; logged out
الرئيسية / الحرب العراقية – الإيرانية فرضت على دول الخليج علاقات مميزة مع أمريكا

العدد 173

الحرب العراقية – الإيرانية فرضت على دول الخليج علاقات مميزة مع أمريكا

الإثنين، 25 نيسان/أبريل 2022

حظيت منطقة الخليج العربي ممثلة بدوله بأهمية بالغة للغرب، وللقوى الدولية عامة، وللولايات المتحدة الأمريكية محور هذه الدراسة بشكل خاص؛ لما لها من أّهمية في مجال الطاقة، ولا سيّما النفط، وكذلك بسبب موقعها، وقربها من الأحداث التي كانت وما زالت تحظى بالأهمية ذاتها إلى يومنا هذا، وقد لعبت دول الخليج العربية الست دورًا كبيرًا في العلاقات الثنائية مع واشنطن، وقد تأرجحت تلك العلاقة ما بين الصعود، والهبوط، والفتور، شأنها في ذلك شأن العلاقات الدولية بين الدول.

وعلى الرغم من مرور عدد من الرؤساء الأمريكيين، وتعاقب الإدارات الأمريكية ما بين الجمهورية والديمقراطية إلا أن الولايات المتحدة الأمريكية ما فتئت تدرك أهمية الخليج العربي، وتعي عمقه الاستراتيجي، وتدرك اتجاهات الرؤى المتعلقة به وتفاوتها.

ولم تكن منطقة الخليج العربي بعيدة عن التنافس على النفوذ، والصراعات الدولية، بل كانت في تلك الدائرة دومًا، وقد أكدت من خلالها الدول الخليجية أنها ثابتة في مواقفها ومبادئها، متحدة الرؤية والموقف، ولعل الولايات المتحدة الأمريكية أدركت خطورة الدرس النفطي عام 1973م، عندما قطعت دول الخليج العربية الإمدادات النفطية تضامنًا مع مصر في حربها، كما أنها كانت متوجسة من التغيير الذي حصل في إيران، وإعلان الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وامتداد الحدث لأزمة دولية كبيرة تمثلت باحتجاز الطلبة الإيرانيين لعدد من الرهائن الأمريكيين لمدة 444 يومًا، في أزمة دولية عصفت بحكم الرئيس جيمي كارتر.

وتميزت ثمانينيات القرن العشرين بأحداثها المختلفة، ولا سيّما مؤشر العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية؛ إذ تعرضت دول الخليج العربي لاختبارات كثيرة كان معظمها مؤلمًا وقاسيًا، وكانت دول الخليج العربية الصغيرة دولًا ذات استقلال مطلق، تعمل بقناعاتها السياسية والقومية العميقة، وتتصرف بوحي مطلق من ضميرها؛ لذا كانت هذه المرحلة عبارة عن مخاض عسير، وبعد استراتيجي في العلاقات الخليجية -الأمريكية، تخللها فتور وهدوء وتأييد، ودعم مطلق، فقد كانت باختصار عبارة عن درس في العلاقات الدولية، وأحد أهم العوامل في ميزان القوى العظمى، ودور الدول الصغيرة في الاستراتيجية العالمية، ولا سيّما إذا كانت بالأهمية التي تتمتع بها منطقة الخليج العربية.

تصدت دول الخليج العربية للحرب العراقية –الإيرانية من خلال دعمها للعراق _أحد طرفي الحرب_ وعلى الرغم من كل ما تعرض له أمنها القومي من عمليات إرهابية، واختطاف طائرات، ومحاولة اغتيال أمير الكويت الشيخ جابر الأحمد، وتفجير الناقلات النفطية، وتلغيم مياه الخليج العربي إلا أنها كانت ثابتة المبدأ والموقف، ولم تحد عنه طيلة سنوات حرب الخليج الأولى.

وجاء إنشاء مجلس التعاون الخليجي كإحدى نتائج الحرب العراقية – الإيرانية التي أشعلت حرباً من العيار الثقيل في المنطقة؛ ليكون دور الدبلوماسية الخليجية براقًا واضحًا، ومثال ذلك الكويت الذي يشكل جزءًا لا يتجزأ من تاريخها الدبلوماسي العريق في محاولة رأب الصدع، وإنقاذ المنطقة من التدمير، وتقليل حجم الخسائر التي دفعت دول الخليج العربية فاتورتها المستحقة من اقتصادها، ومن أمنها واستقرارها.

أولًا: العلاقات الأمريكية -الخليجية في عهد الرئيس ريجان:

كان الإرث السياسي الذي تولاه الرئيس ريجان وإدارته ثقيلًا جدًا تمثل بعاملين مهمين هما:

العامل الأول: الاحتلال العسكري السوفييتي لأفغانستان؛ إذ يصر الأمريكيون على أنه مؤشر واقعي على تصاعد أخطار التهديد السوفيتي، واقترابه الحثيث من منطقة الخليج.

العامل الثاني: قيام الثورة الإسلامية الإيرانية، والتدهور الحاد الذي أصاب العلاقات بين واشنطن وطهران، ناهيك عن أزمة الرهائن، وما سببته من تبعات سلبية على العلاقات بين البلدين.

وقد جاء عام 1981م، ليبدي الأمريكيون رغبتهم في التغيير، ويأتي نجاح الرئيس ريجان نتيجة استحقاقات رآها الشعب الأمريكي واجبة تجاه عدد من القضايا؛ ليأتي من ينقذ مكانة واشنطن في العالم، وهي:

1-مبدأ كارتر.

  • قوات التدخل السريع.

3-المواجهة مع الاتحاد السوفيتي.

4-فقدان شاه إيران الحليف الاستراتيجي في منطقة الخليج.

  • أزمة الرهائن، وأعتقد أنها كانت (القشة التي قصمت ظهر البعير).

6-الأزمات البترولية.

7-العلاقات مع إسرائيل (مبادرة السلام ما بين ضد وموافق)

كل تلك العوامل أكدت دور واشنطن الداعم والقوي، وأنها ما زالت موجودة على الساحة العالمية، ولازالت دولة عظمى وقوية، ولعل الانطلاقة الأولى للإدارة الجديدة جاءت بتحرير الرهائن يوم نجاح ريجان بعد مدة احتجاز ناهزت 444 يومًا، مما يدل على عجز أمريكي واضح وكبير في عملية تحريرهم بعد عملية عسكرية فاشلة لسببين: الأول تكنولوجي، والثاني: عوامل طبيعية، وقد أعلن فشلها رسميًا الرئيس كارتر في خطاب له، وأعتقد أنه كان مؤشر سقوط الإدارة الأمريكية السابقة؛ إذ خسرت الانتخابات لصالح منافستها.

وكان التحول ونقطة الانطلاق في الرؤية الجديدة التي اعتزمت الإدارة الأمريكية توضيحها مع تولي الرئيس الأمريكي الجديد سدة الحكم، وذلك في تحول قوات التدخل السريع إلى القيادة المركزية CENTCOM في مطلع يناير من عام 1983م؛ بهدف مراقبة الوضع السياسي في منطقة الخليج العربي، وجاء اتخاذ القاعدة الجوية في ولاية فلوريدا الأمريكية مقرًّا لها، وتمتعت بصلاحيات أهمها: توفير جميع أنواع الأسلحة؛ بهدف حماية المصالح الحيوية للولايات المتحدة الأمريكية في ثلاث مناطق، هي:

1-منطقة الخليج العربي.

  • منطقة جنوب غرب آسيا.

3-القرن الإفريقي.

وسعت الإدارة الأمريكية جاهدة لإشراك أصدقائها وحلفائها من الدول الغربية في تحمل عبء الدفاع العسكري عن منطقة الخليج العربية، وقد جاءت موافقة بريطانيا على لسان رئيسة الوزراء مارجريت تاتشر أثناء زيارتها الولايات المتحدة الأمريكية، ولقائها الرئيس ريجان في فبراير من عام 1981م.

ثانيًا: العلاقات الأمريكية الخليجية أثناء ولاية الرئيس ريجان:

تدرك الولايات المتحدة الأمريكية أهمية العلاقات التاريخية، والحوار المستمر، والاتصالات، ومد جسور التعاون، وتكثيف الجهود بما يخدم مصالحها في المنطقة، بغض النظر عن أهمية الصادرات النفطية، والاستثمارات المالية، وغير المالية تجاه دول المنطقة، ومن جانبها كانت دول الخليج العربية تحاول قدر الإمكان، وفي حدود المستطاع اتباع سياسة متوازنة ورزينة إن صح التعبير، ولكنها كانت مقيدة بالقدرات المحدودة والامكانيات المتوفرة لديها، وقامت بمحاولات جادة وسعي حثيث لإبعاد المنطقة عن صراع القوى العظمى ونفوذها.

وسيتم التطرق للعلاقات الأمريكية – الخليجية حسب الموقع الجغرافي لتلك الدول من خريطة الخليج العربي، مع عدم ذكر طبيعة تلك العلاقات مع كل من دولة قطر، ودولة الإمارات العربية المتحدة؛ لعدم وجود أحداث مهمة تميز العلاقات في تلك المرحلة، وستكون البداية من شمال الخليج العربي، وهي كالآتي:

أ-العلاقات الأمريكية – الكويتية:

وصفت الكويت في أحيان كثيرة بأنها أول من دعا لإقامة علاقات بين الدول الاشتراكية ودول الخليج؛ من منطلق علاقتها المميزة مع الاتحاد السوفيتي على الرغم من إدانتها العلنية له في غزوه دولة أفغانستان الإسلامية.

فقد أبـت السـنة الأولـى مـن حـقبة الثـمانيـنيات أن تنتـهي إلا بمـشروع مـبادرة بـريجنيف، وحملت هذه المبادرة أفكارًا ومقترحات، وطروحات متعددة، ولم يخفِ الرئيس بريجنيف اهتمامه وتأكيده على أن ما يحدث في منطقة قريبة جدًا من بلاده وحدوده، يجب أن يبقى في إطاره الطبيعي ووضعه الهادئ، وجاء الرد الأمريكي على المبادرة السوفيتية بأن الحكومة الأمريكية لا تريد الرد رسميًّا على هذه المقترحات.

ولكن الردود الخليجية كانت متفاوتة هذه المرة بين تحفظ ورفض، ما عدا الكويت التي أبدت موافقتها على هذه المبادرة بصراحة وجرأة، ولم يكن هذا الموقف مستغربًا منها في الحقيقة؛ لأن سياسة الموازنة بين الدول الكبرى، والتمتع بالعلاقات الجيدة معهم كانت إحدى أهم منطلقات سياستها الخارجية.

ويبدو أن السوفييت قد تعاملوا مع الردود الخليجية السلبية بمنتهى الدبلوماسية، فقد كانوا بحاجة إلى فتح أكثر من نافذة على المنطقة المغلقة في وجوههم، إلا من قبل حكومة الكويت، وقد التقط السفير السوفياتي في الكويت نيكولاي سيكاشيف طرف خيط لبدء الحوار معها، وأعلن استعداد موسكو مناقشة عرض بريجينيف لأمن الخليج، والانسحاب من أفغانستان، وتفكيك القواعد الأجنبية، وإبعاد الأسلحة النووية عن المنطقة، ثم قام السفير بعرض أفكاره في لقاء صحفي؛ لتأكيد ما قاله، وإعطاء مجال أوسع للنقاش، أو ربما لإحراج دول المنطقة مع الدول العربية الأخرى المطالبة بخروج الأمريكيين من الخليج.

ولعل من المناسب التطرق إلى قوة الصحافة الكويتية؛ حيث كانت القوى العظمى تدرك ذلك، فبعد الاستعراض السوفييتي لمشروع بريجينيف كان الرد الأمريكي واضحًا ومباشرًا، ويجب التأكيد هنا على عاملين، هما: استقلاليتها، وجرأتها، ودليل ذلك ما قام به  الرئيس الأمريكي ريجان من دعوة  رئيس تحرير جريدة القبس السيد محمد جاسم الصقر (رئيس غرفة التجارة والصناعة حالياً) للقائه في البيت الأبيض وكان اللقاء ساخنًا، وقد أداره السيد محمد جاسم الصقر بمهنية واقتدار، وكان عبارة عن رسائل للسوفييت عن طريق الصحافة الكويتية؛ لما تميزت به من قوة مؤثرة في الشارع العربي.

ولم يكن أيضًا التصادم السياسي بعيدًا عن البلدين، ولعل لغة الكويت وتعاملها نحى بالعلاقة بين البلدين إلى نوع من الفتور، ففي أغسطس من عام 1983م رفضت الكويت تعيين السفير الأمريكي الجديد فيها براندون جروف خلفًا للسفير فرانسو ديكمان؛ بسبب عمله قنصلًا أمريكيًا في تل أبيب، وقد شكّل ذلك الموقف الكويتي المتحدّي صدمة لإدارة ريجان، ولقي استحسانًا عربيًا، وأثار مخاوف أمريكية من أن يتحول الموقف الكويتي المتحدي إلى كرة ثلج جارفة تسحق مصالح أمريكا في المنطقة.

وفيما يخص الزيارات الرسمية فقد قام وزير الدفاع الكويتي الشيخ سالم صباح السالم بزيارة واشنطن في أواخر مايو 1984م، وكرّر عبر زيارته طلب الكويت شراء صواريخ ستينجر، وهو الطلب الذي طلبته كلٌّ من الكويت والمملكة العربية السعودية في أبريل من العام نفسه، وكانت المفاجأة أنه تمت الموافقة على الطلب السعودي بينما رفض الطلب الكويتي، وقد دفع الرفض الأمريكي الكويت تجاه موسكو، فقام وزير دفاعها بالتوقيع على صفقة مع الاتحاد السوفيتي بواقع 300 مليون دولار؛ مما يؤكد أن العلاقات بين البلدين لم تكن مثالية دائمًا.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن الأسباب التي دعت واشنطن لرفض تسليح الكويت، والموافقة على طلب شرائها الأسلحة، كانت كالآتي:

- رفض الكويت تعيين قنصل أمريكي قد عمل في القدس؛ ليكون سفيرًا لواشنطن لديها.

- إدانة الكويت إسرائيل.

- تزايد أعداد الفلسطينيين في الكويت؛ مما سبب قلقًا لدى واشنطن.

وعلى الرغم مما سبق ذكره إلا أن التعاون كان حاضرًا في مجالات أخرى من قبل الكويت، والجانب الأمريكي؛ إذ تقدمت الكويت بطلب للإدارة الأمريكية بخصوص إنشاء مدرسة لتعليم الطيران في الكويت تحت إشراف أمريكي، إضافة إلى إرسال 150 طيارًا كويتيًا؛ لدراسة علوم الطيران في الولايات المتحدة بكلفة78 مليون دولار.

ولم تكن الزيارات الرسمية الأمريكية غائبة؛ إذ زار الكويت مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى، وجنوب آسيا، وتبعه بعد ذلك نائب الرئيس الأمريكي جورج بوش في تأكيد على دعم العلاقات بين واشنطن والكويت.

وكانت دعوة الرئيس ريجان ولي العهد الكويتي ورئيس مجلس الوزراء الشيخ سعد العبد الله السالم الصباح عام 1988م، لزيارة لواشنطن، وقد استغرقت الزيارة أسبوعًا، وتعد أول زيارة رسمية بهذا المستوى منذ إحدى وعشرين عامًا؛ أي منذ زيارة الشيخ صباح السالم الصباح في نوفمبر من عام 1968م، ولقائه بالرئيس جونسون.

وقد تمت مناقشة طلب الكويت من أجل شراء صفقة أسلحة كبرى بقيمة 1.9 مليار دولار، وتشمل صواريخ وطائرات تبدأ الوصول في حالة الموافقة عام 1991م.

ولعل من المنصف الإشارة إلى عملية رفع الأعلام على الناقلات النفطية أثناء الحرب العراقية – الإيرانية؛ لما فيه من دور أساسي للكويت، وهي الدولة التي ليست طرفًا في الحرب، ولكنها قادت باقتدار دورًا سياسيًّا ودبلوماسيًّا مع دول كبرى وعظمى، وتحديدًا الولايات المتحدة الأمريكية، والاتحاد السوفيتي في عملية توازن دولي هدفت من خلالها إلى حماية مصالحها، وأمنها القومي أولًا، وأمن واستقرار المنطقة بعد أن هددت من حرب عبثية أثرت على اقتصاد واستقرار المنطقة بشكل عام ثانيًا، وحسمت الصراع، وعجلت نهايته بعد حرب دامية استمرت ثماني سنوات.

ب-العلاقات الأمريكية – السعودية:

يبدو أن العلاقات السعودية – الأمريكية أثناء ولاية الرئيس ريجان كانت حميمية جدًا، فقد حرصت واشنطن على ضمان استقرار وحماية تلك العلاقة من أي منغصات، حتى أنها أولتها عناية فائقة؛ كونها الحليف الأكبر والأهم في منطقة الخليج العربي، وأنها لن تسمح بزعزعة أمن واستقرار المملكة العربية السعودية، وكانت تدرك أن الفتور الذي حصل أثناء عهد الرئيس كارتر، وما ترتب عليه من خسارة الولايات المتحدة الأمريكية لحليفها الشاه، لن يحدث من جديد، ولن تكون مستعدة لخسارة حليف قوي مثل السعودية له تأثيره في المنطقة وقوته ونفوذه.

وجاء التطور في العلاقات بين البلدين ملحوظًا في زيارة الملك فهد بن عبد العزيز الرسمية لواشنطن في الفترة الرئاسية الثانية للرئيس ريجان في فبراير من عام 1985م، وكانت تهدف لتحسين العلاقات الاقتصادية، وتعد تلك الزيارة هي الأولى لملك سعودي بعد اللقاء التاريخي بين الملك عبد العزيز والرئيس روزفلت عام 1945م؛ لذا نالت صدى واسعًا في الصحافة الأمريكية، التي أولتها متابعة خاصة، وتقارير متخصصة.

أما من الجانب الأمريكي فكانت زيارة نائب الرئيس الأمريكي للعاصمة السعودية الرياض في أبريل عام 1986م، أيضًا أهميتها، وتحديدًا كانت في النصف الثاني من الحرب العراقية ـ الإيرانية، ومع الظروف الإقليمية المتوترة التي كانت تعيشها المنطقة من تفجيرات في دولة الكويت، وخطف طائرة مدنية تابعة للأسطول الجوي الكويتي (الخطوط الجوية الكويتية كاظمة، وبعدها الجابرية)، وغيرها من الأحداث التي ظلت المملكة العربية السعودية توليها مراقبة واهتمامًا وحرصًا، ناهيك عن تعرض ناقلات النفط لعمليات تفجير الألغام البحرية وغيرها، وإن كانت الكويت هي المتضرر الأكبر إلا أن ذلك لا يعني أن المملكة العربية السعودية كانت بمنأى عن ذلك.

وتوالت زيارات المسؤولين الأمريكيين للسعودية؛ إذ زار جدة وزير الخارجية الأمريكي في أكتوبر من عام 1987م، والتقى بالملك فهد، وبعدها بثلاثة أيام فقط قام الأمير عبد الله بن عبد العزيز بزيارة الولايات المتحدة الأمريكية، والتقى الرئيس الأمريكي ونائبه، وبحث معهما سبل تعزيز التعاون في المجالات المشتركة، ولم يكن الجانب العسكري بعيدًا عن الرؤية السعودية، بل حرصت المملكة بدورها على تعزيز ترسانتها العسكرية، التي كان يماطل الرئيس كارتر في تمرير القرار القاضي ببيع أسلحة، ومعدات عسكرية للمملكة، وكانت متنوعة ما بين صواريخ، وقاذفات مقاتلة، وطائرات استكشاف، ولعل القرار التاريخي الذي اتخذه الرئيس ريجان في مارس من عام 1981م من بيع تلك المعدات، قد أسهم _بلا شك_ في تدعيم وتقوية العلاقات بين البلدين.

وتوالت الصفقات العسكرية ما بين شراء معدات عسكرية تخص القوة البرية في الجيش السعودي، أو حتى القوة الجوية التابعة للجيش السعودي في صفقات مليارية دفعت إلى الخزانة الأمريكية في تأكيد على شيئين، أولهما: أن المملكة العربية السعودية دافع لانتعاش الاقتصاد الأمريكي، والسوق الأمريكية بشكل عام، وثانيهما: أن المملكة كانت حليفًا للولايات المتحدة الأمريكية في منطقة الخليج، وكانت تشعر بالتهديد جراء ذلك، وكانت الولايات المتحدة الأمريكية تعي تمامًا أن السعودية خط أحمر لا يمكن تجاهله، أو إلغاؤه، ففي المعادلة الأمريكية تبقى المملكة هي حجر الزاوية للسياسة الأمريكية في المنطقة، فتحسين العلاقة معها يعني التأكيد على استمرار تدفق النفط، وتقويتها يعني منع السوفييت من السيطرة السياسية والعسكرية على المنطقة مباشرة من خلال دعمهم لأصدقائهم.

ويلاحظ أن تركيز إيران في حربها مع العراق كان منصبًّا على الكويت، والمملكة العربية السعودية؛ لأنها كانت تعتبرهما المصرف الذي يمول آلة الحرب العراقية، فقد قدّرت المساعدات الكويتية – السعودية للعراق بـ200   مليار دولار.

ج-العلاقات البحرينية – الأمريكية:

تمتعت البحرين بعلاقة مميزة مع الولايات المتحدة الأمريكية، فكان وجود القاعدة الأمريكية في منطقة الجفير البحرية نظير الدعم السياسي والدبلوماسي للبحرين في المحافل الدولية، مثل الأمم المتحدة؛ لضمان استقلال البحرين عن أي ادعاءات إيرانية بتبعية البحرين لها بين الحين والآخر، وكان هناك جانب عسكري مع الجيش البحريني من خلال مناورات عسكرية مشتركة، وأيضًا شراء أسلحة عسكرية، ومعدات قدرت قيمتها بـ 180 مليون دولار عام 1982م.

ويبدو أن سياسة الرئيس ريجان مع البحرين لا تخلو من الدعم والتعاون والثقة، وذلك في تصريح على لسان مساعد ريجان للشؤون الصحفية بقوله: " إن البحرين صديقة لأمريكا منذ نحو أربعين سنة، والولايات المتحدة دائمًا ما تدعمها ضد التهديدات الإيرانية، التي تهدد بالطبع المصالح الأمريكية، ويجب علينا ألا ننسى تواجدنا البحري فيها"، وجاء هذا التصريح مؤكدًا على أهمية البحرين لدى الإدارة الأمريكية، والدعم الذي تحظى به.

د-العلاقات العمانية – الأمريكية:

كانت العلاقة مميزة بين البلدين، وحظيت مسقط بزيارات المسؤولين الأمريكيين؛ إذ زار نائب الرئيس جورج بوش مسقط مرتين خلال حكم الرئيس ريجان؛ بهدف تنمية العلاقات العسكرية والاقتصادية، وقد اهتمت الصحافة الأمريكية بزيارة السلطان قابوس بن سعيد واشنطن في أبريل عام 1983م، وكانت قد تضمنت تقديم تسهيلات إضافية للأمريكيين مقابل دعم فني للسلطنة.

وفي ختام الدراسة لا بد من القول: إن الإدارة الأمريكية في سياستها مع الدول الخليجية في عهد الرئيس ريجان حاولت مد جسور التعاون، ونسيان الفتور الذي تسببت فيه الإدارة السابقة، وقد ساعد في ذلك قيام الحرب العراقية – الإيرانية عام 1980م، التي استمرت ثماني سنوات، وقد فرضت على دول المنطقة، باستثناء طرفي النزاع، إقامة علاقات مميزة مع أمريكا؛ لضمان أمنها واستقرارها؛ إذ لم يكن بمقدورها ذلك دون حليف كبير مثل الولايات المتحدة الأمريكية.

مقالات لنفس الكاتب