; logged out
الرئيسية / الرؤية العمانية 2040: حلقة وصل بين مراحل التنمية بالسلطنة

العدد 158

الرؤية العمانية 2040: حلقة وصل بين مراحل التنمية بالسلطنة

الأربعاء، 27 كانون2/يناير 2021

تعتبر الرؤية العمانية 2040 من أكثر الرؤي الخليجية عمقًا وطموحًا في سعيها لنقل سلطنة عمان من دولة صغيرة الحجم ومحدودة الموارد إلى دولة متقدمة في غضون عقدين من الزمن. تتميز هذه الرؤية عن سابقتها بأنها حلقة الوصل التي تربط مرحلة تأسيس الدولة الحديثة بكل صعابها وتحدياتها بمرحلة الالتحاق بمصاف الدول المتقدمة، وكونها المنهجية والآلية الأكثر فعالية لسن قوانين ورسم سياسات مؤسسية واستراتيجيات قطاعية تتوافق مع أهداف التنمية المستدامة 2030. لذا تسعى الرؤية الجديدة إلى رفع القدرات والمهارات الوطنية لتتماشي مع متطلبات الثورة الصناعية الرابعة وتطوير برامج تحول وطنية مثل برنامج إدارة التغير وبرنامج التحول الإلكتروني وبرنامج الاستدامة المالية من أجل تغيير التركيب الهيكلي للاقتصاد العماني وتحقيق الرفاهية المجتمعية. ان نجاح هذه الرؤية الطموحة يعتمد على قدرة السلطنة في تطبيق السياسيات والبرامج التي تسعي لتحقيق أهدافها والتغلب على التحديات المزمنة التي أعاقت تحقيق أهداف الرؤية السابقة.

أهداف الرؤية العمانية 2040

تهدف الرؤية العمانية الجديدة إلى إحداث تغير هيكلي في النظام الاقتصادي والاجتماعي والإداري بشكل يساعد السلطنة على التحول من دولة نامية إلى دولة متقدمة بحلول عام 2040. في هذا الإطار، تقدم الرؤية الجديدة البعد الاستراتيجي والإطار السياسي للتطور المؤسسي ولرسم الخطط التنموية التي تساعد السلطنة على إحداث التحول المنشود.  بدأت السلطنة أولى خطواتها بإعادة هيكل الجهاز الإداري للدولة ودمج العديد من الوزارات والمؤسسات التنفيذية وتوحيد أساليب وأنماط العمل داخل النظام الإداري والحكومي وترشيد استخدام الموارد البشرية والطبيعية من أجل تحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية المستهدفة.  لذا يجب أن تكون التنمية شاملة في جميع نواحيها السياسية والاجتماعية والاقتصادية بشكل يتماشى مع طبيعة العصر واحتياجات المجتمع ومتطلبات الأجيال الشابة من حريات ومستويات معيشية ورفاهية عالية قد تختلف شكلاً وموضوعًا عن متطلبات الأجيال السابقة.

تهدف الرؤية إلى ضمان استدامة الاقتصاد العماني من خلال التنويع الاقتصادي وتعدد مصادر الدخل عن طريق تنمية القطاعات غير النفطية مثل التصنيع والزراعة والسياحة والنقل والتعدين والقطاعات الأخرى التي لا تعتمد على الإيرادات النفطية. كما تهدف الرؤية إلى الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية بحيث تلبي هذه الموارد النادرة احتياجات المجتمع الحالية مع الاحتفاظ بنصيب الأجيال القادمة في هذه الموارد، وحماية النظام البيئي من التغييرات إلى تؤثر على توازنه.

يأتي الدور الهام للرؤية 2040 في تغيير الفلسفة الاقتصادية التي يقوم عليها الاقتصاد العماني من اقتصاد ريعي يعتمد على النفط والغاز في الإيرادات إلى اقتصاد قائم على التنافسية والإنتاج والإدارة الرشيدة لتعظيم الاستفادة من الموارد الطبيعية والبشرية.  وفي هذا السياق تسعى الرؤية إلى تغيير نمط الاقتصاد من اقتصاد استهلاكي يعتمد على الاستيراد لمعظم احتياجات السلطنة من الخارج إلى اقتصاد إنتاجي يعتمد على الاستثمار في العملية الإنتاجية لتلبية احتياجات السوق المحلي وتصدير الفائض إلى الأسواق الدولية، كما تسعى إلى غرس قيم الادخار والاستثمار والإنتاج وريادة الأعمال بما يعزز من القدرات الإنتاجية للسلطنة.

ونظرًا لأهمية الجانب الاقتصادي تسعى الرؤية الجديدة إلى تحرير الاقتصاد وتعزيز دور القطاع الخاص ليكون شريك أساسي مع الحكومة والقطاع العام في عملية التنمية، بالإضافة إلى رفع كفاءة وفعالية شركات القطاع العام التي تعد حاليًا المحرك الرئيسي في خلق الوظائف والتنمية.  يؤدي التحرير الاقتصادي إلى تحويل دور الحكومة من مالك ومستثمر ومزود للخدمات إلى مشرف ومراقب على القطاع الخاص والعام، وبالتالي تخفيف العبء والمسؤولية عن الحكومة ليقتصر دورها على التنظيم الإداري والتشريعي والرقابي، مما يسمح للقطاع الخاص بلعب دور أكبر في عملية التنمية.

اهتمت الرؤية أيضًا بالجانب الاجتماعي حيث أصبح الإنسان العماني محور التنمية، فهو الوسيلة لتحقيق التنمية وبالتالي لابد من تطوير قدراته ومهاراته من أجل تطبيق برامج الرؤية، كما أنه الهدف الرئيسي من عملية التنمية التي تسعى إلى توفير حياة كريمة للإنسان. لذا وضعت الرؤية الجديد التعليم والتعلم والبحث العلمي والرعاية الصحية والمواطنة والهوية والتراث والثقافة الوطنية والرفاه والحماية الاجتماعية على قمة أولوياتها.

ربط التوجهات الاستراتيجية ومرتكزات الرؤية بأهداف التنمية المستدامة 2030

حرصت سلطنة عمان على ربط التوجهات الاستراتيجية للرؤية بأهداف التنمية المستدامة السبعة عشر التي حددتها الأمم المتحدة في سبتمبر عام 2015م. ظهر هذا في طريقة تحديد وتناول الأولويات الوطنية للرؤية التي تضمنت التعليم والصحة والمواطنة والهوية والثقافة وحياة كريمة مستدامة لمواجهه التحديات المتعلقة بالقضاء على الفقر والجوع وعدم المساواة. تتطلب التنمية البشرية التركيز على تعليم شامل وتعلم مستدام يضمن توفير فرص التعلم مدي الحياة، والاهتمام بالبحث العلمي الذي يقود إلى مجتمع معرفي. كذلك أكدت على الاهتمام بالنظام الصحي وتطبيق أحدث نظم الرعاية الصحية لخفض معدلات الوفيات وزيادة العمر المتوقع للفرد عند الولادة، وتطوير سياسات الصحة العامة التي تعتمد على الحماية من الأمراض المعدية والأوبئة بما يساعد المواطن على الاستمرار في الدراسة والعمل لتطوير القدرات والمهارات التي تزيد من معدلات الإنتاجية في مجالات العمل المختلفة.  يؤكد هذا الربط بين الأهداف والأولويات التي تخص الإنسان والمجتمع على ضرورة تطوير سياسيات تضمن توفير الأمن الغذائي والاستثمار المستمر في تنمية رأس المال البشري لضمان تمتع جميع المواطنين بأنماط عيش صحية وبالرفاهية في جميع الأعمار.

يعد الربط بين الأولويات الاستراتيجية للرؤية وأهداف التنمية المستدامة في الحفاظ على الموارد الطبيعة والاستدامة البيئية أحد أهم المحطات التي تستوقف المحللين وذلك لحاجة السلطنة الملحة إلى الاستخدام الأمثل والمتوازن للموارد الطبيعية واستدامتها دعمًا لأمن الطاقة والاقتصاد الوطني.  يدل هذا الربط على اهتمام السلطنة بالمشاركة في التحديات التي تواجه العالم، خاصة تلك المتعلقة بتغير المناخ وتدهور البيئة.  تمثل هذا الاهتمام في إعداد وتطوير سياسات أمن غذائي ومائي قائم على موارد متجددة وتقنيات متطورة وبيئة محمية تحقق التوازن بين المتطلبات البيئية والاقتصادية والاجتماعية والعمل بقواعد التنمية المستدامة.

 تسعي السلطنة إلى تحقيق استخدام مستدام للموارد والثروات الطبيعية واستثمارها بما يكفل تحقيق قيمة مضافة عالية، وتوسع في استخدام الطاقة المتجددة من مصادر متنوعة وترشيد استخدامها، وتطوير اقتصاد أخضر ودائري يستجيب لاحتياجات المجتمع ويلتزم بقواعد التأقلم من ظاهرة التغير المناخي وتطبيق قواعد الاستهلاك والإنتاج المستدامين.  يظهر هذا جليًا في سياسيات السلطنة لتنمية المحافظات والمدن المستدامة التي تتبع نهجًا لامركزيًا لتعزيز الميزة التنافسية لكل محافظة والاستغلال الأمثل للأراضي لاستيعاب النمو السكاني المتزايد بما يضمن توافر المياه وخدمات الصرف الصحي وخدمات الطاقة الحديثة والمتجددة بأسعار ميسورة لجميع المواطنين. 

في المجال الاقتصادي، ركزت الرؤية على وجود قيادة اقتصادية تعمل في إطار مؤسسي متكامل على تحقيق أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية، كما تتميز هذه القيادة بصلاحيات ملزمة ذات مهام واضحة، ومنظومة تشريعات اقتصادية، وكفاءة تناسب ديناميكية السوق الحر والتغيرات المتسارعة في النظام الاقتصادي العالمي.  كما ركزت الرؤية على إيجاد اقتصاد متنوع ومستدام قائم على المعرفة والابتكار وريادة الأعمال، تكون أطره متكاملة، ومستوعب لمتطلبات الثورة الصناعية الرابعة.

اتسمت أولويات التنويع الاقتصادي والاستدامة المالية وسوق العمل والتشغيل بالتناغم مع الهدف الثامن لأهداف التنمية المستدامة 2030 الذي يهدف إلى تعزيز النمو الاقتصادي المطرد والشامل والعمالة الكاملة والمنتجة وتوفير العمل اللائق للجميع.  ركز الهدف الأول على النمو الاقتصادي باعتباره المحرك الرئيسي للتنمية المستدامة، والوسيلة الفعالة التي تساعد المواطنين على الخروج من دائرة الفقر.  لذا حرصت السلطنة على تطبيق برامج وسياسات تهدف إلى زيادة الناتج المحلي الإجمالي بالمستوى الذي يرفع معدل دخل الفرد إلى المستويات التي تضمن له حياة كريمة.

أعطت الرؤية أيضًا اهتمامًا كبيرًا لتطوير سوق العمل من خلال تحويل سوق العمل العماني من سوق يعتمد على العمالة غير الماهرة إلى سوق جاذب للكفاءات والمهارات العالية وأن يتفاعل مع التغييرات الديمغرافية والاقتصادية والمعرفية والتقنية من أجل رفع قدرات القوة العاملة الوطنية ودعمها بالخبرات الدولية.  لذا ركزت الرؤية على الاستثمار في تطوير القوى البشرية لتكون ذات مهارات وإنتاجية عالية وثقافة عمل إيجابية، وخلق بيئة عمل جاذبة للعمالة الماهرة، وتطوير منظومة تشغيل مبنية على الكفاءة والإنتاجية وتذكي روح المبادرة والابتكار. وبالتالي يمكن من خلال تطبيق الرؤية الوطنية مواجهة تحديات سوق العمل الحالية مثل مراجعة التشريعات ومشكلة الباحثين عن عمل وتدني معدل إنتاجية العامل، والذي يؤدي إلى تحقيق هدف التنمية المستدامة وهو توفير العمل اللائق بالمواطنين.

ظهر الربط والتناغم بين التوجه الاستراتيجي للرؤية وأهداف التنمية المستدامة أيضًا في التأكيد على أهمية الشراكة المتوازنة بين الحكومة والشركاء الفاعلين في عملية التنمية، حيث ركزت الرؤية على الدور الجوهري للقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني في التنمية، بينما أكد تقرير الأمم المتحدة على الحاجة إلى تنشيط الشراكة العالمية والتعاون الدولي على كل المستويات لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.  وبالتالي أكدت السلطنة التزامها بتعبئة الموارد، والتكنولوجيا، وبناء القدرات، والتجارة، والتماسك في السياسات والمؤسسات، والشراكات بين أصحاب المصلحة المتعددين، ورصد البيانات والمساءلة، مما يساعد على سرعة بناء شراكات متوازنة بين القطاعين العام والخاص والمجتمع المدني والأفراد ودور تنظيمي فاعل للحكومة قائم على مبادئ الحوكمة الرشيدة. 

طرق وآليات تحقيق الرؤية 2040

نظرًا للشمولية والترابط الذي يميز أولويات الرؤية الوطنية وأهداف التنمية المستدامة فقد حرصت السلطنة على دمج أهداف التنمية المستدامة 2030 ضمن المرتكزات الرئيسية للرؤية 2040 والخطة الخمسية العاشرة (2021-2026) وبرنامج الاستدامة المالية متوسط المدي (2020-2024).  وقامت السلطنة بإنشاء وحدة مختصة بالإشراف والمتابعة على تنفيذ البرامج والسياسات التي تهدف إلى تحقيق أهداف الرؤية 2040.

أولا: الخطط الخمسية التنموية

تعتمد سلطنة عمان على التخطيط الاستراتيجي في التنمية من خلال خطط تنموية يتم تطبيقها كل خمس سنوات. فعلي مدي العشرين عامًا القادمة سيتم تنفيذ أربع خطط خمسية، الأولى هي الخطة الخمسية العاشرة (2021-2025)، والثانية هي الخطة الخمسية الحادية عشرة (2026-2030)، والثالثة هي الخطة الخمسية الثانية عشرة (2031-2036)، والرابعة هي الخطة الخمسية الثالثة عشرة (2036-2040).

تعتبر الخطة الخمسية العاشرة (2021-2025) بداية الأساس التنفيذي للرؤية 2040، حيث تضمنت الخطة معظم البرامج والسياسات والإجراءات التي تهدف إلى تحقيق الأولويات التي تم تحديدها بالرؤية. ومن المهم في هذه الخطة التركيز على عدد محدد من الأولويات والتي يمكن من خلالها إشعار المواطنين بتأثير وتقدم حقيقي على أرض الواقع، ولذا قامت السلطنة بتوفير الموارد المالية والبشرية التي تحقق تقدم على مستوى الأربع محاور الرئيسية للعمل هي الإنسان والمجتمع والاقتصاد والتنمية والبيئة والحوكمة والأداء المؤسسي. ويجب التنويه هنا إلى أن الخطة العاشرة سوف تركز على البعد العمراني للتنمية والذي يتماشى مع الاستراتيجية الوطنية للتنمية العمرانية واستراتيجيات التنمية الشاملة والمتوازنة جغرافيًا بحيث تشمل جميع المحافظات.  

تركز الخطة العاشرة بشكل رئيسي على التنويع الاقتصادي بهدف توسيع القاعدة الإنتاجية والتصديرية وتنويع الشركاء التجاريين وزيادة الاستثمار في القطاعات ذات القيمة المضافة العالية، وبما يرفع مساهمة القطاعات غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي من 61 % إلى 83.9% عام 2030، ثم إلى 91.6 % عام 2040.  وقد حددت السلطنة مستهدفات الخطة العاشرة بشكل طموح، حيث يرتفع نصيب قطاع الصناعات التحويلية في الناتج المحلي الإجمالي من 10.8 % حاليًا إلى 12.2 % في عام 2025، وقطاع النقل واللوجستيات من 6.4 % إلى 7.5 %، والتعليم (الذي تم اضافته هذا العام إلى القطاعات الخمس التي شملتها الخطة التاسعة) من 4.9% إلى 6.2 %، السياحة من 2.5 % إلى 3 %، والثروة السمكية من 0.9 % إلى 2 %، والتعدين من 0.5% إلى 0.7% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2025.

ثانيًا: خطة الاستدامة المالية

يشير تقرير وزارة المالية إلى أن خطة التوازن المالي تعتبر أحد أهم ممكنات رؤية عمان 2040. فهي ليست فقط للتعامل مع العجز المالي الحالي في الموازنة العامة بل لأجل ترشيد الإيرادات والمصروفات بشكل يساعد الحكومة على توفير موارد مالية في الاستثمار في البينة التحتية والمشاريع الكبرى،  ترجع أهمية تنفيذ خطة التوازن المالي إلى أنها تعالج مشاكل اقتصادية مختلفة منها خلق مصادر جديدة للدخل تعوض العجز في الميزانية العامة للدولة بسبب انخفاض أسعار النفط دون المستوى المحدد في الموازنة العامة، كما تساعد الخطة في تخفيف العبء المالي نتيجة الأثار السلبية لتفشي جائحة كوفيد-19 وما صاحبها من إجراءات احترازية أثرت على النشاط الاقتصادي وأدى إلى انكماش في معدل النمو الاقتصادي بما يقارب 5 % في 2020م.

من المتوقع أيضًا أن تساعد خطة التوازن المالي متوسطة المدي في ترشيد المصروفات وتحويل جزء من الإيرادات إلى الاستثمار في المشاريع والأنشطة الاقتصادية المختلفة بما يزيد من ثقة المستثمرين في الاقتصاد العماني وتحسين الوضع المالي للسلطنة ورفع درجة التصنيف الائتماني للسلطنة، حيث أدى تسارع خفض مستويات التصنيف الائتماني إلى جانب النظرة المستقبلية السلبية إلى الحد من قدرة السلطنة في تمويل العجوزات المستمرة نتيجة انخفاض الإيرادات وأثار جائحة كورونا أكثر صعوبة وكلفة. على الرغم من الأثار الاجتماعية والاقتصادية الصعبة التي تصاحب تطبيق خطة التوازن المالي إلا أنها أصبحت ضرورة حتمية لخفض الدين العام الذي وصل إلى ما يزيد عن 17 مليار ريال عماني وهي معدلات غير مسبوقة في السلطنة.

جدول 1: المستهدف من خطة الاستدامة المالية 2020- 2024 (مليون ريال عماني)

2024

2023

2022

2021

2020

 

12.095

11.538

10.211

9.280

8.600

إجمالي الإيرادات الحكومية المستهدفة

12.632

12.639

12.798

12.482

12.660

إجمالي الانفاق الحكومي المستهدف

-537

-1.101

-2.587

_3.202

-4.060

العجز المالي بعد تنفيذ الخطة

-1.7%

-3.6%

-8.8%

-11.5%

-15.8%

نسبة العجز في الناتج المحلي الإجمالي

35%

35%

36%

35%

28%

نسبة الإيرادات غير النفطية إلى إجمالي الايرادات

المصدر: وزارة المالية العمانية, 2020.

ويتعمد نجاح خطة الاستدامة المالية على عدة نقاط أهمها: قدرة السلطنة في تحقيق نمو اقتصادي متواصل، زيادة الإيرادات غير النفطية منسبة من الناتج المحلي الإجمالي، الحد من الاختلالات الهيكلية القائمة بين الإيرادات والمصروفات من خلال تحسين تقديم الخدمات، تعزيز التكافل المجتمعي من خلال تعزيز منظومة الحماية الاجتماعية، تطبيق حازم لمبادرات تحسين الإدارة المالية العامة ورفع القدرات في الجهاز الإداري بالسلطنة.

ثالثًا: وحدة متابعة تنفيذ رؤية عمان 2040

في إطار إعادة هيكلة الجهار الإداري وتطوير أدائه أصدر السلطان هيثم بن طارق مرسومًا سلطانيًا رقم 100/2020 بإنشاء وحدة متابعة تنفيذ رؤية عمان 2040 وتحديد اختصاصاتها. تعتبر هذه الخطوة بداية جادة في مرحلة تنفيذ الرؤية حيث تقوم الوحدة بمتابعة تنفيذ أهداف الرؤية ونتائجها ومؤشرات الأداء، كما تقدم الدعم والمساندة للجهات المعنية بالرؤية، توفير بيئة محفزة لتنفيذ مشاريع الخطط التنموية والاقتصادية ووضع الحلول المناسبة لمواجهة العقبات التي تعترض تنفيذها، تعزيز التعاون والشراكة بين الجهات الحكومية والقطاع الخاص ومتابعة تنفيذ السياسات الخاصة بتبسيط الإجراءات وتسهيل الخدمات.

على الجانب التنفيذي، تقوم الوحدة بالتنسيق بينها وبين وزارة الاقتصاد ووزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار بشكل دوري لاكتمال منظومة القوانين خلال الخمس سنوات الأولى. أما بالنسبة للبرامج الممكنة ومؤشرات الإنتاج فهناك فريق في كل أولوية لتنفيذ وتمكين وحلحلة كل العقبات. ومن أهم ما يميز اختصاصات هذه الوحدة هو تقييم مراحل المتابعة ونقاط التنفيذ، ويمكنها إعادة ترتيب أولويات الرؤية بحيث تتوافق خطط ومشاريع الرؤية مع الواقع الاقتصادي والاجتماعي في السلطنة.

الأهداف طموحة ولكن التحدي الأكبر هو التنفيذ

يمكن ببساطة القول بأن أهداف الرؤية الجديدة طموحة ولكن التحدي الأكبر هو التنفيذ. ففي هذا السياق لابد من توضيح أن السلطنة تمتلك قدرات بشرية، وموارد طبيعية متعددة، وبنية تحتية حديثة، ونظام مؤسسي متين، ورؤية واضحة، وعزيمة سياسية تساعدها على تنفيذ الرؤية.  ولكن لابد أيضًا من التذكير بأن التحديات التي واجهت الرؤية السابقة 2020 مازالت موجودة، وأن احتمالية تعرض السلطنة إلى تحديات أكثر صعوبة مثل جائحة كوفيد-19 والحروب البيولوجية والإلكترونية التي يصعب التنبؤ بنتائجها قائمة.

إن نجاح السلطنة في تنفيذ الرؤية يعتمد بشكل رئيسي على قدرتها على تغيير هيكلها الاقتصادي من خلال التنويع الاقتصادي وإعطاء دفعة قوية للقطاع الخاص للمشاركة في تنفيذ خطط ومشاريع الرؤية، حيث أكدت الدراسات الاقتصادية أن كل الخطط الخمسية بين عام 1995 وعام 2020 لم يتم تنفيذها كما هو مخطط لها بسبب الانخفاضات المتتالية في أسعار النفط الخام وما ترتب عليه من انخفاض في الإيرادات وعجز في الموازنة العام للدولة.  إن تقليل الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للدخل القومي وبناء اقتصاد متين يعتمد على مصادر الدخل غير النفطية يساعد السلطنة على تنفيذ الرؤية ويجعلها أقل عرضة للتأثر بأحداث خارجية كثيرة لها تأثير مباشر على أوضاعها السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

في النهاية يجب التأكيد أن التنويع الاقتصادي لا يقتصر فقط على القطاعات الاقتصادية ولكن يجب أن يشمل تنويع الصادرات والأسواق والشركاء التجاريين ومصادر رأس المال الأجنبي لزيادة الفرص والاختيارات أمام صانع القرار في الاستفادة من الشراكات الدولية في تحقيق أهداف الرؤية المستقبلية.  إن التحديات الداخلية والخارجية التي يمكن أن تعيق تنفيذ الرؤية كثيرة، ولكن ستظل الرؤية المستقبلية تمثل المنهجية السليمة لمواجهة هذه التحديات والأمل في غد أفضل وحياة كريمة للجميع

مقالات لنفس الكاتب