array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العراق بين الاحتلال الأمريكي والتدخل الإيراني وانعكاسه على منظومة الأمن الإقليمي

الجمعة، 01 تموز/يوليو 2011

لا شك في أن احتلال العراق في إبريل 2003 من قبل الولايات المتحدة الأمريكية كان قد حتم عليها صياغة استراتيجية جديدة تتفق مع المصالح والأهداف الجديدة، فضلاً عن الوسائل المستخدمة لتحقيقها في منطقة الخليج العربي والتي لا نبالغ إذا قلنا إنها تعد من أدق المناطق حساسية في العالم.

لقد عُد العراق لمرحلة ما بعد الاحتلال من أهم ركائز الولايات المتحدة الأمريكية في الشرق الأوسط عموماً والخليج العربي خصوصاً، فهو قلب العرب لا بل قلب الشرق الأوسط، حتى قال في ذلك الرئيس الأمريكي السابق جورج ووكر بوش (بأن نظاماً جديداً في الشرق الأوسط سوف يحل، بعد أن يتأثر بنظام جديد في العراق الذي سيعمل كمشير وإلهام للحرية للدول الأخرى في المنطقة)، ويستطرد بالقول (إن رؤية العراق الديمقراطي هي خطوة أولى لرؤية تحول كامل في الشرق الأوسط).

وكشف تقرير مشترك لكل من وزارتي الخارجية والدفاع الأمريكيتين صدر بعد الاحتلال الأمريكي للعراق بمدة وجيزة (قدم إلى الرئيس السابق جورج ووكر بوش في 20/12/2003) (أن الولايات المتحدة لم تقم بغزو العراق كي تنسحب منه، لكنها ذهبت من أجل مصالح وأهداف يجب أن تحققها). وأوصى التقرير بعدد من الإجراءات لتحقيق هذه المصالح والأهداف وأهمها وفقاً لنص ذلك التقرير (أن تسهم الولايات المتحدة وبشكل مباشر في تحديد معالم النظام السياسي المستقبلي في العراق بما يضمن وجود أصدقاء للولايات المتحدة في مراكز مهمة في النظام السياسي المزمع إقامته، وعدم التسرع في سحب القوات الأمريكية من المدن قبل تأمين الأوضاع السياسية وقبل انتقال هذه القوات إلى قواعد عسكرية دائمة في العراق والتعامل مع هذه القواعد العسكرية باعتبارها من أهم ضمانات النفوذ الأمريكي في العراق والحيلولة دون عودة العراق إلى سابق عهده). وانطلاقاً من ذلك تسعى الولايات المتحدة إلى توظيف مكانة العراق الاستراتيجية للقيام بدور محدد من أجل تحقيق أهداف على صعيد الاستراتيجية الأمريكية تتجاوز السياق العراقي الضيق نحو منطقة الخليج العربي خاصة والشرق الأوسط عامة، إلا أن الاستراتيجية الأمريكية في العراق والخليج العربي ككل تجابه بمعوق لا يمكن إغفاله يتمثل في التقاطع الاستراتيجي الإيراني شبه الكامل مع المصالح الأمريكية هناك.

فبالنسبة إلى إيران كان احتلال العراق في إبريل 2003 عاملاً مهماً بالتأثير في السياسة الإيرانية على الصعيدين الداخلي والخارجي وفي العلاقة التي تربط بين العراق وإيران من جهة، وإيران والولايات المتحدة الأمريكية من جهة أخرى، فعلى الرغم من رفض إيران الحرب على العراق وتنديدها بهذا العمل، إلا أنها على المستوى الرسمي والعلني أبدت ترحيباً واضحاً بالمتغيرات السياسية التي جرت بعد الاحتلال واعتبرتها بداية جيدة لعودة الاستقرار والعلاقات السياسية مع العراق. إذ إن سقوط (العدو العراقي) من وجهة نظر إيران بيد عدو أقوى، الولايات المتحدة، يربك الموقف الإيراني ما بين الوقوف إلى جانب العراق في محنته والتدخل في شؤونه لدعم مصالحها وبين الضغط عليه أو على أرضه لحماية أمنها من خطر تراه السياسة الإيرانية سوف يقدم من أرض العراق بوجود قوات الاحتلال الأمريكية، ويبدو أن إيران اختارت عنصر الضغط على الولايات المتحدة من خلال العراق للمساومة على قضايا أخرى مثل برنامجها النووي ومكانتها في الخليج العربي. لذا فإن القول بوجود إيراني في العراق مرتكز على مؤشرين: الأول: إن أعمال العنف في العراق تتصاعد كلما توترت العلاقة الأمريكية-الإيرانية. والثاني: إن الولايات المتحدة وإيران تحاورتا بشأن وضع العراق ثلاث مرات عام 2007، إذ إن إيران تساند كُتلاً وطوائف وشخصيات عراقية بعينها بكل قوة إلى درجة تمكينها من الهيمنة والسيطرة على العراق، مع الأخذ في الاعتبار أن الهيمنة الإيرانية على بعض الشخصيات والقوى العراقية هي جزء من استراتيجية بعيدة المدى تتعلق بالمواجهة مع الولايات المتحدة من جانب، وممارسة النفوذ على الدول العربية وبخاصةً الخليجية منها انطلاقاً من الأرض العراقية من جانب آخر، فإيران تتحسب كثيراً للحظة التي ستلي انسحاب معظم القوات الأمريكية من العراق، ويهمها أن تكون حكومة العراق التي سترث هذا الانسحاب، ليست صديقة فحسب، بل شريكة على أقل تقدير. وقد جرت زيارات متبادلة مهمة على مستويات رفيعة بين العراق وإيران، منها زيارة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد إلى العراق في بداية عام 2009، وزيارات لرئيس جمهورية العراق ونوابه ورئيس الوزراء ونوابه وعدد من الوزراء إلى طهران، حيث جرى بحث مجمل العلاقات بين البلدين. وقد نقل بعض المسؤولين العراقيين إلى الجانب الإيراني قلقهم من التدخلات الإيرانية وخشيتهم من تصاعد حدة الصراع الإيراني – الأمريكي في العراق، كما أكدوا رفض العراق لأن يكون ساحة صراع بين الطرفين. ولذلك فإيران هي القوة الأبرز اليوم في العراق بعد الولايات المتحدة، ولها كلمة لابد أن تسمع، ورأي لا بد أن يصغى إليه، ولديها حظوة كبيرة لدى الكثير من القوى السياسية العراقية المؤثرة، كما أنها تمسك بخيوط كثيرة من خيوط اللعبة السياسية، ولديها القدرة على أن تهدئ الوضع السياسي والأمني في العراق أو أن تزيد الأمور توتراً واشتعالاً. فضلاً عن الترابط الاقتصادي إذ تتجه علاقات العراق معها نحو المزيد من التطور ولا سيما الاقتصادية منها، فقد بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين حوالي (8) مليارات دولار حتى نهاية عام 2010، فضلاً عن المردود الاقتصادي المتأتي من السياحة الدينية، خاصةً إذا ما علمنا أن أكثر من 1500 إيراني يقومون بزيارة الأماكن العراقية المقدسة في محافظتي كربلاء والنجف الأشرف يومياً، ومن المحتمل أن يصل حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى (10) مليارات دولار في نهاية العام الحالي.

وإذا كان العراق قد شكل تهديداً حقيقياً للمصالح الأمريكية في الخليج العربي خلال التسعينات من القرن الماضي، فإن الاحتلال الأمريكي للعراق كان قد فتح الباب أمام إيران لتقوية نفوذها في الخليج، لا سيما بعد سعيها الدؤوب لامتلاك السلاح النووي في ضوء برامجها ومنشآتها النووية (انظر الجدول المرفق)، على الرغم من استمرار الجهود المبذولة من قبل المجتمع الدولي في محاولة منه لمنعها من امتلاك هذه الأسلحة، تلك الجهود التي تتألف أساساً من سياسة العصا والجزرة ومجموعة الحوافز والضغوط التي تهدف إلى إقناع طهران لوقف حملتها نحو إنتاج أسلحة نووية، مع احتمال عمل عسكري يلوح في الأفق، لذا فقد دأبت إيران على النظر إلى (الشارع العربي) بهدف استخدامه وسائل لمراوغة التيارات الموالية للسياسة الأمريكية وإظهار العداء للنظم العربية التي تلتقي معها، والنظم العربية الخليجيةتأتي في مقدمتها، من هنا فقد شكلت إيران ولا تزال تهديداً حقيقياً للمصالح الأمريكية في المنطقة وحلفائها، خاصةً إذا ما علمنا أن هناك خمسة أهداف رئيسية للأمن الوطني الإيراني في الوقت الحالي تتمثل في الآتي:

1- ملء الفراغ الاستراتيجي في الخليج العربي، كما تدعي، وفي آسيا الوسطى والقوقاز.

2- تحديث قواتها المسلحة وتطويرها بما يحقق لها فرض قوتها الاستراتيجية والعسكرية على المنطقة.

3- الاستعداد لاحتمالات المواجهة العسكرية مع القوى الدولية أو الإقليمية.

4- الحفاظ على مبادئ الثورة الإسلامية وقيمها، في الداخل، والعمل على نشرها في الخارج.

5- بعث الانتعاش الاقتصادي في البلاد.

الولايات المتحدة وإيران تحاورتا بشأن وضع العراق ثلاث مرات عام 2007

وبهذا الصدد قال وزير الدفاع الإيراني علي شمخاني (إن الاستراتيجية الدفاعية الإيرانية ترتكز على حماية السلامة الإقليمية لإيران ومصالحها ومنع تشكيل فراغ استراتيجي في المنطقة، والعمل على التكامل الإقليمي وردع التهديدات يأتي جزءاً من القدرة الدفاعية للبلدان الإسلامية التي تستخدم كرادع دفاعاً عن الأمة). وهذا ما يؤكد سعي إيران لملء أي فراغ في منطقة الخليج العربي، لذا فإن ذلك يشكل تهديداً للمصالح الأمريكية في الخليج العربي، خاصةً أن الاهتمام المكثف للقيادة السياسية والعسكرية الأمريكية بهذه المنطقة يرتهن في المقام الأول لكونها تحتوي على احتياطيات هائلة من النفط والتي تقدر بـ (63 في المائة) من مجمل الاحتياطي النفطي العالمي المؤكد، وكون هذه المنطقة تعد أهم وأكبر قاعدة للوقود ومواد الطاقة ليس بالنسبة لاقتصاد الولايات المتحدة الأمريكية ودول أوروبا الغربية فحسب، بل لمجمل الماكنة العسكرية الأمريكية، فبنفط الخليج يجري تزويد الأساطيل الحربية والقواعد العسكرية الأمريكية في البحر الأبيض المتوسط والمحيطين الهندي والهادي، وهذا ما يفسر لنا محاولة الولايات المتحدة الحيلولة دون ظهور أية قوة إقليمية تهدد مصالحها وكذلك تشددها إزاء الملف النووي الإيراني، لأنها تدرك أن حيازة طهران للتكنولوجيا النووية المتقدمة ستكون بمثابة اعتراف رسمي بتفوق إيران الإقليمي، وما يعنيه ذلك من تهديد لمصالحها فضلاً عن مصالح حلفائها في منطقة الخليج، كما أن من مصلحة الولايات المتحدة، أن تعيش المنطقة في حالة من عدم الاستقرار المُتحكم فيه، لأنه لو تحقق الاستقرار فلن تكون هناك حاجة إلى التدخل أو الوجود العسكري الأمريكي أصلاً، ولذلك تريد الولايات المتحدة الأمريكية إبقاء المنطقة في حالة من التأزم لكي تبرر وجودها فيها، باستخدامها ما يسمى (تجارة التهديد والحماية)، فقد استخدمت التهديد الذي كان يشكله العراق تجاه دول مجلس التعاون الخليجي ودول الجوار كأداة لتسويغ وجودهـا العسكري ونفوذها السياسـي في الخليج العربي، وعلى أساس توفير الحماية مقابل الحصول على تنازلات لا يستهان بها من دوله، منها ما يتعلق بالتسهيلات المتمثلة في القواعد العسكرية والاتفاقيات الأمنية وصفقات الأسلحة، وبعد انتهاء الخطر العراقي، أصبحت إيران تمثل ذلك الخطر، الذي تسعى الولايات المتحدة إلى تخويف دول المنطقة منه.

إن السيناريو نفسه الذي تم تطبيقه مع العراق طيلة عقد التسعينات من القرن الماضي، ربما يتكرر مع إيران في المستقبل وذلك بهدف زيادة دمج أمن الخليج العربي بالضمانة الأمريكية، بوصفها القادرة على مواجهة أي تهديدات إيرانية محتملة من ناحية، ودفع دول مجلس التعاون الخليجي إلى الاستمرار في شراء صفقات الأسلحة الضخمة من ناحية ثانية.

بالمقابل لا شك في أن لدى إيران توجهاً وطموحاً نحو إعادة الهيمنة في المنطقة تسعى إلى ممارسته في الوقت الحاضر، لكن بصور مختلفة عن سابقها، وتجلى ذلك من خلال تبنيها سياسة الحروب بالنيابة أو بصورة غير مباشرة، كما في تدخلها بشؤون البحرين الداخلية، ودعمها للميليشيات في العراق والتدخل بشؤونه الداخلية، وفي أحيان أخرى بصورة مباشرة كما حدث مع تصريح الرئيس الإيراني أحمدي نجاد في 7/9/2007 حول الأوضاع الأمنية في العراق إذ أعلن فيه (أن إيران قادرة على ملء الفراغ الأمني الذي سيحدث في حال انسحاب القوات الأمريكية من العراق)، والذي جوبه برد من قبل وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كونداليزا رايس بقولها (إنه يشكل دليلاً على أطماع إيران تجاه العراق)، الأمر الذي اقتضى عقد مؤتمرات لدول الجوار العراقي والدول العربية الأخرى وتحت ضغوط إقليمية ودولية لضمان ودعم الاستقرار في الوضع الأمني العراقي، لذا توالت هذه المؤتمرات، إذ خرج مؤتمر القمة العربي الذي عقد في (الخرطوم – مارس 2006) في أحد مقرراته بأهمية العراق الموحد المستقل وحسم ملفه الأمني باتجاه عودة الاستقرار وتحمل الاحتلال مسؤولية ذلك، كما طالب البيان الصادر عن المؤتمر القومي العربي (الدورة السابعة عشرة في الدار البيضاء - مايو 2006) البلدان العربية بتحمل مسؤوليتها تجاه العراق وما يهدد وحدته وعروبته، وحذر من التمادي بتجاهل خطورة الموقف فيه وما ينجم عنه من تبعات على استقرار المنطقة.

أصابع الاتهام الأمريكية والعراقية تشير إلى طهران على أنها أكبر دولة راعية للإرهاب

من جانبه فإن الاحتلال الأمريكي للعراق سيحقق أهدافاً متنوعة للولايات المتحدة أبرزها محاصرة إيران وسوريا، ومن ثم قد تتفق مخططات الولايات المتحدة لإقامة قواعد عسكرية دائمة في العراق مع استخدامها في المستقبل في إطار استراتيجيتها المعروفة بـ (استراتيجية الضربات الوقائية) والتي تعني استخدامها ضد أية دولة أو جماعة ترى أنها تمثل تهديداً لمصالحها وأمنها القومي. لاسيما أن (الوثيقة الاستراتيجية للأمن القومي) أكدت في 6/إبريل/2006 أن الولايات المتحدة الأمريكية ما زالت على استعداد – على الرغم من وضعها في العراق – لشن هجمات (وقائية) ضد كل من يهددها، وحددت إيران بوصفها (الدولة التي تطرح أكبر تحد) للجوء للقوة ضدها. وهناك رأي تورده هيلينا كوبان المتخصصة في شؤون الشرق الأوسط في دراستها المنشورة بمجلة (Justworld news)بتاريخ 10/6/2008 حول بعض المقاطع التي تسربت عن بعض الفصول السرية للاتفاق الأمني الأمريكي– العراقي، وقد نشرت هذه المقاطع في الموقع الإلكتروني (Kufiyeh_al_sadris) بالتاريخ نفسه وفي صحيفة (الحياة) اللندنية بتاريخ 23 يونيو 2008 بعد ترجمتها إلى العربية فقد نص أحد محاورها على أن (للقوات الأمريكية الحق في ضرب أية دولة تهدد الأمن والسلم العالمي والإقليمي للعراق وحكومته أو دستوره، ولا شيء يمنع القوات من الانطلاق من الأراضي العراقية والاستفادة من برها ومياهها وجوها). كما أن أصابع الاتهام الأمريكية والعراقية تشير إلى طهران على أنها أكبر دولة راعية للإرهاب في عالم اليوم، وأن الحرس الثوري الإيراني والمؤسسات الأمنية الإيرانية الأخرى متورطة بعمليات إرهابية بصورة مباشرة ضد المدنيين في العراق. وهنا يذكر هنري كيسنجر أن بلاد الرافدين كانت ولا تزال منطقة استراتيجية على جانب كبير من الأهمية في الخليج العربي والشرق الأوسط، وأن مصادر وثروات العراق تؤثر في مصالح دول ومناطق بعيدة عنها، وأن التوازن بين العراق وإيران قبل الغزو كان حقيقة أساسية وجيواستراتيجية معروفة في المنطقة، إلا أن الاحتلال الأمريكي أحدث انحرافاً جذرياً في التوازن الاستراتيجي في المنطقة وهو ما ساهم الأمريكيون في جزء كبير منه. لذا فإن الاستقرار السياسي والأمني في المنطقة سيعتمد على قدرة الولايات المتحدة الأمريكية على تحقيق تساوٍ في القوة بين العراق وإيران انطلاقاً من تدعيم مكانة العراق العسكرية. ومن دون تحقيق هذا التوازن فإن المنطقة ستظل تواجه خطر العيش على تلة من المتفجرات القابلة للاشتعال في أي وقت،لاسيماأن المصالح الأمريكية في الخليج عرضة للخطر الإيراني وخصوصاً إذا ما أقدمت حكومة طهران على اتخاذ خطوات جريئة من قبيل غلق مضيق هرمز، وهو المضيق الحيوي الوحيد المؤدي إلى خارج الخليج، ويتعين على كافة الناقلات النفطية المرور عبره لتحميل النفط أو تفريغه في الموانئ المطلة على ساحل الخليج. أما بالنسبة لدول مجلس التعاون الخليجي وعلى رأسها المملكة العربية السعودية فإن الوجود العسكري الأمريكي في العراق سيقلل من الاعتماد على هذه الدول ولاسيما السعودية بعد إعلان وزير الدفاع الأمريكي الأسبق، دونالد رامسفيلد، سحب قواته من السعودية قائلاً (إن قواتنا لن تبقى في دول لا تتمنى وجودنا)، ثمَّ إعلانه المفاجئ نقل القيادة الجوية الأمريكية من قاعدة الأمير سلطان من السعودية إلى قطر. لذا فلا غرابة في أن يضطلع العراق باهتمام الولايات المتحدة الأمريكية بقيادة الجهود الأمنية في المنطقة بعد إقامة الدعامة العسكرية الأمريكية فيه والمتمثلة في وجود (قواعد عسكرية أمريكية دائمة) فيه حتى لو تطلب الأمر اتخاذ العراق منطلقاً للتدخل ضد أية دولة قد تهدد الأمن القومي للولايات المتحدة لاسيما أن الحرب على العراق في مارس 2003 تشكل تذكيراً واضحاً بأن استخدام القوة لا يزال يلعب دوراً في العلاقات الدولية، وبالتحديد العلاقات العربية – الأمريكية.

وبالمحصلة النهائية، فإن أي نزاع أمريكي – إيراني حيال قضايا مهمة في المنطقة مثل قضية العراق وسيادته وقضية البرنامج النووي الإيراني وهي مواضيع على قدر كبير من الأهمية والخطورة لا يمكن تجنب تسريب آثاره الحتمية عن دول الخليج العربية في حالة اندلاعه كونها جزءاً من المنظومة الأمنية الإقليمية، لاسيما إذا ما أقدمت إسرائيل وبضوء أمريكي أخضر على تدمير المفاعلات النووية الإيرانية بطائراتها وبضربات خاطفة كما حدث مع مفاعل (تموز) العراقي في بداية الثمانينات، فمثل هكذا عمل قد يدفع القيادة الإيرانية إلى اتخاذ قرار بشن هجمات على مواقع ومنشآت حيوية بالنسبة للمصالح الأمريكية في دول الخليج العربية فضلاً عن القواعد العسكرية الأمريكية في عموم دول الخليج العربية بما فيها العراق.

 

مقالات لنفس الكاتب