array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 158

2030 و الهدف الخامس: نجاح دول الخليج بتمكين المرأة

الأربعاء، 27 كانون2/يناير 2021

خطة 2030 للتنمية المستدامة: اعتُمدت خطة 2030 للتنمية المستدامة في سبتمبر من العام 2015م، من قبل جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بهدف القضاء على الفقر، ومكافحة عدم المساواة، وتغير المناخ لمدة تمتد إلى خمسة عشر عامًا، وهي نتاج ما يمكن القول إنه أشمل عملية تشاور في تاريخ الأمم المتحدة، تعكس مدخلات جوهرية من جميع قطاعات المجتمع والجهات الفاعلة في المجتمع الدولي. ولقد اعتبر المجتمع الدولي خطة 2030 خطة طموحة يمكن من خلالها تحقيق تحول كلي على المستوى العالمي في حال تم العمل بها بطريقة متكاملة ومنهجية ومترابطة لتحقيق التنمية المستدامة الشاملة ما أمكن ذلك.

وضعت خطة 2030 وأهداف التنمية المستدامة السبعة عشر (SDGs) لاستكمال الأهداف الإنمائية للألفية (MDGs) ولكن بشكل أوسع نطاقًا وطموحًا. وتشمل الخطة وأهدافها القضاء على الفقر والجوع وتحسين الصحة والتغذية؛ الحد من عدم المساواة؛ بناء مجتمعات سلمية وعادلة وشاملة؛ حماية حقوق الإنسان؛ تعزيز المساواة بين الجنسين وتمكين النساء والفتيات؛ والحماية الدائمة للكوكب وموارده الطبيعية. كما تهدف الخطة إلى تهيئة الظروف لتحقيق النمو الاقتصادي المستدام والشامل، والازدهار المشترك والعمل اللائق للجميع، مع مراعاة المستويات المختلفة للتنمية والقدرات الوطنية لكل دولة. صيغت خطة 2030 بأبعادها الثلاثة (الاقتصادية والاجتماعية والبيئية)، لجميع الدول (النامية والمتقدمة)، على قاعدة الاعتراف الأساسي بحقوق الإنسان والكرامة والإنصاف وحمايتها.

 

تشير خطة 2030 للتنمية المستدامة إلى إطارين عالميين إضافيين تم إصدارهما واعتمادهما في العام 2015م، واللذان يكملان ويعززان الطموحات والأولويات المحددة في الخطة، وهما: خطة عمل أديس أبابا بشأن تمويل التنمية واتفاق باريس لتغير المناخ. يؤطر جدول أعمال أديس أبابا الثالث آليات دعم وتكميل والمساعدة في تحقيق أهداف خطة 2030 من خلال توفير إطارًا منهجيًا لوسائل التنفيذ المالية وغير المالية للخطة، آخذًا بعين الاعتبار الموارد العامة المحلية، والأعمال التجارية الدولية الخاصة والمالية، والتعاون الإنمائي الدولي، والديون والقدرة على تحملها، ومعالجة القضايا المنهجية والعلم والتكنولوجيا والابتكار وبناء القدرات والبيانات والرصد والمتابعة. وفيما يختص باتفاقه باريس، فقد أكدت الدورة الحادية والعشرون لمؤتمر الأطراف (COP21) بشأن تغير المناخ إلى ضرورة التكيف مع آثار تغير المناخ على البيئة والمجتمعات بشتى أشكالها. وتمثل اتفاقية باريس الرابعة للمناخ معاهدة دولية ملزمة قانونًا والتي يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار كجزء لا يتجزأ من تحقيق خطة 2030. ولمواجهة تغير المناخ وآثاره السلبية، تبنت 197 دولة اتفاق باريس لتغير المناخ ودخل الاتفاق حيز التنفيذ في 4 نوفمبر 2016م.  

 

تعتبر خطة 2030 التزامًا حكوميًا دوليًا وخطة عمل للناس والكوكب والازدهار. تتألف الخطة من أربعة عناصر (فصول) رئيسية مبنية على خمسة أبعاد. وتمثل العناصر الأربعة، كما هو موضح في الشكل 1 (المصدر: هذا المقال): (1) الإعلان، (2) أهداف التنمية المستدامة، (3) وسائل التنفيذ والشراكة العالمية، (4) والمتابعة والاستعراض. كما وتتمثل الأبعاد الخمسة بالنقاط التالية: (1) الناس: إنهاء الفقر والجوع بجميع أشكاله وضمان الكرامة والمساواة، (2) الكوكب: حماية موارد كوكب الأرض الطبيعية ومناخه للأجيال القادمة، (3) الرخاء: ضمان تمتع جميع البشر بحياة مزدهرة ومُرْضِية، (4) السلام: تعزيز المجتمعات السلمية والعادلة والشاملة، (5) الشراكة: حشد الوسائل اللازمة لتنفيذ هذه الخطة من خلال إعادة إحياء شراكات عالمية قوية لتحقيق التنمية المستدامة.

شكل 1: العناصر الأربعة الرئيسية لخطة 2030 للتنمية المستدامة

والجدير ذكره أن خطة 2030 ترتكز في تنفيذها على المستوى الوطني للدول، حيث تأخذ الدول الأعضاء زمام المبادرة وتقوم بتكييف الخطة بما يتناسب مع احتياجاتها الوطنية. وتعتمد اساليب جديدة من الشراكات مع أصحاب المصلحة المعنيين تتمثل في إعطاء دور أكبر للمجتمع المدني، والقطاع الخاص، وشركاء آخرين في مجال التنمية. بالإضافة إلى التركيز على المساءلة واعتماد ثلاثة مستويات، اقتصادية واجتماعية وبيئية، لمتابعة واستعراض التقدم المحرز نحو تنفيذ خطة 2030 وذلك على المستوى الوطني والإقليمي والدولي.

 

  1. أهداف التنمية المستدامة

تضمنت خطة 2030 للأمم المتحدة 17 هدفا للتنمية المستدامة (SDGs)، شكل 2 (المصدر: الإسكوا، 2017)، و169 غاية (Targets)، و244 مؤشر قياس، والتي تغطي مجموعة شاملة من القضايا المتعلقة بالتغييرات الفنية والمؤسسية والسياساتية اللازمة لتحقيق التنمية المستدامة. تُظهر هذه الأهداف والغايات حجم وطموح خطة 2030، حيث تم وضعها لاستكمال ما لم يتم تحقيقه من الأهداف الإنمائية للألفية، وهي عبارة عن أهداف متكاملة وغير قابلة للتجزئة وتوازن بين الأبعاد الثلاثة للتنمية المستدامة: الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.

شكل 2: أهداف التنمية المستدامة الخاصة بخطة 2030 للأمم المتحدة

تشكل أهداف التنمية المستدامة مجموعة من الأهداف العالمية للصحة العادلة والاستدامة على كافة المستويات، من المحيط الحيوي الكوكبي إلى المجتمع المحلي. تمثل الأهداف إطارًا قويًا علميًا وبديهيًا على نطاق واسع لغايات القضاء على الفقر وإعمال حقوق الإنسان للجميع وحماية كوكب الأرض وضمان تمتع جميع الناس بالسلام وتحقيق المساواة بين الجنسين وتعزيز الازدهار الاقتصادي ومحاربة الفقر والجوع والحد من تدهور البيئة، في الوقت الحاضر وفي المستقبل. وتتلخص أهداف التنمية المستدامة كما هو موضح في جدول 1 (المصدر: الأمم المتحدة، 2015):

جدول 1: أهداف التنمية المستدامة الخاصة بخطة 2030 للتنمية المستدامة

رقم الهدف

مسمى الهدف

الوصف

1

القضاء على الفقر

القضاء على الفقر بكافة أشكاله وفي كل مكان.

2

القضاء على الجوع

القضاء على الجوع وتحقيق الأمن الغذائي وتحسين التغذية وتعزيز الزراعة المستدامة.

3

الصحة الجيدة والرفاه

ضمان حياة صحية وتعزيز الرفاهية لجميع الأعمار.

4

التعليم الجيد

ضمان تعليم جيد وعادل وشامل وتعزيز فرص التعلم مدى الحياة للجميع.

5

المساواة بين الجنسين

تحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين كل النساء والفتيات.

6

المياه النظيفة والنظافة الصحية

ضمان التوافر والإدارة المستدامة للمياه والصرف الصحي للجميع.

7

طاقة نظيفة وبأسعار معقولة

ضمان حصول الجميع، وبتكلفة معقولة، على طاقة حديثة وموثوقة ومستدامة.

8

العمل اللائق ونمو الاقتصاد

تعزيز النمو الاقتصادي المطرد والشامل والمستدام والعمالة الكاملة والمنتجة والعمل اللائق للجميع.

9

الصناعة والابتكار والهياكل الأساسية

بناء بنية تحية مرنة، وتعزيز التصنيع الشامل المستدام، وتعزيز الابتكار بشتى أشكاله.

10

الحد من أوجه عدم المساواة

الحد من عدم المساواة داخل الدول وفيما بينها.

11

مدن ومجتمعات محلية مستدامة

جعل المدن والتجمعات البشرية شاملة وآمنة ومرنة ومستدامة.

12

الاستهلاك والإنتاج المسؤولان

ضمان أنماط الاستهلاك والإنتاج المستدامة.

13

العمل المناخي

اتخاذ إجراءات عاجلة للتصدي لتغير المناخ وآثاره.

14

الحياة تحت الماء

حفظ المحيطات والبحار والموارد البحرية واستخدامها على نحو مستدام لتحقيق التنمية المستدامة.

15

الحياة في البر

حماية واستعادة وتعزيز الاستخدام المستدام للنظم الإيكولوجية الأرضية، وإدارة الغابات على نحو مستدام، ومكافحة التصحر، ووقف وعكس تدهور الأراضي ووقف فقدان التنوع البيولوجي.

16

السلام والعدل والمؤسسات القوية

تعزيز المجتمعات السلمية والشاملة لتحقيق التنمية المستدامة، وتوفير الوصول إلى العدالة للجميع وبناء مؤسسات فعاله وخاضعة المساءلة وشاملة على جميع المستويات.

17

عقد الشراكات لتحقيق الأهداف

تعزيز وسائل التنفيذ للأهداف وتنشيط الشراكة العالمية من أجل التنمية المستدامة.

  1. خطة 2030 والدول العربية

على الرغم من التحديات الهائلة التي واجهتها ولا تزال تواجهها المنطقة العربية منذ عقود، تبذل العديد من الدول العربية جهودًا ملحوظة لتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية من خلال تنفيذ مختلف التوصيات العالمية. وبناء عليه، انضمت الحكومات العربية إلى المجتمع الدولي في الالتزام بخطة 2030 للتنمية المستدامة بكل ما تختزنه من طموح وما تنطوي عليه من أبعاد وأهداف مترابطة. ومنذ عام 2015م، تتكاثف الجهود المبذولة في المنطقة العربية لتبني واحتضان خطة 2030 وأهدافها السبعة عشر للتنمية المستدامة. ولتحقيق ذلك، بدأت العديد من الحكومات العربية بتكييف هياكلها المؤسسية لتتلاءم مع تنفيذ الخطة، ومواءمة وإعادة ترتيب الأولويات الوطنية بحيث تنسجم مع أهداف التنمية المستدامة، وإطلاق مراجعات وطنية طوعية لذات الخصوص؛ حيث شاركت 16 دولة عربية في مراجعات وطنية طوعية منذ العام 2016م، وحتى العام 2019م، كما هو موضح في جدول 2 (المصدر: الأمم المتحدة، 2019م).

جدول 2: المراجعات الوطنية الطوعية من العالم العربي، للأعوام من 2016 إلى 2019

2016

2017

2018

2019

مصر

المغرب

الأردن

قطر

الإمارات

البحرين

السعودية

السودان

فلسطين

قطر

لبنان

مصر

الجزائر

العراق

عُمان

الكويت

موريتانيا

 

عمدت كل دولة عربية إلى إنشاء هيكل حوكمة وطني لإدارة ومتابعة تنفيذ خطة 2030 وأهدافها السبعة عشر للتنمية المستدامة، مع مراعاة كل دولة لسياقها الوطني وأولوياتها التنفيذية. فعلى سبيل المثال، تم تكليف لجنة التخطيط الحكومية الموجودة مسبقًا في كل من البحرين والأردن والمغرب لتنفيذ ومتابعة تحقيق أهداف التنمية المستدامة، في حين عمدت باقي الدول العربية الى استحداث هياكل جديدة تابعة للحكومة لمتابعة تنفيذ وتحقيق الأهداف. وفيما يختص بالإشراف العام على الخطة وأهدافها، فقد تم في بعض الدول العربية، كمصر والأردن ولبنان وفلسطين، تكليف جهات تابعة لرئاسة الدولة لتنسيق أهداف التنمية المستدامة، بينما تولت وزارات معينة مسؤولية قيادة العملية في دول مثل المغرب وقطر والإمارات والسعودية والكويت وعُمان (المصدر: جامعة الأمم المتحدة، 2020). بشكل عام، أخذت الدول العربية المسؤوليات اللازم اتباعها لضمات تفاعل الوزارات المختلفة والهيئات الوطنية المتعددة للنهوض وتحقيق خطة 2030؛ كما عمدت معظم الدول العربية الى إدراج أهداف التنمية المستدامة في خططها الوطنية القصيرة والمتوسطة والطويلة الأمد.

 

يظهر تقرير مؤشر أهداف التنمية المستدامة للمنطقة العربية للعام 2019م، والصادر عن شبكة حلول التنمية المستدامة بالتعاون مع أكاديمية الإمارات الدبلوماسية، التقدم الذي تم إحرازه من قبل الدول العربية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة والمعيقات التي تواجهها في سبيل تحقيق ذلك. كما ويظهر التقرير ترتيب الدول العربية ومجموع نقاط كل دولة في عملية تحقيق هذه الأهداف، مع الأخذ بعين الاعتبار أن عملية المقارنة تمت بين دول المنطقة فقط (مجموع 22 دولة) ولا تشمل المقارنات مع دول العالم الأخرى. وجاء ترتيب الدول العربية على النحو التالي: الجزائر (بمجموع نقاط 66.69)، الإمارات (66.17)، المغرب (65.77)، تونس (65.33)، الأردن (65.28)، لبنان (63.09)، عٌمان (62.84)، مصر (61.59)، الكويت (61.08)، قطر (60.57)، البحرين (59.82)، السعودية (59.72)، العراق (55.49)، ليبيا (53.90)، موريتانيا (52.75)، السودان (52.11)، سوريا (51.86)، جيبوتي (51.04)، جزر القمر (48.26)، اليمن (46.89)، الصومال (43.41)، وفلسطين (البيانات غير متوفرة لمعدي التقرير). كما أظهر التقرير صدارة دول مجلس التعاون الخليجي في تحقيق مؤشر التنمية البشرية في هذه الدول مقارنة بالدول العربية الأخرى. حيث احتلت الإمارات المرتبة الأولى تليها قطر والسعودية والبحرين وعُمان والكويت على التوالي.

 

  1. الهدف الخامس (المساواة بين الجنسين): نظرة في الواقع العربي ودول مجلس التعاون الخليجي

منذ عام 1995م، أسفرت الجهود التي تبذلها الجهات الفاعلة المختلفة في الدول العربية للنهوض بقضايا المرأة وحقوقها عن نتائج ملموسة. ولإتمام ذلك، تم إنشاء العديد من الآليات النسائية الوطنية (National Women’s Machineries) كما وتم تعزيز الآليات المؤسسية المكلفة بالنهوض بواقع المرأة وفقًا للأهداف والإجراءات الاستراتيجية الواردة في إعلان ومنهاج عمل بيجين. وأدت الإجراءات الحكومية إلى تحسينات رئيسية في واقع المرأة من خلال الإصلاحات التشريعية والسياسية، وبرامج النهوض بالمرأة، وتوفير مجموعة واسعة من الخدمات العامة. كما وساهمت منظمات ونشطاء المجتمع المدني إلى زيادة الوعي بحقوق المرأة بالإضافة الى مشاركتهم في تطوير السياسات والاستراتيجيات الوطنية في عدة دول عربية لذات الخصوص. ومع ذلك، فإن هذا التقدم، حتى الآن، لم يرق إلى مستوى التوقعات أو الالتزامات الدولية للدول.

 

لا يزال دور المرأة في المنطقة العربية يُنظر إليه بشكل عام على أنه مرتبط بشكل أساسي ووثيق بالأسرة والمنزل. حيث تواجه النساء تحديات كبيرة في سوق العمل أو حين الرغبة في المشاركة في الحياة والعمل السياسي. فيما يختص بسوق العمل، لم تُترجم المكاسب التي تم تحقيقها في التحصيل العلمي للفتيات العربيات إلى زيادة كبيرة في مشاركة المرأة في القوى العاملة، لا سيما بين الشابات، والتي لا تزال منخفضة للغاية في دول المنطقة مقارنة بمثيلاتها في المناطق الأخرى حول العالم. حيث بينت إحصائيات البنك الدولي إلى أن نسبة مشاركة المرأة في القوى العاملة في العالم العربي بلغت (%20.73) فقط للفئة العمرية 15-64 سنة في العام 2020م، فعلى سبيل المثال لا الحصر، بلغ معدل مشاركة القوى العاملة للنساء في العام 2020م، للفئة العمرية 15-64 عامًا في العراق (%13.67)؛ ولبنان (%24.45)؛ ومصر (%23.72)؛ والأردن (%18.20)؛ وتونس (%26.22)؛ والمغرب (%24.11)؛ والجزائر (%17.67)؛ بينما بلغت النسبة في فلسطين (%18) للعام 2019 (المصدر: البنك الدولي، 2021). وفيما يتعلق بالعمل السياسي، وعلى الرغم من إحراز تقدم في معدلات التمثيل السياسي للمرأة في الدول العربية، إلا أنها لا تزال منخفضة مقارنة بالمتوسطات العالمية على مستويات الحكم المختلفة، سواء الوطنية أو المحلية. وتعتبر تونس الدولة العربية الوحيدة التي تمكنت من تحقيق هدف التمثيل السياسي النسائي بنسبة %30على المستوى الوطني والذي يتوافق مع توصيات إعلان ومنهاج عمل بيجين (المصدر: الإسكوا، 2020).

 

إن مشاركة النساء في القوى العاملة في المنطقة العربية متأخرة كثيرًا عن مثيلتها في المناطق الأخرى، وفي بعض دول مجلس التعاون الخليجي مازال هذا المؤشر أقل من المتوسط السائد في المنطقة. وعلى الرغم من أن الإحصاءات تشير إلى أن قرابة نصف سكان منطقة مجلس التعاون الخليجي من النساء، إلا أن نسبة مشاركة النساء في القوى العاملة للعام 2020م، بلغت، بالترتيب التنازلي، في الكويت (%24.68)، البحرين (%19.78)، الإمارات (%17.71)، السعودية (%15.78)، قطر (%13.76)، عُمان (%12.67) (المصدر: البنك الدولي، 2021). إن مشاركة النساء الخليجيات في القوى العاملة من شأنه دفع العجلة الاقتصادية في دولهن وإنعاس هذا الأمر في المقابل على رفاهيتهن ورفاهية أطفالهن وعائلاتهن على حد سواء.

 

وفيما يختص بمشاركة النساء في المجالات السياسية المختلفة في دول مجلس التعاون الخليجي، فعلى الرغم من أن الإحصاءات تشير إلى أن نسب المشاركة والتمثيل السياسي للنساء في هذه الدول ما زالت بحاجة إلى المزيد من الدعم من أصحاب القرار، إلا أن هذه الدول بذلت، ولا تزال تبذل، العديد من التحسينات والإجراءات اللازمة لرفع مستوى تمثيل المرأة الخليجية في العمل السياسي واتخاذ القرارات العليا. فعلى سبيل المثال، جاءت دولة الإمارات العربية المتحدة من ضمن أعلى أربع دول على مستوى العالم في مجالات تمكين المرأة في العمل البرلماني. حيث بلغت نسبة تمثيل النساء في المقاعد البرلمانية في دولة الإمارات للأعوام 2019 و2020م، (%50). كما بلغت نسبة التمثيل النسائي في برلمانات دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى للعام 2020م، بالترتيب التنازلي، في السعودية (%19.87)، البحرين (%15)، قطر (%9.76)، الكويت (%6.35)، عُمان (%2.33) (المصدر: البنك الدولي، 2021). ومن الملاحظ أن نسبة التمثيل في معظم هذه الدول لا زالت بحاجة إلى التعزيز والدعم، علمًا بأن معدل المقاعد التي تشغلها النساء في البرلمانات الوطنية في الدول العربية مجتمعة بلغت (%17.82) فقط في العام 2020م.

 

في المقابل، تبذل دول مجلس التعاون الخليجي الجهود والإجراءات اللازمة لتمكين النساء من المشاركة الكاملة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية، وحقَّقت تقدمًا نحو إشراك النساء في الحياة السياسية، وكذلك نحو حصولهن على حصة من الوظائف العامة، وتشجيع ريادة الأعمال النسائية. فعلى سبيل المثال لا الحصر، صدر في المملكة العربية السعودية أمر ملكي في العام 2013م، ينص على تمتع المرأة السعودية بكامل الحقوق كعضو في مجلس الشورى، وأن تشغل ما نسبته (%20) من مقاعد المجلس كحد أدنى. وفي العام 2015م، أقرت أحقية مشاركة المرأة السعودية للترشح والانتخاب لعضوية المجالس البلدية. كما صدرت في الآونة الأخيرة العديد من التعديلات القانونية التي طبقتها المملكة العربية السعودية لتعزيز تمكين المرأة في مجالات عدة، مثل رفع القيود عن حرية التنقل، وحظر التمييز في المعاملة في أماكن العمل، وحماية النساء من التحرش والاضطهاد. وتظهر الإحصاءات المحلية الصادرة من قبل مركز الأعمال في مدينة الرياض أن ما نسبته (%42) من المستفيدين من مجمع خدمات المستثمرين هم من النساء لغايات دعم مشاريعهن ومنشآتهن الصغيرة والمتوسطة الحجم.

 

وفي البحرين، يعمل المجلس الأعلى للمرأة على إيجاد الوسائل اللازمة لتشجيع النساء ليصبحن صاحبات أعمال. كما وتم إنشاء حاضنة خاصة تهدف إلى تمكين النساء من خلال توفير الدعم المالي واللوجيستي اللازم لتأسيس مشاريعهن، الصغيرة والمتوسطة، وتسويق منتجاتهن. وفي الكويت، يبذل المجلس الأعلى للتخطيط والتنمية الجهود اللازمة لتعزيز وتمكين المرأة الكويتية والخليجية على حد سواء. ففي العام 2018م، تم إطلاق مبادرة "مبادئ تمكين المرأة" بالشراكة ما بين الأمانة العامة للمجلس الأعلى للتخطيط والتنمية وهيئة الأمم المتحدة للمرأة وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي لغايات تشجيع القطاع الخاص الكويتي لدعم وتعزيز وتسريع تحقيق المساواة ما بين الجنسين وتمكين المرأة اقتصاديا، وبما يتماشى مع أجندة 2030 للتنمية المستدامة. هذا بالإضافة إلى توفر العديد من الحاضنات الاقتصادية والسياسية الهادفة لتمكين المرأة الكويتية. وفي عُمان، تم وضع العديد من التشريعات القانونية لضمان حقوق المرأة العمانية الاقتصادية والاجتماعية. حيث خصصت، على سبيل المثال، المادة (2) من القانون الأساسي لحقوق المرأة، وصدر قانون العمل رقم 35/2003 لغايات تحقيق المساواة في مجال العمل بين الجنسين. كما وتم تضمين محورًا خاصًا لتمكين المرأة في "رؤية عُمان 2040" يهدف إلى توفير البيئة المناسبة لمشاركة المرأة العمانية في شتى مناحي الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والمدنية.

 

ولقد صادقت دولة قطر على اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة، كما وتضمنت رؤية قطر العمل على توفير البيئة المناسبة لتشجيع المرأة القطرية على إنشاء المشاريع الاقتصادية، الصغيرة والمتوسطة الحجم، من خلال توفير الدعم المالي واللوجيستي اللازم من خلال حاضنات وطنية وحكومية. كما وتم في العام 2020م، إنشاء لجنة وطنية خاصة تعنى بشؤون المرأة والطفل وكبار السن والأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة لغايات تمكينهم والحفاظ على حقوقهم ودعمهم اقتصاديًا واجتماعيًا. وفي دولة الإمارات العربية المتحدة، تم في العام 2018م، إصدار قانون خاص لضمان المساواة بين الجنسين في الأجور، ويهدف القانون إلى تمكين المرأة من المشاركة والقيام بدور قيادي في تنمية الدولة في كافة المجالات. كما وتم إصدار سياسة حماية الأسرة ومرسوم قانون خاص لحماية النساء والفتيات من العنف في العام 2019م. كما وتبوأت الإمارات المركز 18 عالميًا والأول عربيًا في مؤشر المساواة بين الجنسين الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للعام 2020م.   

 

إن مشاركة المرأة الخليجية في الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية جزء لا يتجزأ من نجاح الرؤى المختلفة لدول مجلس التعاون الخليجي. ويتحتم على هذه الدول الاستفادة من المكاسب التي تحقَّقت بالفعل في مجالات تعليم ودعم النساء حتى يصبحن رائدات في مجالات الأعمال المختلفة وجزءً من لبنات بناء القوى العاملة لدول مجلس التعاون الخليجي وأساس أجنداتها لتحقيق تنويع الأنشطة الاقتصادية وتحقيق أهداف التنمية المستدامة ومن بينها الهدف الخامس لغايات تحقيق المساواة بين الجنسين.

 

  1. الخاتمة

إن تحقيق خطة 2030 وأهدافها السبعة عشر للتنمية المستدامة في العالم بشكل عام والمنطقة العربية بشكل خاص يتطلب معالجة قضايا التنمية بطرق جديدة تتلاءم مع التحديات الوطنية والإقليمية والدولية، إلا أن الآليات المتبعة لتحقيق هذه الأهداف تختلف من دولة إلى أخرى بناء على إمكانياتها الاقتصادية والمالية واستقرارها الأمني ومستوى جودة بنيتها التحتية اللازمة لتحقيق هذه الأهداف.

 

على الرغم من الوضع المضطرب في المنطقة العربية، إلا أن بعض الدول العربية تبذل جهودًا حثيثة لتحقيق خطة 2030 وأهدافها للتنمية المستدامة. وبينت التقارير الإقليمية والدولية أن خمسة دول عربية تتبوأ مراكز القيادة في عملياتها الدؤوبة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة وهي بالترتيب التنازلي: الجزائر والإمارات والمغرب وتونس والأردن. إلا أن الدول العربية مجتمعه حققت حتى العام 2019م، معدل %58 فقط من خطة 2030 وأهدافها، مما يشير إلى ضرورة أن تبذل هذه الدول المزيد من الجهود وبشكل متسارع في جميع مجالات أهداف التنمية المستدامة لتتمكن من اللحاق بالركب لتحقيق هذه الأهداف التي لم يتبق على خطة تنفيذها وتحقيقها إلا عقد من الزمان.

 

ولتحقيق الهدف الخامس من أهداف التنمية المستدامة، والذي يعنى بتحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة والفتيات، هناك حاجة ملحة من أصحاب القرار في الدول العربية إلى استصدار القرارات والقوانين والتشريعات والسياسات والاستراتيجيات ووضع الخطط القصيرة والمتوسطة والطويلة الأمد المناسبة لحماية الحريات الأساسية للنساء والفتيات. هذا بالإضافة إلى تخصيص الموارد الكافية والملائمة، كل دولة بما يتناسب مع سياقها الاجتماعي وإمكانياتها المادية واللوجستية، للقضاء على كافة أشكال التمييز والعنف ضد المرأة لما في ذلك من نتائج إيجابية في تحقيق التنمية المستدامة والازدهار والأمن المجتمعي. وأخيرًا وليس آخرًا، إن تمكين المرأة اقتصاديًا، من خلال توفير فرص العمل المناسبة لقدراتها وكفاءاتها العلمية والمهنية مع توفير أجور عادلة مقابل العمل الذي تقوم به، وتعزيز دور المرأة السياسي، ومساهمتها في صنع القرار سيساعد في تحقيق العدالة الاجتماعية التي هي أساس تقدم الشعوب وديمومة تنميتها واستدامتها.

مقالات لنفس الكاتب