array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 165

الصين استبدلت التواجد العسكري في الخليج بنظام الأمن القائم والاتفاقيات الاقتصادية

الإثنين، 30 آب/أغسطس 2021

قد يكون مناسباً أن أبدأ حديثي مباشرة عن الهجوم الصيني والتشبث الأمريكي, وأكتفي بالإشارة إلى نطاق الأمن ومعناه - في هامش المقال- ولكني رأيت من الأنسب أن أوضح ذلك المعنى في صدر المقال، خاصةً أن طبيعة هذا النطاق وتكوينه هي من أتت بالهجوم الصيني وجعلت التشبث الأمريكي وقبله التواجد والهيمنة، هاماً ولازماً من وجهة نظر كلا الطرفين.

فنطاق الأمن في تعريفه العسكري هي تلك المساحة من الأرض الفاصلة بين الجانبين المتحاربين إذا لم يكن هناك اتصالاً مباشراً بينهما، وهذه المنطقة يتحتم على كل طرف من الطرفين أن يتقدم خلالها لكي يصل إلى الطرف الآخر، وفي حالة الدفاع يقوم الطرف المدافع بوضع قوات محدودة فيها  للإنذار عن تقدم العدو وتعطيله وإنزال أكبر خسائر ممكنة به قبل أن يصل إلى الخط الرئيسي للدفاع  وقد يقوم الجانب المدافع بالهجوم المضاد عليه وتدميره في نطاق الأمن.

وفي حالة المواجهة الشاملة بين الدول (سياسيًا، اقتصاديًا، عسكريًا ، ..... الخ) فإن نطاق الأمن يشمل كل تلك الأنشطة  لصالح كل جانب ضد الآخر .

ونطاق الأمن الذى نتحدث عنه في هذا المقال هي تلك المنطقة من اليابسة والماء التي حباها الله بما لم تنله بقعة من الأرض من نعم أولها، رساله خاتم الأنبياء سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم - التي تجعل قلوب  الملايين في شتى أنحاء الأرض تهفوا إليها حباً وتقديراً واهتماماً وثانيها ذلك الفيض من خيرات الله بترول وغاز التي تقدر بحوالي 70% من احتياطي العالم من تلك الثروة الاحفورية الاستراتيجية.

وتضم  هذه المنطقة  (نطاق الأمن الخليجي) بقايا حضارتين وامبراطوريتين كانتا ذا شأن عظيم في التاريخ هما الفارسية والإسلامية، أما بقايا الامبراطورية الفارسية وحضارتها فهي دولة إيران التي تحاول استعادة مجدها القديم باستغلال نقاط قوة الحضارة التي اسقطتها - الحضارة الإسلامية - وهي العقيدة الإسلامية، ولكن بمذهب مبتدع هو المذهب الشيعي، الذي تحاول تصديره بكل القوى "صلبة وناعمة" للخارج، وإيران قوة رئيسية لا يمكن إغفالها لما تتمتع به من قدرات شاملة في شتى المجالات، وتعتبر نفسها الوريثة الطبيعية للإمبراطورية الفارسية  وتسعى إلى تعزيز مكانتها الإقليمية والدولية بالحصول على الزعامة الدينية واضعاف الدول العربية والإسلامية بدعم الأحزاب والحركات السياسية المعارضة في الدول السنية، و امتلاك قدرات عسكرية تقليدية و نووية تؤمن مصالحها وقيمها الشيعية وتمكنها من السيطرة على الملاحة البحرية في مضيق هرمز وباب المندب والمجال الحيوي بينهما.

وتقع إيران بين دائرتي عرض 29 إلى 40 درجة شمالاً وخطي طول 40 إلى 63 درجة شرقا، و يحدها من الشمال تركمانستان واذربيجان, ومن الغرب تركيا والعراق، ومن الشرق افغانستان وباكستان, ومن الجنوب الخليج العربي وخليج عمان بطول 1660 كم، بالإضافة إلى حدود بحرية على بحر قزوين طولها 800 كيلومتر وتبلغ مساحتها 1.648مليون كم٢،  منها 8.7% أراضي زراعية أو صالحة للزراعة.

 و يبلغ تعداد سكان إيران 82 مليون نسمة منها 16 مليون سني والباقي معظمهم من المذهب الشيعي المتعصب الرافض للسنة, وأغلب السكان من الأصل الفارسي .

اقتصادياً : يعتبر الاقتصاد الإيراني ثالث أكبر اقتصاد في الشرق الأوسط والتاسع والعشرون عالمياً طبقاً لتقارير الأمم المتحدة عام 2015م، بحجم 343.9 مليار دولار, ويعتمد بشكل أساسي على النفط والغاز, ويتوفر لدى إيران كوادر بشرية علمية وفنية قادرة على إدارة اقتصاد البلاد في شتى مجالاته، وتتعاون إيران مع كل من الصين وروسيا وباكستان في مجالات اقتصادية عديدة تكسر حلقات العزلة والحصار المضروبة حولها من الغرب ويعتبر احتياطي إيران من النفط هو الرابع عالميًا بعد فنزويلا، والسعودية، وكندا ويمثل (10% : 11%) من الاحتياطي العالمي, كما يمثل احتياطي الغاز حوالي 17.9% من الاحتياطي العالمي - الثانية عالمياً بعد روسيا - ويقدر ب 33.6 تريليون م3 .

إن أخطر ما في إيران ليس في قدراتها الشاملة, بل في توظيف هذه القدرات لتحقيق غايتها القومية وهي استعادة الإمبراطورية الفارسية مضافًا اليها كل حدود الإمبراطورية الإسلامية القديمة، عملا بمقولة نسبت للخميني "لقد حكم العرب الدولة الإسلامية سبعة قرون وحكمها الأتراك خمسة قرون, وآن للفرس ان يحكموها ما بقى من الزمان"  وفي سبيل ذلك تتغلغل إيران بثبات في عواصم عربية وتتحكم فيها.

 و يزيد من خطورتها إصرارها على امتلاك سلاح نووي – "مهما بدا ما تعلنه خلاف ذلك" وقد يبدو القلق الأمريكي والإسرائيلي من تصنيع وامتلاك إيراني للسلاح النووي هو استخدامه ضد إسرائيل، وهذا هو الظاهر والمعلن بلا خفاء .

ولكن في تقديري أن القلق الأمريكي ومعه القلق الإسرائيلي هو من إيجاد مبرر لبعض الدول العربية وخاصةً الخليجية لتصنيع وامتلاك ذات السلاح كقوة ردع لايران وهنا يكون الخطر الحقيقي على إسرائيل.

وهذا وحده كفيل بأن يلقي بظلاله على المخطط الاستراتيجي الأمريكي ألا يغفل عن تلك المنطقة (إيرانياً وعربياً) طرفة عين إضافةً لأسباب أخرى سوف تظهر فوق السطور.

وعلى الجانب الغربي من دولة إيران الإسلامية (الفارسية) يستكمل نطاق الأمن الخليجي امتداده الجغرافي بدول الخليج العربية المنضمة تحت لواء مجلس التعاون الخليجي ذات الأهمية الاستراتيجية المتمثلة فى اطلالها على الطرق البرية والبحرية بين إفريقيا وآسيا، بالإضافة لما تمتلكه من قدرات اقتصادية هائلة وتوسطها للعالم الإسلامي, من إندونيسيا شرقاً إلى دول المغرب العربي غرباً و تقع بين دائرتي عرض (15 : 40 ) شمال خط الاستواء وخطي طول (20 :37) شرقًا بمساحة إجمالية حوالي 3.6 مليون كم٢ تتحكم هذه المنطقة في مضيق هرمز الذي يمر منه يوميًا حوالي 21 مليون برميل من النفط أي ما يقرب من 45 % من استهلاك العالم يوميًا ونظراً لما تتمتع به تلك المنطقة من مزايا اقتصادية تتمثل في احتياطي النفط والغاز الطبيعي بنسب عالية على مستوى العالم والذي يعول عليه إمداد دوله باحتياجاتها من النفط والغاز خلال الحقبة الزمنية القادمة من القرن الحادي والعشرين عندما يزداد استهلاكها وتتقلص قدره العديد من الدول المنتجة للنفط في إنتاج ما يكفي احتياجاتها وتزداد أهمية دول تلك المنطقة في مجال الاستثمار داخل وخارج أراضيها نتيجة للفوائض المالية التي تزيد لديها نتيجة الارتفاع في أسعار الغاز والنفط.

ولهذه المنطقة أهمية دينية خاصة لدى المسلمين في شتى أنحاء العالم ففيها أقدس بقاع الأرض(الحرمين الشريفين) اللذان يقصدهما حجاج بيت الله الحرام سنوياً وتمثل لهم قيمة دينية كبرى.

وتتميز دول مجلس التعاون الخليجي بتوحدها في التركيبة السكانية حيث العرق العربي مع توفر أعراق أخرى بنسب ضعيفة، الأمر الذي يعطي مجتمعاتها قدراً كبيراً من التماسك بسبب توحد القيم العربية والتقاليد وهذا يدعم الأمن والاستقرار بها كما أن انضمامها تحت مظلة مجلس التعاون الخليجي أكسبها قدرًا من التكامل والقوى تعظم من نقاط قوتها وتتجنب نقاط ضعفها.

وبعد إلقاء نظرة على "نطاق الأمن الخليجي" أو منطقة الخليج العربي نخلص إلى أنها تعتبر من أهم الدوائر الاستراتيجية التي تتقاطع عندها مصالح القوى الكبرى لما تمثله من كونها كتلة استراتيجية واقتصادية هامة تؤثر في المصالح الحيوية لدول العالم نظراً لموقعها الاستراتيجي المطل على منافذ بحرية هامة وتأثيرها على طرق التجارة بين الشرق والغرب، وأيضًا لما تحويه من منابع الطاقة التي لا يستغني عنها العالم.

و تتعدد مصالح واهتمامات الدول المختلفة بتلك المنطقة طبقًا لاعتمادها على النفط والغاز من جهة، ومن جهة اخرى طبقًا لاعتمادها على السوق العربية لتصريف منتجاتها وكذلك لحجم احتياجاتها من الفوائض النقدية العربية، مع عدم إهمال سوق السلاح العالمية شرقاً وغرباً الذي يعتبر تلك المنطقة أرضًا خصبة لتلك التجارة، وقد كان لتلك العوامل تأثير على مصالح الدول الكبرى والقوى الفاعلة في العالم مما جعلها تحرص على الحد من دور القوى الإقليمية ذات التأثير في المنطقة ومنعها من لعب أي دور يتعارض مع مصالحها و بنظرة سريعة على أهم القوى الفاعلة في العالم وما تسعى لتحقيقه في منطقة الخليج العربي نجد الآتي:

  • الاتحاد الأوروبي:

يسعى إلى تفعيل الشراكة الاقتصادية مع دول الخليج باعتبارها سوقاً هائلاً لمنتجاته الصناعية والعسكرية، الصفقات العسكرية بين دول الخليج ودول الاتحاد الأوروبي وخاصةً بريطانيا وفرنسا وإيطاليا وتسعى دول الاتحاد الأوروبي إلى توسيع وزيادة دور حلف الأطلنطي في منطقة الخليج العربي إلى ضم دول خليجية إلى حلف شمال الأطلنطي (الناتو) إما بصفة مراقبين أو بالمشاركة خارج نطاق الحلف لزيادة الروابط الاستراتيجية بينها خاصة في نطاق مشروع الشرق الأوسط الموسع, ويشارك الاتحاد الأوروبي الولايات المتحدة الأمريكية ويدعمها في محاربة الإرهاب ومنع انتشار أسلحة الدمار الشامل في منطقة الخليج.

٢-روسيا الاتحادية:

تهدف إلى تعميق وزيادة العلاقات الاقتصادية مع دول الخليج العربي باعتبارها سوق مفتوحة للمنتجات الروسية، كما تهدف إلى جذب الاستثمارات العربية الخليجية إلى روسيا لزيادة النمو الاقتصادي بها, وأيضًا تعمل على منع الولايات المتحدة الأمريكية من الانفراد بالمصالح الحيوية في تلك المنطقة وذلك من خلال توطيد علاقاتها مع دولها، وكذا السعي إلى إقامة علاقات عسكرية، وعلى الجانب الآخر فإن روسيا الاتحادية تعتبر داعم رئيسي للجمهورية الإيرانية الإسلامية في مجال التسليح والإمداد بالمفاعلات النووية.

 ٣-اليابان

إن اليابان التي تستورد (65%) من احتياجاتها البترولية من دول الخليج العربي مقارنة بما تستورده أمريكا (20%) من احتياجاتها وبريطانيا (17%) ألمانيا (11%) فقط تعتبر منطقة الخليج العربية ركيزة من مرتكزات سياستها الخارجية، وذلك من معايير اقتصادية بصفة أساسية وقد مررت اليابان على البرلمان الياباني قانونًا يسمح بمشاركة اليابان بقوات عسكرية في عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في المناطق الاستراتيجية من العالم، وذلك بعد أن وجدت أنها لا تستطيع المشاركة بقوات عسكرية خارج أراضيها لتحرير الكويت عام 1990واكتفت بالمشاركة بالمال فقط، فكان تغيير القانون دافعا للمحافظة على مصالحها مع دول الخليج وخاصة بعد أن قفزت احتياجاتها البترولية منها إلى (85%)

 ٤-الهند:

 تحرص على تأمين احتياجاتها من النفط من دول الخليج العربي بأسعار معقولة وكذلك تأمين تحويلات الهنود العاملين فيها والتي تصل إلى 5 مليارات دولار سنوياً ويبلغ حجم التبادل التجاري بينها وبين دول الخليج 150 مليار دولار سنوياً، ويبلغ حجم الصادرات النفطية الخليجية إلى الهند 95 مليار دولار سنوياً، كما يبلغ حجم واردات دول الخليج من الهند  حوالي 55 مليار دولار سنويا.

الصين:

"إن الصين ستعمل على الاستفادة من جميع إنجازات الحضارة الإنسانية وتجاربها ,وستأخذ دروساً من التاريخ و إيجابياته وسلبياته وستتبنى المفاهيم والأفكار والقيم العالمية وتدخلها إلى الطريق الصيني والمؤسسات الصينية" هذه العبارة المحدودة في سطورها المعدودة تلخص خلاصة الفكر الصيني واستراتيجيته وسياساته التي يتعامل بها في داخل الصين وخارجها مع العالم الخارجي.

إنهم حقاً استفادوا من إنجازات الحضارات الإنسانية وتجاربها وتعلموا أن الحياة صعود و هبوط، وواجهوا أعتى الحروب التي واجهت البشرية وهي "حرب الأفيون" التي حاول المستعمر البريطاني ضربهم بها في القرن الماضي وانتصروا عليه وتحدوا أنفسهم وانتصرت إرادتهم وخرجوا على العالم بأنه لكي تنمو الصين يجب أن ينمو العالم ولكي تتقدم الصين يجب أن يتقدم العالم وجاء الرئيس الحالي "شي جين بينج" (بالحلم الصيني) وكعادتهم في إبهام مايقولون لم يفصح الرئيس الصيني صراحة عن ذلك الحلم، ولكن أحد الكتاب الصينيين أفصح عن ذلك بقوله إنه هو والرئيس "شي" يراودهما نفس الحلم وهو "كيفية جعل الصين القوة المهيمنة على العالم" إنه يحلم ببناء أمة قوية وجيش جبار.

إنها الصين التي دشنت في العام الذي سبقه أول حاملة طائرات ...إنها النقلة الاستراتيجية التي لا يخطئها مفكر ....إن الصين قادمة إلى كل مكان خارج أراضيها إنه "الحزام والطريق"... استراتيجية طريق الحرير وصول التجارة العالمية إلى كل مكان في العالم والسيطرة على الاقتصاد العالمي.... إنها استراتيجية المواجهة مع أقوى اقتصاد في العالم الولايات المتحدة الأمريكية -عاجلاً أو آجلاً- وما دام الأمر كذلك فإن الضرورات تبيح كل شيء، قدرة عسكرية فتاكة ....حاملات طائرات... صواريخ عابرة للقارات .

اقتراب أكثر ، السيطرة على "نطاق الأمن" العازل بين أكبر قوتين متواجهتين في شتى المجالات الصين والولايات المتحدة الأمريكية ولكي لا يُفقد الاتصال المباشر الذي لا مفر منه.

إن جمهورية الصين الشعبية التي قامت عام 1949م، معلنة ميولها الثورية نحو التغيير في كل مكان، ومنه بالطبع منطقة الخليج العربية، غيرت تلك المفاهيم وتخلت عنها في سعيها لبناء قوة اقتصادية عالمية يلزموا الانفتاح على كل دول العالم باختلاف عقائده وخصوصياته، وكان انفتاحها على دول الخليج العربية واحدًا من تلك النماذج التي رأت أن توفر نظام أمني ثابت ومستقر به هو الضمان لتأمين حصولها على ما يلزمها من الغاز والنفط والبتروكيماويات اللازمة لها وهكذا ازداد التقارب السياسي الصيني / الخليجي وتطورت العلاقات الاقتصادية تطوراً سريعاً وتجاوز التبادل التجاري بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي 180 مليار دولار عام 2019م، أي حوالي 11% من التجارة الخارجية لدول مجلس التعاون، بل إن الصين أصبحت الشريك التجاري الأول لدول المجلس محل الاتحاد الأوروبي عام 2020م، ولم تكن الصين في حاجة للتواجد العسكري لحماية إمداداتها من النفط أو صادراتها إلى الخليج مكتفية بالنظام الأمن القائم في الخليج, وتقدمت هذه العلاقات إلى مجالات أخرى وتم التوقيع على العديد من الاتفاقيات الثنائية مثل تأسيس مجمع تكرير البترول وإنتاج الكيماويات في الصين قيمته 10 مليارات دولار بين الصين والمملكة العربية السعودية، والتوقيع على 35 اتفاقية تجاوزت 28 مليار دولار زيادة حجم الاستثمارات الصينية في السعودية بنسبة 100% عام 2019م, تطورات مشابهة في باقي دول المجلس التي رحبت بمبادرة الحزام والطريق التي بدأت في تنفيذها فعليًا على الأرض وقد ازدادت الروابط الثقافية مع الصين التي قامت بتأسيس مدارس لتعليم اللغة الصينية، كما قامت المملكة العربية السعودية بتعليم اللغة الصينية في مدارسها، وعسكرياً زادت العلاقات وأصبح للصين ملحقين عسكريين في دول المجلس يتحدثون اللغة العربية بطلاقة.

وعلى الجانب الآخر وقعت الصين في 27 من مارس 2020م، اتفاقية تعاون استراتيجي مع إيران مدتها 25 عاماً، لتعزيز العلاقات الإيرانية / الصينية ورغم أن الاتفاقية لم تُعلَن تفاصيلها النهائية من المقرر ان تستثمر الصين 400 مليار دولار في الاقتصاد الإيراني خلال فترة الاتفاقية مقابل إمداد إيران للصين بامتدادات ثابتة وبأسعار مخفضة من النفط وتتضمن الاتفاقية حوالي 280مليار دولار لتطوير قطاعات النفط والغاز والبتروكيماويات في إيران، بالإضافة إلى تحديث البنية التحتية للنقل في إيران بمبلغ120 مليون دولار المتبقية ليدخل إيران في مبادرة الحزام والطريق الصينية.

الولايات المتحدة الأمريكية

بعد سقوط الاتحاد السوفيتي عام 1991م، أعلنت مراكز الدراسات الاستراتيجية الأمريكية "تمام تحقيق الهدف الاستراتيجي الذي حدده الرئيس الأسبق "هاري ترومان" في توجيهه الرئاسي عام 1950م، لجميع مؤسسات الدولة بالعمل على إسقاط الاتحاد السوفيتي والانفراد بقمة العالم" وبناءً عليه تم تحديد الهدف الاستراتيجي الجديد للولايات المتحدة الأمريكية وهو: "أن يظل القرن الـ21 قرناً أمريكياً" بمعنى انفراد الولايات المتحدة بقيادة العالم وعلى قمته طوال القرن الـ21، ولكي يتم ذلك كان تقدير الموقف الاستراتيجي العالمي لتحديد القوى العالمية الأخرى التي يمكن أن تصارع الولايات المتحدة الأمريكية وتشاركها أو تزيحها من فوق القمة العالمية، فكانت الصين هي المرشح الأول لذلك كقوة اقتصادية واعدة وتسعى لامتلاك قوة عسكرية جبارة ،أما روسيا والهند واليابان فمازالوا بعيدين عن التهديد، وفي الوقت ذاته وعلى الجانب الآخر يأتي الاتحاد الأوروبي ولكنه حليف ومتعاون وداعم لها وبالتالي وضعت الولايات المتحدة نصب أعينها هدفاً محددًا هو إقصاء الصين عن الوصول إلى القمة ومنعها من السيطرة على الاقتصاد العالمي وحرمانها من السيطرة على منابع الطاقة في العالم وخاصة منطقة الخليج التي تحوي ما يقرب من 70% من احتياطي الطاقة في العالم فاتخذت من السياسات ما يضمن لها التواجد المستمر والمهيمن على دول تلك المنطقة سياسياً واقتصادياً وعسكرياً.

 بداية من سياسات الاحتواء المزدوج لدول المنطقة بإذكاء الخلافات والحروب بينها لفرض التواجد العسكري بحجة مكافحة الإرهاب تارة والحفاظ على أمن المنطقة و تأمين إمدادات الطاقة تارة أخرى، بنشر العديد من قواتها في قواعد عسكرية منتشرة في تلك الدول وتواجد الأسطول الأمريكي الخامس في الخليج العربي وتمركز قيادته في مملكة البحرين.

 وربط منطقة الخليج العربي باقتصادها وضمان اعتمادها على التكنولوجيا الغربية وتوظيف حاجة تلك الدول لتوطين التكنولوجيا، وتوقيع اتفاقيات التجارة الحرة مع كل دولة من دول مجلس التعاون الخليجي منفردة ورفض توقيع المجلس كتكتل جماعي خاصة في إطار مواجهة صناعة الأسمدة والبتروكيماويات.

وأخيرًا عندما حدث الخلاف بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران واستقواء إيران بالصين والاتحاد السوفيتي رأت الولايات المتحدة دعم تواجدها في منطقة الخليج بالتواجد الإسرائيلي وسعت إلى إقامة علاقات طبيعية بين كل من إسرائيل وبعض دول مجلس التعاون لتعطي لإسرائيل الفرصة للاقتراب المباشر من إيران ووضعها تحت المراقبة المستمرة اللصيقة وزيادة قدرة نطاق الأمن الخليجي في مواجهة التهديدات والتحديات التي تتسلل إليه وتتغلغل من خلاله من جانب التنين الصيني الهادئ في تدفقه واندفاعه للتواجد في تلك المنطقة الحيوية التي لا يمكن الاستغناء عنها مستغلاً ذلك التحفز الإيراني للاندفاع نحو زيادة النفوذ في منطقة الخليج العربي.

مقالات لنفس الكاتب