array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 161

الحل بدمج الحوثي في الكيان السياسي والمجتمعي وحل الميليشيات ودمجها في الجيش

السبت، 01 أيار 2021

بعد مرور ست سنوات من الحرب والدمار مازالت الجهود الدبلوماسية التي تقودها الأمم المتحدة لحل الأزمة اليمنية متعسرة نتيجة لتعنت الحوثيين في موقفهم من محادثات التسوية السلمية، والتأثير القوي لدول إقليمية في الصراع، وعدم جدية الأطراف اليمنية في التوصل إلى صيغة توافقية للخروج من الأزمة. ومع بداية عام 2021م، بدأت بوادر الأمل في إيجاد حل سلمي للأزمة تلوح في الأفق، بداية برغبة الإدارة الأمريكية الجديدة في التوقف عن دعم الحرب، ومبادرة المملكة العربية السعودية للتوصل لحل سلمي ووضع حد لتدهور الأوضاع المعيشية والإنسانية التي يعاني منها الشعب اليمني، ولكن هذه المبادرات لم تلق قبولاً حسنًا من الجانب الحوثي الذي صعد من وتيرة الحرب بالاعتداء بالطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية على الأراضي السعودية. ونظرًا لأهمية المبادرات التي طرحت مؤخرًا تسعى سلطنة عمان إلى التوسط بين الأطراف المعنية وتقريب وجهات النظر وطرح رؤيتها لإيجاد حلول سلمية للأزمة اليمنية.  

دوافع سلطنة عمان لإيجاد حلول سلمية للأزمة اليمنية

توجد رغبة قوية لدى القيادة السياسية العمانية في إرساء حالة من الأمن والاستقرار في منطقة الخليج وتوجيه الجهود نحو التعاون الاقتصادي والتنمية على الصعيدين الوطني والإقليمي خلال الفترة القادمة. لذا تركز السلطنة حاليًا على إنهاء حالات الخلافات السياسية، الصراعات الإقليمية، والحرب، التي تعوق التقدم والتنمية. بعد حلحلة الأزمة القطرية اتجهت السلطنة للبحث عن حلول سياسية للأزمة اليمنية، حيث استطاعت خلال أسابيع قليلة من استضافة العديد من المسؤولين اليمنيين والسعوديين والكويتيين والأمريكيين، بالإضافة إلى المسؤول الأممي عن الأزمة اليمنية من تحريك دفة العمل الدبلوماسي على المستويين الإقليمي والدولي.

يعد فشل جهود الأمم المتحدة في إحراز تقدم ملموس في مسار التسوية السلمية للأزمة اليمنية أحد أهم الدوافع إلى تشجيع سلطنة عمان على إيجاد أرضية مشتركة للحوار بين الفرقاء اليمنيين والقوى الإقليمية والدولية المهتمة بالصراع، وخلق إطار جديد يمكن من تبسيط المشهد السياسي وإيجاد تفاهمات مشتركة بين أطراف الصراع.  فقد أدركت السلطنة أن مؤسسات الأمم المتحدة اهتمت أكثر بشؤون الإغاثة الإنسانية من محاولة إيجاد الحل السياسي الشامل للأزمة، ومن هنا يمكن للسلطنة توظيف علاقاتها السياسية والدبلوماسية القوية مع كل الدول وخاصة الأطراف المرتبطة بالصراع في إدارة وحل الأزمة.

من الدوافع المهمة أيضًا على تشجيع السلطنة لإيجاد حلول سلمية للأزمة اليمنية هو موقف الإدارة الأمريكية الجديدة من الحرب في اليمن، حيث أكد الرئيس الأمريكي جو بايدين عزمه على وقف الحرب وإيجاد تسوية من خلال تعيين تيموثي ليندركينج مبعوثًا خاصًا لليمن. إن تغيير موقف الولايات المتحدة سوف يغير من طبيعة إدارة الصراع، وهنا تأتي أهمية التنسيق الأمريكي-العماني في جذب كل أطراف الصراع إلى طاولة المفاوضات.

من الدوافع الهامة أيضًا الحد من التصعيد الحوثي للحرب وتهديد الأراضي السعودية بالطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية، حيث أن أمن وسلامة أراضي المملكة العربية السعودية يعتبر جزءًا لا يتجزأ من الأمن القومي الخليجي والعربي، وبالتالي فإن الاستمرار في الاعتداء الحوثي مؤخرًا على الأراضي السعودية يعتبر تهديدًا لأمن السلطنة ودول مجلس التعاون الخليجي. إن عدم إمكانية حسم الصراع عسكريًا يؤكد على ضرورة البحث عن حل سياسي شامل، ليس فقط من أجل إعادة الحكومة الشرعية في اليمن، بل من أجل أمن وسلامة واستقرار منطقة الخليج العربي.

وأخيرًا تسعى السلطنة إلى الحد من تفاقم الكارثة الإنسانية باليمن التي دخلت عامها السادس. تشير تقارير المؤسسات الدولية إلى أن الأزمة اليمنية أصبحت واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية التي عرفها التاريخ الحديث نتيجة الحرب، والمجاعة، وتفشي الأمراض، وعدم إمكانية إيصال المساعدات الإنسانية للحالات الحرجة. في حين أكدت تقارير الأمم المتحدة أن 80 بالمائة من سكان اليمن البالغ عددهم 30 مليون نسمة يحتاج إلى كل أشكال المساعدة والحماية، وأن 13.5 مليون يمني يواجهون حاليًا انعدامًا حادًا في الأمن الغذائي.  لذلك أصبح واجبًا على الدول المجاورة مثل سلطنة عمان السعي بجدية لوقف هذه الكارثة الإنسانية التي راح ضحيتها حوالي عشرة آلاف وتشريد أكثر من 3.6 ملايين شخص.

الوساطة العمانية في الأزمة اليمنية

تتسم السياسة الخارجية العمانية بالوسطية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، مما أكسب السلطنة القدرة على الاحتفاظ بعلاقات متوازنة مع جميع دول العالم، بما في ذلك كل أطراف الصراع في الأزمة اليمنية. ساعد ذلك مسقط على أن تصبح عاصمة محورية في إدارة الصراعات الإقليمية بمنطقة الخليج، وأن تلجأ إليها الدول الإقليمية والكبرى للوساطة ولحلحلة بعض الأزمات مثل أزمة الملف النووي الإيراني، الأزمة السورية، وأزمة قطر، والأزمة اليمنية. إن استمرار سلطنة عمان على هذا النهج الذي سنه السلطان قابوس بن سعيد يؤكد على حرص السلطنة بعد تولي السلطان هيثم بن طارق مقاليد الحكم في يناير 2020م، في دعم أمن واستقرار منطقة الخليج، حيث تكللت جهود الوساطة العمانية في الأزمة القطرية بالنجاح في قمة العلا بالمملكة العربية السعودية في يناير 2021م، ثم اتجهت الجهود السياسية مؤخرًا نحو إيجاد حلول سلمية للأزمة اليمنية. 

يظهر الدور الهام التي تقوم به سلطنة عمان بشأن اليمن في عدد من الاجتماعات السرية والمعلنة التي عقدها المسؤولون العمانيون مع أطراف الصراع في اليمن خلال الثلاثة أشهر الماضية. بدأت جولة المفاوضات الأولى بسلسلة من الزيارات المكوكية للمبعوث الأممي مارتين غريفيث بين مسقط وصنعاء والرياض، ثم زيارة وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان إلى مسقط في 24 فبراير 2021م، أعقبها اجتماعات مكثفة للمبعوث الأمريكي لليمن تيموثي ليندركينج مع المسؤولين العمانيين وكبير المفاوضين الحوثيين محمد عبد السلام في 26 فبراير 2021م، ثم زيارة وزير الخارجية الكويتي أحمد ناصر المحمد الصباح لمسقط في 27 فبراير 2021م، من أجل تقريب وجهات النظر والإعداد لجولة جديدة من المفاوضات تكون أكثر جدية للوصول إلى حل نهائي للأزمة اليمنية.

نتائج اجتماعات سلطنة عمان بشأن اليمن

حاولت اجتماعات سلطنة عمان تقريب التفاهمات المتباينة بشأن المبادرة الجديدة التي أعلنتها المملكة العربية السعودية في 22 مارس 2021م، لإنهاء الأزمة والوصول لاتفاق سياسي شامل في اليمن. تضمنت المبادرة السعودية وقفا شاملاً لإطلاق النار بإشراف الأمم المتحدة، وفتح مطار صنعاء لعدد محدد من الوجهات، وتخصيص الإيرادات في دفع رواتب الموظفين. تأتي أهمية هذه الاجتماعات نتيجة للتعنت الحوثي وعدم قبوله للمبادرة السعودية رغم الترحيب العربي والدولي لها حيث اعتبرها الحوثيون مجرد مناورة سياسية لا ترقى إلى مستوى الحل الشامل. على الرغم من التباين الواضح في وجهات النظر وفقدان الثقة بين المملكة العربية السعودية الداعمة للحكومة الشرعية وبين الحوثيين، ترى سلطنة عمان أن المبادرة السعودية تمثل فرصة هامة للجلوس على مائدة المفاوضات والسماح للوسطاء لتقريب وجهات النظر للوصول إلى حل نهائي وشامل للأزمة.

ترى السلطنة أن استهداف القوات الحوثية للأراضي السعودية بالطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية يعيق عملية السلام وأن استمرار الدعم الإيراني للحوثيين يطيل أمد الحرب ويجعل أي محاولة لإنهائها غاية في الصعوبة. ترى السلطنة أنه يجب على الطرف الحوثي القبول بالمبادرة السعودية كبداية للسعي نحو حل نهائي وشامل، وتؤكد أن عدم القبول بالمبادرة يدل على عدم رغبة الحوثيين في حلول سلمية وسوء تقديرهم للقدرات العسكرية للجانب الآخر، وأن توجيه صواريخ الباليستية للأراضي السعودية لا يعني أن ميزان القوة العسكرية أصبح في صالحهم.

تشير نتائج اجتماعات سلطنة عمان إلى السعي نحو خلق أطر سياسية جديدة تخدم الأزمة اليمنية، حيث تسعى السلطنة إلى تسهيل مهمة المبعوث الأمريكي في التواصل مع الأطراف المعنية بالصراع وخاصة الطرف الحوثي، كما تحاول تقليل الضغوط الأمريكية على المملكة العربية السعودية في وقف الحرب دون التوصل إلى حل نهائي للأزمة. من الواضح أيضًا أن هناك جهود لتحييد الموقف الإيراني في اليمن من خلال محاولة ربط تطور محادثات الملف النووي التي استأنفت مؤخرًا بجنيف بعدم تدخل إيران في الشؤون الداخلية للدول العربية المجاورة مثل العراق وسوريا ولبنان واليمن، كما تشير بعض التقارير الاستخباراتية إلى احتمال عقد اجتماعات سرية بين مسؤولين من المملكة العربية السعودية وإيران من أجل تهدئة الصراع الإقليمي بينهما، وأنه إذا ثبت وقوع ونجاح مثل هذه المحادثات فمن المحتمل أن تغير من طبيعة التحالفات الإقليمية وموازين القوة بشكل يضر بعلاقة الحوثيين مع إيران في الفترة القادمة.

لذا ترى سلطنة عمان أن استمرار التعنت الحوثي في قصف الأراضي السعودية وعدم قبول المبادرة السعودية يعرقل جهود الحل السلمي ويضر بمصالح الشعب اليمني. فمن المهم أن تتضافر الجهود السياسية والدبلوماسية للضغط على الحوثيين لقبول وقف إطلاق النار بشكل فوري ودائم، تمهيدًا للبدء في الجولة الثانية من المحادثات التمهيدية بين أطراف الصراع لإيجاد حلول سلمية للأزمة اليمنية. ترى السلطنة أن وقف إطلاق النار لابد أن يكون فوريًا وملزمًا للطرفين على أن تتم مناقشة سحب القوات الحوثية من صنعاء وسحب قوات التحالف الدولي وفك الحصار المفروض على ميناء الحديدة بالكامل لاحقاً في جولات التفاوض القادمة.

   الرؤية العمانية وأهمية وجود خارطة طريق لحوار سياسي

ترى سلطنة عمان أن بداية الطريق نحو حلحلة الأزمة اليمنية تبدأ من خلال فتح قنوات للتواصل وإعادة بناء الثقة بين أطراف الصراع في اليمن، خاصة ممثلي الحكومة الشرعية والقادة الحوثيين، ويمكن للسلطنة أن تلعب هذا الدور في ضوء تمتعها بقنوات اتصال مباشرة مع ممثلي الحكومة الشرعية في كل من الرياض وعدن ومع القادة الحوثيين في صنعاء، وأن كلا الطرفين يعتبر مسقط مكانًا مقبولاً للزيارة ومريحًا لعقد الاجتماعات ومحفزًا للتفاوض من أجل حل شامل للأزمة.

يتبلور موقف السلطنة في إعلانها الصادر عن وزارة الخارجية في 23 مارس 2021م، بشأن ترحيبها بالمبادرة السعودية للتوصل إلى حل سياسي في اليمن وتؤكد على استمرارها في العمل مع المملكة العربية السعودية والأمم المتحدة والأطراف اليمنية المعنية بهدف تحقيق التسوية السياسية المطلوبة وبما يحفظ أمن ومصالح دول منطقة الخليج العربي. فالسلطنة ليست فقط داعمة للحل السلمي، بل شريكًا هامًا في تسهيل عمليات التواصل والتفاوض بين الأطراف المعنية بالأزمة، خاصة بعد نجاح سلسلة اجتماعات مسقط التي عقدت بين المسؤولين اليمنين والسعوديين والمبعوثين الأممي والأمريكي في فبراير الماضي.

يعتقد العمانيون أن إمكانية نجاح الحلول السياسية حاليًا أعلى مما سبق بعد تقديم المبادرة السعودية والضغوط الأمريكية لوقف الحرب وعزم الأمم المتحدة على وضع نهاية للأزمة الإنسانية واحتمالية أن تخفض إيران مستوى مساندتها للحوثيين خوفًا من تأثير ذلك على مفاوضات الملف النووي. ولكن حسن النوايا والظروف المهيأة لا يمكن أن تفضي بالضرورة إلى النتيجة المنشودة، لذا من المحتم وضع خارطة طريق ملزمة لكل الأطراف، مبنية على أسس ومبادئ المبادرة السعودية، وبإشراف ومراقبة الأمم المتحدة والولايات المتحدة وسلطنة عمان.

إن بداية الطريق لأي حل سياسي تبدأ بالقبول الفوري لوقف الحرب والدخول في مفاوضات مباشرة غير مشروطة من خلال جولات تمهيدية تهدف إلى خلق تفاهمات وبناء جسور الثقة بين ممثلي الحكومة الشرعية والمملكة العربية السعودية وبين القادة الحوثيين. يلي ذلك جولات مفاوضات تهدف إلى الحل الشامل، على أن يتضمن ذلك إطارًا سياسيًا مرضيًا لمرحلة انتقالية لمدة عام، يتم فيها اختيار شخصيات عامة من خارج أطراف الصراع الحالي لإدارة شؤون الدولة ويكونوا ممثلين لكل طوائف الشعب اليمني.

بعد انتهاء المرحلة الانتقالية يتم عقد انتخابات عامة يتم من خلالها اختيار رئيس الدولة وأعضاء الهيئات التشريعية والقانونية وممثلي الحكومة المحلية، كذلك الاتفاق على تشكل لجنة وطنية تمثل كل أطياف المجتمع اليمني لوضع دستور جديد للدولة، على أن يوضح طبيعة النظام السياسي والاجتماعي والاقتصادي للدولة ودور، وواجبات، ومسؤوليات، وحقوق الأفراد، والمؤسسات.  يمكن أيضًا الاتفاق على طريقة اختيار أعضاء الحكومة الانتقالية، ومهامها الأساسية، والجدول الزمني المحدد لها، ومواعيد عقد الانتخابات العامة، بالإضافة إلى حل الميليشيات المسلحة وسحب أسلحتها وتوحيدها تحت مظلة القوات المسلحة الوطنية، على أن تتولى وزارة الدفاع إعادة تأهيلهم وتدريبهم.

 

استراتيجية الاحتواء والدمج وإعادة البناء

إن أي تصور لمقترح أو خطة استراتيجية لاستعادة اليمن من تحت السيطرة والنفوذ الإيراني وإعادتها إلى الحاضنة الخليجية والعربية يتطلب التفكير خارج الصندوق والخروج بحلول غير تقليدية، خاصة وأن اليمن يتعرض لمحاولات كثيرة من أجل تقسيمه مرة أخرى إلى شمالي وجنوبي، وتفتيته إداريًا من شكل نظام فيدرالي، بما يسمح بالعودة بنظام الدولة الموحدة التي تأسست عام 1990م، إلى النظام القبلي البائد. إن تصور الحل الشامل للأزمة لابد أن يحفظ لليمن وحدته وأمنه واستقراره، وهذا يتطلب تغيير الاستراتيجية الحالية لاستعادة اليمن بالقوة العسكرية والتي بائت بالفشل على مدى الست سنوات الماضية إلى استراتيجية الاحتواء والتنازلات والتحفيزات لرمي السلاح وسعي إلى التعاون البناء بين كل الطوائف اليمنية، بما فيهم الحوثيين، والإصلاحيين، والقبائل الموالية للرئيس السابق علي عبد الله صالح.

يفضل أن يكون البدء في تطبيق استراتيجية الاحتواء مصاحبًا لمرحلة الجولات التمهيدية للتفاوض لحل شامل والمرحلة الانتقالية التي تليها بهدف إغراء الحوثيين للمشاركة الفعالة في عملية المفاوضات ونبذ الحرب والانخراط في العملية السياسية بشكل يضمن نقل اليمن من حالة الحرب إلى حالة السلم، ووضع الأسس الأولية لإعادة بناء مؤسسات الدولة ووضع دستور جديد وإعادة بناء الجيش الوطني ولم شمل جميع طوائف الشعب تحت مظلة الدولة الوطنية.

تمثل استراتيجية الدمج خطوة هامة في سبيل التوصل إلى حل سياسي شامل. وهذا يتطلب خلق إطار سياسي جديد يسمح بدمج الفصيل الحوثي في الكيان السياسي الجديد أثناء وبعد المرحلة الانتقالية، وبالتالي تستهدف استراتيجية الدمج ثلاثة عناصر أساسية هي: (1) دمج الفصيل الحوثي في العملية السياسية بحيث يكون عنصرًا مشاركًا في تطوير النظام الإداري والسياسي والاقتصادي للدولة، (2) حل الميليشيات المسلحة التابعة للحوثيين وإعادة دمجها وتأهيلها في الجيش الوطني اليمني، (3) دمج الحوثيين اجتماعيًا وثقافيًا بشكل يساعدهم على التمسك بالهوية القومية والانتماء للدولة الوطنية، عوضًا عن المرجعية العقائدية والعرقية التي ربطتهم بالمرجعية الإيرانية.

أما استراتيجية إعادة البناء فتعتبر الأهم والأكثر تحفيزًا على السعي لحل سياسي شامل، بهدف إعادة بناء البنية التحتية التي دمرتها الحرب من مدارس ومستشفيات وطرق ومواني ومطارات، وإعادة بناء مؤسسات الدولة، والقيام بالإصلاحات الاقتصادية اللازمة لتحسين موارد الدخل في القطاعات غير النفطية ولتطوير النظام المالي والنقدي والبنكي لتوفير السيولة اللازمة لتنفيذ برامج الإصلاح الاقتصادي. ويمكن تمويل استراتيجية إعادة البناء من خلال تقديم حزم مساعدات مالية من قبل دول مجلس التعاون الخليجي تتراوح بين ثمانية وعشرة مليارات دولار سنويًا ولمدة خمس سنوات متتالية، بحيث تقسم هذه الحزم كنسب تتراوح بين 0.3 في المائة و0.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي لكل دولة من الدول الست.

واقعية الرؤية الاستراتيجية للأزمة اليمنية

طرح كاتب المقال رؤية استراتيجية واقعية تخدم مصالح كل أطراف الصراع في اليمن وتنبع من الجهود التي تبذلها سلطنة عمان من أجل إيجاد حلول سياسية للأزمة اليمنية. يعتقد الكاتب أن الظروف السياسية في الدول المعنية بالأزمة اليمنية أصبحت مهيأة لممارسة الضغوط الدبلوماسية والسياسية اللازمة لوقف الحرب وأن مقومات النجاح للوصول إلى حلول سياسية باتت قريبة المنال خلال العام الحالي. إن مدى استمرار سلطنة عمان في دعم الحلول السلمية في اليمن يعتمد على جدية اليمنيين أنفسهم في التوصل إلى تسوية سلمية لأزمتهم، ومدى الدعم السياسي الذي تقدمه الولايات المتحدة لإنهاء الحرب، وجدية دول مجلس التعاون الخليجي في توفير الدعم السياسي والمادي لمساندة اليمن في الخروج من أزمته الحالية.

مقالات لنفس الكاتب