array(1) { [0]=> object(stdClass)#13138 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 157

أربعة قطاعات اقتصادية تحقق مجالات جديدة للتبادل بين دول الخليج وأمريكا اللاتينية

الثلاثاء، 29 كانون1/ديسمبر 2020

د. ألبيرتو فوهريج

يُقدم هذا المقال نظرة عامة حول الآثار الاقتصادية لجائحة فيروس كورونا المستجد على العلاقات بين أعضاء مجلس التعاون الخليجي ودول أمريكا اللاتينية. كما يُقدم بعد ذلك بعض الأفكار المنصبة على تقييم تلك العلاقات في عام 2021م، ويقترح استراتيجية جديدة خلال الفترة الانتقالية وصولاً إلى التوسع الاقتصادي الكامل في كلتا المنطقتين لتطوير العلاقات الاقتصادية نوعيًا واستكشاف سبل جديدة للنمو المشترك.

2020: كوفيد-19 وآثاره

لقد تسبب الوباء في حدوث انتكاسات غير مسبوقة في حركة النمو. وعانى الاقتصاد العالمي من خسائر هائلة خلال عام 2020م، حيث انخفض النشاط الاقتصادي لدول أمريكا اللاتينية بنسبة 7.2٪ خلال عام 2020م. ومن المتوقع أن يتقلص الاقتصاد البرازيلي بنسبة 8٪ بسبب الإغلاق وتراجع الاستثمار وتعطل سلاسل التوريد. كما يتوقع أن ينكمش الاقتصاد المكسيكي، المتضرر من شروط التمويل الصارمة، وهبوط أسعار النفط، وتوقف حركة السياحة، والقيود المفروضة على التنقل، بنسبة 7.5٪، وفي الأرجنتين، يُتوقع أن يتراجع ​​النشاط الاقتصادي بنسبة 7.3٪، بسبب إجراءات التخفيف الصارمة، وانخفاض الطلب الخارجي، وتأثيرات مفاوضات الديون الجارية (البنك الدولي، آفاق الاقتصاد العالمي لعام 2020).

وفي العديد من البلدان المصدرة للنفط، سيتعرض النمو إلى تقييد ملحوظ بسبب سياسة خفض إنتاج النفط. ومن المتوقع أن يتقلص الناتج المحلي الإجمالي في دول مجلس التعاون الخليجي بنسبة 4.1٪، كما سيؤثر الانخفاض في أسعار النفط وحالة عدم اليقين المتعلقة بفيروس كورونا كوفيد-19، بالنشاط غير النفطي. ولذلك، يُتوقع أن ينكمش النشاط الاقتصادي بين مستوردي النفط بنسبة 0.8٪ في عام 2020م، مع تراجع حركة السياحة ومعدلات الصادرات (البنك الدولي، آفاق الاقتصاد العالمي لعام 2020).

ومع ذلك، شهد هذا العام وجود عدم تجانس ملحوظ في سلوك عدد من القطاعات الاقتصادية المختلفة. فقد ازدهرت التجارة الإلكترونية ومعها الشركات التي كانت مجهزة بشكل أفضل لزيادة إمداداتها. وفي الوقت نفسه، شهد هذا العام زيادة كبيرة في استهلاك منتجات وأنشطة محددة، بينما انخفض استهلاك مجموعة كبيرة من المنتجات. وبعد انكماش الناتج المحلي الإجمالي في الربع الأول، بدأت الصين بالفعل في زيادة إنتاجها الاقتصادي بشكل مضطرد. ونتيجة لذلك، ارتفعت أسعار بعض المواد الخام والسلع لصالح اقتصادات أمريكا اللاتينية خلال الربع الرابع.

وعلاوة على ذلك، تم إبرام عدد ضخم من الصفقات وإجراء المفاوضات وعقد المؤتمرات والاجتماعات عن بعد. وفي المستقبل، ستصبح هذه التغييرات روتينية، وستظل سمة من سمات "الوضع الطبيعي الجديد". وهذا النمط الجديد من التفاعل أدى إلى تبسيط التبادل التجاري بين المناطق، ولا سيما في تلك الحالات التي تم فيها التأكيد على الاختلافات الجغرافية والثقافية كأسباب لتقليص الاتصال. ولا شك أن هذه الوسائل الجديدة لممارسة الأعمال ستوفر فرصًا جديدة للتبادل التجاري بين دول الخليج وأمريكا اللاتينية.

وباختصار، كان عام 2020م، تحديًا كبيرًا للاقتصاد العالمي، لكنه في الوقت نفسه قدم رؤى وفرصًا جديدة لأولئك الذين أظهروا القدرة على استيعاب التغييرات الجارية والتكيف معها بسرعة وسهولة.

عام 2021

لا يزال عام 2021م، يبدو غير واضح من حيث الانتعاش الاقتصادي. وعلاوة على ذلك، فإن وتيرة الانتعاش قد تختلف اختلافًا كبيرًا من بلد إلى آخر ومن قطاع إلى قطاع، وسيحدد نوع الانتعاش، سواء كان على شكل: حرف V أو على شكل حرف W،[i] أو انتعاش تدريجي، مصير التبادلات التجارية بين المنطقتين.

ووفقًا لوكالة الطاقة الدولية، فإن الطلب على النفط سوف ينتعش ولكن بشكل أبطأ مما كان متوقعًا خلال عام 2021م، بسبب انخفاض وتيرة الانتعاش في صناعة الطيران، نظرًا للتحديات الموجودة بسبب جائحة فيروس كورونا. وحتى يقوم عدد كبير من البلدان بإعطاء اللقاح إلى قطاعات من السكان، قد تستمر إجراءات إغلاق الحدود وقيود السفر سارية حتى العام المقبل.

وتُظهر بيانات العقود السابقة الصادرة من صندوق النقد الدولي ارتباطًا إيجابيًا بين أسعار النفط المرتفعة وتوسع الأعمال التجارية بين المنطقتين، وبالتالي، يُعد الانتعاش التدريجي والمعتدل للتجارة والاستثمار هو السيناريو الأكثر ترجيحًا.

وقد نفذت دول الخليج وأمريكا اللاتينية سلسلة من المبادرات على مدى العقد الماضي بما في ذلك إبرام عدد كبير من اتفاقيات الازدواج الضريبي وحماية الاستثمار إلى جانب التحسينات في الخدمات اللوجستية والاتصال، الأمر الذي سيوفر قناة حيوية لإعادة تأسيس التجارة والاستثمار بشكل أسرع.

إن الأمر لا يتعلق فقط بالتحرك مرة أخرى، بل النهوض بشكل أفضل: استراتيجية شاملة لتحسين العلاقات بين الخليج وأمريكا اللاتينية

إذا كانت التوقعات الاقتصادية صحيحة، ولم يشهد الاقتصاد العالمي انتعاشًا على شكل حرف V يزيد من أسعار النفط بشكل كبير، فإن عام 2021م، سيكون عامًا انتقاليًا للعلاقات الاقتصادية بين دول الخليج وأمريكا اللاتينية. وقد تُتيح هذه الفترة الصعبة فرصة لتطوير استراتيجية متعمقة للتنويع الاقتصادي، تربط كلا المنطقتين بأساليب جديدة وغير مسبوقة.

تتطلب الاستراتيجية المبتكرة والشاملة الموجهة للتغيير النوعي للتبادل بين دول مجلس التعاون الخليجي وأمريكا اللاتينية مشاركة المؤسسات البحثية وأعضاء القطاع الخاص والمسؤولين الحكوميين في كلا المنطقتين، بحيث يتم تجميع المعلومات والخبرات في مشروع واحد. وتتطلب هذه المهمة المشتركة أبعادًا مختلفة للتحليل من حيث: فهم الأبعاد التكميلية في قطاعات اقتصادية محددة، وتقييم الفرص التفصيلية للاستثمار الأجنبي المباشر، وكذلك تحليل السوق لمنتجات محددة تُظهر إمكانية النمو. ويهدف المشروع المصمم بهذه الطريقة إلى توفير بديل للآليات الكلاسيكية للمعارض وتبادل زيارات الوفود الثنائية بين القطاعين العام والخاص، الأمر الذي يؤسس لروابط جديدة بين هذه البلدان.

إن مشاركة الجهات الرئيسية الفاعلة في المنطقتين اللتين تعملان سويًا، وبالتالي تقليل وجهات النظر أحادية الجانب، تؤدي إلى تحسين احتمالات تحقيق المنفعة المتبادلة في مجالات التعاون المشتركة والمشروعات والمنتجات الجديدة. وعلاوة على ذلك، فإن النتائج التي تم التوصل إليها، تحتاج إلى دمج مقترحات الطرفين في سياسات تعزز التنمية المحلية المحددة التي ينتهجها كل بلد مشارك، كشرط مسبق.

وللوهلة الأولى، هناك أربعة قطاعات اقتصادية محددة على الأقل تُظهر إمكانات كبيرة للتطور إلى مجالات جديدة للتبادل أو تعتبر مجالات ناضجة بالفعل قد ينمو فيها حجم التبادل بشكل كبير.

وتُعتبر الطاقة مثال واضح على التبادل بين الطرفين؛ إذ تمتلك دول مجلس التعاون الخليجي قطاع النفط الأكثر تقدمًا في العالم، بينما بدأت بعض دول أمريكا اللاتينية مثل البرازيل والأرجنتين وغويانا والمكسيك في تطوير احتياطيات ضخمة من النفط والغاز الصخري والبحري. ولذلك، قد تكون مشاريع الاستثمار الأجنبي المباشر من الشركات الخليجية وصناديق الثروة السيادية في مشاريع المنبع والمصب المحددة مفيدة للطرفين. وبالإضافة إلى ذلك، قد تعمل دول كلا المنطقتين على دمج سلاسل القيمة الخاصة بها لإنتاج وتوزيع الغاز الطبيعي المسال على الصعيد العالمي.

وتأتي الزراعة كمثال آخر على قطاع اقتصادي يتمتع بإمكانات هائلة. ففي المقام الأول، يتم تعزيز التبادل بين الطرفين من خلال تطوير منتجات محددة عالية الجودة لأسواق الخليج: مثل اللحوم الحلال ومنتجات الألبان، وكذلك السلع العضوية. وبعد ذلك، تُعزز الاستثمارات في الشركات الزراعية المدرجة في البورصات الدولية استراتيجية الخليج لتأمين إمدادات غذائية وزراعية متنوعة وعالية الجودة.

إن صادرات الخدمات هي أكثر القطاعات ديناميكية في الاقتصادات الكبرى بأمريكا اللاتينية. وتعد البرازيل والمكسيك والأرجنتين هي الجهات الفاعلة الرئيسية بصادراتها السنوية التي تبلغ 35 و30 و15 مليار دولار سنويًا على الترتيب. وتمتلك هذه الدول موارد بشرية عالية الجودة بتكلفة منخفضة نسبيًا. في نفس الوقت تعتمد دول مجلس التعاون الخليجي على عدد كبير من الخدمات والأنشطة الاستشارية التي يتم استيرادها أو تقديمها من قبل الوافدين. وقد تؤدي استراتيجية التنويع في هذا المجال إلى تغيير إمداد الخدمات بشكل أفضل، وفي نفس الوقت تقليل النفقات في دول مجلس التعاون الخليجي دون وقوع خسائر في الجودة. وعلاوة على ذلك، قد تُعزز التجربة التي تقدمها جائحة فيروس كورونا من حيث ممارسة بعض الأنشطة عن بعد المشاريع الجديدة في قطاع الخدمات بين المنطقتين.

وتعد السياحة هي المجال الرابع للتبادل بين الطرفين، فقد استثمرت كلتا المنطقتين مواردهما لزيادة عدد الزوار الأجانب؛ إذ طورت دول الخليج من بعض المرافق لتظهر بشكل أكثر رقيًا، ووسعت دول أمريكا اللاتينية البنية التحتية الجديدة في السياحة الطبيعية والبولو والجولف وشواطئها الفريدة. وعلاوة على ذلك، تلقت أمريكا اللاتينية على مدى العقد الماضي استثمارات كبيرة من شركات خليجية في فنادق فاخرة، حيث قدمت الدفعة الأولى للتبادل في هذه الصناعة.

وباختصار، يمكن للنهج الجديد والمجالات الجديدة للتجارة والاستثمار أن تجعل من هذه الفترة الانتقالية فرصة لمرحلة جديدة في العلاقات الاقتصادية بين دول مجلس التعاون الخليجي وأمريكا اللاتينية.

 

 

مقالات لنفس الكاتب