array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 161

الحوثي يقاتل بسلاح إيراني ورفض المبادرات قرار طهران لتحقيق مكاسب وتمدد نفوذها

السبت، 01 أيار 2021

تتطور الأزمة اليمنية منذ اندلاعها فيما عرف بالربيع العربي من سيء إلى أسوأ، فبعد قرابة عقدين من الزمان هما عمر الوحدة الإندماجية بين الشمال والجنوب من خلال حرب فرض فيها الشمال الأقوى عسكريًا إرادته على الجنوب الأضعف عسكريًا، فكانت وحدة تحمل في طياتها بعض عوامل تفككها لعدم ارتياح الجنوبيين، واعتبر معظمهم أنها وحدة بالقوة طمعًا من الشمال في ثروات الجنوب وخاصة النفطية.

كما تعرض الشمال لشبه حرب أهلية بين الدولة والحوثيين لقمعهم تكرارًا ومرارًا منذ2004 وحتى 2010م، لتبدأ بوادر الانقسام شمالاً متزامنة مع زيادة النزعة الانفصالية جنوبًا لتبدأ حرب أهلية بالفعل، حيث لم تراع الحكومة قوة الحوثيين الجديدة بالتحالف مع إيران ومدى انتشارهم داخل الدولة اليمنية حيث قويت شوكتهم ووصلت إلى حد الاستيلاء على العاصمة صنعاء والميناء الشمالي الرئيسي في الحُديٍدة مع تطور تسليحي نوعي بات يهدد دول الجوار وسفن التحالف العربي والملاحة الدولية في جنوب البحر الاحمر وباب المندب، مع تعنت حوثي في رفض مبادرات حل وتسوية الأزمة.

وسنتناول في هذا المقال: (خلفية تاريخية -النشأة الحوثية من الضعف إلى القوة – ميزان القوى العسكري اليمني -القوى الحوثية على الأرض -المبادرة السعودية والتعنت الحوثي -السيناريوهات المحتملة لحل للأزمة).

أولاً: الخلفية التاريخية منذ الوحدة اليمنية وحتى بدء الربيع العربي:

كان ينظر إلى الوحدة اليمنية منذ بدايات العقد الأخير من القرن الماضي ولمدة عقدين من الزمان وحتى حقبة الربيع العربي، على أنها المثال الوحدوي العربي الناجح بالمقارنة بتجارب عربية عدة لم يكتب لها النجاح مع بداياتها ولعل أشهرها الوحدة المصرية/ السورية 1958 -1961م، ويستثنى من ذلك الإتحاد الفيدرالي الناجح لدولة الإمارات العربية المتحدة 1971م، لاختلاف الظروف الاقتصادية والديموغرافية وتوفر وصدق الإرادة السياسية وتقاسم السلطة، مع كاريزما الشيخ زايد آل نهيان.

 

لم تنتبه الحكومة اليمنية إلى التنامي المتراكم للقوة الحوثية من خلال الابتعاث إلى إيران بدءاً بشباب موطنهم في صعدة والجوف ثم الامتداد إلى معظم ربوع اليمن ومن خلال صداقة زعيمهم بدر الدين الحوثي مع زعيم الثورة الإيرانية الشيعية الخميني الذي استضاف الأول في مدينة قِم لعدة سنوات، ولم تقتصر تلك البعثات على التعاليم الشيعية فقط، بل امتدت إلى الأبعاد العسكرية على يد النخبة من الحرس الثوري الذي يمثل جيش موازي لجيش الدولة ويتبع سلطتها العليا.

 

بتوفر السلاح تباعًا لدى الحوثيين من إيران وانشقاق جنودهم بأسلحتهم من الجيش النظامي حيث الولاء للقبيلة أولا، حيث تم  ذلك تباعًا خلال حملات القمع الست الرئيسية  منذ 2004 إلى 2010م،  وهو ما واكب زيادة الانشقاق وزيادة خبرة القتال ضد جيش الدولة خلال تلك المواجهات التي بدأت بشبه حروب داخلية وأدت إلى مشارف حرب أهلية، حتى سنحت الفرصة بوصول (تسونامي) الربيع العربي إلى اليمن، فكانت القوات الحوثية في معظم ربوع اليمن جاهزة للحرب الأهلية الشاملة ضد الحكومة الشرعية وجيشها النظامي، حيث نجح الحوثيون لاحقًا في الاستيلاء على العاصمة صنعاء وميناء الحديدة الاستراتيجي على البحر الأحمر، وأجزاء وتحالفات مع الجنوب.

 

ثانيًا: الحوثيون من الضعف إلى القوة إلى الحرب بالوكالة عن إيران:

ظلت العائلة الحوثية المحدودة العدد محصورة في أقصى الشمال اليمني في إقليم (صعدة والجوف) المتاخم للحدود السعودية من خلال امتداد يمنى تاريخي لمنطقتي جازان ونجران اللتان آلتا إلى السعودية منذ قرابة قرن من الزمان بموجب اتفاقية دولية.. كما تتبع العائلة الحوثية مذهب الشيعة الزيدية انتسابًا إلى زيد بن علىً وهي فصيل شيعي معتدل (كما ظهر للكاتب عند زيارة صعدة كأول ملحق عسكري مصري لدى اليمن وتم ذلك عام 1988م، ودار نقاش عن العلاقة بين الزيدية والشافعية) بما يعكس الاعتدال الشيعي الزيدي تجاه السني بشكل عام.

 

تغير هذا الاعتدال لاحقا إلى التشدد الذي أفضى إلى العنف، بتتالي البعثات إلى أيران حيث كانت الدراسة مزيج من التشدد الشيعي والإثنى عشرية وبالتأكيد تدريبات شبه عسكرية، وامتد ذلك بإنشاء مدارس خاصة في اليمن بتمويل إيراني بدءاً بالشمال الحوثي ثم إلى أماكن أخرى في ربوع اليمن، حيث كون المبعوثون وخريجي تلك المدارس ما يمكن اعتباره النواة الصلبة ؟! لتشكيل الميليشيات المسلحة الكبيرة، وهوما يردْ على التساؤل الهام، كيف لعائلة صغيرة أن تستولى على معظم دولة؟

 والإجابة إنها لم تعد كذلك في غفلة أو تراخي من الدولة التي اعتبرت أن الأمر لا يعدو تمرد حوثي في صعدة يتم قمعه عسكريًا كالمعتاد -ولم يكن كذلك-كما أن من ابتعثوا في سن الشباب المبكر إلى إيران ثم خريجوا مدارسهم النوعية، أصبحوا رجال وذوي خبرة وعلم وتمرس، واكبه التدفق التسليحي وكوادر التدريب الإيرانية بعد ما يسمى بالربيع العربي مع زيادة المنشقين العسكريين الحوثيين من الجيش الحكومي بأسلحتهم، ليتشكل جيش غير نظامي حوثي قوى.

 

 وهو ما استخدمته إيران وما ذالت كعناصر ووسائل حرب بالوكالة ضد السعودية المنافس في زعامة الخليج... وهو ذات الأسلوب لاستخدام إيران لحزب الله في لبنان للقتال معها أو بالوكالة عنها ضد الحدود الإسرائيلية وفى سوريا وأيضًا في العراق مع العديد من الميليشيات والتجمعات لعل أهمها الحشد الشعبي وما شابهه

  

ثالثًا: رؤية عسكرية لموازين القوى للدولة اليمنية:

 رغم استقاء المعلومات العسكرية والتسليحية عن اليمن من مصادر معتبرة ذات دقة وحداثة ومصداقية عالية مثل القوى الإيرانية الكونية والميزان العسكري من حيث الأعداد والبيانات والتصنيف الإقليمي والدولي، إلا أن الموقف الميداني المعقد والمتشابك والمتغير على الأرض، قد تترجمه تلك الأرقام بشكل إجمالي داخل حدود الدولة اليمنية اعتبارًا من عام 2010م، الذى يمكن أن نعتبره عام الأساس، ثم تقديريا فيما بعده وحتى الآن، وذلك بحساب أي صفقات جديدة إن وجدت، وحساب معدًلات الخسائر القتالية و معدلات التقادم والخروج من الخدمة لضعف الصيانة أو نفاذ ذخائر معينة أو استيلاء الخصوم عليها وخاصة للأسلحة الثقيلة الرئيسية مثل الدبابات والمدفعية وخاصة ذاتية الحركة، ولذلك قد يكون الاستخدام القتالي لبعض تلك الأسلحة مختلف عما صممت من آجلة، فقد تستخدم الدبابات والمدفعية ذاتية الحركة كمصادر نيران ثابتة بما يغاير تصنيفها في المراجع الدولية المتخصصة سابقة الذكر.

تتوزع مكونات التسلح ومعداته بين قوتين رئيسيتين والثالثة أقل قوة وثبات على الأرض، فالقوتان هما الجيش الحكومي النظامي-والقوات الحوثية غير النظامية/ الميليشيات -أما الثالثة فهي متغيرة التكوين والتبعيات والتحالفات في الجنوب وهي الحراك الجنوبي وروافده التي استقرت مؤخرًا بالاتفاق مع الحكومة في عدن.

               

 البيانات البشرية والتسليحية الإجمالية اليمنية كما وردت بالمصادر الدولية حتى مارس 2021م:

 القوة البشرية:

-القوات العاملة: 43500 -القوة الاحتياطية: صفر -القوات شبه العسكرية (الميليشيات)70000

- القوات البرية: الدبابات 400 -المركبات المدرعة 600 -المدفعية ذاتية الحركة 50 والمجرورة    85 - قواعد إطلاق صواريخ 100 .

- القوات الجوية: طائرات قتال 77 - نقل 8 - مروحيات 61 - مروحيات هجومية 14 - تدريب30 - قيادة ومهام خاصة 2 .

- القوات البحرية:  قرويطات 2 - بث أغام 3 - زوارق مرور سريعة مسلحة 15 .

-الميزانية العسكرية:  مليون دولار.                                                                          -استخراج البترول:  61000 برميل/ يوم  وهو أكبر من الاستهلاك والباقي للتصدير.

-الترتيب الدولي والشرق أوسطى: الدولي 78/ 140 والشرق أوسطى 12/ 15 ولا يلى اليمن إلا قطر-البحرين-لبنان على الترتيب، بعد أن كانت ذات ترتيب متقدم.

 

بتحليل تلك الأرقام والإمكانات يتضح الآتي:

-إن القوة البشرية تحت السلاح معبأة بالكامل ولا توجد قوات احتياطية للإمداد أو استعواض الخسائر لقرابة عشر سنوات مما يرهق القوات ويقلل من كفاءتها وجاهزيتها القتالية، كما يعكس أن أعداد الميليشيات ومعظمها من الحوثيين تعتبر كبيرة.

-إن القوات الجوية تعتبر متقادمة ومن أجيال قديمة وأنها تتبع الجيش الحكومي عدا بعض المروحيات التي استولى علها الحوثيون.

-إن القطع البحرية الرئيسية من القرويطات وباثات الإلغام ربما تكون في ميناء عدن، أما الزوارق السريعة المسلحة فربما يمتلك الحوثيون جزءًا منها وقد تستخدم في بث الألغام البحرية يدويا لتهديد المجرى الملاحي في البحر الأحمر شمال باب المندب، ما تكرر بشكل عشوائي ضد سفن دولية وللتأثير السلبي على قناة السويس باعتبار مصر ضمن دول التحالف العربي، ويمكن استخدامها لتوصيل قوارب مطاطية انتحارية إلى أهدافها كما تم ضد الناقلة السعودية في ميناء جدة.

-أثرت الحرب الأهلية على تراجع الميزانية العسكرية وتراجع الجيش اليمنى في كلا التصنيفين الدولي والإقليمي.

 

رابعًا: رؤية عسكرية تحليلية للقوى الحوثية على الأرض:

لا نستطيع إطلاق تعبير ميزان قوى عسكري على عناصر وإمكانات الحركة الحوثية كقوات مليشيات أو قوات شبه عسكرية، حيث لا يتم الحصول على بياناتها من المصادر الدولية المعتبرة والمعنية بهذا الشأن كما سبق ذكره عن الدولة اليمنية، رغم إشارتنا إلى سيولة الموقف الرصدي والتتبعي منذ 2010م، وبالتالي سيكون الموقف أكثر سيولة عن قوات وتسليح الحركة الحوثية، وسيكون الاعتماد على استقراء وتحليل مصادر متعددة ليمكن الاقتراب بنسبة أكبر من الصحة ما أمكن ولكنها ستظل أبعد نسبيا عن الدقة المستهدفة. ولكن يمكن رصد أهم تلك المؤشرات كالآتي:

1-القوة البشرية المقاتلة:

وتعتمد على ثلاثة مصادر رئيسية، وأهمها النواة الأساسية من العائلة الحوثية في الشمال اليمنى في صعدة والجوف، وما تلاه من زيادة الدائرة والتمدد في الربوع اليمنى بعد الابتعاث إلى إيران وإنشاء المدارس المتخصصة كما سبق ذكره.

أما المصدر الثاني، فهو الانشقاق العسكري من الجيش الحكومي من الموالين للرئيس السابق على عبد الله صالح خلال تحالفه المرحلي مع الحوثيين، وحتى بعد اغتيالهم له -لعدم منازعتهم على السلطة مستقبلا-فقد تم استمرار الاستقطاب بوسائل شتى منها الترغيب والترهيب.

ليبقى المصدر الثالث وهو التحالفات المرنة والمتغيرة مع بعض القبائل كموروث يمنى قبلي تحكمه المصالح وحسابات الأرباح والخسائر الآن ومستقبلاً.

كما تشمل القوة البشرية الحوثية المقاتلة بعض التنظيمات الخاصة المستوحاة من الفكر الإيراني سواء في إيران أو حزب الله اللبناني أو الحشد الشعبي العراقي وخاصة تجنيد النساء، كما ذكر الباحث في مؤسسة الأهرام الأستاذ أحمد عليبة كالآتي:

-كتيبتي الزينبيات، وحفيدات الحسين (نسبة إلى السيدة زينب والإمام الحسين): تأسست عام 2016م، ومعظمهم من الأُسر الفقيرة او السجينات وتستخدم للترغيب والتجنيد وكذلك مواجهة التظاهرات النسائية وأعمال التفتيش النسائي والمداهمات، وهو ما يخالف نمط المجتمع اليمني شديد المحافظة.

-كتيبة الحسين: وهي كتيبة اغتيالات النخبة السياسية والعسكرية، حيث تم تدريبها في صعدة على يد الحرس الثوري ودفعت إلى العاصمة صنعاء بعد سقوطها وكانت ضحاياها كثيرة العدد ومنهم وزير الدفاع اليمني الأسبق محمود الصبيحي.

-فرق الموت: وتعمل تحت مسمى القوات الخاصة وذات تدريب عالٍ على يد الحرس الثوري الذي قُدٍر عدد مدربيه ب 300 مدرب، واتسع نطاق عمل الفرقة بعد اغتيال الرئيس صالح لمنع ارتداد مؤيديه المتحالفين مع الحوثيين بالإضافة لباقي المهام القتالية القمعية الأخرى.

 

2-الأسلحة الصغيرة والتقليدية الحوثية أو الإيرانية:

كانت الأسلحة الحوثية في البداية تعتمد على اقتناء السلاح ضمن الثقافة اليمنية، ثم اُضيف إلى ذلك الأسلحة الفردية من بنادق ورشاشات مع الجنود الحوثيين المنشقين عن الجيش خلال مراحل التجنيد، ولكن كان التطور الهام مع بداية تهريب الأسلحة الخفيفة الإيرانية خاصة بحراً عن طريق مواني صغيرة بعيدة عن سيطرة الدولة وقريبة من موطن الحوثيين كميناء ميدى شمال الحُديدٍة.

3-الأسلحة النوعية الإيرانية (القوة الصاروخية):

وهي ما يطلق عليها الحوثيون قوة الردع ضد (الأعداء أو الانتقام منهم) وهى ذات مصدرين، الأول وقد نضُب، وهو بقايا القوة الصاروخية القديمة قبل الوحدة وهى مجموعة من قواذف وصواريخ (سكود) السوفيتية ذات المدى حتى 300 كم وقد حصل عليها اليمن إبان اتفاق الصداقة اليمنية السوفيتية، وقد استولى الحوثيون على ما تبقى منه عند احتلال صنعاء، وربما تم استخدامه ضمن المراحل الأولى داخل الحدود السعودية المتاخمة. وينتظر أن يكون مكانه ومخابئه أحد اماكن تخزين الصواريخ الإيرانية لاحقًا.  

أما المصدر الثاني، فهو المصدر الإيراني منذ 2015م، وحتى الآن، وقد تدرج وتطور بزيادة المدى وكذلك زيادة الدقة التي كانت تفتقر اليها في البداية، وقد تطور الإمداد طبقا للتسلسل الزمنى الآتي: خلال عام 2015م، الطرازات (النجم الثاقب-زلزال1و2 – الصرخة -قاهر1) ثم عام 2016م، للطرازات (زلزال3-صمود -بركان1) ثم من 2017م، ولاحقًا طراز (بركان إتش 2) وتطوراته. حيث زاد الاستهداف إلى العمق السعودي ووصل إلى العاصمة الرياض ومطارها، كما تم استهداف المواقع الاقتصادية وخاصة النفطية والقواعد العسكرية والمدنية، وكان الرد والتبرير الحوثي دائما تحت غطاء (الاستهداف بالمثل) أي أنهم في موقف المدافع وليس المعتدى.

4-الأسلحة النوعية الإيرانية (الطائرات المسيرة-درونز):  

يدعى الحوثيون أنهم يصنعون تلك الطائرات من عدة أنواع حيث يكتبون عليه مسميات مختلفة مثل هدهد وراصد ورقيب، والحقيقة انها تصنيع إيراني، وبتحليل بقاياها بعد الإسقاط في اماكن مختلف كما حدث في مأرب وعدن والسعودية، اتضح أنها من مصدر إيراني واحد، كما كشف مركز بحوث التسلح البريطاني (سي آ آر) حيث وجد رموز وحروف بخط اليد تشير إلى تسهيل عملية التجميع والتركيب لتلك الطائرات التي تُهًرب وتُخًزن مفككًة، ليعاد التجميع والإعداد طبقا للمهمة. مما أتاح العمق الكبير لمدى العمل ودقة إصابة الهدف/الأهداف حالة تعددها كما تم تجاه البنى التحتية الاقتصادية لشركة أرامكو النفطية.

5-كيف يتم تهريب الصواريخ والدرونز الإيرانية إلى الحوثيين؟؟

  هذا سؤال هام، فكيف يتم ذلك رغم التواجد الدولي البحري في القرن الإفريقي وجنوب باب المندب وخليج عدن، مع حصار التحالف العربي البحري لموانئ البحر الأحمر وأهمها الحُديٍدة، مع الحصار الجوي ومنع هبوط طائرات إيرانية؟ إذن لا يتبقى سوى جزء من الساحل الجنوبي من شرق المُكلاً عاصمة حضرموت إلى غرب حدود سلطنة عمان، ليتم التفريغ من السفن الإيرانية أو التابعة لها، إلى سفن أصغر لتحمل صناديق الأسلحة المفككًة إلى الموانئ الصغيرة ثم براً إلى صنعاء أو مأرب إلى صعدة، مما يدعم إصرار الحوثيين على مد نفوذهم بشكل أوسع في مارب، بالإضافة إلى الأطماع النفطية في صافر/مأرب.

 

خامسًا: المبادرة السعودية لحل الأزمة والتعنت الحوثي:

صدرت متزامنة مع الذكرى السادسة لاندلاع الحرب في 25 مارس 2015م، للتحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية تحت مسمى دعم الشرعية للحكومة اليمنية، بينما يعتبرها الطرف الحوثي تدخل خارجي في الشأن الداخلي اليمنى، ورغم التحمس الإقليمي والدولي للمبادرة لإنهاء الحرب والوصول إلى حلول سلمية للأزمة، إلا أنها قوبلت بشروط ظاهرها حوثي وباطنها إيراني مما قد يفرغ المبادرة من مضمونها.

وتضمنت المبادرة أربع نقاط هي: وقف إطلاق النار الشامل في جميع أنحاء البلاد تحت إشراف الأمم المتحدة بمجرد موافقة الحوثيين على المبادرة – تخفيف القيود على ميناء الحُديٍدة – تحويل إيرادات العوائد الجمركية إلى حساب مشترك بالبنك المركزي -فتح مطار صنعاء لعدد من الوجهات الإقليمية والدولية ..ثم العودة إلى مائدة المفاوضات لإنهاء الأزمة.

الغريب أن الرد الحوثي جاء على لسان المندوب الإيراني في اليمن حسين إيرلو، وتضمن أربع نقاط أيضًا وهى: وقف الحرب بشكل كامل -رفع الحصار بشكل كامل -سحب القوات العسكرية الأجنبة -إجراء حوار سياسي بين اليمنيين دون أي تدخلات خارجية..!!

التعليق والتحليل على وجهتي نظر الطرفين السعودي واليمنى/الإيراني:

 تهدف المبادرة من وجهة النظر السعودية إلى وقف القتال الشامل والفوري، بينما تدفع إيران الحوثيين إلى سرعة الاستيلاء على مأرب وحقول النفط ليكون وقف القتال على الخطوط التي انتهت إليه القوات على الأرض لتتسلمها قوات الأمم المتحدة – كما تهدف المبادرة إلى تخفيف الحصار عن الحديدة للمساهمة في الإمدادات الإنسانية والعلاجية ، بينما تريدها إيران رفع كامل للحصار مما يُسهٍل الإمدادات العسكرية الإيرانية بشكل أكبر وأسرع وأرخص– وكذلك  مطار صنعاء حتى لا تنفذ من خلاله عناصر حزب الله والحرس الثوري بكثافة  كما كان قبل إغلاقه – أشار المندوب الإيراني في اليمن إلى خروج القوات الأجنبة ويقصد بها السعودية والإماراتية على وجه الخصوص ،ولكنه لم يُلمح إلى قوات الحرس الثوري الموجود بكثافة وتتولى التدريب وأعمال القتال النوعية..

إن خروج قوات التحالف الداعم للشرعية من اليمن بعد حل الأزمة سيكون طبعي ومرضي لأطراف دول التحالف العربي، على العكس من إيران التي أتت بقواتها وقوات حلفائها لتبقى، وترى أنها تخسر كثيرًا بالانسحاب بعد كل ما قدمته للحوثيين من دعم عسكري وتسليحي ومالي ضخم، ولكن ربما تقبل الانسحاب الجزئي في مقابل أن يتولى حلفاؤها من الحوثيين حقائب هامة في الحكومة الانتقالية المتوقعة  وخاصة الحقائب السيادية، متى توصلت الحلول والوساطات الدولية والأممية إلى ذلك، على غرار ما تم مع حزب الله في لبنان، مع اختلاف عدم التواجد الإيراني المباشر في لبنان.

السلوك العسكري الحوثي في أعقاب المبادرة السعودية:

هو سلوك متكرر شبيه بما تم في أعقاب الوساطة الكويتية أو المباحثات السويدية، حيث السكون العسكري النوعي الحوثي ضد السعودية، وما أن ينتهى الاستحقاق الإقليمي أو الدولي للمعاونة في حل الأزمة اليمنية، إلا ويعقبه قصف نوعى مركز ضد السعودية، مفاده رفض الجهود السياسية للحل، مع استعراض للقوة وغالبًا ما يستخدم سلاح جيد أو قديم باسم جيد أو تكتيك جديد مفاده القدرة على استمرار الحرب والقدرة على الردع، حيث تم عشية المبادرة إطلاق سرب من الطائرات المسيرة ضد أهداف نفطية وجامعة جازان، مع إطلاق صاروخ باليستي على نجران المتاخمة.

 سادسًا: السيناريوهات المحتملة:  

تتعدد السيناريوهات المحتملة التي يتمحور معظمها داخل حدود الدولة اليمنية للوصل إلى حلول توافقية وشراكة انتقالية وتقاسم سلطة بين طرفي النزاع الأصليين وهما الحكومة الشرعية والحوثيون مع عدم إهمال موقف فصائل الجنوب العدني. وذلك على غرار التجربة الليبية الحالية وما تفرزه من إيجابيات مرحلية حتى الآن.

ولكننا نرى أن السيناريو الأكثر احتمالاً لن يقتصر على الدائرة اليمنية فقط رغم محورتيها، بل سيكون ضمن دائرة إقليمية أكبر، كما تراها الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون تجاه التمدد الإيراني في الإقليم والمتسبب في عدم استقراره، كالتمدد في لبنان وسوريا والعراق واليمن بالفعل والذي عكسه مؤخرًا التدريب البحري الأمريكي المشترك جنوب الساحل اليمني تحت مسمى (الحرب في بحر العرب) الذى هو طريق الإمداد العسكري من إيران إلى اليمن، في دلالة رمزية بأن ذلك سيكون جزءًا هامًا من تمهيد عودة الولايات المتحدة وحلفائها إلى استئناف اتفاق المشروع النووي الإيراني 5+1 المعدل وبالتالي رفع العقوبات الاقتصادية عن إيران، التي ستحاول جاهدة أن تفصل بين القضيتين.

 

في الأخير نخلص إلى:  أن حل الأزمة اليمنية لا يبدو في الاٌفق القريب نظراً للتعنت الحوثي المدفوع من إيران للوصول إلى أكبر مكاسب ممكنة حالة الوصول إلى توافق وشراكة، كما أن إيران سترفض الخروج من الأزمة بعد كل ما تكبدته، وتفقد حليف وموقع إستراتيجي يقوم بالحرب بالوكالة عنها وتهديد السعودية المنافس الخليجي لها، مع تهديد المصالح الدولية والملاحة البحرية لتقول للقوى الدولية إنها جزء من حل أي مشاكل إقليمية ولا يجب تجاهلها، وهو ما يتقاطع مع إستراتيجية الولايات المتحدة تجاه إيران وتحجيم تمددها في الإقليم بما فيه اليمن وذلك بزيادة العقوبات الاقتصادية وحصار برنامجها النووي.. فلننتظر ونرى.

مقالات لنفس الكاتب