; logged out
الرئيسية / نموذج إنمائي مقترح للخروج من الأزمة وتعزيز النمو مستقبلاً

العدد 169

نموذج إنمائي مقترح للخروج من الأزمة وتعزيز النمو مستقبلاً

الخميس، 30 كانون1/ديسمبر 2021

 

من أهم الدروس المستفادة من الأزمة الاقتصادية الناجمة عن جائحة كوفيد -19 أن اعتماد دول مجلس التعاون الخليجي على الإيرادات النفطية يمثل أهم قنوات انتقال المخاطر والصدمات الخارجية، إلى الداخل، ولم يحل دون تفاقم الأزمات الداخلية والخسائر الناجمة عن تلك الأزمة سوى سرعة توفير اللقاحات وإتاحة خدمات الرعاية الصحية عمومًا، وجودة البنية التحتية وتوافر الخدمات الرقمية.

 

وفي تقرير صادم حول توقعات صندوق النقد لمستقبل الحقبة النفطية توقع الصندوق أن تواجه دول الخليج تحديات مالية كبيرة مستقبلاً، وعليها أن تتأقلم مع الطلب الضعيف على النفط، ويذكر أن تراجع أسعار النفط ما بين عام 2014وعام 2018 م، أفقد هذه الدول 300 مليار دولار من ثرواتها المالية، وهذا التراجع مرشح للاستمرار، حسب تقديرات الصندوق، وقد تزامن مع هذه الأحداث أن ارتفعت ديون دول مجلس التعاون الخليجي من 100 مليار دولار في 2014 إلى 400 مليار دولار في 2018م.

 

التكيف مع انخفاض أسعار النفط لن يكفي وحده في دول الخليج

 

يتمثل التحدي الاقتصادي الأساسي، الذي يواجه دول مجلس التعاون الست، في تراجع الإيرادات النفطية عن ملاحقة الزيادات المطردة في النفقات العامة، مما أسفر عن زيادة كبيرة في عجز الموازنات العامة، وتباطؤ معدلات النمو في الوقت الذي يحتاج فيه المواطنون الشباب إلى مزيد من فرص العمل.

 

وقد تعاملت دول الخليج مع هذه القضايا بطرق مدروسة حتى لا تكون لها نتائج اقتصادية وسياسية واجتماعية سلبية على المدى الطويل، خاصة بعد تعود المواطن الخليجي على الدعم الحكومي وعلى الضرائب المنخفضة، وعمدت دول المجلس إلى تبنى استراتيجيات وخطط جديدة، تزامنًا مع أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة عام 2015م، حيث أطلقت خططًا تنموية بنيت على رؤى استراتيجية جديدة ، تأخذ في الاعتبار عدم ديمومة النفط  كمصدر للناتج الوطني، متطلعة إلى إدخال إصلاحات هيكلية على المالية العامة للدولة، وتنويع هياكل اقتصاداتها بعيدًا عن القطاع النفطي، وشرعت في مشاريع لتنويع اقتصادياتها كما أعلنت عن إصلاحات من بينها خفض الدعم الحكومي ورفع أسعار الطاقة وفرض ضريبة القيمة المضافة، وغيرها لزيادة الإيرادات السيادية للدولة بعيدًا عن الفوائض النفطية، وشملت الإصلاحات، الحد من دور القطاع العام، بعدة طرق منها الخصخصة والشراكات مع القطاع الخاص؛ وتحسين مناخ الأعمال بتحسين التنظيم، ورفع كفاءة الخدمات الحكومية لتشجيع تدفق الاستثمارات الأجنبية؛ وتشجيع المواطنين على العمل في القطاع الخاص بتحديث بنية منشآته، وإمداد قوة العمل بالمعرفة والمهارات الحديثة.

 

وفي مجال تحقيق استدامة المالية العامة وضبط الإنفاق العام، خفضت الحكومات مستويات الدين والعجز، مع حماية النمو والوظائف، ومراجعة التعامل مع الإنفاق الحكومي بالغ الارتفاع، ما تطلب تخفيض مستوى الإنفاق وإعادة النظر في الدور التقليدي للحكومة في وسائل إتاحة الخدمات العامة وتوفير فرص العمل في القطاع الخاص، ولضمان الحفاظ على حيوية النشاط الاقتصادي، سعت دول المنطقة إلى إجراء تخفيضات في الإنفاق على الدعم وفاتورة أجور القطاع العام، فضلا عن إعادة توجيه الإعانات للفئات الأشد احتياجًا وحماية الاستثمارات الخاصة الداعمة للنمو.

 وفي مجال توفير السيولة لدعم الاستقرار والنمو في دول مجلس التعاون الخليجي، فيتم عن طريق تحسين أداء البنوك المركزية وتأكيد دورها في الإشراف على السياسة النقدية وضبط أداء الجهاز المصرفي لضمان تدفق الأموال من الوحدات ذات الفائض إلى الوحدات التي تحتاج مزيد من الأموال لتنفيذ استثماراتها المختلفة، وهو ما يتطلب تحديث النظام المالي بشقيه الأسواق المالية من ناحية ومؤسسات الوساطة المالية من ناحية أخرى.

 

جائحة كوفيد -19 تفرض تحديات جديدة على دول مجلس التعاون

 

تعد الأزمة الاقتصادية الناجمة عن جائحة كوفيد-19 الصدمة الأكبر والأعمق من نوعها في التاريخ الحديث، وهناك مخاوف من أن تلحق ضررًا طويل المدى في الاقتصاد العالمي، بتكلفة إنسانية واقتصادية تفوق التصور. غير أن السياسات الفعالة والتحرك الحاسم يمكن أن تجنب بلدان المنطقة مغبة الدخول في عِقد ضائع وتتيح لها الخروج من الجائحة بآفاق قوية لمستقبل مزدهر وشامل للجميع وأكثر صلابة في مواجهة الصدمات.

 

مراجعات أساسية في التوجهات الاقتصادية بعد الجائحة

 

فيما تدخل بلدان المنطقة سباقاً مع الزمن لتنوع في بنائها الاقتصادي وتحقق استدامة طويلة الأجل لمالية الدولة، جاءت جائحة كوفيد – 19 لتفرض واقعًا صعبًا كان على الحكومات أن تعيش حالة من الطوارئ الصحية، وأضافت أبعادًا جديدة للتحديات التي تواجه دول مجلس التعاون في تحولها إلى حقبة جديدة من التنمية بعيدًا عن الاقتصاد النفطي الريعي، حيث يتعين عليها البحث عن سبل لاحتواء الخسائر الاقتصادية والاجتماعية، والعمل بصورة عاجلة على إعادة خطط التنمية إلى مسارها من جديد.

 

الأهداف الاستراتيجية للنموذج المقترح

 

  1. إعادة النظر في دور الدولة في النشاط الاقتصادي والعدالة الاجتماعية

أصبحت مراجعة دور الدولة في النشاط الاقتصادي في دول مجلس التعاون لدول الخليج، حتميًا، ليتمشى مع الأوضاع الاقتصادية الجديدة، بعد أن مرت عدة عقود من الوفرة المالية المترتبة على الفوائض البترولية، ولا تزال الفرصة سانحة لإعادة النظر في العقود الاجتماعية وإعادة توجيهها لخدمة أهداف الرعاية الصحية والنهوض بالتعليم، وتوسيع نطاق شبكات الأمان الاجتماعي وزيادة جودتها، وإعادة النظر أيضاً في دور إعانات الدعم وكفاءتها. وفي الوقت نفسه، بات من الضروري إعادة تقييم الأهداف الأساسية للمؤسسات المملوكة للدولة على نحو شامل— نظرًا لبصمتها الكبيرة في المنطقة وهيكل حوكمتها، إلى جانب تنفيذ إصلاحات تنظيمية داعمة للمنافسة، وذلك لتحديد مخاطر المالية العامة والحد منها وتشجيع الابتكار والنمو في القطاع الخاص.

  • تقوية ديناميكية القطاع الخاص

 

وفيما يتعلق بتقوية ديناميكية القطاع الخاص، بعيدًا عن الاعتماد على الإنفاق الحكومي كمحرك للنشاط الاقتصادي، فيأتي الحد من دور القطاع العام على رأس الإصلاحات الأساسية، ويمكن تحقيق ذلك بعدة طرق منها الخصخصة والشراكات مع القطاع الخاص؛ وتحسين مناخ الأعمال بتحسين التنظيم، ورفع كفاءة الخدمات الحكومية لتشجيع الاستثمارات الأجنبية والمحلية؛ وتشجيع المواطنين على العمل في القطاع الخاص عن طريق تقديم مستوى أفضل من التعليم والتدريب.

كما يمكن التوسع في مساهمات القطاع الخاص في التشغيل والإنتاج من خلال الحد من التوسع لوظائف القطاع العام والمساعدة في توفير وظائف عالية الجودة في القطاع الخاص، خاصة وأن أهم سمات ظاهرة البطالة في دول المنطقة أنها مشكلة هيكلية ناتجة عن الفجوة القائمة بين جانبي الطلب على العمل وعرض قوة العمل في السوق، حيث يتجزأ سوق العمل بين العمل الجاذب للمواطنين في الحكومة، والعمل في القطاع الخاص غير الموات للمواطنين، مما أدى إلى تشبًع القطاع الحكومي بعمالة زائدة، في الوقت الذي يتسم العمل بالقطاع الخاص بمتطلبات ومواصفات مهارية وتكنولوجية وقيم عمل معينة لازمة لأداء الأعمال

 

  • تعزيز الحماية الاجتماعية بتطبيق سبل الضمان الاجتماعي الحديثة

 

أما فيما يتعلق بتعزيز الحماية الاجتماعية فتشمل مراجعة سياسات الدعم الحكومي وتوفير الخدمات العامة بالتمويل من الموازنة العامة، وتطوير سياسات التوظف الحكومي حتى لا تكون وسيلة لإعادة توزيع الثروة والدخل الذي يجب أن يتم بتطبيق نظم حديثة في توفير الخدمات العامة والرعاية الاجتماعية والتعليم والصحة، إضافة إلى تطبيق سبل الضمان الاجتماعي الحديثة ويكفي أن نشير في هذا الصدد إلى الدول الاسكندنافية التي تعد دول رفاه اجتماعي دون أن تلجأ إلى توظيف مواطنيها في القطاع الحكومي، ولكنها توفر قدراً كبيراً من الخدمات العامة والرعاية الصحية والتعليم والحماية الاجتماعية، مع توفير فرص عمل واسعة بالمنشآت الخاصة.

تبقى بعد ذلك سياسات الحماية الاجتماعية للعاملين بالحكومة والقطاع الخاص، والتي تتطلب تطوير نظام التأمينات الاجتماعية ومعاشات التقاعد لتصبح تحت إطار منظومة واحدة، توفر للجميع حماية تأمينية شاملة ضد العجز والشيخوخة والوفاة، وكذلك إدخال نظام تأمين البطالة بالقطاع الخاص، وتطوير نظم التأمين الصحي للعاملين بالقطاع الخاص سواء كانوا وطنيين أم وافدين.

 

سياسات الاستراتيجية المقترحة

أولاً: الانفتاح التجاري والاستثمارات الأجنبية

يمكن دعم التوجه الاستراتيجي لتنويع هياكل الاقتصادات الوطنية في مجلس التعاون الخليجي، من خلال زيادة الانفتاح التجاري والاستثمارات الأجنبية، حيث أن زيادة الانفتاح للتجارة والاستثمار الأجنبي يمكن أن تؤدي إلى رفع معدل النمو في مجلس التعاون الخليجي من خلال خلق الوظائف، وتعزيز الإنتاجية باستخدام التكنولوجيات الجديدة، وتشجيع المعرفة، وإيجاد مناخ أعمال أكثر تنافسية

ورغم أن دول مجلس التعاون منفتحة على التجارة الخارجية بحكم طبيعة الاقتصاد القائم على إنتاج وتصدير النفط الخام واستيراد العديد من المنتجات السلعية والخدمية الاستهلاكية والإنتاجية، ولكنها أقل انفتاحاً بكثير للاستثمار الأجنبي المباشر. فهي تواصل التوسع في التجارة الخارجية، لكن التدفقات الداخلة من الاستثمار الأجنبي المباشر تباطأت في السنوات الأخيرة رغم الجهود المبذولة على صعيد السياسات لتخفيض الحواجز الإدارية وتقديم حوافز لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر.

ويتطلب تشجيع الصادرات غير النفطية وجذب المزيد من الاستثمار الأجنبي المباشر سياسات داعمة: على رأسها الاستثمار في رأس المال البشري، وهو ما يساعد على زيادة الإنتاجية ورفع القدرة التنافسية، كما أن تحسين مناخ الأعمال، وتخفيض الحواجز المتبقية أمام التجارة الخارجية والاستثمار الأجنبي سيدعم النمو من خلال محركات داخلية بعيدة عن القطاع النفطي والإنفاق الحكومي.

ثانيًا: تطوير النظم التمويلية

يمثل تطور وشمول النظم المالية في مجلس التعاون الخليجي أحد مجالات الإصلاح الرئيسة في سعي تلك الدول لنمو قوي ومستقر واحتوائي، وقد شهدت النظم المالية تطوراً كبيراً في دول المجلس على مدار العقود الماضية، لكن المجال لا يزال متاحاً لتحقيق تقدم أكبر، خاصة دعم التقدم المحرز في إرساء الشمول المالي (أي جعل الخدمات المالية متاحة على نطاق أوسع لكل أفراد المجتمع)، حيث لا تزال هناك فجوات باقية في بعض المجالات الأساسية، وخاصة إتاحة التمويل للمشروعات الصغيرة والمتوسطة والنساء والشباب، بما في ذلك تشجيع المنافسة في القطاع المالي، وتحسين حوكمة المشروعات الصغيرة والمتوسطة، بما يدعم النمو المستهدف.

 

 ويعتبر تمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة تحديًا إنمائيًا رئيسيًا للسلطات النقدية في دول مجلس التعاون. وتشير التقديرات إلى أن المنشآت الصغيرة والمتوسطة تشكل نحو 90 % من الشركات المسجلة في المملكة العربية السعودية وتوفر 25 %من مجموع العمالة، ونصيبها 2 %من الإقراض المصرفي. وتواجه المنشآت الصغيرة والمتوسطة تحديات في الحصول على التمويل بسبب محدودية البيانات عن وضعها المالي، فضلاً على نقص الضمانات. فالمنشآت الصغيرة والمتوسطة تعتمد اعتمادًا كبيرًا على البنوك للتمويل وتحتاج إلى مجموعة متنوعة من الخدمات الإضافية، بما في ذلك إدارة النقدية والمدفوعات والتأمين وخبرة إدارية في كثير من الأحيان.

ثالثًا: تحقيق الاستدامة في المالية العامة

ترتب على ارتفاع أسعار النفط في الحقبة البترولية السابقة، زيادات في الإنفاق العام، مما أدى إلى تفاقم التقلبات في الاقتصاد غير النفطي، نظرًا لارتباطه العضوي بالفوائض النفطية، والإنفاق الحكومي بالتالي، وفي مواجهة هذا الوضع، يجب التركيز على العجز الأولي غير المرتبط بالصادرات النفطية، (النفقات مطروحًا منها الإيرادات غير النفطية) باعتبار ذلك أفضل السبل، لفصل سياسة المالية العامة عن تقلبات أسعار النفط، وعن الاتجاهات الدورية في الاقتصاد العالمي. وفي هذا الصدد سعت كثير من حكومات المنطقة إلى وضع برنامج للاستدامة المالية لفصل قرارات الإنفاق عن التقلبات الدورية في الإيرادات النفطية وغير النفطية وتعيين حد أدنى لمستويات الودائع المالية على مستوى الحكومة المركزية.

 

رابعًا: تعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص والتخصيص

 

ويعني هذا البعد بزيادة حجم الشراكات بين القطاعين العام والخاص، ورصد مجموعة من أصولها الحالية للبيع المحتمل، وذلك بغرض زيادة مشاركة القطاع الخاص في الصناعات الرئيسية ومشروعات البنية التحتية، والخدمات العامة.

مع وضع إطارًا تنظيميًا للشراكات بين القطاعين العام والخاص وعمليات التخصيص، بما في ذلك توفير الحماية للشركات الخاصة والمستثمرين الأجانب، كما يعفي مشروعات التخصيص من متطلبات التوطين. حيث يمكن أن يساهم ذلك في زيادة كفاءة توزيع رأس المال وتقديم الخدمات على مستوى الحكومة.

 

الخلاصة

خلاصة القول إن التداعيات الاقتصادية التي شهدها العالم عام 2020م، ولم يتعاف منها طوال العام المنصرم 2021م، تعد إيذانًا بمتغيرات جديدة، ستؤثر على النظام الاقتصادي العالمي. وعلى مستوى اقتصادات دول مجلس التعاون، أكدت تداعيات الجائحة أن تحولها باتجاه اقتصاد يرتكز في توليد القيمة المضافة على أنشطة اقتصادية حديثة تعتمد على المعرفة ورأس المال البشري كأهم المدخلات، بعيدًا عن الأنشطة التي تعتمد على المدخلات من الموارد الطبيعية، لم يعد مطلبًا تفرضه طبيعة التحولات في أسعار النفط والغاز فحسب، بل ضرورة تفرضها تبعات الأزمة العالمية التي نجمت عن الجائحة.

من ناحية أخرى أصبح متحقق الاستدامة المالية العامة مطلبًا ملحًا بعد أزمة كوفيد-19، التي أكدت أن أهم مصادر عدم الاستقرار الاقتصادي إنما يتأتى من شدة الانفتاح على العالم الخارجي نتيجة ارتكاز الاقتصادات الوطنية على الصادرات النفطية، وأن سلاسل الإمدادات التي ربطت العالم بعلاقات تجارية متشابكة، يمكن أن تتراجع أمام الأزمات المالية التي تضرب الاقتصاد العالمي كل حين.

ولعل أخر ما أسفرت عنه الجائحة من تحولات عالمية يتعلق بدور الحكومات في النشاط الاقتصادي، فلم يعد الأمر متعلقًا بالأيدلوجية التي تؤمن بها الدول بقدر ما أصبحت ضرورة تفرضها تعرض الاقتصادات لأزمات غير مسبوقة، تهدد الكيانات والنظم والإنسان، وتخلق حاجة لسلطة فوقية، تفرض الالتزام وتطبق من السياسات ما يكفل المواجهة والصمود، ومن ثم التعافي من التبعات، كما حدث في أزمة كورونا.

من هنا فإن خطط التحول الوطني ورؤى المستقبل يجب أن تستمر، وأن تأخذ في اعتبارها تلك المستجدات، فلا تفرط في تدخلها في الحياة الاقتصادية إلى حد المصادرة على الحرية الاقتصادية، ولا تسرف في الخصخصة ومنح الحريات إلى حد إلغاء دور الحكومة في النشاط الاقتصادي.

 

كما يعد دعم السياسات والإصلاحات الهيكلية عاملاً أساسيًا للحد من التداعيات الاقتصادية المستقبلية الناجمة عن الجائحة. ويتعين استمرار إصلاحات سوق العمل لتشجيع مشاركة المواطنين في القطاع الخاص، ومواصلة تحسين مستويات رأس المال البشري الوطني، وتسهيل انتقال العمالة من القطاعات الهشة إلى القطاعات المتطورة التي تشهد توسعًا مستمرًا، وينبغي أن تستهدف الإصلاحات أيضًا تعزيز البيئة الاستثمارية لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وإعادة رؤوس الأموال الخليجية المستثمرة في الخارج حاليًا، وستساعد التوسعات الاستثمارية من خلال صناديق الاستثمارات العامة، وبدعم من الميزانية العمومية القوية للقطاع العام في تعزيز معدلات النمو وتمهيد الطريق لمشاركة القطاع الخاص في هذه القطاعات الناشئة في نهاية المطاف.

 

مقالات لنفس الكاتب