array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 158

التنمية في دول الخليج: الفرص والتحديات

الأربعاء، 27 كانون2/يناير 2021

اختارت دول مجلس التعاون الخليجي تنفيذ خطط التنمية الأممية (2030) في إطار  رؤى وطنية حسب احتياجات كل دولة وطموحها وما تسعى إلى تحقيقه في المستقبل لمواكبة العصر وتوفير العيش الكريم لشعوبها ضمن خطط التنمية المستدامة المتوازنة، وإن اختلفت المدة الزمنية التي تنشدها هذه الخطط ، أو الرؤى ما بين 2030، و2035، و2040م، إلا أنها تنطلق جميعًا من أهداف تكاد تكون مشتركة، وتطمح لمكاسب متشابهة، وهي تواجه جميعها تحديات مشتركة، وتسعى إلى تنويع مصادر الدخل وتوسيع القاعدة الاقتصادية بالخروج من هيمنة الاقتصاد الريعي، الذي يعتمد على النفط كسلعة رئيسية لمصادر الدخل الوطني، وكذلك دعم المشاركة بين القطاعين العام والخاص، كما تسعى بعض الدول الخليجية إلى تعديل التركيبة السكانية بزيادة عدد مواطنيها مقابل العاملة الوافدة، وهذه هي الخطوط العريضة للرؤى الوطنية للتنمية في دول الخليج،

وتظل هذه الرؤى مهمة، وتراهن عليها شعوب ودول الخليج لتلبية الاحتياجات في ظل المستجدات الاقتصادية وتحولات أسعار النفط.

    وفي المملكة العربية السعودية تسعى رؤية 2030 إلى تحقيق طفرة اقتصادية جديدة ترتكز على منطلقات غير تقليدية لتحقق جملة أهداف منها: الوصول باقتصاد المملكة ليكون ضمن أكبر 15 اقتصادًا عالميًا من نهاية مدة تنفيذ الرؤية، وأن ترتفع مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي بما نسبته من 40 إلى 65%، وخفض البطالة إلى أقل من 7% وزيادة مشاركة المرأة في سوق العمل بنسبة 30%. وقد زاد من تفاؤل أبناء المملكة مؤخرًا ما أعلنه سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في العاشر من يناير الماضي عن مشروع مدينة ذا لاين التي تمتد بطول 170 كيلومترًا وتعمل بالطاقة النظيفة بالكامل وتدر 180 مليار ريال في الاقتصاد الوطني وتوفر 380 ألف فرصة عمل.  

وعلى المستوى الجماعي لدول مجلس التعاون الخليجي، نجد الرؤى الوطنية لهذه الدول لا تختلف كثيرًا في المنطلقات والأهداف عن الرؤية السعودية 2030، حيث الأهداف متقاربة والتحديات مشتركة على مستويات التنمية والأمن والاستقرار والمصالح وغير ذلك، باعتبار أن هذه الدول كتلة متجانسة ومتجاورة ومتشابهة في المقومات الاقتصادية والسياسية والسكانية ، وقد عزمت هذه الدول على المضي قدمًا في مسيرة التكامل فيما بينها لاستكمال ما بدأته منذ تأسيس منظومة مجلس التعاون الخليجي في عام 1981م، وكان ذلك واضحًا وجليًا في البيان الختامي للقمة  الخليجية الأخيرة في يناير الماضي بمدينة العلا بالمملكة، وكذلك ما تضمنه إعلان العلا التاريخي الذي جاء تتويجًا للمصالحة الخليجية التي كانت تنتظرها كل دول المجلس بعد ثلاث سنوات ونصف من الفتور؛ ما انعكس سلبًا على القرار الخليجي الجماعي والعمل الخليجي المشترك، أما الآن وقد عادت المياه إلى مجاريها وصفت الأجواء مما علق بها من شوائب، ومع بدء تطبيق الرؤى الوطنية الخليجية التي تزامنت مع هذه العودة المباركة لمسيرة العمل الخليجي المشترك في الوقت الذي بدأ فيه مجلس التعاون الخليجي عقده الخامس، ومع ظهور تحديات جديدة أمام هذا المجلس إضافة إلى تلك التي كانت في وقت تأسيسه (التحديات الأمنية)، لكن هذه التحديات تنوعت الآن ؛ ما يتطلب المزيد من الجهود لتحقيق تكامل حقيقي وفعال.

العنوان الأبرز لمسيرة مجلس التعاون بعد قمة العلا والمصالحة التاريخية لتلافي تداعيات فتور العلاقات الخليجية ـ الخليجية خلال السنوات القليلة التي مضت، هو (التكامل الخليجي) الذي تشكل تحت مظلته المجلس قبل أكثر من أربعة عقود وصولًا إلى الهدف الأسمى وهو الاتحاد الخليجي، ولتحقيق التكامل الخليجي من الضروري البناء على ما تحقق وتفعيل آليات التكامل في مختلف المجالات، ثم العمل بجدية لاستحداث آليات وأدوات عمل وبرامج جديدة في مجالات متعددة ومنها:

على الصعيد التنموي والاقتصادي، من الضروري أن تتكامل خطط التنمية الخليجية ولا تتقاطع أو تتنافس على ضوء المزايا النسبية لكل دولة لتكمل كل منها الأخرى ، فمثلًا تتمتع دول بوفرة نفطية وموانئ كثيرة وشواطئ طويلة ومنافذ برية وبحرية وسوق استهلاكية كبيرة مثل المملكة العربية السعودية، ودول أخرى تمتلك مخزونًا هائلاً من الغاز مثل دولة قطر، وأخرى لديها قدرات كبيرة في إعادة التصدير والتبادل التجاري مثل دولة الإمارات العربية المتحدة، وهذا ما ينطبق على الكويت والبحرين كمراكز مالية ضخمة، وسلطنة عمان متعددة الإنتاج الزراعي والسياحي والصناعي وغير ذلك،  وفي حالة التكامل يجب الاستفادة من تنوع المزايا النسبية  وتوفير الجهد والوقت لخدمة دول المنظومة الخليجية وشعوبها.

وفيما يتعلق بالصناعات الاستراتيجية والعسكرية والتسليح، أشارت الرؤى التنموية الخليجية إلى توطين الصناعات العسكرية، ومن ثم تنويع مصادر التسليح، وهذه خطوة مهمة يجب التركيز عليها لتوفير بعض الاحتياجات العسكرية الضرورية بتوطين هذه  الصناعة ومخرجاتها بشكل تكاملي نظرًا للتكلفة العالية لتوطين هذه الصناعة واعتمادها على تكنولوجيا عالية وأيدٍ عاملة ماهرة وخبراء تصنيع ذوي قدرات عالية، وهذا ما ينطبق على الصناعات التكنولوجية والاستراتيجية التي يجب أن تنخرط فيها دول الخليج لتكون دولاً صناعية ، وهي قادرة على ذلك حيث تمتلك المواد الأولية والمعادن، إضافة إلى البنى التحتية والمدن الصناعية ورؤوس الأموال والاستثمارات، وهذه الصناعات ضرورية في دول المجلس باعتبارها مدخلاً هامًا إلى بوابة تنويع مصادر الدخل، وهذا ما ينطبق على الزراعة و"الأمن الغذائي " لدول الخليج من خلال المشاركة في الاستثمارات الزراعية في الخارج  لتوفير الغذاء لشعوب هذه الدول، وأيضًا الصناعات الدوائية وتوفير اللقاحات والأمصال خاصة لجائحة كورونا.

كل ذلك وغيره يفرض على دول الخليج العربية وهي تنفذ الخطط أو الرؤى الوطنية الطموحة أن تركز على عدة اعتبارات مهمة وحيوية تبدأ بالتخطيط على التنمية المشتركة التي تعتمد على المزايا النسبية لكل دولة، وكذلك على البحث العلمي الجاد الذي يجب أن يرتقي الاهتمام به إلى مستوى الحاجة إليه مع زيادة مخصصاته في الموازنات الخليجية، وعلى الاستثمارات المتنوعة والطموحة، وكذلك على دور قيادي لأمانة مجلس التعاون الخليجي ليكون هذا الدور كاشف وداعم ومحفز حتى تتحقق الرؤية الخليجية الجماعية.  

مقالات لنفس الكاتب