array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 175

مجلس الأمة الكويتي ... تجربة عربية عريقة في الديموقراطية

الثلاثاء، 28 حزيران/يونيو 2022

التجربة البرلمانية في دولة الكويت تجربة عريقة نمت من عمق المجتمع الكويتي وتراثه الذي أعطى للعقل الجمعي في الكويت عبر الديوانيات فكرة الحوار المجتمعي، بل والبحث عن الصالح العام والتوافق وليس المغالبة على السياسات، كان اختيار الكويتيين الشيخ صباح بن جابر الصباح المعروف بصباح الأول حاكمًا وفق الطريقة العشائرية من قبل أهل الكويت عام 1752م، حدثًا مكرسًا التوافق داخل المجتمع الكويتي ، فهذا ما تبلور معه في العام 1938م، رأي بين الكويتيين حول المشاركة في الحكم بشكل أكثر ديموقراطية قاد هذا بعض التجار في العام 1938م، حيث أنشأوا تجمعًا تحت عنوان (الكتلة الوطنية) اختار أعضاء الكتلة ثلاثة أعضاء ممثلين عنهم ليرفعوا رسالة للشيخ أحمد الجابر تضمنت رغبة في المشاركة في تسيير أمور البلاد اعتمادًا على أساس المبايعة وجعل الحكم شوريًا بين الحاكم والمحكوم واستندوا إلى أن التطور في مختلف جوانب الحياة يحتم الأخذ بمبدأ الشورى، فاستجاب الحاكم لرغبتهم وقرر إجراء انتخابات وأيده في ذلك نائبه الشيخ عبد الله السالم الصباح وتم إجراء انتخابات عن طريق قائمة ضمت 320 ناخبًا تم استدعاؤهم للانتخابات التي فاز فيها 14 عضوًا من بين 20 مرشحًا وتم اختيار الشيخ عبد الله السالم الصباح رئيسًا للمجلس.

احتوت صياغة دستور الكويت عام 1938م، على إيجازه مبدأ السيادة الشعبية وأن الأمة مصدر السلطات، وصاغ المجلس مشروع الدستور في الأسبوع الأول من يوليو 1938م، حددت فيه اختصاصات المجلس التشريعي وحاز المشروع على إجماع أعضاء المجلس، وتم رفعه لأمير البلاد للمصادقة عليه بتاريخ 9 يوليو 1938م، هذه التجربة لم تستمر طويلاً.

كان على الكويت في ظل الدعم الشعبي الكبير الذي حاز عليه أمير البلاد إبان أزمة الاستقلال إضافة إلى التهديد العراقي في ذلك الوقت السعي لحياة ديموقراطية فاستعانت الكويت بالفقيه القانوني الدكتور عبد الرزاق السنهوري للمساعدة في بناء دستور للبلاد والقوانين التي تدعم بناء دولة عصرية، وصدر القانون رقم ( 1 ) لسنة 1962م، متضمنًا النظام الأساسي للحكم في فترة الانتقال من الإمارة إلى الدولة، وكان بمثابة دستور مؤقت يطبق خلال الفترة التي سبقت إصدار الدستور الدائم وأحال القانون مهمة وضع الدستور الدائم إلى المجلس التأسيسي المكون من عشرين عضوًا تم اختيارهم بالانتخاب، إضافة إلى أحد عشر وزيرًا كانوا جميعًا من أسرة أل الصباح وتم انتخاب السيد عبد اللطيف ثنيان الغانم رئيسًا للمجلس التأسيسي، كما انتخب الدكتور أحمد محمد الخطيب نائبًا لرئيس المجلس . صدر دستور عام 1962م، محصنًا، يتميز بنظام مرن للفصل بين السلطات.

الفصل التشريعي 1963 – 1967

أجريت الانتخابات العامة لاختيار أول مجلس أمة بتاريخ 23 يناير 1963م، لاختيار خمسين عضوًا ، تنافس على الدوائر الانتخابية 205 مرشحين، في حين بلغ عدد الناخبين 16889 ناخبًا موزعين على الدوائر الانتخابية العشر، وأعطي الناخب الحق في التصويت لخمسة مرشحين وشارك في عملية الاقتراع 14355 بنسبة 85%، تشكلت الحكومة بتاريخ 28 يناير 1963م، وهو ثاني تشكيل وزاري رسمي، وأول تشكيل وزاري بعد الانتخابات استمر هذا التشكيل حتى 30 نوفمبر 1964م، ضم التشكيل 15 وزيرًا، كان منهم 3 أعضاء منتخبين في مجلس الأمة، وكانت برئاسة الشيخ صباح السالم الصباح.

انتخب المجلس السيد العضو عبد العزيز حمد الصقر رئيسًا والسيد العضو عبد العزيز العبد الرزاق نائبًا للرئيس، شهد المجلس الأول أحداثا سياسية مثيرة، حيث تقدم رئيس المجلس باستقالته من الرئاسة بسبب الخلاف على تفسير المادة 131 من الدستور والتي تنص على أنه " لا يجوز للوزير أثناء توليه الوزارة أن يتولى أي وظيفة عامة أخرى أو أن يزاول ولو بطريق غير مباشر مهنة حرة أو عملاً صناعيًا أو تجاريًا أو ماليًا ...." هذا أدى إلى استقالة الحكومة واستقال في وقت لاحق كذلك ثمانية أعضاء من المجلس احتجاجًا على إقرار قوانين يرون فيها تقييدًا للحريات، واستقال نائبان أخران لحصولهما علي وظيفتين خارج المجلس، وانتخب العضو سعود عبد العزيز العبد الرازق رئيسًا للمجلس بتاريخ 2 مارس 1965م، بعد استقالة السيد عبد العزيز حمد الصقر، شهد هذا المجلس وفاة سمو الأمير الشيخ عبد الله السالم الصباح في 24 نوفمبر 1965م، وتولى بعده مقاليد الحكم شقيقه سمو ولي العهدالشيخ صباح سالم الصباح وأدى سموه اليمين الدستورية في جلسة خاصة لمجلس الأمة الكويتي في 7 يناير 1965م .

ظل مجلس الأمة الكويتي يؤدي دوره التشريعي والرقابي إلى أن أوقف العمل بالدستور في عام 1986م، وفي 20 أكتوبر 1992م، عادت الحياة النيابية بعد توقف دام أكثر من ست سنوات ورأس المجلس السيد أحمد عبد العزيز السعدون وخلال الفصل التشريعي السابع الذي امتد من 1992 إلى 1996م، صدر عدد من القوانين الهامة في تاريخ المجلس والكويت مثل: قانون حماية المال العام، قانون استقلالية القضاء، قانون محاكمة الوزراء، قانون رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة، وشهدت هذه الدورة إضافة لجنة للدفاع عن حقوق الإنسان للجان المجلس، يوازي نشاط المجلس في هذه الدورة نشاطه خلال دورة الفصل التشريعي 14 خلال عامي 2015 / 2016م، حيث تم إقرار القوانين التالية :

قانون تنظيم الوكالات التجارية.

قانون التخطيط التنموي.

قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

قانون تنظيم الإعلام الإلكتروني.

قانون إنشاء الهيئة العامة لمكافحة الفساد.

قانون حماية حقوق المؤلف.

قانون تنظيم مهنة الصيدلة.

قانون الهيئات الرياضية.

مجلس الأمة الكويتي تميز بمواكبته المتغيرات المتسارعة بقوانين تنظم الجديد، بل ومراجعة القوانين السابقة وموادها، بل إن لجانه لها قدرة على التعاطي مع الواقع مثل : لجنة الظواهر السلبية، لجنة شؤون المرأة والأسرة والطفل، بل شكل لجان مشتركة بين لجانه لتذليل صعاب العمل على الصعيد الوطني مثل: اللجنة المشتركة بين لجنة شؤون الإسكان والعقار ولجنة الشؤون التشريعية والقانونية، اللجنة المشتركة بين لجنة الشؤون المالية والاقتصادية ولجنة الشؤون التشريعية والقانونية، تعمل لجان مجلس الأمة الكويتي بصورة فعالة ويمكن رصد ذلك من خلال محاضر جلسات اللجان خاصة لجنتي: الميزانيات والحساب الختامي، ولجنة المرافق العامة .

الأزمة والدور الفعال

قام مجلس الأمة بدور فعال من خلال ممارسة صلاحيته الدستورية أثناء أزمة انتقال الحكم التي طرأت بعد وفاة المغفور له الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح بتاريخ 15 يناير 2006م، ففي هذا اليوم نادى مجلس الوزراء بولي العهد الشيخ سعد العبد الله الصباح أميرًا للبلاد عملاً بالفقرة الأولى من المادة الرابعة من قانون توارث الإمارة.

لكن نظرًا لظروفه الصحية التي حالت دون استطاعته تحمل أعباء الحكم بعد مناقشات ضافية قرر مجلس الوزراء تفعيل المادة الثالثة من قانون توارث الإمارة والمتعلقة بفقدان الأمير القدرة الصحية على ممارسة صلاحياته، وبعد أن ثبت ذلك لولي العهد وبالتالي تعين أن الأفضل عرض الأمر على مجلس الأمة الذي وافق بالإجماع بجلسته المنعقدة في 24 يناير 2006م، على تنحية سمو الشيخ سعد العبد الله الصباح من منصب الإمارة، وتم تنصيب الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أميرًا للكويت في جلسة مجلس الأمة في 29 يناير 2006م، وفي 7 فبراير ذكى سموه الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح وليًا للعهد والذي أدى اليمين الدستورية أمام مجلس الأمة بجلسته المنعقدة في فبراير 2006م.

تطورت الحياة النيابية بالكويت سريعًا إذ انتخب الشعب الكويتي ضمن نوابه في 2009م، أربع نساء فزن بمقاعد نيابية عن ثلاث دوائر ، فضلاً عن ذلك يلقى نواب المجلس الخمسين خدمات مساندة من الأمانة العامة لكي يتمكنوا من أداء دورهم مثل الدراسات التي تتعلق بالقضايا المطروحة ومن هذه الدراسات: استغلال الطاقة البديلة في الكويت، تطور النظام الانتخابي في الكويت 1961 : 2020م، السحب من صندوق الأجيال القادمة، حلول وبدائل، الفصول التشريعية تشهد عشر حالات حل لمجلس الأمة ، الرقابة البرلمانية السؤال نموذجًا، موسوعة الاستجوابات نموذجًا .

المكتبة البرلمانية

هي مكتبة متخصصة بالوثائق البرلمانية الخاصة بالمجلس والشؤون البرلمانية حيث تضم 7000 وثيقة، تتوزع طبقًا لما يلي: مضابط جلسات مجلس الأمة من محاضر المجلس التأسيسي عام 1962م، حتى وقتنا، أصدرت الجريدة الرسمية (الكويت اليوم)، تقارير لجان المجلس، إصدارات الأمانة العامة، أعداد جريدة الدستور، وتضم المكتبة آلاف الكتب في مختلف الموضوعات خاصة القانونية.

بناية مجلس الأمة

على شاطيء الخليج بالكويت تقع بناية مجلس الأمة الكويتي وهي رمز معماري شيد ليعبر عن الأصالة والمعاصرة في المجتمع الكويتي، في عام 1972م، كلف المعماري الدنماركي بورن أوتزن بتصميم بناية مجلس الأمة بعد أن فاز في مسابقة دولية أقيمت لهذا الغرض، وظلت تصاميمه يخضعها للتعديلات حتى انتهى منها في عام 1979م، حيث بدأ في تنفيذ البناية التي تم افتتاحها رسميًا في عام 1983م، تعود شهرة هذا المعماري إلى تصميمه أوبرا سيدني، وقد ابتكر أوتزن من وحي الكويت فالموج بالخليج والماء ظهر في تموجات السقيفة التي تتقدم بناية المجلس وهي ذاتها التي تعطي روح الخيمة العربية الأصيلة، هكذا كان الإبداع، أما بالبناية من الداخل فقد استلهم معمارها من البازار أي السوق في الحضارة الإسلامية فكأن المعماري يعرف تجذر التجارة لدى الشخصية الكويتية والعربية، تعرضت البناية للحريق أثناء الغزو العراقي للكويت ليعاد ترميمه بعد حرب التحرير ، قاعة البناية الرئيسية تسع 50 نائبًا، ويمكن أن تصل إلى 150 والطوابق العليا المحيطة بالقاعة تسمح بحضور ما يقرب من ألف شخص من الضيوف والصحفيين والشخصيات العامة، والبناية مصممة لتضم مكاتب وخدمات متعددة.

مقالات لنفس الكاتب