; logged out
الرئيسية / التخاذل الدولي يطيل أزمة اليمن: المنظمات الدولية وراء عدم الحسم العسكري في صنعاء والحديدة

العدد 161

التخاذل الدولي يطيل أزمة اليمن: المنظمات الدولية وراء عدم الحسم العسكري في صنعاء والحديدة

السبت، 01 أيار 2021

منذ أن تمردت ميليشيا الحوثي على الدولة اليمنية وخاضت 6 حروب ضد الجيش اليمني، ولم يتحرك المجتمع الدولي لإدانة هذا التمرد تأكد للجميع أن هناك تخاذل عالمي واضح في التعامل مع هذه الجماعة الكهنوتية حتى سيطرت في 21 سبتمبر عام 2014م، على العاصمة صنعاء بقوة السلاح وإرهاب المدنيين وتصفية كل المعارضين لها في صعده وعمران والجوف قبل أن تدخل صنعاء، وساهم هذا التساهل وعدم فرض عقوبات مبكرة على قادة هذه الميليشيا إلى أن يرفع الحوثي أوهامه بالسيطرة على كل الدولة اليمنية، وهو ما بدأ مباشرة بعد السيطرة الميدانية على مدن وسط اليمن والاتجاه جنوباً نحو أخر معاقل الحكومة الشرعية في عدن، وأدركت المملكة العربية السعودية وأشقاؤها في التحالف العربي خطورة أن يتكرر نموذج " حزب الله " على الحدود الجنوبية للمملكة، وهو الأمر الذي سيشكل – إذا تحقق - جرحًا يصعب علاجه في السنوات القادمة ، لذلك قادت المملكة العربية السعودية التحالف العربي لاستعادة الشرعية، وتخليص الشعب اليمني من هذه الميليشيا التي لا تعرف إلا لغة السلاح، و بدأ التحالف العربي منذ فجر  26 مارس 2015م، حملة لاستعادة الشرعية اليمنية، وتخليص اليمن من الهيمنة الإيرانية بعد تفاخر إيران الدائم بأنها تسيطر على 4 عواصم عربية منها صنعاء، لكل ذلك كانت عمليات التحالف العربي في اليمن  بمثابة  حرب " الضرورة " التي لم تسع إليها المملكة، ولم تتمناها لكنها خاضتها من أجل استعادة الشرعية وتحقيق الاستقرار والسلام في جنوب الجزيرة العربية، والحفاظ على أمن وسلامة ممرات الطاقة العالمية، وكلها أهداف توقع الكثيرون أن يصطف خلفها المجتمع الدولي بكل مؤسساته من أجل تجريد الحوثي وخلفه النظام الإيراني من استغلال الأوضاع في اليمن لتحقيق أوهام المشروع الفارسي في المنطقة، لكن تفاصيل الأحداث خلال السنوات الست الماضية أثبتت عدم توفر المسؤولية لدى المجتمع الدولي تجاه ما يحدث في اليمن، وكان واضحاً للجميع مدى التخاذل الدولي في التعامل مع الحوثي، وهو ما شكل جزءًا كبيرًا من مأساة الشعب اليمني، وساهم في إطالة الأزمة وعمق من تأثيراتها السلبية على اليمن والمنطقة، وما زال المجتمع الدولي لا يملك الإرادة السياسية لمعاقبة الحوثي على جرائمه بحق شعب اليمن ودول الجوار ، كما تأتي من هنا وهناك إشارات خاطئة للحوثي تشجعه على مواصلة إطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة على المدنيين اليمنيين كما حدث في تعز ومطار عدن، وعلى الأهداف المدنية في دول الجوار كما هو الحال في إطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة باتجاه المطارات المدنية السعودية وأصول شركة أرامكو، فما هي مظاهر التخاذل الدولي في التعامل مع الحوثي ؟ وكيف ساهم هذا التخاذل في إطالة أمد الصراع؟ وكيف للمجتمع الدولي أن يصحح موقفة لحل القضية اليمنية؟

 تخاذل دولي فاضح

 1-رغم أن كل القوانين الدولية تجرم حمل السلاح في وجه الدولة لم يتخذ المجتمع الدولي أي قرار  ضد تحول الحوثي من حركة دينية، أطلق عليها  في البداية " منتدى الشباب المؤمن "  وأسسها عام 1991م، بدر الدين الحوثي، إلى ميليشيا عسكرية تحصل على السلاح من إيران وتواجه الدولة اليمنية في 6 حروب سقط فيها آلاف القتلى والجرحى، ولم يتحرك العالم بعدما ارتكب الحوثي جرائم حرب منذ عام 2004م، عندما بدأت الميليشيا الانقلابية بتهجير آلاف المواطنين اليمنيين من ديارهم في منطقة ذمار في صعده وعمران والجوف، وتكرر ذلك في البيضاء، والسبب من وجهة نظر الحوثي أن هؤلاء المواطنين لا يتفقوا مع أيدلوجيته المذهبية، وهي جريمة كاملة الأركان فشل المجتمع الدولي في محاسبة الحوثي عليها حتى الآن، وطوال الفترة التي امتدت من أكتوبر 2014 م، إلى مارس 2015م، واصلت الجماعة الانقلابية سيطرتها نحو المحافظات الجنوبية دون معارضة صارمة من الجهات الفاعلة الدولية أو التابعة للأمم المتحدة، مما أعطاها فرصة للتوغل في مناطق جديدة قبل أن يتدخل التحالف العربي في صباح 26 مارس 2015م.

2- تخاذل الأمم المتحدة ووسيطها الدولي في الإشراف على المرحلة الانتقالية بعد مغادرة الرئيس الراحل علي عبد الله صالح الحكم عام 2012م، ساهم في وقوع اليمن في فوضى عارمة شكلت " البيئة السياسية " المناسبة لعمل ميليشيا الحوثي، وسمحت هذه الأجواء لإيران بإرسال السلاح ورسم المخططات في اليمن، ويمكن القول أن فشل الأمم المتحدة في وقف انهيار العملية الانتقالية وانهيار الدولة في الفترة الانتقالية، هو الذي دفع الرئيس هادي لطلب المساعدة من دول التحالف العربي، ولو نجحت الأمم المتحدة حتى بشكل نسبي في إدارة هذه المرحلة ربما ما كان الحوثي اليوم في صنعاء.

3- فشل المجتمع الدولي في تطبيق قرار مجلس الأمن 2216 رغم أنه صدر بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وهو أعلى درجات الإلزام في التطبيق، وتفرض القوانين الصادرة تحت الفصل السابع على دول العالم والمجتمع الدولي تنفيذها حتى لو وصل الأمر لاستخدام القوة، ورغم أن هذا القرار الصادر في 15 أبريل 2015م، فرض منع توريد السلاح لميليشيا الحوثي واصلت إيران وحزب الله إرسال السلاح والمدربين العسكريين دون أي رادع من المجتمع الدولي، وبعد مرور ما يزيد عن 6 سنوات على هذا القرار ما زال المجتمع الدولي عاجزًا عن تنفيذ أي بند من بنود القرار  2216 الذي طالب الميليشيا الحوثية بتسليم السلاح الثقيل للدولة، وإنهاء المظاهر المسلحة والعودة للمسار السياسي الذي يعتمد على ثلاث مرجعيات هي القرار 2216 ومخرجات الحوار الوطني اليمني، والمبادرة الخليجية، وما زال الحوثي يتعاطى بسلبية مع كل هذه الحلول دون أي ردع أو عقاب من المجتمع الدولي.

4-استغل الحوثي عدم توافر الإرادة الدولية للتهرب من استحقاقات " أتفاق ستوكهولم " الذي تم توقيعه في 13 ديسمبر 2018م، بهدف وجود ممر آمن لوصول المواد الإغاثية والطبية، وحتى اليوم لم يسحب الحوثي قواته من مدينة وموانئ الحديدة، بل ويسيطر الحوثي على العائدات المالية من موانئ الحديدة الثلاث، وهي التي نص اتفاق ستوكهولم على إيداعها في البنك المركزي اليمني،  وفاقم هذا الأمر من الأزمة الإنسانية خلال السنوات الثلاث الأخيرة، ورغم كل ذلك لم يصدر بيان واضح من المبعوث الأممي أو الأمم المتحدة يحمل الحوثي فشل  تنفيذ بنود أتفاق ستوكهولم، وكل ما يصدر هو " بيانات رمادية " تؤدي إلى تهرب الميليشيا الإرهابية من كل المبادرات والاتفاقيات التي كان يمكن أن تقود لوضع نهاية للصراع في اليمن   

5- لم تتخذ الأمم المتحدة أو أي جهة دولية إجراءات عقابية بحق الحوثي رغم أن تقارير الأمم المتحدة هي التي قالت أن الحوثي هو من يسرق المواد الإغاثية، ويعيد بيعها بأسعار باهظة للمواطنين لتمويل حروبه وجرائمه بحق اليمنيين، ولم يصدر أي عقاب للحوثي بالرغم أنه قصف مخازن القمح في الحديدة التي كانت تكفي كل الشعب اليمني لمدة 3 شهور عام 2018م، ورغم تعرض موظفي الأمم المتحدة أنفسهم لإطلاق النار من جانب الحوثي أثناء زياراتهم الميدانية وتنكيله بالمنظمات الحقوقية التي أرادت توثيق جرائمه واطلاع المجتمع الدولي عليها، رغم كل ذلك لم نر موقفاً موحداً من المجتمع الدولي يجرم هذه العمليات طوال سنوات الصراع الماضية.

6- استهداف المدنيين من جانب الحوثي سياسة ثابتة إلا أن أصوات الإدانة الدولية لهذه الممارسات كانت خجولة وضعيفة للغاية، فالحوثي يحاصر مدينة تعز منذ أكثر من 5 سنوات، واستهداف المدنيين في تعز يكاد يكون بشكل يومي، ورغم ذلك لم نر المجتمع الدولي ينتفض من أجل هؤلاء المدنيين، وهو ما شجع الحوثي على مواصلة حصاره لتعز ، وتكرر هذا السيناريو مع مناطق أخرى أبرزها الجرائم التي ارتكبتها الميليشيا الانقلابية بحق قبائل " حجور " التي رفضت الاستكانة والسير في المشروع الحوثي، ويشكل العدوان على مأرب ذروة العمليات الإرهابية بحق المدنيين في الوقت الحاضر ، ورغم كل ذلك لم نر موقفًا صارمًا من العالم، وهو ما شجع الحوثي للاستهانة بالمدنيين حتى من خارج اليمن، و تجلى ذلك  بالمذابح والحرائق التي تعرض لها بعض اللاجئين من الجنسيات الإفريقية في صنعاء مؤخرًا  دون أي تحرك دولي لحماية هؤلاء أو حتى إدانة الحوثي، كما أن استخدام الصواريخ والكاتيوشا ضد مدينة يسكنها مدنيون مثل مأرب دون عقاب يؤكد التخاذل الدولي وعدم المسؤولية تجاه المدنيين.

7- أكتفت الأمم المتحدة وكثير من الدول بإدانة قصف الحوثي للأهداف المدنية مثل المطارات المدنية ومنشآت تابعة لشركة أرامكو إلا أن عدم اتخاذ قرار يوجع ويؤلم الميليشيا الحوثية هو ما يشجعها على الاستمرار في إرسال طائرات الدرونز والصواريخ البالستية إلى المملكة العربية السعودية، ورغم أن القوانين الدولية بما فيها قوانيين الحرب والقانون الدولي الإنساني تمنع استهداف المناطق التي يوجد بها مدنيون، لا يكاد يمر يوماً إلا ويستهدف الحوثي مناطق مدنية سواء داخل اليمن أو في دول الجوار، وهذا ما يؤكد أن مجلس الأمن لا يقوم بمسؤولياته في حفظ الأمن والسلم الدوليين، وهي المهمة الأولى للمجلس، ولم تشكل الأمم المتحدة في يوم من الأيام لجنة تقصي حقائق حول جرائم الحوثي ضد المدنيين والأهداف والأصول المدنية.

8-لم يتحرك العالم عندما قام الحوثي باستخدام المدنيين كدروع بشرية وتحويل المدارس والملاعب الرياضية لتخزين السلاح، وتحويل هذه المناطق المدنية لورش لتصنيع الطائرات المسيرة والذخيرة، وهي جريمة حرب وفق قوانيين جنيف الأربعة لحقوق الإنسان، ولهذا قام الحوثي بتحويل الكثير من المنشآت المدنية لمخازن ومصانع لتجميع السلاح القادم من إيران، وهو ما يفسر عدم قيام التحالف العربي بقصف هذه الورش والمخازن لأنها تقع وسط بيوت المدنيين.

9- لم تصدر أي عقوبات دولية على الحوثي نتيجة تجنيده الأطفال، فوفق التقارير الدولية نفسها فإن الحوثي قام بتجنيد 10 آلاف من الأطفال في الصفوف الأمامية لجبهات القتال، بينما تقول التقارير اليمنية أن الحوثي جند أكثر من 30 ألف طفل وقاصر في عملياته العسكرية، ولم يكتف الحوثي بهذه الجريمة بحق الأطفال بل أنه أنشأ المؤسسات التعليمة لتلقين الأطفال الأفكار المذهبية المتطرفة حتى يسهل السيطرة عليهم وتعبئتهم بالكراهية لكل ما هو غير حوثي في اليمن تمهيداً لإرسالهم للجبهات الأمامية بعد أن خسر غالبية منتسبيه في حروب السنوات الست الماضية، وما قبلها في الحروب ضد الرئيس السابق علي عبد الله صالح، وكل هذا أمام مسامع العالم دون أي تدخل، وهي جرائم تستوجب من المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان وحماية الطفل إدانة هذه الجرائم النكراء، والضغط على ميليشيا الحوثي لوقف عمليات تجنيدهم، وضمان حقهم في الحياة بشكل طبيعي أسوة بأقرانهم في مختلف دول العالم، وقد أدى هذا إلى تراجع التحاق الطلاب للجامعات حيث يجبرهم الحوثي للالتحاق بجبهات القتال حيث بلغت نسبة الالتحاق بكليات الجامعة أدنى المستويات، ووفق أكثر من تقرير أممي فإن الحوثي أجبر العائلات والقبائل بتقديم أطفالهم الذين لم تتعد أعمارهم ما بين 12 و16 عاماً للالتحاق بالعمل الميليشياوي، وفي عام 2020 وحده قتل أكثر من 1000 طفل في جبهات مأرب وتعز، وهو ما يؤكد أن ما يقوم به الحوثي يفوق كل الجرائم الإنسانية بشاعة لأنه يعتدي على عقول الأطفال، ويستغل أوضاعهم المعيشية، ناهيك عن حرمانهم من التعليم والحياة الكريمة، ورغم أن هذه التقرير أصدرتها منظمات حقوقية مرموقة مثل منظمات  سام و الأورومتوسطي  لحقوق الإنسان، إلا أنه لا يوجد تحرك حقيقي لمنع تكرار هذه الجرائم من جانب الحوثي، وكلها جرائم تستوجب إحالتها إلى المحكمة الجنائية الدولية باعتبارها جريمة حرب وفق اتفاقية روما التي أنشئت بموجبها المحكمة الجنائية الدولية.

10- عانت الملاحة الدولية من آلاف الألغام البحرية التي نشرها الحوثي قرب مضيق باب المندب، وأصبحت هذه المنطقة بمثابة خطر كبير على الملاحة الدولية، وتعرضت سفن كثيرة وكبيرة لحوادث نتيجة لهذه الألغام ،وباتت ألغام ميليشيا الحوثي الإرهابية في البحر الأحمر الخطر الأكبر على الملاحة وخطوط التجارة العالمية، ومنذ عام 2015م، انجرفت العشرات منها لمسافة 90 كيلومتراً بين جزر حنيش ومضيق باب المندب وخليج عدن، وتم الكشف عن العشرات من هذه الألغام أثناء عملية السهم الذهبي التي أطلقها التحالف العربي عام 2017م، في باب المندب ،ورغم أن ميليشيا الحوثي نفسها أقرت بنشر الألغام العائمة في البحر الأحمر مطلع 2018 م، وأسمتها "مرصاد" ، لم يتحرك المجتمع الدولي، كما أن أحد بنود اتفاق ستوكهولم ينص على ضرورة نزع الحوثي للألغام في الحديدة، لكن الحوثي كالعادة لم ينفذ هذا الأمر ، ووفق تقرير نشره التحالف العربي عام 2018م، فإن الميليشيا الحوثية تتلقى ألغام بحرية من طراز " قاع " من إيران، كما تصنع " ألغام بحرية محلية " وهي شديدة الخطوة لأنها يمكن أن تظل عائمة حتى 10 سنوات بما يجعل هذا الخطر محدق في الحال وفي المستقبل، ورغم كل ذلك لم نر أي رد فعل قوي من القوى الفاعلة في المجتمع الدولي أو من الأمم المتحدة أو مجلس الأمن الدولي لما تشكله هذه الألغام من خطورة على الملاحة الدولية خاصة أن مضيق باب المندب يمر من خلاله 12 % من إجمالي التجارة العالمية.

11- لعبت الأمم المتحدة الدور الأكبر في عدم هزيمة الحوثي وتحرير صنعاء أكثر من مرة، فكل مرة تكون قوات الشرعية على أبواب صنعاء تتعالى صراخات المنظمة الدولية، وتحت شعارات حقوق الإنسان تقوم بالضغط على دول التحالف من أجل وقف العمليات العسكرية، وهو ما كان دائمًا في صالح الحوثي، وذلك بمنحه الفرصة لتنظيم صفوفه أو جلب مزيد من السلاح والذخيرة من إيران أو بالتقاط الأنفاس، وعندما سيطر الجيش اليمني على "مديرية نهم"  التي تبعد عن مطار صنعاء بـ16 كيلومتر فقط تعالت الصيحات الأممية والضغوط الدولية على التحالف لوقف العملية العسكرية، وهو ما أعطى فرصة للحوثيين للبقاء حتى الآن في عاصمة اليمن، وتكرر هذا الأمر عندما حاولت قوات الشرعية تحرير مدينة الحديدة وحققت نتائج مذهلة في أيام قليلة في يونيو 2018م،  لكن الأمم المتحدة تدخلت من جديد من أجل توفير الغطاء السياسي والدبلوماسي للحوثي، وهو  ما عطل العملية،  وأعاد " تدوير " بقاء الحوثي عسكرياً في الحديدة من خلال الادعاء بأن من يبقى في الحديدة عناصر محلية لا تتبع للجيش اليمني أو الحوثيين، وتأكد في النهاية أنهم حوثيون في لباس محلي، وشاركت الجهات الدولية في هذه الخدعة التي أطالت من زمن الصراع.

12- أكثر  " الإشارات الخاطئة" صدرت من الإدارة الأمريكية الجديدة التي قامت برفع ميليشيا الحوثي من قائمة المنظمات الإرهابية، رغم أن ميليشيا الحوثي جزء من نشاط الحرس الثوري الإيراني  الذي صنفته الولايات المتحدة منظمة إرهابية في 8 أبريل 2019م، ولا يختلف أثنين على أن نشاط الحوثي لا يقل خطورة عن نشاط حزب الله الذي أدرجته بالفعل الخارجية الأمريكية كمنظمة إجرامية وإرهابية، وهناك مئات الأدلة التي تثبت قيام الحوثي منذ ظهوره على الساحة اليمنية بأعمال إرهابية ، لذلك صنفته إدارة ترامب كجماعة إرهابية، ولا يخفى على أحد مدى التصعيد الكبير الذي يقوم به الحوثي ضد الأهداف المدنية في الداخل اليمني وفي دول الجوار منذ رفعت إدارة بايدن اسم الحوثي من قائمة الإرهاب، وهو ما يطرح سؤالاً كبيرًا حول دور القوى العالمية في إطالة الصراع في اليمن، فالمؤكد أن هذا القرار الخاطئ من الإدارة الأمريكية سيساهم في تعقيد الأزمة اليمنية، ويفاقم المعاناة الإنسانية، ويجعل السلام بعيدًا عن متناول اليمنيين، وسيمثل هدية مجانية للنظام الإيراني، ويعزز سياساته الانتهازية والتخريبية في المنطقة.

 المبعوثين الدوليين

لعب المبعوثون الدوليون إلى اليمن بلا استثناء دورًا سلبيًا ساهم في إطالة الصراع في اليمن من خلال الوقوع في أخطاء كثيرة ومنها:

1-حاولت أطروحات المبعوثين الدوليين سواء بقصد أو بغير قصد، أن تنقل الحوثيين من " دائرة العمل الميليشياوي " إلى " خندق العمل السياسي والحزبي" ، وقامت كل مقترحات الوسطاء الدوليين على خطأ جسيم وهو المساواة السياسية بين الحوثيين والشرعية اليمنية، وساعد هذا الأمر في وجود تردد دولي في الضغط على الجماعة الانقلابية، وحتى اليوم تكشف أفكار الوسيط الحالي مارتن جريفث والمبعوث الأمريكي تيوثي ليندركينج أنهما لا يتحدثان عن جماعة ميليشياوية اغتصبت الحكم بالقوة لكن يعتبرونها طرف سياسي، وهذا خطأ سياسي ودبلوماسي كبير يطيل الأزمة.

2-لم يثبت الوسطاء الدوليون التزامهم الكامل بالمرجعيات الثلاث للحل السياسي في اليمن وهي القرار 2216 والمبادرة الخليجية، ومخرجات الحوار الوطني اليمني، ودائمًا يعمل الوسطاء والمبعوثون الدوليون على أفكار لم تؤت أي ثمار بما فيها الجوانب الإنسانية.

3-عكست أفكار ومداولات الوسطاء الدوليين المصالح المتباينة والاختلافات الكبيرة للدول الكبرى، ولم يكن لهم في يوم من الأيام نهج مهني مستقل يساعد على تنفيذ ما جاءت به المرجعيات الثلاث

4-وقع الوسطاء الأمميون في خطأ كبير وهو الانتقال " للحلول الجزئية " بعد فشلهم في إيجاد حل شامل للازمة، ومن يتابع الأفكار الخاصة بتنفيذ أتفاق ستوكهولم أو الوضع في تعز أو مأرب يتأكد له غياب " الرؤية الكلية " للحل في اليمن لدى الوسطاء الدوليين، والتركيز على قضايا صغيرة تساعد الوسيط الدولي في البقاء لفترة أطول في منصبه، وأدى البحث في قضايا فرعية وجزئية، والعمل عليها " بالتتالي " وليس " بالتوازي" إلى إهدار الوقت وإطالة الأزمة.

5- تقاعس الوسطاء الدوليين في كشف الحقائق سواء في الميدان أو في الأروقة الدولية أعطى الحوثي وإيران مساحة رمادية كبيرة للحركة، فكثيراً ما تعرض التحالف الدولي " لضربات في الظهر " من خلال تقارير أممية مضلله ولا تستند إلى واقع ، وهو ما أثر سلباً على صورة ما يقوم به التحالف قبل الرد على هذه الأكاذيب، ونشرت الأمم المتحدة معلومات وتقارير كثيرة أثبت فيما بعد أنها خاطئة وذلك بسبب اعتماد المنظمة الدولية على منظمات ومؤسسات محلية خاضعة للميليشيات، وتاريخ تعامل الأمم المتحدة مع الأزمة اليمنية كشف اعتمادها على مصادر معلومات غير موثوقة وغير حيادية تحت ذريعة عدم التمكن من العمل في المناطق الخاضعة لسيطرة الميليشيات.

6- ارتكبت الأمم المتحدة خطأ فادحاً بالعمل في مناطق سيطرة الميليشيات وفي صنعاء وليس في المناطق المحررة، و اتخاذ صنعاء مقرًا لعمل منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، كما عمل موظفو الأمم المتحدة كثيراً على تسهيل عملية إدخال أشخاص لا يحملون أي صفة دبلوماسية أو إغاثية عبر طائرات تابعة للأمم المتحدة، وهو انتهاك صارخ للتصريح الذي منحه التحالف العربي بعدم التفتيش وتسهيل المرور للطائرات الإغاثية، الأمر الذي سمح للحوثيين باستقدام مدربين عسكريين من لبنان وإيران، كما أوقع هذا الأمر الأمم المتحدة تحت ابتزاز الحوثي، وعدم قدرتها على الوقوف على الحياد.

7-يتذكر الجميع كيف أرسلت الأمم المتحدة سيارات دفع رباعي للحوثي عن طريق وزارة الصحة التابعة للانقلابيين، وبعد ذلك وجهت هذه السيارات على جبهات القتال، كما أن المنظمات الدولية الأخرى لعبت دوراً سلبياً لا يقل سلبية عن الأمم المتحدة ومنها تقديم منظمة "أطباء بلا حدود" 27 طنًا من المساعدات لميليشيا الحوثي كانت تباع بأضعاف ثمنها للشعب اليمني.

 لقد كان التخاذل الدولي سببًا رئيسيًا في إطالة أمد الأزمة اليمنية وهو ما جعل الشعب اليمني ومن خلفه التحالف العربي يعمل دائماً على " مقاربة مختلفة" لا تعول على الأطراف الدولية، وتعمل على إنهاء الصراع وتحافظ على وحدة اليمن، ولا تعطي فرصة لتمدد المشروع الإيراني.

مقالات لنفس الكاتب