزة التحولات المعاصرة في الاقتصاد العالمي، من خلال توليد تقنيات جديدة كثمرة من ثمار البحث العلمي، والابتكارات التقنية، حيث ظهرت تقنيات الذكاء الصناعي والنانو تكنولوجي، والتقنية الحيوية، والتقنية الرقمية والبيانات الكبيرة، والربط يينها، ومن أهم مخرجاتها، السيارات ذاتية القيادة، الروبوتات، وتعليم الآلات، والتحكم في الجينات، وتطبيق الطباعة الثلاثية الأبعاد في الصناعة والإنتاج.

ولعل من أهم نتائج الثورة الصناعية الرابعة أن عنصر العمل التقليدي في منظومة الحياة الاقتصادية، بات على أبواب الزوال، فاليوم الآلات تقوم بما نقوم به نحن، ومع الوقت سنستثمر المعرفة كمصدر مجاني للكسب، نبيع الكهرباء التي تتولد من ألواح الطاقة الشمسية عبر شبكة الإنترنت، ونشتري بثمنها ما نريد من ذات الشبكة، وهو ما يحتاج عامل معرفي مزود بالمعارف والمهارات والقدرة على الابتكار،إذن نحن اليوم على أبواب النهاية من الحالة التقليدية للمجتمعات، والمنظومة العامة على هذه الأرض، والتحول إلى منظومة جديدة للحياة وللنشاط الاقتصادي، يحتوي مجموعة من السمات المتداخلة: مجتمع معرفي، افتراضي، رقمي، ذكاء اصطناعي.

وققد ترتب على تلك التطورات تغيرات أساسية في مصادر النموالاقتصادي، فأصبح رأس المال البشري عنصرًا أساسيًا في عملية النمو من خلال مدخلات العمالة المعرفية، وتطبيقات الابتكارات والتقنيات الجديدة، والمعرفة، وهو ما يمكن أن نطلق عليه رأس المال غير الملحوظ، كما أصبح الاقتصاد الرقمي قادرًا على توفير بنية تحتية عالية الجودة لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وتسخير قوة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لصالح ممارسات الأعمال والحكومات والمستهلكين.

قياس قدرات الاقتصاد الكلي (مؤشر التنافسية)

رغم تعدد مؤشرات قياس قدرات الاقتصاد الكلي، يبقى لمؤشر التنافسية، الفضل في شموله لكثير من مدلولات النمو، والكفاءة في استخدام الموارد، وإنتاجيتها، ويقصد بالتنافسية القدرات والسمات التي تسمح للاقتصاد الوطني بمزيد من الكفاءة في استخدام عناصر الإنتاج، وتقيس  التقدم الاقتصادي باعتباره مجموع النمو في عناصر الإنتاج: والتي تضم العمل ورأس المال المادي، وما يعرف بإنتاجية عناصر الإنتاج الكلية total factor productivity (TFP) ، وتقيس مؤشرات التنافسية العالمي Global Competitiveness Inex GCI  مكاسب الإنتاجية التي تعد أهم محددات النمو في الأجل الطويل، ويفسر هذا المؤشر أكثر من 81% من التباين في مستويات دخول الدول، ونحو 7 % من التباين في مستويات النمو الاقتصادي بين الدول.

أبعاد التنافسية القائمة على المعرفة والنمو الاقتصادي

 

Source :World Bank, Knowledge for Development.2017 K4D.

 

كما يوضح الجدول التالي ترتيب السعودية وفق مؤشر التنافسية العالمي 2019م، ومقارنتها بالعام 2018م، والذي يتضمن 12 مؤشرًا فرعيًا، تعكس القدرات الإنتاجية والتقنية والمعرفية للاقتصاد الوطني

ترتيب الاقتصاد السعودي وفق أبعاد مؤشر التنافسية العالمي 2019

المؤشر

الترتيب 2019

الترتيب 2018

التغير

المؤشر العام

36

39

+3

استقرار الاقتصاد الكلي

1

1

--

حجم السوق

17

17

--

إنتاج السوق

19

32

+ 13

مهارات رأس المال البشري

25

30

+ 5

البنية التحتية

34

40

+ 6

القدرة على الابتكار

36

41

+ 5

المؤسسات

37

39

+ 2

تبني تكنولوجيا المعلومات

38

54

+ 16

النظام المالي

38

45

+ 7

الصحة

58

64

+ 6

سوق العمل

89

102

+ 13

ديناميكيات العمل

109

114

+ 5

 المصدر: Klaus Schwab, World Economic Forum .The Global Competitiveness Report 2019.

مؤشر اقتصاد المعرفة (رأس المال غير الملموس)

يضم المفهوم التقليدي لرأس المال الأصول الملموسة مثل المباني غير السكنية والآلات والمعدات، لكن من وجهة النظر الاقتصادية يمثل هذا مفهومًا ضيقًا للأصول الثابتة المنتجة، حيث أن الإنفاق الرأسمالي يجب أن يشمل أي مصروفات تزيد من الناتج والدخل المستقبلي. فالاستثمار في البحث والتطوير على سبيل المثال يزيد من رصيد رأس المال الإنتاجي، كما أن رأس المال البشري، ويأخذ شكل التعليم والتدريب والرعاية الصحية تمثل مصدرًا لزيادة الإنتاجية، وبالتالي يمكن اعتبار كل من الانفاق على البحث والتطوير، ورأس المال البشري، مكونات أساسية في رأس المال غير الملموس، ومصدرًا للنمو ورفع الإنتاجية، بجانب رأس المال المادي، حيث يقدر أن الأصول غير الملموسة تبلغ ما بين ثلث إلى نصف القيمة السوقية لقطاعات الأعمال في الولايات المتحدة، وفي أوروبا نحو 30% .Kristian Uppenberg (2009) .

يتضمن  رأس المال غير الملموس  ثلاثة أنواع من الأصول غير الملموسة: معلومات الحاسب الآلي مثل البرامج الجاهزة وقواعد البيانات، وحقوق الملكية الإبداعية والعلمية مثل البحث والتطوير، واستغلال المناجم وحقوق التأليف والنشر، وتكاليف التراخيص، والتصاميم وغيرها من مصروفات البحوث، والقدرات الاقتصادية، مثل حقوق العلامات التجارية، والهيكل التنظيمي Competencies، وتشكل في مجموعها مدخلات معرفية جديدة وسمت الاقتصادات المعاصرة بالاقتصاد القائم على المعرفةK ويوضح الجدول التالي تطورالمركز النسبي للاقتصادي السعودي وفق مؤشر اقتصاد المعرفة، مقارنة ببعض الدول المتقدمة ودول مجلس التعاون ،وذلك بناء على البيانات المنشورة عن عامي:2000 ،2012م.

مؤشرات اقتصاد المعرفة (KEI) عامي 2000, 2012

الدولة

الترتيب عام

2012

المؤشرعام

2012

الترتيب عام

2000

التغيرفي الترتيب

 

السويد

1

9.43

1

صفر

U S

12

8.77

4

- 8

اليابان

22

8.28

17

- 5

كوريا ج

29

7.97

24

- 5

الإمارات العربية

42

6.94

48

6

البحرين

43

6.9

41

- 2

عمان

47

6.14

65

18

السعودية

50

5.96

76

26

قطر

54

5.84

49

- 5

الكويت

64

5.33

46

-18

   Source: KAM 2012 (WWW.World Bank.org/kam

ورغم أن السعودية كانت تحتل المركز رقم 50 على المستوى العالمي عام 2012 حيث بلغت قيمة المؤشر 5.96 من عشرة، إلا أنها أحرزت تقدمًا واضحًا ما بين عامي 2000، م، حيث تحسن المؤشر 26 مركزًا فانتقلت المملكة من المركز 76 عام 2000، إلى المركز رقم 50 عام 2012م، وقد أدى ذلك التطور إلى أن احتلت المملكة المركز الأول بين الدول التي حققت تحسنًا في الترتيب على المستوى العالمي، خلال هذه الفترة، وتصدرت أكبر 10 دول تحقق تحسنًا في ترتيب مؤشر اقتصاد المعرفة عام 2012م. كما يوضح الجدول التالي:

أهم الدول التي حققت إنجازات عالية في الاقتصاد المعرفي

 

السعودية

عمان

مكدونيا

التغير في ترتيب KEI

26

18

16

الترتيب وفق KEI 2012

50

47

57

قيمة مؤشر KEI 2012

5.96

6.14

5.65

التغير في ترتيب مؤشر EIR 

+17

-9

+34

الترتيب وفق EIR

60

44

59

التغير في ترتيب مؤشر الابتكار

0

+26

+10

الترتيب وفق مؤشر الابتكار

84

57

69

التغير في ترتيب مؤشر التعليم

+30

+15

-12

الترتيب وفق مؤشر التعليم 

58

74

78

التغير في ترتيب مؤشر ICT

+45

+19

+17

الترتيب وفق مؤشر ICT

21

55

48

               Source :kam. www world Bank . org

وتشير بيانات الجدول السابق إلى أنه من بين 146 دولة شملها منهج تقييم المعرفة تصدرت المملكة العربية السعودية أفضل الدول من حيث التحسن في مؤشر الاقتصاد المعرفي منذ عام 2000، بمؤشر بلغ 5.95 درجة حيث صعدت 26 مركزًا لتصبح الدولة رقم 50 عام 2012 من حيث مؤشر اقتصاد المعرفة.

 وكان وراء تلك الإنجازات ما حدث من تحسن ملحوظ في المعدل الكلي للقيد في المدارس الثانوية، مما قاد المملكة إلى تبوء مركزًا متقدمًا في المؤشر الفرعي للتعليم، قفز بها إلى المركز 58 محققًا صعودًا قدره 30 مركزًا. هذا بالإضافة إلى النمو السريع في الهواتف والحاسبات الآلية، والدخول على الشبكة العنكبوتية، مما قاد إلى مركز متقدم في المؤشر الفرعي ICT.

لكن من الملاحظ أيضًا أن المؤشر الفرعي عن الابتكار ظل دون أي تحسن، محققًا مركزًا بعيدًا عن باقي المؤشرات الفرعية، حيث تحتل المملكة المركز رقم 84، وتجدر الإشارة إلى أهمية هذا المؤشر حيث يضم أبعادًا هامة في تحقيق الاقتصاد المعرفي مثل براءات الاختراع والنشر العلمي، وهي المكونات الرئيسية في مصادر المعرفة وإنتاجها.

مؤشر الابتكار العالمي Global Innovation Index

ويوضح مؤشر الابتكار العالمي أن هناك سبعة محاور رئيسية للابتكار، وهي: مؤسسات الابتكار، والموارد البشرية والبحوث، والبنية الأساسية، ونضج الأسواق، ونضج الأعمال، مخرجات المعرفة والتقنية، والمنتجات الابتكارية وقد حققت المملكة المركز رقم 42 من بين 142 دولة وفق المؤشر العام 2013م، محققة2. 41درجة من 100درجة، ويوضح الجدول التالي ترتيب الاقتصاد السعودي من حيث المؤشر العام للابتكار والمحاور الرئيسة للمؤشر.

تطور آداء الاقتصاد السعودي في المحاور الرئيسة للمؤشر العام للإبتكار.

 

2012

2019

 

الترتيب

الدررجة/100

الترتيب

الدرجة/100

المؤسسات

77

39.8

102

53.3

الموارد البشرية والبحوث

39

58.4

31

43.9

البنية الأساسية

41

40.6

57

43.7

نضج الأسواق

38

53.5

44

51.3

نضج الأعمال

46

37.2

[58]

30.2

المخرجات المعرفية التقنية

78

24.8

64

14.6

المنتجات الابتكارية

24

48.2

69

2.2

Sources :Soumitra Dutta and Bruno Lanvin (Ed.)The Global Innovation Index 2013:The Local Dynamics of Innovation.P.239. GLOBAL INNOVATION INDEX 2020 Who Will Finance Innovation?wipo,2020

ويتضح من البيانات الحاجة إلى مزيد من التحسين في مستوى الانجاز في مجالات مخرجات المعرفة والتقنية، وخاصة المحور الفرعي الخاص بإنتاج المعرفة ،وهو المحور الذي يعكس اسهامات المؤسسات البحثية في الابتكار المحلي، وخاصة براءات الاختراع المحلية، وكذلك الحال فيما يتعلق بالمقالات العلمية المنشورة في الدوريات العالمية، ومزيد من الدعم والاهتمام بتنمية القدرات الابتكارية في الاقتصاد الوطني، حيث بلغت نسبة الإنفاق على برامج الحاسب السوفت وير 3,.% من الناتج المحلي الاجمالي، وبلغت نسبة الإنفاق الكلي على البحث والتطوير 0.8 % من الناتج المحلي الإجمالي (2019م)، وإن كانت نسبة الصناعات التحويلية عالية ومتوسطة التقنية قد حققت نسبة عالية نسبيًا حيث بلغت30,1 % من جملة الصناعات التحويلية ،وهو ما يرتبط بضعف إسهامات الصناعات التحويلية في هيكل الاقتصاد السعودي ،وتركز الاستثمارات في الصناعات البتروكيماوية ذات التقنية المتوسطة .

ولعل المؤشر الفرعي الثالث في مخرجات المعرفة والتقنية والخاص بانتشار التقنية يوضح جانبا آخر من الجوانب التي تحتاج مزيد من الجهد لرفع القدرة الابتكارية بالاقتصاد السعودي، حيث لم تشكل ايرادات التراخيص وحقوق الملكية أهمية تذكر، كما لا تزال نسبة صافي الصادرات من المنتجات عالية التقنية محدودة.

وفيما يتعلق بالتعليم العالي بلغت نسبة القيد بالجامعات 41,2 % (2012م) ارتفعت بشكل ملحوظ وبلغت 68 %، وهو ما يعكس الجهود المكثفة للحكومة في دعم وتشجيع التعليم الجامعي في البلاد، كما حققت نسبة الإنفاق على البحث والتطوير إلى الناتج المحلي الإجمالي زادت من 1, .% عام 2012 إلى 0.8% عام 2019م، وهي زيادة ملموسة، وتشكل حافزًا على البحث العلمي وجودته .

خطة عمل نحو الاقتصاد المعرفي في المملكة 

أكدت مقالة لمجلة Economist 2006 أن أهم الدروس التي يمكن الاستفادة منها من تجارب الدول المتقدمة وتحولها إلى اقتصاد المعرفة أن من الخطأ القول إن على الدول النامية أن تأخذ نفس المسار في التطور التقني الذي سلكته الدول المتقدمة، بل بالإمكان تحقيق قفزة واسعة من الاقتصاد الأولي إلى الصناعات عالية التقنية، دون الحاجة للاستغراق في مرحلة التصنيع التقليدية، فالمعرفة والقدرة على تحقيق مزايا من التقنية أصبحت في بؤرة التنمية الناجحة.

ويعتمد دور المعرفة في التنمية على عدد من النقاط التي تمثل حدودًا دنيا أو شروط مسبقة للتنمية Threshold Points  فالحد الأدنى اللازم لانطلاق التنمية في مجال التعليم ،والذي بدونه لا تتحقق هو معدل قراءة وكتابة في حدود 40%، وفي مجال الاتصالات 30% كمعدل لكثافة الهواتف World Bank (2003)

يمكن اقتراح خطة عمل للتحول نحو اقتصاد المعرفة في المملكة، ارتكازًا على العناصر التالية:

  • ارتكاز استراتجيات وخطط التنمية على اقتصاد المعرفة

الوصول إلى التقنيات الابتكارية متاح من كافة أنحاء العالم، فضلاً عما يتوفر للمملكة من قدرات بحثية يمكن البناء عليها، ويبقى وضع السياسات المناسبة لاستراتيجيات الابتكار الطموحة التي يمكن أن تستخدم لاستغلالها خلال أي مرحلة من مراحل التنمية. فالعائد على الاقتصاد الذي يتوسع في الاستثمار في المعلومات وتنقية الاتصالات ICTs عال جدًا، كما أن التوسع في التعليم والارتقاء به أمر ضروري لازدهار اقتصاد المعرفة، من خلال التعاون بين القطاع العام والخاص، والاستخدام الفعال لمنظومة ICTs والاستمرار في التعاون الدولي في مجال التعليم، والالتزام بالتعليم مدى الحياة، كما أن إقامة نظم مؤسسية واقتصادية فعالة أمر ضروري، بما يساعد على تنمية قدرات ريادة الأعمال وجذب استثمارات أجنبية.

  • وضع السياسات المناسبة للاقتصاد المعرفي 

يجب أن تراعي سياسات وجهود اقتصاد المعرفة ظروف وخصوصية الدولة، كما أن أولوية العمل تختلف بحسب مرحلة التنمية ففي بعض الدول منخفضة الدخل يجب الاهتمام بتطوير التعليم الأساسي والبنية الأساسية بغرض انتشار التقنية، وفي حال الدول متوسطة الدخل تعطي الأولوية لبناء تجمعات ابتكارية ورفع القدرات التنافسية.

ففي ظروف قطاع الأعمال الخاص في المملكة والصناعات التحويلية على وجه الخصوص توجد حاجة ملحة لتحديث الصناعة وإعادة هيكلتها، حتى يمكن أن تشارك وتستوعب التقدم التقني المنشود، ومن المناسب أن يتم ذلك في شكل مشروعات أسترشادية/ تجريدية لمجموعة من الصناعات، حتى يمكن بناء جسور الثقة وإزالة العقبات وإنارة الطريق لإصلاحات كبرى، بصرف النظر عن أنها قد تستغرق بعض الوقت.

  • العمل بطموح على المحاور الأربعة لاقتصاد المعرفة

يعتمد النمو في اقتصاد المعرفة على التفاعل المنتج بين توفير مناخ مواتي للأعمال، والاستخدام الواعي للأصول المعرفية وأول خطوة في هذا الاتجاه هي تحرير الأعمال والتخلص من معوقات بدء المشروعات، وبناء اقتصاد مفتوح وصديق للتجارة الدولية، والاستثمار الأجنبي المباشر، وتوفير الائتمان للمشروعات الصغيرة والمجتمعات الصاعدة.

كما تجدر الإشارة إلى أن الابتكار ما هو إلا انتشار التقنيات والممارسات الجديدة في المجتمع. ويبدأ الابتكار من خلال تشجيع الأفراد الديناميكيين والمنشآت والمجتمعات، ويجب أن يأخذ التشجيع مختلف الأشكال من دعم فني، ومالي وتنظيمي، وأن يتم ذلك على شكل محلي، على أساس أن البنية الأساسية التقنية والبحوث تطبق على أساس احتياجات المجتمع وقدراته.

من ناحية أخرى تعد منظومة ICTs أحد العناصر الرئيسية في البنية التحتية للاقتصادات القائمة على المعرفة. فالثورة في عالم الهاتف النقال ساعدت على تسهيل والتوسع والوصول واستخدام تقنية الاتصالات والمعلومات في الدول النامية. ولكن تحقيق الحد الأدنى من خطوط الهاتف الثابت يعد شرطًا ضروريًا لنمو شبكة الإنترنت، كذلك الحال مع تطوير استخدام التطبيقات الإلكترونية في المعاملات الحكومية والأعمال وقطاعات التعليم، ورفع مستويات المعرفة وتقليل الأمية في تقنية المعلومات.    

  • استجابة الحكومات والمؤسسات لاحتياجات اقتصاد المعرفة 

على عكس نماذج السوق الحرة أو الاقتصاد المركزي، تقوم الحكومة في ظل الاقتصاد المعرفي بأدوار التحفيز والتيسير والمرشد ومشجع الأفراد والأعمال، ويجب أن تكون الحكومة قادرة على دفع ومساندة الأفكار الإبداعية وبناء القدرات الفردية والمؤسسية وتشجيع الشراكة بين الجامعات والأعمال، وتدعيم مؤسسات الوساطة التقنية لنقل الابتكار والتقنية إلى الأسواق.

حققت التقنيات الحديثة تقدمًا سريعًا في كافة مجالات الإنتاج السلعي والخدمي، وأصبحت عمليات الإنتاج تعتمد بشكل كبير على التقنيات العالية High-Tech ، ومن هنا فقد تطور دور الجامعات وأصبحت المصدر الرئيسي في عمليات الابتكار ،والابتكارات ،وفي التطبيق التجاري للإبداع المعرفي والتقني ،وتوظيفها لخدمة عملية التنمية الاقتصادية في البلاد .

ولما كان الهدف النهائي من البحوث العلمية هو تحسين عمليات الإنتاج وتوسعة مجالات النشاط الاقتصادي، لذلك بدأت الجامعات تهتم أكثر بدعم عمليات نقل الخدمات الابتكارية إلى الأسواق واستغلالها تجاريًا بما يخدم مصالح المخترعين والمجتمع، وهكذا أصبحت الجامعات تقوم بدور كبير في نقل الابتكارات وتطبيقاتها إلى الأسواق، ولم تعد تركز فحسب على إجراء البحوث الأساسية.

من ناحية أخرى قامت الشركات الكبرى، ورجال الأعمال بدور بارز في هذا المجال، وشكلوا أداة تواصل بين الجامعات والمراكز البحثية ومخرجاتها من الابتكارات والتقنية، من خلال التطبيقات العملية لتلك الابتكارات، فضلاً عن قيامهم بالإسهام في تمويل تلك الابتكارات وتحويلها إلى منتجات تجارية مربحة.

مقالات لنفس الكاتب