; logged out
الرئيسية / ((الخليجي)).. مسيرة تعاون في مواجهة التحديات

((الخليجي)).. مسيرة تعاون في مواجهة التحديات

السبت، 01 كانون2/يناير 2011

cheyr-img

الكثيرون من أبناء دول مجلس التعاون الخليجي غير راضين عن الإنجازات التي حققها مجلس التعاون خلال مسيرته الوحدوية والتي بدأت منذ ما يقارب 30 عاماً، وتستند هذه الرؤية النقدية إلى حجم الطموح الشعبي العارم والذي يرى عوامل الوحدة ماثلة للعيان، وهي كثيرة ويصعب حصرها ومنها صلات القربى والأصول المشتركة والمصاهرة بين السكان، الجغرافيا، التاريخ، الاقتصاد، طبيعة الحكم، المصالح، طبيعة التحديات المشتركة، والمصير الواحد... إلخ.

وهؤلاء محقون في ما يذهبون إليه من طموحات، ولهم الحق في رغبتهم في تجسيد حلم (الوحدة) وتسريع العمل الخليجي المشترك بغية الوصول إلى الأهداف التي قام على أساسها ومن أجلها المجلس الذي بزغ نجمه في 15/5/1981م، عندما توصل قادة دول المنطقة إلى صيغة تعاونية للدول الخليجية الست في اجتماع أبوظبي الذي عقد آنذاك، وتمخض عنه صدور النظام الأساسي للمجلس الذي حدد أهداف هذه المنظومة لتحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين الدول الأعضاء في الميادين كافة وصولاً إلى وحدتها الشاملة، كذلك توثيق عرى الروابط بين شعوبها، ووضع أنظمة متماثلة في مختلف مجالات وميادين الحياة.

تزامن مولد هذا الكيان الكبير مع ظروف دولية وإقليمية تفرض الوحدة الخليجية كخيار لا بد منه لتحقيق الاستقرار والتوازن في المنطقة، والحفاظ على مصالح، وسيادة كافة الدول الأعضاء خاصة الصغيرة منها، في ظل تهديدات ومخاطر محدقة بدول المنطقة، وهي كثيرة ومعروفة المصادر والتأثير، وكل ذلك يأتي في عصر يحترم التكتلات الكبرى سواءً كانت سياسية أو اقتصادية أو عسكرية.

لكن دعونا نتساءل بموضوعية هل نجح مجلس التعاون الخليجي في تحقيق أهدافه؟ أو على الأقل هل خطا خطوات عملية على طريق الوحدة؟ وهل أثبت أنه منظومة إقليمية قادرة على الصمود والبقاء في مواجهة التحديات وتلبية طموحات وتحقيق أحلام شعوب دوله؟

الحقيقة الثابتة هي أنه لا يستطيع أي مراقب معتدل أو متابع منصف أن يتجاهل ما حققه مجلس التعاون لدول الخليج العربية من إنجازات خلال الفترة الماضية ــ وهي قصيرة بالنسبة لمسيرة الشعوب ــ فبداية يُعتبر بقاء وصمود مجلس التعاون واستمراره إنجازاً مهماً في حد ذاته، حيث يوجد في منطقة تتقاذفها أمواج الحروب والصراعات التي تزامنت بدايتها مع نشأة المجلس نفسه كمنظومة للعمل المشترك. فمنذ عام 1980م ومنطقة الخليج تعجّ بالصراعات التي تمخضت عنها ثلاث حروب في أقل من 30 عاماً، ولا تزال تداعياتها مستمرة حتى اليوم، بل ستظل لسنوات مقبلة.

ورغم ذلك حقق مجلس التعاون الكثير من الإنجازات الاقتصادية والسياسية والأمنية. فعلى الصعيدين السياسي والأمني استطاع المجلس أن يحافظ على سيادة الكويت واستقلالها، ويعيدها إلى الحظيرة الخليجية بعد احتلالها من قبل نظام صدام حسين، كما أدت حكمة قادة دول المجلس إلى عدم الانزلاق في الحروب والصراعات التي شهدتها ومازالت تشهدها المنطقة، وتبنوا سياسة الاعتدال وعدم الانحياز والوسطية في التعاطي مع الأزمات الإقليمية، واستطاع المجلس أيضاً أن يُفعّل قوات (درع الجزيرة) التي ولدت عام 1986م، وأصبح قوامها الآن 21 ألف عنصر عسكري، وتعد أحد عوامل الاستقرار وأداة من أدوات الردع الإيجابي.

وتظل الإنجازات المهمة هي ما تحقق في المجالات الاقتصادية - رغم أن البعض يرى أنها ليست كافية - وللحقيقة فإن قادة دول المجلس قطعوا شوطاً كبيراً على صعيد تحقيق التعاون الاقتصادي الذي نأمل بأن يصل إلى حد التكامل خلال السنوات المقبلة. ولعلنا نذكر بعض الإنجازات التي تحققت على هذا الدرب ومنها الاتحاد الجمركي الخليجي الذي بدأ تطبيقه في الأول من يناير عام 2003 م، والذي أقر تعرفة جمركية موحدة لدول المجلس بواقع 5 في المائة على السلع المستوردة، وإعفاء السلع الضرورية من الرسوم الجمركية، وهذا ما أثّر إيجابياً في التجارة البينية الخليجية، حيث ارتفعت في العام الأول لتطبيق الاتحاد الجمركي بنسبة 31 في المائة، وحققت معدل نمو بلغ 21 في المائة من (2003 ــ 2009).

وكان انطلاق السوق الخليجية المشتركة في الأول من يناير عام 2008 م، وثبة مهمة على طريق التكامل الاقتصادي لتحقيق المساواة التامة في المعاملة بين مواطني دول المجلس من حيث الانتقال والعمل والإقامة، حق التملك، ممارسة الأنشطة الاقتصادية، وحرية تنقل رؤوس الأموال، وبناءً عليها قفزت أعداد المواطنين الخليجيين الذين يتنقلون بين الدول الأعضاء من 4.5 مليون مواطن عام 1995م، إلى حوالي 15 مليوناً عام 2009م، كما ارتفع عدد مواطني دول المجلس العاملين في القطاع الأهلي بالدول الأعضاء من ستة آلاف عام 1995م، إلى 18 ألفاً عام 2009م. وفي مجال الاستفادة من تملك العقارات فقد بلغ عدد عمليات شراء العقارات لمواطني دول المجلس في الدول الست 61 ألف عملية بينها 9457 في العام الأخير فقط، بالإضافة إلى ما تم التوصل إليه فيما يتعلق بالاتحاد النقدي والعملة الموحدة، والإنجازات التي تحققت في المجالات الصناعية، الزراعية، الاتصالات، والنقل والمواصلات وغير ذلك من أوجه التعاون.

ورغم كل ما تحقق يظل أمام مجلس التعاون الخليجي العديد من الطموحات والكثير من العمل من أجل تحقيق الوحدة التي يأمل فيها المواطن ومن أجل مستقبل أفضل للأجيال الخليجية القادمة. ونعتقد أنه لا مناص أمام هذه المنظومة سوى الوحدة، ولا بد من التركيز على ما يهم الناس، ويحقق مصالحهم، وهنا يتقدم الاقتصاد وقطاعات الخدمات والتملك والتنقل والعمل وغير ذلك مما يخاطب احتياجات المواطن الخليجي في الدول الست.

مقالات لنفس الكاتب