array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 164

تسعى واشنطن لإيجاد تعاون بين القوى الإقليمية لإعادة بناء هيكل أمني جديد

الثلاثاء، 10 آب/أغسطس 2021

منذ ثلاثين عامًا قادت الولايات المتحدة الأمريكية تحالفًا دوليًا لتحرير الكويت من الاحتلال العراقي الذي بدأ في أغسطس 1990م، وانضمت 28 دولة (بما فيها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا ومصر والمملكة العربية السعودية) إلى التحالف ضد صدام حسين. وبدأت الحرب ضد صدام من 16 يناير واستمرت حتى 28 فبراير، والتي انتهت بتحرير الكويت. وتمثل الحرب وعواقبها نقطة تحول رئيسية في الشرق الأوسط بأكمله، وفي الدور الذي تلعبه الولايات المتحدة بالنسبة لأمن الخليج.

الاحتلال العراقي للكويت

وقد مهدت نتائج الحرب العراقية الإيرانية (1980 – 1988م) الطريق أمام حرب الخليج. وخرج نظام صدام حسين من الحرب العراقية-الإيرانية بمؤسسة عسكرية هائلة، وديون ضخمة وطموح كبير بلا رادع لقيادة العالم العربي. وعقب الحرب، أعلن صدام أنه لأول مرة في التاريخ الحديث تهزم دولة عربية قوة عسكرية غير عربية. وبدأ الزعيم العراقي في اتخاذ موقف قوي ضد إسرائيل وضد النفوذ الأمريكي في الشرق الأوسط.

ومنذ نهاية الحرب العراقية الإيرانية وحتى بداية أزمة الخليج في أغسطس 1990م، حاولت الولايات المتحدة تعديل سياسة بغداد الحازمة بلا طائل، وخلال العامين منذ نهاية حرب إيران في 1988م، وحتى حرب الخليج في 1990م، اتبعت السياسة الأمريكية نهج دبلوماسية التسامح وضبط النفس. وفي أواخر عام 1988م، كانت هناك أدلة متزايدة على أن العراق كان يستخدم أسلحة كيماوية لقتل الأكراد في الشمال. وبناءً عليه، أقر مجلس الشيوخ الأمريكي عقوبات صارمة، ولكنها كانت عقوبات أحادية، ولذلك لم تُنفذ مطلقًا. بل على العكس من ذلك، تم تزويد العراق بما يقرب من 1 مليار دولار سنويًا كائتمان لشراء السلع الأمريكية، وأصبح تاسع أكبر عميل للمنتجات الزراعية الأمريكية. ولكن الغزو العراقي للكويت في أغسطس 1990م، وضع حداً لدبلوماسية التسامح الأمريكية، وسعت إلى تعديل سياسة العراق العدوانية.

                               

وردًا على الاحتلال العراقي للكويت، شكلت الولايات المتحدة على الفور تحالفًا دوليًا لطرد القوات العراقية، ونجح التحالف في تحقيق أهدافه في وجود مقاومة ضعيفة من نظام صدام. وفي الواقع، كانت حرب الخليج أحد الأمثلة القليلة التي لم يكن فيها أي شك في الانتصار العسكري. لكن الحرب انتهت دون جهود جادة للإطاحة بصدام حسين، لأن التفويض الصادر عن الأمم المتحدة كان من أجل تحرير الكويت، وليس السعي إلى أي تغيير سياسي في العراق. واعتقد الكثيرون في واشنطن وأماكن أخرى اعتقادًا خاطئًا أن أيام الزعيم العراقي باتت معدودة. وعلاوة على ذلك، أراد الرئيس جورج بوش الأب الحفاظ على "استراتيجية خروج" للولايات المتحدة من أزمة الخليج والحفاظ على التحالف الدولي دون أي انشقاق عن الدول العربية. ولكن بعد مرور سنوات قليلة، أقر الرئيس بوش بأنه قلل من تقدير قوة البقاء السياسية لصدام بعد حرب الخليج، معربًا عن أسفه لأن شركاء الولايات المتحدة في التحالف، لم يفعلوا المزيد لتقويض سلطة الزعيم العراقي.

الولايات المتحدة وأمن الخليج

كان التدخل العسكري الفوري والحاسم للولايات المتحدة من أجل تحرير الكويت تطبيقاً واضحاً لـ"عقيدة كارتر"، وهي المبادرة التي قدمها الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر في خطابه عن حالة الاتحاد عام 1980م، حينما أعلن كارتر في خطابه أن الولايات المتحدة ستستخدم القوة العسكرية ضد أي دولة تحاول السيطرة على منطقة الخليج. وتماشياً مع هذه السياسة، عملت البحرية الأمريكية على حماية ناقلات النفط في نهاية الحرب العراقية الإيرانية. وكانت عملية الإرادة الجادة (24 يوليو 1987 - 26 سبتمبر 1988م) تتمثل في الحماية العسكرية الأمريكية لناقلة النفط الكويتية من الهجمات الإيرانية بين عامي 1987 و1988م، وكانت أكبر عملية للقوات البحرية الأمريكية منذ الحرب العالمية الثانية.

ومنذ تحرير الكويت، شرعت الولايات المتحدة في إنشاء علاقات أمنية واستراتيجية ودية مع جميع دول مجلس التعاون الخليجي الست. واستند هذا التعاون إلى التصورات المشتركة للتهديدات والتحديات الإقليمية. وفي هذا السياق، تعتبر واشنطن أكبر مورد للأسلحة في المنطقة وتقوم بتدريب مكثف للقوات المسلحة في دول مجلس التعاون الخليجي. كما يجتمع كبار القادة العسكريين والسياسيين بصورة منتظمة لتنسيق استراتيجيات العمل المشترك. وقد أثار الإعلان الأخير عن انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان القلق بشأن التزام واشنطن بأمن الخليج، وما إذا كانت القوات الأمريكية ستنسحب من العراق وبقية المنطقة أم لا.

آفاق المستقبل

من المهم التأكيد أن الولايات المتحدة لم تنوي أبدًا البقاء إلى الأبد في العراق. ولكنها، منذ أوائل عام 2003م، كان الهدف الأول للسياسة الأمريكية في العراق هو تحقيق الاستقرار والمساعدة في بناء قدراته لخلق البيئة المناسبة التي تُمكن للحكومة العراقية والقوى الإقليمية الأخرى حماية مصالحها الوطنية الخاصة، ومن ثم تنسحب القوات الأمريكية وتعود من حيث أتت. ومع ذلك، فمن المرجح أن يكون القرار الاستراتيجي بالإبقاء على التواجد الأمريكي في العراق وبقية منطقة الخليج مدفوعًا ببعض العوامل على النحو التالي:

أولاً، وعلى مدى عقود، كانت المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط مستقرة، حيث تضمنت هذه المصالح تأمين إمدادات النفط ومكافحة الإرهاب ومنع انتشار أسلحة الدمار الشامل والحفاظ على أمن إسرائيل. فالالتزام الأمريكي بحماية هذه المصالح لم يتغير وليس من المرجح أن يتغير في المستقبل القريب.

ثانيًا، منذ يناير 1991م، عندما اندلعت حرب تحرير الكويت، حققت التكنولوجيا المدنية والعسكرية تطورات مثيرة للإعجاب. فالولايات المتحدة هي الرائدة في العالم في مجال الأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي والطائرات بدون طيار إلى جانب عدد من أنظمة الأسلحة الأخرى. ونظرًا لهذه التطورات التكنولوجية، تغيرت طبيعة الحرب بشكل كبير وأصبح وجود "الجنود على الأرض" أقل أهمية مما كان عليه من قبل. وباختصار، مكنت التكنولوجيا العسكرية الحديثة الولايات المتحدة من حماية مصالحها الوطنية ومصالح حلفائها مع عدم الاعتماد بشكل بسيط على نشر القوات والقوات الحركية.  

ثالثًا، لا يؤيد الرأي العام الأمريكي نشر قوات عسكرية في الخارج لفترة طويلة من الزمن. وهناك دائمًا ضغط محلي لإعادة رجال ونساء الخدمة إلى الولايات المتحدة. وقد سعى جميع الرؤساء، من الحزبين الديمقراطي والجمهوري، إلى إعادة القوات إلى واشنطن بمجرد الانتهاء من المهمة. وقد أدت جائحة كورونا وتأثيرها المدمر على قطاع الصحة والاقتصاد إلى زيادة التركيز على القضايا المحلية وتجنب السياسات الخارجية المكلفة والمثيرة للجدل.

رابعًا، لا ترغب الولايات المتحدة أن يُنظر إليها على أنها قوة استعمارية. لأن حقبة انتشار القوات العسكرية في البلدان الأجنبية تعود إلى القرنين التاسع عشر والعشرين، بصورة أكبر بكثير من القرن الحادي والعشرين.

وخلاصة القول فإن الولايات المتحدة ملتزمة بأمن حلفائها الإقليميين في منطقة الخليج. وستبقى القوات الأمريكية في المنطقة ما دامت هناك حاجة إليها بالتشاور الكامل مع حكومات المنطقة. كما ستعمل واشنطن بشكل وثيق مع الحلفاء الإقليميين لتعزيز الرخاء الاقتصادي والإصلاح السياسي والأمن الإقليمي. ولذلك، تسعى ليكون هناك تعاونًا وثيقًا بين القوى الإقليمية لإعادة بناء هيكل أمني جديد مفيد للشرق الأوسط والولايات المتحدة بل والعالم بأسره.

 

الآراء الواردة في هذه المقالة تعبر عن رأي المؤلف وحده ولا تمثل آراء حكومة الولايات المتحدة أو سياسات وزارة الدفاع.

مقالات لنفس الكاتب