; logged out
الرئيسية / "العدالة" أهم محاور ثورة ديسمبر بعد فظائع نظام البشير ومقتل مئات الآلاف من السودانيين وتشريد الملايين

العدد 162

"العدالة" أهم محاور ثورة ديسمبر بعد فظائع نظام البشير ومقتل مئات الآلاف من السودانيين وتشريد الملايين

الأحد، 30 أيار 2021

بعد مرور عامين على الانتفاضة بشعار "حرية، سلام، عدالة" التي قادت إلى إسقاط الرئيس السوداني عمر البشير تتفاوت آراء السودانيين فيما آلت إليه أوضاع البلاد، فهناك من يطالب بتصحيح مسار الثورة، بينما يطالب آخرون بإسقاط الحكومة. وترجمت تلك المواقف على الأرض حيث خرج آلاف المتظاهرين في عدة مدن سودانية في شهر مايو الماضي للمطالبة بالعدالة والسلام، ونادى المتظاهرون برحيل النظام الذي يرون أنه فشل في إدارة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية في البلاد.

ثار السودانيون في 2018م، بعد أزمة خبز ووقود في البلاد.. لكن الأزمة استفحلت بعد الثورة.. وارتفعت أسعار الخبز والمحروقات والغاز والدواء والسلع الأساسية بالإضافة إلى تحقيق الحريات والمطالبة بالعدالة.

 

اتفاقية السلام والوضع السياسي

 

في أكتوبر 2020م، وقعت الحكومة مع الحركات المسلحة اتفاقية سلام في "جوبا" لإيقاف نزيف حرب استمرت لسنوات طويلة، ونصت اتفاقية السلام الموقعة بين الحكومة الانتقالية في السودان والفصائل المسلحة المنضوية تحت "الجبهة الثورية"على 8 بروتوكولات، تتعلق بالعدالة الانتقالية والتعويضات، وملكية الأرض، وتطوير قطاع المراعي والرعي، وتقاسم الثروة والسلطة، وعودة اللاجئين والنازحين، وحملت بعض البنود "منح الجبهة الثورية" 3 مقاعد في مجلس السيادة الانتقالي، و5 وزراء في الحكومة التنفيذية، إلى جانب 75 مقعداً في البرلمان الانتقالي و تمديد الفترة الانتقالية 39 شهراً، تسري بالتوقيع النهائي للاتفاقية ، وأيضاً دمج مقاتلي الحركات المسلحة في الجيش السوداني على 3 مراحل، تنتهي بانقضاء أجل الفترة الانتقالية،منح 40 في المائة من السلطة في إقليم دارفور لمكونات مسار دارفور، و30 في المائة إلى مكونات السلطة الانتقالية، و10 في المائة لحركات دارفور الموقعة على هذا الاتفاق، و20 في المائة من السلطة لأهل المصلحة. وتم تخصيص 20 في المائة من الوظائف في الخدمة المدنية والسلطة القضائية والنيابة العامة والسفراء للجبهة الثورية.

هذه الاتفاقية تمخض عنها إعلان حكومة جديدة في فبراير 2021م، احتوت على 7 ممثلين للحركات المسلحة، على أن تستأنف المفاوضات مع الحركات التي لم توقع "عبد الواحد محمد نور و عبد العزيز الحلو"، في مايو الماضي بعد توقيع رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، ورئيس الحركة الشعبية ـ شمال،  بقيادة الحلو، "إعلان مبادئ" في 28 مارس الماضي تمهيدًا لبدء مفاوضات السلام بين الجانبين، يعي الجميع أن بدون إحلال السلام لن يحقق الاستقرار ولا التنمية، ولن يتم التوافق  على دستور دائم، و لن يتم التوصل إلى انتخابات حرة ونزيهة وشاملة .

تم تشكيل مجلس جديد " مجلس شركاء الفترة الانتقالية في السودان" ليكون حاضنة سياسية جديدة بين الحركات المسلحة والقوى السياسية "قوى الحرية والتغيير" باختصاصات تتمثل في دعم مؤسسات الفترة الانتقالية وحشد الدعم اللازم لضمان نجاح المرحلة الانتقالية وتنسيق العلاقات بين شركاء الفترة الانتقالية.

 

العدالة الانتقالية 

بعد الإطاحة بالمخلوع الرئيس عمر البشير تمثل العدالة محوراً مهمًا بعد ثورة ديسمبر بعد الفظائع التي ارتكبت في ظل نظام البشير موثقة على نحو جيد بالفعل مثل مقتل مئات الآلاف من السودانيين وتشريد الملايين منهم في دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق.

تعهدت الحكومة بالتعاون الكامل مع المحكمة الجنائية الدولية بما في ذلك تسهيل مثول المطلوبين أمامها. وفي أعقاب زيارة فاتو بنسودا المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية للخرطوم وقعت الحكومة مذكرة تفاهم مع المحكمة في فبراير 2021م، بشأن التعاون في قضية كوشيب.

تنص اتفاقية جوبا على إنشاء محكمة خاصة للجرائم التي ارتكبت في دارفور تتألف من قضاة سودانيين يعملون بموجب القانون الجنائي السوداني والدولي، والتي يمكنها محاكمة أي مجرم خارج اختصاص المحكمة الجنائية الدولية. ومن المتوقع أيضًا تشكيل لجنة الحقيقة والعدالة، بالإضافة إلى استخدام آليات العدالة التقليدية.

 

وصَدَّقَتْ الحكومة السودانية مؤخرًا على اتفاقيات مناهضة للتعذيب والاختفاء القسري، ووافقت على الانضمام إلى الاتفاقيات الدولية الأخرى الخاصة بحقوق الإنسان، مثل نظام روما الأساسي للجنائية الدولية، إلا أنه لا يوجد اتفاق بشأن تسليم المتهمين الباقين الذين وجهت لهم المحكمة اتهامات إلى لاهاي رغم التزامات الحكومة بذلك.

تقوم الحكومة أيضاً رغم السخط الشعبي الكبير في التحقيق في قضية فض اعتصام القيادة بقيادة القانوني المعروف "نبيل أديب"، باستجواب عدد كبير من أعضاء المجلس العسكري في مقدمتهم رئيس مجلس السيادة الحالي "عبد الفاتح البرهان" ونائبه "محمد حميدتي".

 وقد طالبت منظمة أسر شهداء ديسمبر مسبقاً بـ«تدويل» قضيتهم لعدم اعترافها باللجنة الوطنية للتحقيق في أحداث فض اعتصام القيادة العامة، ورد مجلس الوزراء قُبيل أيام على مذكرات المنظمة، رافضاً ضم قضية «شهداء ديسمبر» إلى ملف المحكمة الجنائية الخاصة بدارفور، ولا زالت القوة الثورية مطالبة بتحقق العدالة لشهداء ديسمبر.

 

الاقتصاد السوداني في الفترة الانتقالية 

 

لعل أبرز حدث استفاد منه الاقتصاد السوداني في ديسمبر 2020م، هو شطب الولايات المتحدة اسم السودان رسميًا من قائمة الدول التي تعدها راعية للإرهاب، القرار الأمريكي يتيح للبنوك السودانية التعامل مع كل مصارف العالم ما يسهل التحويلات من وإلى السودان ما يسهم في دمج اقتصاد السودان مع العالم الخارجي.

 دخل السودان مع صندوق النقد الدولي في برنامج مراقب SMP في سبتمبر 2020م، لإصلاح التشوهات في الاقتصاد السوداني لمدة 12 شهرًا أعده السودان مع سعيه لإظهار قدرته على تنفيذ إصلاحات، والمضي نحو الإعفاء من ديون في نهاية المطاف، وتتضمن الإصلاحات إنهاء الدعم الكبير للوقود لتسهيل زيادة الإنفاق الاجتماعي، وتوسيع القاعدة الضريبية والعمل على إنشاء سعر صرف موحد يحدده السوق.

وبعد مدة جاءت نسبة التضخم مخيبة لأداء الحكومة الانتقالية، ففي أخر إحصاءات في أبريل 2021 م، وصل التضخم إلى نسبة 363% كنسبة تؤكد عدم تعامل الحكومة السودانية مع السياسات الكلية التي تستهدف تخفيض حدة التضخم الذي أثر تأثيرًا مباشرًا بازدياد أسعار السلع الرئيسة المستهلكة.

وبعد عدد من الإصلاحات شهدتها أسعار الصرف بعد قرار "تخفيض سعر العملة" في فبراير الماضي، وقفز سعر صرف الدولار إلى نحو سبعة أضعافه رسمياً أمام الجنيه السوداني فور إعلان القرار.

بتاريخ 21 فبراير 2021 م، أقدم بنك السودان المركزي على خفض قيمة سعر الصرف الرسمي للجنيه السوداني مقابل الدولار الأمريكي من 55 جنيهاً سودانياً إلى سعر استرشادي للدولار بـ 375 جنيهاً سودانياً معتمداً بذلك مرونة في إدارة العملة من خلال تحديد سعر استرشادي يومياً.

ولطالما كان تعويم الجنيه السوداني مطلبًا رئيسياً من ضمن بنود البرنامج المراقب من قبل صندوق النقد الدولي، الذي حدد في سبتمبر 2020م، الماضي موعداً نهائياً للحكومة للانتقال إلى "سعر صرف موحد وفق آليات السوق"، إلا أن الخرطوم اعتبرت القرار داخلياً ولم تفرضه أي جهة خارجية.

قام البنك المركزي بخفض قيمة سعر الصرف الرسمي للجنيه السوداني مقابل الدولار الأمريكي من 55 جنيهاً سودانياً إلى سعر استرشادي للدولار بـ 375 جنيهاً سودانياً معتمداً بذلك مرونة في إدارة العملة من خلال تحديد سعر استرشادي يومياً.

الايجابية في التقييم الأولي للبرنامج لم تمنع الصندوق من التحذير بأن الوضع الاقتصادي ما زال "هشا للغاية" في ظل أزمة اقتصادية عميقة بلغ فيها التضخم 300 % وسط نقص في السلع الأساسية.

تباعاً لقرارات صندوق النقد الدولي قامت الحكومة بالاستمرار في هذه الإصلاحات القاسية بزيادة في قيمة"الدولار الجمركي" بزيادة 86% والدولار الجمركي، خاص بالرسوم الجمركية على السلع الواردة من الخارج، إذ تفرض البلاد سعر الرسم بهذه القيمة حتى لا تتأثر أسعار السلع للمستهلك النهائي، هذا الأمر أدى إلى المزيد من الاحتجاج بعد أن زادت الأسعار في ظِل غياب شفافية الحكومة مع المواطنين.

وعلى مستوى القوانين الاقتصادية أجازت الحكومة الانتقالية في السودان قانون الاستثمار وقانون الشراكة بين القطاع العام والخاص وقانون النظام المصرفي المزدوج قبل مؤتمر باريس الاستثماري تمهيداً لجذب الاستثمارات والاندماج في النظام المالي العالمي.

 

*ديون السودان 

بلغ إجمالي ديون السودان 50 مليار دولار على الأقل بنهاية 2019م، وفقًا لصندوق النقد الدولي. ومازال البلد يعمل مع دائنيه لتسوية ديونه حتى نهاية العام الماضي، ويقول المسؤولون إن الإجمالي النهائي ربما يصل إلى 60 مليار دولار.

 

بحسب صندوق النقد، هناك 5.6 مليار دولار مستحقة لمنظمات متعددة الأطراف مثل الصندوق والبنك الدولي والبنك الإفريقي للتنمية. وهناك أيضًا ما يقدر بنحو 19 مليار دولار مستحقة لدائني نادي باريس، أكبرها لفرنسا والنمسا والولايات المتحدة.

ثمة كذلك مبلغ مماثل مستحق لدول غير أعضاء في نادي باريس، منها الكويت، أكبر دائن للسودان بقيمة 9.8 مليار دولار، والسعودية والصين. وأخيرًا، ينوء السودان بما يقول مسؤول في صندوق النقد إنه مبلغ أكبر من المعتاد من الديون المستحقة لمقرضين تجاريين، يقدر بنحو ستة مليارات دولار، يحاول السودان أن يصل إلى "نقطة القرار" لتخفيف عبء الديون في ظل مبادرة تخفيف أعباء الدول المثقلة بالديون بالالتزام بالبرنامج الاقتصادي مع صندوق النقد الدولي.

 

*مؤتمر أصدقاء برلين 

تعهدت دول غربية وعربية بمنح السودان 1.8 مليار دولار في مؤتمر استضافته ألمانيا يوم الخميس 25 يونيو 2020م، بهدف مساعدة السودان في التغلب على أزمة اقتصادية تعيق انتقاله إلى الديمقراطية.

 الاتحاد الأوروبي تعهد بمبلغ 312 مليون يورو (350.13 مليون دولار) وقدمت الولايات المتحدة 356.2 مليون دولار وألمانيا 150 مليون يورو وفرنسا 100 مليون يورو لمشروعات مختلفة في السودان. بيان صندوق النقد كشف بأن السلطات حققت تقدمًا ملموسًا نحو تسجيل أداءً قويًا لتنفيذ السياسات والإصلاحات وهو شرط رئيسي لإعفاء السودان من الديون في نهاية المطاف.

 

*مؤتمر باريس لدعم السودان

عُقد في باريس مؤتمر حول دعم الانتقال في السودان 17 مايو الماضي، وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إنه يؤيد "الإلغاء التام لديوننا للسودان" التي تبلغ "قرابة 5 مليارات دولار".

كما ستساعد فرنسا وألمانيا السودان على تسديد متأخراته مع صندوق النقد الدولي، وستقدم برلين ما يصل إلى 90 مليون يورو لهذه الغاية، وستقدم باريس قرضًا بنحو 1,5 مليار دولار.

أعلنت المملكة العربية السعودية أيضاً، عن تقديم منحة قيمتها 20 مليون دولار للمساهمة في تغطية جزء من الفجوة التمويلية للسودان لدى صندوق النقد الدولي.

وأعلن بنك التنمية الإفريقي⁩ عن إعفاء أكثر من 400 مليون دولار من الديون، ومنح 160 مليون دولار دعماً مباشراً للزراعة والبنى التحتية.

وخصصت المملكة المتحدة⁩ كل حصتها في موارد صندوق النقد لتصفية ديون السودان.

وجرى تكريس الجزء الأهم من مؤتمر باريس لتشجيع الاستثمار وأشار مسؤولون إلى إصلاحات في القطاع المصرفي ومشاريع بمليارات الدولارات في مجالات الطاقة والتعدين والبنية التحتية والزراعة.

 

السودان من العقوبات إلى التطبيع

 طوى السودان في ديسمبر 2020م، حقبة مريرة من العقوبات والتوترات مع الولايات المتحدة، بإعلان الرئيس الأميركي أمس، وأصبح السودان على خبر إزالة اسمه من قائمة الدول الراعية للإرهاب التي أدرج فيها عام 1998م، وبالتزامن مع هذه الخطوة دخل السودان في دائرة التطبيع مع إسرائيل، باتفاق الطرفين على البدء في خطوات للتعاون التجاري والاقتصادي، في احتفال افتراضي جمع الرئيس ترامب، ورئيس المجلس الانتقالي السوداني البرهان، ورئيسي الوزراء السوداني عبد الله حمدوك والإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

فالخرطوم التي خرجت منها القمة العربية في 1967م، بالتأكيد على أنه "لا صلح، لا اعتراف، لا تفاوض مع إسرائيل"، حتى أنها اشتهرت بـ"عاصمة اللاءات الثلاثة"، انضمت، الجمعة، لركب الدول المطبعة، لتكتب حقبة جديدة في تاريخ المنطقة في أكتوبر 2020م، و أخذ القرار الكثير من المنحنيات من الرفض و القبول في انقسام واضح  بين المجتمع و الأحزاب السياسية بعد أن كانت عملية التطبيع تجري بصورة سرية بلقاء تم في فبراير في نفس العام بين البرهان و نتيناهو في عنتيبي أوغندا ، ويبدو أن إسرائيل كانت تحصل وفي سهولة أكثر مما توقعت في ملف التطبيع  على ما تريد من معلومات، كما جاء على لسان كوهين: "وصلنا إلى الخرطوم تسيطر علينا مخاوف وعدنا راضين تماماً، فقد تحول الأعداء إلى أصدقاء، فمن المهم أن السودانيين معنيون وبمبادرتهم، بتطوير التطبيع مع إسرائيل".

وفي المقابل رفض الحزب الشيوعي السوداني في بيان عملية التطبيع وطالب برد الاعتبار لقانون مقاطعة إسرائيل المجاز في برلمان السودان للعام 1958م، هذا الرد جاء بعد إلغاء الحكومة السودانية لقانون مقاطعة إسرائيل، وانضم حزب الأمة السوداني للرافضين وقتها باقتراح رئيس الحزب "الصادق المهدي" أن يعرض قرار التطبيع إلى برلمان منتخب، إضافةً إلى حزب البعث العربي الذي رفض بينما وافق حزب المؤتمر السوداني على التطبيع.

 زار وفد إسرائيلي إلى الخرطوم بتاريخ 29 نوفمبر بعد ان أكد مجلس السيادة الانتقالي، حصول زيارة وصفها بالـ"عسكرية"، تخللها تفقد لمنظومة الصناعات الدفاعية التابعة للقوات المسلحة.

ونفت الحكومة السودانية أن مجلس الوزراء لم يكن على علم بزيارة وفد إسرائيلي إلى الخرطوم، بينما أكدت حينها أن الوفد زار البلاد بترتيب مع مجلس السيادة في حادثة تؤكد أن السودان يمضي نحو التطبيع.

 

قضية سد النهضة

المتابع لملف سد النهضة بعد ثورة ديسمبر لا بد أن يلفت نظره لموقف السودان من هذا السد وذلك على مدى تسع سنوات، فهناك من يراه قد تحوّل في الفترة الأخيرة، وهناك من يراه يتسم بالغموض، أما الفريق الثالث وهو من السودانيين، فربما يتهمه بأنه يهمل قضايا سلامة السد على حساب الأمن الإنساني للشعب السوداني، وينخرط فقط في قضايا تخزين المياه وتشغيل السد، التي هي هموم مصرية أكثر منها سودانية.

منذ توقيع اتفاق المبادئ بين الدول الثلاث في العام 2015م، تعثرت كل المفاوضات اللاحقة، واختلفت وجهات النظر حول آليات المفاوضات، بين من يرى أن الوساطة الإفريقية غير مجدية، ويجب أن تنتقل إلى مظلة رباعية تضم بالإضافة إلى الاتحاد الإفريقي كلاً من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، وبين من يصر على بقاء المفاوضات في إطارها الإفريقي.

 الطرف الأول يرى أن توسيع طاولة المفاوضات يعطيها زخماً وقوة وقدرة على الإنجاز، والطرف الآخر يتمسك بالاتحاد الإفريقي طرفاً وحيداً مشاركاً في المفاوضات خشية تعرضه لضغوط خارجية لا يقبل بها.

 إن مصر والسودان تخشيان من مضي إثيوبيا في الملء الثاني لسد النهضة، ما قد يؤثر في حصتهما من مياه النيل التي يحتاجان إليها في عملية الري والتنمية والكهرباء، في حين تقول إثيوبيا إن الملء الثاني للسد لن يؤثر في حصة دولتي المصب.

وفشل أخر مفاوضات في "كينشاسا" حول السد بين مصر والسودان وإثيوبيا في أبريل 2020م، يجب ألا يحول دون استمرار الحوار والمفاوضات، بسبب تعقيدات الملف وتباعد المواقف بين الدول الثلاث، رغم المفاوضات المستمرة منذ العام 2011م، التي لم تؤد حتى الآن إلى نتائج إيجابية. 

الا أن السودان قد تفاجأ بإعلان إثيوبيا بأن الملء الثاني للسد سيكون في موعده في يوليو المقبل ، و كانت الخرطوم  تعتقد أنها قادرة على إرغام إثيوبيا على عدم المضي قدمًا في الملء الثاني لخزان سد النهضة من دون اتفاق،ودخلت أمريكا مجددًا على خط الأزمة بشأن سد النهضة، في محاولة لحلحلة القضية التي تنذر بصراع قد يهدد أمن المنطقة بأسرها، و قامت أمريكا بخطوة تعيين جيفري فيلتمان مبعوثًا أمريكيًا خاصًا للقرن الإفريقي بأهداف محددة على رأسها حل أزمة سد النهضة عبر مسار تفاوضي جديد يأمل بأن يفتح بابه، بعد تعثر دام لـ10 سنوات.

هناك فرصة أخيرة يقوم بها المبعوث الخاص لأمريكا على حث الدول للعودة إلى المفاوضات التي لا بديل لها، السودان مواجه بقضية حساسة تمثل أهم القضايا ويتابع جميع الشعب السوداني قضية سد النهضة باعتبارها ذات أولوية في قضية المياه.

 

قوانين الحريات في السودان 

 

حقوق الإنسان في تطور لافت، أنهى مجلس حقوق الإنسان في جنيف، في أكتوبر 2020م، في دورته الـ 45، وبالإجماع، ولاية الخبير المستقل المعني بحالة حقوق الإنسان فى السودان بعد ولاية استمرت منذ عام 1993م، ولمدة 27 سنة من التفويض الأُممي، لمقررين خاصين وخبراء مستقلين، ظلوا يقدمون إلى المجلس تقارير دورية مع النصح والمشورة، ضمن نظام الإجراءات الخاصة، التي كانت تعتبر السودان ضمن البلدان الأكثر انتهاكاً لحقوق الإنسان.

إنهاء ولاية الخبير المستقل يمثل تشجيعاً وحافزاً للحكومة الانتقالية فى السودان، بدعم خطواتها وتعزيزها في اتجاه احترام حقوق الإنسان وترسيخها، معتبرين أن القرار يرفع عن كاهل السودان عبئاً قانونياً ثقيلاً، ويهيئ لعودته مجدداً إلى حضن الأسرة الدولية، بعد أن ظل طوال أكثر من ربع قرن من الزمان، رهيناً للإجراءات الأممية الخاصة، من دون الإقرار بأنه حقق تحسناً حقيقياً في أوضاع حقوق الإنسان.

 

في مستوى الحريات أثار قانون التعديلات المتنوعة لسنة 2020 م، (معني بإجراء تعديل دفعة واحدة في أكثر من قانون) الذي دخل حيز التنفيذ بتوقيع من "البرهان"، وتضمنت التعديلات، إلغاء حكم الردة المنصوص عليه في القانون الجنائي لسنة 1991م، بإعدام المرتد عن الدين الإسلامي. كما تنص التعديلات الجديدة على إلغاء عقوبة الجلد في كل الأحكام القضائية، باستثناء العقوبات في النصوص الحدية (المستمدة من الشريعة الإسلامية)، وإعفاء غير المسلمين من أي عقوبة لشرب الخمور والتعامل بها. كما شملت التعديلات أحكام مواد أخرى في القانون الجنائي خاصة بممارسة الدعارة، مع تحديد سن 18 سنة للمسؤولية القانونية.

وعن الصحافة بعد حرمانها من الكتابة بقرار أمني من نظام الرئيس المعزول، عاودت الصحافة الكتابة بشفافية، المناخ الصحفي في السودان تغيّر كلياً بعد نجاح الثورة، فليس هناك رقابة قبْلية (كانت السلطات الأمنية في السابق تحدد ما يُنشر في الصحف وتحجب صحفاً عن الصدور بسبب محتوى صفحاتها) ولا رقابة ذاتية، بدليل أنّه لم يُحجب لها حتى الآن، ولم يجرِ تعديل أو تغيير على أي حرف كتب، أو حتى إضافةً كما كان يحدث في السابق.

مقالات لنفس الكاتب