; logged out
الرئيسية / التاريخ قوة دافعة للأمام .. قراءة في المضمون والمآلات

العدد 173

التاريخ قوة دافعة للأمام .. قراءة في المضمون والمآلات

الإثنين، 25 نيسان/أبريل 2022

يمثل التاريخ بما يعنيه من دلالات مادية ومعنوية، وما يعكسه من مضامين نفسية، من أهم المعارف والعلوم الإنسانية، إذ يمثل قوة دافعة ومصدرًا غزيرًا لفهم وإدراك كثيرًا من الأحداث، وبذلك يصبح التاريخ بمضمونه وأحداثه مادة أصيلة يُعتمد عليها حال الرغبة في إحكام السيطرة على منطقة ما، وحين الاحتكام إلى موضوع معين، ووقت العمل على تجذير مفاهيم نفسية خاصة كالنقاء العرقي أو ما شابه، وهكذا يمكن القول بأن القادر على ربط حاضره بتاريخه، يكون قادرًا على فرض سيطرته وتحقيق مراده.

من هذا المنطلق اهتم الإنسان بموضوع التاريخ، ومنه جرى استنطاق المقولة الشهيرة "من لا ماضي له، لا حاضر له" وهو ما أشار إليه الحكيم الصيني كونفوشيوس الذي قال: "دراسة الماضي تهمُّ من يريد تخطيط المستقبل"؛ وكان من أجل ذلك حرص كل مجتمع استيطاني على خلق مادته التاريخية التي يريد، أو السعي لتوثيق تاريخه بالشكل الذي يُرضيه.

على أن ذلك لم يتغير إلا حين تغيرت الغاية من موضوع التاريخ، وكان التحول من دراسة الشأن العام إلى شأنه الخاص، أي صار خاصًا بالطبقة الحاكمة، ومن حينه فَقَدَ التاريخ بريقه على صعيد المجموع، وصار شأنا خاصًا لا يأبه له العامة، ولا يعني ذلك خلو الساحة من بعض المهنيين الذين اهتموا بتدوين مفاصل التاريخ المجتمعي بمصداقية وتجرد.     

إشكال النموذج الفرد:

والعرب في هذا الأمر كغيرهم من الشعوب، بل لعلهم أقل الشعوب إيمانًا بموضوع التاريخ وقيمته وفق نسقه العام ورؤيته المنهجية، إذ تبلورت شخصيتهم قبل الإسلام ضمن سياق النموذج الفرد القائد والمشكل لهوية القبيلة، سواء كان فارسها أو شيخها أو حكيمها.

ولم يتغير الأمر كثيرًا بعد الإسلام، حيث تعززت شخصية النموذج الفرد في ذهنهم، وهو ما جعل المدونون يختزلون تاريخ مجتمع في سيرة أفراد، سواء على عهد الخلفاء الراشدين، أو على عهد الدول اللاحقة، التي تعكس مسمياتها ونمط تحقيبها للتاريخ بأسمائها ما أشرت إليه من اختزال المجتمع في النموذج الفرد، وكان من جراء ذلك أن أخذ التدوين التاريخي شكله الرسمي وبخاصة في كتابات المؤرخين الحوليين كالمسعودي وابن الأثير وصولاً إلى ابن كثير وغيرهم، واستمر بصفته هذه في نسقنا الذهني حتى اليوم، وهو ما عزز حالة الصدود من موضوع التاريخ على الصعيد المجتمعي بوجه عام، لكونه لا يلامس حاجاتهم وتاريخ معاناتهم، فكان أن خسر موضوع التاريخ قيمته، وخسر المجتمع قوة معنوية يمكن أن تكون محفزة للتقدم والتطور حال البحث في أنماط السلوك الحضاري بوجه عام.

على أن ذلك قد أخذ في التغير تدريجيًا مع تشكل الدولة الحديثة في القرن العشرين، التي مكنت المجتمع من بناء شخصيته ومؤسساته العامة، فكان أن أدى ذلك إلى حدوث تغيير جذري في منظومة النسق التدويني حال كتابة التاريخ، وهو ما التقطه الأفراد دونًا عن المؤسسات، ومع ذلك سقط عديد منهم في وحل التفسير الأيدلوجي للحدث التاريخي، ببناء رؤيتهم للنازلة التاريخية على مفهوم عقائدي خاص، وعمدهم إلى محاكمة التاريخ بشخوصه ومجموعه بناء على خلاصة ما آمنوا به من عقائد، وهو جوهر الإشكال الذي أدى إلى اختزال المجموع في النموذج الفرد مرة أخرى، وبذلك خسر التاريخ مع مرور الزمن أهميته في صناعة مجتمع قوي وليس نموذجًا فرديًا قويًا.

التحلل من النموذج الفرد:

وللخروج من هذا المأزق يمكن للباحث الحر أن يعيد قراءة التاريخ وفقًا لمناهج موضوعية حديثة، بعيدًا عن أي رؤية خاصة شخصية، وبمنأى عن أي بعد تقديسي يمنع من التفكير والتأمل واستنطاق الأجوبة المغايرة، على اعتبار أننا نقرأ تاريخًا بشريًا، يمكن لأصحابه أن يخطئوا ويصيبوا.

وحتما فترسيخ ذلك في العقل المنهجي سيكون له تأثيره الإيجابي حال النظر إلى التاريخ، بعيدًا عن أي قيد ذهني يعيق قراءة التاريخ بتجرد، لكونه ينتمي لحقبة مفضلة مثلا، أو متعلقًا بشخصية لها مكانتها في ثقافة المجموع، أو باعتباره منتميًا لعقيدة يؤمن بها، إلى غير ذلك من الدواعي والأسباب التي تَحدُّ من درجة الوعي، وتعمل على تقييد الذهن في إطارات مغلقة من البحث والتأمل، وهو ما يُفقد موضوع التاريخ قيمته أيضًا.  

في هذا الإطار، يُحسب للمستشرقين سبقهم التحرر من ربقة قيد الفرد، وبالتالي تمكنهم من قراءة الموروث بعقل محايد دون قداسة أو هدف أيدلوجي بشكل عام، انطلاقا من إيمانهم بأن الحضارة لا هوية أو جنسية لها، فهي قطار لا يتوقف، يركبه القادر على ذلك، ويقود لواءه الأكثر كفاءة ووعيًا. 

من هو المنتصر في التاريخ:

أمام ذلك يمكن القول بأننا على الصعيد المؤسسي والفردي بحاجة إلى اعتماد مناهج علمية دقيقة حال دراستنا للنازلة التاريخية تقوم على الاهتمام بتلمس دور المجموع في الرواية التاريخية، وتبيان نسق وفعل المجتمع حضاريًا، دون الوقوع في شَرَكِ المدون الرسمي الذي اختزل المجموع في الفرد، وفي حينه سيختفي من بصرنا مقولة: "إن المنتصر هو من يكتب التاريخ"؛ فالتاريخ في هذا السياق يؤرخ لمجتمع وليس لفرد، ومن الصعب هزيمة أي هوية جمعية لاسيما إن كانت متفوقة حضاريًا، ولا أدل على ذلك من انتصار الشخصية الفردية المغولية على الدولة العباسية الفردية أيضًا، لكن في المقابل فقد وضح تفوق الهوية الجمعية الحضارية للمسلمين التي استوعبت الشخصية المغولية ضمن كيانها.

في هذا السياق فقد أدرك النموذج الفرد عبر مختلف الأزمان أهمية توثيق التاريخ الشفوي والمخطوط، لكونه المُمَجد للروح المنبعثة من الذات المحسوسة لأي كيان وأي حضارة، ولا عجب أن نلمس الاهتمام بكتابته وتوثيقه وربما صناعته من قبل بعض حُراس تلك الذات، بالشكل الذي يتناسب مع مجمل الملامح الإيجابية العامة، باعتباره العنوان الأمثل لمكنون تلك الذات الحضارية، والشواهد على ذلك كثيرة.

مع الإشارة إلى أن تدوين التاريخ ارتبط ولفترات طويلة من الزمن، بأطوار وأحوال مسيرة المجتمع الدينية، وكان في كثير من الفترات هو المتنفس المعرفي لعلماء الدين، الذين جسدوا أفكارهم وتوجهاتهم المادية تجاه المجتمع من خلال التدوين الإخباري، وأصبح التاريخ بذلك مقترنًا بمختلف المفاهيم الدينية، ليكون بمثابة الذات المتحركة للفعل الغيبي، المستند على الإرادة الإلهية، وهو ما يفسر التلازم الوثيق بين العالم الديني والمؤرخ في عديد من الحقب الزمنية السالفة.

وما إن أخذ المفكرون يتحررون من ربقة بعض الأفكار العقيمة، حتى تحرر التاريخ كعلم وكفن من سيطرة المقدس، ليعيش حالته الطبيعية، الهادفة إلى دراسة المجتمعات وفقًا لخصائص أفرادها البشرية، وانطلاقًا من تأثير النوازع الفطرية الكامنة في الإنسان، وهو ما أحال الحدث التاريخي من فعل غيبي تقرره الإرادة الإلهية، إلى فعل بشري يصنع خيره وشره الإنسان، طبقًا لنوازعه وأهدافه، وتنفيذًا لرغباته وتوجهاته. ويأتي ابن خلدون على رأس أولئك المفكرين الذين دعوا إلى النظر في الظروف الاجتماعية، والاقتصادية، وغيرها، حال دراسة الحدث السياسي والعسكري، ثم توالت الأقوال والنظريات الداعية إلى ذلك في أوروبا خلال عصر النهضة والتنوير.

المدارس التاريخية:

يمكن القول بأن العلامة العربي المسلم عبد الرحمن بن خلدون المتوفى سنة 808هـ الموافق 1406م، هو المؤسس الأول لهذا المنهج القائم على الدراسة والمقارنة والبحث بالعقل في مختلف الأسباب والدواعي الاجتماعية، والاقتصادية، والثقافية إبان دراسة الحدث التاريخي، حيث عمل في كتابيه (المقدمة، والتاريخ "المسمى كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر") على مناقشة ما سجلته المصادر من خزعبلات وأساطير منتهيًا إلى رفضها عقلاً، واعتبارها من المبالغات التي يميل إليها الإنسان بطبيعته، كما اهتم بدراسة تأثير العوامل الجغرافية والاقتصادية على المجتمعات، وهو من أوائل من بيّن أهمية الوثيقة كمصدر من مصادر التاريخ الرئيسية، مشبها الدولة في نشأتها وتطورها ومن ثم هرمها كالإنسان في نشأته وقوته ومن ثم هرمه، وهو ما ردده بعض علماء مدرسة التفسير الحضاري فيما بعد.

ثم توالى من بعده المؤرخون الأوروبيون الذين شكلت دراساتهم الأسس المنهجية لمدارس التاريخ الحديثة، الرافضة لما كان سائدا في الماضي من القبول بالروايات دون تمحيص، والرجوع بالمتغير التاريخي سلبًا أو إيجابًا إلى المشيئة الغيبية، بحسب ما أرادته الآلهة عند الرومان الوثنيين، أو ما أرادته مشيئة الرب في المسيحية، أو باعتباره تنفيذا لقدر الله عز وجل عند عديد من المؤرخين المسلمين؛ ودعوا إلى تحكيم العقل في تلك الروايات، ودراستها ضمن حدودها المتوائمة مع كوامن النفس البشرية، ونتائج المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية، وهو ما وضح جليًا في مفاهيم ونظريات مدرسة التفسير العقلي، ثم التفسير المادي، إضافة إلى التفسير الحضاري للتاريخ.

وبالتالي فحري بالمؤرخ الجاد الراغب في دراسة الواقعة التاريخية بمنهجية علمية، انطلاقًا من كونها انعكاس لنوازع الإنسان الفطرية، ومترجمة لواقعه وخلفياته الفكرية والأيدلوجية، أن يدرس مختلف العلوم الإنسانية، فيستعين بنظريات علم النفس، وأراء علم الاجتماع، وقوانين علم الاقتصاد، وأفكار الجغرافيين، ومقولات ذوي الخبرة من أفراد المجتمع الشعبيين، حال عزمه دراسة الحدث وتداعياته، مع عدم إغفاله للعامل الديني، المؤثر في بعض تداعياته على مجرى الأحداث السياسية، والعسكرية، والاجتماعية، والاقتصادية. 

وتعددت أساليب الكتابة التاريخية بتنوع المدارس المنهجية، فمن المدرسة الدينية في كتابة التاريخ وتفسير أحداثه خلال حقبة القرون الوسطى، إلى المدرسة العقلية إبان عصر النهضة، ثم كانت المدرسة المثالية الهيجلية، ومن ثم المدرسة المادية الماركسية، علاوة على مدرسة التفسير الحضاري للتاريخ، وغيرها. وحرص رواد تلك المدارس على الخروج بالتاريخ (دراسة وكتابة) من محدودية التوثيق للأحوال السياسية والعسكرية، ليشمل بآفاقه مراحل التطور الإنساني في مختلف الجوانب الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، وغيرها.

وتميزت كل مدرسة عن الأخرى بمعاييرها التي انطلقت منها واعتمدت عليها في قراءاتها النقدية للتاريخ، فإذا كان الماديون قد اعتبروا بأن الاقتصاد هو العمود الفقري المشكل لهوية الصراع التاريخي بين طبقات المجتمع، فإن أصحاب التفسير الحضاري اهتموا بدراسة الوحدات الاجتماعية بوصفها وحدات حضارية متوالية ذات بعد مادي وروحي تتفاعل بحسب قدرتها على الاستجابة للمثيرات المصاحبة لها، وانصب في المقابل اهتمام أصحاب التفسير العقلي بتنقية الرواية من البدع والخرافات، جاعلين من العقل أساسًا في صناعة الحدث التاريخي وكتابته بعد ذلك.

التفسير العقلي للتاريخ:

تجدر الإشارة إلى أن أصحاب التفسير العقلي للحدث التاريخي ظهروا في أواخر القرن الثامن عشر الميلادي، كردة فعل معارض للتفسير الديني الذي كانت تروج له الكنيسة في حينه. ويعد مونتسكيو المتوفى سنة 1755م، وفولتير المتوفى سنة 1778م، وديفيد هيوم المتوفى سنة 1776م، وجان جاك روسو المتوفى سنة 1779م، وجيبون المتوفى سنة 1794م، من أبرز رواد المدرسة العقلية في دراسة التاريخ، باهتمامهم بدراسة النواحي الاجتماعية والثقافية والاقتصادية، حال تحليل ونقد النازلة السياسية والحدث العسكري، إيمانا منهم بأن التاريخ ما هو إلا سجل لتطور أفكار البشر من الناحية الثقافية والأخلاقية والاقتصادية والسياسية، داعين إلى تفنيد أسباب ودواعي سقوط أية دولة، بعيدا عن الانغماس في مجمل التفسيرات اللامنطقية المستندة على سلطة القوى الغيبية.

وبالتالي فقد عمد أصحاب هذه المدرسة إلى دراسة التاريخ دراسة عقلية بعيدة عن إيحاءات سلطة الكنيسة، وتصفية الروايات من البدع والخرافات المستندة إلى النظريات اللاهوتية، على اعتبار أن كل شيء في التاريخ البشري ما هو إلا نتاج لعلاقات محددة بين السبب والأثر. ليشكلوا بذلك أولى الخطوات العلمية للخروج بالكتابة التاريخية عن النمط المألوف، المستند على كثير من خرافات الروايات التاريخية المسيحية، التي سادت إبان عصر الركود والانحطاط، وليكونوا البذرة الفكرية الأولى التي حاولت الخروج من مأزق التفسير الديني، الذي كان سائدًا إبان عصر التسلط الكنسي على مقدرات الحياة الفكرية والعلمية، المتسم بضيق المعرفة وأحاديتها، مما سمح لكثير من الترهات غير المقبولة عقلا أن تتسلل إلى عقول العامة والمتعلمة، وهو ما أحال المجتمع إلى بؤرة متكاملة من بؤر الفساد والانحطاط بحسب رأي ديفيد هيوم.

التفسير المادي للتاريخ:

في جانب آخر مثلت المدرسة المادية في تفسير التاريخ الامتداد الفكري لمدرسة التفسير العقلي، من حيث مواصلة الاهتمام بالنقد المنطقي لحوادث التاريخ السياسية والاجتماعية وغيرها. ويستند الواحديون (أي أصحاب المذهب الواحد، لتركهم الأخذ بالعامل الروحي أو الديني في مقابل الاهتمام بالجانب المادي، بخلاف الثنائيين الذين فسروا حركة التاريخ على أنها بحث عن التوازن بين توجيه العقل المطلق ونزعات البشر وهي المادية الماركسية المعروفة) في دراستهم للتاريخ الإنساني على العوامل المادية المؤثرة فيه، باعتبار أن الإنسان حيوان كغيره يسعى لرزقه وحماية نفسه، وبالتالي فقد اهتم الماديون بالبحث عن العوامل المادية التي تدفع الجماعات البشرية إلى الحركة، ونظروا بذلك إلى التاريخ على أنه فرع من فروع التاريخ الطبيعي.

وعلى الرغم من سبق سان سيمون (1760- 1825م) القول بأن مصالح الطبقات الاجتماعية هي السبب في حركة التاريخ؛ وتقدم أوجستان تييري (1795 – 1856م) بالقول بأن صنع الحدث التاريخي من فعل المحتاجين له، وبالتالي فقد أرجع انتصار الغزو النورماندي لإنجلترا، ليس إلى قائده وليم الفاتح، وإنما إلى المزارعين النورمان الفقراء الذين دفعتهم حاجتهم إلى الاندفاع نحو إنجلترا، وبالرغم أيضًا من سبق فرانسوا مينيه (1796 – 1884م) برأيه الذي اعتبر أن الثورة الفرنسية كانت نتيجة لما عاشه المجتمع من صراع اقتصادي بين طبقة العاملين المنتجين وطبقة البرجوازيين والأرستقراطيين.

بالرغم من كل من سبق، إلا أن كارل ماركس (1813 – 1883م) تربع على رأس هذه المدرسة ذات التصور الفلسفي المادي في تعليل وجود الكون والإنسان والتاريخ، منطلقًا في تصوره من أهمية دور وسائل الإنتاج في تحديد شكل وطبيعة العلاقة بين أفراد المجتمع، آخذا بفكرة الجدل (الديالكتيك) عند هيجل التي تنص على حتمية الصراع بين الفكرة ونقيضها، المؤدي إلى التركيب بينهما في نهاية المطاف، زاعمًا أن جدل هيجل قائم على رأسه وأنه سيقيمه على قدميه، بجعله جدلاً ماديًا لا مثاليًا، وبالتالي فقد كان الصراع لدى الماركسيين ماديا طبقيا ينتهي بإقامة الدولة المادية الشيوعية، لا بالوصول إلى الفكرة المثالية التي لا نقيض لها عند هيجل.

لقد اعتبر الماديون الماركسيون أن التاريخ تحكمه قوانين حتمية يدركها العقل الإنساني وتختلف عن قوانين العلوم البحتة، إذ أنها حقائق متعلقة بطبيعة العمل والإنتاج وطريقة توزيع الثروة بين المواطنين، وتندرج هذه القوانين في عدة مفاهيم وهي:

  • مفهوم التغير من الكم إلى الكيف الذي يتم دفعة واحدة بحسب تصورهم، فالثورة، وإن كانت حصيلة تغير كمي تدريجي، إلا أنها تحول كيفي مفاجئ نحو الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي الجديد.
  • مفهوم تداخل الأضداد وصراعها، حيث إن كل ظاهرة تشكل وحدة عضوية يمكن التناقض فيها، فلكل فعل رد فعل، ولكل قوة جذب، قوة دفع، وبالتالي فعلى الباحث حين دراسة التاريخ، العمل على كشف التناقض الداخلي الكامن في الظاهرة التي يريد دراستها.
  • تستند المفاهيم على قانون نفي النفي حيث تعمل كل مرحلة على نفي سابقتها، بمعنى إعادة بنائها وفق أسس اقتصادية جديدة.

وهكذا يرى أصحاب المدرسة المادية في تفسير وقراءة التاريخ أهمية العامل الاقتصادي للمجتمع، لكونه المحدد لصورة نظامه، ودرجة حضارته وثقافته، معتبرين أن الإنتاج لا يظل على أسلوب واحد، بل هو في تطور دائم، بحيث يكون له الدور في توجيه أفكار وقوانين وعقائد بل وفنون المجتمع.

التفسير الحضاري للتاريخ:

 

مركز القدس للشؤون العامة

ويختلف القائلون بالتفسير الحضاري للتاريخ عن سابقيهم في نظرتهم الفلسفية للحدث والظاهرة التاريخية، حيث تهتم هذه المدرسة بتتبع نشأة وتكوين الحضارات الكونية، لاعتقادهم بالتشابه بين بعضها البعض. كما يعتبر المفكر والمؤرخ نيقولاي دانيفلفزكي المتوفى سنة 1885م، من أبرز رموز هذه المدرسة، حيث يرى بأن التاريخ الإنساني مكون من نماذج ثقافية مختلفة، تحتفظ كل منها بخصائص وسمات أهلتها لأن يكون لها دور في تقدم الإنسانية، وتتميز كل منها عن الأخرى بفكرة مغايرة ساهمت في نشر ثقافتها، وعليه فإنه يرى بأن الثقافة اليونانية تركزت فكرتها على الإدراك الحسي، من واقع حرصهم على إبراز الجماليات الفنية المحسوسة بالمجسمات والتماثيل المتعددة، في حين اهتمت الحضارة الرومانية بسيادة القانون واستتباب النظام السياسي، وفي المقابل فقد سيطرت قاعدة النفعية على نشأة الحضارة الصينية بحيث جعلتها تفي بتحقيق منفعة الخير، ومالت الحضارة الهندية للغموض والخيال، وهكذا، وانطلاقًا من ذلك فقد قسم نيقولاي الجنس البشري إلى ثلاثة أقسام:

  • أولها، الشعوب الإيجابية وهي المبدعة.
  • ثانيها، الشعوب السلبية ذات الطابع التخريبي.
  • ثالثها، الشعوب التابعة لهؤلاء أو أولئك.

ويتفق معه في هذا الإطار شبنجلر المتوفى سنة 1936م، الذي رأى بأن التاريخ مكون من كائنات عضوية حية، وبالتالي فتاريخ كل حضارة كتاريخ نمو الكائن العضوي، وعليه فقد قسم أدوارها على النحو التالي:

  • دور الطفولة ويمثله سياسيًا واقتصاديًا انتشار الإقطاع وسيادة المفاهيم الإقطاعية على المجتمع في جميع أوجه حياته.
  • دور القوة والنشاط ويتمثل في انتقال السيادة من الريف إلى المدينة، حيث تنمو الصناعة، وتنتقل الثروة من رؤساء الإقطاع إلى الطبقة الوسطى من التجار.
  • دور الذبول والشيخوخة ويقابله دور التفسخ والاضمحلال.

كما يتفق شبنجلر مع سابقه في أن لكل حضارة أسلوبها المتميز، وكيانها وروحها المستقل عن الأخرى، وفي نظره فلا سبيل إلى اتصال حضارة بأخرى، معللاً ما يمكن ملاحظته من التشابه بأنه عبارة عن وهم يقع فيه الإنسان، مؤكدًا على أنه إن وجد فما هو إلا تشابه ظاهري ليس إلا، لكون التاريخ لا يعيد نفسه على نفس النمط، ولكنه يأتي بصورة جديدة في شكل مخالف لما مضى، معتبرًا أن الحركة الدائرية بين الأدوار والعصور التاريخية لا تعني بالضرورة أن مسار التاريخ عجلة تدور حول ذاتها، بل هي حركة حلزونية حسب وجهة نظره.

وعلى نفس المنوال توجه أرنولد توينبي المتوفى سنة 1975م، في دراسته، معتبرًا بأن التاريخ متكون من سلسلة تجارب سياسية، وصل كل منها إلى قمته في صورة حضارة بذاتها، وقرر توينبي بأهمية وجود عدد من العوامل لنشوء واستمرار الحضارات، حيث أن العوامل البيولوجية وحدها، أو الجغرافية، لا تكفي لقيام الحضارات واستمرارها، ولذلك لابد من تضافر عوامل عديدة تكون بمثابة التحدي المؤدي لنشوء تلك الحضارات بحسب حجم الاستجابة، وبالتالي فإن الظروف الصعبة هي التي تتحدى قدرة الإنسان وتستحثه على العمل المؤدي إلى تكوين حضارة قائمة بذاتها.

وهكذا يرى تونبي بأن الحضارة التي عادة ما تمر بمرحلة النشوء، ثم النمو، ثم الانهيار، وأخيرًا التفكك، هي الوحدة الموضوعية لدراسة التاريخ، وبالتالي فلا يمكن معرفة سير وعوامل وتغير التاريخ إلا إذا دُرست كل حضارة على حدة، بغض النظر عن جنسية الشعوب، أو موقعهم الجغرافي، أو لغتهم.

وقسم تونبي حضارات العالم إلى ثلاثين حضارة، منها إحدى وعشرين حضارة ولدت ولادة طبيعية، وأدت رسالتها، وبلغت أقصى مراحل نموها في جميع مظاهر حياتها، وأربع حضارات أجهضت قبل أوانها، وخمس حضارات لم تبلغ في نموها غايتها، وهي ما أطلق عليها اسم الحضارات المتعطلة، أو الحضارات المتوقفة، لكونها ظلت على ما هي عليه ومنها: الحضارة المسيحية الغربية والشرقية، والحضارة الإسلامية، والهندية، وحضارات الشرق الأقصى. وأكد بأنه يجب أن تتوفر ثلاثة شروط لنمو أي حضارة وهي:

  • وجود أقلية من السكان تتصف بالإبداع الفكري والاجتماعي والسياسي والعسكري، لتمضي بالمجتمع قدما، دون أن يشترط اتصاف كل فرد من أفراد تلك الأقلية بجميع الصفات الجامعة.
  • أن يتسنى لتلك الأقلية تصريف شؤون الملك وحكم البلاد والمجتمع، شريطة أن يتعاون أفرادها جميعًًا في أداء مهمتهم على أكمل وجه، وأن يكون هدفهم خدمة البلاد والمجتمع ورفع مستواه المعيشي والفكري.
  • توافق الظروف الجغرافية الملائمة لحكمهم.

وهكذا سارت كل مدرسة في قراءة ثم كتابة التاريخ بحسب توجه كل منها الفكري، وانطلقت كل واحدة من فلسفة قائمة بذاتها تتفق وتختلف فيها مع الأخرى، وبالتالي فمن الصعب الحكم على مدى ملاءمة قواعد كل مدرسة إلا بعد استفراغ الوسع في قراءة أفكارها، وفهم أبعادها الفلسفية، كما لا يمكن الحكم على مدى صدق كل مدرسة في توجهها الفلسفي، إلا بعد استكمال مناقشة مختلف منطلقاتها الفلسفية التي اعتمدت عليها حال قراءتها وكتابتها للتاريخ. على أن السؤال المهم هو: هل لا تزال هذه المدارس صالحة لفهم واقع التاريخ في الوقت المعاصر؟

تحقيب جديد لعالم جديد:

إن من يتأمل واقعنا المعاصر يجد أننا نعيش حالة من التسارع المذهل للحالة التاريخية، وهو تسارع لا يكاد يلمسه المؤرخ المهموم برصد المتغيرات في الواقع المعاش حتى يفاجأ بتغييره مرة أخرى، وكأننا في حلبة سباق لا نعرف لها بداية وليس لها نهاية منظورة. ذلك أن المؤرخ ألف في الماضي على تقسيم المئة عام بين جيلين إلى ثلاثة أجيال، وكان مقدار التغيير بين الجيل الأول والثالث في كل مئة عام طفيفا جدا، حتى أنه تمر عدة قرون ولا يحدث أي تغيير في البنية المكانية، والتنظيم الحياتي، والتقسيم الأسري، ضمن أي مجتمع إنساني على هذه البسيطة بأكملها. ولعل ذلك كان ملحوظًا إلى منتصف القرن العشرين الميلادي تقريبًا، الذي تمثل الأجيال المولودة فيه آخر الأجيال ارتباطا بما سبق من قرون طويلة في عمر الزمن، وهي أول الأجيال تأسيسا لعصر جديد بملامح جديدة في عمر الزمن المستقبلي، الذي صار يقاس الجيل فيه بالعقود، ثم بالأشهر، وقد يقاس مستقبلا بالأسابيع والله أعلم.

في هذا السياق وحتى منتصف القرن العشرين كانت الحياة في كل المدن شبه ثابتة، ولا سيما المدن المسورة، فعلى سبيل المثال: كانت الرياض وجدة والطائف علاوة على مكة المكرمة والمدينة المنورة محصورة في مساحة مكانية محددة، ويصعب حدوث تغيير في بنيتها العمرانية والمجتمعية لسنوات طوال، حتى يمر القرن ثم الذي يليه ولا يكاد يحدث أي تغيير في بنية الحارة عمرانيًا ومجتمعيًا، وبالتالي فحجم التغيير الحضاري يكون طفيفًا، ومتغيرًا بمقدار حالة التواصل مع الآخر الذي كان يمشي برتابة بحكم وسائل الاتصال القديمة. إذ كانت المسافة بين جدة ومكة تأخذ قرابة يوم ونصف على ظهور الإبل لمن كان مستعجلاً، وحين وجدت المركبة السيارة في بدايات القرن العشرين كانت تستغرق قرابة نهار كامل، وهكذا الأمر مع مختلف المدن المجاورة كالمدينة المنورة التي يستغرق الوصول إليها بالمركبة السيارة عدة أيام، على أن الأمر بات متغيرًا اليوم، فالرحلة للمدينة المنورة باتت تأخذ نصف ساعة بالطائرة، وساعة ونصف بالقطار، إلى ثلاث ساعات بالمركبة السيارة.

هذا نموذج واحد لطبيعة التسارع الذي صرنا نعيشه اليوم، ناهيك عن طبيعة التسارع المذهل في التقنية وما يتعلق بها، وكل ذلك يصعب تتبعه وتتبع آثاره الإنسانية على أي مؤرخ يريد توثيق المرحلة وتتبع آثارها بالدراسة والتحليل، إذ ما يبدأ بالارتكاز على قيمة معينة، ويتعنى دراستها وفق رؤية فلسفية لأحد تلك المدارس السالفة، حتى يتفاجأ بانتهاء النازلة وتلاشيها من حياة المجتمع الذي يستهدفه بالدراسة. ولذلك فما أحوج المؤرخون إلى استنطاق تفسير جديد لقراءة الظاهرة التاريخية وفق رؤية متجددة، وأدوات معاصرة، وبآلية جديدة تتيح قراءة الحدث التاريخي وتتبع مساراته بصورة علمية مقبولة. وكم هو خوفي كبيرا حين أتذكر حال التاريخ المزري بين ثنايانا، الذي بات مادة ثانوية في حياتنا، وصار الحديث فيه نوعا من العبث أو لتمضية الوقت، بل وأصبح موضوعا لكل من قرأ مرجعا هنا وكتابا هناك، ليفقد قيمته وأهميته، بل ومركزيته في التأسيس المنهجي لمختلف العلوم، وكثير من القرارات المصيرية. 

القوة الناعمة:

وفي المقابل أدرك المجتمع الغربي أهمية امتلاك المعلومة التاريخية، واستوعب قيمتها لتحقيق مشاريعه الاقتصادية والسياسية على المدى القريب والبعيد، وآمن بأن المعلومة التاريخية وصناعة محتوى الذاكرة الجمعية هو أحد مصادر القوة الناعمة، من أجل ذلك فقد وضح سعيه الدؤوب لتثبيت أبعاد معرفته بشخوص مختلف الأحداث التاريخية ضمن إطار منطقتنا بوجه عام، ووضح جُهده لامتلاك مقومات وشواهد تلك الأحداث، ليعمل على دراستها وتحليلها وإعادة بنائها بالصورة التي تتناغم مع توجهاته في المنطقة؛ وكان مؤدى ذلك أن احتلت أقسام التاريخ في أمريكا على سبيل المثال المرتبة الثانية بعد أقسام الرياضيات من حيث الكثافة الطلابية، كما لم ينحصر الاهتمام بالدراسات التاريخية على المؤسسات البحثية المتخصصة في العلوم الاجتماعية وحسب، بل امتد ليشمل مختلف المؤسسات العلمية والشركات التجارية.

ومن العجب أن نكون غير واعين بأهمية موضوع التاريخ ومركزيته في حلبة الصراع مستقبلا، بل أخذ عديد من جامعاتنا في السعي إلى إغلاق أقسام التاريخ، أو على الأقل النأي بنفسها عن الاهتمام بتنمية قدرات أساتذتها ودارسيها، بحجة أن سوق العمل لم يعد بحاجة إلى خريج هذا القسم، وفي ذلك بلاء عظيم على الصعيد الذهني والاستراتيجي، فأمة لا يعرف إنسانها حقيقة ماضيها بشكل كلي، هي أمة لا هوية لها، وبالتالي فلن يتسنى لها تشكيل حاضرها وصنع مستقبلها.

مركزية الذاكرة في حلبة الصراع العالمي:

وواقع الحال فإن أخطر ما تواجهه أي أمة كامن في تغييب ذاكرتها الوطنية والقومية، وهو ما يُساهم في تكريس حالة الاستلاب، ويعطي الآخر القدرة على السيطرة الذهنية وتسيير الإنسان في الإطار المقترح له دون وعي أو إدراك. وهو ما تفهم أهميته المؤسسات الغربية المعاصرة التي تعمل جاهدة على السيطرة على مدخلات ومخرجات تلك الذاكرة، والتحكم في محتواها الوظيفي والمعرفي. وفي ذلك يمكن قراءة إعلان الرئيس الفرنسي ماكرون بتكليف المؤرّخ بنجامان ستورا بمهمّة تتعلق بذاكرة الاحتلال الفرنسي للجزائر، بهدف تعزيز المصالحة بين الشعبين الفرنسي والجزائري وفق قوله، حيث كتب في رسالته لتكليف ستورا قائلا: "من المهم أن يُعرف تاريخ حرب الجزائر ويُنظر إليه بشكل واضح، الأمر يتعلق براحة وصفاء الذين أضرت بهم، وبمنح شبابنا إمكانية الخروج من النزاعات المتعلقة بالذاكرة".

إذن هي الذاكرة التي يُراد محو أو استبدال محتواها بمعلومات جديدة تتوافق مع إرادة العصر، وهو التاريخ الذي يشكل عنوانًا رئيسًا في خارطة المعرفة لدى الدول المتقدمة إجمالاً، في الوقت الذي ألفنا أن ننظر إليه بازدراء، حتى بات هامشًا في ثقافتنا، تقليديًا في ذهننا، موبوءً بروايات ضعيفة، ومسكونًا بهيبة السلطة وتأثيرها عبر مختلف الأزمان والأماكن، لاسيما في قرون التأسيس لتاريخنا الإسلامي، الذي مثل ساحة لمعركة حامية بين قراءتين مختلفتين إن لم يكن أكثر، وللأسف فلا يزال تأثيرها مستمرًا حتى الوقت الراهن.

وهي محور الصراع القادم في منطقة الشرق الأوسط تحديدًا، فمن يملك القدرة على كتابة التاريخ والتحكم في محتوى الذاكرة، سيخط بثبات وثيقة انتصاره حضاريًا، وهو ما تسعى له باهتمام إسرائيل التي توسعت في إنشاء حاويات الفكر ومراكز الرأي لتمد أصحاب القرار السياسي ووسائل الإعلام بتحليلات ودراسات تتعلق بكل القضايا المهمة، ومن تلك المراكز وفق دراسة سابقة نشرتها مجلة "أراء حول الخليج" ما يلي:

  • "معهد بن تسفي للدراسات اليهودية" الذي تأسس عام 1948م، ويهدف إلى صبغ الهوية اليهودية على فلسطين عبر المؤتمرات والندوات، وتسويق المفاهيم والتصورات الدعائية اليهودية حول فلسطين.
  • "معهد موشي ديان للدراسات الإفريقية ودراسات الشرق الأوسط" الذي تأسس في عام 1959م، ويتبع كلية الدراسات التاريخية بجامعة تل أبيب.
  • "معهد هاري ترومان" الذي تأسس عام 1965م، في الجامعة العبرية بالقدس، بدعم من الرئيس الأمريكي هاري ترومان، ويُركّز على دول الشرق الأوسط، والصراع الإسرائيلي الفلسطيني، كما يهتم باحثوه بدراسة آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية تاريخيًا وثقافيًا ونفسيًا وسياسيًا واجتماعيًا واقتصاديًا.
  • "مركز القدس للشؤون العامة" الذي أنشأ عام 1976م، وبات واحدًا من أبرز المراكز البحثية الصهيونية رسمًا لقرارات قادة الاحتلال.
  • "أكاديمية العلوم التاريخية في جامعة تل أبيب" التي اهتمت بدراسة المعارك الإسلامية وفقه الجهاد.
  • "معهد الدراسات الشرقية بالقدس" الذي جمع سجلاً ضخماً للشعر العربي القديم، وأَنشأ معجماً عربياً عبرياً، ورصد اللهجات الفلسطينية العامية، وعمل على ترجمة القرآن إلى العبرية، وكتابة سيرة النبي محمد، كما اهتم بكثير من العلماء المسلمين كأبي حامد الغزالي وغيره، وقدم العديد من الرسائل في موضوعات متنوعة كشاخص مقام إبراهيم، والإعجاز في القرآن، وفريضة الحج، وأركان الإسلام، وغيرها.

وأخيرًا، أين نحن كأقسام وجمعيات علمية ومراكز بحثية من كل ذلك؟ ومتى سندرك قيمة التاريخ وأهمية الذاكرة؟ وهي التي سيكون لها الدور الحاسم في حسم الصراع الوجودي مستقبلا؟

مقالات لنفس الكاتب