; logged out
الرئيسية / دول الخليج مطالبة بمشروع متكامل لإدارة بايدن وتحالفها مع واشنطن ككتلة واحدة

العدد 156

دول الخليج مطالبة بمشروع متكامل لإدارة بايدن وتحالفها مع واشنطن ككتلة واحدة

الأحد، 29 تشرين2/نوفمبر 2020

الوضع الأمني في منطقة الخليج

يمكن الترويج للأزمات بوصفها منتج جديد في الخليج العربي بيسر؛ بين دول الخليج العربية وإيران. كما يمكن القول أن من إيجابيات موقف دول الخليج في التفاعلات الدولية أنها قابلة للعولمة، لكن من سلبيات ذلك تأثّر دول الخليج بالأزمات الإقليمية ذات التبعات الاستراتيجيّة أكثر من غيرها؛ وتتساوى دول الخليج في ذلك رغم تحمل الشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية الهاجس الأمني كلما لاحت في الأفق التفاعلات الأمنية، ومرد ذلك أنها سفينة القيادة Flagship  إلى بر الأمان، وفي الأشهر القليلة القادمة ستشكل ثلاثة عوامل رئيسة الوضع الأمني في الخليج العربي، وهي سباق التسلح على ضفتي الخليج، ووصول الديمقراطيين للبيت الأبيض. وغياب المشروع الخليجي المطلوب للإدارة الجديدة.

-رفع حظر بيع واستيراد الأسلحة لإيران

 ومن تلك التفاعلات رفع حظر بيع واستيراد الأسلحة لإيران، في 18 أكتوبر2020م، مما يشير إلى ضرورة الوصول للتوازن الاستراتيجي مع طهران عبر سباق التسلح. وهو شغف ابتليت به ضفتا الخليج العربي في محاولة للتفوق العسكري، عبر الحصول على عدد أكبر من الأسلحة، والأفراد والصناعات العسكرية والمشاريع النووية وأسلحة الدمار الشامل، حتى يعم الأمن أو تحسم الأمور لطرف كما حسمت بنهاية الحرب الباردة لصالح أمريكا وتفكك الاتحاد السوفيتي. والدوافع الخليجية لدخول سباق التسلح متعددة؛ منها إن رفع الحظر عن طهران، هو إعادة بناء ذراعها الجوي الطويل، المعطل منذ قيام الثورة، والمقلق أن البديل الذي تبنته لتعويض هذا النقص وهو القوة الصاروخية التي لن يتم الاستغناء عن برنامجها، فهو سند للقوة الجوية، وهو سند للبرنامج النووي الإيراني. كما أن من الدوافع إن دول مجلس التعاون ستواجه أسوأ سباق تسلح على ضفتي الخليج، فالسباق الماضي الذي تفوقت فيه دول الخليج بامتلاك أفضل سلاح غربي لم يوجد إلا لدينا خارج جيوش حلف الناتو، كان في زمن يسر وتمهل ولم يكن الغريم يسابقنا مثل الآن فقد كان تحت العقوبات الأممية وحظر توريد السلاح. كما أن من المقلق أنه قد مضى عقد على الصفقات التي عقدتها دول الخليج، ودخلت أسلحة الجيل الخامس الكثير من الجيوش بل إن الغريمة طهران تصنع بعضها، كالطائرات المسيرة، وأجهزة الحرب السيبراني والصواريخ الجوالة، يضاف إلى ذلك الخوف من فوز الديمقراطيين المهددين بنزع الحماية الأمريكية عن الخليج.

ولتحقيق توازن استراتيجي بعيد المدى في سباق التسلح الذي بدأ من الطرف الإيراني، يجب خلق هياكل وحدوية مع جوارنا الإقليمي، وصنع سياسة الردع الاستباقي، بتضييق الحدود الفاصلة بين الدفاع والهجوم. وتحقيق الأمن بالبحث عن حلفاء أقوياء لتحقيق مبدأ التوازن، ولو بالدخول تحت مظلة نووية أو بامتلاك سلاح نووي. ولا شك أن دول الخليج وخصوصًا الرياض بحاجة إلى خلق التوازن الاستراتيجي مع طهران، لكن هناك معوقات عدة فالإدارة الأمريكية ترى أن مبيعات الأسلحة المحتملة هذه تساعد في ترجيح كفة ميزان القوة لصالح حلفائها الإقليميين ضد إيران التي تعتبرها تهديدًا عالميًا وتسعى لعزلها. لكنها تخاف من جولة جديدة من سباق التسلح. كما أن من المعوقات الموقف الألماني بمنع بيع السلاح للرياض متذرعة بحرب اليمن، لكن ذلك لا يغير كثيرًا من الأمور، فرغم تقرب ألمانيا لنا باحترام ظاهر، ورغم عدم وجود تاريخ استعماري لها في الخليج، إلا أن هناك أنانية ألمانية بالتركيز على التجارة وبيع السلاح طالما هو في خدمة مصالحها، دون أن يكون لها دور في أمن الخليج. وقد أعرب وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية عادل الجبير عن انتقاده لحظر تصدير الأسلحة الذي تفرضه ألمانيا على بلاده بسبب حرب اليمن، مؤكدًا أن الرياض تمتلك خيارات شراء من عدة دول أخرى

-وصول الديمقراطيين للبيت الأبيض

 الثقل الثاني الذي سيشكل البيئة الأمنية في الخليج العربي هو وصول المرشح الديمقراطي جو بايدن للسلطة في واشنطن فقد راهنا في الخليج على عودة ترامب للبيت الأبيض لكن يبدو أن رهاناتنا لم يحالفها التوفيق بسبب صفعات صناديق الاقتراع لعودته، ومن المؤسف أنه لا تربطنا مع الديمقراطي جو بايدن علاقة ، بل على العكس من ذلك جراء مواقف سلبية عدة، وماضيه هو قاضيه، وهو ماضٍ لو رافقنا الشيطان في كشف تفاصيله المظلمة لوجدنا بايدن يتصدى بالرفض لإرسال القوات الأمريكية للمشاركة في تحرير الكويت من الاحتلال العراقي1991م، بل ووقف في المعسكر المناهض لإسقاط صدام 2003م. ولبايدن اليد العليا في صك تفاصيل الاتفاق النووي الإيراني 2015م، لذا احتفلت إيران بعدم عودة ترامب، بل إن بايدن يهم بتفعيل حملات عدة على بعض دول الخليج في ملفات عدة منها حرب اليمن وملف لعودة اللطم على جثة المرحوم خاشقجي واستخدامها لابتزاز الرياض قلب الخليج.

-        المشروع الخليجي المطلوب

  يتطلب وصول بايدن إيراني الهوى الشعور بالتهديد، وسماع الدعوات الكثيرة التي أطلقها أكثر من مثقف ومركز أبحاث خليجي حول ضرورة وجود «مشروع خليجي» يكون أساسًا للتعامل مع الإدارة الجديدة حتى لا نكون المهمشين كما جرى في العهد الديمقراطي الماضي، والأمر يستدعي تكليف شخصيات واعية، فالعلاقات الدولية تظهر نتائجها، وفقًا لحركة اللاعبين المسلحين بملكة التخطيط الاستراتيجي، وليس موظفين يتمسكون بمناصبهم ومصالحهم بحسن البلاغة. فالمطلوب هو التقدم بمبادرة للإدارة الجديدة حول المستقبل الذي نريده في الخليج، وعدم ترك واشنطن لوحدها تبادر بتوجيه المسارات جراء غياب مشروع خليجي ناجح، واضح بأهداف وآليات باعتبارنا حاضرين، وباعتبار واشنطن الشريك الأكبر كعامل استقرار في الخليج. وليتضمن المشروع الخليجي المقدم لواشنطن نقاط عدها منها:

- تبيان المصالح المشتركة، وجدوى التحالفات الاستراتيجية الخليجية الأمريكية.

- عدم التسليم باليد العليا لإيران في معادلات المنطقة، كما فعل أوباما.

- إعادة صياغة العقوبات عبر سناب باك، أو سواها، أملاً بتصدّع تماسك طهران وعناصر قوّتها.

- الاهتمام بالاصطفافات الجديدة والتحالفات الوليدة وكيف نستفيد منها.

- أن يكون للخليجيين دور في علاقة الغرب مع إيران في المشروع النووي.

 ومما سبق على دول الخليج مجبرة أن تعيد إنتاج مشروع تحالفاتها مع واشنطن بالكامل ككتلة واحدة. وأروقة مجلس التعاون يجب أن تكون مشغولة بوضع المشروع الخليجي لإدارة بايدن قبل أن يجبرنا على مشروعه.

دور السعودية في مواجهة التحديات الأمنية الخليجية 

 يمكن إجمال تحديات الأمن القومي الخليجي ومهددات المنظومة الخليجية في قضايا تمسك الرياض بمفاتيح الحل فيها واهمها:

-الأزمة الخليجية

وهي مشكلة خليجية داخلية تضغط بشدة على منظومة مجلس التعاون كمنظمة إقليمية وتعتبر في الوجدان الخليجي قضية رئيسية مؤثرة اجتماعيًا وسياسيًا وفي الأمن الخليجي أيضًا، ففي الفرقة والانقسام مخاطر التصعيد والمواجهة بين الجانبين الخليجيين. ويراهن المراقب الخليجي على أن مجلس التعاون كمنظمة يدرك أن ذلك ليس من مصلحة دول الخليج لذلك تلعب دوله نفسها دور الوساطة  مع تحييد ناجح لإبعاد التوسط الخارجي، وقد ظهرت مؤشرات تدل على أن سمو المملكة وترفعها عن الانجرار في سوق التكسب الذي أقامته أطراف خارجية قادر على امتصاص حالة التصعيد، ومن ذلك السمو أن تمت دعوة قطر لحضور اجتماعات مجلس التعاون باعتبارها جزءًا منه، كما أن هناك ما يشير إلى تسهيل الرياض وصول العسكريين القطريين لاجتماعات مجلس التعاون والتحضير لإيمان الرياض أن استمرار الأزمة الخليجية يهدد بانهيار جزء كبير من أمن الخليج

التدخل الإيراني

نجحت دول الخليج في تقليص خطر الأنشطة الإيرانية، لكن دول الخليج تحتاج لاستراتيجية ردع شاملة لسلوك طهران تؤدي إلى عدم السماح لها بإحداث تكامل في الاختراقات التي تقوم بها للطوق الأمني الخليجي من الداخل والخارج، الحوثيين اليمنيين، أو الحشد الشعبي، أو بالموالين لهم في البحرين وبقية دول الخليج العربي. وقد يبدو مضيعة للوقت الاستماع للتقرب الإيراني من الخليج خلال عهد تراب سواء بالدعوة للحوار أو بالرسائل المرسلة فرغم علم الرئيس الإيراني السابق أحمدي نجاد أن المعضلة ليست في يد السعودية أكثر مما هي في يد النظام الإيراني، إلا أنه تقدم برسالة للأمير محمد بن سلمان ولي العهد، يحثه للعمل على إيجاد فرصة لتسوية الأزمة اليمنية والبحث لها عن حل، وفي ذلك إدراك أن الرياض هي مفتاح الحل للمنظومة الخليجية أمام التدخلات الإيرانية التوسعية في المنطقة 

القضية اليمنية

ضربت ميليشيات الحوثي اليمنية المدعومة ماديًا وعقائديا من إيران الأمن القومي الخليجي بشكل مباشر عندما استولت على العاصمة صنعاء واغتصبت السلطة بعد اسقاط الحكومة وفي ذلك تهديد مباشر لدول الخليج بفرض الحوثيين لأنفسهم كجيرة إيرانية لا تفصلها عنهم إلا الحدود البحرية والبرية بعكس إيران التي يفصلها مسطح بحر كامل هو الخليج العربي. لذلك قامت عاصفة الحزم التي تقودها المملكة العربية السعودية وحققت الهدف الأسمى في العملية وهو منع قيام جمهورية الحوثيين الإسلامية في جنوب الخليج العربي. والدور السعودي في قيادة الجهد العسكري لا زال كما هو، وإن كان المراقب الخليجي يرى أن  تبعات هذه الحرب مكلفة ومن سير الأمور تظهر وكأن الرياض ودول الخليج مطالبة بالحزم  إما بحسم  الأزمة عسكريًا أو بإعطاء الشرعية اليمنية دور في  حسمها عبر خطوات وآليات تنفيذ وقف إطلاق النار بشكل دائم وخطوات بناء الثقة، واستئناف العملية السياسية من خلال الدخول في مشاورات جادة للتوصل إلى حل سياسي شامل يستند إلى المرجعيات الثلاث المتمثلة في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرار مجلس الأمن 2216.

قيادة الأمة خليجية وقيادة الخليج سعودية

 ليس من قادر وراغب في قيادة دول الخليج العربي إلا المملكة العربية الشقيقة، فدول الخليج تنظر إلى المملكة كعمق استراتيجي، وبالضرورة تنظر الرياض لدول الخليج كخطوة دفاعية عن أمن المملكة أيضًا. وهذا يتطلب التكامل العسكري والأمني كما ورد في مطلب في «إعلان الرياض» ديسمبر 2019م، الذي أشار أن أهم خطوات التعاون هو التكامل العسكري الأمني وذلك عبر استكمال جميع الإجراءات اللازمة لضمان أمن وسلامة أراضي دول المجلس ومياهها الإقليمية ومناطقها الاقتصادية، وفقًا لاتفاقية الدفاع المشترك، وما نصت عليه رؤية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز بشأن تسريع خطوات التكامل العسكري وتعزيز التصنيع الحربي في دول المجلس. وفي هذا المنحى الإيجابي وقعت السعودية في23 ديسمبر 2019م، مع أمانة مجلس التعاون الخليجي اتفاقية احتضان مقر القيادة العسكرية الموحدة لمجلس التعاون الخليجي في العاصمة الرياض. وترتبط هذه القيادة بقوات درع الجزيرة والدفاع الجوي ومركز القيادة البحري. وفي ذلك دعم من السعودية للعمل الخليجي المشترك، وتسهيل مهمة أعمال القيادة العسكرية الموحدة في إطار رؤيته المتعلقة بنقل العمل الخليجي المشترك من مرحلة التعاون إلى التكامل، لكن طموح دول الخليج هو إيجاد قوات عسكرية مشتركة جوية وبرية وبحرية، إضافة إلى قوات دفاع جوية.

وفي المجال الأوسع ليس من قادر وراغب في قيادة الأمة العربية راهنًا إلا دول الخليج العربي، خاصة السعودية، وهي قيادة جاءت للخليج طوعًا، لتحقق مشروع حضاري عربي طال انتظاره. فقد تولت السعودية قيادة النظام العربي مع سوريا ومصر بعد تحرير الكويت 1991م، ثم انفردت الرياض بالقيادة العربية بعد سقوط الطاغية صدام 2003م، يدعمها مجلس التعاون الخليجي، بالتشاور مع القيادة المصرية في عصر حسنى مبارك، فكانت المبادرة العربية للسلام الشامل مع إسرائيل ذروة الدور القيادي السعودي للنظام العربي، ثم توطدت القيادة الخليجية للمجموعة العربية بعد إعصار الربيع العربي وتراجع دور القوى العربية التقليدية ومعها توطدت القيادة السعودية للجهد الخليجي في محاولة ترميم البيت العربي بعد العاصفة  

ولم يكن ذلك سهلاً على المملكة مدعومة بدول الخليج، فهناك من يرى أن القيادة السعودية للنظام العربي، قد توقفت وتحولت في صيف 2019م، إلى الانكفاء على الأمن الخليجي، جراء ضرب الناقلات ومهاجمة أرامكو، مع الإشارة إلى أن حرب اليمن قد دفعت الخليجيين لمزيد من الانكفاء على الأمن الخليجي والتغاضي عن الأمن العربي. وفي تقديرنا أن في ذلك تحاملاً ظالمًا، فالتهديدات التي تواجه أمن الخليج قد أخذت أشكال أكثر خطورة مما كانت عليه فقد ظهرت مهددات أمن الخليج من مصادر متنوعة من إيران وتركيا والجماعات التابعة لهم بأشكال وأسلحة جديدة كالمسيرات والحرب السيبرانية والصواريخ الجوالة.

   الدور الخليجي المطلوب لدعم السعودية

 خطت المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون خطوات حثيثة في مجال العمل المشترك، وقبل قيام مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ارتبطت السعودية بعلاقات تاريخية مميزة، بدول الخليج العربي فإلى جانب الجوار الجغرافي، هناك علاقات، أسرية وقبلية وسياسية واقتصادية، متينة، بين هذه الكيانات السياسية. ومن خلال هيكل مجلس التعاون ومنذ زمن طويل ودول الخليج مستهدفة، خصوصًا المملكة العربية السعودية لما تمثله من ثقل في العالم الإسلامي ودول مجلس التعاون أو في منظمة أوبك.  ولعل من الطريف الإشارة إلى أن قضية دعم السعودية من قِبل دول الخليج هي قضية وجود في الوجدان الشعبي وليس أدل على ذلك من حملة شعبية واسعة أطلقها نشطاء خليجيون من دول مجلس التعاون لمقاطعة المنتج التركي، تضامنًا مع الحملة التي أطلقها مغردون وشخصيات سعودية ردًا على تدخلات اسطنبول في الشأن العربي، وتلك الحملة العفوية تأصل أن لا خيار آخر لدول الخليج سوى أن تقف مع السعودية لأن القضية أصبحت قضية وجود وليست خلافًا على نقاط بسيطة معينة. وفي المجال الرسمي أعلن مجلس التعاون الخليجي، خلال كل هجمة إرهابية حوثية دعم جميع خطوات السعودية لحماية أمنها .

ويتطلب تثيبت الأمن الخليجي والدفاع عن سيادة واستقرار دول المنطقة، أن يكون هناك تنسيقًا وموقفًا موحدًا أكثر فاعلية حتى تتمكن من الاستجابة للتهديدات المشتركة المتفاقمة، وفي الوقت نفسه النظر في طبيعة التحالفات القائمة ومدى فاعليتها وربما قدرتها على ردع القوى والدول المعتدية. فعلى دول الخليج إيجاد قرار خليجي موحد وملزم تجاه موقف أو تقييم خليجي موحد لمصادر التهديد، والتنسيق حول كيفية التعامل معها. كما أن دول الخليج مطالبة بفتح نوافذ تعاونها لتحالفات جديدة، فالتحول في التحالفات الإقليمية والدولية هو من صفات العلاقات الدولية على مر العصور.  فمن غير المجدي الاعتماد على تحالفات معينة؛ وخير مثال على ذلك التحالف الخليجي الأميركي الذي غرنا التمسك به فبما كان الديمقراطيون في عصر  باراك أوباما  يتقربون من إيران وكل غريم للمشروع الخليجي، بل أن الأسوأ قد ظهر أيضًا في عصر حليفنا ترامب  حيث تعرضت  الملاحة البحرية  للهجمات ثم تبعها هجمات إيرانية ضد  أرامكو السعودية، أكبر شركة نفط في العالم، وغيرهما من الأحداث يؤكد أن الاعتماد على التحالف مع أمريكا ليس  فيه من الحصافة شيء، فدول الاتحاد الأوروبي أكثر موثوقية والصين وروسيا ليست من المحرمات الدولية طالما كانت هناك نوافذ خليجية قادرة على جلبهم للدفاع عن مصالحنا المشتركة معهم في الخليج العربي .فتنويع التحالفات، وفقًا لقاعدة المصالح هو عين العقل في العلاقات الدولية. كما أن دول الخليج بحاجة إلى تعاون شعوبها الآن لتجاوز أزمة كورونا الاقتصادية ولتلافي دور الضحية في تحدي استخدام الغذاء كما استخدمنا النفط سياسيًا وعسكريًا واقتصاديًا. والمؤشرات كثيرة، لكن فيروس كورونا هو المحرك الرئيس في تبادل الأدوار الدولية. فالدول التي تصدر الغذاء لدول الخليج قد توفي بالتزاماتها قصيرة الأمد فقط، أما بعد ذلك فتبعات غير محسوبة منها، ومثل ذلك لقاح كورونا حيث لم نسمع عن تشكيل لجنة خليجية مشتركة مختصة لإعداد آلية توزيع اللقاح المضاد لفيروس كورونا، وسط حديث عن تعاقد الدولة لشراء اللقاح فور جاهزيته من قبل كل دولة خليجية على حدة. فالمعروف أن الحروب تخلف دول منقسمة فيها ثلاثة جيوش واحد من المشاليل، وجيش من المشيعين، وجيش من اللصوص، ولوباء كورونا تأثيرات تذهب إلى أعمق مما يمكن رصده خلال المرحلة الحالية، لكن المؤكد أنها تشبه الحرب بكل ما تحمله من معاناة للبشرية، لذا ستشبه مخرجاتها مخرجات الحروب وستترك كورونا كبقية الأوبئة نفس تبعات الحروب، وتتشابه معها بالتغيرات الديمغرافية. وهنا مكمن الخطورة الخليجي، فالتركيبة السكانية الخليجية قنبلة موقوتة قد تشعلها تبعات كورونا ولن يكون لدول الخليج منفردة القدرة على تحملها.

مقالات لنفس الكاتب