array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 162

الاستراتيجية الصينية في إفريقيا مزجت التجارة والاستثمار مع مبيعات الأسلحة

الأحد، 30 أيار 2021

ظلت القارة السمراء ترزح تحت سيطرة المستعمرين ردحًا من الزمن، فقد ارتأوا أن مواردها الطبيعية حق لهم، لأنهم وحدهم يمتلكون القدرة على استخراج وإدارة وتوظيف هذه الموارد. واعتبروا ساكنيها من الدرجات الدنيا، ففرضوا عليهم لغاتِهم وسخَّروهم لمصالحهم. وبعد صحوة الاستقلال أنشأت الدول الكبرى قواعدها العسكرية في إفريقيا تحت مبررات مختلفة لتضمن بقاءها وسيطرتها على تلك المناطق، وتحافظ على مصالحها الخاصة ضمن استراتيجيات طويلة الأمد تختلف أساليبها ولكنها تنشد نفس الأهداف في استغلال وانتزاع الموارد. وسوف تظل النزاعات في إفريقيا - تلك التي تُزكي الدولُ الكبرى أوارَها – ضمانةً مستدامة لدعم صناعات السلاح لديها، وتنشيط سوق السلاح الذي تنتجه الدول الكبرى ويقاتل به الأفارقة بعضُهم بعضاً.

القدرات العسكرية في إفريقيا

أمام الدول الإفريقية تحديات خطيرة تتمثل في تزايد النشاط الإرهابي والاضطرابات المدنية والنزاعات البَيْنِيَّة. وتلجأ الدول للعمليات العسكرية عندما تفشل الجهود الدبلوماسية في إنهاء الخلافات، كما تُمثِّل قوة الجيوش عاملاً حاسماً للردع. يستعرض الجدول (1) ميزانيات الدفاع وأعداد القوات في عشرين دولة إفريقية وفقاً للترتيب العالمي للقدرات العسكرية من بين 140 دولة على مستوى العالم كما ورد في تصنيف جلوبال فَيَر باور  Global Fire Power (GFP) لعام 2021م. كما نتناول هنا بعض موازين هذه القوة في دول المُقدِّمة كما يبين الجدول (2) معدات القتال لهذه الدول.

 

  1. مصر: تعتبر مصر في المقدمة فيما يتعلق بالقوة العسكرية بسبب الحجم الهائل لقواتها المسلحة. يخدم ما يقرب من 500,000 فرد في قوتها النشطة في الخطوط الأمامية، متجاوزة إلى حد بعيد جميع نظرائها الأفارقة. ولديها 3,000 قطعة مدفعية و1,200 من قاذفات الصواريخ و2 حاملة مروحيات، واحتياطيات نفطية كبيرة يمكن السحب منها.
  2. الجزائر: طورت الجزائر كل قدراتها العسكرية من قوات برية وبحرية وجوية. يبلغ عدد أفراد الخطوط الأمامية النشطة في الجزائر أكثر من 130,000 جندي، وتمتلك احتياطيات نفطية كافية لاستخدام خزانات الطاقة وحاملات الطائرات والسفن البحرية وغير ذلك. ويُعتَبر جيش الجزائر هو الكيان الوحيد القادر على معارضة القوى الإسلامية بشكل فعال.
  3. جنوب إفريقيا: لم تتورط جنوب إفريقيا في صراع عسكري دولي، واستخدمت جيشها المتقدم للغاية لحفظ السلام والتعاون الدوليّ. والمعروف أن طائراتها وسفنها البحرية مجهزة جيدًا بأحدث التقنيات، وعلى الرغم من أن لديها أقل من 70,000 فرد نشط في الخطوط الأمامية إلا أنها تتمتع بقدرات متميزة تدعمها تقنيات من الأنظمة الأرضية المتعددة تجعل من جيشها قوة لا يستهان بها.

 

(1) الدُّول الأعلى في القدرات العسكرية في إفريقيا (GFP-2021)

الترتيب العالمي لعام 2021م

قوات معاونة
 (بالألف)

قوات الاحتياط
 (بالألف)

قوات في الخدمة
 (بالألف)

ميزانية الدفاع
 (دولار أمريكي)

الدولة

م

13

400

480

450

10,000,000,000

مصر

1

27

190

150

130

13,904,000,000

الجزائر

2

32

0

15

66.5

3,597,000,000

جنوب إفريقيا

3

35

80

0

120

2,100,000,000

نيجيريا

4

53

50

150

310

6,000,000,000

المغرب

5

60

0

0

162

520,000,000

إثيوبيا

6

66

10

0

110

7,650,000,000

أنجولا

7

70

0

0

30

4,900,000,000

ليبيا

8

73

12

50

36

810,000,000

تونس

9

77

20

85

105

400,000,000

السودان

10

81

0

0

135

90,000,000

الكونغو الديمقراطية

11

83

5

0

24

1,100,000,000

كينيا

12

87

1.5

3

15

43,000,000

زامبيا

13

89

1.5

10

45

930,000,000

أوغندا

14

90

4.5

0

30

82,210,000

تشاد

15

91

22

0

30

400,000,000

زمبابوي

16

96

0

0

15.5

215,000,000

غانا

17

104

5.5

0

5.5

230,000,000

النيجر

18

105

8

0

10

65,000,000

مالي

19

106

0

0

9

540,000,000

بوتسوانا

20

 

 

(2) معدات القتال للدول الإفريقية العشر الأولى

قطع بحرية

مركبات قتال مدرعة

مدرعات

طائرات

الدولة

م

316

11,000

3,735

1,053

مصر

1

201

7,000

2,024

551

الجزائر

2

30

3,000

195

221

جنوب إفريقيا

3

75

2,000

355

125

نيجيريا

4

121

8,000

3,033

249

المغرب

5

0

130

365

92

إثيوبيا

6

57

600

379

300

أنجولا

7

5

4,550

200

118

ليبيا

8

50

1,200

170

156

تونس

9

18

450

830

190

السودان

10

  

  1. نيجيريا: تضم القوات المسلحة النيجيرية مئات الآلاف من القوات البرية والبحرية والقوات الجوية. وتضمن وفرة النفط المحلي تخفيف العبء المالي للتورط في الصراع العسكري. تمتلك نيجيريا معدات قتالية عالية القدرة ومع ذلك، فقد ثبت أن هذا الجيش القوي غير قادر على الدفاع عن مواطنيه في شمال نيجيريا ضد بوكو حرام. يبدو أن الجيش مستعد لمواجهة الهجمات التقليدية ولكنه أقل استعدادًا للحرب غير المتكافئة ضد المتمردين.
  2. المغرب: تعتمد القوات المسلحة الملكية المغربية بشكل كبير على المعدات الأجنبية في صراعها مع حركة البوليسارو التي تقاتل من أجل استقلال الصحراء الغربية.
  3. إثيوبيا: كدولة غير ساحلية ركزت إثيوبيا مواردها على تطوير جيشها وقواتها الجوية. ويشكل قوتها الحالية مئات الآلاف من الأفراد، ولديها أعداد كبيرة من الأنظمة الأرضية والجوية تحت تصرفها. يسمح العدد الهائل لسكان إثيوبيا بالحفاظ على قوة قتالية كبيرة، لكن الجيش يواجه صعوبات في احتواء الانتفاضات الشعبية في جميع أنحاء البلاد التي تحولت إلى ميليشيات محلية، ويبدو أن الجيش غير مستعد لحرب غير متكافئة.
  4. أنجولا: شاركت القوات الأنجولية في المعارك في مقاطعة كابيندا الأنجولية. تسمح عائدات مبيعات النفط بامتلاك واحد من أقوى الجيوش في القارة.
  5. ليبيا: تأتي قوة الجيش الليبي بشكل أساسي من مخزونه الكبير من المعدات، على الرغم من العدد الصغير نسبيًا للقوات النشطة.
  6. تونس: تتشكل القوات المسلحة التونسية من ثلاثة ألوية آلية ومجموعة إقليمية صحراوية ومجموعة واحدة من القوات الخاصة وفوج شرطة عسكرية. ساهمت في بعثات حفظ السلام في رواندا.
  • السودان: لدى السودان أكثر من مائة ألف مقاتل، تدعمهم معدات قتالية وفيرة.

القواعد العسكرية الأجنبية في إفريقيا

تنتشر في القارة السمراء أعداد كبيرة من القواعد والمراكز العسكرية الأجنبية، ولكل منها أهدافها الدفاعية والاستراتيجية، والآتي عرض للقواعد الأمريكية والصينية وغيرها:

1 - القواعد الأمريكية

ذكرت صحيفة نيويورك تايمز في ديسمبر 2019م، أن البنتاجون يبحث في خفض أو حتى سحب القوات الأمريكية من غرب إفريقيا، كجزء من إعادة انتشار عالمية للقوات العسكرية. كان هناك ما بين 6,000 و7,000 جندي أمريكي في إفريقيا، بشكل رئيسي في غرب إفريقيا ولكن أيضًا في أماكن مثل الصومال. وقالت الصحيفة إن الوجود الأمريكي يشمل مدربين عسكريين بالإضافة إلى قاعدة للطائرات بدون طيار تم بناؤها مؤخرًا بقيمة 110 ملايين دولار في النيجر. كما أن الانسحاب سينهي الدعم الأمريكي للجهود العسكرية الفرنسية في مالي والنيجر وبوركينا فاسو في حربهم جنبًا إلى جنب مع القوات المحلية ضد تنظيمَيْ القاعدة وداعش. ويقوم البنتاجون بتوفير المعلومات الاستخبارية والدعم اللوجستي والتزويد بالوقود الجوي بتكلفة تبلغ حوالي 45 مليون دولار في السنة.

وقد كشف صحفي أمريكي عن وجود العشرات من المنشآت العسكرية الأمريكية في إفريقيا، إلى جانب معسكر ليمونير في جيبوتي. تم إنشاء هذه المواقع الأمنية التعاونية العديدة ومواقع العمليات الأمامية وغيرها من النقاط الخارجية من قِبَل الولايات المتحدة في بوركينا فاسو والكاميرون وجمهورية إفريقيا الوسطى وتشاد وجيبوتي وإثيوبيا والجابون وغانا وكينيا ومالي والنيجر والسنغال وسيشيل والصومال وجنوب السودان وأوغندا.

تقوم الولايات المتحدة ببناء قواعد طائرات بدون طيار في مناطق في جميع أنحاء إفريقيا. كشف تقرير من صحيفة واشنطن بوست في سبتمبر 2011م، أن الولايات المتحدة تقوم بتوسيع برنامج الطائرات بدون طيار في إفريقيا، وبناء قواعد في جميع أنحاء القارة من أجل تشغيل طائرات بدون طيار فوق أراضي القاعدة في الحرب الجارية على الإرهاب. وقيل أيضًا إن القواعد إما قَيْدُ التشغيل أو قَيْدُ الإنشاء في إثيوبيا، وفي سيشيل. وقال مسؤولون إن الزيادة في عمليات الطائرات بدون طيار تُستخدَم لاستهداف فروع القاعدة في الصومال واليمن، حيث تبني الولايات المتحدة قواعد طائراتها بدون طيار على الرغم من الانتقادات المستمرة لكفاءة طائرات التجسس.

2 - التواجد العسكري الصيني في إفريقيا

أنشأت الصين قاعدة عسكرية في جيبوتي عام 2018م، ووفقًا لمسؤولين صينيين قد لا تكون هذه الأخيرة. يرتبط اختيار إنشاء قاعدة عسكرية في جيبوتي بحقيقة أنها بلد مستقر، يقع على طريق التجارة الاستراتيجي الذي يربط قناة السويس بالمحيط الهندي. ومن هذه القاعدة، يمكن للطائرات البحرية الصينية أن تغطي جزءًا أكبر من شبه الجزيرة العربية إضافة إلى شمال ووسط إفريقيا دون الحاجة إلى التزود بالوقود. ويتمتع ميناء جيبوتي بقدرات استيعاب حاملات الطائرات الصينية بالإضافة إلى قربه من قاعدة الولايات المتحدة حيث غالبًا ما يتم تنفيذ هجمات بطائرات بدون طيار على حركة الشباب والقاعدة. وتنتشر الأسلحة الصينية عبر القارة الإفريقية من ليبيريا إلى الصومال. أنشأ جيش التحرير الشعبي منذ الثمانينيات العديد من شركات التصدير التي باعت أسلحة للسودان وزيمبابوي، واستخدمت الأسلحة الصينية في جمهورية الكونغو الديمقراطية وتنزانيا ورواندا وتشاد وليبيريا.

3 - قواعد عسكرية أخرى

هناك تواجد لدول أخرى تنشر قواعدها في إفريقيا منها (1) فرنسا: لها قوات في تشاد، وكوت ديفوار، وقاعدة عسكرية في جيبوتي، وقاعدة رئيسية في الجابون؛ (2) المملكة المتحدة: لها وحدة لدعم التدريب في كينيا؛ (3) ألمانيا: لها قاعدة نقل جوي في النيجر؛ (4) الإمارات العربية المتحدة: طورت ميناء المياه العميقة في عصب في إريتريا ويمكنه إنزال طائرات نقل كبيرة، كما تستخدم مطار الخادم في شرق ليبيا، ولديها عقد إيجار لمدة 30 عامًا لقاعدة بحرية وجوية في ميناء بربرة في أرض الصومال؛ (5) المملكة العربية السعودية: وقعت اتفاقية تعاون عسكري مع جيبوتي تتضمن بناء قاعدة جديدة؛ (6) تركيا: لديها منشأة في الصومال لتدريب القوات الصومالية؛ (7) الهند: أنشأت مركزًا في مدغشقر لمراقبة تحركات السفن في المحيط الهندي والاستماع إلى الاتصالات البحرية، وتبني في سيشيل أول قاعدة بحرية لها في المنطقة؛ (8) اليابان: لها قاعدة في جيبوتي بجوار معسكر ليمونير الأمريكي كما وضعت خططًا لتوسيع القاعدة.

بُؤَرُ الصراع في إفريقيا

على الرغم من جهود إرساء السلام في إفريقيا، تستمر النزاعات المسلحة مع التحول في طبيعة الصراعات العنيفة من حرب عصابات تغذيها دوافع أيديولوجية فيما قبل الاستقلال، إلى عديد من النزاعات المرتبطة بدوافع سياسية أو مكاسب مالية، إذ تقاتل الجماعات المسلحة للحصول على موارد معدنية قيمة، أو لتأكيد أيديولوجيتها أو لمحاربة النظم القائمة. وقد تسببت الأحداث في مقتل عشرات الآلاف من الضحايا ونزوح ملايين آخرين في مناطق مثل جمهورية الكونغو الديمقراطية، والصومال، وجنوب السودان، ونيجيريا وجمهورية إفريقيا الوسطى، وليبيا، ومنطقة الساحل، وإثيوبيا.

  • جمهورية الكونغو الديموقراطية: تُعَدُّ الحرب في جمهورية الكونغو الديمقراطية واحدة من أكثر الحروب دموية في إفريقيا. بدأت في عام 1998م، بمشاركة حوالي 20 مجموعة مسلحة تقاتل بعضها البعض، وأسفرت عن مقتل أكثر من خمسة ملايين من الضحايا. كما يدور الصراع حول الموارد المعدنية للبلاد من ذلك الذهب والبلاتين والكولتان. تتشكل الجماعات المسلحة من القوات الديمقراطية لتحرير رواندا، وقوات الحلفاء الديمقراطية، وجيش الرب للمقاومة، وقوات التحرير الوطنية، وميليشيات ماي ماي العاملة في كيفو. وفي النصف الأول من عام 2019م، تم تسجيل حوالي 732,000 حالة نزوح جديدة منها ما يرتبط بالنزاع ومنها ما يرتبط بالكوارث.
  • الصومال: بدأت الحرب الأهلية الصومالية عام 1991م، بعد تنحية حكومة الرئيس سياد بري. ومع تنافس الجماعات المسلحة على السلطة بدون إدارة مركزية أصبحت الصومال دولة فاشلة، وسيطر قادة الحرب والجماعات المختلفة على العاصمة مقديشو والأجزاء الجنوبية الأخرى من البلاد. ظهرت جماعة الشباب المتشددة كفرع من اتحاد المحاكم الإسلامية الذي سيطر على مقديشو عام 2006م، نفذت حركة الشباب هجمات ضد الحكومة، وفي عام 2012م، شُكِّلت حكومة اتحادية جديدة وأعلنت حركة الشباب ولاءها لتنظيم القاعدة. أدى القتال بين الجماعات الإسلامية المسلحة والقوات الموالية للحكومة إلى مقتل آلاف المدنيين وتشريد أكثر من مليوني شخص. وعلى الرغم من المكاسب التي تحققت ضد الجماعة يواصل متمردو حركة الشباب شن هجمات متفرقة ضد المدنيين والحكومة. تتمثل الخطة الحالية في تسليم المسؤولية الأمنية الأساسية للقوات الصومالية بحلول نهاية عام 2021م. وقد تفاقم خطر حدوث فراغ أمني على أثر الانسحاب المفاجئ للقوات الإثيوبية بسبب أزمة تيجراي وخطة إدارة ترامب لسحب القوات الأمريكية من تدريب وتوجيه الجيش الصومالي. ومن المهم تكثيف الجهود للتوصل إلى اتفاق بشأن العلاقة الفيدرالية والترتيبات الدستورية وتسريع إصلاح قطاع الأمن.
  • جنوب السودان: بعد حرب أهلية وحشية أعلن جنوب السودان استقلاله عن السودان عام 2011م. ومع ذلك استمرت التوترات بشأن الموارد الطبيعية وخاصة حقول النفط في الجنوب. وتوترت الأمور بين الحركة الشعبية لتحرير السودان والحركة الشعبية المعارضة. ومنذ اندلاع الحرب الأهلية عام 2013م، قُتل حوالي 380 ألف شخص وأُجبِر أكثر من مليوني شخص على الفرار من منازلهم. انهار اتفاق سلام أبرم عام 2015م بعد اشتباكات بين القوات الحكومية والمتمردين وجرى توقيع اتفاقية سلام جديدة في عام 2018م.
  • نيجيريا: امتد تمرد بوكو حرام في نيجيريا الذي بدأ عام 2009م، إلى البلدان المجاورة ، بما في ذلك الكاميرون وتشاد والنيجر. كان الهدف الأوَّليُّ للجماعة الجهادية هو مواجهة ما اعتبرته تغريب الثقافة النيجيرية وأعلنت عام 2015م، ولاءها لداعش، وأسمت نفسها الدولة الإسلامية في غرب إفريقيا. وفي الصراع الطويل مع جماعة بوكو حرام قُتِل أكثر من 30 ألف شخص، وفرَّ نحو مليوني شخص من ديارهم، وفُقِد 22,000 آخرون يُعتقَد أنه جرى تجنيدهم. وتقاتلُ التمردَ حاليا قوة عمل مشتركة متعددة الجنسيات قوامها 10,500 جندي من بنين والكاميرون وتشاد والنيجر ونيجيريا.
  • جمهورية إفريقيا الوسطى: على مدى أكثر من ست سنوات عانت جمهورية إفريقيا الوسطى من الصراع بعد دخول المعارضة المسلحة إلى العاصمة بانجي في 2013م، والسيطرة فعليًا على البلاد. واندلعت اشتباكات بين جماعات مسلحة مختلفة، واستمر القتال مع تفكك التحالفات وإعادة تشكيلها. وفي 2019م، وقعت الحكومة و14 جماعة مسلحة اتفاق سلام أدى إلى تقليل الاشتباكات المباشرة. وتتعاون الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي لدعم اتفاقية إنهاء العنف ضد المدنيين، وتعزيز سلطة الدولة وتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية. ومع ذلك نزح أكثر من 600 ألف شخص في الداخل، وقُتِل الآلاف نتيجة فقدان الأمن واستمرار الهجمات ضد المدنيين والعاملين في المجال الإنساني وقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة.
  • ليبيا: بدأ الصراع الدائر في ليبيا عام 2011م، بعد انهيار نظام معمر القذافي وتركز في الغالب حول السيطرة على الأراضي وحقول النفط. اندلع القتال بين مجلس النواب الذي يسيطر على شرق وجنوب ليبيا وقد تولى السلطة في 2014م، وبين منافسه في طرابلس - المؤتمر الوطني العام. وفي ديسمبر 2015م، وقعت الأطراف المتحاربة الاتفاق السياسي الليبي. ومع ذلك لا تزال حكومة الوفاق الوطني المعترف بها من قِبَل الأمم المتحدة تواجه معارضة من داخل مجلس النواب والمؤتمر الوطني العام. وفي أبريل 2019م، شن خليفة حفتر قائد الجيش الوطني الليبي، الذي يسيطر على جزء كبير من الريف هجومًا على طرابلس. وفي 23 أكتوبر الماضي، تم التوقيع على وقف إطلاق النار رسميًا لإنهاء المعركة، ويكمن الخلاف حول تقاسم السلطة في قلب كل المشاكل. يطالب داعمو حفتر بأن تضع الحكومة الجديدة معسكرات الجيش الوطني الليبي وحكومة الوفاق الوطني على قدم المساواة. ويبدو من غير المحتمل اندلاع القتال مرة أخرى في المستقبل القريب لأن الجهات الخارجية - برغم حرصها على تعزيز نفوذها - لا تريد جولة أخرى من الأعمال العدائية المفتوحة. لكن كلما طال عدم تنفيذ شروط وقف إطلاق النار، زاد خطر وقوع حوادث مؤسفة تؤدي للعودة إلى الحرب.
  • منطقة الساحل: تتفاقم الأزمة التي تجتاح منطقة الساحل في شمال إفريقيا مع تزايد العنف العرقي وتوسُّع الجهاديين في نفوذهم. كان عام 2020م، هو العام الأكثر دموية منذ بدء الأزمة في عام 2012م، عندما اجتاح متشددون إسلاميون شمال مالي، مما دفع المنطقة إلى حالة من عدم الاستقرار طال أمدها. ويسيطر الجهاديون على مناطق واسعة من المناطق الريفية في مالي وبوركينا فاسو ويقومون بعملهم في جنوب غرب النيجر. قليلون يتوقعون أن النهج العسكري سوف يعمل على استقرار منطقة الساحل وإن بدا أنه على مدار السنوات الأخيرة قد ساهم في تصعيد إراقة الدماء.
  • إثيوبيا: في نوفمبر الماضي هاجمت القوات الفيدرالية الإثيوبية منطقة تيجراي واستولت على الوحدات العسكرية الفيدرالية في المنطقة، وتسبب العنف في مقتل الآلاف، ونزوح أكثر من مليون داخليًا، وفرار حوالي 50,000 إلى السودان. تتنازع المناطق القوية بينما يقاتل مؤيدو النظام الفيدرالي الإثني الإثيوبي معارضي هذا النظام. عينت الحكومة المركزية حكومة إقليمية مؤقتة، وأصدرت أوامر اعتقال بحق 167 من مسؤولي وضباط الجيش التيجراي، ومع ذلك ، فإن الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي لديها شبكة شعبية قوية. من شبه المؤكد أن القوات الإريترية شاركت في الهجوم ضد الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي مما دفعها لإطلاق صواريخ على إريتريا. سيكون من المهم إذًا التحرك نحو حوار وطني لمعالجة الانقسامات العميقة في البلاد في تيجراي وخارجها، وفي غياب ذلك تبدو التوقعات قاتمة.

خاتمة

  • ماذا سيحمل الغد من مفاجآت؟ هناك قضايا ظلت بلا حل ولا تزال ساخنة: منها كوفيد 19، والركود الاقتصادي، والسياسات الأمريكية المتقلبة، والحروب المدمرة التي لم توقفها الدبلوماسية. ولابد من الإشارة إلى أزمة سد النهضة بين إثيوبيا وبين مصر والسودان، فقد استمر النزاع الإقليمي منذ عشر سنوات بشأن السد الإثيوبي الضخم على الرافد الرئيسي لنهر النيل. وفي إطار مساعي واشنطن الأخيرة لحل النزاع أرسلت المبعوث الأمريكي للقرن الإفريقي جيفري فيلتمان في جولة تشمل القاهرة وإريتريا وإثيوبيا والسودان وسط مخاوف متزايدة من أن النزاع قد يتصاعد إلى صراع عسكري يهدد المنطقة بأكملها. والتقى فيلتمان بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي كرر تحذيراته من أن القاهرة لن تتسامح مع أي تحركات من جانب أديس أبابا من شأنها خفض حصة مصر من مياه النيل بسبب سد النهضة الإثيوبي الكبير. وقال إن مصر لن تقبل بأي "إضرار بمصالحها المائية"، ووصف قضية السد بأنها "وجودية" لبلاده، وحث الولايات المتحدة على لعب "دور فعال" لتسوية النزاع.
  • تختلف استراتيجية الدفاع الصينية في إفريقيا اختلافًا كبيرًا عن استراتيجية الولايات المتحدة في إفريقيا. إذ اتخذت بكين نهجًا شاملاً، حيث مزجت الصفقات التجارية والاستثمارية والتبادلات الثقافية مع مبيعات الأسلحة والمساعدات الطبية والتدريبات على مكافحة القرصنة، ويلاحَظ تنامي تجارة الأسلحة مع الدول الإفريقية. ويوطد زعماء الدول الإفريقية علاقات أوثق مع بكين بشكل متزايد في الشؤون الدفاعية والعسكرية. وبحسب وزير الدفاع الصيني، فإن "منتدى الدفاع والأمن بين الصين وإفريقيا يركز على التعاون مع الدول النامية وهو نهج مهم للغاية في السياسة الخارجية الشاملة للصين".

هناك 13 قوة أجنبية على الأقل لديها حضور عسكري فعلي في القارة، بينما تحتل الولايات المتحدة وفرنسا الصدارة في تنفيذ العمليات على الأراضي الإفريقية. ويساور الاتحاد الإفريقي القلق لعجزه عن مراقبة حركة الأسلحة من وإلى القواعد العسكرية، على الرغم من مجموعة الاتفاقيات الثنائية بين دول الاتحاد والقوى الأجنبية التي تحدد أطر انتشار القوات العسكرية الأجنبية عبر القارة.

مقالات لنفس الكاتب