array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 172

أولويات الأمن الاستراتيجي السعودي

الثلاثاء، 29 آذار/مارس 2022

المملكة العربية السعودية تسير بخطى ثابتة ورؤية واضحة للتعامل مع أولويات الأمن الاستراتيجي والتحديات القائمة أو المحتملة والمستقبلية، وتضع استراتيجيات طويلة المدى وخططًا تكتيكية مرنة لمواجهة هذه التحديات وتجاوزها وفق أولويات المملكة في كافة المجالات وبما يضمن تحقيق أمنها واستقرارها في الداخل وفي محيطها الخارجي، ويحفظ المصالح العليا للوطن ويحقق تنفيذ خطط التنمية الطموحة للسير على طريق التقدم والتفوق طبقًا لما تتضمنه رؤية 2030 التي تضع إطارًا تنفيذيًا لخطط التنمية المتوازنة في شتى المجالات.

 

ونوجز هذه الأولويات وفقًا للتحديات في سبعة مجالات رئيسية وهي:

  • حماية أراضي المملكة من التهديدات الخارجية القادمة من وراء الحدود.
  • كيفية التعامل مع التهديدات الإيرانية المباشرة وغير المباشرة.
  • حماية الثروة النفطية والحفاظ على القدرة الإنتاجية والتصديرية وأمن الطاقة.
  • أمن وحرية الملاحة البحرية في المياه والممرات الدولية المحيطة بالمملكة.
  • استمرار نفوذ المملكة ودورها في ضمان الأمن والاستقرار الإقليمي وتحييد التدخلات الخارجية في الشؤون الخليجية والعربية.
  • امتلاك وتعزيز قدرات الدفاع الذاتي وتقليل الاعتماد على الضمانات الخارجية.
  • تعزيز الأمن السيبراني للمملكة.

 

وعند الحديث عن أولويات الأمن الاستراتيجي للمملكة والتحديات القائمة والمحتملة، نستطيع التأكيد على أن المملكة تعي المخاطر والتحديات بدقة، وتدرك خطورتها وما يمكن أن يترتب عليها ومن ثم تتعامل معها بجدية، كما أن المملكة تعي دورها الإقليمي، والإسلامي، والدولي، وتتفهم تمامًا أهمية وقيمة مقوماتها المتنوعة من ثروات بشرية وطبيعية ومزايا نسبية خصها بها الله سبحانه وتعالى، إضافة إلى موقعها الاستراتيجي، كما تقف بدقة متناهية على حقيقة أهداف وأجندات القوى الإقليمية الطامحة والطامعة في المنطقة، والمملكة متنبهة لدورها كحاضنة للمقدسات الإسلامية وقبلة المسلمين في جميع أنحاء العالم ومن ثم تعلم ثقلها في العالم الإسلامي والعربي والدولي، وهي أيضًا تراعي دائما في إطار ثوابتها أهمية استقرار سوق الطاقة العالمي باعتبارها أكبر منتج للنفط في العالم وتمتلك ثاني احتياطي عالمي مؤكد من الطاقة الأحفورية وهي تقف دائمًا مع التوازن بين الإنتاج والتصدير من جهة ، والاستهلاك العالمي من جهة أخرى، ولا تستخدم النفط كورقة سياسية، بل أداة للتنمية في جميع أنحاء العالم، وبذلك تشعر المملكة بمسؤوليتها تجاه شعوب العالم وعليه فهي داعية سلام وليست قارعة لطبول الحرب، تدافع ولا تهاجم، وتسعى للاستقرار الإقليمي وتسخر قوتها للردع وحفظ التوازن العسكري، وتقف حائطًا منيعًا إمام الطامعين في منطقة الخليج. وهي في ذلك النموذج الأمثل للقوة العاقلة الرشيدة لدعم التوازن وتثبيت الأمن ومنع الحروب والصراعات وردع من يتطاول ويسيء استخدام القوة ويهدد العلاقات الإقليمية ودول الجوار، لذلك تمضي المملكة قدمُا في تحقيق التنمية المتوازنة جنبًا إلى جنب مع بناء قوة عسكرية تعتمد على الذات في المقام الأول ، لذلك وضعت خططًا طموحة للتوسع في الصناعات العسكرية الحديثة بالشراكة مع الدول المتقدمة الصديقة، وتنوع مصادر التسلح وفقًا لما تقتضيه المصلحة العليا للوطن وتفرضه التحديات المحيطة، من أجل بناء قوات عسكرية حديثة ذات جاهزية عالية قوامها المقاتل السعودي المدرب، وتكثيف التعاون العسكري مع دول مجلس التعاون والدول الشقيقة والصديقة لحماية السيادة السعودية على أراضي المملكة المترامية الأطراف والتي تتجاوز مليوني كيلو متر مربع وبحدود برية تبلغ 4.431 كيلو مترًا وبخط ساحلي يمتد إلى 2.640 كيلو مترًا وتقع بين 3 مضايق مائية ؛ ولذلك حماية الممرات المائية الدولية المجاورة من أولويات الأمن الاستراتيجي للمملكة سواء في الخليج العربي ومضيق هرمز وبحر العرب، أو مضيق باب المندب والمجرى الملاحي للبحر الأحمر.

 

ورغم الأفعال الاستفزازية التي تقوم بها جماعة الحوثي في اليمن والمدعومة من إيران على مرأى ومسمع من المجتمع الدولي، ورغم الاستهداف المتكرر لمنشآت مدنية وعسكرية وتنموية بالطائرات المسيرة والصواريخ، ومقابلة ذلك من أعلى مستوى في القيادة السعودية بأن المملكة تمد يدها للسلام مع إيران، وتعمل من أجل استقرار دول الجوار وتكريس المصالحة اليمنية بين جميع مكونات الشعب اليمني ليكون إقليم الخليج آمن ومستقر مع التفرغ للتنمية والبناء. ولكن كل ذلك لا تقابله إيران وميليشيات الحوثي بالرغبة السعودية نفسها، بل بالمضي في الغي والاعتداء، في حين تتعامل المملكة بالحكمة والصبر ولا ترد على هذه الاستفزازات إلا في إطار شرعية التحالف العربي، لكن لصبرها نهاية ولن تترك الأمور إلى ما لا نهاية! وتضع أمنها الوطني في مقدمة أولوياتها ومن كل زواياه، وإن كانت المملكة تحافظ على ريادتها الاقتصادية وتفوقها بالاقتصاد الأكبر في المنطقة وأحد أقوى عشرين اقتصادًا بالعالم، وتمتلك اثنين من أكبر 15 صندوقًا سياديًا في العالم، وتمتلك "أرامكو " ثاني أكبر شركات العالم بقيمة سوقية تفوق تريليون وربع تريليون دولار ، إلا أن هذه المؤشرات الاقتصادية يواكبها تطورات عسكرية وجاهزية عالية في القوات المسلحة والتسليح فهي في المرتبة العشرين عالميًا من حيث ترتيب الجيوش في العالم، واحتلت المرتبة الخامسة عالميًا في الإنفاق العسكري الدفاعي عام 2019م، وكذلك في الأمن السيبراني حيث احتلت المملكة المرتبة الثانية عالميًا في الدليل العالمي للأمن السيبراني عام 2020م، بعد أن وضعت الاستراتيجية السعودية 6 محاور، وطرحت المبادرة الوطنية الشاملة للأمن السيبراني إحدى عشرة مبادرة لتحقيق ثلاثة أهداف رئيسية.  

 

في الختام، لن تتخلى المملكة العربية السعودية عن حماية الأمن الوطني والاستقرار الإقليمي، ولن تترك المجال مفتوحًا لإيران للعبث بالأمن الإقليمي والهيمنة على المنطقة، ولن تسمح لها بالتفرد بامتلاك السلاح النووي في منطقة الخليج حتى وإن هادنها الغرب وتواطأ معها على حساب دول مجلس التعاون الخليجي، فلن تقبل دول المجلس أن تكون في مرمى الخطر النووي الإيراني وتقف مكتوفة الأيدي، وعلى إيران والغرب أن يعلموا أن فتح باب السباق النووي سيكون له عواقب على المنطقة والعالم، وعليه يجب أن يتحرك المجتمع الدولي لحسم أمر امتلاك إيران للسلاح النووي أو القدرات النووية العسكرية، وإيقاف دعمها لأذرعها العسكرية وميليشياتها المسلحة في المنطقة وإلا سيكتوي العالم بارتفاع أسعار النفط أو نقص إمداداته وتتعرض الدول الكبرى لمخاطر لا يحمد عقباها

مقالات لنفس الكاتب