array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 166

تدفع واشنطن وشركاؤها ثمن الخطأ الأمريكي في أفغانستان والحذر الخليجي له مبرراته

الثلاثاء، 28 أيلول/سبتمبر 2021

تحول العنصر الكامن في القلق الأمريكي إلى حقيقة بعد وصول حركة طالبان والجماعات المسلحة المتحالفة معها إلى كابول والذي بدأ في 1 مايو 2021م، جنبًا إلى جنب مع انسحاب معظم القوات الأمريكية والقوات المتحالفة معها من أفغانستان، ففي الأشهر الثلاثة الأولى من الهجوم سيطرت طالبان بوتيرة مذهلة على البلاد حيث  وصل عدد المقاطعات التي  احتلتها إلى 223مقاطعة، وعزلت المراكز الحضرية تدريجياً، وبحلول 10 أغسطس سيطرت طالبان على 65٪ من مساحة البلاد. وفي 15 أغسطس استولت على كابل. وعلى مدى عقود كانت إيران وباكستان والصين وروسيا والهند، تراقب عن كثب جارتها أفغانستان لأن كل ما يحدث هناك يؤثر على المنطقة برمتها.. الآن وبعد الانسحاب الأمريكي تنتظر جميعها ما سيحدث لتقرر على أساسه موقفها في الفترة القادمة.

 الانهيار والقبول والشرعية

 لقد كانت الانهيارات المتتالية أمام زحف طالبان أوراق قبول وختم شرعية لطالبان وكان أخرها حين انهارت قوات أحمد مسعود الابن كما انهار الجيش الأفغاني وإن كانت الأسباب مختلفة فقد نفذت ذخيرة رجال مسعود سريعاً أو كان هذا مسوغ الانكسار السريع؛ وما يستحق التوقف والتمحيص هو الانهيار السريع للجيش الأفغاني أمام طالبان.

 يتفق الكثير من المراقبين العسكريين على جملة من عوامل وخلفيات التقهقر السريع للجيش الأفغاني وانهياره المفاجئ خلال عشرة أيام فقط، لم تبد خلالها القوات الحكومية أي قدرة على كبح زحف طالبان مما يوحي بحجم الأخطاء التي ارتكبتها واشنطن وحكومة كابل وتتلخص في :

1-معدات حديثة تستحيل إدارتها ناهيك عن صيانتها، فأنظمة التسلح كانت متطورة بدرجة كانت تتجاوز قدرات الجنود الأفغان الذين يعاني أغلبهم من الأمية ومن ضعف المستوى التعليمي.

2- بالغت واشنطن في تقييم الجيش الأفغاني بالقول إنه يتكون من 300 ألف فرد، متفوقة على طالبان التي لا تحصي سوى 70 ألف مقاتل. بنسبة (4 مقابل 1)، والحقيقة أن الجاهزية كانت منهارة إلا إذا ما استثنينا القوة الجوية، فإن قدرة الجيش الأفغاني لا تتجاوز 96 ألف فرد.

3-الانسحاب الأمريكي العجول؛ فقد ماتت الروح المعنوية الأفغانية قبل سقوط كابل بنصف عقد ، فالانسحاب الأمريكي كان مقررا في 2016م، غير أن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، خفض نهاية العام الماضي القوات إلى 2500 جندي. ثم انهارت كلية على يد بايدن وخطط الدعم السخيفة التي أفصح عنها  وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن  حيث  لوح من كابول في مايو 2021م، إلى إمكانية مساعدة القوات الجوية الأفغانية "عن بُعد"، لصيانة الطائرات،  وتدريب افتراضي  عبر منصة "زوم" الرقمية في غياب أجهزة كمبيوتر أو هواتف ذكية مناسبة ومتصلة بشبكة إنترنت "واي - فاي"  فيما كانت طلقات نيران طالبان تخط الأفق كل ليلة.

4ــ انتشار الفساد داخل صفوف قوات الأمن الأفغانية والذي كان استثمار رابح لطالبان حيث كان القادة يقومون بشكل منتظم بنهب الأموال المخصصة لقواتهم، وقيامهم حتى ببيع الأسلحة في السوق السوداء.

5-  حرب طالبان النفسية الناجحة التي أثرت على عوام  شعبوهم عبر القوة الناعمة ووسائل التواصل الاجتماعي التي ساعدت على نشر طالبان لمقاطع سيطرتهم على القواعد العسكرية .

6- الصراع الأمريكي- الأمريكي والذي يتعدى الرغبة الشعبية بسلامة أبنائهم ضد الرغبة في عدم إهدار 20 عامًا في انسحاب عجول، حيث وصل الصراع إلى تصادم بين البنتاغون الذي دعم جيش الحكومة الأفغانية، وبين وكالة المخابرات الأميركية التي راهنت على طالبان بعد خراب البصرة وسلمته الأسلحة ، فالفرار من قدرهم  في  مأزق صناعة بديل  مناسب  لمشروعهم في أفغانستان  أعادوا صناعة طالبان ليكونوا ضمن أمور عدة  شوكة على طريق الحرير ولغم على الحدود الإيرانية فواشنطن جعلت طالبان وهي الحركة الإسلامية المتشددة  على حدود الصين وروسيا وقطعت أوصال تحالف شنغهاي ومنعت مد طريق الحرير إلى المياه الدافئة  في الخليج العربي، وهي لغم بين طهران وكابل فهناك خشية إيرانية من تقديم جارتها الشرقية على طبق من ذهب لمنافستها الإقليمية السعودية، خصوصًا أن بين الحدود مدفونة الخلافات على الأقلية الشيعية الأفغانية، وخلافات على المياه بين الدولتين وخلافات على تهريب الأفيون الأفغاني لأوروبا عبر إيران.

7- أما  تبعات الانسحاب الأمريكي فأولها أن انتصار طالبان سواء سميت حركة جهادية، أو حركة تحرر وطني، أو حركة إرهابية سيكون ملهم بالدفعة المعنوية التي قد تكون منحتها انتصارات حركة طالبان المتشددة للمتطرفين في أكثر من نقطة في العالم و شجعت المتطرفين على محاولة الجماعات الجهادية استنساخ السيناريو الأفغاني في منطقة الساحل الإفريقي  واليمن والعراق وسوريا والتي تتقهقر فيها بالفعل الجيوش الوطنية. وثانيها أن أمريكا لا يمكن الوثوق بها بعد الآن وعليه كان مؤتمر الجوار العراقي في بغداد نهاية أغسطس 2021م، لتدارك الفارغ الاستراتيجي الذي ستخلفه. ثالثًا بعد انتصار طالبان تبدو  أمريكا نمر من ورق في عين صانع القرار السياسي في طهران .

من هي طالبان عسكرياً؟

1- القوى البشرية

في استشراف أمريكي مؤكد، صرح الرئيس الأمريكي جو بايدن  في  مايو 2021م، بأن حركة  طالبان  قد وصلت في الوقت الحالي إلى أقوى مستوى لها عسكريًا منذ عام 2001. مما يظهر النية الأمريكية على ترك قدرات عسكرية "غير مسبوقة" بعد الانسحاب بأيدي طالبان؛ ففي خريطة أفغانستان العسكرية بعد سقوط كابل يمكننا القول بقوة القوى البشرية لأفغانستان طالبان ، وعلى رأس تلك القوة المليشيات التي أهلتها الحروب اللامتماثلة ضد الأمريكان والناتو طوال عشرين عام . وبعد هزيمة أحمد مسعود ستنقل البندقية من كتف إلى كتف أعنف وحدة قتالية أفغانية ،حيث ستنظم إلى طالبان القوات الخاصة الأفغانية، التي تُعرف محلياً باسمها التقليدي "الكوماندوس، وكانت تشكل حوالي 7 بالمائة من مجموع أفراد الجيش الأفغاني،  وهم  بحدود 20 ألف مقاتل.  يشجعهم على ذلك تعهد حركة "طالبان" بالعفو الفوري عن القوات الأفغانية التي كانت تقاتلها وعدم تنفيذ عمليات تطهير ضد أي عسكريين. فأفراد "الكوماندوس الأفغانية خضعوا لنفس تدريبات الوحدات الأمريكية بما في ذلك تدريبات الـ14 أسبوعاً، وتلقت تسلحاً خاصة، في مجال الاتصالات والحرب عبر الطائرات المُسيرة والأسلحة  الليزرية والحرارية، وقيل أنها  كانت قادرة على الاحتفاظ بالعاصمة كابل لشهور، لكن الانهيار السياسي والفوضى اللوجستية لمختلف القطاعات المُساندة، دفعها للانسحاب نحو وادي بانشير. سيكون هناك نقطة ضعفها بعد انضوائها في جناح طالبان ثم نقص الدعم اللوجستي كما في المواجهات السابقة، فقد كانت هناك مراكز إدارة وتواصل وإمداد منظمة تزودها بالمعلومات والإحداثيات والسلاح بشكل متدفق أثناء تلك المعارك . كما أن القيادة ستكون بيد رجال طالبان .

  2-ترسانة طالبان

كاستيلاء تنظيم داعش على أسلحة القوات العراقية التي لم تبدِ مقاومة تُذكر في 2014.سقطت في يد طالبان الأسلحة الأمريكية 2021م، وهي أسلحة متطورة ومهولة الكميات، فمن عام 2002 إلى 2017م، منحت  واشنطن الجيش الأفغاني أسلحة تقدر قيمتها بنحو 28 مليار دولار وتشمل بنادق ونظارات للرؤية الليلية وطائرات عددها  208 طائرات في الفترة بين عامي 2003 و 2016م. وكانت جدواها فرار طياريها بها فما بين 40 و50 طائرة وصلت لأوزبكستان يقودها طيارون أفغان يسعون للجوء. أما مغارة علي بابا في قاعدة باغرام الجوية فقد وصف المحللون الوضع ببساطة وهو أن "من يستحوذ على باغرام يستحوذ على كابل" ،وبالفعل تمكنت طالبان من أن تسيطر على القاعدة  وفيها ثروة من الأسلحة  انهمرت من أمريكا عبر  83 مليار دولار منذ عام 2001م، في تجهيز وتدريب وتسليح الجيش الأفغاني وفي تزويده بالمعدات والأسلحة المتقدمة. وقد منحت الولايات المتحدة القوات الأفغانية ما يقرب من 20000 بندقية من طراز "M16" في عام 2017م، ثم ساهمت بعد ذلك بما لا يقل عن 3598 بندقية من طراز M4 و3012 عربة هامفي من بين معدات أخرى لقوات الأمن الأفغانية بين عامي 2017 و2021م. وأغلب هذا العتاد العسكري اليوم أصبح بأيدي طالبان. ومن بين أهم الأسلحة

1 -طائرة. A-29 Super Tucano الهجومية الخفيفة.

  1. 2. مروحية UH-60  بلاك هوك.

 3 -طائرة. ScanEagle من دون طيار عسكرية صغيرة.

4 -طائرة. MD-530F هجومية خفيفة.

  1. 5. المركبات المقاومة للألغام (MRAPs).

6 جيب M1151 هامفي همر أيقونة حرب تحرير الكويت .

  1. 7. نظام سلاح القناصة M24 Sniper.
  2. 8. بندقية M18 ب طلقة واحدة يمكنها إطلاق النار على الدبابة والأفراد بدقة عالية.

9 M4  كاربين وهو سلاح يسمح النظام بتزويد البندقية بجهاز ليزر.

10ـ قاذفة قنابل يدوية شديدة الانفجار عيار 40 ملم.

 لقد كان الجيش الأفغاني، الذي تدعمه الولايات المتحدة الأمريكية، يصنف في المرتبة رقم 75 عالميًا، وفقا لموقع "غلوبال فاير بور" الأمريكي، ومن الصعوبة القول أنه قد تراجع بعد استحواذ طالبان على مكانته فقد أضافت له جيش آخر برجاله وسلاحه.

 تحديات الهياكل العسكرية الداخلية

 رغم تشكل جبهة المقاومة الوطنية، وهي جماعة المعارضة الرئيسية لطالبان، في منطقة وادي بانشير قرب العاصمة الأفغانية، وهي المنطقة التي فشلت طالبان وقبلها القوات السوفياتية في السيطرة عليها. إلا أن سيطرة  طالبان على  بنجشير الأسطوري والحصين، بتلك السرعة والسهولة، يعني  أن قوة طالبان ليست مجرد  قدرات عسكرية، بل و تملك  القبول والشرعية. فقد انهارت قوات أحمد مسعود الابن كما انهار الجيش الأفغاني وإن كانت الأسباب مختلفة فقد نفذت ذخيرة رجال مسعود الابن سريعًا أو هذا كان مسوغ الانكسار السريع لعدد قليل  من الرجال؛ و يمكن ترجيح توازنات القوى  لمصلحة طالبان بيسر للاستقرار المالي ، وسيطرتها الميدانية الواسعة في أفغانستان، وامتلاكها قدرات تسليحية عالية. لكن هناك تحديات هياكل عسكرية يمكن أن تتشكل من الداخل، كالأقليات المستقطبة في الشمال بين الروس ومنظومته الموالية في آسيا الوسطى ثم الأتراك، وقومية الهزارة الشيعة وإيران، فكيف ستتعامل معهم الحركة بدون دستور  جامع الذي يرتضيه  كل الأطياف.

 تحديات الجوار العسكري والجوار السياسي لأفغانستان

1-   تحديات الجوار العسكري لأفغانستان   

تتجاوز مساحة أفغانستان 652 ألف كم مربع، ويصل طول حدودها المشتركة مع جيرانها إلى 5900 كم، وفيها 46 مطارًا عسكريًا.  وقد سيطرت طالبان على السلطة في أفغانستان، يوم 15 أغسطس  2021م، وهو ما يفتح الباب أمام مرحلة جديدة بين أفغانستان والدول المجاورة لها؛ وتحيط بها  جيوش عدة دول بعضها تصنف ضمن أقوى جيوش العالم، كالصيني والباكستاني والإيراني.  الجيش الصيني يصنف في المرتبة الثالثة عالميًا، والجيش الباكستاني يصنف في المرتبة رقم 10 عالميًا، والجيش الإيراني يحتل المرتبة رقم 14 عالميًا، وجيش أوزبكستان يحتل المرتبة رقم 51 بين أقوى 140 جيشًا في العالم. أما  قدرات جيش تركمانستان فجعلته في  المرتبة رقم 86 عالميًا، و جيش طاجيكستان يصنف في المرتبة رقم 99 عالميًا. 

2-تحديات الجوار السياسي لأفغانستان   

حين سقطت كان هناك ترحيبًا محيرًا بطالبان من جوارها الإقليمي  وهي حركة إرهابية  حتى الأمس، وكأن مس من السحر قد تلبس العالم  ونحن نكتشف أن لها أصدقاء مثلما لها أعداء ، فأفغانستان دولة حبيسة ليس لديها أي شواطئ، و تمتلك  حدودًا قصيرة مع الصين، في منطقة سنجان وقد رفعت الحركة يدها عن مسلمي الصين المتمركزين داخل المدن الصينية المتاخمة للحدود الأفغانية وكأن المجاهدين الجدد يسيرون نحو علاقات براغماتية تحمي مصالحهم. بل إن المتحدث باسم طالبان ذبيح الله مجاهد قال مجاهد: "نريد الحفاظ على علاقات جيدة مع الصين وجميع الدول وسنسعى لتطوير العلاقات الاقتصادية والودية.

كما أن علاقات إيران مع طالبان، مميزة وقد تحولت هذه العلاقة من العداء الكامل إلى التعاون متعدد الأوجه عماده مقاومة الوجود العسكري الغربي في أفغانستان، والالتزام المشترك الظاهري بمكافحة تنظيم “داعش”، وغيره يمكن أن يؤدي التقارب  إلى توسعة التعاون   في قضايا  الحد من   المخدرات وقضايا المياه التي تعاني منها المحافظات الإيرانية . أما باكستان فلديها علاقات فريدة مع أفغانستان، فهي شريك تجاري مهم وصلات ثقافية وعرقية ودينية تربط بينهما. ووصف حامد قرضاي، الرئيس الأفغاني السابق، بلاده وباكستان بأنهما "شقيقان لا يفترقان. ومعظم قادة طالبان لا يزالون مدينين لباكستان؛ وتعلم الهند أن سيطرة طالبان على كابول تعني أنها يجب أن تقل حتى لا تسبقها باكستان المنخرطة في الشأن الأفغاني  لكن الهند لديها مئات الأسباب التي تمنعها من التدخل العسكري والاكتفاء بالدعاء أن تسقط إسلام أباد في المستنقع الذي سقط فيه القادمون من بعيد ونجحت باكستان في تحاشيه.

الأفق الأفغاني  القريب مع طالبان

1-الدولة الإسلامية ولاية خراسان ومن على شاكلتها

نفذ فرع محلي من تنظيم الدولة الإسلامية لهجوم على بوابة مطار كابول فراح ضحيته أكثر من 100 من الرجال والنساء والأطفال الأبرياء، في منطقة تسيطر عليها طالبان. وهذا يشير إلى أن طالبان غير قادرة على منع منظمة إرهابية من العمل في أفغانستان. كما يشير إلى أن ولاية خراسان لديها القدرة على مهاجمة  طالبان. ويرى بعض المراقبين أن أمريكا حققت أهدافها المعلنة إذ أنها ألزمت طالبان بأن لا تقبل وجود جماعات تهدد أمنها. وأن طالبان ستحارب بالنيابة عن أمريكا كل من القاعدة وداعش بدلًا عنها، وستعاقبها أمريكا عن بعد إذا أخلت بالاتفاق

2- صراع أم تفاهم روسي ــ أمريكي

  منذ سقوط كابول في أيدي طالبان  ظهرت سيناريوهات الصراع المستقبلية على الأرض الأفغانية بين القوى الدولية، ووضح جلياً وجود تفاهمات بين طالبان وموسكو. وقد لاحظ مراقب  ضبط النفس الروسي حد إبقاء موسكو على كافة عناصرها داخل السفارة، وإطلاق تصريحات إيجابية عن نهج الحركة الجديد. فهل تم ذلك بالتراضي الروسي ــ الأمريكي من حيث أن المصالح الأمريكية تقتضي التنازل عن الأراضي الأفغانية ونقلها من الملعب الأمريكي إلى الملعب الروسي، في خطوة تستهدف تحييد الأخيرة في حرب واشنطن الاقتصادية ضد العملاق الصيني، خاصة أنه من الصعب على واشنطن الحرب على جبهتين.  

 3- التقرب التركي

قبل سقوط كابل كانت أنقرة تخطط لاستلام مطار كابل وحماية الانسحاب الغربي بحكم تواجدها هناك وبحكم أنها العضو المسلم الوحيد من حلف الناتو ، وكان من ضمن التخطط أن تقوم  بحماية المطار شركة أمنية تركية جل منتسبيها من السوريين الذين سبق أن دعموا مشاريع تركيا الأمنية في ليبيا وأذربيجان .بل إنه كان هناك تفاهم تركي باكستاني حيال الأمر وأن إسلام أباد وأنقرة على اتصال مع بعضهما البعض بشأن الشأن الأفغاني، من باب إذا تمكنت تركيا  في إحلال السلام والاستقرار في أفغانستان  فإن ذلك  يؤدي إلى تخفيف العبء عن بقية المجتمع الدولي، كما ستساعد الأفغان. ثم مدت أنقرة يدها للدوحة التي أدارت بنجاح مفاوضات الخروج الأمريكي من أفغانستان وظهر تعاون لمساعدة  الأفغان في  تقديم الدعم الفني أو الأمني أو التشغيلي للمطار.

الغياب الخليجي مفهوم لكن غير مبرر

 عاشت دول مجلس التعاون الخليجي حالة من الترقب الشديد عشية إعلان حركة طالبان سيطرتها على أفغانستان، باستثناء قطر التي لعبت لسنوات دور الوسيط بين الحركة وواشنطن. ويتخوف صانع القرار الخليجي من التطورات الأخيرة بحكم أن  أفغانستان من خطوط الجوار الخليجي وإن لم تكن قريبة وعليه بدرجة ما ستنعكس آلياً على المنطقة  الخليجية ما حصل في أفغانستان فقد يعيد الثقة إلى التنظيمات الإرهابية والأصولية مؤكدا أن الجهاد قد يكون وسيلة لإثبات الذات وتحقيق الأهداف السياسية، و رغم أن دول الخليج عانت من أفغانستان برمته، إلا أنها حاولت لعب دور الوسيط  لكن  لم تنجح إلا قطر التي لعبت دوراً محورياً في السياسة الأفغانية استضافت مكتب حركة طالبان منذ عام 2013م، بالتنسيق الضمني مع واشنطن وجولات عدة من المفاوضات على مرّ السنين الماضية.

 والقلق نفسه عم الشارع الخليجي بين مؤيد لطالبان ومناهض لها بحكم موقفها السابق من القاعدة وابن لادن ، كما لا يمكن إغفال أن هناك جالية افغانية كبيرة قد تكون يدًا لطالبان في دول الخليج ، حيث إن مجموع الأفغان في دول الخليج الست يقترب من نحو ربع مليون أفغاني. وخريطة الجاليات الأفغانية  تظهر أنهم في  الإمارات العربية المتحدة   نحو 126 ألف أفغاني وفي  المملكة العربية السعودية نحو 26 ألف أفغاني، وفي الكويت 18 ألف أفغاني وفي قطر نحو 6 آلاف أقل في كل من البحرين وسلطنة عمان،

باستثناء ما قامت به دولة قطر الشقيقة، هناك غياب خليجي واضح لم يتعد أعمال الإغاثة بطائرات محملة بالأدوية ومواد الإعاشة، وهو حذر مبرر من جانب الخليجيين فالمستنقع الأفغاني كان جزءًا من مآسي دول الخليج بإفرازاته السامة من الإرهابيين العرب والخليجيين. ومن دون مساعدات أمريكية تسقط الدول الموالية لها  مما يجعل من الضروري مراجعة دوائر الأمن الخليجية ، فقد كان من استراتيجيات البقاء التي مارستها دول مجلس التعاون الخليجي تبنِّي نظام الدوائر الأمنية، التي تبدأ بدائرة الدفاع الذاتي لكل دولة ثم دائرة الأمن الجماعي مع دول الخليج ، ثم الدائرة العربية، تليها دائرة الحلفاء، وأخيرًا دائرة الأصدقاء. ومن درس أفغانستان تتقدم دائرة  إعطاء الأولوية  لتعميق التعاون العسكري الخليجي وربط الجيوش الخليجية سيرًا نحو الجيش الخليجي الموحد ربما  بقرار استراتيجي  اقوى مما سبق طرحه وكأن محيط دول مجلس التعاون خاليًا من التحديات فتهاون واشنطن مع الخروقات الإيرانية، بالنشاط التخريبي  في مضيق هرمز ومحيط بحر العرب وخليج عمان. واليمن هو تكرار للانسحاب من أفغانستان ولو كان بصورة أقل.

وأخيرًا فإن الخطأ الأمريكي قد تدفع أمريكا ثمنه، لكن  يشاركها دفع ثمنه شركاؤها أيضًا. 

مقالات لنفس الكاتب